المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب اللعان باب الرجل يقذف امرأته لا مخرج له إلا بأن - المهذب في اختصار السنن الكبير - جـ ٦

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ ‌كتاب اللعان باب الرجل يقذف امرأته لا مخرج له إلا بأن

‌كتاب اللعان

باب الرجل يقذف امرأته لا مخرج له إلا بأن يلتعن

قلت: قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (1) الآيات.

11968 -

هشام بن حسان (خ)(2)، حدثنى عكرمة، عن ابن عباس "أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: البينة أو حد في ظهرك. فقال: يا رسول اللَّه، إذا رأى أحدنا رجلًا على امرأته أيلتمس البينة! فجعل النبي صلى الله عليه وسلم[يقول: ] (3) البينة وإلا حد في ظهرك. فقال هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق، ولينزل اللَّه في أمري ما يبرئ ظهري من الحد. فنزل جبريل ونزلت:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ} (1) إلى قوله {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (4) فانصرف النبي صلى الله عليه وسلم، فأرسل إليهما، فجاءا فقام هلال (فشهد) (5) والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب، فهل منكما تائب. ثم قامت فشهدت، فلما كان عند الخامسة {أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (4) قالوا لها: إنها موجبة. قال ابن عباس: فتلكأت ونكصت حتى ظننا أنها سترجع. ثم قالت: لا

(1) النور: 6.

(2)

البخاري (8/ 303 رقم 4747).

وأخرجه أبو داود (2/ 276 رقم 2254)، والترمذي (5/ 309 رقم 3179)، وابن ماجه (1/ 668 رقم 2067) كلهم من طريق هشام بن حسان به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

(3)

من "هـ".

(4)

النور: 9.

(5)

تكررت في "الأصل".

ص: 2990

أفضح قومي سائر اليوم. فمضت فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظروها، فإن جاءت به أكحل العينين سابغ الإليتين خدلج الساقين؛ فهو لشريك بن سحماء فجاءت به كذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما مضى من كتاب اللَّه لكان لي ولها شأن".

الطيالسي في مسنده: ثنا عباد بن منصور، ثنا عكرمة، عن ابن عباس قال: "لما نزلت: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} (1) الآية. قال سعد بن عبادة: أهكذا أنزلت؟ فلو وجدت لكاعًا متفخذها رجل لم يكن لي أن أحركه ولا أهيجه حتى آتي بأربعة شهداء؟ ! فواللَّه لا آتي بأربعة شهداء حتى يقضي حاجته. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: يا معشر الأنصار، ألا تسمعون ما يقول سيدكم؟ قالوا: يا رسول اللَّه، لا تلمه، فإنه رجل غيور، واللَّه ما تزوج فينا قط إلا عذراء ولا طلق امرأة له فاجترأ رجل منا أن يتزوجها من شدة غيرته. قال سعد: واللَّه إني لأعلم يا رسول اللَّه أنها الحق فإنها من عند اللَّه، ولكني عجبت، فبينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذلك إذ جاءه هلال بن أمية الواقفي -وهو أحد الثلاثة الذي تاب اللَّه عليهم- فقال: يا رسول اللَّه، إني جئت البارحة عشاء من حائط لي كنت فيه، فرأيت عند أهلي رجلًا، ورأيت بعيني وسمعت بأذني، فكره رسول اللَّه ما جاء به. فقيل: تجلد هلال وتبطل شهادته في المسلمين. فقال هلال: يا رسول اللَّه، واللَّه إني لأرى في وجهك أنك تكره ما جئت به، وإني لأرجو أن يجعل اللَّه لي فرجًا. فبينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كذلك إذ أنزل عليه الوحي -وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي تربد خده ووجهه وأمسك عنه أصحابه فلم يكلمه أحد منهم- فلما رفع الوحي قال: أبشر يا هلال. فقال رسول اللَّه: ادعوها. فدعيت. فقال: إن اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ فقال هلال: واللَّه ما قلت إلا حقًا، ولقد صدقت. فقالت: كذب. فقيل لهلال: تشهد أربع شهادات باللَّه إنك لمن الصادقين؟ وقيل له عند الخامسة: اتق اللَّه، فإن عذاب اللَّه أشد من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب. فقال: واللَّه لا يعذبني اللَّه أبدًا كما لم يجلدني عليها. فشهد الخامسة أن لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين، وقيل: اشهدي أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين، وقيل لها عند الخامسة: يا هذه اتقي اللَّه؛ فإن عذاب اللَّه أشد من عذاب الناس، وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب. فتلكأت

(1) النور: 4.

ص: 2991

ساعة ثم [قالت](1): واللَّه لا أفضح قومي. فشهدت الخامسة أن غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين. قال: وقضى رسول اللَّه ألا ترمى ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها جلد الحد، وليس لها عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ولا متوفى عنها. وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أبصروها فإن جاءت به أثيبج [أصيهب](2) أريسح حمش الساقين فهو لهلال، وإن جاءت به خدلج الساقين أورق جعدًا جماليًا فهو لصاحبه. فجاءت به أورق جعدًا جماليًا خدلج الساقين سابغ الإليتين فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لولا الأيمان لكان لي ولها أمر". فسمعت عكرمة يقول: لقد رأيته أمير مصر من الأمصار لا يدري من أبوه".

من يلاعن من الأزواج ومن لا يلاعن

قال الشافعي: لما ذكر اللَّه اللعان على الأزواج مطلقًا كان اللعان على كل زوج جاء طلاقه ولزمه الفرض، وكذلك على كل زوجة لزمها الفرض.

يزيد بن هارون (د)(3)، أنا عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"جاء هلال بن أمية. . . " الحديث وفيه "لولا الأيمان لكان لي ولها شأن". قال المؤلف: فسمى اللعان يمينًا.

جرير بن حازم، عن أيوب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "لما قذف هلال امرأته قيل: واللَّه ليجلدنك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ثمانين. قال: اللَّه أعدل من ذلك أن يضربني ثمانين ضربة وقد علم أني رأيت حتى استيقنت وسمعت حتى استثبت، لا واللَّه لا يضربني أبدًا. فنزلت آية الملاعنة، فدعا بهما رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين نزلت الآية فقال: اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ فقال هلال: واللَّه إني لصادق. فقال له: احلف باللَّه الذي لا إله إلا هو إني

(1) في "الأصل": قال. والمثبت من "هـ".

(2)

في "الأصل": أصهيب. والمثبت من "هـ".

(3)

أبو داود (2/ 276 رقم 2256).

