المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب القسامة باب أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيمان المدعي 12757 - المهذب في اختصار السنن الكبير - جـ ٦

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ ‌كتاب القسامة باب أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيمان المدعي 12757

‌كتاب القسامة

باب أصل القسامة والبداية فيها مع اللوث بأيمان المدعي

12757 -

مالك (خ م)(1) عن أبي ليلى بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن بن سهل، عن سهل ابن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه "أن عبد اللَّه بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر من جهد أصابهما فتفرقا في حوائجهما، فأتي محيصة فأخبر أن عبد اللَّه قتل وطرح في فقير أو عين فأتى هو [وأخوه] (2) حويصة وهو أكبر منه وأخو المقتول عبد الرحمن بن سهل، فذهب محيصة يتكلم وهو الذي كان بخيبر، فقال رسول اللَّه لمحيصة: كبر كبر -يريد السن- فتكلم حويصة ثم تكلم محيصة فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إمّا أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب، وكتب إليهم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ذلك، فكتبوا إنا واللَّه ما قتلناه، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم للثلاثة: تحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: فتحلف يهود قالوا: لا ليسوا بمسلمين. قال: فوداه رسول اللَّه من عنده فبعث إليهم بمائة ناقة حتى إذا خلت عليهم الدار. فقال سهل: لقد ركضتني منها ناقة حمراء". وهكذا رواه الشافعي وابن بكير وابن يوسف التنيسي وإسماعيل ومعن وابن وهب، عن مالك.

وقال (م): ثنا إسحاق بن منصور، ثنا بشر بن عمر، عن مالك فقال في إسناده كما قال يحيى بن بكير، حدثني أبو ليلى، عن سهل أنه أخبره رجال من كبراء قومه، وعند مسلم أنه أخبره، عن رجل من كبراء قومه.

(1) البخاري (13/ 196 رقم 7192)، ومسلم (3/ 1294 - 1295 رقم 1669)[6].

وأخرجه أيضًا أبو داود (4/ 177 - 178 رقم 4521)، والنسائي (8/ 6 - 7 رقم 4711) من طريق مالك به.

(2)

من "هـ" وفي "الأصل": وأخو.

ص: 3208

عبد الوهاب الثقفي (م)(1) عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة:"أن عبد اللَّه بن سهل ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما فقتل عبد اللَّه فانطلق محيصة وأخو المقتول عبد الرحمن وحويصة بن مسعود إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا له قتل عبد اللَّه بن سهل فقال: تحلفون خمسين يمينًا وتستحقون دم قاتلكم -أو صاحبكم-؟ قالوا: يا رسول اللَّه، لم نشهد ولم نحضر. فقال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا. قالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم عقله من عنده قال سهل: لقد ركضتني فريضة من تلك الفرائض في مربد لنا".

الليث (خـ م)(2) عن يحيى بن سعيد، عن بشير، عن سهل بن أبي حثمة -قال يحيى وحسبته قال: وعن رافع بن خديج أنهما قالا: "خرج عبد اللَّه بن سهل بن زيد ومحيصة بن مسعود بن زيد حتى إذا كانا بخيبر تفرقا في بعض ما هنالك ثم إذا محيصة يجد عبد اللَّه قتيلا فدفنه، ثم أقبل إلى رسول اللَّه هو وحويصة بن مسعود وعبد الرحمن بن سهل وكان أصغر القوم، فذهب عبد الرحمن ليتكلم قبل صاحبيه فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كبّر الكُبْر في السن. فصمت وتكلما ثم تكلم معهما فذكروا لرسول اللَّه مقتل عبد اللَّه بن سهل فقال لهم: أتحلفون خمسين يمينًا. تستحقون صاحبكم -أو قاتلكم-؟ قال: وكيف نحلف ولم نشهد؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا قالوا: وكيف نقبل أيمان قوم كفار؟ فلما رأى ذلك رسول اللَّه أعطى عقله". رواه البخاري تعليقًا فقال: وقال الليث.

بشر بن المفضل (خ م)(3) نا يحيى بن سعيد، عن بشير، عن سهل قال: "انطلق عبد اللَّه ابن سهل ومحيصة إلى خيبر وهو يومئذ صلح فتفرقا في حوائجهما فأتى محيصة على عبد اللَّه وهو يتشحط في دمه قتيلا فدفنه، ثم قدم المدينة فانطلق عبد الرحمن بن سهل ومحيصة

(1) مسلم (3/ 1293 رقم 1669)[2].

