المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتاب الشهادات الأمر بالإشهاد قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (1). قال الشافعي: - المهذب في اختصار السنن الكبير - جـ ٨

[شمس الدين الذهبي]

الفصل: ‌ ‌كتاب الشهادات الأمر بالإشهاد قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (1). قال الشافعي:

‌كتاب الشهادات

الأمر بالإشهاد

قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} (1). قال الشافعي: يشبه أن يكون أمره بالإشهاد دلالة على الحض بالشهادة لا حتمًا واحتج بقوله تعالى في آية الدين والدين تبايع فقال: {فَاكْتُبُوهُ} (1) ثم قال: {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} (2) فلما أمر إذا لم (نجد)(3) كاتبًا بالرهن ثم أباح ترك الرهن؛ دل على أن الأمر الأول للحض لا يُعَصَّى تاركه واللَّه أعلم.

15853 -

محمد بن مروان، نا عبد الملك بن أبي نضرة، عن أبيه، عن أبي سعيد "وتلا:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} (1) حتى بلغ {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (2) قال: هذه نسخت ما قبلها".

قلت: محمد واه.

وهيب، عن داود، عن الشعبي " {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (2) قال: إن أشهدت فحزم، وإن ائتمنت ففي حل وسعة".

وروينا عن الحسن قال: "إن شاء لم يشهد ألا تسمع إلى قوله: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} (2) ".

قال الشافعي وقد حفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه بايع أعرابيًّا في فرس فجحد الأعرابي بأمر بعض المنافقين ولم يكن بينهما بينة.

15854 -

شعيب (د س)(4)، عن الزهري، عن عمارة بن خزيمة أن عمه حدثه وكان

(1) البقرة: 282.

(2)

البقرة: 283.

(3)

في "هـ": يجدوا.

(4)

أبو داود (3/ 308 رقم 3607)، والنسائي (7/ 301 رقم 4647).

ص: 4147

صحابيًّا. وسليمان بن بلال، عن محمد بن أبي عتيق، عن ابن شهاب (1)، عن عمارة أن عمه أخبره "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسًا من أعرابي فاستتبعه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ليقضي ثمن فرسه فأسرع رسول اللَّه المشي وأبطأ الأعرابي فطفق رجال يعترضون الأعرابي ويساومونه الفرس ولا يشعرون أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قد ابتاعه حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم، فلما زادوا نادى الأعرابي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته. فقام رسول اللَّه حين سمع نداء الأعرابي فقال: أوليس قد ابتعت منك؟ قال: لا واللَّه ما بعتكه قال: بل ابتعته منك. فطفق الناس يلوذون برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وبالأعرابي وهما يراجعان، فطفق الأعرابي يقول: هلم شهيدًا أني بايعتك. . فقال خزيمة: أنا أشهد أنك بايعته. فأقبل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال: بم تشهد؟ قال: بتصديقك. فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين".

15855 -

زيد بن الحباب، حدثني محمد بن زرارة بن عبد اللَّه بن خزيمة بن ثابت، حدثني عمي عمارة بن خزيمة، عن أبيه خزيمة بن ثابت "أن رسول اللَّه أبتاع من سواء بن الحارث المحاربي فرسًا فجحده، فشهد له خزيمة، فقال له رسول اللَّه: ما حملك على الشهادة ولم تكن معه؟ قال: صدقت يا رسول اللَّه، ولكن صدقتك بما قلت وعرفت أنك لا تقول إلا حقًا. فقال: من شهد له خزيمة أو شهد عليه فهو حسبه". قال الشَّافعي: فلو كان حتمًا ما بايع نبي اللَّه بلا بينة.

قلت: محمد بن زرارة لا يعردت ولم أره في الضعفاء.

الاختيار في الإشهاد

15856 -

معاذ بن معاذ، نا شعبة، عن فراس، عن الشعبي، عن أبي بردة، عن أبي موسى، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة يدعون اللَّه فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهًا ماله وقد

(1) كتب بالحاشية: ورواه الزبيدي عن الزهري.

ص: 4148

قال اللَّه عز وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} (1) ". أخبرناه الحاكم، نا علي بن حمشاذ، نا معاذ بن المثنى بن معاذ، نا أبي، نا أبي.

قلت: مع نكارته إسناده نظيف.

15857 -

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "في قوله تعالى:{إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ} قال: أول من جحد آدم عليه السلام أن اللَّه -تعالى- أراه ذريته فرأى رجلًا أزهر ساطعًا نوره فقال: يا رب من هذا؟ قال: هذا ابنك داود. قال: يا رب فما عمره؟ قال: ستون سنة. قال: يا رب زدني عمره. قال: لا إلا أن تزيد من عمرك. قال: وما عمري؟ قال: ألف سنة. قال آدم: فقد وهبت له أربعين سنة. قال: وكتب اللَّه عليه كتابًا وأشهد عليه ملائكته، فلما حضره الموت وجاءته الملائكة قال: إنه بقي من عمري أربعون سنة. قالوا: قد وهبته لابنك داود. قال: ما وهبت لأحد شيئًا. قال: فأخرج اللَّه الكتاب وشهد عليه ملائكته".

قلت: روى الترمذي (2) بهذا السند حديثًا وحسنه (3).

ورواه أبو سلمة التبوذكي، عن حماد فزاد في آخره "فأكمل لآدم ألف سنة وأكمل لداود مائة سنة".

15858 -

صفوان بن عيسى، نا الحارث بن عبد الرحمن بن أَبي ذباب، عن المقبري، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لما خلق اللَّه آدم ونفخ فيه الروح عطس فقال: الحمد للَّه فحمد اللَّه بإذن اللَّه، فقال له ربه: رحمك ربك يا آدم. وقال: اذهب إلى أولئك الملائكة إلى ملأ منهم إلى ربه، فقال: هذه تحيتك وتحية بنيك وبنيهم. وقال اللَّه له ويداه مقبوضتان: اختر أيهما

(1) النساء: 5.

(2)

الترمذي (5/ 268 رقم) ولفظه (لما أغرق اللَّه فرعون. . . .).

(3)

كتب بالحاشية: مسند الطيالسي والأصح وقفه.

قلت: والحديث أخرجه الطيالسي في مسنده (350 رقم 2692) مرفوعًا. وانظر اتحاف الخيرة المهرة بتحقيقنا (5/ 414 رقم 4928/ 1).

ص: 4149

شئت. فقال: اخترت بين ربي، وكلتا يدي ربي يمين مباركة، ثم بسطها فإذا فيها آدم وذريته، فقال: أي رب ما هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك. فإذا كل إنسان مكتوب عمره بين عينيه وإذا فيهم رجل أضوءهم لم يكتب له إلا أربعون سنة، فقال: أي رب زد في عمره. قال: ذاك الذي كتبت له. قال: فإني قد جعلت له من عمري ستين. قال: أنت وذاك. قال: ثم اسكن الجنة ما شاء اللَّه، ثم اهبط منها. وكان آدم يعد لنفسه فأتاه ملك الموت فقال له آدم: قد عجلت قد كتب لي ألف سنة. قال: بلى، ولكنك جعلت لابنك داود منها ستين سنة. فجحد فجحدت ذريته ونسي فنسيت ذريته فيومئذ أُمِر بالكتاب والشهود" (1).

قلت: إسناده صالح. وأصل الحديث في الجملة في صحيفة همام.

الشهادة في الزنا

قال تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ} (2) وقال: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} (3).

15859 -

سهيل (م)(4)، عن أبيه عن أبي هريرة أن سعدًا قال:"يا رسول اللَّه، أرأيت إن وجدت مع امرأتي رجلًا أمهله حتى آتي بأربعة شهداء؟ فقال: نعم".

أبو بكر بن أبي شيبة (م)(5)، نا خالد بن مخلد، عن سليمان بن بلال، ثنا سهيل، عن أبيه، عن أَبي هريرة قال سعد بن عبادة:"لو وجدت مع امرأتي رجلًا لم أمسه حتى أتي بأربعة شهداء؟ قال رسول اللَّه: نعم. قال: كلا واللَّه والذي بعثك بالحق إن كنت لأعجله بالسيف. قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اسمعوا إلى ما يقول سيدكم إنه غيور وأنا أغير منه واللَّه أغير مني".

(1) أخرجه الترمذي (5/ 422 رقم 3368)، والنسائي في الكبرى (6/ 63 رقم 10046) كلاهما من طريق صفوان بن عيسى به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

(2)

النساء: 15.

(3)

النور: 4.

(4)

مسلم (2/ 1135 رقم 1498)[15].

(5)

مسلم (2/ 1135 رقم 1498)[16].

ص: 4150

قلت: يعني ومع غيرة اللَّه ورسوله فلابد من أربعة ولا ينتفي من حملها إلا باللعان، ولا يجوز له التعرض لقتلهما.

15860 -

يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب "أن معاوية كتب إلى أبي موسى سل عليًا عن رجل دخل بيته فإذا مع امرأته رجل فقتلها أو قتله. فسأله فقال له علي: ما ذِكْرُك هذه؟ ! إن هذا لشيء ما هو بأرضنا، عزمت عليك. قال كتب إليّ معاوية في أن أسألك عنها. قال: أنا أبو حسن، إن جاء بأربعة شهداء وإلا دُفِع برمته. قال يحيى بن سعيد: يقتل".

قال الشافعي: وشهد ثلاثة على رجل عند عمر بالزنا ولم يثبت الرابع فجلد الثلاثة.

15861 -

سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهادي قال:"لما شهد أبو بكرة وصاحباه على المغيرة جاء زياد فقال عمر: رجل إن يشهد إن شاء اللَّه إلا بالحق قال: رأيت ابتهارًا ومجلسًا سيئًا. فقال له عمر: هل رأيت المِرْود دخل المكحلة؟ قال: لا. فأمر بهم فجلدوا". رواه ابن علية عنه.

الشهادة في الطلاق والرجعة وغير ذلك

قال تعالى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (1).

15862 -

أبو حيان التيمي (د)(2) نا عباية بن رفاعة، عن رافع بن خديج قال:"أصبح رجل من الأنصار مقتولًا بخيبر فانطلق أولياؤه إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكروا له ذلك. فقال: ألكم شاهدان يشهدان على قتل صاحبكم؟ قالوا: يا رسول اللَّه لم يكن ثم أحد من المسلمين وإنما هم يهود قد يجترتون على أعظم من هذا. . . . " الحديث.

(1) الطلاق: 2.

(2)

أبو داود (4/ 179 رقم 4524).

ص: 4151

15863 -

ابن جريج (د ت ق)(1)، عن سليمان بن موسى، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له، فان نكحت فنكاحها باطل فنكاحها باطل". ومر في النكاح عن الحسن وابن المسيب أن عمر قال: "لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل". والذي رواه حجاج بن أرطاة، عن عطاء (2)، عن عمر "أنه أجاز شهادة الرجل مع النساء في النكاح" لا يصح لانقطاعه، ولين حجاج فابن المسيب عن عمر أصح.

15864 -

يونس، عن الحسن "أنه كان لا يجيز شهادة النساء على الطلاق".

15865 -

شعبة عن الحكم، عن إبراهيم أنه كان لا يجيز شهادة النساء على الحدود والطلاق". قال: والطلاق من أشد الحدود.

الشهادة في الدين ونحوه

قال تعالى: {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} (3) وقال: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ. . . .} (3) الآية.

15866 -

الليث، عن ابن الهاد، عن عبد اللَّه بن دينار، عن ابن عمر، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"يا معشر النساء تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار. قالت امرأة منهن: يا رسول اللَّه، ما لنا؟ قال: تكثرن اللعن وتكفرن العشير، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي اللب منكن. قالت: يا رسول اللَّه، وما نقصان العقل والدين؟ قال: أمّا نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين". وقال فيه محمد بن رمح (م)(4) عن الليث: "فقالت

(1) أبو داود (2/ 229 رقم 2083)، والترمذي (3/ 407 رقم 1102)، وابن ماجه (1/ 605 رقم 1879). وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

البقرة: 282.

(4)

مسلم (1/ 86 رقم 79)[132].

ص: 4152

امرأة منهن جزلة: ما لنا أكثر أهل النار؟ ".

لا يحيل حكم القاضي على المقضي عليهما ولا يحرم حلال ولا يحل حرامًا على الخصمين

15867 -

زينب بنت أبي سلمة (خ)(1)، عن أم سلمة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إنما أنا بشر وإنكم تختصمون إليَّ فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له على نحو ما أسمع منه فمن قضيت له بشيء من حق أخيه فلا يأخذ منه؛ فإنما أقطع له به قطعة من النار". وفي لفظ (م) فمن قطعت له من حق أخيه فلا يأخذه فإنما أقطع له به قطعة من النار".

15868 -

صالح (خ م)(2)، عن الزهري، عن عروة، أخبرتني زينب أن أمها أم سلمة أخبرتها عن رسول اللَّه أنه سمع خصومة بباب حجرته فخرج إليهم فقال: إنما أنا بشر، وإنه يأتيني الخصم فلعل بعضهم أن يكون أبلغ من بعض فأحسب أنه صادق فأقضي له بذلك، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليأخذها أو ليتركها".

15869 -

الليث، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة قالت:"اختصم سعد وعبد بن زمعة في غلام فقال سعد: يا رسول اللَّه، هذا ابن أخي عتبة عهد إلي أنه ابنه فانظر إلى شبهه. فقال عبد: هذا أخي يا رسول اللَّه ولد على فراش أبي من وليدته. فنظر رسول اللَّه إلى شبه بين عتبة فقال: هو لك يا عبد، الولد للفراش وللعاهر الحجر. وقال: واحتجبي منه يا سودة فلم يرسودة قط".

15870 -

سعد بن إبراهيم (خ م)(4)، عن القاسم، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من

(1) البخاري (5/ 128 رقم 2458). وتقدم تخريجه.

(2)

البخاري (5/ 128 رقم 2458)، ومسلم (3/ 1338 رقم 1713)[6]. وتقدم تخريجه.

(3)

البخاري (4/ 480 رقم 2218)، ومسلم (2/ 1080 رقم 1457)[36].

وأخرجه النسائي (6/ 180 رقم 3484) من طريق ليث به.

(4)

البخاري (5/ 355 رقم 2697)، ومسلم (3/ 1343 رقم 1718)[18].

وأخرجه أبو داود (4/ 200 رقم 4606)، وابن ماجه (1/ 7 رقم 14) كلاهما من طريق سعد به.

ص: 4153

أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

15871 -

جعفر بن برقان، عن معمر البصري، عن أبي العوام البصري قال:"كتب عمر إلى أبي موسى أن القضاء فريضة محكمة وسنة متبعة فافهم إذا أدلي إليك فإنه لا ينفع تكلم بحق لانفاذ له وآس بين الناس في وجهك ومجلسك وقضائك حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك، البينة على من ادعى واليمين على من أنكر والصلح جائز بين المسلمين إلا صلحًا أحل حرامًا أو حرم حلالا، ومن أدعى حقًا غائبًا أو بينة فاضرب له أمدًا ينتهي إليه فإن جاء بينته أعطيته بحقه، فإن أعجزه ذلك استحللت عليه القضية، فإن ذلك أبلغ في العذر وأجلى للعمى ولا يمنعك من قضاء قضيته اليوم فراجعت فيه لرأيك وهديت فيه لرشدك أن ترجع الحق لأن الحق قديم ولا يبطل الحق شيء ومراجعه الحق خير من التمادي في الباطل، والمسلمون عدول بعضهم على بعض في الشهادة إلا مجلود في حدّ أو مجرب عليه بشهادة الزور أو ظنّين في ولاء أو قرابة فإن اللَّه تولى من العباد السرائر وستر عليهم الحدود إلا بالبينات والأيمان، ثم الفهمَ الفهمَ فيما أدلي إليك مما ليس في قرآن ولا سنة ثم قايس الأمور عند ذلك واعرف الأمثال والأشباه ثم اعمد إلى أحبها إلى اللَّه فيما ترى وأشبهها بالحق، وإياك والغضب في القلق والضجر والتأذي بالناس عند الخصومة والتنكر فإن القضاء في مواطن الحق يوجب اللَّه به الأجر ويحسن به الذخر، فمن خلصت نيته في الحق ولو على نفسه كفاه اللَّه ما بينه وبين الناس، ومن تزين لهم بما ليس في قلبه شانه اللَّه فإن اللَّه لا يقبل من العباد إلا ما كان له خالصًا وما ظنك بثواب غير اللَّه في عاجل رزقه وخزائن رحمته". أناه الحاكم، أنا الأصم، نا الصغاني، نا ابن كناسة، نا جعفر.

قلت: معمر أظنه ابن راشد وإسنادها منقطع.

15872 -

هشام، عن ابن سيرين، عن شريح "أنه كان يقول للرجل: إني لأقضي لك وإني لأظنك ظالمًا ولكن لا يسعني إلا أن أقضي بما يحضرني من البينة وإن قضائي لا يحل لك حرامًا".

ص: 4154

شهادة النسوة في الولادة وعيوب النساء

15873 -

مجالد، عن الشعبي:"كان شريح يجيز شهادة النسوة على الاستهلال وما لا ينظر إليه الرجال".

قال المؤلف: هذا قول الكافة.

ما جاء في عددهن

قال ابن عمر (م)(1)، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي اللب منكن، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل. . . . " الحديث.

15874 -

ابن جريح وغيره، عن عطاء قال:"لا يجوز إلا أربع نسوة في الاستهلاك".

15875 -

عن أبي عبد الرحمن المدائني -مجهول- عن الأعمش، عن أبي وائل، عن حذيفة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة القابلة".

قلت: ما صح هذا.

15876 -

أبو عوانة وهشيم، عن جابر، عن عبد اللَّه بن نجي، عن علي "أنه كان يجيز شهادة القابلة" زاد أبو عوانة:(وحدها). جابر متروك، وعبد اللَّه فيه نظر.

15877 -

ورواه سويد بن عبد العزيز -ضعيف- عن غيلان بن جامع، عن عطاء بن أبي مروان، عن أبيه "أن عليًا" بهذا. قال ابن راهويه: لو صحت شهادتها لقلنا به. وقال الشافعي: لو ثبت عن علي جزنا ذلك.

(1) مسلم (1/ 86 رقم 79)[132].