ص: 2992

لصادق، تقول ذلك أربع مرات، فإن كنتُ كاذبًا فعليّ لعنة اللَّه. فقال رسول اللَّه: قفوه عند الخامسة فإنها موجبة. فحلف، ثم قالت أربعًا: واللَّه الذي لا إله إلا هو إنه لمن الكاذبين فإن كان صادقًا فعليها غضب اللَّه. فقال: قفوها عند الخامسة فإنها موجبة فترددت وهمت بالاعتراف، ثم قالت: لا أفضح قومي. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن جاءت به أكحل أدعج سابغ الإليتين ألف الفخذين خدلج الساقين فهو للذي رميت به، وإن جاءت به أصفر قضيفًا سبطًا فهو لهلال بن أمية. فجاءت به على صفة البغي" قال أيوب: قال ابن سيرين: كان الرجل الذي قذفها به شريك بن سمحاء، وكان أخًا للبراء بن مالك لأبيه، وكانت أمه سوداء. وكان شريك يأوي إلى منزل هلال ويكون عنده".

قال البيهقي: فسمى كلمة اللعان حلفًا.

11969 -

جويرية (خ)(1)، عن نافع، عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فرق بين رجل وامرأته من الأنصار قذف امرأته، أحلفهما رسول اللَّه ثم فرق بينهما".

وروينا عن يونس، عن الحسن قال:"يلاعن كل زوج".

قال الشافعي: قالوا:

11970 -

روى عمرو بن شعيب (2)، عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"أربع لا لعان بينهن وبين أزواجهن: اليهودية والنصرانية تحت المسلم، والحرة تحت العبد، والأمة عند الحر، والنصرانية عند النصراني". فقلنا لهم: رويتم هذا عن رجل مجهول ورجل غلط، ثم عمرو بن شعيب عن عبد اللَّه منقطع. واللذان روياه يقول أحدهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم والآخر لم يرفعه. قال: وعمرو بن شعيب روى لنا أحكامًا عن النبي صلى الله عليه وسلم توافق أقاويلنا وتخالف أقاويلكم يرويها عن الثقات فرددتموها علينا ونسبتموه إلى الغلط، وذلك في نحو من ثلاثين حكمًا خالفتم أكثرها فأنتم غير منصفين.

(1) البخاري (9/ 353 رقم 5306).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 2993

علي بن سعيد بن قتيبة الرملي، ثنا ضمرة بن ربيعة، عن ابن عطاء، عن أبيه، عن عمرو ابن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"أربع من النساء لا ملاعنة بينهم: النصرانية تحت المسلم، واليهودية تحته، والمملوكة تحت الحر، والحرة تحت المملوكة".

قال الدارقطني: هو عثمان بن عطاء، ضعيف.

أبو الوليد الطيالسي، ثنا يزيد بن بزيع الرملي، عن عطاء الخراساني، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده مرفوعًا. وابن بزيع ضعفه الدارقطني.

عبد الرحيم بن سليمان، عن عثمان بن عبد الرحمن الزهري، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد اللَّه قال رسول اللَّه:"أربعة ليس بينهم لعان". عثمان هو الوقاصي، متروك، قاله الدارقطني.

محمد بن أبي فروة الرهاوي، نا أبي، نا عمار بن مطر، نا حماد بن عمرو، عن زيد بن رفيع، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن رسول اللَّه بعث عتاب بن أسيد. . . " فذكر نحوه. عمار وحماد وزيد ضعفاء. قاله الدارقطني.

عمرو بن هارون، عن أبن جريج والأوزاعي، عن عمرو، عن أبيه، عن جده قوله.

عبد الوهاب بن عطاء، أخبرني يحيى بن أبي أنيسة، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: كان عبد اللَّه بن عمرو يقول: "أربع ليس بينهن وبين أزواجهن لعان: النصرانية تحت المسلم، والأمة تحت العبد، والأمة تحت الحر، والحرة تحت العبد".

قال المؤلف: وفي ثبوته موقوفًا نظر. عمر بن هارون ليس بالقوي، ويحيى متروك. فأما قول الشافعي، منقطع فلعله ما بلغه المتصل.

11971 -

يحيى بن عثمان بن صالح، نا يحيى بن بكير، حدثني يحيى بن صالح الأيلي، عن إسماعيل بن أمية، عن عطاء، عن ابن عباس قال رسول اللَّه:"يا عتاب، إني قد بعثتك على أهل مكة فانههم عن كذا" فذكره وفيه: "أربعة ليس بينهم ملاعنة: اليهودية تحت المسلم، والنصرانية تحت المسلم، والعبد عنده الحرة، والحر عنده الأمة".

وهذا بهذا الإسناد باطل، الأيلي متكلم فيه.

ص: 2994

أين يكون اللعان

11972 -

ابن جريج (خ م)(1)، أخبرني ابن شهاب في المتلاعنين عن حديثا سهل بن سعد "أن رجلًا من الأنصار قال: يا رسول اللَّه، أرأيت إن وجد رجل مع امرأته رجلًا ما يفعل به؛ قال: فنزلت في شأنه ما ذكر في المتلاعنين. وقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: قضى اللَّه فيك وفي امرأتك. قال: فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد".

وفي رواية يونس ومالك وفليح، عن ابن شهاب، عن سهل قال:"فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول اللَّه". ويذكر عن ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب وغيره (2)"أن رسول اللَّه أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر".

11973 -

قعنب بن المحرر، ومحمد بن سعد العوفي قالا: نا الواقدي، نا الضحاك بن عثمان، عن عمران بن أبي أنس، سمعت عبد اللَّه بن جعفر يقول:"حضرت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حين لاعن بين عويمر العجلاني وامرأته مرجع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تبوك فأنكر حملها وقال: هو من ابن السمحاء. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: هات امرأتك فقد نزل القرآن فيكما. فلاعن بينهما بعد العصر عند المنبر على حمل".

11974 -

مالك، عن هاشم بن هاشم بن عتبة، عن عبد اللَّه بن نسطاس، عن جابر أن رسول اللَّه قال:"من حلف على منبري هذا بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار"(3). رواه أبو ضمرة عن هاشم نحوه. وزاد: "ولو على سواك أخضر".

(1) البخاري (9/ 362 رقم 5359)، ومسلم (2/ 1130 رقم 1492)[3].

وأخرجه أبو داود (2/ 273 رقم 2245)، والنسائي (6/ 143 رقم 3402) كلاهما من طريق مالك عن ابن شهاب.

وأخرجه ابن ماجه (1/ 667 رقم 2066) من طريق إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أخرجه أبو داود (3/ 221 رقم 3246)، والنسائي في الكبرى (3/ 491 رقم 6018)، وابن ماجه (2/ 779 رقم 2325) كلهم من طريق هاشم بن هاشم به.

