المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كتاب الخلع والطلاق - المهذب في اختصار السنن الكبير - جـ ٦

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌كتاب الخلع والطلاق

‌كتاب الخلع والطلاق

ما تحل به الفدية

قال اللَّه- تعالى-: {وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (1).

11689 -

مالك (د س)(2)، عن يحيى بن سعيد، عن عمرة، عن حبيبة بنت سهل، أخبرتها "أنها كانت عند ثابت بن قيس وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجدها عند بابه في الغلس فقال: من هذه؟ قالت: أنا حبيبة بنت سهل. فقال: ما شأنك؟ قلت: لا أنا ولا ثابت -لزوجها- فلما جاء ثابت بن قيس قال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: هذه حبيبة قد ذكرت ما شاء اللَّه أن تذكر فقالت: يا رسول اللَّه، كل ما أعطاني عندي. فقال لثابت: خذ منها. فأخذ منها، وجلست في أهلها" (3).

الشافعي، أنا سفيان، عن يحيى، عن عمرة، عن حبيبة "أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم في الغلس تشكو شيئًا ببدنها وهي تقول: لا أنا ولا ثابت بن قيس. فقال: يا ثابت خذ منها. فأخذ منها وجلست".

11690 -

الثقفي (خ)(4)، نا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن امرأة ثابت بن قيس جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، ما أعتب على ثابت في خُلق ولا دين ولكن أكره الكفر في الإسلام، فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. قال: يا ثابت، اقبل الحديقة وطلقها تطليقة". رواه خالد بن عبد اللَّه (خ) (5)، عن الحذاء مرسلًا ومتنه "أن أخت عبد اللَّه بن أبيّ. . . " فذكره ثم قال (خ): وقال إبراهيم بن طهمان: عن خالد، عن عكرمة مرسلًا.

(1) البقرة: 229.

(2)

أبو داود (2/ 268 رقم 2227)، والنسائي (6/ 169 رقم 3462).

(3)

كتب بالحاشية: "بعضهم يرسله".

(4)

البخاري (9/ 306 رقم 5273).

وأخرجه النسائي (6/ 169 رقم 3463) من طريق الثقفي به.

(5)

البخاري (9/ 307 رقم 5274).

ص: 2901

قراد أبو نوح (خ)(1)، أنا جرير يحيى بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس "جاءت امرأة ثابت فقالت: يا رسول اللَّه، ما أنقم على ثابت في دين ولا خُلق غير أني أخاف الكفر في الإسلام. فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم. فأمرها أن ترد عليه ففرق بينهما". ولفظ (خ): "فردت عليه وأمره ففارقها". ورواه إبراهيم بن طهمان، عن أيوب نحوه. ورواه سليمان بن حرب، عن حماد، عن أيوب، عن عكرمة (2) "أن جميلة. . . " فذكره. وكذلك رواه وهيب، عن أيوب، أخبرنا عبيد اللَّه بن عمر الفقيه ببغداد، نا النجاد، نا جعفر بن أبي عثمان، ثنا محمد بن سنان، نا همام، نا قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن جميلة بنت سلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم تريد الخلع فقال لها: ما أصدقك؟ قالت: حديقة. قال: فردي عليه حديقته".

وبه قال جعفر، ونا عبيد اللَّه بن عمر، نا عبد الأعلى، نا سعيد، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن جميلة بنت السلول أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: بأبي أنت وأمي ما أعتب على ثابت بن قيس بن شماس في خلق ولا دين ولكني لا أطيقه بغضًا وأكره الكفر في الإسلام. فقال: تردين عليه حديقته؟ قالت: [نعم](3). فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ منها ما ساق إليها ولا يزداد" (4). كذا يرويه عبد الأعلى وأرسله غيره عن سعيد فقال عبد الوهاب بن عطاء: سألت سعيدًا عن الرجل يخلع امرأته بأكثر مما أعطاها فأخبرنا عن قتادة، عن عكرمة (2) "أن جميلة. . . " فذكر الحديث، وفيه: "خذ ما أعطيتها ولا تزدد". ونا أيوب، عن عكرمة إلا أنه قال: لا أحفظ "ولا تزدد". وكذلك رواه محمد بن أبي عدي، عن ابن أبي عروبة، عن قتادة مرسلًا.

11691 -

عبد الوهاب بن عطاء، أنا ابن جريج، عن عطاء (2) "أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول اللَّه، إني أبغض زوجي وأحب فراقه. فقال: أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ قالت: نعم وزيادة. قال النبي صلى الله عليه وسلم: أما زيادة من مالك فلا، ولكن الحديقة. قالت: نعم. فقضى بذلك رسول اللَّه على الرجل فأخبر بقضاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال: قد قبلت

(1) البخاري (9/ 307 رقم 5276).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

من "هـ".

(4)

أخرجه ابن ماجه (1/ 663 رقم 2056) من طريق عبد الأعلى به.

ص: 2902

قضاء رسول اللَّه". رواه غندر، عن ابن جريج مختصرًا.

11692 -

سعيد بن منصور، نا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء (1) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا يأخذ من المختلعة أكثر مما أعطاها". وكذا رواه الحميدي، وبنحوه الثوري عن ابن جريج، عن عطاء (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه كره أن يأخذ منها أكثر مما أعطى". رواه أبو نعيم وقبيصة عنه. الفسوي، ثنا سلمة، نا أحمد بن حنبل قال وكيع: سألت ابن جريج عنه فلم يعرفه وأنكره. قال المؤلف: أنكره بهذا اللفظ. ورواه الوليد بن مسلم (1)، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس "أن رجلا خاصم امرأته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أتردين عليه حديقته؟ قالت: نعم وزيادة. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أما الزيادة فلا". رواه عمرو الناقد قال: ثنا الوليد. وهذا غير محفوظ والصواب مرسل.

11693 -

حجاج بن محمد، عن ابن جريج، أخبرني أبو الزبير (1) "أن ثابت بن قيس كانت تحته زينب بنت عبد اللَّه بن أبي بن سلول وكان أصدقها حديقة فكرهته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتردين عليه حديقته التي أعطاك؟ قالت: نعم وزيادة. فقال: أما الزيادة فلا، ولكن حديقته. قالت: نعم. فأخذها له وخلى سبيلها، فلما بلغ ذلك ثابت بن قيس قال: قد قبلت قضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". سمعه أبو الزبير من غير واحد. وهذا أيضًا مرسل.

11694 -

الحسين بن الحسن بن عطية العوفي، عن أبيه، عن جده، عن أبي سعيد قال:"أرادت أن تختلع أختي من زوجها فأتت النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجها فذكرت له ذلك فقال لها رسول اللَّه: تردين عليه حديقته ويطلقك؟ قالت: نعم. فقال لها الثانية: تردين عليه حديقته ويطلقك؟ قالت: نعم، وأزيده. فقال لها الثالثة، فقالت: نعم وأزيده. فخلعها فردت عليه حديقته وزادته". وكذا رواه الحسن بن عمارة، عن عطية، والمرسل أصح.

11695 -

همام، عن مطر، عن ثابت، عن عبد اللَّه بن رباح أن عمر قال في المختلعة:"تختلع بما دون عقاص رأسها".

11696 -

الثوري، عن أيوب، حدثني كثير مولى سمرة "أن امرأة نشزت من زوجها في إمارة عمر فأمر بها إلى بيت كثير الزبل فمكثت فيه ثلاثة أيام ثم أخرجها فقال لها: كيف

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2903

رأيت؟ قالت: ما وجدت الراحة إلا في هذه الأيام. فقال عمر: اخلعها ولو من قرطها".

11697 -

الثوري، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن خيثمة، عن عبد اللَّه بن شهاب الخولاني "أن امرأة طلقها زوجها على ألف درهم فرفع ذلك إلى عمر فقال: باعك زوجك طلاقًا بيعًا. وأجازه عمر".

11698 -

أبو هلال، ثنا عبد اللَّه بن بريدة (1) قال:"قال عمر: إذا أراد النساء الخلع فلا تُكْفِروهن".

11699 -

مالك، عن نافع، عن مولاة لصفية بنت أبي عبيد امرأة ابن عمر "أنها اختلعت من زوجها بكل شيء لها فلم ينكر ذلك ابن عمر".

11700 -

روح بن القاسم، عن ابن عقيل، عن الربيع بنت معوذ قالت:"تزوجت ابن عم لي فشقي وشقيته وعني [بي] (2) وعنيت به، وإني استأديت عليه عثمان وظلّمَني وظَلّمته وكَثّر علي وكَثّرت عليه وإنها تفلتت مني كلمة أنا أفتدي بماله كله. قال: قد قبلت. فقال عثمان: خذ منها. قالت: فانطلقت فدفعت إليه متاعي كله إلا ثيابي وفراشي، وإنه قال لي: لا أرضى. وإنه استأداني على عثمان فلما دنونا منه قال: يا أمير المؤمنين الشرط أملك. قال: أجل فخذ منها متاعها كله حتى عقاصها. قالت: فانطلقت فدفعت إليه كل شيء حتى أجفت بيني وبينه الباب". سمعه يزيد ابن زريع منه.

الرجل يضربها ثم تختلع منه

11701 -

عبد اللَّه بن رجاء، أنا سعيد بن سلمة، نا عبد اللَّه بن أبي بكر، عن عمرة، عن عائشة "أن حبيبة بنت سهل تزوجت ثابتًا فأصدقها حديقتين له فكان بينهما اختلاف فضربها حتى بلغ أن كسر يدها، فجاءت رسول اللَّه في الفجر فوقفت له حتى خرج عليها فقالت: هذا مقام العائذ من ثابت بن قيس. قال: ومن أنت؟ قالت: حبيبة. قال: ما شأنك تربت يداك؟ قالت: ضربني. فدعاه فذكر ثابت ما بينهما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا أعطيتها؟ قال: قطعتين من نخل -أو حديقتين- قال فهل لك أن تأخذ بعض مالك وتترك لها بعضه؟ قال: هل يصلح

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

من "هـ".

ص: 2904

ذلك يا رسول اللَّه؟ قال: نعم. فأخذ إحداهما ففارقها ثم تزوجها أبيّ بن كعب فخرج بها إلى الشام فتوفيت هناك" (1).

الخلع عند غير المتولي

11702 -

مالك، عن نافع "أن ربيع بنت معوذ جاءت هي وعمها إلى ابن عمر وأخبرته أنها اختلعت من زوجها في زمان عثمان فبلغ عثمان فلم ينكره، فقال ابن عمر: عدتها عدة المطلقة".

11703 -

معمر بن سليمان، عن الحجاج، عن ابن شهاب، عن عروة "أن رجلا خلع امرأة له في ولاية عثمان عند غير سلطان فأجازه عثمان".

ويكره للمرأة طلب الفرقة

11704 -

وهيب (د ت ق)(2)، ثنا أيوب، عن أبي قلابة، عن أبي أسماء، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة". رواه حماد بن زيد، عن أيوب.

11705 -

وهيب (س)(3) أيضًا، نا أيوب، عن الحسن (4)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المختلعات والمنتزعات هن المنافقات".

هل الخلع فسخ أو طلاق

11706 -

ابن عيينة، عن عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس قال: "سأل إبراهيم بن

(1) أخرجه أبو داود (2/ 269 رقم 2228).

(2)

أبو داود (2/ 268 رقم 2226)، الترمذي (3/ 493 رقم 1187)، ابن ماجه (1/ 662 رقم 2055) كلهم من طريق أيوب به، وعند الترمذي: عن أبي قلابة عمن حدثه عن ثوبان. وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(3)

النسائي (6/ 168 رقم 3461).

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2905

سعد ابن عباس عن امرأة طلقها زوجها تطليقتين ثم اختلعت منه أيتزوجها؟ قال: ذكر اللَّه الطلاق في الآية وآخرها والخلع بين ذلك فليس الخلع بطلاق، ينكحها". ورواه أيضًا حبيب ابن أبي ثابت وليث، عن طاوس، عن ابن عباس مختصرًا.

11707 -

ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة قال:"كل شيء أجازه المال فليس بطلاق".

11708 -

مالك، عن هشام، عن أبيه، عن جمهان مولى الأسلميين، عن أم بكرة الأسلمية "أنها اختلعت من زوجها عبد اللَّه بن أسيد، ثم أتيا عثمان فقال: هي تطليقة إلا أن تكون سميت شيئًا فهو ما سميت". وفي الباب حديث واه. وروي فيه عن علي وابن مسعود، قال أحمد بن حنبل بتضعيف حديث عثمان وحديث علي وابن مسعود في إسنادهما فقال: وليس في الباب أصح من حديث ابن عباس -يعني الذي رواه عنه طاوس-.

11709 -

رواد بن الجراح، عن عباد بن كثير، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن النبي جعل الخلع تطليقة بائنة". عباد واه، ومذهب ابن عباس وعكرمة بخلافه، ويحتمل أن يكون المراد به إذا نوى به طلاقًا أو ذكره، والمقصود منه قطع الرجعة.

المختلعة لا يلحقها طلاق

11710 -

الشافعي، أنا مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس وابن الزبير في المختلعة يطلقها زوجها قالا:"لا يلزمها طلاق لأنه طلق ما لا يملك". روى نحوه الثوري، عن ابن جريج، وهو قول الحسن. قال الشافعي: فسألته -يعني المخالف- هل تروي في قوله خبرًا؟ فذكر حديثًا واهيًا، فقلت: هذا عندك غير ثابت؟ قال: فقد قال به بعض التابعين -يعني الشعبي والنخعي- قلت له: فقول بعض التابعين عندك لا تقوم به الحجة لو لم يخالفهم غيرهم. قال المؤلف: أما الخبر فلم يقع لنا بعد تطلّب كثير، ولعله أراد ما روي عن فرج بن فضالة بإسناده عن أبي الدرداء قوله، وفرج واه، أو ما روي عن رجل عن الضحاك بن مزاحم (1)، عن ابن مسعود قوله.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2906

باب ما يقع من طلاقه وما لا يقع

11711 -

أبو عتبة، ثنا بقية، عن سعد بن إبراهيم، عن جده، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس "في رجل قال لامرأته: إذا جاء رمضان فأنت طالق ثلاثًا وبينه وبين رمضان ستة أشهر فندم، فقال ابن عباس: يطلق وأحدة فتنقضي عدتها قبل أن يجيء رمضان فإذا مضى خطبها إن شاءت".

قلت: إسناده ضعيف، ولم يدرك سعد جده، وأبو عتبة ليس بعمدة.

وروينا عن الحسن البصري "فيمن قال: إن كلم أخاه فامرأته طالق ثلاثًا فإن شاء طلقها واحدة ثم تركها حتى تنقضي عدتها، فإذا بانت كلم أخاه ثم تزوجها بعد إن شاء".

الطلاق قبل النكاح

11712 -

إسماعيل القاضي، ثنا مسلم بن إبراهيم، نا حسين المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا طلاق قبل نكاح".

قلت: كذا هذا كما ترى.

11713 -

ابن أبي عروبة، عن مطر (ح) والكجي، نا مسلم بن إبراهيم (د)(1)، نا الدستوائي، نا مطر الوراق، عن عمرو، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاق فيما لا يملك ولا عتق إلا فيما يملك" لفظ الدستوائي، ولفظ ابن أبي عروبة:"ليس على الرجل طلاق فيما لا يملك ولا بيع فيما لا يملك ولا عتق فيما لا يملك".

حماد بن سلمة، عن حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد اللَّه مرفوعًا:"لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك". رواه جماعة، عن عمرو فبعضهم يقول: عن

(1) أبو داود (2/ 258 رقم 2190).

وأخرجه النسائي (7/ 289 رقم 4613) من طريق مطر به.

ص: 2907

عبد اللَّه بن عمرو كما فعل حبيب المعلم. قال ابن معين: عمرو ثقة. وقال الحسن بن سفيان: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب ثقة فهو كأيوب عن نافع عن ابن عمر. وقال البخاري: قال أحمد بن سليمان: سمعت معتمرًا يقول: قال أبو عمرو ابن العلاء: كان قتادة وعمرو بن شعيب لا يعاب عليهما شيء إلا أنهما كانا لا يسمعان شيئًا إلا حدثا به. ثم قال البخاري: رأيت أحمد وابن المديني والحميدي وإسحاق يحتجون بعمرو عن أبيه عن جده. وقال الدارقطني: سمعت أبا بكر النيسابوري يقول: قد صح سماع عمرو عن أبيه، وسماع شعيب من جده عبد اللَّه. وقد مر في بيع الخيار، وفي باب وطء المحرم ما دل على سماع شعيب من جده، لكن إذا قيل: عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده. فإنه يوهم أنه يريد جده محمد بن عبد اللَّه، ومحمد ليست له صحبة فيكون الخبر مرسلًا. فإذا قال: عن جده عبد اللَّه بن عمرو زال الإشكال.

11714 -

وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن عطاء ومحمد بن المنكدر، عن جابر يرفعه قال:"لاطلاق قبل نكاح ولا عتق قبل ملك".

وأخبرناه الحاكم، نا الأصم، نا محمد بن سنان القزاز، نا أبو بكر الحنفي، نا ابن أبي ذئب، ثنا عطاء، حدثني جابر، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا طلاق لمن لم يملك ولا عتاق لمن لم يملك". وخالف أبو داود الطيالسي فقال: نا ابن أبي ذئب، حدثني من سمع عطاء، عن جابر قال رسول اللَّه بنحوه.