وأخرجه النسائي أيضًا (8/ 10 - 11 رقم 4716) من طريق عبد الوهاب به.

(2)

البخاري (10/ 552 رقم 6142، 6143) تعليقًا، ومسلم (3/ 1291 رقم 1669)[1].

وأخرجه أيضًا الترمذي (4/ 22 - 23 رقم 1422)، والنسائي (8/ 7 - 8 رقم 4712) من طريق الليث به.

(3)

البخاري (6/ 317 رقم 3173)، ومسلم (3/ 1293 رقم 1669)[2].

وأخرجه النسائي (8/ 9 - 10 رقم 4715) من طريق بشر بن المفضل.

ص: 3209

وحويصة إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذهب عبد الرحمن يتكلم فقال رسول اللَّه: كبّر الكُبْر. وهو أحدث القوم فسكت فتكلما، فقال: أتحلفون خمسين يمينًا وتستحقون قاتلكم -أو صاحبكم-؟ قالوا: كيف نحلف ولم نشهد ولم نر؟ قال: فتبرئكم يهود بخمسين. فقالوا: يا رسول اللَّه، كيف نأخذ أيمان قوم كفار؟ فعقله رسول اللَّه من عنده".

حماد بن زيد (خ م د)(1)، عن يحيى، عن بشير، عن سهل ورافع بن خديج "أن محيصة. . . " بمعناه، وفيه قال:"الكُبر الكُبر، أو قال: ليبدأ الأكبر، وقال: يقسم خمسون منكم على رجل منهم فيدفع برمته. قالوا: أمرًا لم نشهده كيف نحلف؟ قال: فتبرئكم يهود بأيمان خسمين منهم. قالوا: قوم كفار. فوداه من قبله. قال سهل: دخلت مربدًا لهم فركضتني ناقة من تلك الإبل ركضة برجلها". هكذا رواه حماد بن زيد "يقسم خمسون منكم على رجل" والعدد أولى بالحفظ. وأخرجه (مسلم)(2) أيضًا من حديث سليمان بن بلال وهشيم، عن يحيى، عن بشير مرسلا، وكذا يرويه مالك، عن يحيى.

إسماعيل بن أبي أويس، نا أبي، عن يحيى بن سعيد: أن بشيرًا أخبره وكان كبيرًا فقيهًا قد أدرك من أهل داره من بني حارثة رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة وسويد بن النعمان حدثوه "أن القسامة كانت فيهم في رجل يدعى عبد اللَّه بن سهل قتل بخيبر، وأن رسول اللَّه قال لهم: تحلفون خمسين فتستحقون قاتلكم -أو قال: صاحبكم-؟ قالوا: يا رسول اللَّه ما شهدنا ولا حضرنا. فزعم بشير (3) أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لهم: فتبرئكم يهود بخمسين. . . " فذكره.

وخالف سفيان بن عيينة (م)(4) الجماعة فقال: حدثني يحيى بن سعيد، سمع بشير بن

(1) البخاري (10/ 552 رقم 6143)، ومسلم (3/ 1292 رقم 1669)[2]، وأبو داود (4/ 177 رقم 4520). وأخرجه النسائي (8/ 8 - 9 رقم 4713) من طريق حماد به.

(2)

مسلم (3/ 1293 رقم 1669)[3].

وأخرجه النسائي (8/ 11 رقم 4718) من طريق مالك عن يحيى ابن سعيد به.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(4)

مسلم (3/ 1293 رقم 1669)[2].

ص: 3210

يسار، عن سهل بن أبي حثمة قال:"وجد عبد اللَّه بن سهل قتيلا في قليب بخيبر فجاء أخوه عبد الرحمن وعماه حويصة ومحيصة فذهب عبد الرحمن يتكلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الكُبر الكُبر. فتكلم أحد عميه الكبير منهما فقال: إنا وجدنا قتيلا في قليب من قلب خيبر. فذكر يهود وعداوتهم وشرهم قال: أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا يحلفون أنهم لم يقتلوه؟ قالوا: وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون؟ قال: فيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه. قالوا: وكيف نقسم على ما لم نره. فوداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عنده". لم يسق مسلم متنه بل أحال به على رواية الجماعة. ورواه الشافعي، عن سفيان عقيب حديث عبد الوهاب ثم قال: إلا أن ابن عيينة كان لا يثبت أقدم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار في الأيمان أو يهود. ورواه ابن إسحاق، عن الزهري وبشير بن أبي كيسان، عن سهل بن أبي حثمة نحو رواية الجماعة في البداية بأيمان المدعين.