ص: 2995

سنة اللعان ونفي الولد وغير ذلك

11975 -

مالك (خ م)(1)، حدثني ابن شهاب، أن سهل بن سعد أخبره "أن عويمر العجلاني جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال له: أرأيت يا عاصم لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فيقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي يا عاصم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك. فسأل عاصم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فكره رسول اللَّه المسائل وعابها حتى كبر على عاصم ما لى مع من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال: ماذا قال لك رسول اللَّه؟ قال: لم تأت بخير، قد كره رسول اللَّه المسألة التي سألته عنها. فقال عويمر: واللَّه لا أنتهي حتى أسأله عنها. فأقبل عويمر حتى أتى رسول اللَّه وسط الناس فقال: يا رسول اللَّه، أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك فاذهب فائت بها. فقال سهل: فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فلما فرغا قال عويمر: كذبت عليها يا رسول اللَّه إن أمسكتها. قطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه" قال ابن شهاب: فكانت تلك سنة المتلاعنين.

الشافعي: أنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن سهل أخبره قال:"جاء عويمر العجلاني إلى عاصم بن عدي فقال: سل لي رسول اللَّه عن رجل وجد مع امرأته رجلًا أيقتل به أم كيف يصنع؟ فسأل عاصم النبي صلى الله عليه وسلم فعاب النبي صلى الله عليه وسلم المسائل، فلقيه عويمر فقال: ما صنعت؟ قال: صنعت أنك لم تأتني بخير، سألت رسول اللَّه فعاب المسائل. قال عويمر: واللَّه لآتين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ولأسألنه. فأتاه فوجده قد أنزل عليه فيهما، فدعاهما فلاعن بينهما. فقال عويمر: لئن انطلقت بها لقد كذبت عليها. ففارقها قبل أن يأمره رسول اللَّه، ثم قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "انظروها فإن جاءت به أسحم أدعج عظيم الأليتين فما أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحبر كأنه وحرة فلا أراه إلا كاذبًا. فجاءت به على النعت المكروه". قال ابن شهاب: فصارت سنة المتلاعنين (2).

(1) البخاري (9/ 355 رقم 5308)، ومسلم (2/ 1129 رقم 1492)[1]. وتقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 2996

ورواه عبد اللَّه بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن سهل نحوه وفيه مفارقة وما أمره النبي صلى الله عليه وسلم فمضت سنة المتلاعنين وقال رسول اللَّه:"إن جاءت به أحمر قصيرًا كأنه وحرة فلا أحسبه إلا قد كذب عليها، وإن جاءت به أسحم أعين ذا أليتبن فلا أحسبه إلا قد صدق عليها. فجاءت به على النعت المكروه".

الشافعي، أنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج، عن ابن شهاب، عن سهل:"أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، أرأيت رجلًا وجد مع امرأته رجلًا أيقتله فتقتلونه، أم كيف يصنع؟ فأنزل اللَّه القرآن في ذلك، فتلاعنا وأنا شاهد، ثم فارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم، فكانت سنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملًا فأنكرها فكان ابنه يدعى إلى أمه".

قال الشافعي: في حديث ابن أبي ذئب دليل على أن سهلًا قال: كانت سنة المتلاعنين. وفي حديث مالك وإبراهيم كأنه قول ابن شهاب فقد [يكون](1) هذا غير مختلف، يقوله مرة ابن شهاب فيرسله، ويقوله أخرى فيسنده. قال المؤلف: ورويناه عن عاصم بن علي، عن ابن أبي ذئب. وأخرجه (خ)(2) عن آدم عنه.

ورواه عبد الرزاق (م)(3)، أنا ابن جريج، عن ابن شهاب وفيه:"قال: كذبت عليها إن أمسكتها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول اللَّه حين فرغا من التلاعن، ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم وقال: ذاك تفريق بين كل متلاعنين". قال ابن جريج: قال ابن شهاب: فكانت السنة بعدهما أن يفرق بين المتلاعنين وكانت حاملًا وكان ابنها يدعى لأمه، ثم جرت السنة في ميراثها أنها ترثه ويرث منها ما فرض اللَّه لها.

الفريابي (خ)(4)، نا الأوزاعي، نا الزهري، عن سهل "أن عويمرًا أتى عاصم بن عدي وكان سيد بني العجلان فقال: كيف تقول في رجل وجد مع امرأته رجلًا. . . " الحديث،

(1) من "هـ".

(2)

البخاري (13/ 290 رقم 7304).

(3)

مسلم (2/ 130 رقم 1492)[3].

(4)

البخاري (8/ 303 رقم 4745).

وأخرجه أبو داود (2/ 274 رقم 2249) من طريق الفريابي.

ص: 2997

وفيه: "فقال: يا رسول اللَّه، إن حبستها فقد ظلمتها. قال: فطلَّقها وكانت بعدُ سنة لمن كان بعدها من المتلاعنين. ثم قال رسول اللَّه: أبصروا؛ فإن جاءت به أسحم أدعج العينين عظيم الأليتين خدلج الساقين فلا أحسب عويمرًا إلا قد صدق عليها. . . " وذكر الحديث.

وقال دحيم: نا الوليد وعمر بن عبد الواحد قالا: ثنا الأوزاعي، عن الزبيدي، عن الزهري، عن سهل مختصرًا.

يونس (م)(1)، عن ابن شهاب، أخبرني سهل فذكره بمعنى حديث مالك إلا أنه قال:"فلما فرغا من تلاعنهما قال: يا رسول اللَّه، كذبت عليها إن أمسكتها. فطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره، فكان فراقه إياها بعدُ سنة في المتلاعنين. قال سهل: (وكانت) (2) حاملًا، وكان ابنها يدعى إلى أمه، ثم جرت السنة أنه يرثها وترث منه ما فرض اللَّه لها".

نا أبو الربيع (خ)(3)، نا فليح، عن الزهري، عن سهل بحديث الملاعنة وقال:"إن أمسكتها فقد كذبت عليها، ففارقها وكانت السنة فيهما أن يفرق بين المتلاعنين، وكانت حاملًا فأنكر حملها، وكان ابنها يعدى إليها، ثم جرت السنة في الميراث أن يرثها وترث منه ما فرض اللَّه لها".

نا ابن السرح (د)(4)، نا ابن وهب، عن عياض بن عبد اللَّه الفهري وغيره، عن ابن شهاب، عن سهل في هذا الخبر قال:"فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأنفذه رسول اللَّه، وكان ما صنع سنة، حضرت هذا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فمضت السنة بعد في المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا".