ومن حديث ابن عمر أخرجه أبو داود (4/ 219 رقم 4679)، وابن ماجه (2/ 1326 رقم 4003).

ص: 4155

شهادة القاذف

قال تعالى: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (4) إِلَّا الَّذِينَ [تَابُوا] (1) مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} (2). قال الشافعي: والثنيا في سياق الكلام على أول الكلام وآخره في جميع ما يذهب إليه أهل الفقه إلا أن يفرق بين ذلك خبر.

15878 -

وأنا ابن عيينة سمعت الزهري يقول: "زعم أهل العراق أن شهادة المحدود لا تجوز، وأشهد لأخبرني فلان أن عمر قال لأبي بكرة: تب تقبل شهادتك". قال سفيان: نسيت اسم الذي حدث الزهري، فلما قمنا سألت من حضر فقال لي عمر بن قيس: هو سعيد بن المسيب. فقلت لسفيان: فهلي شككت فيما قال لك؟ قال: لا، هو سعيد غير شك. قال الشافعي: وكثيرًا ما سمعته يحدث فيسمي سعيدًا وكثيرًا ما سمعته يقول: عن سعيد إن شاء اللَّه. وأخبرني به من أثق به من أهل المدينة، عن ابن شهاب، عن ابن المسيب "أن عمر لما جلد الثلاثة استتابهم فرجع اثنان فقبل شهادتهما، وأبى أبو بكرة أن يرجع فرد شهادته". ورواه سليمان بن كثير، عن الزهري، عن ابن المسيب "أن عمر قال لأبي بكرة وشبل ونافع: من تاب منكم قبلت شهادته".

والأوزاعي، عن الزهري عن سعيد "أن عمر استتاب أبا بكرة".

عبد الرزاق، عن محمد بن مسلم، عن إبراهيم بن ميسرة، عن ابن المسيب "أن عمر قال للذين شهدوا على المغيرة توبوا تقبل شهادتكم. فتاب منهم اثنان وأبى أبو بكرة أن يتوب فكان عمر لا يقبل شهادته".

15879 -

قيس بن الربيع، عن سالم الأفطس، عن سعيد بن عاصم قال:"كان أبو بكرة (إذا أتاه) (3) الرجل يشهده قال: أشهد غيري فإن المسلمين قد فسقوني". إن صح فلأنه امتنع من التوبة من قذفه. قال الشافعي: بلغني عن ابن عباس أنه كان يجيز شهادة القاذف إذا تاب.

15880 -

وعن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس "في قوله: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً

(1) سقط من "الأصل".

(2)

النور: 4، 5.

(3)

تكررت بالأصل.

ص: 4156

أَبَدًا} (1) ثم قال: يعني إلا الذين تابوا، فمن تاب وأصلح فشهادته في كتاب اللَّه تقبل". قال ابن أبي نجيح: إذا تاب تقبل شهادته. كذا يقول عطاء وطاوس ومجاهد.

15881 -

هشيم، أنا عبد الملك، عن عطاء قال:"يقبل اللَّه توبته وأرد شهادته! ".

15882 -

شريك، عن أبي حصين، عن الشعبي قال:"يقبل اللَّه توبته ولا تقابلون شهادته! ".

15883 -

مطرف، عن الشعبي "أنه كان يقول في القاذف: إذا فُرغ من ضربه فأكذب نفسه ورجع عن قوله قبلت شهادته".

15884 -

مسعر، عن رجل، عن عبد اللَّه بن عتبة "إذا تاب قبلت شهادته".

15885 -

هشيم، أنا حصين "رأيت رجلًا جلد حدا في قذف (بالزنية) (2) فلما فرغ من ضربه أحدث توبة قال: أستغفر اللَّه وأتوب إليه من قذف المحصنات. فلقيت أبا الزناد فأخبرته بذلك فقال لي: الأمر عندنا إذا رجع عن قوله واستغفر ربه قبلت شهادته".

15886 -

جويبر، عن الضحاك "إذا تاب قبلت شهادته".

15887 -

مالك أنه بلغه "أن سعيد ابن المسيب وسليمان بن يسار سئلا عن رجل جلد هل تجوز شهادته؟ فقالا: نعم إذا ظهرت منه التوبة". وعن ابن شهاب نحوه. قال مالك: وذلك الأمر عندنا قال تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُوا. . . .} (3) الآية، فإذا تاب قبلت شهادته.

15888 -

فليح (خ م)(4)، عن الزهري، عن عروة وسعيد وعلقمة بن وقاص وعبيد اللَّه، عن عائشة قالت:"فتشهد -يعني النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: أما بعد، يا عائشة فإنه قد بلغني عنك كذا وكذا، فإن كنت بريئة فسيبرئك اللَّه وإن كنت ألممت بالذنب فاستغفري اللَّه وتوبي إليه، فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب اللَّه عليه. . . ." الحديث.

15889 -

الثوري عن عبد الكريم الجزري (ق)(5)، عن زياد بن أبي مريم، عن عبد اللَّه بن معقل "أنه سأل ابن مسعود هل سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: الندم توبة؟ قال: نعم".

(1) النور: 4.

(2)

في "هـ": بالريبة.

(3)

النور: 5.

(4)

البخاري (5/ 319 رقم 2661)، ومسلم (4/ 2129 رقم 2770)[56]. وسبق تخريجه.

(5)

ابن ماجه (2/ 1420 رقم 4252).

ص: 4157

قلت: زياد فيه جهالة.

زهير، عن الجزري، عن زياد، عن ابن معقل قال:"كنت مع أبي إلى جنب ابن مسعود فقال له أبي: أنت سمعته من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم سمعت رسول اللَّه يقول: الندم توبة الندم توبة".

معمر، عن الجزري، عن زياد (1)، عن ابن مسعود قال:"الندم توبة والتائب كمن لا ذنب له". فوقفه معمر وزاد فيه وقطعه.

محمد بن عبد اللَّه الرقاشي، نا وهيب، ثنا معمر، عن عبد الكريم، عن أبي عبيدة (1)، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له"(2). وهذا خطأ.

15890 -

عثمان بن عبد اللَّه الشامي، نا بقية، نا محمد بن زياد، سمعت أبا عتبة الخولاني، سمعت رسول اللَّه يقول:"التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

قلت: عثمان ليس بثقة.

15891 -

أبو كريب، نا سلم بن سالم، عن سعيد بن عبد الجبار، عن عاصم الحُدّاني، عن عطاء، عن ابن عباس مرفوعًا مثله. قال المؤلف: إسناده فيه ضعف.

قلت: بل واهٍ.

ويروى بإسناد ضعيف، عن أبي سَعْدة الأنصاري، عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.

15892 -

فضيل بن سليمان، ثنا موسى بن عقبة، حدثني عبيد اللَّه بن سلمان الأغرّ، عن أبيه، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"كل شيء يتكلم به ابن آدم فإنه مكتوب عليه فإذا أخطأ الخطيئة وأحب أن يتوب فليأت بقعة رفيعة فليمد يديه إلى اللَّه ثم يقول: إني أتوب إليك منها لا أرجع إليها أبدًا. فإنه يغفر له ما لم يرجع في عمله". رواه يوسف القاضي في سننه، نا محمد بن أبي بكر، نا فضيل.

قلت: هذا منكر.

15893 -

الثوري، عن سماك، عن النعمان بن بشير، عن عمر "في قوله: {وَتُوبُوا إِلَى

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أخرجه ابن ماجه (2/ 1419 - 1420 رقم 4250) من طريق محمد بن عبد اللَّه الرقاشي به.

ص: 4158

اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا} (1) قال: هو الرجل يعمل الذنب ثم لا يعود إليه".

15894 -

علي بن صالح، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه " {تَوْبَةً نَصُوحًا} (1) قال: يتوب من الذنب ثم لا يعود". تابعه إسرائيل.

15895 -

معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن عوف بن مالك قال:"ما من ذنب إلا وأنا أعرف توبته. قالوا له: يا أبا عبد الرحمن وما توبته؟ قال: أن تتركه ثم لا تعود اليه".

من قال لا تقبل شهادته

15896 -

أبو جعفر الرازي، عن آدم بن فائد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا محدود في الإسلام ولا محدودة ولا ذي غمر على أخيه".

قلت: آدم نكرة.

قزعة بن سويد، نا المثنى بن الصباح، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده أن رسول اللَّه قال:"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا موقوف على حد ولا ذي غمر على أخيه". آدم والمثنى لا يحتج بهما. وروي من أوجه ضعيفة عن عمرو.

قلت: رواه (ق)(2) من طريق حجاج بن أرطاة عن عمرو.

قال المؤلف: فمن رواه من الثقات عن عمرو لم يذكر فيه المجلود.

15897 -

مروان بن معاوية، عن يزيد بن أبي زياد الدمشقي، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة قال رسول اللَّه:"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا مجلود حد ولا ذي غمر لأخيه ولا مجرب عليه شهادة زور ولا ظنين في ولاء وقرابة"(3) يزيد ضعيف.

15898 -

سليمان بن بنت شرحبيل، نا عبد الأعلى بن محمد -ضعيف- نا يحيى بن سعيد، نا الزهري، عن ابن المسيب، عن ابن عمر "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خطب وقال: ألا لا تجوز

(1) التحريم: 8.

(2)

ابن ماجه (2/ 792 رقم 2366).

(3)

أخرجه الترمذي (4/ 473 رقم 2298) من طريق مروان به وقال: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث يزيد بن زياد الدمشقي، ويزيد يضعف في الحديث.

ص: 4159

شهادة الخائن ولا الخائنة ولا ذي غمر على أخيه ولا الموقوف على حد". قال الدارقطني: يحيى هو الفارسي متروك، وعبد الأعلى ضعيف، ويروى عن عمر قوله، وأراد قبل أن يتوب فقد روينا أنه قال لأبى بكرة: "تب تقبل شهادتك".

15899 -

هاشيم، أنا الشيباني، عن الشعبي، عن شريح "لا تجوز شهادة القاذف أبدًا، وتوبته فيما بينه وبين ربه".

15900 -

مغيرة، عن إبراهيم. ح ويونس عن الحسن قالا:"لا تقبل شهادته أبدًا، وتوبته فيما بينه وبين اللَّه".

15901 -

وعن سعيد بن جبير قال: "توبته فيما بينه وبين اللَّه من العذاب العظيم، ولا تقبل شهادته". هشيم، عن عبيدة، عن إبراهيم "في القاذف إذا شهد قبل أن يجلد فشهادته جائزة".

المقطوع في السرقة

15902 -

قتادة وغيره، عن الحسن (1)"أن رجلا من قريش سرق ناقة فقطع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يده فكان جائز الشهادة". رواه (د) في المراسيل" (2).

التحفظ في الشهادة

قال تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ} (3) وقال: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (4) وقال عن إخوة يوسف: {وَمَا شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ} (5) قال الشافعي: لا يسع شاهدًا أن يشهد إلا بما علم.

15903 -

ابن علية (خ م)(6)، عن الجريري، ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه قال: "كنا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: ألا أحدثكم بأكبر الكبائر: الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين. قال: وكان متكئًا فجلس وقال: وشهادة الزور وشهادة الزور وشهادة -أو قول-

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

المراسيل (286 رقم 395).

(3)

الإسراء: 36.

(4)

الزخرف: 86.

(5)

يوسف: 81.

(6)

البخاري (5/ 309 رقم 2654) معلقًا، ومسلم (1/ 91 رقم 87)[143] وسبق تخريجه.

ص: 4160

الزور. فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت".

15904 -

عمرو بن مالك البصري، ثنا محمد بن سليمان بن مسمول، ثنا عبيد اللَّه بن سلمة بن وهرام، عن أبيه، عن طاوس، عن ابن عباس قال:"ذكر عند رسول اللَّه الرجل يشهد بشهادة فقال: أما أنت يا ابن عباس فلا تشهد إلا على أمر يضيء لك كضياء هذه الشمس. وأومأ بيده إلى الشمس". ابن مسمول تكلم فيه الحميدي.

قلت: وعمرو يسرق الحديث قاله ابن عدي.

15905 -

عمران بن حدير، عن أبي مجلز قلت لابن عمر:"إن ناسًا يدعونني يشهدونني فأكره ذاك. قال: اشهد بما تعلم".

وجوه العلم بالشهادة

قال الشافعي: منها ما عاينه الشاهد فشهد بالمعاينة.

15906 -

إبراهيم بن طهمان (خ)(1)، عن موسى بن عقبة، عن صفوان بن سليم، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "رأى عيسى عليه السلام رجلا يسرق فقال: أسرقت؟ قال: لا واللَّه الذي لا إله إلا هو. فقال: آمنت باللَّه وكذبت بصري".

قال الشافعي: ومنها ما تظاهرت به الأخبار مما لا يمكن في أكثره العيان وتثبت معرفته في القلوب.

15907 -

الطيالسي، ثنا إسحاق بن سعيد، حدثني أبي قال "كنت عند ابن عباس فأتاه رجل فسأله ممن أنت؟ فمتّ له برحم بعيدة فألان له القول وقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "اعرفوا أنسابكم تصلوا أرحامكم فإنه لا قرب للرحم إذا قطعت وإذا كانت قريبة، ولا بعد لها إذا وصلت وإن كانت بعيدة".

قلت: إِسناده جيد.

فأمر عليه السلام بمعرفة الأنساب وإنما تعرف بتظاهر الأخبار ولا يمكن في أكثرها العيان.

(1) البخاري (6/ 551 رقم 3443) تعليقًا.

وأخرجه النسائي في الكبرى (3/ 488 رقم 6003) من طريق إبراهيم به.

ص: 4161

15908 -

إبراهيم بن يوسف بن أبي إسحاق (خ م)(1)، عن أبيه، عن جده سمع الأسود يقول: سمعت أبا موسى يقول: "قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينًا ما نرى إلا أن ابن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم مما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم".

ورواه زكريا بن أبي زأئدة (خ م)(2)، عن أبي إسحاق ولفظه:"لكثرة دخولهم ولزومهم له -يعني للنبي صلى الله عليه وسلم".

فيه كالدليل على أن كثرة الدخول في الدار والتصرف فيها يستدل به على الملك. قال الشافعي: ومنها ما سمعه فيشهد بما أثبت سمعًا من المشهود عليهم (3) مع إثبات بصر.

15909 -

الليث (م)(4)، عن نافع، عن ابن عمر "أنه قال له رجل من بني ليث: إن أبا سعيد يأثر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الورق بالورق إلا مثلا بمثل، وعن بيع الذهب بالذهب إلا مثلا بمثل. فأشار أبو سعيد بأصبعه إلى عينيه وأذنيه فقال: أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول اللَّه يقول: "لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلا بمثل، ولا تشفوا بعضه على بعض، ولا تبيعوا منه غائبًا بناجز إلا يدًا بيد". فأخبر أن القول يقع بمعاينة قائله وسماعه منه، وفي هذا عن الصحابة أمثلة عدة. قال الشافعي: ولهذا قلت: لا تجوز شهادة الأعمى إلا أن يكون أثبت شيئًا معاينة وسمعًا ثم عمي، فإن الصوت يشبه الصوت في السمع.

15910 -

ابن عيينة، نا الأسود بن قيس سمع قومه يقولون:"إن عليًا رد شهادة أعمى في سرقة لم يجزها". الثوري، عن يونس، عن الحسن "أنه كره شهادة الأعمى".

قال الشافعي: وإذا كان هكذا كان الكتاب أحرى أن لا يحل لأحد يشهد عليه.

15911 -

وكيع، نا أبو معاوية عمرو بن عبد اللَّه النخعي قال: "قلت للشعبي: أو سمعت رجلًا قال له: أعرفُ نقش خاتمي في الصك ولا أعرف الشهادة. قال: لا تشهد إلا على ما

(1) البخاري (7/ 129 رقم 3763)، ومسلم (4/ 1911 رقم 2460)[110].

وأخرجه الترمذي (5/ 631 رقم 3706) من طريق إبراهيم بن يوسف به. والنسائي في الكبرى (5/ 72 رقم 8263) من طريق أبي إسحاق به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(2)

البخاري (7/ 699 رقم 4384)، ومسلم (4/ 1911 رقم 2460)[110].

(3)

كتب فوقها في "الأصل": عليه.

(4)

مسلم (9/ 1203 رقم 1584)[86].

ص: 4162

تعرف فإن الناس قد ينقشون على الخواتيم".

15912 -

ابن عون قلت لإبراهيم: "أرى اسمي في الصك ولا أذكر الشهادة، فقال: قال اللَّه: {إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ} (1) ".

وجوب أداء الشهادة وإقامتها إذا شهد

قال اللَّه -تعالى-: {كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى} (2) وقال: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ} (3) الآية، وقال:{وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ} (4) الآية. قال فيها الشافعي: الذي أحفظ عن كل من سمعت منه من أهل العلم في هذه الآية أنه في الشاهد قد لزمته الشهادة.

15913 -

عن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (3) قال: أو أبائكم أو أبنائكم، لا تحابوا غنيًا لغناه، ولا ترحموا مسكينًا لمسكنته، وذلك قوله:{إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا} (3)". "وفي قوله: {فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا} (3) فتذروا الحق فتجوروا".

15914 -

ابن أبي نجيح، عن مجاهد " {وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا} (3) يقول: تبدلوا الشهادة {أَوْ تُعْرِضُوا} (3) يقول: تكتموها".

15915 -

ابن الهاد (م)(5) عن عبادة بن الوليد بن عبادة (خ)(6)، عن أبيه أن أباه حدثه قال:"بايعنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وأثرة علينا: لا ننازع الأمر أهله ونقول الحق حيثما كنا لا نخاف في اللَّه لومة لائم".

(1) الزخرف: 86.

(2)

المائدة: 8.

(3)

النساء: 135.

(4)

البقرة: 283.

(5)

مسلم (3/ 1470 رقم 1709)[41].

(6)

البخاري (13/ 204 رقم 7199، 7200).

وأخرجه النسائي في الكبرى (4/ 422 رقم 7773، 7774، 7775)، وابن ماجه (2/ 957 رقم 2866) من طريق عبادة به.