فأما حديث أبي نعيم (خ)(1)، عن سعيد بن عبيد الطائقي، عن بشير بن يسار زعم أن رجلا يقال له: سهل بن أبي حثمة أخبره "أن نفرًا من قومه انطلقوا إلى خيبر فتفرقوا فيها فوجدوا أحدهم قتيلا فقالوا للذين وجدوه عندهم: قتلتم صاحبنا. قالوا: ما قتلناه ولا علمنا. فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول اللَّه، أنطلقنا إلى خيبر فوجدنا أحدنا قتيلا. فقال رسول اللَّه: الكُبر الكُبر، ثم قال لهم: تأتون بالبينة على من قتل؟ قالوا: ما لنا بينة. قال: فيحلفون لكم؟ قالوا: لا نرضى بأيمان اليهود. وكره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يبطل دمه فوداه مائة من الإبل" زاد يعقوب الفسوي، عن أبي نعيم فيه:"بمائة من إبل الصدقة". ورواه (مسلم)(2) من حديث ابن نمير، عن سعيد دون سياق متنه وقال مسلم: غير مشكل على العارف أن يحيى بن سعيد أحفظ من سعيد بن عبيد وأرفع منه فحديثه أولى. قال المؤلف: وإن صحت رواية سعيد فهي لا تخالف رواية يحيى؛ لأنه قد يريد بالبينة الأيمان مع اللوث كما في رواية يحيى ثم يردها على المدعى عليهم عند نكول المدعين.

(1) البخاري (12/ 239 رقم 6898).

(2)

مسلم (3/ 1294 رقم 1669)[5].

ص: 3211

يونس، عن ابن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن عبد الرحمن بن بجيد بن قيظي أخي بني حارثة قال ابن إبراهيم:"واللَّه ما كان سهل بأكثر علمًا منه ولكنه كان أسن منه أنه قال له: واللَّه ما هكذا كان الشأن ولكن سهل أوهم، ما [قال] (1) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إحلفوا على ما لا علم لكم به ولكنه كتب إلى يهود خيبر حين كلمته الأنصار إنه وجد فيكم بن أبياتكم فدوه. فكتبوا إليه يحلفون باللَّه ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا، فوداه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من عنده". فقد قال الشافعي: ومن كتاب عمر بن حبيب، عن ابن إسحاق. . . فذكر هذا الحديث ثم قال الشافعي: فقال لي قائل ما منعك أن تأخذ بهذا؟ قلت: لا أعلم ابن نجيد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم فيكون مرسلا ولسنا ولا إياك نثبت المرسل، وسهل له صحبة وساق سياقًا لا يشبه إلا الأثبات فأخذت به لما وصفت قاله: فما منعك أن تأخذ بحديث ابن شهاب؟ قلت: مرسل، والقتيل أنصاري والأنصاريون بالعناية أولى بالعلم به من غيرهم إذا كأن كل ثقة. كأن الشافعي أراد حديث عبد الرزاق (د)(2)، أنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة وسليمان بن يسار عن رجال من الأنصار "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليهود وبدأ بهم: يحلف منكم خمسون رجلا. فأبوا، فقال للأنصار: استحقوا. فقالوا: نحلف على الغيب؟ فجعلها (3) رسول اللَّه على يهود لأنه وجد بين أظهرهم". فهذا مرسل يترك تسمية الذين حدثوهما وهو يخالف الحديث المتصل في البداية بالقسامة وفي إعطاء الدية، والثابت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وداه من عنده وقد خالف ابن جريج وغيره لفظه.

12758 -

ابن رافع (م)(4)، نا عبد الرزاق، حدثني ابن جريج، أخبرني ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة وسليمان بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "أن رسول اللَّه أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية فقضى بها بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود".

(1) في "الأصل": قالوا. والمثبت من "هـ".

(2)

أبو داود (4/ 179 رقم 4526).

(3)

كتب بالحاشية: (الدية).

(4)

مسلم (3/ 1295 رقم 1670)[8].

ص: 3212

وأخرجه من حديث صالح (م)(1) ويونس، عن ابن شهاب واختصره يونس.

الليث، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة وسليمان عن أناس من أصحاب رسول اللَّه:"أن القسامة كانت في الجاهلية قسامة الدم فأقرها رسول اللَّه على ما كانت عليه وقضى بها بين أناس من الأنصار من بني حارثة ادعوا على اليهود".