وابن عيينة -لم يتقنه- (خ)(5) رواه عن الزهري، عن سهل قال: "شهدت المتلاعنين على

(1) مسلم (2/ 1130 رقم 1492)[2].

وأخرجه أبو داود (2/ 274 رقم 2247) من طريق يونس به.

(2)

تكررت في "الأصل".

(3)

البخاري (8/ 303 رقم 4746).

وأخرجه أبو داود (2/ 275 رقم 2252) من طريق أبي الربيع به.

(4)

أبو داود (2/ 274 رقم 2250).

(5)

البخاري (12/ 187 رقم 6854).

ص: 2998

عهد رسول اللَّه ففرق بينهما، فقال: يا رسول اللَّه، كذبت عليها إن أنا أمسكتها".

قال (د)(1): لم يتابع ابن عيينة أحد على أنه فردا بين المتلاعنين. قال البيهقي: إلا ما روينا عن الزبيدي، عن الزهري.

11976 -

ابن عيينة (خ م)(2)، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، سمعت ابن عمر يقول:"فرق رسول اللَّه بين أخوي بني العجلان قال: هكذا -بأصبعيه المسبحة والوسطى يقرنهما- وقال: اللَّه يعلم أن أحدكما كاذب فهل منكما تائب؟ ". وبمعناه رواه حماد وابن علية، عن أيوب. ورواه عزرة، عن سعيد بن جبير، عنِ ابن عمر:"أن النبي فرق بين المتلاعنين".

ابن عيينة (خ م)(3)، أنا عمرو بن دينار، عن سعيد، عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمتلاعنين: حسابكما على اللَّه، أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها. قال: يا رسول اللَّه، مالي. قال: لا مال لك، إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها -أو منه-".

11977 -

معاذ بن هشام (م)(4)، نا أبي، عن قتادة، عن عزرة، عن سعيد بن جبير قال:"لم يفرق المصعب بين المتلاعنين. فذكر ذلك لابن عمر فقال: قد فرق رسول اللَّه بين المتلاعنين".

11978 -

مالك (خ م)(5)، عن نافع، عن ابن عمر "أن رجلًا لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة".

قال الشافعي: يحتمل طلاقه ثلاثًا في خبر سهل أن يكون بما وجد في نفسه بعلمه بصدقه وكذبها وجرأتها على اليمين طلقها ثلاثًا جاهلًا أن اللعان فرقة، فكان كمن طلق من طلق عليه

(1) أبو داود (2/ 275 رقم 2251).

(2)

البخاري (9/ 405 رقم 5349) من طريق إسماعيل عن أيوب به، ومسلم (2/ 1132 رقم 1493)[6].

وأخرجه أبو داود (2/ 278 رقم 2258)، والنسائي (6/ 177 رقم 3475) كلاهما من طريق إسماعيل بن علية، عن أيوب به،

(3)

البخاري (9/ 367 رقم 5312)، ومسلم (2/ 1131 رقم 1493)[5].

وأخرجه أبو داود (2/ 278 رقم 2257)، والنسائي (6/ 177 رقم 3476) كلاهما من طريق ابن عيينة به.

(4)

مسلم (2/ 1132 رقم 1493)[7].

وأخرجه النسائي (6/ 176 رقم 3474) من طريق معاذ بن هشام به.

(5)

البخاري (9/ 370 رقم 5315)، ومسلم (2/ 1132 رقم 1494)[8]. وتقدم تخريجه.

ص: 2999

بغير طلاقه، وكن شرط العهدة في البيع والضمان في السلف وهو يلزمه شرط أو لم يشرط. قال: وزاد ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين المتلاعنين. وتفريق النبي صلى الله عليه وسلم غير فرقة الزوج، إنما هو تفريق حكم.

قال المؤلف: وفي حديث عباد بن منصور، عن عكرمة، عن ابن عباس في قصة هلال قال:"وقضى رسول اللَّه أن لا تُرمى ولا يرمى ولدها، ومن رماهما حُدَّ، وليس لها عليه قوت ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان بغير طلاق ولا متوفى عنها" فهذه الرواية تؤكد ما قال الشافعي.

الولد للفراش إلا أن ينفيه بلعان

11979 -

سفيان (م)(1)، عن الزهري، عن ابن المسيب -أو أبي سلمة- عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"الولد للفراش وللعاهر الحجر".

11980 -

الشافعي، أنا ابن عيينة، عن عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن أبيه قال:"أرسل عمر إلى شيخ من بني زهرة كان يسكن دارنا، فذهبت معه إلى عمر فسأل عن ولاد من ولاد من الجاهلية فقال: أما الفراش فلفلان، وأما النطفة فلفلان. فقال عمر: صدقت، ولكن رسول اللَّه قضى بالفراش".

11981 -

مهدي بن ميمون (د)(2)، ثنا محمد بن عبد اللَّه بن أبي يعقوب، عن الحسن ابن سعد، عن رباح أنه قال: "زوجني أهلي أمة [لهم](3) رومية فوقعت عليها، فولدت لي غلامًا أسود مثلي فسميته عبد اللَّه. قال: فطبن (4) لها غلام لأهلي يقال له يُوجَنّس فراطنها بلسانه فولدت غلامًا كأنه وزغة. فقلت لها: ما هذا؟ فقالت: هو ليُوحَنّس فرفعنا إلى عثمان -قال: أحسبه قال: فسألها فاعترفت- فقال عثمان: ترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟

(1) مسلم (1/ 1082 رقم 1458)[37].

وأخرجه الترمذي (3/ 463 رقم 1157)، والنسائي (6/ 180 رقم 3482). وقال الترمذي: وحديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.

(2)

أبو داود (2/ 283 رقم 2275).

(3)

في "الأصل": له. والمثبت من "هـ" وسنن أبي داود.

(4)

كتب في حاشية "الأصل": أي فطن.

ص: 3000

إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش. قال مهدي: وأحسبه قال: وجلدها وجلده، وكانا مملوكين".

ورواه الطيالسي عن جرير بن حازم ومهدي بن ميمون بمعناه. وفي آخره: "قضى أن الولد للفراش وللعاهر الحجر. هو ابنك ترثه ويرثك. قلت: سبحان اللَّه! قال: هو ذاك. فكنت أنيمه بينهما هذان أسودان وهذا أبيض".

التشديد على من أدخت على قوم من ليس منهم وعلى من نفى ولده

11982 -

الدراوردي عن ابن الهاد (د س)(1)، عن عبد اللَّه بن يونس (2)، سمع المقبري يحدث القرظي قال: حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "لما نزلت آية الملاعنة قال النبي صلى الله عليه وسلم: "أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من اللَّه في شيء ولن يدخلها اللَّه جنته، وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللَّه منه وفضحه به على رءوس الخلائق من الأولين والآخرين".