11715 -

عبد اللَّه بن يزيد الدمشقي، ثنا صدقة بن عبد اللَّه "جئت محمد بن المنكدر وأنا مغضب فقلت: آللَّه أنت أحللت للوليد بن يزيد أم سلمة؟ قال: أنا! ولكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، حدثني جابر أنه سمع رسول اللَّه يقول: لا طلاق لما لا يملك ولا عتق لما لا يملك".

قلت: صدقة ضعيف.

11716 -

أحمد بن يونس، نا أبو بكر بن عياش، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن ومحمد ابني جابر، عن أبيهما وأبي عتيق، عن جابر قال رسول اللَّه:"لا طلاق قبل نكاح. . . " الحديث. وفي مسند الطيالسي، نا اليمان أبو حذيفة وخارجة بن مصعب، فأما حارثة فحدثنا عن حرام، عن أبي عتيق، عن جابر. وأما اليمان فحدثنا عن أبي عبس، عن جابر أن رسول اللَّه قال:"لا رضاع بعد فصال، ولا يتم بعد احتلام. ولا عتق إلا بعد ملك، ولا طلاق إلا بعد نكاح".

ص: 2908

قلت: حرام واه، وكذلك اليمان.

11717 -

سعيد بن أبي مريم، نا عبد المجيد بن عبد العزيز، نا ابن جريج، عن عمرو، عن طاوس (1)، عن معاذ قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا طلاق إلا بعد نكاح ولا عتق إلا بعد ملك".

وكذلك رواه عبد الرحمن بن الحارث المخزومي، عن طاوس.

قلت: لكنه لم يدرك معاذًا.

قال: وروينا ذلك في الكتاب الذي كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم. وروي ذلك أيضًا عن علي وابن عباس وعائشة وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول علي وابن عباس وعائشة.

11718 -

حميد الطويل، عن الحسن (1)، عن علي قال:"لا طلاق إلا من بعد نكاح". رواه مبارك بن فضالة، عن الحسن "أن رجلا سأل عليًا قال: قلت: إن تزوجت فلانة فهي طالق. قال: تزوجها فلا شيء عليك".

ابن أبي عروبة، عن جويبر، عن الضحاك، عن النزال بن سبرة ومسروق أن عليًا قال:"لا طلاق إلا بعد نكاح".

11719 -

معاذ بن معاذ، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس قال:"لا طلاق إلا من بعد نكاح، ولا عتاق إلا من بعد ملك".

هشام الدستوائي، عن قتادة، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"إنما الطلاق من بعد النكاح".

أبو حمزة السكري وحسين بن واقد، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"ما قالها ابن مسعود وإن يكن قالها فزلة من عالم في الرجل يقول: إن تزوجت فلانة فهي طالق. قال اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ} (2) ولم يقل: إذا طلقتم المؤمنات ثم نكحتموهن".

11720 -

نعيم بن حماد، ثنا حماد الخياط، عن هشام بن سعد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قالت:"لا طلاق إلا بعد نكاح". وروي عن بشر بن السري، عن هشام بن سعد، عن الزهري عن عروة (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

11721 -

أبو صالح، نا الليث، حدثني ابن الهاد، عن المنذر بن علي بن أبي الحكم "أن

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

الأحزاب: 49.

ص: 2909

ابن أخيه خطب بنت عم له فتشاحوا في بعض الأمر فقال الفتى: طالق إن تزوجتها حتى آكل الغضيض -والغضيض طلع النخل الذكر- ثم ندموا على ما كان من الأمر، فقال المنذر: أنا آتيكم من ذلك بالبيان. قال: فانطلقت إلى سعيد ابن المسيب فحدثته فقال: ليس عليه شيء طلق ما لا يملك. ثم إني سألت عروة وأبا سلمة وأبا بكر بن عبد الرحمن وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه فكل يقول: ليس عليه شيء طلق ما لا يملك. ثم سألت عمر بن عبد العزيز فقال: هل سألت أحدًا؟ قلت: نعم. فسماهم، قال: ثم رجعت إلى القوم وأخبرتهم بما سألت عنه".

معمر قال: كتب الوليد بن يزيد إلى أمراء الأمصار أن يكتبوا إليه بالطلاق قبل النكاح وكان قد ابتلي بذلك فكتب إلى عامله باليمن فدعا ابن طاوس وإسماعيل بن شروس وسماك ابن الفضل فسألهم فأخبرهم ابن طاوس عن أبيه، وابن شروس عن عطاء، وسماك عن وهب ابن منبه، أنهم قالوا: لا طلاق قبل النكاح. ثم قال سماك من عنده: إنما النكاح عقدة تعقد، والطلاق يحلها فكيف تحل عقدة قبل أن تعقد. فأعجب الوليد قوله وأخذ به، وكتب إلى عامله باليمن أن يستعمله على القضاء".

11722 -

إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن علي بن حسين "إذا قال الرجل: يوم أتزوج فلانة فهي طالق. فليس بشيء". ورواه سليمان بن أبي المغيرة، عن ابن المسيب وعلي بن حسين. ورواه قتادة عن الحسن وابن المسيب وعطاء وعكرمة. ورواه عبد الملك عن سعيد بن جبير. ورواه عمرو بن دينار عن أبي الشعتاء. ورواه أسامة بن زيد عن نافع بن جبير ومحمد ابن كعب. وقال الحسن بن رواح الضبي: "سألت سعيد بن المسيب ومجاهدًا وعطاء، عن الرجل قال: يوم أزوج فلانة فهي طالق. قالوا: ليس بشيء. وقال سعيد: يا ابن أخي أيكون سيل قبل مطر! ".

إباحة الطلاق مع كراهيته

11723 -

يحيى بن أبي زائدة، عن صالح بن صالح، عن سلمة بن كهيل، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، عن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم طلق حفصة ثم راجعها"(1).

11724 -

الطيالسي في المسند، نا ابن أبي ذئب، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب، عن حمزة بن عبد اللَّه بن عمر، عن أبيه قال:"كانت لي امرأة كنت أحبها وكان أبي يكرهها فقال لي: طلقها. فأبيت، فأتى رسول اللَّه فذكر ذلك له فقال: طلقها. فطلقها".

(1) أخرجه أبو داود (2/ 285 رقم 2283)، والنسائي (6/ 213 رقم 3560)، وابن ماجه (1/ 650 رقم 2016) كلهم من طريق يحيى بن أبي زائدة به.

ص: 2910

11725 -

معرف بن واصل (د)(1)، عن محارب بن دثار، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أبغض الحلال إلى اللَّه الطلاق".

أرسله (د) مرة وهو أولى. كذلك رواه يحيى بن أبي بكير وأحمد بن يونس عن مُعرِّف، ولفظ يحيى نا معرِّف، حدثني محارب قال:"تزوج رجل على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم امرأة فطلقها، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أتزوجت؟ قال: نعم. قال: ثم ماذا؟ قال: ثم طلقت. قال: أمن ريبة؟ قال: لا. قال: قد يفعل ذلك الرجل. قال: ثم تزوج امرأة أخرى فطلقها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك -قال معرف: فما أدري أعند هذا أو عند الثالثة- قال رسول اللَّه: إنه ليس شيء من الحلال أبغض إلى اللَّه من الطلاق". ورواه عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي، عن محارب، عن ابن عمر موصولًا.

قلت: الوصافي تالف.

11726 -

زهير، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة (2) قال:"كان رجل يقول: قد طلقتك قد راجعتك. فبلغ ذلك النبي فقال: ما بال رجال يلعبون بحدود اللَّه". مرسل.

11727 -

وقاله علي بن عبد العزيز، نا أبو حذيفة، نا سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي بردة، عن أبي موسى قال رسول اللَّه:"ما بال أقوام يلعبون بحدود اللَّه، طلقتك راجعتك، طلقتك راجعتك"(3). وقال مؤمل بن إسماعيل، نا سفيان موصولًا نحوه، فكأنه كره الاستكثار منه أو كره إيقاعه في كل وقت من غير مراعاة لوقته المسنون.

عبد السلام بن حرب، عن يزيد أبي خالد الدالاني، عن أبي العلاء الأودي، عن حميد بن عبد الرحمن الحميري، عن أبي موسى الأشعري، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لِمَ يقول أحدكم لامرأته: قد طلقتك قد راجعتك؟ ! ليس هذا بطلاق المسلمين، طلقوا المرأة في طَهرها".

(1) أبو داود (2/ 255 رقم 2178).

وأخرجه ابن ماجه (1/ 650 رقم 2018) من طريق عبيد اللَّه بن الوليد الوصافي عن محارب به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أخرجه ابن ماجه (1/ 650 رقم 2017) من طريق مؤمل عن سفيان به.

ص: 2911

11728 -

علي بن عاصم، نا حميد، عن أنس قال:"كان بين أبي طلحة وأم سليم كلام، فأراد أبو طلحة أن يطلق أم سليم فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن طلاق أم سليم لحوب".

طلاق السنة وطلاق البدعة

قال الشافعي: قال اللَّه: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1) وقرئت "لقبل عدتهن" وهما لا يختلفان في معنى.

11729 -

حجاج (م)(2)، قال ابن جريج: أخبرني أبو الزبير "أنه سمع (3) عبد الرحمن بن أيمن مولى عزة يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع قال: كيف ترى [في] (4) رجل طلق امرأته حائضًا؟ قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إن عبد اللَّه طلق امرأته وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليراجعها. فردها عليّ، وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليُمسك. قال: وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن".

مالك، عن عبد اللَّه بن دينار، سمعت ابن عمر قرأ "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لقبل عدتهن".

ابن جريج قال: كان مجاهد يقرؤها هكذا.

مالك (خ م)(5)، عن نافع، عن ابن عمر "أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسأل عمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال له: مره فليراجعها ثم ليتركها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساء". ورواه الشافعي، عن مالك وفيه: "ليمسك" بدل "يتركها" ولم يقل: "بعد".

عبيد اللَّه (م)(6)، عن نافع، عن ابن عمر "طلقت امرأتي على عهد رسول اللَّه وهي

(1) الطلاق: 1.

(2)

مسلم (2/ 1098 رقم 1471)[14].

(3)

زاد في "الأصل": جابرًا. وهي زيادة مقحمة.

(4)

من "هـ".

(5)

البخاري (9/ 258 رقم 5251)، ومسلم (2/ 1093 رقم 1471)[1].

(6)

مسلم (2/ 1094 رقم 1471)[2].

ص: 2912

حائض فذكر ذلك عمر لرسول اللَّه فقال: مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى فإذا طهرت فليطلقها إن شاء قبل أن يجامعها أو يمسكها فإنها العدة التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساء. فقلت لنافع: ما صنعت التطليقة؟ قال: واحدة اعتدت بها".

الليث (خ م)(1)، عن نافع، عن ابن عمر بنحوه إلى "النساء".

الليث (خ)(2)، عن عقيل، عن ابن شهاب، عن سالم أن أباه أخبره "أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتغيظ فيه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثم قال رسول اللَّه: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض فتطهر فإن بدا له أن يطلقها فليطلقها طاهرًا قبل أن يمسها فتلك العدة التي أمر اللَّه عز وجل".

الزبيدي (م)(3)، عن الزهري أنه سئل عن طلاق السنة للعدة فقال: أخبرني سالم أن عبد اللَّه قال: "طلقت امرأتي في حياة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وهي حائض فذكر ذلك عمر لرسول اللَّه فتغيظ عليّ في ذلك وقال: ليراجعها ثم يمسكها حتى تحيض حيضة وتطهر فإن شاء أن يطلقها طاهرا قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر اللَّه. قال عبد اللَّه: فراجعتها وحسبت لها التطليقة التي طلقتها". سمعه منه محمد بن حرب.

ابن أخي الزهري (م)(4) عن عمه، أخبرني سالم، أن أياه قال:"طلقت امرأتي وهي حائض فذكر عمر لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتغيظ وقال: ليراجعها ثم ليمسكها حتى تحيض حيضة مستقبلة سوى حيضتها التي طلقها فيها فإن بدا له أن يطلقها فيها فليطلقها طاهرًا من حيضتها قبل أن يمسها فذلك الطلاق للعدة كما أمر اللَّه، وكان عبد اللَّه طلقها تطليقة فحسبت من طلاقها وراجعها كما أمر".

(1) البخاري (9/ 393 رقم 5332)، ومسلم (2/ 1093 رقم 1471).

(2)

البخاري (8/ 521 رقم 4908).

(3)

مسلم (2/ 1095 رقم 1471)[4].

وأخرجه النسائي (6/ 138 رقم 3391) من طريق الزبيدي به.

(4)

مسلم (2/ 1095 رقم 1471)[4].

ص: 2913

خالد بن مخلد (م)(1)، حدثني سليمان، حدثني عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر "أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر عن ذلك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها حتى تطهر ثم تحيض حيضة أخرى ثم تطهر ثم يطلق بعد أو يمسك".

11730 -

الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن عبد الرحمن بن يزيد، عن ابن مسعود "في قوله:{فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (2) قال: طاهرًا من غير جماع". زاد فيه بعض الرواة: "أو عند حبل قد تبين" ولم أجده في الروايات المحفوظة.

11731 -

عبد الرزاق، أنا عمي، وهب بن نافع، نا عكرمة، سمع ابن عباس يقول:"الطلاق على أربعة وجوه: وجهان حلال، ووجهان حرام، فأما الحلال فأن يطلقها طاهرًا من غير جماع أو يطلقها حاملًا مستبينًا حملها، وأما الحرام أن يطلقها حائضًا أو يطلقها حين يجامعها لا يدرى اشتمل الرحم على ولد أم لا".

11732 -

هشام، عن ابن سيرين، عن عبيدة، عن علي قال:"ما طلق رجل طلاق السنة فيندم أبدًا".

وقوع الطلاق على الحائض وإن كان بدعيًا

قال الشافعي: بَيِّنٌ -يعني في حديث ابن عمر- وقوعه على الحائض لأنه إنما يؤمر بالمراجعة من لزمه الطلاق فأما من لم يلزمه الطلاق فهو بحاله قبل الطلاق. قد مر في ذلك أحاديث.

11733 -

يزيد بن إبراهيم (خ)(3)، حدثني ابن سيرين، حدثني يونس بن جبير "سألت ابن عمر قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض، فقال: أتعرف ابن عمر؟ قلت: نعم. قال: فإنه طلق امرأته وهي حائض، فأتى عمر النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فأمره أن يراجعها ثم يطلقها في قبل عدتها، قلت: فيعتد بها؟ قال: نعم، أرأيت إن عجر واستحمق".

ولفظ (خ) قلت: "فيعتد بتلك التطليقة؟ قال: أرأيت إن عجز واستحمق".

(1) مسلم (2/ 1095 رقم 1471)[6].

(2)

الطلاق: 1.

(3)

البخاري (9/ 394 رقم 5333).

وأخرجه أبو داود (2/ 256 رقم 2184) من طريق يزيد بن إبراهيم به. وأخرجه ابن ماجه (1/ 651 رقم 2022) من طريق هشام عن محمد بن سيرين به.

ص: 2914

حماد بن زيد (خ)(1)، عن أيوب، عن محمد، عن يونس بن جبير "سألت ابن عمر قلت: رجل طلق امرأته وهي حائض، قال: تعرف ابن عمر إنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فأمره أن يراجعها. قلت: فيعتد بتلك التطليقة؟ قال: فمه! أرأيت إن عجز واستحمق".

شعبة (خ م)(2)، عن قتادة، سمعت يونس بن جبير، سمعت ابن عمر قال:"طلقت امرأتي وهي حائض فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليراجعها فإذا طهرت فليطلقها. فقلت لابن عمر: فاحتسبت بها؟ قال: فما يمنعه أرأيت إن عجز واستحمق".

شعبه (خ م)(3)، انا أنس بن سيرين أنه سمع ابن عمر قال:"طلقت امرأتي وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليراجعها فإذا طهرت فليطلقها. فقلت له: يحتسب بها؟ قال: فمه". ورواه أبو قلابة، نا بشر بن عمر، نا شعبة وفيه:"فليطلقها إن شاء. قال: فقال عمر: يا رسول اللَّه، أفيحتسب بتلك التطليقة؟ قال: نعم".

خالد بن عبد اللَّه (م)(4)، عن عبد الملك، عن أنس بن سيرين "سألت ابن عمر عن امرأته التي طلق فقال: طلقتها وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها لطهرها. فراجعتها ثم طلقتها لطهرها. قلت: فاعتددت بتلك التطليقة التي طلقت وهي حائض؟ قال: ما لي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت".

ابن جريج (م)(5)، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه "أنه سمع ابن عمر يُسأل عن رجل طلق امرأته حائضًا فقال: أتعرف ابن عمر؟ قال: نعم. قال: فإنه طلق امرأته حائضًا، فذهب عمر

(1) كذا رقم عليه المصنف! والحديث من رواية حماد بن زيد ليس في البخاري، إنما في صحيح مسلم (2/ 1096 رقم 1471)[7].

وأخرجه الترمذي (3/ 479 رقم 1175)، والنسائى (6/ 141 رقم 3399) كلاهما من طريق حماد بن زيد به، وقال الترمذي: حديث يونس بن جبير عن ابن عمر حديث حسن صحيح.

(2)

البخاري (9/ 264 رقم 5252)، ومسلم (2/ 1097 رقم 1471)[10].

(3)

البخاري (9/ 264 رقم 5253)، ومسلم (2/ 1097 رقم 1471)[12].

(4)

مسلم (2/ 1097 رقم 1471)[11].

(5)

مسلم (2/ 1097 رقم 1471)[13].