ص: 4163

15916 -

شعبة، عن أبي إسحاق سمعت كديرًا الضبي منذ خمسين سنة (1) قال:"أتى رجل النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول اللَّه أخبرني بعمل يدخلني الجنة؟ قال: قل العدل، وأعط الفضل. قال: فإن لم أطق ذاك؟ قال: فأطعم الطعام، وأفش السلام. قال: فإن لم أطق ذاك أو أستطيع ذاك؟ قال: فهل لك من إبل؟ قال: نعم. قال: فانظر بعيرًا منها وسقاء، وانظر أهل بيت لا يشربون الماء إلا غبًا فاسقهم فإنك لعلك أن لا تنفُق بعيرك ولا تتخرق سقاؤك حتى تجب لك الجنة".

قلت: هذا مرسل قوي.

ذكر خير الشهود

15917 -

مالك (م)(2)، عن عبد اللَّه بن أبي بكر، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان، عن ابن أبي عمرة، عن زيد بن خالد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أخبركم بخير الشهداء؟ الذي يأتي بشهادته قبل أن يسألها". هذا واللَّه أعلم فيمن عنده شهادة لإنسان لا يعلم بها. ورواه ابن وهب، عن مالك وذكر سماع كل واحد ممن فوقه.

زيد بن الحباب، أخبرني أُبيّ بن عباس، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه بن عمرو، أخبرني خارجة بن زيد، أخبرني عبد الرحمن بن أبي عمرة، أخبرني زيد مرفوعًا فزاد فيه كما ترى خارجة (3).

15918 -

زيد بن الحباب، نا محمد بن مسلم، نا عمرو بن دينار، عن ابن عباس قال:"من كانت عنده شهادة فلا يقل: لا أشهد بها إلا عند إمام ولكنه يشهد لعله يرجع ويرعوي (4) ". ويروى مرفوعًا ولا يصح.

15919 -

أبو إسحاق الشيباني، عن محمد بن عبيد اللَّه الثقفي (1) قال:"كتب عمر بن الخطاب: من كانت عنده شهادة فلم يشهد بها حيث رأها أو حيث علمها فإنما يشهد على ضغن". هذا منقطع.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

مسلم (3/ 1344 رقم 1719)[19].

وأخرجه أبو داود (3/ 304 رقم 3596)، والترمذي (4/ 472 رقم 2295)، والنسائي في الكبرى (3/ 494 رقم 6029) كلهم من طريق مالك به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(3)

أخرجه الترمذي (4/ 473 رقم 2297)، وابن ماجه (2/ 792 رقم 2364). وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.

(4)

أي ينكف ويزجر، من رعا يرعو إذا كف عن الأمور. انظر النهاية (2/ 236).

ص: 4164

كراهية التسرع إلى أدائها وصاحبها يدري بها

15920 -

ابن عون (م)(1) عن إبراهيم (خ)(2)، عن عبيدة قال عبد اللَّه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال: ولا أدري قال في الثالثة أو في الرابعة - ثم يخلف من بعدهم خلف يسبق شهادة أحدهم يمينه، ويمينه شهادته".

15921 -

معاذ بن هشام (م)(3)، نا أبي، عن فتادة، عن زرارة، عن عمران بن حصين، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم ينشأ قوم ينذرون ولا يوفون، ويحلفون ولا يستحلفون، ويخونون ولا يؤتمنون، ويشهدون ولا يستشهدون ويفشو فيهم السمن". تفرد معاذ بزيادة "يحلفون". الطيالسي، نا هشام. . . فذكره ولم يذكر فيه "يحلفون". وهكذا رواه سائر أصحاب هشام، فذكر الحلف إن كان حفظه معاذ يوافق حديث ابن مسعود، ويحتمل أنه أراد في الشهادة أن يشهد بما لم يشهد عليه ولم يعلمه فيكون شاهد زور.

ما على من دعي ليشهد

قال تعالى: {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (4)

15922 -

يونس، عن الحسن قال:"إذا دعي ليشهد وإذا دعي ليقيمها". وعن الحسن قال: "الناس كلهم إذا أبوا أن يشهد بعضهم لبعض لم يسعهم ذاك". وذهب جماعة إلى أن الآية في إقامة الشهادة. وهي محتملة للوجهين جميعًا كقول الحسن وهو في التحمل فرض كفاية.

(1) مسلم (4/ 1963 رقم 2533)[212].

(2)

البخاري (5/ 306 رقم 2652).

(3)

مسلم (4/ 1965 رقم 2535)[215]. وسبق تخريجه.

(4)

البقرة: 282.

ص: 4165

باب ولا يضار كاتب ولا شهيد

15923 -

الثوري، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس "في قوله:{وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (1) أن يجيء فيدعو الكاتب والشهيد فيقولان: إنا على حاجة فيضار بهما فقال قد أمرتما أن تجيبا فلا تضارهما".

15924 -

وعن علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس:" {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا} (1) يقول: من احتيج إليه في شهادة عنده فلا يحل له أن يأبى. ثم قال: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ} (1) والإضرار أن يقول الرجل للرجل وهو عنه غني: إن اللَّه قد أمرك أن لا تأبى إذا ما دعيت فيضاره بذلك وهو مكتف بغيره فنهاه اللَّه وقال: {وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ} (1) يعني بالفسوق العصية".

15925 -

ابن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة (2) قال:"قرأ عمر {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ} (1) قال سفيان: هو الرجل يأتي الرجل فيقول: اكتب لي. فيقول: أنا مشغول انظر غيري، ولا يضاره يقول: لا أريد إلا أنت لينظر غيره، والشهيد أن يأتي الرجل يشهده على الشيء فيقول: إني مشغول فانظر غيري فلا يضاره فيقول: لا أريد إلا أنت".

15926 -

عبد الوهاب ابن عطاء، أنا إسماعيل بن مسلم، عن حميد الأعرج، عن مجالد "لا يضار الكاتب ولا الشهيد يأتيه فيشغله عن ضيعته وعن سوقه".

15927 -

عبد الوهاب، وأنا إسماعيل، عن الحسن قال: "لا يضار الكاتب فيكتب بما لم يؤمر به، ولا يضار الشهيد فيزيد في شهادته. وعن قتادة مثله.

من رد شهادة العبيد ومن قبلها

قال الشافعي: قال تعالى: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (1) قال: ورجالنا أحرارنا لا مماليكنا الذين يغلبهم من يملكهم على كثير من أمورهم فلا تجوز شهادة مملوك في

(1) البقرة: 282.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4166

شيء وإن قل.

15928 -

ابن أبي نجيح، عن مجاهد " {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} قال: من الأحرار". داود بن أبي هند "سألت مجاهدًا عن الظهار من الأمة، قال: ليس بشيء. قلت: أفليست من النساء؟ فقال: فاللَّه يقول: {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (1) أفتجوز شهادة العبيد! ". بين مجاهد أن مطلق الخطاب يتناول الأحرار، وقال أبو يحيى الساجي: روي عن علي والحسن والنخعي والزهري ومجاهد وعطاء: لا يجوز شهادة العبيد. وقال البخاري في الترجمة: قال أنس: شهادة العبد جائزة إذا كان عدلا. وأجازها شريح وزرارة ابن أوفى، وقال ابن سيرين: شهادته جائزة إلا لمالكه. وأجازها الحسن وإبراهيم في الشيء التافه. وقال شريح: كلكم بنو عبيد وإماء.

من رد شهادة الصبيان ومن قبلها في الجراح ما لم يتفرقوا

قال الشافعي: فقوله تعالى: {وَمِنْ رِجَالِكُمْ} (1) يدل على أن لا تجوز شهادة الصبيان ولأنه إنما خوطب بالفرائض البالغون ولأنهم ليسوا ممن يرضى من الشهداء. قال المؤلف: ورينا حديث رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم. قال الشافعي: فإن قيل: أجازها ابن الزبير. فابن عباس ردها.

15929 -

ابن عيينة، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس "في شهادة الصبيان: لا تجوز". وابن أبي مليكة "أنه كتب إلى ابن عباس يسأله عن شهادة الصبيان، فكتب إليه: إن اللَّه يقول: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1) وليسوا ممن نرضى لا تجوز".

15930 -

محمد بن ثور، عن ابن جريج، عن ابن أبي مليكة قال "فأرسلت إلى ابن الزبير أسأله فقال: بالحريّ إن سئلوا أن يصدقوا قال: فما رأيت القضاء إلا على ما رآه ابن الزبير".

15931 -

مالك، عن هشام بن عروة "أن ابن الزبير كان يقضي بشهادة الصبيان فيما بينهم من الجراح".

من رد شهادة أهل الذمة

قال تعالى: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2) وقال: {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} (1) وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1). قال الشافعي: فإنما عنى اللَّه المسلمين دون غيرهم،

(1) البقرة: 282.

(2)

الطلاق: 2.

ص: 4167

وكيف يجوز أن ترد شهادة مسلم كذب ونجيز شهادة ذمي وهو يكذب على اللَّه -تعالى- فقد أخبرنا اللَّه أنهم بدلوا كتاب اللَّه فكتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا: {هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ. . . .} (1) الآية.

15932 -

الزهري (خ)(2) عن عبيد اللَّه بن عبد اللَّه أن ابن عباس قال: "يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل اللَّه على رسوله أحدث الأخبار باللَّه تقرءونه محضًا لم يشب وقد حدثكم اللَّه أن أهل الكتاب قد بدلول ما كتب اللَّه وغيروا وكتبوا بأيديهم الكتب وقالوا: هو من عند اللَّه. ليشتروا به ثمنًا قليلا أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم فلا واللَّه ما رأينا رجلا منهم قط يسألكم عن الذي أنزل عليكم". رواه (خ)(3) من طريق شعيب ويونس.

15933 -

يحيى بن أبي كثير (خ)(4)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال:"كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم {آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا. . .} (5) الآية".

15934 -

شاذان قال: كنت عند الثوري فسمعت من يحدثه عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبي، هريرة قال رسول اللَّه:"لا يتوارث أهل ملتين شتى، ولا تجوز شهادة ملة على ملة إلا ملة محيد فإنها تجوز على غيرهم". فسألت عنه بعض أصحابنا فقال: هو عمر بن راشد.

وقال عثمان الدارمي، نا يزيد بن عبد ربه، نا بقية، عن الأسود شاذان، عن عمر بن راشد، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا "لا ترث ملة ملة. . . " الحديث. تابعه الحسن الأشيب، عن عمر. وقال علي بن الجعد: ثنا عمر بن راشد، نا يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أحسبه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يرث أهل ملة ملة، ولا تجوز شهادة ملة على ملة إلا أمتي". عمر ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما.

(1) البقرة: 79.

(2)

البخاري (13/ 345 رقم 7363).

(3)

البخاري (13/ 505 رقم 7523) من طريق شعيب، و (5/ 344 رقم 2685) من طريق يونس به.

(4)

البخاري (8/ 20 رقم 4485).

(5)

البقرة: 136. وقد زاد في "الأصل": وما أنزل إليكم. وهو خطأ وقع في إحدى روايات البخاري ونبه عليه الحافظ في الفتح وهو تخليط بين آية البقرة، وآية سورة العنكبوت رقم:46.

ص: 4168

15935 -

الزنجي، عن ابن أبي نجيح، عن مجاهد قال:"عدلان حران مسلمان -يعني قوله: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1) ".

قوله تعالى: {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (2)

قال الشافعي: اللَّه أعلم بمعنى ما أراد وقد سمعت من تأولها على: من غير قبيلتكم من المسلمين، ويحتج بقوله تعالى:{تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ} (2) والصلاة الموقتة للمسلمين، وبقوله تعالى:{وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (2) وإنما القرابة بين المسلمين الذي كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم من العرب أو بينهم وبين أهل الأوثان لا بينهم وبين أهل الذمة، وبقوله تعالى:{وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ} (2) وإنما يتأثم من كتمانها للمسلمين المسلمون لا أهل الذمة.

15936 -

يونس، عن الحسن " {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (2) قال: من المسلمين، إلا أنه يقول من القبيلة أو غير القبيلة". وعن الحسن في الآية قال:"ألا ترى أنه يقول: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ} (2) ". وعن عكرمة " {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (2) قال من المسلمين من غير حيّه". قال: الشافعي: وقيل: هي منسوخة بقوله: {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} (3) ورأيت مفتى أهل دار الهجرة والسنة يفتون أن لا تجوز شهادة غير المسليمين العدول وذلك قولي. وحكى الشافعي في موضع آخر عن ابن المسيب وأبي بكر بن حزم وغيرهما أنهم أَبوا إجازة شهادة أهل الذمة. قال: المؤلف: هذا مع ما روي عن ابن المسيب أنه قال في: " {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} من أهل الكتاب دل على أنه اعتقد نسخها أو حمل الآية على غير الشهادة".

15937 -

عطية العوفي، عن ابن عباس في هذه الآية قال "هي منسوخة".

15938 -

يزيد بن صالح، حدثني بكير بن معروف، عن مقاتل بن حيان "في قوله:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} (2) من أهل دينكم {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (2) يقول: يهوديين أو نصرانيين. قوله: {إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ} (2) وذلك أن نصرانيين من أهل دارين أحدهما تميم والآخر عَدِيّ صحبهما مولى

(1) البقرة: 282.

(2)

المائدة: 106.

(3)

الطلاق: 2.

ص: 4169

لقريش في تجارة فركبوا البحر ومع القرشي مال معلوم قد علمه أولياؤه من بين آنية وبزّ ورِقَةٍ فمرض القرشي فجعل الوصية إلى الداريين فمات فقبض الداريان المال فلما رجعا من تجارتهما جاءا بالمال والوصية إلى أولياءه الميت وجاءا ببعض ماله فاستنكر القوم قلته فقالوا لهما: هل باع أو اشترى فوضع فيه أم هل طال مرضه فأنفق على نفسه؟ قالا: لا. قالوا: إنكما قد خنتما. فقبضوا المال ورفعوا أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ} (1) فلما نزلت أن يحبسا بعد الصلاة أمرهما النبي صلى الله عليه وسلم فقاما بعد الصلاة فحلفا باللَّه رب السموات ورب الأرض ما ترك مولاكم من المال إلا ما أتيناكم به، وإنا لا نشتري بأيماننا ثمنًا من الدنيا ولو كان ذا قربى ولا نكتم شهادة اللَّه، فلما حلفا خلى سبيلهما ثم إنهم وجدوا بعد ذلك إناء من آنية الميت وأخذوا الداريين فقالا: اشترياه منه في حياته وكذبا: فكلفا البينة فلم يقدرا عليها فرفعوا ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل اللَّه {فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا} (2) يقول: فإن اطُّلع على أنهما استحقا إثمًا يعني الداربين. يقول: إن كانا كتما حقًّا {فَآخَرَانِ} (1) من أولياء الميت {يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} (1) يقول: فيحلفان باللَّه أن مال صاحبنا كان كذا وكذا وأن الذي نطلب قبل الداريين لحق {مَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ} فهذا قول الشاحدين أولياء الميت حين اطلع على خيانة الداريين، يقول اللَّه:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا} (1) يعني الداريين والناس أن يعودوا لمثل ذلك".

الشافعي، أنا معاذ بن موسى الجعفري، عن بكير، عن مقاتل، قال مقاتل بن حيان: أخذت هذا التفسير عن مجاهد والحسن والضحاك "في قوله: {ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ. . .}، (1) الآية، أن رجلين نصرانيين من أهل دارين: أحدهما تميمي والآخر يمانٍ، صحبهما مولى لقريش في تجارة فركبوا البحر. . . " الحديث. قال الشافعي: معنى {شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} (1) أيمان بينكم إذا كان هذا المعني واللَّه أعلم. ورواه ابن عباس دون ادعائهما أنهما اشتريا الجام.

(1) المائدة: 106.

ص: 4170

15939 -

يحيى بن أبي زائدة (خ)(1)، عن محمد بن أبي القاسم (2)، عن عبد الملك بن سعيد بن جبير، عن أبيه، عن ابن عباس قال:"خرج رجل من بني سهم مع تميم الداري وعدي بن بدّاء، فمات السهمي بأرض ليس بها مسلم فلما قدما بتركته فقدوا جام فضة دخوص بالذهب فأحلفهما رسول اللَّه ثم وجدوا الجام بمكة فقالوا: اشتريناه من تميم وعدي. فقام رجلان من أولياء السهمي فحلفا لشهادتنا أحق من شهادتهما وأن الجام لصاحبهم وفيهم نزلت {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ} (3) ". وروي نحوه عن عطاء بن السائب، عن سعيد ابن جبير، عن ابن عباس.

من أجاز شهادة [أهل](4) الذمة على الوصية في السفر للضرورة

15940 -

زكرياء بن أبي زائدة (د)(5)، عن الشعبي "أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقوقا ولم يجد مسلمًا يشهده على وصيته فأشهد رجلين من أهل الكتاب فقدما الكوفة فأتيا الأشعري فأخبراه وقدما بتركته ووصيته، فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأحلفهما بعد العصر باللَّه ما خانا ولا كذبا ولا بدّلا ولا كتما ولا غيرا وأنها لوصية الرجل وتركه، فأمضى شهادتهما".

15941 -

أبو خالد الأحمر، عن مجالد، عن الشعبي، عن جابر "أن النبي صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة اليهود بعضهم على بعض"(6). فهذا أخطأ فيه الأحمر، وإنما رواه غيره عن مجالد من فتيا شرح.

15942 -

أبو أسامة، عن عبد الواحد، سمعت مجالدًا، عن الشعبي قال:"كان شريح يجيز شهادة كل ملة على ملتها ولا يجير شهادة اليهودي على النصراني ولا النصراني على اليهودي، إلا المسلمين فإنه كان يجيز شهادتهم على أهل الملل كلها".

خالد بن عبد اللَّه، عن داود، عن الشعبي، عن شريح " {أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ} (3) قال:

(1) البخاري (5/ 480 رقم 2780).

(2)

كتب بالحاشية: محمد بن أبي القاسم الطويل كوفي ثقة.

(3)

المائدة: 106.

(4)

من "هـ".

(5)

كذا عزاه لأبي داود، وليس عنده وانظر تحفة الأشراف (13/ 244).

(6)

أخرجه ابن ماجه (2/ 794 رقم 2374).

ص: 4171

إذا مات الرجل في أرض غربة فلم يجد مسلمًا فأشهد من غير المسلمين شاهدين فشهادتهما جائزة فإن جاء مسلمان فشهدا بخلاف ذلك أخذت بشهادة المسلمين ورددت شهادتهما".