ابن وهب، أخبرني عمرو بن الحارث، عن ابن الهاد بنحوه وزاد:"فقال القرظي: بلغني هل عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

قلت: ورواه الليث عن ابن الهاد.

إثم من ادعى إلى غير أبيه

11983 -

عبد الوارث (خ م)(3)، نا حسين، عن ابن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن أبى الأسود الديلي، عن أبي ذر قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلمه فقد كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا، وليتبوأ مقعده من النار، ومن ادعى (4) رجلًا بالكفر أو

(1) أبو داود (2/ 279 رقم 2263)، والنسائي (6/ 179 رقم 3481).

(2)

كتب في الحاشية: ابن يونس يجهل.

(3)

البخاري (6/ 623 رقم 3508) مختصرًا، ومسلم (1/ 79 رقم 61)[112].

(4)

كتب في الحاشية: رمى.

ص: 3001

قال: عدو اللَّه وليس كذلك فقد (حاز)(1) -أو جاز عليه- إن لم يكن كذلك". لفظ أبي معمر عنه.

11984 -

خالد الحذاء (خ)(2)، عن أَبي عثمان، عن سعد أن رسول اللَّه قال:"من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام. فذكرت ذلك لأبي بكرة فقال: سمعته أذناي ووعاه قلبي".

11985 -

هشيم (م)(3)، عن الحذاء، عن أبي عثمان قال:"لما ادعى معاوية زيادًا لقيت أبا بكرة فقلت: ما هذا الذي صنعتم؟ فإني سمعت سعدًا يقول: سمعت أذناي ووعاه قلبي من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من ادعى أبًا في الإسلام وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام. قال أبو بكرة: وأنا سمعته منه".

لعان الزوجين بمحضر من المؤمنين

11986 -

الزهري (م)(4)، عن سهل:"شهدت المتلاعنين عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن خمس عشرة سنة".

11987 -

ابن عيينة (خ م)(4)، ثنا عمرو، سمعت سعيد بن جبير، سمعت ابن عمر:"سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول للمتلاعنين: حسابكما على اللَّه، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها. فقال: يا رسول اللَّه، مالي مالي. قال: لا مال لك، إن كنت صدقت فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك". وقد روى قصة المتلاعنين ابن مسعود وابن عباس وأنس وغيرهم، وفي ذلك دلالة على شهودهم مع غيرهم تلاعنهما.

(1) في "هـ" ومسلم: حار.

(2)

البخاري (12/ 54 رقم 6766).

وأخرجه أبو داود (4/ 330 رقم 5113)، وابن ماجه (2/ 870 رقم 2610) من طريق عاصم الأحول، عن أبي عثمان به.

(3)

مسلم (1/ 80 رقم 63)[114].

(4)

تقدم.

ص: 3002

كيف اللعان

قال النبي صلى الله عليه وسلم لعويمر: "قد أنزل اللَّه فيك وفي صاحبتك فأمرهما رسول اللَّه بالملاعنة بما سمى اللَّه في كتابه".

أخرجه البخاري (1) من حديث الأوزاعي وغيره، عن الزهري، عن سهل، وقال (خ) (2): حدثني مقدم بن محمد، حدثني عمي القاسم بن يحيى، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن أبن عمر "أن رجلًا رمى امرأته وانتفى من ولدها في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فأمر بهما رسول اللَّه فتلاعنا كما قال اللَّه عز وجل ثم قضى بالولد للمرأة وفرق بين المتلاعنين".

عبد الملك بن أبي سليمان (م)(1)، عن سعيد بن جبير قال: "سئلت عن المتلاعنين في زمن مصعب بن الزبير يفرق بينهما؟ فما دريت ما أقول، فقمت إلى منزل ابن عمر، فاستأذنت عليه، فقيل: هو نائم. فسمع صوتي، فقال: ابن جبير؟ ائذنوا له. فدخلت، فقال: ما جاء بك هذه الساعة إلا حاجة. فإذا هو مفترش برذعة رحله متوسدًا بوسادة حشوها ليف أو سلب -قال: السلب ليف المقل- فقلت: يا أبا عبد الرحمن، المتلاعنان يفرق بينهما؟ فقال: سبحان اللَّه، نعم إن أول من سأل عن هذا فلان بن فلان أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، أرأيت لو أن أحدنا رأى على أمرأته فاحشة كيف يصنع؟ إن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك. قال: فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم فلما كان بعد ذلك أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، الذي كنت سألت عنه قد ابتليت به. قال: فأنزل اللَّه عز وجل الآيات التي في سورة النور {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ. . .} (3) الآيات. فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرجل فتلاهن عليه ووعظه وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فقال: والذي بعثك بالحق ما كذبت عليها. ثم دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالمرأة فتلاهن عليها ووعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما صدقك، لقد

(1) تقدم.

(2)

البخاري (8/ 305 رقم 4748).

(3)

النور: 6.

ص: 3003

كذبك. قال: فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات باللَّه إنه لمن الصادقين والخامسة أن (غضب)(1) اللَّه عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات باللَّه إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين. قال: ثم فرق بينهما". قال الشافعي: إنما أمرت بوقفهما وتذكيرها.

11988 -

أنا سفيان، أخبرنا عن عاصم بن كليب، عن أبيه، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمر رجلًا لاعن بين المتلاعنين بأن يضع يده على فيه عند الخامسة وقال: إنها موجبة" (2).

اللعان على الحمل

مر لفليح (خ)(3)، عن الزهري، عن سهل "أن رجلًا قال: يا رسول اللَّه، أرأيت رجلًا رأى مع امرأته رجلًا. . .، فذكره وفيه "وكانت حاملًا فأنكر حملها، وكان ابنها يدعى إليها، ثم خرجت السنة في المواريث أن يرثها وترث منه ما فرض اللَّه لها".

وكذا مر في حديث ابن جريج ويونس بن يزيد أنها كانت حاملًا.

11989 -

جرير (م)(4)، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: "إنا ليلة الجمعة في المسجد إذ دخل رجل من الأنصار فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فإن تكلم جلدتموه، وإن قتل قتلتموه، وإن سكت سكت على غيظ، واللَّه لأسألنّ عنه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. فلما كان من الغد أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا فتكلم جلدتموه، أو قتل قتلتموه، أو سكت سكت على غيظ. فقال: اللَّهم افتح. وجعل يدعو فنزلت آية اللعان: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ} (5) هذه الآيات. فابتلي به الرجل من بين الناس فجاء هو وامرأته إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتلاعنا، فشهد الرجل أربع شهادات باللَّه إنه لمن الصادقين ثم لعن الخامسة أن لعنة اللَّه عليه إن كان من الكاذبين. فذهبت

(1) في "هـ": لعنة.