وأخرجه النسائي (6/ 213 رقم 3560) من طريق ابن جريج به.

ص: 2915

إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فأمره أن يرتجعها. قال: لم أسمعه يزيد على ذلك لأبيه".

منصور، عن أبي وائل "أن ابن عمر طلق امرأته وهي حائض فأمره النبي أن يراجعها حتى تطهر فإذا طهرت طلقها"(1).

شيبان، عن فراس، عن عامر "طلق ابن عمر امرأته وهي حائض واحدة فانطلق عمر إلى رسول اللَّه فأخبره، فأمره إذا طهرت أن يراجعها ثم يستقبل الطلاق في عدتها ويحتسب بالتطليقة التي طلق أو مرة".

قلت: هو مرسل.

أبو المليح، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر "أنه طلق امرأته في حيضتها فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يرتجعها حتى تطهر فإذا طهرت فإن شاء طلق قبل أن يجامع".

ابن أبي ذئب، عن نافغ، عن ابن عمر "أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فجعلها واحدة". رواه الطيالسي في مسنده عنه هكذا.

قال أبو معمر (خ)(2): نا عبد الوارث، نا أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر قال:"وحسبت علي تطليقة".

عبد الرزاق (م د)(3)، أنا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير، أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن مولى عروة يسأل ابن عمر وأنا أسمع قال:"كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضًا؟ قال: طلق ابن عمر امرأته وهي حائض فسأل عمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال له: طلق عبد اللَّه امرأته وهي حائض. قال عبد اللَّه: فردها عليَّ ولم يرها شيئًا وقال: إذا طهرت فليطلق أو ليمسك وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم "إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن". قال مسلم: أخطأ حيث قال: عروة. صوابه مولى [عزة] (4). وأخرجه مسلم من حديث حجاج وأبي عاصم عن ابن جريج وفيه: "قال النبي: ليراجعها. فردها" وهو في رواية بعضهم عن عبد الرزاق فقال: "ليراجعها. فردها عليَّ ولم يرها شيئًا". قال الشافعي: وجدت حديث أبي الزبير شبيه به؛ يعني بما روي

(1) أخرجه أبو داود (2/ 256 رقم 2185) معلقًا.

(2)

البخاري (9/ 264 رقم 5253).

(3)

مسلم (2/ 1098 رقم 1471)[14]، وأبو داود (2/ 256 رقم 2185).

(4)

في "الأصل": عزرة، والمثبت من "هـ". راجع تهذيب الكمال (16/ 539)، وصحيح مسلم (2/ 1098 رقم 1471)[14].

ص: 2916

نافع عن ابن عمر، عن النبي في الأمر بالرجعة، ونافع أثبت من أبي الزبير، والأثبت من الحديثين أولى أن يقال به إذا خالفه، وقد وافق نافعًا غيره من أهل الثبت فقيل له: أحسبت تطليقة ابن عمر على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم تطليقة؟ قال: فمه، وإن عجز، يعني أنها حسبت، والقرآن يدل على أنها حسبت، قال اللَّه:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1) لم يخصص طلاقًا دون طلاق، قال: ويحتمل أن يكون لم تحسب شيئًا صوابًا غير خطأ كما يقال: أخطأ الرجل في فعله وأخطأ في جواب أجاب به ولم يصنع شيئًا يعني لم يصنع صوابًا. وقال أبو داود في سننه: الأحاديث كلها على خلاف ما قال أبو الزبير.

11734 -

أخبرنا الحسن بن أبي الفوارس أخو الحافظ أبي الفتح، أنا أحمد بن جعفر بن سلم، ثنا أبو جعفر محمد بن يوسف، ثنا أبو الصلت إسماعيل بن أبي أمية الذارع من حفظه، ثنا حماد بن زيد، نا عبد العزيز بن صهيب، عن أنس، سمعت معاذًا يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من طلق للبدعة ألزمناه ببدعته". قال الدارقطني: إسماعيل متروك.

الاختيار أن لا يطلق إلا واحدة

قال الشافعي: لتكون له الرجعة في المدخول بها ويكون خاطبًا في غير المدخول بها، ومتى نكحها ثبتت له عليها اثنتان من الطلاق ولا تحرم عليه أن يطلق اثنتين ولا ثلاثًا لأن اللَّه أباح الطلاق، وما أباح فليس بمحظور على أهله، وأن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم علم ابن عمر موضع الطلاق، ولو كان في عدد الطلاق مباح ومحظور علمه إن شاء اللَّه إياه.

11735 -

وكيع (م)(2)، عن سفيان، عن محمد بن عبد اللَّه مولى آل طلحة، عن سالم، عن أبيه "أنه طلق امرأته وهي حائض فذكر ذلك عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: مره فليراجعها ثم ليطلقها إذا طهرت أو هي حامل".

11736 -

الشافعي، أنا مالك، حدثني ابن شهاب، أن سهل بن سعد، أخبره أن عويمرًا العجلاني. . . فذكر الحديث في اللعان قال سهل:"فلما فرغا من تلاعنهما، قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم". قال

(1) البقرة: 229.

(2)

مسلم (2/ 1095 رقم 1471)[5].

وأخرجه أبو داود (2/ 255 رقم 2181)، والترمذي (3/ 202)، والنسائي (6/ 141 رقم 3397) من طريق وكيع به. وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

ص: 2917

الشافعي: فقد طلق عويمر ثلاثًا بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان ذلك محرمًا لنهاه عنه. قال المؤلف: وفي رواية ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين: "حسابكما على اللَّه، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها" وليس ذلك في رواية سهل ولا الطلاق الثلاث. واحتج الشافعي أيضًا بحديث فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة -يعني واللَّه أعلم ثلاثًا- فلم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك.

11737 -

إبراهيم بن طهمان، عن حصين، عن الشعبي، عن فاطمة "طلقني زوجي ثلاثًا فرفع ذلك إلى رسول اللَّه فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة وأمرها أن تعتد عند ابن أم مكتوم" (1). وفي رواية عروة عنها قالت:"قلت: يا رسول اللَّه، زوجي طلقني ثلاثًا فأخاف أن يقتحم. فأمرها، فتحولت".

11738 -

يحيى القطان (خ م)(2): حدثني عبيد اللَّه، حدثني القاسم، عن عائشة "أن رجلًا طلق (امرأته) (3) ثلاثًا فتزوجها آخر فطلقها قبل أن يمسها، فسئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتحل للأول؟ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول". قال الشافعي: وطلق ركانة امرأته البتة -وهي تحتمل واحدة وتحتمل الثلاث- فسأله النبي صلى الله عليه وسلم عن نيته وأحلفه عليها ولم نعلمه نهى عن أن يطلق البتة -يريد بها ثلاثًا- وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثًا.

11739 -

نعيم نعيم بن حماد، عن ابن المبارك، عن محمد بن راشد، ثنا سلمة بن أبي سلمة، عن أبيه "أنه ذكر عنده أن الطلاق الثلاث بمرة مكروه ققال: طلق حفص بن عمرو بن المغيرة فاطمة بنت قيس بكلمة واحدة ثلاثا فلم يبلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم عاب ذلك عليه، وطلق عبد الرحمن بن عوف امرأته ثلاثًا فلم يعب ذلك عليه أحد". رواه شيبان بن فروخ، عن محمد. واحتج الشافعي أيضًا بما رواه بإسناده عن ابن عباس وأبي هريرة وعبد اللَّه بن عمرو فيمن طلق امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها لا ينكحها حتى تنكح زوجًا غيره، قال: وما عاب ابن

(1) أخرجه مسلم (2/ 1117 رقم 1480)[42]، وأبو داود (2/ 287 رقم 2288) والترمذي (3/ 484 رقم 1180)، والنسائي (6/ 144 رقم 3405)، وابن ماجه (1/ 656 رقم 2036) كلهم من طريق الشعبي به.

(2)

البخاري (9/ 274 رقم 5261)، ومسلم (2/ 1057 رقم 1433)[115].

وأخرجه النسائي (6/ 148 رقم 3412) من طريق القطان به.

(3)

تكررت في "الأصل".

ص: 2918

عباس ولا أبو هريرة عليه أن يطلق ثلاثًا، ولم يقل له عبد اللَّه بن عمرو: بئس ما صنعت.

11740 -

فأما حديث معلى بن منصور، ثنا شعيب بن رزيق، نا عطاء الخراساني، عن الحسن، نا ابن عمر "أنه طلق امرأته تطليقة وهي حائض ثم أراد أن يتبعها تطليقتين أخراوين عند القرءين الباقيين، فبلغ ذلك رسول اللَّه فقال: يا ابن عمر ما هكذا أمرك اللَّه، إنك قد أخطأت السنة، والسنة أن تستقبل الطهر فتطلق لكل قرء. قال: فأمرني رسول اللَّه فراجعتها، ثم قال: إذا طهرت فطلق عند ذلك أو أمسك. فقلت: يا رسول اللَّه، أفرأيت لو أني طلقتها ثلاثًا كانت تحل لي أن أراجعها؟ قال: كانت تبين منك وتكون معصية"(1). فهذه الزيادات انفرد بها شعيب وقد تكلموا فيه. ويشبه أن يكون قوله: "وتكون معصية" راجعًا إلى إيقاع ما كان يوقعه من الثلاث في حال الحيض.

قلت: شعيب وثقه الدارقطني وغيره، وقال أبو الفتح الأزدي: لين.

الليث (خ م)(2)، عن نافع، عن ابن عمر "أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة واحدة فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حتى تطهر من قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر اللَّه أن تطلق لها النساء. وكان ابن عمر إذا سئل عن ذلك قال لأحدهم: إن كنت طلقتها ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك، عصيت اللَّه فيما أمرك من طلاق امرأتك".

قال (خ): وزاد آخر عن الليث فيه: "لو طلقت مرة أو مرتين فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا".

يحيى بن بكير، نا الليث، عن نافع "أن عبد اللَّه طلق امرأته وهي حائض. . " الحديث وفيه:"أما أنت لو طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمرني بهذا وإن طلقتها ثلاثًا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجًا غيرك، وعصيت اللَّه فيما أمرك من طلاق امرأتك" يعني حين طلقها في حال الحيض فيكون قوله راجعًا إلى أصل المسألة، وأما التفصيل فإنه لأجل إثبات الرجعة وقطعها لا لتعليق المعصية بأحدهما دون الآخر. وأما قوله:"يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم يمهلها حتى تطهر" فقال الشافعي: يحتمل أنه أراد بذلك الاستبراء بأن يكون

(1) أخرجه أبو داود (2/ 256 رقم 2185) معلقًا من عطاء.

(2)

البخاري (9/ 393 رقم 5332)، ومسلم (2/ 1093 رقم 1471)[1].

وأخرجه أبو داود (2/ 255 رقم 2180) من طريق الليث به.

ص: 2919

يستبرئها بعد الحيضة (التي طلقها)(1) فيها بطهر تام ثم حيض تام ليكون [تطليقها](2) وهي تعلم عدتها الحمل أم الحيض، وليكون يطلق بعد علمه بحمل وهو غير جاهل بما صنع أو يرغب فيمسك للحمل، ولتكون إن كانت سألت الطلاق غير حامل أن تكف عنه حاملا. وقال: مع أنه غير نافع إنما روى عن ابن عمر "حتى تطهر من الحيضة التي طلقها فيها ثم إن شاء أمسك وإن شاء طلق". رواه يونس بن جبير وسالم وأنس بن سيرين وغيرهم خلاف رواية نافع. قال المؤلف: ورواية سالم مختلفة.

وقال (د)(3) في سننه: رواه عن ابن عمر: يونس وأنس بن سيرين وسعيد بن جبير وزيد ابن أسلم وأبو الزبير وأبو وائل معناهم "أن النبي عليه السلام أمره أن يراجعها حتى تطهر".

وأما رواية سالم من طريق الزهري، ورواية نافع عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجعها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر ثم إن شاء طلق أو أمسك" ثم قال:

11741 -

ثنا حميد بن مسعدة، نا إسماعيل، نا أيوب، عن عبد اللَّه بن كثير، عن مجاهد "كنت عند ابن عباس فجاء رجل فقال أنه طلق امرأته ثلاثًا. قال: فسكت حتى ظننا أنه رادها إليه ثم قال: ينطلق أحدكم فيركب الحموقة ثم يقول: يا ابن عباس يا ابن عباس! وإن اللَّه قال: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا} (4) وإنك لم تتق اللَّه فلا أجد لك مخرجًا عصيت ربك وبانت منك امرأتك، وإن اللَّه قال:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن". كذا هذه الرواية.

وقال عمرو بن مرزوق: أنا شعبة، عن عبد اللَّه بن أبي نجيج، عن مجاهد، عن ابن عباس "أنه سئل عن رجل طلق امرأته مائة تطليقة قال: عصيت ربك، وبانت منك امرأتك، لم تتق اللَّه فيجعل لك مخرجًا، ثم قرأ:"يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن".

الثوري، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس "في رجل طلق امرأته ألفًا قال: أما ثلاث فتحرم عليك امرأتك، وبقيتهن عليك وزر واتخذت آيات اللَّه هزءًا". ففي هذا دلالة على أنه جعل الوزر فيما فوق الثلاث.

(1) مكررة في الأصل.

(2)

في "الأصل": يطلقها. والمثبت من "هـ".

(3)

أبو داود (2/ 256 رقم 2185).

(4)

الطلاق: 3.

ص: 2920

قلت: وفي الأول جعل الوزر في جمع الثلاث وهي ثلاث واقعات.

قال: ورواه الشافعي عن الزنجي، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس في مائة قال:"وسبع وتسعون اتخذت آيات اللَّه هزءًا"، ثم قال الشافعي: عاب عليه ما زاد على عدد الطلاق الذي لم يجعله اللَّه.

11742 -

الأشجعي، عن سفيان، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال:"من أراد أن يطلق للسنة كما أمر اللَّه فلينظرها حتى تحيض ثم تطهر ثم ليطلقها طاهرًا في غير جماع ويشهد رجلين ثم لينظرها حتى تحيض ثم تطهر فإن شاء راجع وإن شاء طلق". رواه الأعمش، عن أبي إسحاق ولفظه "طلاق السنة أن يطلقها في كل طهر تطليقه فإذا كان آخر ذلك فتلك العدة التي أمر اللَّه بها". قال المؤلف: ونحن نستحب هكذا أن نفعل، وقد روينا عن ابن مسعود أنه جعل العدوان في الزيادة على الثلاث.

11743 -

رواه عمرو بن مرزوق، عن شعبة، عن الأعمش، عن مسروق قال:"سأل رجل (لعبد اللَّه) (1) فيمن طلق امرأته مائة قال: بانت بثلاث، وسائر ذلك عدوان".

وكيع، عن سفيان، عن منصور والأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة قال:"جاء رجل إلى عبد اللَّه فقال: إني طلقت امرأتي مائة. قال: بانت منك بثلاث وسائرهن معصية".

11744 -

حميد الطويل، عن واقع بن سحبان "أن رجلا أتى عمران بن حصين وهو في المسجد فقال: رجل طلق امرأته ثلاثًا في مجلس. قال: أثم بربه وحرمت عليه امرأته. فانطلق الرجل، فذكر ذلك لأبي موسى يريد بذلك عيبه، فقال: ألا ترى أن عمران قال: كذا وكذا. فقال أبو موسى: أكثر اللَّه فينا مثل أبي نجيد". رواه عبد الوهاب بن عطاء عنه.

ما جاء في وقوع الثلاث مجموعات

قال تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (2)، وقال:{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (3). قال الشافعي: فالقرآن يدل على أن من طلق زوجه له دخل بها أو لم يدخل بها ثلاثًا لم تحل له حتى تنكح زوجًا غيره.

(1) كذا في "الأصل، هـ".

(2)

البقرة: 229.

(3)

البقرة: 230.

ص: 2921

11745 -

يعقوب بن حميد، نا يعلى بن شبيب المكي، نا هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت:"كان الرجل يطلق امرأته ما شاء اللَّه أن يطلقها وإن طلقها مائة أو أكثر إذا ارتجعها قبل أن تنقضي عدتها حتى قال الرجل لامرأته: واللَّه لا أطلقك فتبيني مني ولا أؤويك إليَّ. قالت: وكيف ذاك؟ قال: أطلقك فكلما همت عدتك أن تنقضي ارتجعتكم، ثم أطلقك فأفعل هكذا. فشكت المرأة ذلك إلى عائشة فذكرت ذلك عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم فسكت فلم يقل شيئًا حتى نزل القرآن {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1) فاستأنف الناس الطلاق من شاء طلق ومن شاء لم يطلق"(2). رواه قتيبة والحميدي، عن يعلى (3). وكذلك قال ابن إسحاق بمعناه.

11746 -

مالك، عن هشام، عن أبيه "كان الرجل إذا طلق ثم ارتجع قبل انقضاء عدتها كان ذلك له وإن طلقها ألف مرة، فعمد رجل إلى امرأة له فطلقها ثم أمهلها حتى إذا شارفت انقضاء عدتها ارتجعها ثم طلقها وقال: واللَّه لا أؤويك إليَّ ولا تخلين أبدًا. فأنزل اللَّه {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} (1) فاستقبل الناس الطلاق جديدًا من يومئذ من كان منهم طلق أو لم يطلق"(2).

قال (خ): الصحيح مرسل.