الأعمش، عن إبراهيم، عن شريح "أنه لا يجيز شهادة يهودي ولا نصراني على المسلمين إلا في الوصية في السفر". وروى يحيى بن وثاب "أن شريحًا كان يجيز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض".

شهادة الفاسق ترد

قال تعالى: {واشْهِدُوا ذَوَي عَدْلٍ مِنْكُم} (1) وقال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (1) قال الشافعي: لا نرضى الفاسق. والرضا إنما يقع على العدول منا.

15943 -

مالك، عن ربيعة (2) "قدم على عمر رجل عن قبك العراق فقال: جئتك لأمر ماله رأس ولا ذنب. قال: وما هو؟ قال: شهادة الزور ظهرت بأرضنا. قال: وقد كان ذلك؟ قال: نعم. قال عمر: لا واللَّه لا يؤسر رجل في الإسلام بغير العدول". يؤسر: يحبس.

15944 -

ابن عون، عن محمد، عن شريح قال:"ادع ما شئت وائت بشهود عدول فإنا أمرنا بالعدول وائت (فتسأل) (3) عنه".

تحمل الشهادة في الصغر أو الكفر يصح

15945 -

ابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عطاء بن أبي رباح "أن الطلب بن أبي وداعة ويعلى بن أمية كانت عنده ما شهادة في الجاهلية فرفعا إلى معاوية في الإسلام فأجازها".

15946 -

مغيرة، عن إبراهيم. ويونس، عن الحسن. ومحمد بن سالم، عن الشعبي "قالوا في شهادة الغلام إذا شهد قبل أن يبلغ ثم قام بها إذا بلغ، والنصراني واليهودي إذا شهدا في حال شرك ثم أسلما، والعبد إذا شهد ثم أعتق، ثم قاموا بشهادتهم: إن شهادتهم لجائزة".

(1) البقرة: 282.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

في "هـ": فسل.

ص: 4172

القضاء بشاهد ويمين

15947 -

زيد بن الحباب (م د)(1)، حدثني سيف بن سليمان المكي، حدثني قيس بن سعد، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين".

الشافعي أنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي (س)(2)، عن سيف نحوه. قال عمرو في الأموال. أحمد بن حنبل وغيره، عن عبد اللَّه بن الحارث بهذا، وقال:"مع الشاهد الواحد". قال الشافعي: حديث ابن عباس ثابت ومعه ما يشده.

ابن عبد الحكم، سمعت الشافعي يقول: قال لي محمد بن الحسن: لو علمت أن سيف ابن سليمان يروي حديث "اليمان مع الشاهد" لأفسدته. فقلت: يا أبا عبد اللَّه، إذا أفسدته فسد. قال ابن المديني: سألت يحيى بن سعيد، عن سيف قال: هو عندنا ممن يصدق ويحفظ كان ثبتا.

15948 -

عبد الرزاق (د)(3)، أنا محمد بن مسلم ح.

وأبو حذيفة النهدي، ثنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضي باليمان مع الشاهد". خالفهما من لا يحتج بهم عن محمد فزادوا في إسناده طاوسًا. ورواه بعضهم عن عمرو فزاد في إسناده أبا الشعثاء. ورواية الثقات لا تعلل برواية الضعفاء.

الشافعي، أنا إبراهيم بن محمد، عن ربيعة بن عثمان، عن معاذ بن عبد الرحمن، عن ابن عباس وآخر له صحبة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد".

15949 -

الشافعي (د)(4)، أنا عبد العزيز، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد". قال عبد العزيز: فذكرت ذلك لسهيل فقال: أخبرني ربيعة -وهو عندي ثقة- أني حدثته إياه ولا أحفظه. قال

(1) مسلم (3/ 1337 رقم 1712)[3] وأبو داود (3/ 308 رقم 3608).

(2)

النسائي في الكبرى (3/ 490 رقم 6011).

وأخرجه ابن ماجه (2/ 793 رقم 2370) من طريق عبد اللَّه بن الحارث المخزومي عن سيف به.

(3)

أبو داود (3/ 308 رقم 3609).

(4)

أبو داود (3/ 309 رقم 3610).

وأخرجه الترمذي (3/ 627 رقم 1343) وابن ماجه (2/ 793 رقم 2368) كلاهما من طريق ربيعة به. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد الواحد" حديث حسن غريب.

ص: 4173

عبد العزيز: وقد كان أصاب سهيلًا علة أذهبت بعض عقله ونسي بعض حديثه.

سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن سهيل نحوه. رواه جماعة عن سليمان. وقالب زياد بن يونس (د) (1): قال سليمان: فلقيت سهيلًا فسألته فقال: ما أعرفه، فإن كان ربيعة أخبرك عني فحدث به عن ربيعة عني.

يعقوب بن كاسب، نا محمد بن عبد الرحمن العامري -ثقة- سمع سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا "قضى باليمين مع الشاهد".

محمد بن المبارك الصُّوري، ثنا المغيرة بن عبد الرحمن، عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة (2) رواه جماعة عنه.

إبراهيم بن الهيثم البلدي، نا عبد اللَّه بن نافع، حدثني المغيرة بن عبد الرحمن بهذا الإسناد "أن رسول اللَّه قضى باليمين مع الشاهد". قال أحمد بن حنبل: هو أصبح ما في الباب.

15950 -

مالك وجماعة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (3)"أن رسول اللَّه قضى باليمين مع الشاهد الواحد" زاد إسماعيل بن جعفر، عن جعفر، عن أبيه:"وأن عليًا قضى به بالعراق". (4).

15951 -

الشافعي أنه قال لبعضي من بيناظره: فقد روي الثقفي عبد الوهاب، عن جعفر ابن محمد، عن أبيه، عن جابر "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد"(5) ورواه ابن المديني وإسحاق وغيرهما، عن الثقفي موصولًا. وروي عن حميد بن الأسود وعبد اللَّه العمري وهشام بن سعد وغيرهم، عن جعفر موصولًا.

قتيبة، نا إبراهيم بن أبي حية، عن جعفر، عن أبيه، عن جابر مرفوعًا "أتاني جبريل فأمرني أن أقضي باليمين مع الشاهد، وأن يوم الأربعاء يوم نحس مستمر".

قلت: إبراهيم تركه الدارقطني.

15952 -

إسماعيل القاضى، ثنا إسماعيل بن أبي أويس، ثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (3) "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد" وقال: قضي بذلك علي.

(1) أبو داود (3/ 309 رقم 3611).

(2)

أخرجه النسائي في الكبرى (3/ 491 رقم 6014) من طريق محمد بن المبارك به.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(4)

أخرجه الترمذي (3/ 628 رقم 1345) عن طريق إسماعيل بن جعفر عن جعفر بن محمد به مرسلًا. وقال أبو عيسى: هذا أصح.

(5)

أخرجه الترمذي (3/ 628 رقم 1344)، وابن ماجه (2/ 793 رقم 2369) كلاهما من طريق عبد الوهاب به.

ص: 4174

15953 -

شبابة، ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (1)، عن علي "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى بشاهد ويمين وقضى به علي بالعراق" هذا لفظ عباس الدوري عنه.

وأخبرنا العلوي، أنا أحمد بن محمد الحافظ، ثنا أحمد بن محمد بن الصباح، ثنا شبابة، نا عبد العزيز، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (1)، عن علي "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بشهادة رجل واحد مع يمين صاحب الحق وقضى به عليٌّ".

إسحاق بن موسى الخطمي، ثنا حسين بن زيد، حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (1) علي عن رسول اللَّه بهذا، وجدّه لم يدرك عليًا.

15954 -

القعنبي، نا سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن أبي جعفر محمد بن علي (1)"أن رسول اللَّه قضى باليمين مع الشاهد الواحد".

ابن عيينة، عن خالد بن أبي كريمة، عن أبي جعفر (1):"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى بذلك".

15955 -

الشافعي، أنا عبد العزيز بن محمد، عن ربيعة، عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل بن سعيد بن سعد بن عبادة، عن أبيه، عن جده قال:"وجدنا في كتب سعد أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد".

معلى بن منصور، ثنا سليمان بن بلال، عن ربيعة، عن إسماعيل (1) بن عمرو، عن أبيه (1) وأنهم وجدوا في كتاب سعد. . . . " فذكره.

15956 -

ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة ونافع بن يزيد، عن عمارة بن غزية، عن سعيد ابن عمرو بن شرحبيل (1) "أنه وجد في كتب آبائه: هذا ما رفع أو ذكر عمرو بن حزم والمغيرة ابن شعبة قالا: بينا نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم دخل رجلان يختصمان مع أحدهما شاهد له على حقه، فجعل رسول اللَّه يمين صاحب الحق مع شاهده، فاقتطع بذلك حقه".

15957 -

ثنا أحمد بن عبدة (د)(2)، نا عمار بن شعيث بن عبد اللَّه بن الزُبَيب العنبري، حدثني أبي، سمعت جدي الزبيب يقول: "بعث رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى بني العنبر فركبت فسبقتهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: السلام عليك يا نبي اللَّه ورحمة اللَّه وبركاته، أتانا جندك فأخذونا وقد كنا أسلمنا وخضرمْنا آذان النعم، فلما قدم بلعنَبر قال لي نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم: هل لكم بيِّنة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذه الأيام؟ قلت: نعم، قال: من بينتك؟ قلت: سمرة -رجل من بني العنبر- ورجل آخر سماه فشهد الرجل وأبى سمرة أن يشهد، فقال نبي اللَّه: قد أبى أن يشهد لك، فتحلف مع شاهدك الآخر؟ قلت: نعم، فاستحلفني فحلفت باللَّه لقد

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (3/ 309 رقم 3612).

ص: 4175

أسلمنا يوم كذا وكذا وخضرمنا آذان النعم، قال: اذهبوا فقاسموهم أنصاف الأموال ولا تمسوا ذراريهم، لولا أن اللَّه لا يحب ضلالة العمل ما رزيناكم عقالا. قال الزبيب: فدعتني أمي، فقالت: هذا الرجل أخذ زِرْبيتي، فانصرفت إلى نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يعني فأخبارته- فقال لي: أحبسه. فأخذت بتلبيبه وقمت معه مكاننا ثم نظر إلينا نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم قائمين فقال: ما تريد بأسيرك؟ فأرسلته من يدي، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال للرجل: رد على هذا زربية أمه. قال: يا نبي اللَّه إنها خرجت من يدي. قال: فاختلع نبي اللَّه سيف الرجل فأعطانيه، فقال لرجل: اذهب فزده آصعًا من طعام. قال: فزادني آصعا من شعير".

خضرمنا: قطعنا طرف الأذن، وكان ذلك في الأموال علامة لمن أسلم. قاله الخطابي. وفي هذا استعمال اليمين مع الشاهد في غير الأموال، لكن إسناده ليس بذاك ويحتمل أن يكون اليمين قصد بها هنا المال.

15958 -

الشافعي، أنا إبراهيم بن محمد، عن عمرو بن أبي عمرو، عن ابن المسيب (1)"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد".

15959 -

وأنا الزنجي، عن ابن جريج، عن عمرو بن شعيب (1) "أن النبي قال في الشهادة: فإن (جاءوا بشاهد أحلف)(2) مع شاهده".

15960 -

مطرف بن مازن، ثنا ابن جريج، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "قضى النبي صلى الله عليه وسلم بشاهد ويمين في الحقوق".

قلت: مطرف كذبه ابن معين.

النفيلي، ثنا محمد بن عبد اللَّه بن عبيد بن عمير، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن رسول اللَّه قضى باليمين مع الشاهد". محمد واه.

15961 -

ابن وهب، نا عثمان بن الحكم، حدثني زهير بن محمد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن زيد بن ثابت "أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد".

قلت: هذا منكر، عثمان تكلم فيه.

15962 -

جويرية بن أسماء، عن عبد اللَّه بن يزيد مولى المنبعث، عن رجل مصري، عن سُرّق "قضى رسول اللَّه بيمين وشاهد" رواه مسدد وسهل بن بكار عنه.

15963 -

طلحة بن زيد -قلت: متروك- ثنا جعفر بن محمد، عن أبيه (1)، عن علي "أن رسول اللَّه وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يقضون بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي" قال

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

في "هـ": جاء بشاهد حلف.

ص: 4176

جعفر: والقضاة يقضون بذلك عندنا اليوم.

15964 -

أبو عاصم، عن أبي بكر بن أبي سبرة، عن أبي الزناد، عن عبد اللَّه بن عامر "حضرت أبا بكر وعمر وعثمان يقضون بشهادة الشاهد واليمين".

قلت: أبو بكر تركوه.

15965 -

الزنجي، حدثني جعفر بن محمد "سمعت الحكم بن عتيبة يسأل أبي -وقد وضع يده على جدار القبر ليقوم-: أقضى النبي صلى الله عليه وسلم باليمين مع الشاهد؟ قال: نعم، وقضى به علي بين أظهركم".

15966 -

عباد الرواجني، نا إبراهيم بن أبي يحيى، عن جعفر بن محمد، عن أبيه (1) "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى باليمين مع الشاهد -يعني: في الأموال- وقضى بذلك علي".

قلت: عباد تالف كشيخه.

ويروى عن أبي جعفر الباقر (1)"أن أبي بن كعب قضي باليمين مع الشاهد".

الشافعي، أنا مالك، عن أبي الزناد أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عبد الحميد عامل الكوفة: أن أقض مع الشاهد".

15967 -

الشافعي، أنا الثقة، عن ابن عجلان، عن أبي الزناد "أن عمر. . . . " بنحوه، وقال:"فإنها السنة" قال أبو الزناد: فقام رجل من كبرائهم فقال: أشهد أن شريحًا قضى بهذا".

15968 -

قال الشافعي: وذكر عبد العزيز الماجشون، عن رزيق بن حكيم قال:"كتبہت إلى عمر بن عبد العزيز أخبره أني لم أجد اليمين مع الشاهد إلا بالمدينة، فكتب إلي: اقض بها؛ فإنها السنة". وسمعه زيد بن الحباب من عبد العزيز.

15969 -

مروان بن معاوية، ثنا حفص ابن ميمون الثقفي "خاصمت إلى الشعبي في موضحة فشهد القائس أنها موضحة، فقال الشاج للشعبي: أتقبل على شهادة رجل واحد؟ ! قال: قد شهد القياس أنها موضحة وحلف المشجوج على مثل ذلك. قال: فقضى الشعبي فيها". مالك (1)"أن سليمان بن يسار وأبا سلمة سئلا: أيقضى باليمين مع الشاهد؟ قالا: نعم".

15970 -

الشافعي، ذكر حماد بن زيد، عن أيوب، عن محمد "أن شريحًا قضى باليمين مع الشاهد".

15971 -

أيوب، عن ابن سيرين "أن عبد اللَّه بن عتبة بن مسعود قضى باليمين مع الشاهد".

15972 -

قال الشافعي: وذكر عن عمران بن حدير، عن أبي مجلز قال:"قضى زرارة بن أوفى بشهادتي وحدي".

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4177

15973 -

وقال شعبة: عن أبي قيس وعن أبي إسحاق "أجاز شهادة كل واحد منهما وحده".

الأعمش، عن أبي إسحاق قال:"أجاز شريح شهادتي وحدي". وقال أبو قيس: "شهدت عند شريح على مصحف فأجاز شهادته وحده".

15974 -

يونس عن ابن سيرين "كان شريح يجيز شهادة الواحد إذا عرفه مع يمين الطالب في الشيء اليسير".

15975 -

حماد بن زيد، عن عبد المجيد العتكي "أن يحيى بن يعمر كان يقضي بشهادة شاهد ويمين". وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن "أنه كان يستحلف صاحب الحق مع الشاهد الواحد". وكلثوم بن زياد قال:"أدركت سليمان بن حبيب والزهري يقضيان بذلك".

15976 -

الشافعي، أنا الزنجي، عن ابن جريج، عن عطاء قال:"لا رجعة إلا بشاهدين إلا أن يكون عذر فيأتي بشاهد ويحلف مع شاهده". قال الشافعي: فعطاء يفتي باليمين مع الشاهد فيما لا يقول به أحد من أصحابنا، واليمين مع الشاهد لا يخالف من ظاهر القرآن شيئًا؛ لأنا نحكم بشاهدين وبشاهد وامرأتين ولا يمين، فإذا كان شاهد حكمنا بشاهد ويمين وليس ذا يخالف القرآن؛ لأنه لم يحرم أن يجوز أقل مما نص عليه في كتابه ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أعلم بمعنى ما أراد اللَّه، وقد أمرنا اللَّه أن نأخذ ما آتانا.

15977 -

ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الفقهاء الذين ينتهي إلى قولهم من أهل المدينة كانوا يقولون:"لا يكون اليمين مع الشاهد في الطلاق ولا العتاق ولا الفرقة ولم يكونوا يجيزون شهادة النساء لا رجل معهن إلا فيما لا يراه إلا النساء، وكانوا يقولون: من شهد له شاهد على قتل عبده حلف مع شاهده يمينًا واحدة واستوجب قيمة عبده".

توكيد اليمين بالمكان وبالزمان وبالمصحف

15978 -

هاشم بن هاشم (د س ق)(1)، أخبرني عبد اللَّه بن نسطاس -مولى كثير بن الصلت- أن جابر بن عبد اللَّه أخبره أنه سمع رسول صلى الله عليه وسلم يقول:"لا يحلف أحد على يمين آثمة عند منبري هذا ولو على سواك أخضر إلا تبوأ مقعده من النار - أو وجبت له النار".

مالك، عن هاشم، عن ابن نسطاس، عن جابر مرفوعًا: "من حلف على منبري هذا

(1) أبو داود (3/ 221 - 222 رقم 3246)، والنسائي في الكبرى (3/ 491 رقم 6018)، وابن ماجه (2/ 779 رقم 2325).

ص: 4178

بيمين آثمة تبوأ مقعده من النار".

15979 -

الشافعي، أنا من نثق به، عن الضحاك بن عثمان، عن المقبري، عن نوفل ابن مساحق، عن المهاجر بن أبي أمية قال:"كتب إليّ أبو بكر: أن ابعث إلى بقيس بن مكشوح فأحلفه خمسين يمينًا عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ما قتل ذا ذادوي".