(2)

أخرجه أبو داود (2/ 276 رقم 2255)، والنسائي (6/ 175 رقم 3472) كلاهما من طريق سفيان به.

(3)

تقدم.

(4)

مسلم (2/ 133 رقم 1495)[10].

(5)

النور: 6.

ص: 3004

لتلتعن فقال رسول اللَّه: مه. فلعنت، فلما أدبرا قال: لعلها أن تجيء به أسود جعدًا، فجاءت به أسود جعدًا".

إسماعيل بن حفص، ثنا عبدة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه "أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل".

11990 -

هشام بن حسان (م)(1)، عن محمد "سألت أنسًا عن اللعان -وأنا أرى أن عنده من ذلك علمًا- فقال: إن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء وكان أخا البراء ابن مالك لأمه، وكان أول من لاعن، فلاعن رسول اللَّه -يعني بينهما- فقال: انظروها فإن جاءت به أبيض سبطًا (أقضى)(2) العينين فهو لهلال بن أمية، وإن جاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين فهو لشريك. فأنبئت أنها جاءت به أكحل جعدًا حمش الساقين".

مر لهشام بن حسان، عن عكرمة، عن ابن عباس بأتم منه وفيه قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لولا ما مضى من كتاب اللَّه لكان لي ولها شأن". وفي كل ذلك دلالة على أنه لاعن بينهما على الحمل. فأما حديث:

11991 -

ابن أبي أويس (خ م)(3)، عن سليمان، عن يحيى بن سعيد قال: أخبرني عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن ابن عباس قال: "ذكر المتلاعنين عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال عاصم بن عدي في ذلك قولًا، فانصرف، فأتاه رجل من قومه فذكر له أنه وجد مع امرأته رجلًا فقال عاصم: ما ابتليت بهذا إلا لقولي. فذهب به إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي وجد عليه امرأته، وكان ذلك الرجل مصفرًا قليل اللحم سبط الشعر، وكان الذي ادعى أنه وجده عند أهله آدم خدلًا كثير اللحم جعد قطط، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللهم بَيِّن. فوضعت شبهًا بالذي ذكر زوجها أنه وجده عندها، فلاعن رسول اللَّه بينهما. فقال رجل

(1) مسلم (2/ 1134 رقم 1496)[11].

وأخرجه النسائي (6/ 171 رقم 3468) من طريق هشام به.

(2)

كتب بالحاشية: قَضِىءَ العين أي فاسدها.

(3)

البخاري (9/ 371 رقم 5316)، ومسلم (2/ 1134 رقم 1497)[12].

وأخرجه النسائي (6/ 173 رقم 3470) عن طريق الليث، عن يحيى بن سعيد به.

ص: 3005

لابن عباس في المجلس: هي التى قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو رجمت أحدًا بغير بينة لرجمت هذه؟ قال: لا، تلك امرأة كانت تظهر السوء في الإسلام".

فهذا يوهم أنه لاعن بينهما بعد الوضع. وقد يحتمل أن يكون بعض رواته قدم حكاية وضعها؛ فقد مر حديث سهل بن سعد وفيه أنها كانت حاملًا حال اللعان".

وقد روى ابن جريج حديث يحيى بن سعد فجوده.

الشافعي، أنا سعيد بن سالم، عن ابن جريج أن يحيى بن سعيد، حدثه عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس "أن رجلًا جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه ما لي عهد بأهلي منذ عِفَار النخل -قال: وعفارها أنها إذا كانت تؤبّر تعفّر أربعين يومًا لا تُسقى بعد الإبار- قال: فوجدت مع امرأتي رجلًا. قال: وكان زوجها مصفرًا حمش الساقين سبط الشعر، والذي رميت به خدلًا إلى السواد جعدًا قططًا مستّهًا، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: اللهم بين. ثم لاعن بينهما، فجاءت برجل يشبه الذي رمحت به".

العقدي، ثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن القاسم، عن ابن عباس "سمع رسول اللَّه لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حاملًا، فقال زوجها: واللَّه ما قربتها منذ عفرنا. فقال رسول اللَّه: اللهم بين. فدعا الزوج حمش الذراعين والساقين أصهب الشعر، وكان الذي رميت به ابن السحماء، فجاءت بغلام أسود أكحل جعد عبل الذراعين خَدِل الساقين. قال القاسم: فقال ابن شداد لابن عباس: هي المرأة التي قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو كنت راجمًا أحدًا بغير بينة لرجمتها. فقال ابن عباس: تلك امرأة أعلنت [السوء] (1) في الإسلام"(2).

وقال ابن أبي الزناد عن أبيه بإسناده: "أن رسول اللَّه لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى. وقال زوجها: واللَّه ما قربتها منذ عفرنا. . . " الحديث وفيه "أجلى" بدل "أكحل" وزاد "قططًا".

(1) من "هـ".

(2)

وأخرجه البخاري (12/ 187 رقم 6855)، ومسلم (2/ 1135 رقم 1497)[13]، والنسائي في الكبرى (3/ 371 - 372 رقم 5661)، وابن ماجه (2/ 855 رقم 2560) كلهم من طريق أبي الزناد به.

ص: 3006

سؤال المرمي بالمرأة

11992 -

بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان في قوله:{وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا} (1) الآية. قال: قام عاصم بن عدي فذكر قصة سؤاله ورمي ابن عمه هلال بن أمية امرأته بابن عمه شريك بن سحماء وأنها حبلى فأرسل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى الزوج والخليل والمرأة فاجتمعوا عنده، فقال لزوجها هلال: ويحك ما تقول في بنت عمك وابن عمك [وخليلك](2) أن تقذفها ببهتان. فقال: أقسم باللَّه لقد رأيته معها على بطنها وإنها لحبلى وما قربتها منذ أربعة أشهر. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة: ويحك ما يقول زوجك قالت: أحلف باللَّه إنه لكاذب وما رأى مني شيئًا يريبه -وذكر كلامًا طويلًا في الإنكار- فقال النبي صلى الله عليه وسلم للخليل: ما يقول ابن عمك. فقال: أقسم باللَّه ما رأى ما يقول وإنه لمن الكاذبين. فقال للمرأة والزوج: قوما فاحلفا باللَّه. فقاما عند المنبر في دبر صلاة العصر، فحلفا. . . " وذكر في لعان الزوج "وأنها حبلى من غيري، وإني لمن الصادقين". ثم لم يذكر أنه أحلف شريكًا، إنما ذكر [قول] (3) النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا ولدت فائتوني به. فولدت غلامًا أسود جعدًا كأنه ابن الحبشية، فلما أن نظر إليه (ورأى)(4) شبهه بشريك، وكان ابن حبشية. قال: لولا ما مضى من الأيمان لكان فيها أمر -يعني الرجم-".