11747 -

الزهري (خ م)(4)، أخبرني عروة، عن عائشة "جاءت امرأة رفاعة القرظي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت: إني كنت عند رفاعة فطلقني فبت طلاقي فتزوجت بعده عبد الرحمن ابن الزبير وإنما معه مثل هدبة الثوب، فتبسم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وقال: تريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك، وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم وخالد بن سعيد بالباب ينتظر أن يؤذن له فناداه فقال: يا أبا بكر ألا تسمع ما تجهر به هذه عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

(1) البقرة: 229.

(2)

أخرجه الترمذي (30/ 479 رقم 1192) من طريق يعلى بن شبيب به.

(3)

كتب بالحاشية: يعلى ثقة.

(4)

البخاري (9/ 274 رقم 5260)، ومسلم (2/ 1055 رقم 1433)[111].

وأخرجه الترمذي (2/ 426 رقم 1118)، والنسائي في الكبرى (3/ 352 رقم 5602)، وابن ماجه (1/ 62 رقم 1932) كلهم من طريق الزهري به. وقال الترمذي: حديث عائشة حديث حسن صحيح.

ص: 2922

عبيد اللَّه (خ م)(1)، نا القاسم، عن عائشة "أن رجلا طلق ثلاثًا فتزوجت وطلق فسئل النبي صلى الله عليه وسلم: أتحل للأول؟ قال: لا، حتى يذوق عسيلتها كما ذاق الأول". واحتج الشافعي بحديث عويمر العجلاني وفاطمة بنت قيس وقد مرَّا.

11748 -

ابن علية (م)(2)، عن أيوب، عن محمد قال: مكثت عشرين سنة يحدثني من لا أتهم "أن ابن عمر طلق امرأته ثلاثًا وهي حائض، فأمر أن يراجعها، فجعلت لا أتهمهم ولا أعرف الحديث حتى لقيت أبا غلاب يونس بن جبير -وكان ذا ثبت- فحدثني أنه سأل ابن عمر فحدثه أنه طلق امرأته وهي حائض تطليقة فأمر أن يراجعها، فقلت: أفحسبت عليه؟ قال: فمه، وإن عجز واستحمق".

معلى بن منصور، ثنا شعيب بن زريق، نا عطاء الخراساني فذكر حديثه عن الحسن عن ابن عمر في ذلك وقد [مر](3).

11749 -

إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، نا سعيد بن عبد الرحمن، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر "أن رجلا أتى عمر فقال: إني طلقت امرأتي -يعني البتة- وهي حائض. قال: عصيت ربك وفارقت امرأتك. فقال الرجل: فإن رسول اللَّه أمر ابن عمر حين فارق امرأته أن يراجعها. فقال له عمر: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمره أن يراجع امرأته لطلاق بقي له، وإنه لم يبق لك ما ترتجع به امرأتك". رواه الدارقطني عن البغوي عنه.

قلت: سعيد احتج به مسلم، وقال أبو حاتم: لا يحتج به.

11750 -

وهب بن جرير، نا شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن زيد بن وهب "أن بطالًا (4) كان بالمدينة فطلق امرأته ألفًا فرفع ذلك إلى عمر بن الخطاب فقال: إنما كنت ألعب. فعلاه عمر بالدرة وقال: إن [كان](5) ليكفيك ثلاث".

سعيد بن منصور، نا سفيان، عن شقيق سمع أنسًا يقول: قال عمر "في الرجل يطلق

(1) البخاري (9/ 274 رقم 5261)، ومسلم (2/ 1057 رقم 1433)[115] وتقدم تخريجه.

(2)

مسلم (2/ 1095 رقم 1471)[7]. وتقدم تخريجه.

(3)

في "الأصل": مرّا. والمثبت يقتضيه السياق.

(4)

كتب بالحاشية: يعني ماجنًا فراقًا.

(5)

من "هـ".

ص: 2923

امرأته ثلاثا قبل أن يدخل بها، قال: هي ثلاث، لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. وكان إذا أتي به أوجعه".

11751 -

عن ابن أبي ليلى، عن علي "فيمن طلق ثلاثًا قبل الدخول، قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".

حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (1)، عن علي قال:"لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".

11752 -

أبو نعيم، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن بعض أصحابه "جاء رجل إلى علي رضي الله عنه فقال: طلقت امرأتي ألفًا. قال: ثلاث تحرمها عليك واقسم سائرها بين نسائك".

قلت: فيه مجهول.

11753 -

يزيد بن إبراهيم، سمعت ابن سيرين، حدثني علقمة بن قيس قال:"أتى رجل ابن مسعود فقال: إن رجلًا طلق امرأته البارحة مائة. قال: قلتها مرة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك امرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت. وأتاه رجل فقال: رجل طلق امرأته البارحة عدد النجوم. قال: قلتها مرة واحدة؟ قال: نعم. قال: تريد أن تبين منك أمرأتك؟ قال: نعم. قال: هو كما قلت. قال محمد: فذكر من نساء أهل الأرض كلمة لا أحفظها فقال: قد بين اللَّه أمر الطلاق فمن طلق كما أمره اللَّه فقد بين له ومن لبس عليه جعلنا به لبسه، واللَّه لا تلبسون على أنفكسم ونتحمله عنكم، هو كما تقولون". ورواه ابن عيينة، عن أيوب، عن ابن سيرين، عن علقمة بمعناه".

11754 -

عبد الرحمن بن حماد، نا الثوري، عن عاصم، عن زر، عن عبد اللَّه قال:"المطلقة ثلاثًا قبل أن يدخل بها بمنزلة التي دخل بها".

11755 -

مالك، عن ابن شهاب، عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس بن البكير قال: "طلق رجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها ثم بدا له أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له فسأل أبا هريرة وابن عباس عن ذلك فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تنكح زوجًا غيرك. قال: إنما كان طلاقي إياها واحدة. فقال ابن عباس: إنك أرسلت

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2924

من يذكر ما كان لك من فضل".

مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بكير بن عبد اللَّه، أخبره عن معاوية بن أبي عياش الأنصاري "أنه كان جالسًا مع ابن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلًا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير: إن هذا لأمر مالنا فيه قول، اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة فإني تركتهما عند عائشة فسلهما، ثم ائتنا فأخبرنا. فذهب فسألهما، قال ابن عباس لأبي هريرة: أفته يا أبا هريرة، فقد جاءتك معضلة. فقال أبو هريرة: الواحدة تبتها، والثلاث تحرمها حتى تنكاح زوجًا غيره. وقال ابن عباس مثل ذلك".

11756 -

مالك أيضًا، عن يحيى، عن بكير، عن النعمان بن أبي عياش، عن عطاء بن يسار قال:"جاء رجل يستفتي عبد اللَّه بن عمرو عن رجل طلق امرأته ثلاثًا فقال عطاء: فقلت: إنما طلاق البكر واحدة. فقال لي عبد اللَّه: إنما أنت قاصّ، الواحدة تبينها والثلاث تحرمها حتى تنكاح زوجًا غيره".

11757 -

عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر "إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل لم تحل له حتى تنكاح زوجًا غيره".

11758 -

عبيد اللَّه، عن نافع سأل رجل اين عمر فقال:"إني طلقت امرأتي ثلاثًا وهي حائض قال: عصيت ربك وفارقت امرأتك".

11759 -

معاذ بن معاذ، نا شعبة، عن طارق بن عبد الرحمن، سمعت قيس بن أبي حازم قال:"سأل رجل المغيرة وأنا شاهد عن رجل طلق امرأته مائة فقال: ثلاثة تحرم، وسبع وتسعون فضل".

11760 -

ابن حميد، نا سلمة بن الفضل، عن عمرو بن أبي قيس، عن إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد بن غفلة قال:"كانت عائشة الخثعمية عند الحسن فلما قتل عليّ قالت: لتهنك الخلافة. قال: بقتل عليّ تظهرين الشماتة، اذهبي فأنت طالق -يعني ثلاثًا- فتلفعت بثيابها وقعدت حتى قضت عدتها، فبعث إليها ببقية لها من صداقها وعشرة آلاف صدقة، فقالت لما جاءها الرسول: متاع قليل من حبيب مفارق. فلما بلغه قولها بكى ثم قال: لولا أني سمعت جدي -أو حدثني أبي أنه سمع جدي- يقول: أيما رجل طلق امرأته ثلاثًا عند الأقراء أو ثلاثًا مبهمة لم تحل له حتى تنكاح زوجًا غيره لراجعتها". وكذلك روي عن عمرو بن شمر، عن عمران بن مسلم وإبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد.

ص: 2925

باب من جعل الثلاث واحدة وما ورد في خلاف ذلك

11761 -

معمر (م)(1)، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال:"كان الطلاق على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين (2) من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة فقال عمر: إن الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم. فأمضاه عليهم".

رواه (م) عن إسحاق ومحمد بن رافع عن عبد الرزاق عنه.

نا أحمد بن صالح (د)(3)، ثنا عبد الرزاق (م)(4)، أنا ابن جريج، أخبرني ابن طاوس، عن أبيه "أن أبا الصهباء قال لابن عباس: أتعلم إنما كانت الثلاث تجعل واحدة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وثلاث من إمارة عمر؟ قال ابن عباس: نعم".

رواه (م) عن أبي رافع، عن عبد الرزاق. وأخرجه أيضًا من حديث روح عن ابن جريج.

حماد بن زيد (م)(5)، عن أيوب، عن إبراهيم بن ميسرة، عن طاوس "أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، ألم يكن طلاق الثلاث على عهد رسول اللَّه وأبي بكر واحدة؟ قال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتابع الناس في الطلاق فأمضاه عليهم". قال البيهقي: هذا الحديث أحد ما اختلف فيه (خ م) فتركه البخاري، وأظنه إنما تركه لمخالفته سائر الروايات عن ابن عباس، فمنها:

(1) مسلم (2/ 1099 رقم 1472)[15].

(2)

كتب في الحاشية: "وسنين".

(3)

أبو داود (2/ 261 رقم 2200).

وأخرجه النسائي (6/ 145 رقم 3406) من طريق ابن جريج عن ابن طاوس به.

(4)

مسلم (2/ 1099 رقم 1472)[16].

(5)

مسلم (2/ 1099 رقم 1472)[17].

ص: 2926

11762 -

الحسين بن واقد (د)(1)، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:" {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} إلى قوله: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ. . .} (2) الآية، وذلك أن الرجل كان إذا طلق امرأته فهو أحق برجعتها وإن طلقها ثلاثًا، فنسخ ذلك فقال: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (3) الآية".

11763 -

الشافعي، أنا مسلم وعبد المجيد، عن ابن جريج، أخبرني عكرمة بن خالد، أن سعيد بن جبير أخبره "أن رجلًا جاء إلى ابن عباس فقال: طلقت امرأتي ألفًا. قال: تأخذ ثلاثًا وتدع تسعمائة وسبعة وتسعين". رواه عمرو بن مرة، عن سعد، عن ابن عباس "أنه قال لرجل طلق امرأته ثلاثًا: حرمت عليك".

وبه عن ابن جريج (4) عن مجاهد "قال رجل لابن عباس: طلقت امرأتي مائة. قال: تأخذ ثلاثًا وتدع سبعًا وتسعين".

شعبة، عن ابن أبي نجيج وحميد الأعرج، عن مجاهد قال:"سئل ابن عباس عن رجل طلق امرأته مائة قال: عصيت ربك وبانت منك امرأتك، لم تتق اللَّه فيجعل لك مخرجًا، من يتق اللَّه يجعل له مخرجا "يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن".

ابن جريج، عن عبد الحميد بن رافع، عن عطاء "أن رجلًا قال لابن عباس: طلقت امرأتي مائة. قال: تأخذ ثلاثًا وتدع سبعًا وتسعين".

جرير بن حازم، عن أيوب، عن عمرو بن دينار "أن ابن عباس سئل عن رجل طلق امرأته عدد النجوم فقال: إنما يكفيك رأس الجوزاء".

الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن ابن عباس قال:"أتاني رجل فقال: إن عمي طلق امرأتي ثلاثًا. فقال: إن عمك عصى اللَّه فأندمه اللَّه، وأطاع الشيطان فلم يجعل له مخرجًا. قال: أفلا يحللَّها له رجل؟ فقال: من يخادع اللَّه يخدعه".

11764 -

محمد بن إياس بن البكير قال: "طلق رجل امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل ثم بدا له

(1) أبو داود (2/ 259 رقم 2195).

(2)

البقرة: 228.

(3)

البقرة: 229.

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2927

أن ينكحها فجاء يستفتي فذهبت معه أسأل له فسألت أبا هريرة وابن عباس فقالا: لا نرى أن تنكحها حتى تزوج غيرك. قال: فإنما كان طلاقي إياها واحدة! فقال ابن عباس: إنك أرسلت من يدلّ ما كان لك من فضل". رواه أهل الموطأ، ومر عن معاوية بن أبي عياش وغيره عن ابن عباس فالكل عنه أنه أمضى الطلاق الثلاث. قال الشافعي: فإن كان معنى قول ابن عباس أن الثلاث كانت تحسب على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم واحدة يعني أنه بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فالذي يشبه أن يكون ابن عباس قد علم إن كان شيئًا فنسخ. فإن قيل: فما دل على ما وصفت؟ قيل: لا يشبه أن يكون ابن عباس يروي عن رسول اللَّه شيئًا ثم يخالفه بشيء لم يعلمه كان عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف. قال المؤلف: رواية عكرمة، عن ابن عباس قد مضت في النسخ وفيها تأكيد لصحة هذا التأويل. قال الشافعي: فإن قيل: فلعل هذا شيء روي عن عمر فقال فيه ابن عباس بقول عمر. قيل: قد علمنا أن ابن عباس يخالف عمر في نكاح المتعة وبيع الدينار بالدينار وفي بيع أمهات الأولاد، فكيف يوافقه في شيء يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم خلافه؟ ! ولعل ابن عباس أجاب على أن الثلاث والواحدة سواء في أن يقضي بطلاقه. قال المؤلف: ويحتمل أن يكون عبر بالطلاق الثلاث عن طلاق البتة فقد ذهب إليه بعضهم، قال أبو زرعة الرازي: معنى هذا الحديث عندي أن ما تطلقون أنتم ثلاثًا كانوا يطلقون واحدة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر. وذهب الساجي إلى أن معناه إذا قال للبكر: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق. كانت واحدة، فغلظ عليهم عمر فجعلها ثلاثًا. قال المؤلف رواية أيوب السختياني تدل على هذا التأويل.

11765 -

ثنا عبد الملك بن محمد بن مروان (د)(1) -كذا في النسخة، وصوابه: ثنا محمد ابن عبد الملك- ثنا أبو النعمان ثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن غير واحد، عن طاوس "أن رجلاً يقال له: أبو الصهباء كان كثير السؤال لابن عباس قال: أما علمت أن الرجل كان إذا طلق أمرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللَّه وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر؟ فقال ابن عباس: بلى، كان الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها جعلوها

(1) أبو داود (2/ 261 رقم 2199).

ص: 2928

واحدة! على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وصدرًا من إمارة عمر، فلما أن رأى الناس قد تتابعوا فيها قال: أجيزوهن عليهن". قال المؤلف: يشبه أن يكون أراد إذا طلقها ثلاثًا تترًى.

11766 -

وروى جابر، عن الشعبي، عن ابن عباس "في رجل طلق امرأته ثلاثاً قبل أن يدخل بها قال: عقدة كانت بيده أرسلها جميعًا، وإذا كانت تترًى فليس بشيء". قال الثوري: تترًى يعني: أنت طالق، أنت طالق؛ فإنها تبين بالأولى والثنتان ليستا بشيء. وروي عن عكرمة، عن ابن عباس ما دل عليه.

11767 -

نا أحمد بن صالح (د)(1)، نا عبد الرزاق، أنا ابن جريج، أخبرني بعض بني أبي رافع، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"طلق عَبْدُ يزيد أبو ركانةَ وإخْوَتِه أمَّ ركانة ونكح امرأة من مُزَيْنَة، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: ما يغني عني إلا كما تغني هذه الشعرة -لشعرة من رأسها- ففرق بيني وبينه. فأخذت النبي صلى الله عليه وسلم حمية فدعا بركانة وإخوته، ثم قال لجلساته: أترون فلانًا يشبه منه كذا وكذا من عبد يزيد وفلان منه كذا وكذا؟ قالوا: نعم. قال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد يزيد: طلقهاء ففعل، قال: راجع امرأتك أم ركانة وإخوته. فقال: إني طلقتها ثلاثًا يا رسول اللَّه! قال: قد علمت، أرجعها. وتلا: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (2) ". قال أبو داود: حديث نافع بن عجير وعبد اللَّه بن علي بن يزيد بن ركانة، عن أبيه، عن جده "أن ركانة طلق امرأته البتة فردها النبي صلى الله عليه وسلم" أصح؛ لأنهم ولد الرجل وأهله أعلم به أن ركانة إنما طلق امرأته البتة، فجعلها النبي صلى الله عليه وسلم واحدة". قال المؤلف: وروي عن ابن إسحاق، عن داود بن الحصين، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "طلق ركانة امرأته ثلاثًا في مجلس واحد، فحزن عليها حزنًا شديدًا، فسأله رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: كيف طلقتها؟ قال: طلقتها ثلاثًا، فقال: في مجلس واحد؟ قال: نعم. قال: فإنما تلك واحدة فأرجعها إن شئت.

(1) أبو داود (2/ 259 رقم 2196).

(2)

الطلاق: 1.

ص: 2929

فراجعها، فكان ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر فتلك السنة التي كان عليها الناس والتي أمر اللَّه بها {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (1) ".