12759 -

سعيد بن ابي مريم، نا يحيى [بن](2) أيوب، حدثني عقيل وقرةٍ وابن جريج، عن ابن شهاب، عن سعيد بن المسيب:"مضت السنة في القسامة أن يحلف خمسون رجلا خمسين يمينًا فإن نكل واحد منهم لم يعطوا الدم". هذا منقطع واحتج أصحابنا بحديث:

12760 -

مسلم بن خالد، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده [أن] (2) رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"البينة على من ادعى واليمين على من أنكر إلا في القسامة".

قلت: مسلم لين.

12761 -

أبو الأحوص سلام، عن الكلبي، عن أبي صالح ، عن ابن عباس:"وجد رجل من الأنصار قتيلا في دالية ناس من اليهود فبعث رسول اللَّه إليهم فأخذ منهم خمسين رجلًا من خيارهم فاستحلفهم باللَّه ما قتلنا ولا علمنا قاتلا وجعل عليهم الدية، فقالوا: لقد قضى بما قضى فينا نبينا موسى عليه السلام". فالكلبي متروك وشيخه ضعيف.

12762 -

أبو عوانة، عن مغيرة، عن عامر (3):"أن قتيلًا وجد في خربة من خربة وادعة همدان فرفع إلى عمر فأحلفهم خمسين يمينًا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا ثم غرمهم الدية ثم قال: يا معشر همدان، حقنتم دماءكم بأيمانكم فما نبطل دم هذا الرجل المسلم".

الشافعي، نا سفيان، عن منصور، عن الشعبي (3): "أن عمر كتب في قتيل وجدبن خيوان (ووادعة)(4) أن يقاس ما [بين](2) القريتين فإلى أيهم كان أقرب أخرج إليه منهم خمسين رجلا حتى يوافوه بمكة فأدخلهم الحجر فأحلفهم ثم قضى عليهم بالدية، قالوا: ما وقت

(1) مسلم (3/ 1295 رقم 1670)[7، 9].

وأخرجه النسائي (8/ 4 - 5 رقم 4707) من طريق يونس به.

(2)

من "هـ".

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(4)

في "الأصل": دوداعة. والمثبت من "هـ".

ص: 3213

أموالُنا أيمانَنا ولا أيمانُنا أموالنا. قال عمر: كذلك الأمر".

قال الشافعي: وعن سفيان، عن عاصم، عن الشعبي فقال:"حقنتم بأيمانكم دماءكم ولا يُطلّ دم مسلم". فذكر الشافعي في الجواب عنه ما يخالفون عمر في هذه القصة من الأحكام ثم قيل له: أفثابت هو؟ قال: لا، إنما رواه الشعبي، عن الحارث الأعور والحارث مجهول ونحن نروي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالإسناد الثابت، أنه بدأ بالمدعين فلما لم يحلفوا قال: فتبرئكم يهود بخمسين يمينا. وإذ قال: تبرئكم يهود فلا يكون عليهم غرامة ولما لم يقبل الأنصاريون أيمانهم وداه النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجعل على يهود والقتيل بين أظهرهم شيئًا".

قال الربيع المرادي: أخبرني بعض أهل العلم، عن جرير، عن مغيرة، عن الشعبي قال: الحارث الأعور كان كذابًا. وروي عن مجالد، عن الشعبي، عن مسروق، عن عمر. ومجالد غير محتج به. وروي عن مطرف، عن أبي إسحاق، عن الحارث بن الأزمع، عن عمر، وأبو إسحاق لم يسمعه منه. روى ابن المديني، عن أبي زيد، عن شعبة، سمعت أبا إسحاق يحدث حديث الحارث بن الأزمع: "أن قتيلا وجد بين وادعة وخيوان فقلت: يا أبا إسحاق من حدثك؟ قال: مجالد، عن الشعبي، عن الحارث بن الأزمع. فعادت رواية أبي إسحاق إلى مجالد واختلف فيه على مجالد.

127630 -

محمد بن يعلى، عن عمر بن صبح، عن مقاتل بن حيان، عن صفوان بن سليم، عن ابن المسيب (1) قال:"لما حج عمر حجته الأخيرة غودر رجل من المسلمين قتيلًا ببني وادعة فبعث إليهم عمر بعد نسكه وقال: هل علمتم لهذا قاتلا منكم؟ قالوا: لا. فاستخرج منهم خمسين شيخًا فأدخلهم الحطيم واستحلفهم باللَّه رب هذا البيت الحرام ورب هذا البلد الحرام ورب هذا الشهر الحرام إنكم لم تقتلوه ولا علمتم له قاتلا، فحلفوا بذلك فلما حلفوا قال: أدوا ديته مغلظة في أسنان الإبل أو من الدنانير والدراهم دية وثلثًا فقال رجل منهم يقال له سنان: يا أمير المؤمنين، أما تجزئني يميني من مالي؟ قال: لا، إنما قضيت عليكم بقضاء نبيكم صلى الله عليه وسلم فأخذوا دنانير". عمر بن صبح متروك.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 3214

قلت: ومحمد بن يعلى زنبور هالك.