فقول الشافعي: وسأل النبي صلى الله عليه وسلم شريكًا فأنكر فلم يحلفه. يحتمل أن يكون إنما أخذه عن هذا التفسير فإنه كان مسموعًا له، ولم أجده موصولًا. وقال الشافعي في كتاب أحكام القرآن: لم يحضر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المرمي بالمرأة. فهذا قاله في قصة عويمر العجلاني والمرمي لم يسم في قصة العجلاني في الروايات التي عندنا إلا أن قوله عليه السلام: "إن جاءت به لنعت كذا". في تلك القصة يدل على أنه رماها بمعين ولم ينقل فيها أنه أحضره. وقال الشافعي: في الإملاء -أظنه- وقد قذف العجلاني امرأته بابن عمه، وابن عمه شريك بن السحماء إلى أن

(1) النور: 4.

(2)

في "الأصل، ك": وخليلتك. والمثبت من "هـ".

(3)

في "الأصل": قوله. والمثبت من "ك، هـ".

(4)

في "ك": رأى. وفي "هـ": فرأى.

ص: 3007

قال: والتعن العجلاني فلم يحد النبي صلى الله عليه وسلم شريكًا بالتعانه.

وفيما روينا من الأحاديث أن الذي رمى زوجته بابن سحماء هلال بن أمية الواقفي، ولا أعلم أحدًا سمى في قصة العجلاني رميه امرأته بابن سحماء إلا من جهة الواقدي كما مر. قال: ويشبه أن تكون القصتان واحدة فقد ذكر في حديث في قصة العجلاني أنه أمر عاصم بن عدي بالسؤال، ثم نزلت الآية وجاء العجلاني فلاعن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن جاءت به كذا وكذا". وذكر في قصة هلال بن أمية أيضًا نزول الآية فيه وأنه لاعن بينهما ثم قال: "إن جاءت به كذا وكذا". وقد ذكر مقاتل بن حيان في قصة هلال سؤال عاصم، فإما أن تكون قصة واحدة واختلف الرواة في اسم الرامي، فابن عباس في رواية وأنس سمياه هلال بن أمية، وسهل بن سعد يسميه عويمرًا العجلاني، وابن عباس في رواية أبي الزناد عن القاسم وابن عمر يقول:"فرق بين أخوي بني العجلاني". وابن مسعود يقول: رجل من الأنصار. فيكون قوله في الإملاء خارجًا على بعض ما روي. وإما أن تكون قصتين وكأن عاصمًا لما سأل عن ذلك إنما سأل لعويمر فابتلي به أيضًا هلال فنزلت الآية لأجلهما وصدق نزولها بسبب كل منهما فعسى أن يكون ما وقع في الإملاء خطأ من الكاتب أو تقليدًا لما في حديث أبي الزناد والواقدي.

ما يكون بعد التعان الزوج من الفرقة ونفي الولد وحد المرأة إن لم تلتعن

11993 -

مالك (خ م)(1)، عن نافع، عن ابن عمر:"أن رجلًا لاعن امرأته و (انتفل) (2) من ولدها ففرق رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بينهما وألحق الولد بالمرأة".

ومن حديث سعيد بن جبير (خ م)(3)، عن ابن عمر قال رسول اللَّه للمتلاعنين:"حسابكما على اللَّه، أحدكما كاذب، لا سبيل لك عليها. فقال: يا رسول اللَّه، مالي. قال: إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها، وإن كنت كذبت عليها فذاك أبعد لك منه". وروينا عن محمد بن زيد، عن سعيد بن جبير، عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المتلاعنان إذا تفرقا لا يجتمعان أبدًا".

(1) البخاري (9/ 370 رقم 5315)، ومسلم (2/ 1132 رقم 1494)[8]. وتقدم تخريجه.

(2)

كتب في الحاشية: انتفل وانتفى بمعنى.

(3)

تقدم.

ص: 3008

11994 -

عباد بن منصور (د)(1)، عن عكرمة، عن ابن عباس في قصة هلال وامرأته وملاعنتهما "فلما كان في الخامسة قيل لها: اتقي اللَّه فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فتلكأت ساعة ثم قالت: واللَّه لا أفضح دومي. فشهدت في الخامسة أن غضب اللَّه عليها إن كان من الصادقين، ففرق رسول اللَّه بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا ترمى ولا يرمى ولدها، ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد، وقضى أن لا بيت لها عليه ولا قوت من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها".

11995 -

ابن وهب، أنا عياض بن عبد اللَّه وغيره، عن ابن شهاب، عن سهل قال:"مضت السنة بعدُ في المتلاعنين يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدًا"(2).

الأوزاعي، عن الزهري، عن سهل قال:"فتلاعنا، ففرق رسول اللَّه بينهما وقال: لا يجتمعان أبدًا".

11996 -

الأعمش، عن إبراهيم (3) أن عمر قال في المتلاعنين إذا تلاعنا قال:"يفرق بينهما ولا يجتمعان أبدًا".

11997 -

الثوري عن أبي هاشم الواسطي، عن جهم بن دينار، عن إبراهيم قال:"إذا كذب نفسه بعد اللعان حد وألزق به الولد ولا يجتمعان أبدًا".

اللعان بعد القذف يكون

11998 -

عبدة (م)(4)، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه:"كنا في المسجد ليلة جمعة فقال رجل: لو أن رجلًا وجد مع امرأته رجلًا [فقتله قتلتموه] (5)، وإن تكلم جلدتموه! لأذكرن ذلك لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذكر له، فأنزلت آيات اللعان، ثم جاء الرجل فقذف امرأته فلاعن النبي صلى الله عليه وسلم بينهما وقال: لعلها أن تجيء به أسود جعدًا، فجاءت به أسود جعدًا".

لا لعان ولا حد في التعريض

11999 -

مالك (خ)(6)، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة "أن

(1) أبو داود (2/ 284 رقم 2256).

(2)

أخرجه أبو داود (2/ 274 رقم 2250) من طريق وهب به، وقد تقدم.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(4)

مسلم (2/ 1134 رقم 1495)[10].

(5)

في "الأصل، ك": قتله فقتلتموه، والمثبت من "هـ".

(6)

البخاري (9/ 351 رقم 5305).

ص: 3009

رسول اللَّه جاءه أعرابي فقال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود. فقال: هل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: ما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: نعم. قال: أنى ترى ذلك؟ قال: عرق نزعه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلعل هذا نزعه عرق".