أخبرناه أبو بكر بن الحارث، أنا ابن حيان، ثنا سَلْم بن عصام، ثنا عبيد اللَّه بن سعد، ثنا عمي، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني داود. . . فذكره.

قلت: رواه أحمد في مسنده عن سعد بن إِبراهيم، عن أبيه.

قال المؤلف: وهذا الإسناد لا تقوم به حجة مع ثمانية رووا عن ابن عباس فتياه بخلاف ذلك، ومع رواية أولاد ركانة أن طلاق ركانة كانت واحدة.

11768 -

أخبرنا الماليني، أنا ابن عدي، ثنا محمد بن عبد الوهاب بن هشام، نا علي بن سلمة اللبقي، نا أبو أسامة، عن الأعمش قال:"كان بالكوفة شيخ يقول: سمعت علي بن أبي طالب يقول: إن الرجل إذا طلق امرأته ثلاثًا في مجلس واحد ترد إلى واحدة. والناس عنقًا واحدًا إذ ذاك يأتونه ويسمعون منه فأتيته فخرج إليَّ، فقلت: كيف سمعت عليًّا يقول فيمن طلق امرأته ثلاثًا؟ قال: سمعت عليًا يقول أنه يرد إلى [واحدة] (2) فقلت: أين سمعت هذا من علي؟ قال: أخرج إليك كتابًا، فأخرج فإذا فيه: هذا ما سمعت من عليّ يقول: إذا طلق الرجل امرأته ثلاثًا في مجلس واحد فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره. فقلت: ويحك! هذا غير الذي تقول. قال: الصحيح هذا ولكن هؤلاء أرادوني على ذلك".

11769 -

محمد بن عمران بن أبي ليلى، ثنا مسلمة بن جعفر "قلت لجعفر بن محمد: إن قومًا يزعمون أن من طلق ثلاثًا بجهالة رد إلى السنة يجعلونها واحدة يروونها عنكم، قال: معاذ اللَّه ما هذا من قولنا، من طلق ثلاثًا فهو كما قال".

الأشجعي، عن بسام الصيرفي، سمعت جعفر بن محمد يقول:"من طلق امرأته ثلاثًا بجهالة أو علم فقد برئت منه".

(1) الطلاق: 1.

(2)

في "الأصل": واحد. والمثبت من "هـ".

ص: 2930

موضع الطلقة الثالثة من القرآن

11770 -

إدريس بن عبد الكريم، نا ليث بن حماد، نا عبد الواحد بن زياد، حدثني إسماعيل بن سميع الحنفي، عن أنس "قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إني أسمع اللَّه يقول {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (1) فأين الثالثة؛ قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان هي الثالثة". كذا، والصواب إسماعيل بن سميع، عن أبي رزين (2)، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا رواه جماعة ثقات عن ابن سميع كذلك.

11771 -

سعيد، نا خالد بن عبد اللَّه وإسماعيل بن زكريا وأبو معاوية، عن إسماعيل عن أبي رزين (2) "أن رجلًا قال للنبي صلى الله عليه وسلم:{الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (1) فأين الثالثة؟ قال: إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان".

قلت: الثالثة قوله تعالى: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (3).

جماع الكلام الذي يقع به الطلاق مع النية

صريح الطلاق

قال الشافعي: ذكر اللَّه الطلاق في كتابه بثلاثة أسماء: الطلاق، والفراق، والسراح، فمن خاطب امرأته فأفرد بها اسمًا من الثلاثة لزمه الطلاق.

11772 -

سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن بن حبيب بن أردك سمع عطاء بن أبي رباح يقول: أخبرني يوسف بن ماهك أنه سمع أبا هريرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة"(4).

11773 -

البخاري في تاريخه (5) قال لنا عبد اللَّه بن صالح: حدثني الليث، حدثني يزيد

(1) البقرة: 229.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

البقرة: 230.

(4)

أخرجه أبو داود (2/ 259 رقم 2193)، والترمذي (3/ 490 رقم 1184)، وابن ماجه (1/ 657 - 658 رقم 2039) كلهم من طريق عبد الرحمن به، وقال الترمذي: حسن غريب.

(5)

التاريخ الكبير (6/ 502 رقم 3116).

ص: 2931

ابن أبي حبيب عن محمد بن إسحاق، عن عمارة بن عبد اللَّه، سمع سعيد بن المسيب، عن عمر قال:"أربع مقفلات: النذر، والطلاق، والعتق، والنكاح".

11774 -

مالك، عن يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب أنه كان يقول:"ثلاث ليس فيهن لعب: النكاح، والطلاق، والعتق".

من قال أنت طالق فنوى اثنين أو ثلاثا فهي ما نوى

لقوله عليه السلام (خ م)(1): "إنما الأعمال بالنيات كان لكل امرئ ما نوى. . . " الحديث.

من قال طالق يريد به غير الفراق

11775 -

قال أبو عبيد في حديث عمر "أنه رفع إليه رجل قالت له امرأته: شبهني قال: كأنك ظبية، كأنك حمامة، قالت: لا أرضى حتى تقول خلية طالق، فقال ذلك، فقال عمر: خذ بيدها فهي امرأتك". ثناه هشيم، أنا ابن أبي ليلى، عن الحكم عن خيثمة بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن شهاب الخولاني، عن عمر.

قال أبو عبيد: خلية طالق أراد الناقة تكون معقولة ثم تطلق فهي خلية من العقال وهي طالق؛ لأنها أطلقت منه، فأراد الرجل ذلك فأسقط عنه عمر الطلاق لنيته، وهذا أصل لكل من تكلم بشيء يشبه لفظ الكلام وهو ينوي غيره أن القول قوله فيما بينه وبين اللَّه وفي الحكم على تأويل مذهب عمر. قال المؤلف: الأمر على ما فسر في قوله: "خلية" فأما قوله: "طالق" فهو نفس الطلاق فلا يقبل قوله فيه في الحكم لكن عمر رضي الله عنه يحتمل أنه إنما أسقط عنه؛ لأنه كان قال: خلية طالق لم يرسل الطلاق نحوها ولم يخاطبها به، فلم يقع به عليها طلاق.

قلت: إِنما شبهها بخلية طالق لأنها قالت له: شبهني فأراد يشبهها كأنه قال: أنت كحمامة وكظبية وكخلية طالق، وكذلك لو قصد التشبيه بامرأة طلقت فقال لزوجته: أنت كامرأة طالق، لم تطلق زوجته.

(1) البخاري (1/ 15 رقم 1)، ومسلم (3/ 1515 رقم 1907)[155]. وتقدم تخريجه.

ص: 2932

ما جاء في كنايات الطلاق مع النية

11776 -

الشافعي (د)(1)، أنا عمي محمد بن علي، عن عبد اللَّه بن علي بن السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد (2)"أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته سهيمة البتة، ثم أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، طلقت امرأتي سهيمة البتة وواللَّه ما أردت إلا واحدة، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لركانة: واللَّه ما أردت إلا واحدة؟ فقال ركانة: واللَّه ما أردت إلا واحدة. فردها إليه رسول اللَّه، فطلقها الثانية في زمان عمر، والثالثة في زمان عثمان".

ثنا محمد بن يونس النسائي (د)(3)، نا عبد اللَّه بن الزبير، عن محمد بن إدريس، حدثني عمي، عن ابن السائب، عن نافع بن عجير، عن ركانة بهذا الحديث.

وكذلك رواه محمد بن إبراهيم المدني، عن عبد اللَّه بن علي بن السائب موصولا.

جرير بن حازم، حدثني الزبير بن سعيد، عن عبد اللَّه بن علي، عن أبيه، عن جده قال أبو داود الطيالسي: وسمعت شيخًا بمكة قال: ثنا عبد اللَّه بن علي، عن نافع بن عجير، عن ركانة قال:"كانت عندي امرأة يقال لها: سهيمة فطلقتها البتة، فجئت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقلت: إني طلقت سهيمة البتة، واللَّه ما أردتُ إلا واحدة. قال: واللَّه ما أردت إلا واحدة؟ قلت: واللَّه ما أردت إلا واحدة. فردها عليّ على واحدة".

عبد اللَّه بن علي الأول هو ابن ركانة، والثاني هو ابن السائب.

شيبان بن فروج ومعاوية بن عمرو وأبو الربيع الزهراني (د)(4) قالوا: ثنا جرير، عن الزبير بن سعيد، ثنا عبد اللَّه بن علي بن يزيد بن ركانة وقال معاوية في حديثه: عبد اللَّه بن علي ابن ركانة بن يزيد، واختلف عن شيبان، عن أبيه، عن جده "أنه طلق امرأته البتة فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما أردتَ بها؟ قال: واحدة، قال: اللَّه. قال: اللَّه. قال: فهو على ما أردت".

(1) أبو داود (2/ 263 رقم 2206).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أبو داود (2/ 263 رقم 2207).

(4)

أبو داود (2/ 263 رقم 2208).

ص: 2933

11777 -

الوليد بن مسلم (خ)(1)، نا الأوزاعي "سألت الزهري: أي أزواج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استعاذت منه؟ فقال: أخبرني عروة، عن عائشة أن بنت الجَوْن لما دخلت على رسول اللَّه فدنا منها، قالت: أعوذ باللَّه منك" فقال: عدَّت بعظيم، الحقي بأهلك". ورواه ابن أبي ذئب عن الزهريّ وفيه قال: "الحقي بأهلك. جعلها تطليقة" وهذه من قول الزهري رواه ابن أبي فديك عنه.

1178 -

عقيل (خ)(1)، عن ابن شهاب (م)(1)، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن كعب أن عبد اللَّه بن كعب قائد كعب من بنيه حين عمي قال:"سمعت كعب بن مالك يحدث حين تخلف عن غزوة تبوك، وفيه أن رسول رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أتاه فقال: إن رسول اللَّه يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل بها؟ فقال: لا؛ بل اعتزلها فلا تقربنها وأرسل إلى صاحبيّ بمثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي اللَّه هذا الأمر".

قال الشافعي: ففى هذا مع الأول كالدلالة على أن قوله: "الحقي بأهلك" كناية إن أراد به الطلاق كان طلاقًا وإن لم يرده لا يكون طلاقًا.

قلت: فكعب لم يرد به طلاقًا يدل عليه سياق الحديث.

11779 -

بقية، عن أبي الهيثم (3)، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لسودة: اعتدي. فجعلها تطليقة واحدة".

11780 -

ابن عيينة، عن عمرو سمع محمد بن عباد بن جعفر يقول: أخبرني المطلب بن حنطب "أنه طلق امرأته البتة، ثم أتى عمر فذكر ذلك له فقال: ما حملك على ذلك؟ قلت: قد فعلت، قال: فقرأ {وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (3) ما حملك على ذلك؟ قلت: قد فعلت، قال: أمسك عليك امرأتك؛ فإن الواحدة تبت".

(1) تقدم.

(2)

كتب في الحاشية: أبو الهيثم مجهول.

(3)

النساء: 66.

ص: 2934

11781 -

وابن عيينة، عن عمرو، عن عبد اللَّه بن أبي سلمة، عن سليمان بن يسار (1)"أن عمر قال للتوءمة مثل قوله للمطلب".

11782 -

الثوري، عن حماد، عن إبراهيم (1) عن عمر بن الخطاب "أنه كان يقول في الخلية والبرية والبتة والبائنة واحدة وهو أحق بها".

مالك أنه بلغه قال: "كُتب إلى عمر بن الخطاب من العراق أن رجلًا قال لامرأته: حبلك على غاربك، فكتب عمر إلى عامله أن مُره أن يوافيني في الموسم، فبينما عمر يطوف إذ لقيه الرجل فسلم عليه، فقال: من أنت؟ قال: أنا الذي أمرت أن يجلب عليك. قال: أنشدك برب هذا البنيّة هل أردت بقولك: حبلك على غاربك الطلاق؟ فقال: لو استحلفتني في غير هذا المكان ما صدقتك، أردت الفراق. فقال عمر: هو ما أردت".

11783 -

غسان بن مضر، ثنا سعيد بن يزيد، عن أبي الحلال العتكي قال:"جاء رجل إلى عمر فقال: إنه قال لامرأته: حبلك على غاربك، فقال له عمر: واف معنا الموسم. فأتاه الرجل في المسجد الحرام فقص عليه القصة فقال: ترى ذاك الأصلع يطوف بالبيت؟ اذهب إليه فسله ثم ارجع فأخبرني بما رجع إليك، قال: فذهب إليه وإذا هو علي فقال: من بعثك إلي؟ قال: أمير المؤمنين. قال: إنه قال لامرأته: حبلك على غاربك، فقال: استقبل البيت واحلف باللَّه ما أردت طلاقًا، فقال الرجل: وأنا أحلف باللَّه ما أردت إلا الطلاق. فقال: بانت منك امرأتك".

هشيم، عن منصور، عن عطاء "أن رجلًا قال لامرأته: حبلك على غاربك، قال ذاك مرارًا، فأتى عمر فاستحلفه بين الركن والمقام: ما الذي أردت بقولك؟ قال: أردت الطلاق، ففرق بينهما". قال المؤلف: كأنه إنما استحلفه على إرادة التأكيد بالتكرير دون الاستئناف وكأنه أقر فقال: أردت بكل مرة إحداث طلاق، ففرق بينهما.

11784 -

أبو بكر بن عياش وقيس، عن أبي حصين، عن نعيم بن دجاجة قال:"طلق رجل امرأته تطليقتين ثم قال لها: أنت عليّ حرج. فدخل إلى عمر فذكر له ذلك فقال له: أتراها أهونهن علي. فأبانها منه"، قال المؤلف: كأنه أخبره بنية الفراق. وروينا عن شريح وعطاء "في البتة أنه يدين فيها". وعن عطاء في قوله: "خلية وخلوت مني وبرية وبرئت مني وبائنة وبنت يمني أنه يدين فيها" وكذلك عن عمرو بن دينار.

11785 -

ابن طاوس، عن أبيه قال:"ما أريد به الطلاق، فهو طلاق" رواه معمر عنه، وكذلك روينا عن مسروق وإبراهيم وغيرهما، وإنما أراد بذلك إذا تكلم بما يشبه الطلاق.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2935

من قال في الكنايات أنها ثلاث

11786 -

جعفر بن عون، أنا إسماعيل، عن الشعبي "كان علي يجعل الخلية والبرية والبتة والحرام ثلاثًا".

11787 -

أبو نعيم، نا حسن، عن أبي سهل، عن الشعبي، عن علي قال:"الخلية والبرية والبائن والحرام إذا نوى فهو بمنزلة الثلاث". قال المؤلف: إنما جعلها ثلاثًا إذا نوى لكن الرواية الأولى أصح.

11788 -

ابن أبي عروبة، عن عمر بن عامر، عن حميد بن هلال، عن سعد بن هشام أن زيد بن ثابت "قال في البرية والحرام والبتة: ثلاثًا ثلاثًا".

11789 -

عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر "أنه كان يقول في الخلية والبرية والبتة ثلاثًا: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".

ما جاء في التخيير

11790 -

شعيب (خ)(1) عن الزهري، سمعت أبا سلمة، عن عائشة أخبرته "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاءها حين أمره اللَّه أن يخير أزواجه فبدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمرًا ولا عليك أن تستعجلي حتى تستأمري أبويك. وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه. قال: ثم قال: إن اللَّه قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ. . .} الآيتين (2)، فقلت له: في أي هذا أستأمر أبوي؛ فإني أريد اللَّه ورسوله والدار الآخرة".

وأخرجه (م)(3) من حديث يونس، عن الزهري وزاد فيه: قالت: "ثم فعل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما فعلت".

11791 -

إسماعيل بن أبي خالد (خ م)(4) عن عامر، عن مسروق "سألت عائشة عن

(1) البخاري (8/ 379 رقم 4785). وتقدم تخريجه.

(2)

الأحزاب، آية: 28 - 29.

(3)

مسلم (2/ 1103 رقم 1475)[22].

(4)

البخاري (9/ 280 رقم 5263)، ومسلم (2/ 1103 رقم 1477)[24، 27]. وتقدم تخريجه.

ص: 2936

الخيرة فقالت: خيرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاخترناه فلم يكن ذلك طلاقًا".

أخبرنا أبو بكر (م)(1) نا علي بن مسهر، عن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق قال:"ما أبالي خيرت امرأتي واحدة أو مائة أو ألفًا بعد أن تختارني، ولقد سألت عائشة فقالت: خيرنا رسول اللَّه، أفكان طلاقًا؟ ! ".

إسماعيل بن زكريا (م)(2) عن الأعمش، عن إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة.

وعن الأعمش، عن مسلم، عن مسروق، عن عائشة قالت:"خيرنا رسول اللَّه فاخترناه، فلم يكن ذلك طلاقًا".

11792 -

الثوري، عن حماد، عن إبراهيم (1) "أن عمر وابن مسعود كانا يقولان: إذا خيرها فاختارت نفسها فهي واحدة وهو أحق بها، فإن اختارت زوجها فلا شيء".

11793 -

وسفيان، عن ليث، عن طاوس، عن ابن عباس في التخيير مثل قول عمر وابن مسعود.