قال: ويروى عن عمر أنه بدأ المدعى عليهم ثم رد الأيمان على المدعين.

12764 -

مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار وعراك بن مالك:"أن رجلا من بني سعد بن الليث أجرى فرسًا فوطئ على أصبع رجل من جهينة فنَزى منها فمات، فقال عمر للذين ادعي عليهم: أتحلفون بالثة خمسين يمينًا ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا من الأيمان، فقاله للآخرين: أحلفوا أنتم. فأبوأ فقضى عمر بشطر الدية على السعديين".

ما ورد فيمن يوجد قتيلا بين قريتين ولا يصح

12765 -

أبو إسرائيل، عن عطية العوفي، عن أبي سعيد:"أن قتيلا وجد بين حيين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاس إلى أيهما أقرب فوجد أقرب إلى أحد الحيين بشبر، قاله أبو سعيد: كأني أنظر إلى شبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قألقى ديته عليهم". رواه الطيالسيان، عن أبي إسرائيل وهو واه.

القتل بالقسامة

12766 -

معن، نا مالك، عن أبي ليلى بن عبد اللَّه بن عبد الرحمن، عن سهل بن أبي حثمة أنه أخبره هو ورجال من كبراء قومه:"أن عبد اللَّه بن سهل ومحيصة خرجا إلى خيبر. . . " فذكر الحديث، وفيه:"يحلفون وتستحقون دم صاحبكم".

ابن إسحاق، حدثني الزهري وبشير بن أبي كيسان مولى بني حارثة (1)، عن سهل بن أبي حثمة قال:"أصيب [عبد اللَّه بن] (2) سهل بخيبر وكان خرج إليها أصحاب له يمتارون تمرًا فوجد في عين قد كسرت عنقه ثم طرح عليه فأخذوه فغيبوه وقدموا على رسول اللَّه فذكروا له شأنه إلى أن قال: فتسمون قاتلكم ثم تحلفون عليه خمسين يمينًا فنسلمه إليكم؟ قالوا: ما كنا نحلف على ما لا نعلم. فقال: يحلفون باللَّه لكم خمسين يمينا ما قتلوه ولا يعلمون له قاتلا ثم يبرءون من دمه؟ فقالوا: ما كتا لنقبل أيمان يهود ما فيهم من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم. فوداه رسول اللَّه من عنده. . . "(3) الحديث.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

من "هـ".

(3)

تقدم.

ص: 3215

12767 -

الوليد بن مسلم (د)(1)، عن أبي عمرو، عن عمرو بن شعيب (2)، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أنه قتل بالقسامة رجلا من بني نصر بن مالك ببحرة [الرغاء] (3) على شط لَيّةَ فقال: القاتل والمقتول منهم". فهذا منقطع وما قبله محتمل لاستحقاق الدية فإنها بالدم تستحق، وفي مراسيل أبي داود (4)، نا موسى، عن حماد بن سلمة، عن قتادة وعامر الأحول، عن أبي المغيرة (2)"أن النبي صلى الله عليه وسلم أقاد بالقسامة بالطائف".

12768 -

ابن أبي الزناد قال أبي: "كان من أدركت من فقهائنا يقولون: يبدأ باليمين في القسامة الذين يجيئون من الشهادة على اللطخ والشبهة الخفية ما لا يجيء خصماؤهم وحيث كان ذلك كانت القسامة لهم".

12769 -

قال أبو الزناد: وأخبرني خارجة: "أن رجلا من الأنصار قتل وهو سكران رجلا ضربه بشوبق ولم يكن على ذلك بينة قاطعة إلا لطخ أو شبيه ذلك، وفي الناس يومئذ من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومن فقهاء الناس ما لا يحصى، وما اختلف اثنان منهم أن يحلف ولاة المقتول ويقتلوا أو يستحيوا، فحلفوا خمسين يمينًا وقتلوا، وكانوا يخبرون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى بالقسامة ويرونها للذي يأتي للذي يأتي به من اللطخ والشبهة أقوى مما يأتي به خصمه، ورأوا ذلك في الصهيبي حين قتله الحاطبيون وفي غيره". ورواه ابن وهب، عن ابن أبي الزناد فزاد فيه:"أن معاوية كتب إلى سعيد بن العاص إن كان ما ذكرنا له حقّا أن يحلفنا على القاتل ثم يسلمه إلينا".