15980 -

شعبة، عن منصور، عن الشعبي (1) قال:"قتل رجل فأدخل عمر الحجر من المدعى عليهم خمسين رجلًا، فأقسموا ما قتلنا ولا علمنا قاتلا". وروينا عن عطاء بن أبي رباح "أن رجلا قال لامرأته: حبلك على غاربك مرارًا، فأتى عمر فاستحلفه بين الركن والمقام ما الذي أردت بقول هذا؟ ". مرسلان.

15981 -

قال الشافعي: هذا قول قضاة المكيين ومفتيهم، ومن حجتهم أن مسلمًا والقداح أخبراني عن ابن جريج، عن عكرمة بن خالد (1)"أن عبد الرحمن بن عوف رأى قومًا يحلفون بين المقام والبيت، فقال: أعلى دم؟ قالوا: لا، قال: فعلى عظيم من الأموال؟ قالوا: لا. قال: لقد خشيت أن يبهأ الناس بهذا المقام". قال الشافعي: فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال ما وصفت من عشرين دينارًا فصاعدًا. قال: وقال مالك يحلف على المنبر على ربع دينار. قوله: "يبهأ" يأنسوا به، فتذهب هيبته من قلوبهم.

15982 -

مالك، عن داود بن الحصين، سمع أبا غطفان بن طريف المري، قال:"اختصم زيد بن ثابت وابن مطيع مروان في دار، فقضى باليمين على زيد على المنبر، فقال زيد: أحلف له مكاني، قال مروان: لا واللَّه إلا عند مقاطع الحقوق فجعل زيد يحلف أن حقه ويأبى أن يحلف على المنبر، فجعل مروان يعجب من ذلك" قال مالك: كره زيد صبر اليمين.

قال الشافعي: "وبلغني أن عمر حلف على المنبر في خصومة كانت بينه وبين رجل، وأن عثمان ردت عليه اليمين على المنبر فاتقاها وافتداها وقال: أخاف أن يوافق قدر بلاء فيقال: بيمينه".

وعن ابن عباس "أنه سئل عن امرأة شهدت أنها أرضعت امرأة وزوجها فقال: استحلفها عند المقام؛ فإنها إن كانت كاذبة لم يحل عليها الحول يبيض ثدياها، فاستحلفت فحلفت فلم يحل عليبها الحول حتى ابيض ثدياها". رواه مجاعة، عن قتادة، عن جابر بن زيد عنه.

وقال اللَّه -تعالى-: {تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ} (2) قال الشافعي: قال المفسرون: صلاة العصر.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

المائدة: 106.

ص: 4179

15983 -

زكريا، عن الشعبي، عن أبي موسى الأشعري قصة الوصية فقال:"هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول اللَّه فأحلفهما بعد العصر".

15984 -

الأعمش (خ م)(1)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: رجل على فضل ماء بالطريق يمنع منه ابن السبيل، ورجل بايع إمامًا للدنيا فإن أعطاه ما يريد وفي له وإن لم يعطه لم يف له، ورجل ساوم رجلًا على سلعة بعد العصر فحلف باللَّه لقد أعطى بهذا كذا وكذا فصدقه الآخر". ورواه سمي، عن أبي صالح.

محمد بن يونس الجمال نا سفيان (خ م)(2)، عن عمرو بن دينار، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر إليهم: رجل حلف على مال مسلم بعد صلاة العصر فيقتطعه، ورجل حلف لقد أعطى بسلعته أكثر مما أعطي وهو كاذب، ورجل منع فضل ماء، يقول اللَّه: أمنعك فضلي كما منعت فضل ماء لم تعمله يداك".

15985 -

الشافعي، أنا عبد اللَّه بن المؤمل، عن ابن أبي مليكة، قال:"كتبت إلى ابن عباس من الطائف في جاريتين ضربت إحداهما الأخرى ولا شاهد عليهما، فكتب إليّ: أن احبسهما بعد العصر ثم اقرأ عليهما: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} (3) ففعلت فاعترفت".

15986 -

الشافعي، أخبرني مطرف بن مازن (4)"أن ابن الزبير أمر بأن يحلّف على المصحف" ورأيت مطرفًا بصنعاء يحلف على الصحف، وقد كان من الحكام من يفعله، وذلك عندي حسن.

التشديد في اليمين الفاجرة وما ينبغي للحاكم من الوعظ فيها

15987 -

الأعمش (خ م)(5)، عن شقيق، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من حاف

(1) البخاري (5/ 42 رقم 2358)، ومسلم (1/ 103 رقم 108)[173].

وأخرجه أبو داود (3/ 277 رقم 3474)، والترمذي (4/ 128 رقم 1395)، والنسائي (7/ 246 - 247 رقم 4462) من طرق عن الأعمش به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

البخاري (13/ 433 رقم 7446)، ومسلم (1/ 103 رقم 108)[174].

(3)

آل عمران: 77.

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(5)

البخاري (8/ 60 رقم 4549 - 4550)، ومسلم (1/ 122 رقم 138)[220]. وسبق تخريجه.

ص: 4180

على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم وهو فيها فاجر لقي اللَّه وهو عليه غضبان، وتصديق ذلك في كتاب اللَّه:{إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} (1) الآية. فدخل الأشعث بن قيس فقال: ما حدثكم أبو عبد الرحمن؟ قال: كذا وكذا، قال: صدقت، في نزلت؛ كان فيما بيني وبين رجل في أرض باليمن خصومة، فاختصمنا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: هل لك بيِّنة؟ قلت: لا. قال: فيمينه. قلت: إذًا يحلف. قال: من حلف على يمين صبر ليقتطع بها مال امرئ مسلم لقي اللَّه وهو عليه غضبان. فأنزل اللَّه: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} (1) ".

15988 -

ابن عيينة (خ م)(2)، نا عبد الملك بن أعين وجامع بن أبي راشد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه:"من اقتطع مال امرئ مسلم بيمين كاذبة لقي اللَّه وهو عليه غضبان. ثم قرأ علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب اللَّه: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا. . .} (1) الآية".

15989 -

جرير بن حازم (س)(3)، ثنا عدي بن عدي، عن رجاء بن حيوة والعرس بن عميرة حدثا، عن أبيه عدي قال:"كان بين امرئ القيس وبين رجل من حضرموت خصومة، فارتفعوا إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: بينتك وإلا فيمينه. قال: يا رسول اللَّه، إن حلف ذهب بأرضي. فقال رسول اللَّه: من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي اللَّه وهو عليه غضبان. فقال امرؤ القيس: يا رسول اللَّه، فما لمن تركها محقًا؟ قال: الجنة، قال: فاشهد أني قد تركتها". قال جرير: فزادني أيوب "وكنا جميعًا حين سمعنا من عدي قال: قال عدي في حديث العرس: نزلت هذه الآية: {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ. . .} (1) الآية".

15990 -

أبو الأحوص (م)(4)، عن سماك، عن علقمة بن وائل، عن أبيه قال: "جاء

(1) آل عمران: 77.

(2)

البخاري (13/ 433 رقم 7445)، ومسلم (1/ 123 رقم 138)[222]. وسبق تخريجه.

(3)

النسائي في الكبرى (3/ 486 رقم 5996).

(4)

مسلم (1/ 123 رقم 139)[223].

ص: 4181

رجل من حضرموت ورجل من كندة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: الحضرمي: يا رسول اللَّه، إن هذا قد غلبني على أرض كانت لأبي، فقال الكندي: هي أرضي وفي يدي أزرعها ليس له فيها حق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم للحضرمي: ألك بينة؟ قال: لا. قال: فلك يمينه، قال: يا رسول اللَّه، إن الرجل فاجر لا يبالي على ما حلف عليه وليس يتورع من شيء. قال: ليس لك منه إلا ذلك. فانطلق ليحلف له، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لما أدبر: أما لئن حلف على مال ليأكله ظلمًا ليلقين اللَّه وهو عنه معرض". قوله: "فانطلق ليحلف" "ولما أدبر" فيه كالدلالة أن الأيمان كانت تنقل بالمدينة إلى المسجد.

15991 -

مالك، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن معبد بن كعب، عن أخيه عبد اللَّه، عن أبي أمامة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من اقتطع حق مسلم بيمينه حرم اللَّه عليه الجنة وأوجب له النار. قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول اللَّه؟ قال: وإن كان قضيبًا من أراك قالها ثلاثًا". تابعه إسماعيل بن جعفر (م)(1)، ولم يقل:"قالها ثلاثًا".

15992 -

نافع بن عمر (خ م مختصرًا)(2)، عن ابن أبي مليكة "كتبت إلى ابن عباس في امرأتين كانتا تخرزان خريزًا في بيت وفي الحجرة حدّاث، فخرجت إحداهما ويدها تشخب دمًا، فقالت: أصابت يدي هذه. وأنكرت الأخرى. فكتب إليّ ابن عباس: أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى أن اليمين على المدعى عليه، ولو أن الناس أعطوا بدعواهم ادعى أناس دماء أناس وأموالهم، فادعها واقرأ عليها {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ. . .} (3) الآية. قال: فاعترفت. فبلغ ذلك ابن عباس فسره". اختصره الشيخان، وللبخاري نحوه من حديث ابن جريج عن ابن أبي مليكة.

الافتداء عن اليمين

15993 -

حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي، عن الحسن بن صالح، عن الأسود بن قيس،

(1) مسلم (1/ 122 رقم 137)[218].

(2)

البخاري (5/ 331 رقم 2668)، ومسلم (3/ 1336 رقم 1711)[2].

وأخرجه أبو داود (3/ 311 رقم 3619)، والترمذي (3/ 626 رقم 1342)، والنسائي (8/ 248 رقم 5425) من طرق عن نافع بن عمر به.

(3)

آل عمران: 77.

ص: 4182

عن حسان ابن ثمامة قال: "زعموا أن حذيفة عرف جملًا له سرق، فخاصم فيه إلى قاضي المسلمين فصارت على حذيفة يمين في القضاء، فأراد أن يشتري يمينه، فقال: لك عشرة دراهم. فأبى، فقال: لك عشرون، فأبى، فقال: لك ثلاثون، فأبى، فقال: لك أربعون، فأبى، فقال حذيفة: أترك جملي، فحلف أنه جمله ما باعه ولا وهبه". ويذكر عن جُبير بن مطعم "أنه فدى يمينه بعشرة آلاف درهم". ويُذكر عن عمر "في خصومة بينه وبين معاذ بن عفراء، فحلف عمر ثم قال: أتراني أني قد استحققتها بيميني، اذهب الآن فهي لك".

كيف يحلف أهل الذمة والمستأمنون

15994 -

الأعمش (خ م)(1)، عن شقيق، عن عبد اللَّه مرفوعًا:"من حلف على يمين هو فيها فاجر. . . " الحديث. فقال الأشعث: "فيَّ واللَّه كان ذاك، كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني، فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ألك بينة؟ قلت لا. فقال لليهودي: احلف. قلت: يا رسول اللَّه، إذًا يحلف. . . " الحديث.

15995 -

عقيل عن ابن شهاب (د)(2) أنه سمع رجلًا من مزينة ممن يتبع العلم ويعيه يحدث سعيد ابن المسيب أن أبا هريرة قال: "بينا نحن جلوس عند رسول اللَّه. . . " فذكر الحديث في اليهودي الذي زنى بعدما أحصن قال: فانطلق النبي صلى الله عليه وسلم يؤمّ بيت المدراس، فقال لهم: يا معشر اليهود، أنشدكم باللَّه الذي أنزل التوراة على موسى، ما تجدون في التوراة من العقوبة على من زنى وقد أحصن. . . ".

15996 -

ابن إسحاق، حدثني حسين بن عبد اللَّه، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:"كتب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى يهود: من محمد رسول اللَّه أخي موسى وصاحبه بعثه اللَّه بما بعثه به، إني نشدتكم باللَّه وما أنزل اللَّه على موسى يوم طور سيناء، وفلق لكم البحر وأنجاكم، وأهلك عدوكم، وأطعمكم من المن والسلوى، وظلل عليكم الغمام؛ هل تجدون في كتابكم أني رسول اللَّه إليكم وإلى الناس كافة؟ فإن كان ذلك كذلك فاتقوا اللَّه وأسلموا، وإن لم يكن عندكم فلا تباعة عليكم".

قلت: حسين تركه النسائي.

(1) البخاري (8/ 60 رقم 4549 - 4550)، ومسلم (1/ 122 رقم 138)[220] وتقدم تخريجه.

(2)

أبو داود (4/ 155 رقم 4450).

ص: 4183

15997 -

أيوب، عن ابن سيرين (1)"أن كعب بن سور أدخل يهوديًا الكنيسة ووضع التوراة على رأسه واستحلفه باللَّه". ويذكر عن الأشعري أنه كان يستحلف اليهودي في الكنيسة.

ويحلف المدعى عليه في حق نفسه على البت وفيما غاب عنه على نفي العلم

15998 -

أبو الأحوص (د)(2)، ثنا عطاء بن السائب، عن أبي يحيى، عن ابن عباس "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لرجل حلّفه: احلف باللَّه الذي لا إله إلا هو ما له عندك شيء - يعني المدعي".

15999 -

أبو نعيم نا الحارث بن سليمان الكندي (د س)(3)، حدثني كردوس الثعلبي (4)، عن أشعث بن قيس الكندي، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أن رجلًا من كندة ورجلًا من حضرموت اختصما إلى رسول اللَّه في أرض باليمن، فقال الحضرمي أرضي اغتصبنيها أبو هذا، فقال للكندي: ما تقول؟ قال: أقول: إنها أرضي وفي يدي، ورثتها من أبي. فقال للحضرمي: ألك بيِّنة؟ قال: لا، ولكن يحلف باللَّه الذي لا إله إلا هو ما يعلم أنها أرضي اغتصبنيها أبوه. قال: فتهيأ الكندي لليمين، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إنه لا يقتطع رجل مالًا بيمينه إلا لقي اللَّه يوم يلقاه وهو أجذم فردها الكندي".

قوله عز وجل: {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (5) ومن رضي بحكم اللَّه في ذلك

16000 -

الحكم، عن شريح:" {وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} (5) قال: الأيمان والشهود". كذا قال مجاهد.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (3/ 311 رقم 3620).

وأخرجه النسائي في الكبرى (3/ 489 رقم 6007) من طريق أبي الأحوص به.

(3)

أبو داود (3/ 312 رقم 3622)، والنسائي في الكبرى (3/ 488 رقم 6002).

(4)

كتب بالحاشية: وقيل التغلبي.

(5)

ص: 20.

ص: 4184

16001 -

مسعر، عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي "أن داود عليه السلام أمر بالقضاء ففظع به، وأوحي إليه أن استحلفهم باسمي وسلهم بالبينات. قال: فذلك فصل الخطاب".

16002 -

ابن عجلان (ق)(1)، عن نافع، عن ابن عمر "سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم رجلًا يحلف بأبيه فقال: لا تخلفوا بآبائكم، من حلف باللَّه فليصدُق، ومن حُلف له باللَّه فليرض، ومن حُلف له باللَّه فلم يرض فليس من اللَّه". تفرد به أسباط بن محمد عنه.

16003 -

كامل بن طلحة، نا الليث، نا عقيل، عن ابن شهاب (2)"اختصم رجلان إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فكأن أحدهما تهاون ببعض حجته لم يبلغ فيها فقضى رسول اللَّه للآخر، فقال المتهاون: حسبي اللَّه ونعم الوكيل. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: حسبي اللَّه ونعم الوكيل -يحرك يده مرتين أو ثلاثًا- وقال: اطلب حقك حتى تعجز، فإذا عجزت فقل: حسبي اللَّه ونعم الوكيل؛ فإنما يُقضى بينكم على حججكم".

16004 -

بقية (د)(3)، عن بحير، عن خالد بن معدان، عن سيف، عن عوف بن مالك، حدثهم "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين فقال المقضي عليه لما أدبر: حسبي اللَّه ونعم الوكيل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه يلوم على العجز، ولكن عليك بالكيس؛ فإذا غلبك أمرٌ فقل: حسبي اللَّه ونعم الوكيل".

قلت: سيف لا يُعرف.

من بدأ باليمين عند الحاكم تعاد بعد الحكم عليه

16005 -

قال الشافعي: الحجة فيه أنا محمد بن علي بن شافع، عن عبد اللَّه بن علي بن السائب، عن نافع بن عجير بن عبد يزيد "أن ركانة بن عبد يزيد طلق امرأته ثم أتى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: إني طلقت امرأتي البتة، واللَّه ما أردت إلا واحدة. فقال رسول اللَّه: واللَّه ما أردت إلا واحدة؟ فقال واللَّه ما أردت إلا واحدة. فردها إليه".

(1) ابن ماجه (1/ 679 رقم 2101).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أبو داود (3/ 313 رقم 3627).

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 160 رقم 10462) من طريق بقية به، وقال النسائي: سيف لا أعرفه.

ص: 4185

اليمين في الطلاق والعتاق وغيرهما

قال الشافعي: وإذ أحلف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ركانة في الطلاق فهذا يدل على أن اليمين في الطلاق كما هي في غيره.

16006 -

نافع بن عمر (خ م)(1)، عن ابن أبي مليكة "كتب إليّ ابن عباس أن رسول اللَّه قضى باليمين على المدعى عليه" فهذا يتناول كل مدعى عليه إلا ما خرج بدليل.

16007 -

مالك وغيره، عن نافع، عن ابن عمر قال:"إذا ملّك الرجل امرأته أمرها فالقضاء ما قضت إلا أن يناكرها يقول: لم أرد إلا طلقة. فيحلف على ذلك وترد إليه".

شريك، عن عبيد اللَّه، عن نافع، عن ابن عمر قال:"إذا ادعت المرأة الطلاق على زوجها فيمينه باللَّه ما فعل".

المدعي يستمهل ليأتي ببينة

16008 -

إدريس الأودي "أخرج إلينا سعيد بن أبي بردة كتابًا وقال: هذا كتاب عمر إلى أبي موسى، وفيه: واجعل للمدعي أمدًا ينتهي إليه، فإن أحضر ببينته وإلا وجهت عليه القضاء، فإن ذلك أجلى للعمى وأبلغ في العذر".

البينة العادلة أحق من اليمين الفاجرة

روي ذلك عن عمر وشريح.

16009 -

شريك، عن عاصم، عن ابن سيرين، عن شريح قال:"من ادعى قضائي فهو عليه حتى يأتي ببينة الحق أحق من قضائي، الحق أحق من يمين فاجرة".