ورواه ابن عيينة (م)(1)، عن ابن شهاب.

ووواه معمر (م)(2) عنه وفيه "أن امرأتي ولدت غلامًا أسود -وهو حينئذ يعرض بأن ينفيه. . . " الحديث.

الطيالسي، نا ابن أبي ذئب، عن الزهري معنى حديث سفيان وزاد:"فلم يرخص له رسول اللَّه أن ينتفي منه".

ابن وهب (م)(3)، أخبرني يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة "أن أعرابيًا قال: إن امرأتي ولدت غلامًا أسود وإني أنكرته. . . " الحديث.

الرجل يقر بحبل امرأته أو بولدها فما له نفيه

12000 -

قدامة بن محمد، ثنا مخرمة بن بكير، عن أبيه، سمع ابن شهاب يزعم أن قبيصة بن ذؤيب كان يحدث عن عمر "أنه قضى في رجل أنكر ولدًا من امرأة وهو في بطنها، ثم اعترف به وهو في بطنها حتى إذا ولدت أنكره فأمر به عمر فجلد ثمانين جلدة لفريته عليها، ثم ألحق به الولد".

قلت: قدامة صالح خرج له النسائي.

مجالد، عن الشعبي، عن شريح، عن عمر قال:"إذا أقر بولده طرفة عين فليس له أن ينفيه".

الولد للفراش بالوطء بملك أو نكاح

12001 -

الزهرىِ (م)(4)، عن سعيد، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "الولد للفراش

(1) مسلم (2/ 1137 رقم 1500)[18].

وأخرجه الترمذي (4/ 382 رقم 2128)، والنسائي (6/ 178 رقم 3478)، وابن ماجه (1/ 645 رقم 2282) من طريق ابن عيينة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

مسلم (2/ 1137 رقم 1500)[19].

وأخرجه أبو داود (2/ 279 رقم 2261)، والنسائي (6/ 178 رقم 3479) كلاهما من طريق معمر به.

(3)

مسلم (2/ 1137 رقم 1500)[20].

(4)

مسلم (2/ 1081 رقم 1458)[37].

ص: 3010

وللعاهر الحجر".

شعبة (خ)(1)، عن محمد بن زياد، سمع أبا هريرة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"الولد للفراش وللعاهر الحجر".

12002 -

ابن عيينة (خ م)(2)، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة "أن عبد بن زمعة وسعدًا اختصما إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة، فقال سعد: يا رسول اللَّه، أوصاني أخي: إذا قدمتَ مكة أن انظر إلى ابن أمة زمعة فأقبضه فإنه ابني. فقال عبد بن زمعة: أخي وابن أمة أبي ولد على فراش أبي. فرأى شبهًا بينًا بعتبة، فقال: هو لك يا عبد، الولد للفراش، واحتجبي منه يا سودة".

مالك (خ)(3)، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة أنها قالت:"كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن ابن وليدة زمعة مني فاقبضه إليك. فلما كان عام الفتح أخذه سعد فقال: أبن أخي قد كان عهد إليّ فيه. فقام عبد فقال: أخي ولد على فراش أبي. فتساوقا إلى رسول اللَّه، فقال سعد: يا رسول اللَّه، إن أخي كان عهد إليّ فيه. فقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي. فقال رسول اللَّه: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر. ثم قال لسودة بنت زمعة: احتجبي منه. لما رأى من شبهه بعتبة، فما رآها حتى لقيت اللَّه".

12003 -

ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب وعقيل، عن ابن شهاب، عن أنس أنه قال:"لما ولد إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم من مارية كاد يقع في نفس النبي صلى الله عليه وسلم منه حتى أتاه جبريل فقال: السلام عليك أبا إبراهيم". فيه دلالة -إن صح- على ثبوت النسب بفراش الأمة.

12004 -

مالك، عن الزهري، عن سالم، عن أبيه أن عمر قال: "ما بال رجال يطئون

(1) البخاري (12/ 33 رقم 6750).

(2)

البخاري (5/ 90 رقم 2421)، ومسلم (2/ 1081 رقم 1457)[36].

وأخرجه أبو داود (2/ 282 رقم 2273)، والنسائي (6/ 181 رقم 3487)، وابن ماجه (1/ 646 رقم 2004) كلهم من طريق ابن عيينة به.

(3)

البخاري (4/ 342 رقم 2053).

ص: 3011

ولائدهم ثم يعزلوهن، لا تأتيني وليدة يعترف سيدها أن قد ألم بها إلا ألحقت به ولدها، فاعزلوا بعد أو اتركوا".

مالك، عن نافع، عن صفية بنت أبي عبيد، عن عمر في إرسال الولائد يوطأن بمثل حديث ابن شهاب، عن سالم.

قال الربيع: قلت للشافعي: فهل خالفك في هذا غيرنا؟ قال: نعم، بعض المشرقيين. قلت: فما حجتهم؟ قال: قالوا: انتفى عمر من ولد جارية له، وانتفى زيد بن ثابت من ولد جارية له، وانتفى ابن عباس من ولد جارية له. قلت: فما كانت حجتك عليهم؟ قال: أما عمر فروي أنه أنكر حمل جارية له أقرت بالمكروه، وأما زيد وابن عباس فإنما أنكرا إن كانا فعلا ولد جاريتين عرفا أن ليس منهما فحلال لهما وكذلك لزوج الحرة إن علم أنها حبلت من زنا أن يدفع ولدها ولا يلحق بنسبه من ليس منه فيما بينه وبين اللَّه.

إتيانها بولد من شبهة

12005 -

هشيم، عن الشيباني، أخبرني (عمران بن جبير الضبي) (1):"أن عبيد اللَّه بن الحر تزوج جارية من قومه زوجها إياه أبوها، فانطلق عبيد اللَّه فلحق بمعاوية فأطال الغيبة عن أمرأته ومات أبو الجارية فزوجها أهلها من رجل منهم يقال له عكرمة، فبلغ ذلك عبيد اللَّه فقدم فخاصمهم إلى علي، فرد عليه المرأة وكان حاملًا من عكرمة، فوضعها على يدي عدل، فقالت لعلي: أنا أحق بمالي أو عبيد اللَّه؟ فقال: بل أنت. قالت: فاشهدوا أن كل ما كان على عكرمة من شيء من صداقي فهو له. فلما وضعت ما في بطنها ردها إلى عبيد اللَّه بن الحر وألحق الولد بأبيه".

* * *

(1) كذا في "الأصل، ك"، وفي "هـ": عمران بن كثير النخعي، وفي الجرح (6/ 303): عمران بن أبي كثير.

ص: 3012