12770 -

ابن وهب، أخبرني ابن أبي الزناد، أنا هشام بن عروة:"أن رجلا من آل حاطب بن أبي بلتعة كانت بينه وبين رجل من آل صهيب منازعة. . . " فذكر الحديث في قتله قال: "فركب يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب إلى عبد الملك بن مروان في ذلك فقضى بالقسامة على ستة نفر من آل حاطب فثنى عليهم الأيمان فطلب آل حاطب أن يحلفوا على اثنين ويقتلوهما، فأبى عبد الملك إلا أن يحلفوا على وأحد فيقتلوه فحلفوا على الصهيبي فقتلوه، قال هشام: فلم ينكر ذلك أبي ورأى أن قد أصيب فيه الحق". وروينا فيه عن الزهري وربيعة ويذكر عن ابن أبي مليكة عن عمر بن عبد العزيز وابن الزبير: "أنهما أقادا بالقسامة" ويذكر عن عمر بن عبد العزيز أنه رجع عن

(1) أبو داود (4/ 178 رقم 4522).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

في "الأصل، هـ": الرعاء. والمثبت من سنن أبي داود، وانظر معجم البلدان (1/ 411).

(4)

المراسيل (217 - 218 رقم 269).

ص: 3216

ذلك وقال: "إن وجد أصحابه بينة وإلا فلا نظلم الناس فإن هذا لا يقضى فيه إلى يوم القيامة".

ترك القود بالقسامة

12771 -

حماد، عن أيوب (خ م)(1)، عن أبي رجاء مولى أبي قلابة قال:"كان أبو قلابة عند عمر بن عبد العزيز فسألهم عن القسامة قالوا: أقاد بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر والخلفاء قال: فما تقول يا أبا قلابة؟ قال: عندك رءوس الأجناد وأشراف العرب؛ شهد رجل من أهل حمص على رجل من أهل دمشق أنه سرق ولم يروه أكنت تقطعه؟ قال: لا. قال: شهد أربعة من أهل دمشق على رجل من أهل حمص أنه زنى ولم يروه أكنت ترجمه؟ قال: لا. قال: فهذا أشبه، واللَّه ما علمنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قتل أحدًا إلا أن يقتل رجلا فيقتل به. فقال عنبسة بن سعيد: فأين حديث العرنيين؟ فقال أبو قلابة: إياي حدثه أنس بن مالك، حدثنا أنس "أن قومًا من عُكل أو عرينة قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاجتووا المدينة فأمر لهم رسول اللَّه بلقاح وأمرهم أن يشربوا من ألبانها وأبوالها، فانطلاقوا فلما صحوا قتلوا راعي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واستاقوا النعم، فبلغ رسول اللَّه خبرهم من أول النهار فبعث في آثارهم فما ارتفع النهار حتى أتي بهم، فأمر بهم رسول اللَّه فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم وألقوا في الحرة يستسقون فلا يسقون حتى ماتوا، فهؤلاء قوم قتلوا وسرقوا وكفروا بعد إيمانهم. فقال عنبسة: سبحان اللَّه! فقال أبو قلابة: أتتهمني يا عنبسة؟ قال: لا ولكن هذا الجند لا يزال بخير ما أبقاك اللَّه بين أظهرهم".

ابن علية (خ)(2)، ثنا حجاج بن أبي عثمان، حدثني أبو رجاء، حدثني أبو قلابة: "أن عمر بن عبد العزيز أبرز سريره يومًا للناس فأذن لهم فدخلوا عليه فقال: ما تقولون في القسامة؟ فأضبّ الناس قالوا: نقول القود بها حق، قد أقاد بها الخلفاء. قال: ما تقول يا أبا قلابة؟ ونصبني للناس. قلت: يا أمير المؤمنين، عندك رءوس الأجناد وأشراف العرب أرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بدمشق محصن أنه قد زنى لم يروه أكنت ترجمه؟ قال:

(1) البخاري (7/ 524 رقم 4193)، ومسلم (3/ 1297 رقم 1671)[11].

(2)

البخاري (12/ 239 رقم 6899).

وأخرجه النسائي (7/ 93 رقم 4024) من طريق أبي رجاء به.