النكول ورد اليمين

16010 -

مالك (خ م)(2)، عن أبي ليلى بن عبد اللَّه (3)، "أن سهل بن أبي حثمة أخبره ورجال من كبراء قومه أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن: أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم؟ قالوا: لا. قال: فتحلف يهود".

(1) البخاري (5/ 331 رقم 2668)، ومسلم (3/ 1336 رقم 1711)[2]. وتقدم تخريجه.

(2)

البخاري (13/ 196 رقم 7192)، ومسلم (3/ 1294 رقم 1669)[6]. وتقدم تخريجه.

(3)

كتب بالهامش: "أبو ليلى من أكبر شيوخ مالك".

ص: 4186

الشافعي، نا ابن عيينة والثقفي، عن يحيى بن سعيد، عن بشير بن يسار، عن سهل بن أبي حثمة "أن رسول اللَّه بدّأ الأنصاريين، فلما لم يحلفوا رد الأيمان على يهود"(1).

وأنا مالك، عن يحيى بن سعيد، عن بشير (2)، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا.

يحيى بن بكير، عن مالك مثله، وفيه:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لهم: أتحلفون خمسين يمينًا وتستحقون قاتلكم -أو صاحبكم-؟ قالوا: كيف ولم نشهد ولم نحضر؟ قال: "فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا.

ابن راهويه، أنا الثقفي (م)(3)، نا يحيى بن سعيد، أخبرني بشير، عن سهل بن أبي حثمة "أن عبد اللَّه بن سهل الأنصاري ومحيصة بن مسعود خرجا إلى خيبر فتفرقا لحاجتهما فقتل ابن سهل، فجاء أخوه عبد الرحمن وحويصة ومحيصة ابنا مسعود إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فذهب أخو المقتول ليتكلم، فقال له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: الكبر الكبر. فتكلم حويصة ومحيصة فذكروا له شأن عبد اللَّه بن سهل، فقال: "أيحلف منكم خمسون فتستحقون قاتلكم -أو صاحبكم-؟ فقالوا: يا رسول اللَّه، لم نحضر ولم نشهد. قال "فتبرئكم يهود بخمسين يمينًا؟ قالوا: كيف نقبل أيمان قوم كفار؟ قال: فعقله النبي صلى الله عليه وسلم من عنده". وكذلك رواه الليث وحماد بن زيد وبشر بن المفضل وغيرهم، عن يحيى.

وقال ابن عيينة: عن يحيى، عن بشير أنه سمعه يخبر، عن سهل بن أبي حثمة "أن عبد اللَّه ابن سهل الأنصاري وجد في قليب. . . " الحديث، وفيه:"أن رسول اللَّه قال: أفتبرئكم يهود بخمسين يمينًا يحلفون أنهم لم يقتلوه؟ قالوا: وكيف نرضى بأيمانهم وهم مشركون؟ قال: أفيقسم منكم خمسون أنهم قتلوه؟ قالوا: وكيف نقسم على ما لم نره؟ "(1). فهذا يدل على أنه بدأ بأيمان اليهود وهو خلاف رواية الجماعة وهم أولى بالحفظ، والشافعي ومسلم حملا حديث سفيان على رواية الجماعة دون سياق متنه، قال الشافعي في القسامة: كان ابن عيينة لا يثبت أقدم النبي صلى الله عليه وسلم الأنصاريين في الأيمان أو يهود، فيقال له: في الحديث أنه قدم الأنصاريين فيقول: فهو ذاك أو ما أشبه هذا.

16011 -

الشافعي، أنا مالك، عن ابن شهاب، عن سليمان بن يسار "أن رجلًا من بني سعد بن ليث أجرى فرسًا فوطىء على إصبع رجل من جهينة، فنزى منها فمات، فقال عمر

(1) تقدم.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

مسلم (3/ 1293 رقم 1669)[2]. وتقدم تخريجه.

ص: 4187

للذين ادعي عليهم: تحلفون خمسين يمينًا ما مات منها؟ فأبوا وتحرجوا، فقال للآخرين: احلفوا أنتم، فأبوا".

قال الشافعي: فقد رأى رسول اللَّه اليمين على الأنصاريين يستحقون، فلما أبوا حولها على اليهود يبرون بها، ورأى عمر اليمين على الليثيين يبرون بها، فلما أبوا حولها على الجهنيين يستحقون بها، فكل هذا تحويل يمين من موضع قد رئيت فيه إلى الموضع الذي يخالفه، فهذا وما أدركنا عليه أهل العلم ببلدنا يحكونه عن مفتيهم وحكامهم قديمًا وحديثًا قلنا في رد اليمين.

16012 -

سليمان بن عبد الرحمن، ثنا محمد بن مسروق، عن إسحاق بن الفرات، عن الليث، عن نافع، عن ابن عمر "أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ اليمين على طالب الحق". تفرد به سليمان ابن بنت شرحبيل. ورواه الحاكم في المستدرك.

16013 -

مسلمة بن علقمة، عن داود، عن الشعبي (1)"أن المقداد استقرض من عثمان سبعة آلاف درهم، فلما تقاضاه قال: إنما هي أربعة آلاف. فخاصمه إلى عمر، فقال المقداد: أحلفه أنها سبعة آلاف. فقال عمر: أنصفك. فأبى أن يحلف، فقال عمر: خذ ما أعطاك. . . " وذكر الحديث. فهذا صحيح، لكنه منقطع، ويؤكده ما رويناه عن عمر في القسامة في رد اليمين على المدعي، وفي هذا المنقطع زيادة مذهب عثمان والمقداد.

16014 -

حسين بن عبد اللَّه بن ضميرة، عن أبيه، عن جده، عن علي قال:"اليمين مع الشاهد، وإن لم يكن له بينة، فاليمين على المدعى عليه إذا كان قد خالطه، فإن نكل حلف المدعي".

جماع أبواب صفة العدل

قال الشافعي: ليس من الناس أحد نعلمه إلا أن يكون قليلا يمحض الطاعة والمروءة، حتى لا يخلطهما بمعصية، ولا ترك المروءة ولا يمحض المعصية وترك المروءة حتى لا يخلطهما بشيء من الطاعة والمروءة.

16015 -

الأعمش (خ م)(2)، سمعت إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال: "لا

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (8/ 144 رقم 4629)، ومسلم (1/ 114 رقم 124)[197].

وأخرجه الترمذي (5/ 245 رقم 3067)، والنسائي في الكبرى (6/ 341 رقم 11166) كلاهما من طريق الأعمش به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4188

نزلت: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} (1) قال أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ ! ، فنزلت:{إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2)". ولمسلم "قالوا: أينا لم يظلم نفسه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ليس كما تظنون، إنما هو كما قال لقمان لابنه {لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (2) ".

16016 -

أبو عاصم، أنا زكريا بن إسحاق، عن عمرو، عن طاوس، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

اللهم إن تغفر اللهم تغفر جمًا

وأي عبد لك لا ألمّا

وبمعناه روح بن عبادة، عن زكريا قال ابن عباس فيه:" {يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} (3) قال: هو أن يأتي الرجل الفاحشة ثم يتوب منها".

قلت: هذا خبر منكر.

شعبة، نا منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس " {إِلَّا اللَّمَمَ} (3) قال: الذي يلم بالذنب ثم يدعه (ألم)(4) تسمع إلى قول الشاعر:

إن تغفر اللهم تغفر جمًّا

وأي عبد لك لا ألمّا".

فهذا أشبه.

معمر (خ م)(5)، عن ابن طاوس، عن أبيه، عن ابن عباس قال:"ما رأيت أشبه باللمم مما قال أبو هريرة: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن اللَّه كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس تتمنى وتشتهي، ويصدق ذلك الفرج أو يكذبه".

16017 -

حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس أن رسول اللَّه قال:"ما من عبد إلا وقد أخطأ أو همّ بخطيئة، ليس يحيى بن زكريا، فإنه لم يخطىء ولم يهمّ يخطيئة".

قلت: إِسناده وسط.

(1) الأنعام: 82.

(2)

لقمان: 13.

(3)

النجم: 32.

(4)

من "هـ"، وفي "الأصل": إلى.

(5)

البخاري (11/ 511 رقم 6612)، ومسلم (4/ 2046 رقم 2657)[20].

وأخرجه أبو داود (2/ 246 رقم 2152)، والنسائي في الكبرى (6/ 473 رقم 11544) كلاهما من طريق معمر به.

ص: 4189

16018 -

حماد بن سلمة، عن حبيب وحميد ويونس، عن الحسن (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما من آدمي. . . " فذكر معناه.

قال الشافعي: فإن كان الأغلب على الرجل الطاعة والمروءة فيما يظهر قبلت شهادته، وإن كان الأغلب الأظهر من أمره المعصية وخلاف المروءة ردت شهادته.

16019 -

أنا الحاكم، سمعت أبا الوليد يقول: سمعت ابن شريح يقول "وسئل عن صفة العدالة، فقال: يكون حرًا مسلمًا بالغًا، عاقلًا، غير مرتكب لكبيرة ولا مُصر على صغيرة، ولا يكون تاركًا للمروءة في غالب العادة". قال المؤلف: تقدم الحجة في شرط الإسلام والبلوغ والحرية والعقل.

16020 -

شعبة (خ م)(2)، عن عبيد اللَّه بن أبي بكر، عن أنس قال:"سُئل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن الكبائر فقال: الإشراك باللَّه، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور - أو قال: وقول الزور".

16021 -

حرب بن شداد (د س)(3)، عن يحيى، عن عبد الحميد بن سنان، عن عبيد بن عمير الليثي، حدثني أبي قال:"كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في حج الوداع، فسمعته يقول: "ألا إن أولياء اللَّه المصلون، ألا وإنه من يتم الصلاة المكتوبة يراها للَّه عليه حقًا، ويؤدي الزكاة المفروضة، ويصوم رمضان، ويجتنب الكبائر فقال له رجل: يا رسول اللَّه وما الكبائر؟ قال: الكبائر تسع: أعظمهن إشراك باللَّه، وقتل نفس مؤمن، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنة، والفرار من الزحف، وعقوق الوالدين، والسحر، واستحلال البيت الحرام، من لقي اللَّه وهو بريء منهن كان معي في جنة مصاريعها من ذهب".

قلت: رواه عنه (د س)(4) معاذ بن هانئ والعباس بن الفضل الأزرق. وهذا لفظه، لكنه ذاهب الحديث.

16022 -

عقيل (خ م)(5)، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن، عن أبي

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (10/ 419 رقم 5977)، ومسلم (1/ 91 رقم 88)[144]. وتقدم تخريجه.

(3)

أبو داود (3/ 115 رقم 2875)، والنسائي (7/ 89 رقم 4012).

ممم (4) ممم

(5)

البخاري (5/ 143 رقم 2475)، ومسلم (1/ 76 رقم 57)[101].

وأخرجه النسائي (8/ 313 رقم 5659)، وابن ماجه (2/ 1298 رقم 3936) من طرق عن عقيل به.

ص: 4190

هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن [ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن] (1) ". وعن ابن المسيب وأبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا بمثله إلا النهبة. وزاد فيه أبو صالح (خ م)(2)، عن أبي هريرة:"والتوبة معروضة" ولم يذكر النهبة. رواه شعبة (خ م)(2)، عن سليمان عنه.

16023 -

شعبة (خ)(3)، عن ابن أبي خالد وعبد اللَّه بن أبي السفر، عن الشعبي، عن عبد اللَّه بن عمرو مرفوعًا "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، والمهاجر من هجر ما نهى اللَّه عنه".

16024 -

ابن جريج (م)(4)، أنا أبو الزبير أنه سمع حابرًا يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: "المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده".

16025 -

إسحاق بن سعيد بن عمرو (م)(5)، حدثني أبي، عن أبيه قال:"كنت عند عثمان فدعا بطهور فقال: شهدت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: ما من مسلم تحضره صلاة مكتوبة فيحسن وضوءها وركوعها وسجودها إلا كانت له كفارة من الذنوب ما لم يأت كبيرة، وهذا الدهر كله".

16026 -

العلاء (م)(6)، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه قال:"الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن ما لم تغش الكبائر".

(1) من "هـ".

(2)

البخاري (12/ 116 رقم 6810)، ومسلم (1/ 77 رقم 57)[104].

وأخرجه أبو داود (4/ 221 رقم 4689)، والترمذي (5/ 16 - 17 رقم 625)، والنسائي (8/ 64، 65 رقم 4871) من طرق عن الأعمش، عن أبي صالح به. وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه.

(3)

البخاري (1/ 69 رقم 10).

وأخرجه أبو داود (3/ 4 رقم 2481)، والنسائي (8/ 105 رقم 4996) كلاهما من طريق إسماعيل بن أبي خالد به.

(4)

مسلم (1/ 65 رقم 41)[65].

(5)

مسلم (6/ 209 رقم 228)[7].

(6)

مسلم (1/ 209 رقم 233)[14].

وأخرجه الترمذي (1/ 418 رقم 214) من طريق العلاء به، وقال: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح.

ص: 4191

ابن وهب (م)(1)، عن أبي صخر أن عمر بن إسحاق مولى زائدة حدثه، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كان يقول:"الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان، مكفرات ما بينهما إذا اجتنبت الكبائر".

16027 -

عمرو بن الحارث أن (س)(2) ابن أبي هلال حدثه أن نعيمًا المجمر، حدثه أن صهيبًا مولى العتواريين، حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري وأبا هريرة يخبران، عن النبي صلى الله عليه وسلم "أنه جلس على المنبر ثم قال: والذي نفسي بيده -ثلاث مرات- ثم سكت، فأكب كل رجل منا يبكي حزينًا ليمين رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، ثم قال ما من عبد يأتي الصلوات الخمس ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر السبع إلا فتحت له أبواب الجنة يوم القيامة حتى إنها لتصطفق" ثم تلا:{إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (3) ".

قلت: خرجه (س)(2) من طريق خالد بن يزيد، عن سعيد بن أبي هلال.

ففي هذه الأحاديث التغليظ في الكبائر وتكفير الصغائر، ولكن دلت أحاديث على أن مدمن الصغائر تبلغ صاحبها مبلغ مرتكب الكبيرة.

16028 -

مهدي بن ميمون (خ)(4)، نا غيلان، عن أنس قال:"إنكم لتعملون أعمالًا هي أدق في أعينكم من الشعر، إن كنا لنعدها على عهد رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أنها لهي الموبقات".

16029 -

عمران القطان، عن قتادة، عن عبد ربه، عن أبي عياض، عن ابن مسعود أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إياكم ومحدثات الأعمال، إنهن لتجتمعن على الرجل حتى تهلكنه". وأن رسول اللَّه ضرب لهن مثلًا كمثل قوم نزلوا بأرض فلاة فحضر صنيع القوم، فجعل الرجل يجيء بالعود، والرجل يجيء بالعويد حتى جمعوا من ذلك سوادًا ثم أججوا نارًا فأنضجت ما قُذِف فيها". رواه الطيالسي في مسنده، وروي في ذلك عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود موقوقًا.

16030 -

صفوان بن عيسى، أنا ابن عجلان، عن القعقاع، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "إن المؤمن إذا أذنب ذنبًا كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب

(1) مسلم (1/ 209 رقم 233)[16].

(2)

النسائي (5/ 8 رقم 2438).

(3)

النساء: 31.

(4)

البخاري (11/ 337 رقم 6492).

ص: 4192

ونزع واستغفر صُقل منها قلبه، فإن عادت زادت حتى يُغلق بها قلبه، فذلك الران الذي ذكر اللَّه في كتابه:{كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} " (1).

قلت: إسناده صالح (2).

16031 -

همام (خ م)(3)، نا إسحاق بن عبد اللَّه، سمعت عبد الرحمن بن أبي عمرة، سمعت أبا هريرة، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"إن عبدًا أصاب ذنبًا، فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبًا فاغفر لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به. فغفر له، ثم مكث ما شاء اللَّه، ثم أصاب ذنبًا آخر فقال: يا رب، إني أذنبت ذنبًا آخر فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن له ربًا يغفر الذنب ويأخذ به. فغفر له، ثم مكث ما شاء اللَّه، ثم أذنب ذنبًا آخر، فقال: يا رب إني أذنبت ذنبًا آخر فاغفره لي. فقال ربه: علم عبدي أن [له] (4) ربًا يغفر الذنب ويأخذ به، غفرت لعبدي فليعمل ما شاء".

16032 -

مخلد بن يزيد (د ت)(5)، نا عثمان بن واقد العمري، عن أبي نصيرة (6)، عن مولى لآل أبي بكر، عن أبي بكر الصديق قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما أصرّ من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة".

قلت: تابعه أبو يحيى الحماني، عن عثمان، وقال الترمذي: ليس إسناده بالقوي.

16033 -

شعبة (م)(7)، عن عمرو بن مرة، سمع أبا عبيدة يحدث، عن أبي موسى قال رسول اللَّه:"إن اللَّه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء الخهار، وبالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها".

(1) المطففين: 14.

(2)

أخرجه الترمذي (5/ 404 رقم 3334)، والنسائي في الكبرى (6/ 509 رقم 11658)، وابن ماجه (2/ 1418 رقم 4244) كلهم من طريق محمد بن عجلان به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(3)

البخاري (13/ 474 رقم 7507)، ومسلم (4/ 2113 رقم 2758)[30].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 111 رقم 10252) من طريق حماد بن سلمة عن إسحاق بن عبد اللَّه به.

(4)

من "هـ".

(5)

أبو داود (2/ 84 رقم 1514)، والترمذي (5/ 521 رقم 3559). وقال الترمذي: هذا حديث غريب، وإنما نعرفه من حديث أبي نصيرة، وليس إسناده بالقوي.

(6)

في "الأصل": بصيرة بالباء الموحدة، وكتب في الحاشية نصيرة بالنون، وكذا هو في "هـ" وهو الصواب. كما في الإكمال لابن ماكولا (1/ 329) وتهذيب الكمال.

(7)

مسلم (4/ 2113 رقم 2759)[31].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 344 رقم 11180) من طريق عمرو بن مرة به.