11794 -

الزعفراني، نا أبو عباد، نا جرير بن حازم، نا عيسى بن عاصم، عن زاذان قال: "كنا عند علي فذكر الخيار، فقال: إن أمير المومنين قد سألني عن الخيار فقلت: إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها، فقال عمر: ليس كذلك، ولكن إن اختارت زوجها فليس بشيء وإن اختارت نفسها فواحدة وهو أحق بها، فلم أستطع إلا متابعة أمير المؤمنين عمر، فلما خلص الأمر إلي وعلمت أني مسئول عن الفروج أخذت بالذي كنت أرى فقالوا: واللَّه لئن جامعت عليه أمير المؤمنين عمر وتركت رأيك الذي رأيت إنه لأحب إلينا من أمر انفردت به بعده. فضحك ثم قال: أما إنه قد أرسل إليّ زيد بن ثابت فسأل زيدًا فخالفني وإياه، فقال زيد: إن اختارت نفسها فثلاث وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها.

(1) تقدم.

(2)

مسلم (2/ 1104 رقم 1477)[28].

وأخرجه البخاري (9/ 280 رقم 5262)، وأبو داود (2/ 262 رقم 2203)، والنسائي (6/ 161 رقم 3445)، وابن ماجه (1/ 661 رقم 2052) من طرق عن الأعمش به.

وأخرجه الترمذي (3/ 483 رقم 1179) من طريق الشعبي، عن مسروق به، وقال: هذا حديث حسن.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2937

قال الزعفراني: نا عبد الوهاب عن جرير بهذا.

إسماعيل بن أبي خالد، عن عامر، عن علي قال:"إذا خير الرجل امرأته، فاختارت زوجها فهي تطليقة وهو أملك برجعتها، وإن اختارت نفسها فطلقة بائن وهو خاطب من الخطاب. وكان زيد يقول: إن اختارت نفسها فهي ثلاث. وكان ابن مسعود يقول: إذا اختارت زوجها فليس بشيء، وإن اختارت نفسها فهي طلقة وهو أملك برجعتها".

قول ابن مسعود موافق لقول عمر، وبه نقول؛ لموافقة ما ثبت من حديث عائشة ولموافقته معنى السنة المشهورة، عن ركانة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في البتة أنها رجعية مع النيّة، وأما علي فاختلف عنه في ذلك والأشهر ما مر.

وكذلك رواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن أبي حسان الأعرج أن عليًّا قال:"إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فواحدة وهو أحق بها" وبه يقول قتادة.

الثوري، عن مخول، عن أبي جعفر (1)، عن علي "إن اختارت نفسها فواحدة بائنة، وإن اختارت زوجها فلا شيء".

إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي إسحاق، عن أبي جعفر "وسألته عن التخيير عن رجل خير امرأته فاختارت نفسها فقال: تطليقة رجعية. قلت: فإن اختارت زوجها؟ قال: فليست بشيء. قلنا: إن ناسًا يروون عن علي أنه قال: إن اختارت زوجها فتطليقة؟ فقال: هذا وجدوه في الصحف وأما ابن مسعود فالصحيح ما روينا عنه.

11795 -

وقد أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، نا الأصم، نا عبد اللَّه بن أحمد، حدثني أبي، نا عبد الرحمن بن مهدي، ثنا شعبة، عن أبي حصين، عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد اللَّه:"إذا قال الرجل لامرأته: استفحلي بأمرك، أو أمرك لك، أو وهبها لأهلها، فهي تطليقة بائنة". كذا هذه الرواية، والصحيح أنه قول مسروق.

فبالإسناد إلى ابن مهدي، ثنا إسرائيل، عن أبي حصين، عن يحيى، عن مسروق قال:

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2938

"إذا قال الرجل لامرأته: استفحلي بأمرك أو اختاري أو وهبها لأهلها، فهي واحدة بائنة".

وبه قال ابن مهدي، فسألت سفيان فقال: هو عن مسروق، ويروي عن شريك، عن أبي حصين مرفوعًا إلى ابن مسعود "في الهبة فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها".

11796 -

مالك، عن أبي القاسم، عن أبيه، عن عائشة قالت:"خطب عبد الرحمن بن أبي بكر قريبة بنت أبي أمية فزوجوه، ثم إنهم عتبوا على عبد الرحمن فقالوا: ما زوجنا إلا عائشة، فأرسلت عائشة إلى عبد الرحمن، فذكرت ذلك له فجعل أمر قريبة بيد قريبة فاختارت زوجها، فلم يكن ذلك طلاقًا".

ما جاء في التمليك

11797 -

الأعمش، عن إبراهيم، عن مسروق "أن امرأة قالت لزوجها: لو أن الأمر الذي بيدك بيدي لطلقتك. فقال: قد جعلت الأمر إليك فطلقت نفسها ثلاثًا، فسأل عمر عبد اللَّه عن ذلك فقال: هي واحدة وهو أحق بها. فقال عمر: وأنا أرى ذلك".

11798 -

وعن علقمة، عن عبد اللَّه:"لا يكون طلاق بائن إلا خلع وإيلاء".

قلت: في إِسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى.

11799 -

الثوري، عن منصور، عن إبراهيم، حدثني الأسود وعلقمة قال:"جاء رجل إلى ابن مسعود فقال: كان بيني وبين امرأتي بعض ما يكون بين الناس، فقالت: لو أن الذي بيدك من أمري بيدي لعلمت كيف أصنع! قلت: فإن الأمر الذي بيدي من أمرك بيدك. قالت: فإني قد طلقتك ثلاثًا، قال عبد اللَّه: أراها واحدة وأنت أحق بها، وسألقي أمير المؤمنين عمر فأسأله عن ذلك. قال: فلقيه فذكر له فقال عمر: فعل اللَّه بالرجال يعمدون إلى ما جعل اللَّه بأيديهم فيجعلونه بأيدي النساء بفيها التراب بفيها التراب، فما قلتَ؟ قلت: أراها واحدة وهو أحق بها، قال: وأنا أرى ذلك ولو قلتَ غير ذلك لرأيت أنك لم تُصِبْ".

11800 -

مالك، عن سعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت، عن خارجة بن زيد أنه أخبره "أنه كان جالسًا عند أبيه فأتاه محمد بن أبي عتيق وعيناه تدمعان، فقال له زيد: ما شأنك؟ فقال: ملكت امرأتي أمرها ففارقتني! فقال له زيد: ما حملك على ذلك؟ فقال: القدر. فقال له: ارتجعها إن شئت، فإنما هي واحدة وأنت أملك بها".

ص: 2939

11801 -

روح بن القاسم، عن عبد اللَّه بن ذكوان، عن أبان بن عثمان "أن رجلًا جعل أمر امرأته [بيدها] (1) وطلقت نفسها ثلاثًا، فرفع ذلك إلى زيد فقال: هي واحدة".

11802 -

وروح، عن أبي الزناد، عن القاسم "أن رجلًا جعل أمر امرأته بيدها فطلقت نفسها ألفًا، فرفع ذلك إلى زيد بن ثابت فقال: هي واحدة وهو أحق بها".

11803 -

مالك، عن نافع أن ابن عمر كان يقول:"إذا ملَّك الرجل امرأته فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها فيقول: لم أرد إلا تطليقة فيحلَّف على ذلك ويكون أملك بها ما كانت في عدتها".

مالك بلغه عن أبي هريرة وابن عمر "أنهما سئلا عن الرجل يملِّك امرأته أمرها فترد ذلك إليه ولا تقضي فيه شيئًا فقالا: ليس ذلك بطلاق".

11804 -

أشعث، عن الشعبي، عن مسروق، عن عبد اللَّه قال:"إن قبلوها فواحدة وهو أحق بها، وإن لم يقبلوها فليس بشيء في الرجل يهب امرأته لأهلها".

قال الشافعي: قال شريك، عن أبي حصين عن يحيى بن وثاب، عن مسروق، عن عبد اللَّه:"إذا قال: استلحقي بأهلك أو وهبها لأهلها فقبلوها فهي تطليقة وهو أحق بها".

11805 -

مطرف، عن الحكم، عن يحيى بن الجزار، عن علي "في رجل وهب امرأته لأهلها قال: إن قبلوها فهي تطليقة بائنة، وإن ردوها فهي واحدة وهو أملك برجعتها".

11806 -

ابن أبي ذئب (2)، عن الحارث، عن علي "إذا ملك الرجل امرأته مرة واحدة فإن قضت فليس له من أمرها شيء، وإن لم تقض فهي واحدة وأمرها إليه". إسناده منقطع.

11807 -

حماد بن زيد "قلت: لأيوب: هل تعلم أحدًا يقول بقول الحسن في أمرك بيدك أنه ثلاث؟ فقال: لا إلا شيء حدثنا به قتادة، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه، قال أيوب: فقدم علينا كثير فسألته فقال: ما

(1) في "الأصل": بيده. والمثبت من "هـ".

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2940

حدثت بهذا قط، فذكرته لقتادة فقال: بلى، ولكن قد نسي (1) ".

كثير لم يثبت في معرفته ما يوجب الاحتجاج به، وقول العامة بخلاف روايته.

المرأة تقول في التمليك طلقتك وهي تريد الطلاق

قد مر حديث الأسود وعلقمة "في الرجل يقول: الذي بيدي من أمرك بيدك قالت: فإني قد طلقتك ثلاثًا فقال ابن مسعود: أراها واحدة وأنت أحق بها. ووافقه عمر".

11808 -

مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه "أن رجلًا من ثقيف ملك امرأته أمرها فقالت: أنت الطلاق. فسكت ثم قالت: أنت الطلاق. فقال: بفيك الحجر. ثم قالت: أنت الطلاق. فقال: بفيك الحجر. فاختصما إلى مروان فاستحلفه ما ملكها إلا واحدة، ثم ردها إليه" فكان القاسم يعجبه ذلك القضاء ويراه أحسن ما سمع في ذلك. وروي عن ابن عباس "أنه سئل عن رجل جعل أمر امرأته بيدها، فقالت: فأنت طالق ثلاثًا. فقال ابن عباس: خَطّأ اللَّه نوءها، ألا طلقت نفسها ثلاثًا". رواه أبو عبيد، عن أبي معاوية، عن الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت (2)، عن ابن عباس. . . فذكره. ورواه الحسن بن عمارة، عن الحكم وحبيب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس أتم من ذلك، والحسن متروك.

11809 -

جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن امرأة قالت لزوجها: لو أن بيدي من أمر الطلاق ما بيدك لفعلت، فقال لها: هو بيدك -أو قد جعلته بيدك- فقالت: فأنت طالق ثلاثًا، فقال ابن عباس: خطّأ اللَّه نوءها لو قالت: قد طلقت نفسي". وروينا عن منصور "سألت إبراهيم عن قول ابن عباس فقال إبراهيم: هما سواء -يعني: قولها قد طلقتك وطلقت نفسي".

الرجل يطلق في نفسه ولا يتلفظ

11810 -

قتادة (خ م)(3) عن زرارة. عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تكلّم به أو تعمل به".

(1) أخرجه أبو داود (2/ 262 رقم 2204).

(2)

كتب فوقها بالأصل: كذا.

(3)

البخاري (5/ 190 رقم 2528)، ومسلم (1/ 116 رقم 127)[202]. وتقدم تخريجه.

ص: 2941

قوله لامرأته أنت علي حرام

11811 -

معاوية [بن](1) سلام (خ م)(2) عن يحيى بن أبي كثير، أن يعلى بن حكيم أخبره أن سعيد بن جبير أخبره أنه سمع ابن عباس قال:"إذا حرم الرجل عليه أمرأته فهي يمين يكفرها وقال: {لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3)، ولفظ (خ): "إذا حرم امرأته فليس بشيء، وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3) ".

هشام (خ)(4) عن يحيى بهذا [ولفظه](5): "قال في الحرام يمين يكفرها وتلا {[لَقَدْ] (6) كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3) ".

11812 -

الدارقطني، نا المحاملي، نا يعقوب الدورقي، نا ابن علية (م) (7) نا هشام الدستوائي قال: كتب إليّ يحيى، عن عكرمة (8) أن عمر قال:"الحرام يمين يكفرها" وكتب إليّ يحيى، عن يعلى بن حكيم، عن سعيد، عن ابن عباس "أنه كان يقول في الحرام يمين يكفرها وقال:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان حرم جاريته فقال اللَّه: {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (9) وكفر يمينه وصير الحرام يمينًا". لم يسق مسلم هذه الزيادة.

11813 -

روح، نا الثوري عن سالم الأفطس، عن سعيد، عن ابن عباس "أنه أتاه رجل فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حرامًا فقال: كذبت ليست عليك بحرام ثم تلا، {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ

(1) بياض في "الأصل" والمثبت من "هـ".

(2)

البخاري (9/ 287 رقم 5266)، ومسلم (2/ 1100 رقم 1473)[19].

(3)

الأحزاب، آية:21.

(4)

البخاري (8/ 534 رقم 4911).

وأخرجه ابن ماجه (1/ 670 رقم 3073) من طريق هشام الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير به.

(5)

في "الأصل": ولفظ. والمثبت من "هـ".

(6)

في "الأصل": قد.

(7)

مسلم (2/ 1100 رقم 1473)[18].

(8)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(9)

التحريم، آية: 1 - 2.

ص: 2942

لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (1) عليك أغلظ الكفارات: عتق رقبة" وقد روي عنه أنه على التخيير.

أبو صالح، نا معاوية بن صالح، عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس "في قوله:{قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (2) أمر اللَّه نبيه والمؤمنين إذا حرموا شيئًا مما أحل اللَّه أن يكفروا عن أيمانهم فإطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، وليس يدخل في ذلك طلاق".

شعبة، عن أبي بشر، عن يوسف بن ماهك "أن أعرابيًا أتى ابن عباس فقال: إني جعلت امرأتي عليّ حرامًا قال: ليست عليك بحرام قال: أرأيت قول اللَّه: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} (3) فقال ابن عباس: إن إسرائيل كانت به الأنساء فجعل على نفسه إن شفاه اللَّه أن لا يأكل العروق من [كل](4) شيء وليست بحرام".

11814 -

ابن أبي عروبة، عن مطر، عن عطاء، عن عائشة "أنها قالت في الحرام: يمين يكفرها".

11815 -

وذكر الشافعي، عن أبي يوسف، عن أشعث بن سوار، عن الحكم، عن إبراهيم (5)، عن ابن مسعود "أنه قال في الحرام: إن نوى يمينًا فيمين، وإن نوى يمينًا فيمين، وإن نوى طلاقًا فطلاق وهو ما نوى من ذلك". رواه الثوري، عن أشعث ولفظه: "إن لم يكن نوى طلاقًا فهي يمين".

11816 -

وقال أشعث، عن الحسن "في الحرام: إن نوى يمينًا فيمين، وإن نوى طلاقًا فطلاق".

11817 -

شريك، عن مخول بن راشد، عن أبي جعفر "في الحرام إن نوى طلاقًا فهي طلقة وإن لم ينو طلاقًا فيمين يكفرها". وروى مخول، عن الشعبي (5)، عن ابن مسعود نحوه.

11818 -

داود بن أبي هند، عن ابن المسيب:"الحرام يمين" واختلفت الرواية عن عمر فيه.

11819 -

الثوري، عن جابر، عن عكرمة، عن ابن عباس "أن عمر كان يجعل الحرام يمينًا".

(1) التحريم، آية:1.

(2)

التحريم، آية:2.

(3)

آل عمران، آية:93.

(4)

من "هـ".

(5)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2943

11820 -

الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، عن إبراهيم (1) عن عمر "أنه أتاه رجل قد طلق امرأته (بطلقتين) (2) فقال: أنت علي حرام. فقال عمر: لا أردها إليك".

وروينا عن علي وزيد "في البرية والبتة والحرام أنها ثلاث ثلاث".

11821 -

عبثر بن القاسم، عن مطرف، عن عامر "في الذي يجعل امرأته عليه حرامًا قال: يقولون أن عليًا جعلها ثلاثًا، قال عامر: قال عليّ: هذا إنما قال: لا أحلها ولا أحرمها".

ومر عن علي أنها ثلاث إذا نوى لكنها رواية ضعيفة.

11822 -

دواد، عن عامر، عن مسروق (1)"أن النبي صلى الله عليه وسلم آلى وحرم فأنزل اللَّه {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (3)، قال: فالحرام حلال، وقال في الآية: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (4) ". مرسل.

11823 -

مسلمة بن علقمة، عن داود بن أبي هند، عن عامر، عن مسروق، عن عائشة قالت:"آلى رسول اللَّه من نسائه وحرم فجعل الحرام حلالًا، وجعل في اليمين كفارة". فيه تقوية لمن زعم أن لفظ الحرام لا يكون بإطلاقه يمينًا ولا طلاقًا ولا ظهارًا.

11824 -

ابن أبي عروبة، عن مطر، عن أبي سلمة قال:"ما أبالي إياها حرمت أو ماء قراحًا".

11825 -

مغيرة، عن إبراهيم، عن مسروق قال:"ما أبالي أحرمتها أو قصعة من ثريد".

من حرم أمته

11826 -

إسرائيل، عن مسلم الأعور، عن مجاهد، عن ابن عباس "في قوله:{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (3) قال: حرم سريته".

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

في "هـ": تطليقتين.

(3)

التحريم، آية:1.

(4)

التحريم، آية:2.

ص: 2944

11827 -

الحسن بن عطية العوفي، عن أبيه، عن ابن عباس " {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (1) قال: كانت حفصة وعائشة متحابتين فذهبت حفصة إلى أبيها تحدث عنه فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى جاريته وظلت معه في بيت حفصة وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة، فرجعت حفصة فوجدتها في بيتها فجعلت تنظر خروجها وغارت غيرة شديدة، فأخرج رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جاريته ودخلت حفصة فقالت: قد رأيت ما كان عندك واللَّه لقد سؤتني. فقال رسول اللَّه: واللَّه لأرضينك وإني مسر إليك سرًا فاحفظيه. فقال: إني أشهدك أن سرِّيتي هذه علي حرام رضًا لك. وكانت حفصة وعائشة تظاهرتا على نساء النبي صلى الله عليه وسلم فانطلقت حفصة فأسرت إليها أن أبشري إن محمدًا صلى الله عليه وسلم قد حرم عليه فتاته فلما [أخبرت](2) بسر النبي صلى الله عليه وسلم أظهر اللَّه النبي صلى الله عليه وسلم[عليه](3) فأنزل اللَّه على رسوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (1) الآية".