ص: 3217

لا. قلت: أفرأيت لو أن خمسين منهم شهدوا على رجل بحمص أنه سرق لم يروه أكنت تقطعه؟ قال: لا. قلت: فواللَّه ما قتل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدًا قط إلا في إحدى ثلاث خصال: رجل قتل بجريرة نفسه يقتل، أو رجل زنى بعد إحصان، أو رجل حارب اللَّه ورسوله وارتد عن الإسلام. فقال القوم: أو ليس قد حدث أنس بن مالك أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قطع في السوق وسمر الأعين ونبذهم في الشمس حتى ماتوا؟ فقلت: أنا أحدثكم حديث أنس إياي، حدث أنس أن نفرًا من عكل ثمانية قدموا على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام واستوخموا الأرض وسقمت أجسامهم، فشكوا ذلك إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقال: ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبون من أبوالها وألبانها؟ قالوا: بلى فخرجوا فشربوا من أبوابها وألبانها فصحوا، وقتلوا الراعي وأطردوا النعم، فبلغ ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم، فأدركوا فجيء بهم فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم ونبذوا في الشمس حتى ماتوا. قلت: وأي شيء أشد مما صنع هؤلاء، ارتدوا عن الإسلام وقتلوا وسرقوا. فقال عنبسة بن سعيد: واللَّه إن سمعت كاليوم قط. فقلت: أترد على حديثي يا عنبسة؟ فقال: لا، ولكن جئت بالحديث على وجهه، واللَّه لا يزال هذا الجند بخير ما عاش فيهم هذا الشيخ. قلت: وقد كان في هذا سنة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل عليه نفر من الأنصار فتحدثوا عنده، فخرج رجل منهم من أيديهم فقتل، فخرجوا بعده فإذا هم به يتشحط في دمه فرجعوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالوا له ذلك، فقال: بمن تظنون -أو من ترون- قتله؟ قالوا: نرى أن اليهود قتلته، فأرسل إلى اليهود فدعاهم فقال: أنتم قتلتم هذا؟ قالوا: لا. قال: أترضون نفل خمسين: من اليهود ما قتلوه؟ قالوا: ما يبالون أن يقتلونا أجمعين ثم ينفلون. قال: أتستحقون الدية بأيمان خمسين منكم؟ قالوا: ما كنا لنحلف. فوداه من عنده. وقلت: وقد كانت هذيل خلعوا خليعًا بهم في الجاهلية يطرق أهل بيت من اليمن بالبطحاء فانتبه له رجل منهم فحذقه بالسيف فقتله، فجاءت هذيل فأخذوا اليماني فرفعوه إلى عمر بالموسم وقالوا: قتل صاحبنا. ققال: إنهم قد خلعوه. فقال: يقسم خمسون من هذيل ما خلعوا. قال: فأقسم منهم [تسعة](1) وأربعون رجلا،

(1) في "الأصل": تسعون. والمثبت من "هـ".

ص: 3218

وقدم رجل منهم من الشام فسألوه أن يقسم فافتدى يمينه منهم بألف درهم، فأدخلوا مكانه رجلا آخر فدفعه إلى أخي المقتول فقرنت يده بيده قال: فانطلقا والخمسون الذين أقسموا حتى إذا كانوا بنخلة أخذتهم السماء، فدخلوا في غار في الجبل فانهجم الغار على الخمسين الذين أقسموا فماتوا جميعًا، وأفلت القريبان وأتبعهما حجر فكسر رجل أخي المقتول فعاش حولا ثم مات، وقلت: وقد كان عبد الملك بن مروان أقاد رجلا بالقسامة ثم ندم بعدما صنع فأسر بالخمسين الذين أقسموا فمحوا من الديوان وسيرهم إلى الشام". أخرجه البخاري مع كون أبي قلابة أرسل حديث النبي صلى الله عليه وسلم في القتيل وحديث عمر في قصة الهذلي.

قلت: فهما مما في الصحيح من المراسيل وليس لهما سند متصل.

12772 -

الثوري، عن عبد الرحمن، عن القاسم بن عبد الرحمن (1) "أن عمر بن الخطاب قال:"القسامة توجب العقل، ولا تشيط الدم". هذا منقطع.

12773 -

أبو نعيم، نا عبد السلام، عن يونس، عن الحسن قال:"القتل بالقسامة جاهلية".