ص: 4193

16034 -

أبو أسامة (م)(1)، عن الأعمش، عن عمارة بن عمير، سمعت الحارث بن سويد يقول:"أتينا ابن مسعود فحدثنا بحديثين: أحدهما عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والآخر عن نفسه، فقال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: للَّه أشد فرحًا بتوبة عبده المؤمن من رجل قال بأرض فلاة دوّيّة مُهلكة وسعه راحلته عليها طعامه وشرابه، فنزل عنها، فنام وراحلته عند رأسه، فاستيقظ وقد ذهبت، فذهب في طلبها فلم يقدر عليها حتى أدركه من العطش، فقال: واللَّه لأرجعن فلأموتن بحيث كان رحلي، فرجع فنام فاستيقظ، وإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه وشرابه. ثم قال عبد اللَّه: إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه جالس في أصل جبل يخاف أن ينقلب عليه، وإن الفاجر يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا، فذهب. وأمرّ بيده على أنفه".

قال المؤلف: الفرح المضاف إلى اللَّه بمعنى الرضا والقبول كقوله: {كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ} (2) يعني راضون. كذا فسره بعضهم وهو حسن.

قلت: ليت المؤلف سكت فإِن الحديث من أحاديث الصفات التي تُمرّ على ما جاءت كما هو معلوم من مذهب السلف، والتأويل الذي ذكره ليس بشيء فإِنه يسأل عن معنى الرضا فيأوله بمعنى الإِرادة، والنبي صلى الله عليه وسلم[قد](3) جعل فرح الخالق عز وجل أشد من فرح الذي ضلت راحلته فتأمّل هذا وكفّ، واعلم أن نبيك لا يقول إِلا حقًا، فهو أعلم بما يجب للَّه وما يمتنع عليه من جميع الخلق، اللهم اكتب الإِيمان بك في قلوبنا، وأيدنا بروح منك.

وفي التوبة من الذنوب أحاديث؛ فمن مات وقد تلوث بالذنوب والخطايا فهو تحت مشيئة اللَّه، إن شاء غفر له بفضله الصغائر والكبائر، وإن شاء عاقبه بعدله ثم رحمه.

16035 -

الأعمش (خ م)(4)، نا زيد بن وهب، نا واللَّه أبو ذر بالربذة، قال: "كنت مع

(1) مسلم (4/ 2103 رقم 2744)[4].

وأخرجه البخاري (11/ 105 بعد حديث 6308) تعليقًا، والترمذي:(4/ 568 رقم 24917، 2498)، والنسائي في الكبرى (4/ 415 رقم 7742، 7743) من طريق الأعمش به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(2)

الروم: 32.

(3)

في "الأصل": فقد، وما أثبتناه هو الصواب.

(4)

البخاري (11/ 63 رقم 6268)، ومسلم (2/ 687 رقم 94)[32].

وأخرجه الترمذي (5/ 27 رقم 2644)، والنسائي في الكبرى (6/ 275 رقم 10958، 10960) من طريق الأعمش به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4194

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أمشي في حرة المدينة عشاءً فاستقبله أُحد، فقال: يا أبا ذر، ما أحب أن أحدًا ذاك لي ذهبًا تأتي عليّ ليلة وعندي منه دينار إلا دينار أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد اللَّه هكذا وهكذا. وأومأ بيده ثم قال: يا أبا ذر. قلت: لبيك وسعديك يا رسول اللَّه. قال: ألا إن الأكثرين هم الأقلون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا، ثم قال لي: مكانك، لا تبرح يا أبا ذر حتى أرجع إليك. قال فانطلق حتى غاب عني، فسمعت صوتًا فتخوفت أن يكون عرض لرسول اللَّه فأردت أن آتيه، ثم ذكرت قوله لا تبرح. قال: فقلت: يا رسول اللَّه، سمعت صوتًا فأخبرني أن يكون عرض لك، ثم ذكرت قولك فأقمت. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ذاك جبريل أتاني فأخبرني أنه من مات من أمتي لا يُشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة. قلت: يا رسول اللَّه، وإن زنى وسرق؟ قال: وإن زنى وسرق".

16036 -

وعمر بن حفص بن غياث (خ)(1)، نا أبي، نا الأعمش حدثني أبو صالح، عن أبي الدرداء نحوه. قال (خ): حديث أبي صالح عن أبي الدرداء مرسل.

16037 -

النضر بن شميل (خـ)(2)، أنا شعبة، ثنا حبيب بن أبي ثابت والأعمش وعبد العزيز بن رفيع قالوا سمعنا زيد بن وهب، عن أبي ذر قال رسول اللَّه:"إن جبريل أتاني فبشرني أن من مات من أمتي لا يُشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة. قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال: وإن زنى وإن سرق. قال الأعمش -يعني لزيد-: إنما يروى هذا عن أبي الدرداء. قال: أما أنا فسمعته من أبي ذر".

جرير (خ)(3)، عن عبد العزيز بن رفيع، عن زيد، عن أبي ذر قال:"خرجت ليلة فإذا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يمشي ليس معه أحد. . . " وفيه: "عرض لي جبريل فقال بشِّر أمتك أنه من

(1) البخاري (11/ 63 - 64 عقب رقم 6268).

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 277 رقم 10965) من طريق الأعمش به.

(2)

البخاري (11/ 265 رقم 6443) تعليقًا.

(3)

البخاري (11/ 265 رقم 6443).

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 275 رقم 10960، 10961) من طريق عبد العزيز بن رفيع به.

ص: 4195

مات لا يُشرك باللَّه شيئًا دخل الجنة، فقلت: يا جبريل، وإن سرق وإن زنى؟ قال: نعم، وإن سرق وإن زنى. قلت: وإن سرق وإن زنى؟ قال: وإن سرق وزنى وشرب الخمر".

16038 -

ابن نمير (م)(1)، عن الأعمش، عن المعرور بن سويد، عن أبي ذر قال رسول اللَّه "إني لأعلم آخر أهل الجنة دخولًا الجنة وآخر أهل النار خروجًا منها، رجل يؤتى به يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه وارفعوا عنه كبارها، فيُعرض عليه صغار ذنوبه، فيقال: عملت يوم كذا وكذا كذا وكذا، فيقول: نعم. لا يستطيع أن ينكر، وهو مشفق من كبار ذنوبه أن تُعرض عليه، فيقال له: فإن لك بمكان كل سيئة حسنة، فيقول: رب قد عملت أشياءً لا أراها هاهنا. فلقد رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه".

16039 -

يونس (م)(2)، عن ابن شهاب أن عمرو بن أبي سفيان، حدثه "أن أبا هريرة قال لكعب: إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: إن لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته، وأني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي إلى يوم القيامة فهي نائلة إن شاء اللَّه من مات من أمتي لا يشرك باللَّه شيئًا. قال كعب لأبي هريرة: أسمعت هذا من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم؟ قال أبو هريرة: نعم". وبهذا اللفظ أخرجه (م)(3) من طريق أبي صالح، عن أبي هريرة.

16040 -

سليمان بن حرب (د)(4)، نا بسطام بن حريث، عن أشعث الحداني، عن أنس مرفوعًا:"شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي".

شعبة (م)(5)، عن قتادة، عن أنس قال رسول اللَّه:"إن لكل نبي دعوة قد دعا بها في أمته وإني اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة".

(1) مسلم (1/ 177 رقم 190)[314].

وأخرجه الترمذي (4/ 614 رقم 2595، 2596) من طريق أبي معاوية عن الأعمش به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

مسلم (1/ 189 رقم 198)[377].

(3)

مسلم (1/ 189 رقم 199)[338].

(4)

أبو داود (4/ 236 رقم 4739).

(5)

مسلم (1/ 190 رقم 200)[342].

ص: 4196

16041 -

روح (م)(1)، نا ابن جريج، أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرًا يقول: قال رسول اللَّه. . . مثله.

بن عيينة (م)، سمع عمرو جابرًا يقول: سمعت رسول اللَّه بأذنيَّ هاتين يقول: "إن اللَّه يخرج قومًا من النار فيدخلهم الجنة".

حماد بن زيد (خ م)(3)، عن عمرو، عن جابر قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يخرج قوم من النار بالشفاعة كأنهم الثعارير. قيل لعمرو: ما الثعارير؟ قال: الضَغابيس. قال حماد: وكان عمرو سقط فمه، فقلت له: يا أبا محمد، سمعت جابرًا يقول: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللَّه يخرج قومًا، من النار بالشفاعة؟ قال: نعم".

وأيضًا من حديث يزيد الفقير (م)(4) عن جابر "واحتج جابر بقوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} (5) وقال: هو مقام محمد صلى الله عليه وسلم المحمود الذي يخرج اللَّه به من يخرج".

16042 -

عمرو بن يحيى (خ م)(6)، عن أبيه، عن أبي سعيد ان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار يقول اللَّه. من كان في قلبه مثقال خردلة من خير فأخرجوه، فيخرجون قد امتحشوا وعادوا حممًا فيلقون في نهر يقال له: نهر الحياة، فينبتون فيه كما تنبت الحبة في حميل السيل، ألم تروا أنها تنبت صفراء ملتوية".

وفيما ذكرنا مع القرآن بغفران ما دون الشرك لمن يشاء كفاية.

بيان المروآت والمكارم المعتبرة

16043 -

معمر، عن أبي حازم، عن طلحة بن كريز (7) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن الكريم

(1) مسلم (1/ 190 رقم 201)[345].

(2)

مسلم (1/ 178 رقم 191)[317].

(3)

البخاري (11/ 424 رقم 6558)، ومسلم (1/ 178 رقم 191)[318].

(4)

مسلم (1/ 179 رقم 191)[320].

(5)

الإسراء: 79.

(6)

البخاري (1/ 91 رقم 22)، مسلم (1/ 172 رقم 184)[304].

(7)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4197

يحب معالي الأخلاق ويكره سَفسافها" تابعه الثوري عن أبي حازم.

16044 -

فضيل بن عياض، عن محمد ابن ثور، عن معمر، عن أبي حازم، عن سهل ابن سعد قال رسول اللَّه. . . . فذكره. وكذا روي عن أبي غسان، عن أبي حازم.

16045 -

أخبرنا أبو محمد بن يوسف، أنا ابن الأعرابي، نا أبو بكر محمد بن عبيد المروروذي، ثنا سعيد بن منصور، نا عبد العزيز بن محمد، أخبرني ابن عجلان، عن القعقاع بن حكيم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق" كذا روي عن الدراوردي.

قلت: هو خطأ.

يحيى بن أيوب، حدثني ابن عجلان، أن القعقاع أخبره، عن أبي صالح، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه قال:"أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا". قال ابن عجلان (1): قال النبي صلى الله عليه وسلم: "بعثت لأتمم صالح الأخلاق".

16046 -

الأعمش (خ م)(2)، عن شقيق، عن مسروق، سمعت عبد اللَّه بن عمرو يقول:"إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، وإنه كان يقول: إن (أخياركم) (3) أحاسنكم أخلاقًا".

16047 -

معاوية بن صالح (م)(4)، حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير، عن أبيه، عن النواس ابن سمعان، قال:"سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم، فقال: البر حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس".

16048 -

شعبة (خ م)(5)، عن قتادة، سمعت عبد اللَّه بن أبي عتبة يقول: سمعت أبا سعيد الخدري يقول: "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أشد حياءً من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه".

(1) ضبب علينا المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (6/ 654 رقم 3559)، ومسلم (4/ 1810 رقم 2321)[68].

وأخرجه الترمذي (4/ 308 رقم 1975) من طريق الأعمش به.

(3)

كتب بالحاشية: وفي لفظ "من خياركم".

(4)

مسلم (4/ 1980 رقم 5553)[14]. وأخرجه الترمذي (4/ 515 رقم 2389) عن معاوية بن صالح به. وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(5)

البخاري (6/ 654 رقم 3562)، ومسلم (4/ 1809 رقم 2320)[67].

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1399 رقم 4180) والترمذي في الشمائل (283 رقم 341).

ص: 4198

16049 -

شعبة (خ)(1)، عن منصور، عن ربعي، عن أبي مسعود قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن مما أدرك الناس من كلام النبوة إذا لم تستحي فاصنع ما شئت".

16050 -

أبو معاوية (م)(2)، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة قالت:"ما رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ضرب خادمًا قط ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يجاهد في سبيل اللَّه، ولا نيل منه شيء قط فينتقمه من صاحبه إلا أن يكون للَّه، فإذا كان للَّه انتقم منه، ولا عرض له أمرأن إلا أخذ الذي هو أيسر، حتى يكون إثمًا فإذا كان إثمًا كان أبعد الناس منه".

عمرو بن الحارث (خ م)(3)، حدثني أبو النضر، عن سليمان بن يسار، عن عائشة قالت:"ما رأيت رسول اللَّه مستجمعًا ضاحكًا حتى أرى منه لهواته، إنما كان يبتسم".

16051 -

أبو نعيم، ثنا عمران بن زيد (ت ق)(4)، حدثني زيد العمي، عن أنس:"كان رسول اللَّه إذا صافح أو صافحه الرجل لا ينزع يده حتى يكون الرجل ينزع، فإن استقبله بوجهه لا يصرفه عنه حتى يكون الرجل ينصرف، ولم ير مقدمًا ركبتيه بين يدي جليس له"(5).

فليح (خ)(6)، نا هلال بن علي، عن أنس قال:"لم يكن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فاحشًا متفحشًا ولا لعانًا ولا سبابًا، كان يقول لأحدنا عند المَعْتبة: ما له تربت جبينه".

16052 -

معمر (م)(7)، عن زيد بن أسلم قال: "كان عبد الملك بن مروان يرسل إلى أم

(1) البخاري (6/ 595 رقم 3484).

وأخرجه أبو داود (4/ 252 رقم 4797) من طريق شعبة به، وأخرجه ابن ماجه (2/ 1400 رقم 4183) من طريق جرير، عن منصور به.

(2)

مسلم (4/ 1814 رقم 2328)[79].

وأخرجه أبو داود (4/ 250 رقم 4785 - 4786) من طريق الزهري، عن عروة به.

(3)

البخاري (10/ 519 رقم 6092)، ومسلم (2/ 616 رقم 899)[16].

وأخرجه أبو داود (4/ 326 رقم 5098) من طريق عمرو به.

(4)

الترمذي (4/ 564 رقم 2490)، وابن ماجه (2/ 1224 رقم 3716). وقال الترمذي: هذا حديث غريب.

(5)

كتب بالحاشية: عمران لين.

(6)

البخاري (10/ 479 رقم 6046).

(7)

مسلم (4/ 2006 رقم 2598)[85].

وأخرجه أبو داود (4/ 277 - 278 رقم 4907) من طريق، هشام ابن سعد، عن أبي حازم، وزيد بن أسلم به.

ص: 4199

الدرداء فتبيت عند نسائه وتسائلها عن الشيء، فقام ليلة فدعا خادمه فأبطأت علبه فلعنها، فقالت: لا تلعن، فإن أبا الدرداء حدثني أنه سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شفعاء ولا شهداء" (1).

16053 -

العلاء بن عبد الرحمن (م)(2)، عن أبيه، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"لا ينبغي لصديق أن يكون لعانًا".

16054 -

أبو بكر بن عياش، عن الحسن بن عمرو الفقيمي، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد اللَّه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء". ويروى عن علقمة، عن عبد اللَّه مرفوعًا مثله.

قلت: إِسناده جيد.

16055 -

الأعمش (م)(3) عن تميم بن سلمة، عن عبد الرحمن بن هلال، عن جرير قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من يُحرم الرفق يُحرم الخير".

16056 -

شعبة (م)(4)، عن المقدام بن شريح، عن أبيه، عن عائشة "أنها كانت على جمل فجعلت تضربه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة عليك بالرفق، فإنه لم يكن في شيء إلا زانه، ولم يُنزع من شيء إلا شانه".

ابن الهاد (م)(5)، عن أبي بكر بن حزم، عن عمرة، عن عائشة أن رسول اللَّه قال:"يا عائشة، إن اللَّه رفيق يحب الرفق، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وما لا يعطي على [ما] (6) سواه".

16057 -

ابن عيينة (ت)(7)، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن يعلى بن مملك، عن

(1) كتب بالحاشية: به انقطاع. قلت: ولعله بين زيد بن أسلم وعبد الملك.

(2)

مسلم (4/ 2005 رقم 2597)[84].

(3)

مسلم (4/ 2003 رقم 2592)[75].

قلت: وأخرجه أبو داود (4/ 255 رقم 4809)، وابن ماجه (2/ 1216 رقم 3687) من طريق الأعمش به.

(4)

مسلم (4/ 2004 رقم 2594)[78].

(5)

مسلم (4/ 3003 - 2004 رقم 2593)[77].

(6)

من "هـ" وصحيح مسلم.

(7)

الترمذي (4/ 323 رقم 2013) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4200

أم الدرداء، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من أعطي حظه من الرفق فقد أُعطي حظه من الخير، ومن حرم حظه من الرفق فقد حُرم حظه من الخير. وقال: أثقل شيء في ميزان المؤمن خلق حسن، إن اللَّه يبغض الفاحش البذيء".

قلت: صححه (ت).

16058 -

داود بن أبي هند، عن مكحول (1)، عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن أحبكم إليّ وأقربكم مني أحاسنكم أخلاقًا، وإن أبغضكم إليّ وأبعدكم مني مساوتكم أخلاقًا؛ الثرثارون المتشدقون المتفيهقون".

قلت: مكحول لم يدرك أبا ثعلبة.

16059 -

قابوس بن أبي ظبيان (د)(2)، عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الهدي الصالح والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءًا من النبوة".

قلت: قابوس ضُعف.

16060 -

ابن أبي عروبة (م)(3)، عن قتادة، أخبرني غير واحد وذكر أبا نضرة عن أبي سعيد فذكر قصة وفد عبد القيس قال:"وأتي نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم بأشج عبد القيس، فقال: إن فيك خصلتين يحبهما اللَّه ورسوله: الحلم والأناة".

16061 -

عبد الواحد (د)(4)، نا الأعمش، عن مالك بن الحارث، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال الأعمش: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "التؤدة في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة".

16062 -

عبد الرزاق، أنا عبد اللَّه بن سعيد بن أبي هند، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال رسول اللَّه:"إن اللَّه يبغض كل جعظري جواظ سخاب في الأسواق، جيفة بالليل حمار بالنهار، عالم بالدنيا جاهل بالآخرة".