11828 -

محمد بن بكير، ثنا سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطؤها فلم تزل به حفصة، حتى جعلها على نفسه حرامًا فأنزلت {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاتَ أَزْوَاجِكَ} (1) ".

11829 -

هشيم، أنا عبيدة، عن إبراهيم وجويبر، عن الضحاك "أن حفصة زارت أباها ذات يوم وكان يومها، فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرها في المنزل أرسل إلى أمته مارية فأصاب منها في بيت حفصة فجاءت حفصة في الحال فقالت: أتفعل هذا في بيتي في يومي؟ قال: فإنها عليّ حرام، لا تخبري بذلك أحدًا. فانطلقت حفصة إلى عائشة فأخبرتها بذلك فأنزل اللَّه {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} إلى قوله: {وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ} (4)، فأمر أن يكفر عن يمينه ويراجع أمته" وبمعناه ذكره الحسن البصري مرسلًا.

11830 -

داود، عن الشعبي، عن مسروق "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حلف لحفصة أن لا يقرب أمته وقال: هي علي حرام فنزلت الكفارة ليمينه وأمر أن لا يحرم ما أحل اللَّه". مرسل جيد.

(1) التحريم، آية:1.

(2)

في "الأصل": أخبرته. والمثبت من "هـ".

(3)

من "هـ".

(4)

التحريم، آية: 1 - 4.

ص: 2945

11831 -

ابن أبي عروبة، عن قتادة (1):"كان رسول اللَّه في بيت حفصة فدخلت فرأت معه فتاته. . . " الحديث.

من قال مالي علي حرام لا يريد جواريه

11832 -

ابن جريج (خ م)(2) زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يخبر قال: سمعت عائشة تخبر "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان مكث عند زينب بنت جحش وشرب عندها عسلًا فتواصيت أنا وحفصة أينا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتقل إني أجد منك ريح مغافير (3)، فدخل على إحداهما فقالت ذلك له فقال: بل شربت عسلًا عند زينب ولن أعود، فنزلت {لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} (4) إلى {إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ} (5) لعائشة وحفصة {وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ إِلَى بَعْضِ أَزْوَاجِهِ حَدِيثًا} (6) لقوله: "بل شربت عسلًا". وقال (خ): قال إبراهيم بن موسى، عن هشام بن يوسف، عن ابن جريج، عن عطاء في هذا الحديث: "ولن أعود له وقد حلفت فلا تخبري بذلك أحدًا".

وكذلك قال محمد بن ثور، عن ابن جريج.

وفي حديث ابن أبي مليكة، عن ابن عباس في هذه القصة:"واللَّه لا أشربه" فأخبر أنه حلف عليه، فأشبه أن يكون وجوب الكفارة تعلق باليمين لا بالتحريم.

وقد رواه عروة، عن عائشة فخالف في بعض الألفاظ، ولم يذكر نزول الآية فيه.

علي بن مسهر (خ م)(7) عن هشام، عن أبيه، عن عائشة "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يحب العسل والحلواء، وكان إذا انصرف من العصر دخل على نسائه فيدنو من إحداهن فدخل على حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس فغرت، فسألت عن ذلك فقيل لي. أهدت لها امرأة عكة عسل فسقته منها شربة، فقلت: أما واللَّه لأحتالن له فقلت لسودة: إنه سيدنو منك

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (9/ 287 رقم 5267)، ومسلم (2/ 1100 رقم 1474)[20].

وأخرجه أبو داود (3/ 335 رقم 3714)، والنسائي (7/ 71 رقم 3958).

(3)

كتب في الحاشية: المغافير شيء كالصمغ.

(4)

التحريم، آية:1.

(5)

التحريم، آية:4.

(6)

التحريم، آية:3.

(7)

البخاري (9/ 287 رقم 5268)، ومسلم (2/ 1102 رقم 1474)[21].

ص: 2946

فقولي: يا رسول اللَّه، أكلت مغافير؟ فإنه سيقول لك: لا، فقولي له: ما هذه الريح التي أجد منك؟ فإنه سيقول لك: سقتني حفصة شربة من عسل، فقولي له: جرست نحله العرفط (1) وسأقول ذلك وقولي أنت يا صفية ذاك. قالت: تقول سودة: واللَّه ما هو إلا أن قام على الباب فأردت أن أناديه بما أمرتني فرقًا منك فلما دنا منها قالت له سودة: يا رسول اللَّه، أكلت مغافير؟ قال: لا. قالت: فما هذه الريح؟ قال: سقتني حفصة شربة عسل. فقالت: جرست نحله العرفط، فلما دار إلي قلت له مثل ذلك، فلما دار إلى صفية قالت مثل ذلك، يعني فلما دار إلى حفصة قالت: يا رسول اللَّه ألا أسقيك منه. قال: لا حاجة لي فيه. قال: تقول لها سودة: سبحان اللَّه، واللَّه لقد حرمناه! قلت لها: اسكتي".

11833 -

جرير، عن منصور عن أبي الضحى، عن مسروق قال:"أتي عبد اللَّه بضرع فقال للقوم: ادنوا، فَأخذوا يَطْعَمُونه، وكان رجل منهم ناحية فقال عبد اللَّه: ادن. فقال: إني لا أريده، فقال: لم؟ قال: لأني حرمت الضرع، فقال عبد اللَّه: هذا من خطوات الشيطان {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} (2) ادن فكل وكفر يمينك".

طلاق غير المدخول بها

11834 -

معمر (د)(3)، عن الزهري، عن أبي سلمة، ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان، عن محمد بن إياس "أن ابن عباس وأبا هريرة وعبد اللَّه بن عمرو بن العاص سئلوا عن البكر يطلقها زوجها ثلاثًا فكلهم قال: لا تحل له حتى تنكح زوجًا غيره".

مالك، عن يحيى، أخبرني بكير بن الأشج، عن معاوية بن أبي عياش "أنه كان جالسًا مع ابن الزبير وعاصم بن عمر فجاءهما محمد بن إياس بن البكير فقال: إن رجلًا من أهل البادية طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها فماذا تريان؟ فقال ابن الزبير: إن هذا لأمر ما لنا فيه قول،

(1) كتب في الحاشية: العرفط كالمن.

(2)

المائدة، آية:87.

(3)

أبو داود (2/ 60 رقم 2198).

ص: 2947

اذهب إلى ابن عباس وأبي هريرة، فإني قد تركتهما عند عائشة فسلهما ثم ائتنا فأخبرنا، فذهب فسألهما فقال ابن عباس: أفته يا أبا هريرة فقد جاءتك معضله. قال أبو هريرة: الواحدة تبتها والثالثة تحرمها. فقال ابن عباس مثل ذلك: حتى تنكح زوجًا غيره" (1).

حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن بكير، عن معاوية، عن ابن إياس "أنه انطلق إلى ابن الزبير وعاصم بأعرابي طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها. . . " فذكره نحوه وفيه:"فتابعتهما عائشة".

ورويناه في مسألة الطلاق الثلاث عن عمر وعلي وابن مسعود وأنس.

11835 -

ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن عكرمة وعطاء وطاوس وجابر بن زيد كلهم عن ابن عباس أنه قال:"هي واحدة بائنة -يعني: في الرجل يطلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها" فهذا يحتمل أن يكون مراده إذا فرقهن فلا يكون مخالفًا لما قبله.

11836 -

الثوري، عن جابر، عن الشعبي، عن ابن عباس "في رجل طلق امرأته ثلاثًا قبل أن يدخل بها، قال: عقدة كانت بيده أرسلها جميعًا، وإذا كانت تترًى فليس بشيء".

وعن أبي يوسف "فيمن يقول لمن لم يدخل بها: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، طلقت بالأولى، ولم تقع عليها الباقيتان".

11837 -

ابن أبي فديك، عن ابن أبي ذئب، عن ابن قسيط، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث "أنه قال في رجل قال لامرأته ولم يدخل بها: أنت طالق، ثم أنت طالق، ثم أنت طالق، فقال أبو بكر: أتطلق امرأة على ظهر الطريق قد بانت من حين طلقها التطليقة الأولى".

11838 -

سليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، وموسى بن عقبة، عن الزهري، عن سليمان بن أرقم قال: قال الحسن (2): إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "طلاق التي لم يدخل بها واحدة".

سليمان ضعيف والخبر مرسل، فإن صح يحتمل أن يكون أراد أن طلاقها وطلاق المدخول بها واحد كما قال ابن مسعود.

(1) أخرجه أبو داود (2/ 260 رقم 2198) معلقًا.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2948

الطلاق بالوقت والفعل

11839 -

الثوري، عن الزبير بن عدي، عن إبراهيم (1) عن ابن مسعود "في رجل قال لامرأته: إن فعلت كذا وكذا فهي طالق فتفعله؟ قال: هي واحدة، وهو أحق بها".

11840 -

حماد بن سلمة، عن حماد، عن إبراهيم "في رجل قال لامرأته: هي طالق إلى سنة، قال: هي امرأته [يستمتع](2) منها إلى سنة". وروي مثله عن ابن عباس وبه قال عطاء وجابر بن زيد.

11841 -

إسرائيل وشريك، عن جابر، عن الشعبي "في رجل قال لامرأته: أنت طالق إذا جاء رمضان، قال: هي امرأته يوم طلقها حتى يجيء رمضان".

11842 -

ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الفقهاء من أهل المدينة كانوا يقولون:"أيما رجل قال لامرأته أنت طالق إن خرجت حتى الليل، فخرجت امرأته أو قال ذلك في غلامه فخرج غلامه قبل الليل بغير علمه، طلقت امرأته وعتق غلامه؛ لأته ترك أن يستثني، لو شاء قال: بإذني، ولكنه فرط في الاستثناء فإنما يجعل التفريط عليه".

طلاق المكره

قال الشافعي: قال اللَّه: {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} (3)، وللكفر أحكام فلما وضع اللَّه عنه سقطت أحكام الإكراه عن القول كله؛ لأن الأعظم إذا سقط عن الناس سقط ما هو أصغر منه.

11843 -

بشر بن بكر، نا الأوزاعي، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". وبشر ثقة.

رواه الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي، فحذف منه عبيد بن عمير.

11844 -

الوليد بن مسلم، ثنا ابن لهيعة، عن موسى بن وردان، سمعت عقبة بن عامر

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

في "الأصل": يستمع. والمثبت من "هـ".

(3)

النحل، آية:106.

ص: 2949

يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "وضع اللَّه عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه".

11845 -

جرير بن حازم، نا ابن إسحاق قال:"كتب إليّ ثور بن يزيد أن محمد بن عبيد حدثه عن عدي بن عدي أنه أمره أن يأتي صفية بنت شيبة فيسألها عن حديث بلغه أنها تحدثه، عن عائشة، فأتيتها فحدثتني أن عائشة حدثتها أن رسول اللَّه قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق"(1). رواه إبراهيم بن سعد وابن نمير، وعبد الرحيم بن سليمان، عن ابن إسحاق، وقال بعضهم:"في غلاق" ومحمد بن عبيد هذا هو ابن أبي صالح المكي.

كثير بن يحيى صاحب البصرى، ثنا قزعة بن سويد، عن زكريا بن إسحاق، ومحمد بن عثمان، عن صفية، عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا عتاق ولا طلاق في إغلاق".

11846 -

إسماعيل بن أبي أويس، حدثني عبد الملك بن قدامة بن إبراهيم الجمحي، عن أبيه "أن رجلًا تدلى يشتار عسلًا في زمان عمر، فجاءته امرأته فوقفت على الحبل فحلفت لتقطعنه أو لتطلقني ثلاثًا، فذكّرها اللَّه والإسلام فأبت إلا ذلك فطلقها ثلاثًا، فلما ظهر أتى عمر فذكر له ما كان منها إليه ومنه إليها، فقال: ارجع إلى أهلك فليس هذا بطلاق".

تابعه عبد الرحمن بن مهدي، عن عبد الملك، هذا هو المشهور عن عمر.

11847 -

وقال أبو عبيد: حدثني يزيد، عن عبد الملك بن قدامة، عن أبيه (2)، عن عمر بهذا لكنه قال:"فرفع ذلك إلى عمر فأبانها منه" قال أبو عبيد: قد روي عن عمر خلافه، قال: ويروى عن علي وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وعطاء وعبد اللَّه بن عبيد بن عمير "أنهم كانوا يرون طلاقه غير جائز".

11848 -

قال الشافعي: روي عن حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن (2) أن عليًا قال:"لا طلاق لمكره".

11849 -

الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير (2) "أن ابن عباس لم يجز طلاق المكره". وعن عكرمة "فيمن أكرهه اللصوص حتى طلق فقال: قال ابن عباس: ليس بشيء".

(1) أخرجه أبو داود (2/ 258 رقم 2193). من طريق ابن إسحاق به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2950

11850 -

حدثنا الحسن بن أحمد الحافظ قال: "كتب إلينا أبو الحسن بن صخر الأزدي من مكة، أنا أحمد بن جعفر السقطي، نا الحسن بن المثنى، نا عفان، نا هشيم، نا عبد اللَّه بن طلحة الخزاعي، عن أبي يزيد المدني، عن ابن عباس قال: "ليس لمكره طلاق".

11851 -

مالك، عن ثابت الأحنف "أنه تزوج أم ولد لعبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، قال: فدعاني عبد اللَّه ين عبد الرحمن فجئته، فدخلت عليه وإذا بين يديه سياط موضوعه وأقيد من حديد وعبدان له قد أجلسهما فقال: طلقها وإلا والذي يحلف به فعلت بك كذا وكذا، فقلت: هي الطلاق ألفًا، فخرجت من عنده فأدركت ابن عمر في طريق مكة فأخبرته بالذي كان من شأني فتغيظ عبد اللَّه وقال: ليس ذلك بطلاق إنها لم تحرم عليك، فارجع إلى أهلك. قال: فلم تقرني نفسي حتى أتيت ابن الزبير وهو يومئذ بمكة وأخبرته بالذي كان من شأني، وبقول ابن عمر فقال: لم تحرم عليك فارجع إلى أهلك، وكتب إلى جابر بن الأسود الزهري أمير المؤمنين أن يعاقب عبد اللَّه بن عبد الرحمن وأن يخلي بيني وبين أهلي، فقدمت فجهزت صفية بنت أبي عبيد امرأة ابن عمر امرأتي، حتى أدخلتها علي بعلم ابن عمر ثم دعوت ابن عمر يوم عرسي لوليمتي فجاءني".

ابن عيينة، سمعت عمرًا يقول: حدثني ثابت الأعوج قال: "تزوجت أم ولد لعبد الرحمن فدعاني ابنه ودعا غلامين له فربطوني وضربوني بالسياط وقال: لتطلقنها ولتفعلن ولتفعلن فطلقتها، ثم سألت ابن عمر وابن الزبير فلم يرياه بأسًا".

وروينا نحو هذا المذهب عن عطاء وطاوس والحسن وعكرمة وعمر بن عبد العزيز وغيرهم.

حد الإكراه

11852 -

سعيد، نا أبو شهاب، وأبو عوانة، عن أبي إسحاق الشيباني، عن علي بن حنظلة، عن أبيه قال: قال عمر: "ليس الرجل بأمين على نفسه إذا جوعت أو أوثقت أو ضربت".

11853 -

ونا هشيم، أنا المسعودي، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن شريح قال:"الحبس كره والقيد كره والضرب كره والوعيد كره".

ص: 2951

لا يقع طلاق صبي ولا معتوه

11854 -

خالد الحذاء (د)(1) عن أبي الضحى (2)، علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل".

قلت: هو منقطع.

قال المؤلف: ورويناه من أوجه عن علي، واحتج الشافعي بحديث ابن عمر في الإجازة في القتال.

11855 -

أبو معاوية، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن علي رضي الله عنه قال:"كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه".

وروينا عن الشعبي والحسن وإبراهيم أنهم قالوا: "لا يجوز طلاق الصبي ولا عتقه حتى يحتلم". وروينا عن جابر بن زيد وإبراهيم وأبي قلابة وغيرهم أنهم كانوا لا يجيزون طلاق المبرسم (3).

وعن الشعبي وإبراهيم "في الذي يطلق ويعتق في المنام. قال: ليس بشيء".

من أوقع طلاق السكران وعتقه

الثوري، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن عابس بن ربيعة، عن علي: "كل الطلاق جائز إلا طلاق المعتوه، وبعضهم يقول: عابس، عن أبيه، عن علي بهذا.

مالك بلغه "أن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن طلاق السكران فقالا: إذا طلق جاز وإن قتل قُتل. قال مالك: وذلك الأمر عندنا"، وعن إبراهيم:"طلاق السكران وعتقه جائز، وعن الحسن كذلك وزاد: "ولا يجوز شراؤه ولا بيعه".

(1) أبو داود (4/ 141 رقم 4403).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

البرسام: علة يهذي فيها. انظر ترتيب القاموس (مادة: برسم).