12774 -

زيد بن أبي الزرقاء [عن أبيه](2) نا محمد بن راشد، عن مكحول (1):"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يقض في القسامة بقود". رواه أبو داود في المراسيل (3)، وكذلك قاله عبيد اللَّه ابن عمر ومالك، فقيل لمالك: فلم تقتلون أنتم بها؟ قال: إنا لا نضع قول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الختل". أي الخديعة.

ما جاء في قسامة الجاهلية

12775 -

عبد الوارث (خ)(4)، نا قطن أبو الهيثم، نا أبو يزيد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "إن أول قسامة كانت في الجاهلية لفينا بني هاشم، كان رجل من بني هاشم استأجر رجلا من قريش فانطلق معه في إبله، فمر به رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فقال: أعني بعقال أشد به عروة جوالقي لا تنفر الإبل. فأعطاه عقالا فشد به جوالقه، فلما نزلوا عقلت

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

من "هـ".

(3)

المراسيل (219 رقم 272).

(4)

البخاري (7/ 190 رقم 3845).

ص: 3219

الإبل إلا بعيرًا واحدًا، فقال الذي استأجره: ما شأن هذا البعير لم يعقل من بين الإبل؟ قال: ليس له عقال. قال: فأين عقاله؟ قال: مر بي رجل من بني هاشم قد انقطعت عروة جوالقه فاستعانني فقال: أعني بعقال. فأعطيته قال: فحذفه بعصًا كان فيها أجله، فمر به رجل من أهل اليمن فقأله: أتشهد الموسم؟ قال: لا وربما شهدته. قال: هل أنت مبلغ عني رسالة مرة من الدهر؟ قال نعم. قال: فكتب: إذا أنت شهدت الموسم فناد بآل قريش، فإذا أجابوك فناد بآل بني هاشم، فإذا أجابوك فسل عن أبي طالب، فأخبره أن فلانًا قتلني في عقال. قال: ومات المستأجر. فلما قدم الذي استأجره أتاه أبو طالب فقال: ما فعل صاحبنا؟ قال: مرض فأحسنت القيام عليه، ثم مات فوليت دفنه. فقال: كان أهل ذاك منك. فمكث حينًا، ثم إن الرجل اليماني الذي كان أوصى إليه أن يبلغ عنه وافى الموسم، فقال: يا آل قريش. قالوا: هذه قريش. قال: يا آل بني هاشم. قالوا: هذه بنو هاشم، قال: أين أبو طالب؟ قالوا: هذا أبو طالب. قال: أمرني فلان أن أبلغك رسالة: أن فلانًا قتله في عقال. فأتاه أبو طالب فقال: اختر منا إحدى ثلاث: إن شئت أن تؤدي مائة من الإبل فإنك قتلت صاحبنا بخطأ، وإن شئت حلف خمسون من قومك أنك لم تقتله فإن أبيت قتلناك به. قال: فأتى قومه فذكر ذلك لهم، فقالوا: نحلف. فأتت امرأة من بني هاشم كانت تحت رجل منهم قد ولدت له فقالت: يا أبا طالب، أحب أن تجيز ابني هذا برجل من الخمسين ولا تصبر يمينه حيث تصبر الأيمان. ففعل، فأتاه رجل منهم فقال: يا أبا طالب، أردت خمسين رجلا أن يحلفوا مكان مائة من الإبل نصيب كل رجل بعيران فهذان بعيران فاقبلهما عني، ولا تصبر يميني حيث تصبر الأيمان. قال: فقبلهما وجاء ثمانية وأربعون رجلا فحلفوا، فقال ابن عباس: فوالذي نفسي بيده ما حال الحول ومن الثمانية والأربعين عين تطرف".

12776 -

يونس (م)(1)، عن ابن شهاب، أخبرني أبو سلمة وسليمان بن يسار، عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أقر القسامة على ما كانت عليه في الجاهلية". فهذا كلام خرج مخرج الجملة وإنما أراد به في عدد الأيمان؛ فقد روينا في هذا

(1) مسلم (3/ 1295 رقم 1670)[7].

وأخرجه النسائي أيضًا (8/ 4 - 5 رقم 4707) من طريق يونس به.

ص: 3220

الحديث أنه قال: "وقضى بها رسول اللَّه بين ناس من الأنصار في قتيل ادعوه على اليهود" وروينا عن سهل بن أبي حثمة وغيره كيف كان قضاؤه بينهم فوجب المصير إليه.

12777 -

سلام بن مسكين، عن الحسن (1) قال:"اقتتل قوم بالحجارة فقتل بينهم قتل فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بحبسهم". رواه (د)(2) في المراسيل.

* * *

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

المراسيل (292 رقم 405).

ص: 3221