ص: 2952

من قال لا يجوز طلاق السكران ولا عتقه

11856 -

ابن أبي ذئب، عن الزهري قال:"أتي عمر بن عبد العزيز بسكران فقال: إني طلقت امرأتي وأنا سكران، فكان رأي عمر معنا أن يجلده وأن يفرق بينهما، فحدثه أبان بن عثمان أن عثمان قال: ليس للمجنون ولا للسكران طلاق. فقال عمر بن عبد العزيز: كيف تأمروني وهذا يحدثني عن عثمان؟ ! فجلده ورده إلى امرأته، فذكر ذلك لرجاء بن حيوة فقال: قرأ علينا عبد الملك كتاب معاوية فيه السنن أن كل أحد طلق امرأته جائز إلا المجنون".

وروينا عن طاوس قال: "كيف يجوز طلاق السكران ولا تقبل له صلاة؟ ! ". وعن عطاء في طلاق السكران: "ليس بشيء" وعن أبان بن عثمان مثله، ومر في الإقرار حديث سليمان بن بريدة، عن أبيه في قصة ماعز حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم:"مم أطهرك؟ فقال: من الزنا. قال: أبه جنون؟ فأخبر أن ليس بمجنون، قال: أشربت خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه فلم يجد منه ريح خمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أثيب أنت؟ قال: نعم. فأمر به فرجم" فبين أنه قصد إسقاط إقراره بالسكر والجنون، فدل أنه لا حكم لقوله، ومن قال للأول أجاب بأن ذلك كان في حدود اللَّه [التي](1) تدرأ بالشبهات.

طلاق العبد

قال اللَّه: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (2) وقال في المطلقات واحدة {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ. . .} (3) الآية.

قال الشافعي: وكان العبد ممن عليه حرام وله حلال فحرمه بالطلاق، ولم يكن السيد ممن حلت له امرأته فيكون له تحريمها.

11857 -

مالك، عن نافع، عن ابن عمر "من أذن لعبده أن ينكح فالطلاق بيد العبد ليس

(1) في "الأصل": الذي. والمثبت من "هـ".

(2)

البقرة، آية:230.

(3)

البقرة، آية:288.

ص: 2953

بيد غيره من طلاقه شيء".

11858 -

مالك، حدثني أبو الزناد، عن سليمان بن يسار "أن نفيعًا مكاتبًا لأم سلمة أو عبدًا كانت تحته امرأة حرة فطلقها اثنتين ثم أراد أن يراجعها، فأمره أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يأتي عثمان يسأله فذهب إليه فلقيه عند الدرج آخذًا بيد زيد بن ثابت فسألهما فابتدراه جميعًا فقالا: حرمت عليك. حرمت عليك". وجاء حديث (1).

قلت: لم يصح.

11859 -

أبو عتبة، نا بقية، حدثني أبو الحجاج المهري، عن موسى بن أيوب الغافقي، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو أن مولاه زوجه وهو يريد أن يفرق بينه وبين امرأته، فحمد اللَّه وأثنى عليه ثم قال: ما بال أقوام يزوجون عبيدهم إماءهم ثم يريدون أن يفرقوا بينهم، ألا إنما يملك الطلاق من يأخذ بالساق"(2).

قلت: أبو الحجاج هو رشدين واهٍ، وأبو عتبة أحمد بن الفرج ليس بعمدة.

11860 -

موسى بن داود، نا ابن لهيعة، عن موسى بن أيوب، عن عكرمة (3)"أن مملوكًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم. . . " بنحوه مرسلًا.

الاستثناء في الطلاق والعتق والنذر كهو في الأيمان لا يخالفها

11861 -

الحسين بن الوليد، نا الثوري وحماد وابن عيينة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر أنه قال: قال رسول اللَّه: "إذا حلف الرجل فقال: إن شاء اللَّه فقد استثنى"(4).

بشر بن موسى، ثنا أبو زكريا، ثنا حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر،

(1) في "هـ": وقد روي فيه حديث مسند.

(2)

أخرجه ابن ماجه (1/ 672 رقم 2081) من طريق ابن لهيعة عن موسى بن أيوب به.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(4)

أخرجه أبو داود (3/ 225 رقم 3261)، والترمذي (4/ 91 رقم 1531)، والنسائي (7/ 25 رقم 3828)، وابن ماجه (1/ 680 رقم 2105، 2106) كلهم من طريق أيوب به، قال الترمذي: حديث حسن.

ص: 2954

عن النبي صلى الله عليه وسلم: "من حلف على يمين فقال: إن شاء اللَّه فهو بالخيار إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل"(1).

وروي فيه حديث ضعيف.

11862 -

إسماعيل بن عياش، عن حميد بن مالك، عن مكحول (2)، عن معاذ بن جبل "قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا معاذ، ما خلق اللَّه شيئًا على وجه الأرض أبغض إليه من الطلاق، وما خلق اللَّه شيئًا على وجه الأرض أحب إليه من العتاق، وإذا قال الرجل لمملوكه: أنت حر إن شاء اللَّه، فهو حر ولا استثناء له، وإذا قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه، فله استثناؤه ولا طلاق عليه".

محمد بن مصفّي، ثنا معاوية بن حفص، عن حميد بن مالك اللخمي، حدثني مكحول (2)، عن معاذ "سئل رسول اللَّه عن رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه. قال: له استثناؤه. فقال رجل: يا رسول اللَّه، وإن قال لغلامه: أنت حر إن شاء اللَّه؟ قال: يعتق لأن اللَّه يشاء العتق ولا يشاء الطلاق". حميد مجهول.

قلت: وضعفه أبو زرعة.

قال: ومكحول عن معاذ منقطع، وقيل: عن حميد، عن مكحول، عن خالد بن معدان (2)، عن معاذ.

قلت: وهو أيضًا منقطع.

وقيل: مكحول، عن مالك بن يخامر، عن معاذ. ولم يصح.

11863 -

وبإسناد مظلم عن إسحاق بن أبي يحيى، عن عبد العزيز بن أبي رواد، عن ابن جريج، عن عطاء، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء اللَّه، أو غلامه: أنت حر إن شاء اللَّه، أو عليه المشي إلى بيت اللَّه إن شاء اللَّه، فلا شيء عليه". هذا حديث منكر.

11864 -

عن الجارود بن يزيد -متروك- عن بهز، عن أبيه، عن جده مرفوعًا في الطلاق

(1) تقدم.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2955

فقط، وحديث ابن عمر كاف.

توريث المبتوتة في مرض الموت

قال الشافعي: قول كثير من أهل الفتيا أنها ترثه في العدة، وقول بعض أصحابنا أنها ترثه وإن مضت العدة، قال بعضهم: وإن نكحت زوجًا غيره، وقال آخر: ترث بها امتنعت من الأزواج، وفي قول بعضهم: لا ترث مبتوتة وهذا مما استخير اللَّه فيه.

11865 -

الشافعي، أنا ابن أبي رواد ومسلم، عن ابن جريج، أخبرني ابن أبي مليكة "أنه سأل ابن الزبير عن الرجل يطلق المرأة فيبتها، ثم يموت وهي في عدتها فقال: طلق عبد الرحمن ابن عوف تماضر الكلبية فبتها ثم مات وهي في عدتها فورَّثها عثمان. قال ابن الزبير: وأما أنا فلا أرى أن ترث مبتوتة". ورواه عثمان بن عمر، عن ابن جريج مختصرًا.

11866 -

مالك، عن ابن شهاب، عن طلحة بن عبد اللَّه بن عوف قال: وكان أعلمهم بذلك وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن "أن عبد الرحمن بن عوف طلق امرأته البتة وهو مريض فورّثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها".

قال الشافعي: حديث ابن الزبير متصل، وهو يقول: ورثها عثمان في العدة، وحديث ابن شهاب مقطوع، وقال في الإملاء:"ورّث عثمان امرأة عبد الرحمن وقد طلقها ثلاثًا بعد انقضاء عدتها". قال وهو فيما يخيل إليّ أثبت الحديثيين.

قال البيهقي: الذي يؤكد رواية الزهري ما رواه الفسوي:

11867 -

نا أصبغ، أنا ابن وهب، أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: "سمعت معاوية ابن عبد اللَّه بن جعفر يكلم الوليد بن عبد الملك على عشائه ونحن بين مكة والمدينة، فقال له: يا أمير المؤمنين، إن أبان بن عثمان نكح ابنة عبد اللَّه بن عثمان ضرارًا لأختي حين أبت أن تبيعه ميراثها منه في وجعه حين أصابه الفالج، ثم لم ينته إلى ذلك حتى طلق أم كلثوم فحلت في وجعه، وهذا السائب بن يزيد بن أخت نمر حي يشهد على قضاء عثمان في تماضر بنت الأصبغ ورثها من ابن عوف بعدما حلت، ويشهد على قضاء عثمان في أم حكيم بنت قارظ ورثها من

ص: 2956

عبد اللَّه بن مكمل بعدما حلت فادعه فسله عن شهادته، فقال الوليد حين قضى كلامه: ما أظن عثمان قضى بها. قال معاوية: إن لم تشهد على ذلك السائب فأنا مبطل حضره وعاينه". فهذا إسناد متصل. وتابعه ابن أخي الزهري، عن عمه.

11868 -

مالك، سمع ربيعة يقول:"بلغني أن امرأة عبد الرحمن بن عوف سألته أن يطلقها، فقال لها: إذا حضت ثم طهرت فآذنيني. فلم تحض حتى مرض، فلما طهرت آذنته فطلقها البتة أو تطليقة لم يكن بقي له عليها من الطلاق غيرها وهو مريض يومئذ، فورثها عثمان منه بعد انقضاء عدتها". قال الشافعي الذي أختار إن ورثت بعد مضي العدة أن ترث ما لم تزوّج، فإذا تزوجت فلا ترثه تكون كالتاركة لحقها بالتزويج.

11869 -

الثوري، عن حبيب بن أبي ثابت، حدثني شيخ من قريش، عن أبي بن كعب "أنه قال في الذي يطلق وهو مريض: لا نزال نورثها حتى يبرأ أو تزوج وإن مكث سنة". قال الشافعي: وقال غيرهم: ترثه ما لم تنقض العدة. ورواه عن عمر بإسناد ضعيف.

الثوري، عن مغيرة، عن إبراهيم (1) "أن عمر قال في الذي طلق في المرض: ترثه في العدة ولا يرثها" فهذا منقطع ثم لم يسمعه مغيرة من إبراهيم، إنما قال: ذكر عبيدة -يعني الضبي- عن إبراهيم (1)، عن عمر، وعبيدة ضعيف وفي رواية يحيى القطان لم يرفعه عبيدة إلى عمر إنما قال عن إبراهيم والشعبي عن شريح قال الربيع بن سليمان: استخار اللَّه الشافعي فيه. فقال: لا ترث المبتوتة. قال الربيع -وهو قول ابن الزبير وعبد الرحمن بن عوف- طلقها على أنها لا ترثه.

الشك في الطلاق ولا تحرم إلا بيقين

11870 -

الزهري (خ م)(2) عن سعيد وعباد بن تميم، عن عمه "شكي إلى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال: لا ينصرف حتى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا".

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (1/ 339 رقم 177)، ومسلم (1/ 276 رقم 361)[98]. وتقدم تخريجه.

ص: 2957

قال أبو عبيد في حديث ابن عباس "في رجل له أربع نسوة فطلق إحداهن ولم يدر أيتهن طلق، فقال: ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث".

11871 -

ناه هشيم، أنا أبو بشر، عن عمرو بن هرم، عن جابر بن زيد، عن ابن عباس قوله "ينالهن من الطلاق ما ينالهن من الميراث، يقول: لو مات الرجل وقد طلق واحدة لا يدري أيتهن هي؛ فإن الميراث يكون بينهن جميعًا -يعني: موقوفًا- حتى تعرف بعينها، كذلك إذا طلقها ولم يعلم أيتهن هي فإنه يعتزلهن جميعًا إذا كان الطلاق ثلاثًا".

ما يهدم الزوج من الطلاق

قال الشافعي: يهدم الزوج المصيبها بعد الثلاث ولا يهدم الواحدة ولا الثنتين، واحتج بخبر:

11872 -

سفيان، عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن وعبيد اللَّه بن عبد اللَّه، وسليمان بن يسار، عن أبي هريرة "سألت ابن عمر عن رجل من أهل البحرين طلق امرأته تطليقة أو اثنتين فنكحت آخر ثم مات عنها أو طلقها فرجعت إلى الأول على كم هي عنده؟ قال: هي عنده على ما بقي". ورواه يحيى بن سعيد، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة نحوه.

11873 -

ابن أبي عروبة، عن الحكم، عن رجل من أهل هجر يقال له: مزيدة عن أبيه أن عليًا قال: "هي عنده على ما بقي من طلاقها. وكان قتادة يأخذ به". مزيدة هو ابن جابر.

11874 -

حماد بن زيد، عن مطر، عن الحكم، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن أبي بن كعب قال:"هي على ما بقي من الطلاق، يعني في الرجل يطلق امرأته فتبين منه فتزوَّج زوجًا فيطلقها فيتزوجها الأول قال: هي على ما بقي من طلاقها".

11875 -

خالد الحذاء، عن ابن سيرين، عن عمران بن حصين قال: "هي على ما بقي من الطلاق، وجاء عن ابن عمر وابن عباس خلاف ذلك.

11876 -

إسماعيل بن أبي خالد، عن وبرة، عن ابن عمر "إذا طلق طلقة ثم تزوجها رجل ثم تزوجها الأول تكون على طلاق مستقبل".

11877 -

يزيد بن زريع، نا روح، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس "في

ص: 2958

الرجل يطلق تطليقتين ثم يتزوجها رجل آخر فيطلقها أو يموت عنها فيتزوجها الأول، قال: تكون عنده على طلاق جديد ثلاث".

وروي ذلك عن علي في الجعديات:

11878 -

أنا إسرائيل، عن عبد الأعلى، عن ابن الحنفية، عن علي "في الرجل يطلق امرأته تطليقة أو تطليقتين ثم تزوج فيطلقها زوجها قال: إن رجعت إليه بعدما تزوجت ائتنفت الطلاق، وإن تزوجها في عدتها [كانت](1) عنده على ما بقي".

عبد الأعلى لين والرواية الأولى عن علي أصح.

الرجل يقول لامرأته يا أختي يريد أخوة الإسلام

11879 -

جرير بن حازم (خ م)(2)، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لم يكذب إبراهيم قط إلا ثلاث كذبات ثنتين في ذات اللَّه قوله: إني سقيم، وقوله: بل فعله كبيرهم هذا، وواحدة في شأن سارة، فإنه قدم أرض جبار ومعه سارة، وكانت أحسن الناس فقال لها: إن هذا الجبار إن يعلم أنك امرأتي يغلب عليك، فإن سألك فأخبريه أنك أختي فإنك أختي في الإسلام، فإني لا أعلم في الأرض مسلمًا غيري وغيرك. فلما دخل أرض رآها بعض أهل الجبار فأتاه، فقال: لقد دخل أرضك امرأة لا ينبغي أن تكون إلا لك فأرسل إليها فأتي بها وقام إبراهيم إلى الصلاة، فلما دخلت عليه لم يتمالك أن بسط يده إليها فقُبضت يده قبضة شديدة، فقال لها: ادعي اللَّه أن يطلق يدي ولا أضرك ففعلت، فعاد فقُبضت أشد من القبضة الأولى فقال لها مثل ذلك، فعاد فقبضت أشد من الأوليين، فقال: ادعي اللَّه أن يطلق يدي ولك واللَّه أن لا أضرك، ففعلت فأطلقت يده فدعا الذي جاء بها فقال له: إنك إنما أتيتني بشيطان ولم تأتني بإنسان، فأخرجها من أرضي وأعطها هاجر. قال: فأقبلت تمشي فلما رآها إبراهيم انصرف فقال لها: مهيم. فقالت: خيرًا، كف اللَّه يد الفاجر وأخدم خادمًا. قال أبو هريرة: فتلك أمكم يا بني ماء السماء - يعني: هاجر".

(1) في "الأصل": كان. والمثبت من "هـ".

(2)

البخاري (6/ 447 رقم 3357) مختصرًا، ومسلم (4/ 1840 رقم 2371)[154].

ص: 2959

حماد بن زيد (خ)(1)، عن أيوب، عن محمد، عن أبي هريرة موقوفًا:"لم يكذب إبراهيم إلا ثلاث كذبات. . . " الحديث وفيه: "فأرسل إلى إبراهيم فأتاه فقال: ما هذه المرأة؟ قال: أختي. قال: اذهب فأرسلها إلي، فأتاه فقال: إنه سألني عنك فأخبرته أنك أختي فلا تكذبيني عنده فإنه ليس في الأرض (2) مسلم غيري وغيرك، وأنت أختي في الإسلام". ورواه هشام بن حسان، عن محمد فرفعه.

11880 -

خالد الحذاء (د)(3) عن أبي تميمة الهجيمي "أن رجلًا قال لامرأته: يا أخيه. فقال رسول اللَّه: أختك هي؟ ! فكره ذلك ونهى عنه". ورواه عبد السلام بن حرب، عن الحذاء، عن أبي تميمة، عن رجل من قومه. ورواه عبد العزيز بن المختار، عن الحذاء، عن أبي عثمان، عن أبي تميمة، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه شعبة، عن الحذاء، عن رجل، عن أبي تميمة.

* * *

(1) البخاري (9/ 29 رقم 5084).

(2)

كتب في الحاشية: أظنه عني تلك الأرض.

(3)

أبو داود (2/ 364 رقم 2210).

ص: 2960