قلت: إسناده جيد.

16063 -

شعبة (خ م)(5)، عن معبد بن خالد، عن حارثة بن وهب، سمع النبي صلى الله عليه وسلم

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (4/ 247 رقم 4776).

(3)

مسلم (1/ 48 رقم 18)[26].

(4)

أبو داود (4/ 255 رقم 4810).

(5)

البخاري (11/ 550 رقم 6657)، ومسلم (4/ 2190 رقم 2853)[47].

وأخرجه الترمذي (4/ 618 رقم 2605)، وابن ماجه (2/ 1378 رقم 4116)، والنسائي في الكبرى (6/ 497 رقم 11615) من طرق عن سفيان، عن معبد به.

ص: 4201

يقول: "ألا أدلكم على أهل الجنة؟ كل ضعيف متضعف، لو أقسم على اللَّه لأبره. وقال: أهل النار كل جواظ عتل مستكبر".

محاضر بن المُورّع، ثنا سعد بن سعيد الأنصاري، حدثني عمرو ابن أبي عمرو (1)، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان هينًا لينًا سهلًا حرمه اللَّه على النار" هكذا رواه أحمد بن الأزهر، عن محاضر. ورواه سهل بن عمار، عن محاضر، فقال فيه: عن المطلب، عن أبي هريرة.

16064 -

سعدويه، عن أبي عقيل، عن إسماعيل بن رافع، عن ابن لأم سلمة، عن أم سلمة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أول ما نهاني عنه ربي عهد إليّ بعد عبادة الأوثان وشرب الخمر ملاحاة الرجال".

قلت: إِسماعيل واه.

16065 -

محمد بن أبي السري العسقلاني، نا بكر بن بشر السلمي، نا عبد الحميد بن سوار، عن إياس بن معاوية، قال:"كنا عند عمر بن عبد العزيز فذكر عنده الحياء، فقالوا: الحياء من الدين. فقال عمر: بل هو الدين كله. فقال إياس: حدثني أبي، عن جدي قرة، قال: كنا عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فذكر عنده الحياء فقالوا: يا رسول اللَّه، الحياء من الدين؟ فقال: بل هو الدين كله، إن الحياء والعفاف والعيّ عيّ اللسان لا عيّ القلب والعمل من الإيمان، وإنهن يزدن في الآخرة وينقصن من الدنيا، وما يزدن في الآخرة أكثر مما يزدن في الدنيا. قال: فأمرني عمر بن عبد العزيز فأمليتها عليه ثم كتبها بخطه ثم صلى بنا الظهر والعصر وإنه لفي كمه، ما وضعها إعجابًا".

قلت: هذا حديث ليس بصحيح، عبد الحميد ضعفه أبو زرعة، وبكر مجهول.

16066 -

حجاج بن فرافصة (د ت)(2) عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلمة، عن أبى هريرة مرفوعًا:"المؤمن غر كريم، والفاجر خب لئيم".

قلت: حجاج تكلم فيه.

هكذا رواه أبو شهاب وغيره، عن سفيان عنه. ورواه أبو أحمد الزبيري، عن سفيان، عن حجاج فقال: عن رجل، عن أبي سلمة. ورواه عبد الرزاق عن بشر بن رافع -وهو واه- عن يحيى.

16067 -

مسلم الزنجي، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (4/ 251 رقم 4790)، والترمذي (4/ 302 رقم 1964).

وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.

ص: 4202

"كرم المرء دينه، ومروءته عقله، وحسبه خلقه" ويروى من وجهين ضعيفين عن أبي هريرة.

16068 -

شعبة، عن عبد اللَّه بن أبي السفر، عن الشعبي، سمعت زياد بن حدير، سمعت عمر يقول:"حسب المرء دينه، ومروءته خلقه، وأصله عقله". إسناده صحيح،

الشافعي قال: المروءة أربعة أركان: حسن الخلق، والسخاء، والتواضع، والنسك.

وعن معاوية "أنه سأل رجلًا ما تعدون المروءة فيكم؟ قال: العفة والحرفة".

وعن أبي سوار قال: "قيل لمعاوية: ما المروءة؟ قال: العفاف في الدين وإصلاح المعيشة".

وقيل: "إن يزيد بن معاوية يسأل الأحنف عن المروءة، قال: التقى والاحتمال، ثم أطرق الأحنف ساعة، وقال:

وإذا جميل الوجه لم

يأت الجميل فما جماله

ما خير أخلاق الفتى

إلا تقاه واحتماله

فقال يزيد: أحسنت أبا بحر وافق اليمّ زيرًا. قالا الأحنف: هلا قلت: وافق المعنى تفسيرًا".

وقال سلم بن قتيبة: "الدنيا العافية، والشباب الصحة، والمروءة الصبر على الرجال، فسألت: ما الصبر على الرجال؟ فوصف المدارة".

16069 -

إسحاق بن محمد، نا سفيان بن حسين قال:"قلت لإياس بن معاوية: ما المروءة؟ قال: أما في بلدك وحيث تعرف التقوى، وأما حيث لا تعرف فاللباس".

ومُتعاني الكذب لم تجز شهادته

16070 -

الأعمش (م)(1)، عن شقيق، قال ابن مسعود: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالصدق، فإنه يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقًا، وإياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند اللَّه كذابًا". ولفظ (م)(1) أبي معاوية، عن الأعمش: "وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقًا، وما يزال الرجل يكذب

(1) مسلم (4/ 2013 رقم 2607)[105].

وأخرجه أبو داود (4/ 297 رقم 4989)، والترمذي (4/ 306 رقم 1971) كلاهما من طريق الأعمش به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

ص: 4203

ويتحرى الكذب حتى يُكتب عند اللَّه كذابًا". وأخرجاه (1) لمنصور، عن شقيق.

16071 -

أبو سهيل نافع بن مالك (خ م)(2)، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان".

16072 -

أبو الزناد (م)(3)، عن الأعرج، عن أبي هريرة، أن رسول اللَّه قال:"إن من شر الناس ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه". وللبخاري (4) من حديث أبي صالح عن أبي هريرة نحوه.

16073 -

معمر، عن أيوب، عن ابن أبي مليكة أن عائشة قالت:"ما كان خلق أبغض إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الكذب، ولقد كان الرجل يكذب عنده الكذبة فما يزال في نفسه عليه حتى يعلم أنه قد أحدث منها توبة"(5).

مروان الطاطري، ثنا محمد بن مسلم، نا أيوب، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة قالت:"ما كان شيء أبغض إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من الكذب، وما جرب على أحد كذبًا فرجع إليه ما كان حتى يعرف منه توبة". ورواه الحاكم في المستدرك (6) من طريق ابن وهب، عن محمد بن مسلم، فقال عن أيوب، عن ابن سيرين، عن عائشة.

16074 -

معمر، عن موسى بن أبي شيبة (7)"أن النبي صلى الله عليه وسلم أبطل شهادة رجل في كذبة كذبها". كذا في كتابي لعبد الرازق، عن معمر. وقال نعيم بن حماد: نا ابن المبارك عن معمر، عن موسى بن شيبة، وهو مرسل.

16075 -

بهز بن حكيم (د ت س)(8)، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ويل للذي يحدث فيكذب ليضحك به الناس، ويل له، ويل له".

(1) البخاري (10/ 523 رقم 6094)، ومسلم (4/ 2012 رقم 2607)[103].

(2)

البخاري (1/ 111 رقم 33)، ومسلم (10/ 78 رقم 59)[107].

وأخرجه الترمذي (5/ 20 رقم 2631)، والنسائي (8/ 116 رقم 5021) من طريق أبي سهيل به وقال الترمذي: هذا حديث صحيح.

(3)

مسلم (4/ 2011 رقم 2526).

وأخرجه أبو داود (4/ 268 رقم 4872) من طريق أبي الزناد له.

(4)

البخاري (10/ 489 رقم 6058).

وأخرجه الترمذي (4/ 328 رقم 2025) من طريق أبي صالح به.

(5)

كتب بالحاشية: حسن غريب.

(6)

مستدرك الحاكم (4/ 98).

(7)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(8)

أبو داود (4/ 297، 298 رقم 4990)، والترمذي (4/ 483 رقم 2315)، والنسائي في الكبرى (6/ 329 - 509 رقم 11126، 11655).

ص: 4204

16076 -

جعفر بن عون، أنا إسماعيل، عن قيس، سمعت أبا بكر يقول:"إياكم والكذب، فإن الكذب مجانب للإيمان". الصحيح وقفه، ويروى مرفوعًا.

16077 -

شعبة، عن سلمة بن كهيل، عن مصعب بن سعد، عن أبيه قال:"المسلم يطبع على كل طبيعة غير الخيانة والكذب". الصحيح موقوف.

وقال عبد اللَّه بن حفص الوكيل -قلت: وهو كذاب-: نا داود بن رشيد، نا علي بن هاشم، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن مصعب، عن أبيه مرفوعًا قال:"يطبع المؤمن على كل شيء إلا الخيانة والكذب".

ومن شهد بالزور سقطت عدالته

16078 -

قال أنس (خ م)(1) عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أكبر الكبائر: الإشراك باللَّه، وقتل النفس، وعقوق الوالدين، وقول الزور -أو قال: شهادة الزور-".

16079 -

عبيد اللَّه بن أبي حميد، عن أبي المليح الهذلي قال:"كتب عمر إلى أبي موسى. . . " فذكر الحديث، وفيه:"المسلمون عدول بعضهم على بعض إلا مجلودًا في حد، أو مجرب في شهادة زور، أو ظنين في ولاء أو قرابة".

قلت: عبيد اللَّه هالك.

من يُظن به الكذب وله مخرج منه فيحتمل

16080 -

في معمر (م)(2)، عن الزهري (خ)(3)، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"ليس الكاذب من أصلح بين الناس فقال خيرًا أو نمّى خيرًا".

صالح بن كيسان (م)(4)، نا ابن شهاب، أن حميدًا أخبره، أن أمه أم كلثوم أخبرته، أنها سمعت رسول اللَّه يقول: "ليس الكذاب الذي يُصلح ببن الناس فينمي خيرًا أو يقول خيرًا.

(1) البخاري (10/ 419 رقم 5977)، ومسلم (1/ 92 رقم 88)[144].

وأخرجه الترمذي (3/ 513 رقم 1207)، والنسائي (7/ 88 رقم 4010) من حديث أنس.

(2)

مسلم (4/ 2012 رقم 2605)[101].

وأخرجه الترمذي (4/ 292 رقم 1938) من طريق معمر به.

(3)

البخاري (5/ 353 رقم 2692).

وأخرجه أبو داود (4/ 280 رقم 4920)، والنسائي في الكبرى (5/ 193 رقم 8642)، و (5/ 351 رقم 9123) كلاهما من طريق الزهري به.

(4)

مسلم (4/ 2012 رقم 2605)[101].

ص: 4205

قالت: ولم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس إلا في ثلاث: في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها". ورواه (خ)(1) مختصرًا.

ويحيى بن بكير، نا الليث، عن ابن الهاد، عن عبد الوهاب، عن ابن شهاب، عن حميد، عن أمه قالت:"ما سمعت رسول اللَّه يرخص في شيء من الكذب إلا في ثلاث، كان رسول اللَّه يقول: "لا أعده كاذبًا. الرجل يصلح بين الناس يقول القول لا يريد به إلا الإصلاح، والرجل يقول القول في الحرب، والرجل يحدث امرأته، والمرأة تحدث زوجها" (2). وكدلك رواه نافع بن يزيد وغيره، عن ابن الهاد، عن عبد الوهاب بن أبي بكر.

16081 -

موسى بن عقبة، أخبرني أبو الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن إبراهيم خليل الرحمن لم يكذب قط إلا ثلاث كذبات: قوله في آلهتهم: بل فعله كبيرهم هذا. وقوله حين دعوه إلى أن يحاج آلهتهم: إني سقيم. وقوله لسارة: أختي". صحيح، وأخرجاه من حديث ابن سيرين عن أبي هريرة. وقوله:"بل فعله كبيرهم" خرج مخرج التقريع، والبيان أن آلهتهم لا صنع لها. وقوله:"إني سقيم" أي سيسقم.

قلت: كقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ} (2).

وقوله: "أختي" عنى أخوة الإسلام.

الوعد وإخلافه لعذر أو لغير عذر

16082 -

إبراهيم بن طهمان (د)(4)، عن بُديل، عن عبد الكريم، عن عبد اللَّه بن

شقيق، عن أبيه، عن عبد اللَّه بن أبي الحمساء قال:"بايعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يُبعث، فبقيتْ له بقية فوعدته أن آتيه بها في مكانه ذلك، فنسيته يومي ذلك والغد، فأتيته في اليوم الثالث وهو في مكانه، فقال لي: يا فتى لقد شققت علي، أنا هاهنا من ثلاث أنتظرك". كذا قال عن أبيه. قال الذهلي: هذا عندنا عبد الكريم بن عبد اللَّه بن شقيق.

(1) البخاري (5/ 353 رقم 2992).

(2)

أخرجه أبو داود (4/ 281 رقم 4921)، والنسائي في الكبرى (5/ 351 رقم 9124) كلاهما من طريق يزيد بن الهاد به.

(3)

الزمر: 30.

(4)

أبو داود (4/ 299 رقم 4996).

ص: 4206

16083 -

إبراهيم بن طهمان (د)(1)، عن علي بن عبد الأعلى، عن أبي النعمان، عن أبي وقاص، عن زيد بن أرقم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إذا وعد الرجل أخاه ومن نيته أن يفي له فلم يف ولم يجيء للميعاد فلا إثم عليه".

قلت: أبو النعمان يجهل كشيخه.

16084 -

ابن عجلان (د)(2)، عن مولى لعبد اللَّه بن عامر، عن عبد اللَّه بن عامر قال: "جاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بيتنا وأنا صبي صغير فذهبت ألعب، فقالت لي أمي: تعال أعطيك. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ما أردت أن تعطيه؟ قالت: أردت أن أعطيه تمرًا. قال: إنك لو لم تفعلي لكتبت عليك كذبة. ويحيى بن أيواب، عن عجلان، عن زياد مولى ابن عامر.

المعاريض فيها مندوحة عن الكذب

16085 -

سليمان التيمي، عن أبي عثمان أن عمر قال:"أما في المعاريض ما يغني الرجل عن الكذب".

16086 -

ابن أبي عروبة عن قتادة، عن مطرف، عن عمران بن حصين قال:"إن في المعاريض لمندوحة عن الكذب". الصحيح هكذا. ورواه أبو إبراهيم الترجماني، نا داود بن الزبرقان، عن ابن أبي عروبة فرفعه.

قلت: داود تركه أبو داود.

قال أبو عُبيد: المعاريض أن يتكلم الرجل بالكلام إن صرح به كان كذبًا معارضة بكلام آخر يوافقه في اللفظ دون المعنى فيتوهم من سمعه أنه أراد ذلك. ومندوحة: أي سعة وفسحة. قال المؤلف: هذا يجوز فيما يرد به ضررًا ولا يضر الغير.

16087 -

بقية (د)(3)، عن ضُبارة بن مالك، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن سفيان بن أسيد الحضرمي، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثًا هو لك به مصدق وأنت له به كاذب".

(1) أبو داود (4/ 299 رقم 4995).

وأخرجه الترمذي (5/ 21 رقم 2633) من طريق إبراهيم بن طهمان به، وقال: هذا حديث غريب وليس إسناده بالقوي، علي بن عبد الأعلى ثقة، ولا يعرف أبو النعمان ولا أبو وقاص وهما مجهولان.

(2)

أبو داود (4/ 298 رقم 4991).

(3)

أبو داود (4/ 293 رقم 4971).

ص: 4207

من سمى المرأة قارورة والفرس بحرًا والأعمى بصيرًا

16088 -

شعبة (خ م)(1)، نا ثابت، عن أنس "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مسير له ونساؤه بين يديه، وإذا حادٍ أو سائق -يعني فحدا- فقال رسول اللَّه: ارفق يا أنجشة ويحك بالقوارير".

16089 -

جرير (خ)(2)، عن محمد، عن أنس قال:"فزع الناس فركب النبي صلى الله عليه وسلم فرسًا لأبي طلحة بطيئًا، ثم خرج يركض وحده، فركب الناس يركضون خلفه، فقال: لن تراعوا، إنه لبحر".

شعبة (خ م)(3)، عن قتادة، نا أنس قال:"كان فزع بالمدينة فركب رسول اللَّه فرسًا لأبي طلحة يقال له: مندوب. . . " الحديث.

16090 -

حسين بن علي ومحمد بن يونس الجمال، عن ابن عيينة، عن عمرو، عن جابر قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"انطلقوا بنا إلى البصير الذي في بني واقف نعوده. وكان أعمى". والصحيح عن ابن عيينة، عن عمرو، عن محمد بن جبير مرسلًا.

16091 -

أبو عوانة (م)(4)، عن الجعد، عن أنس "قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا بُنيّ.

لا تقبل شهادة خائن ولا ذي غمر على أخيه ولا خصم

16092 -

محمد بن راشد (د)(5)، عن سليمان بن موسى، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده "أن النبي صلى الله عليه وسلم رد شهادة الخائن والخائنة وذي الغمر على أخيه ورد شهادة القانع

(1) البخاري (10/ 609 رقم 6209)، ومسلم (4/ 1811 رقم 2323)[70] لكن عند مسلم من طريق حماد عن ثابت، عن أنس.

وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 135 رقم 10362) من طريق شعبة به.

(2)

البخاري (6/ 143 رقم 2968).

(3)

البخاري (5/ 284 رقم 2627)، ومسلم (4/ 1803 رقم 2307)[49].

وأخرجه أبو داود (4/ 297 رقم 4988)، والترمذي (4/ 171 رقم 1685)، والنسائي في الكبرى (5/ 254 رقم 8821) كلهم من طريق شعبة به.

(4)

مسلم (3/ 1693 رقم 2151)[31].

وأخرجه أبو داود (4/ 291 رقم 4964)، والترمذي (5/ 120 رقم 2831) من طريق أبي عوانة به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(5)

أبو داود (3/ 306 رقم 3600).

ص: 4208

لأهل البيت -يعني التابع- وأجازها على غيرهم".

قال (د)(1): وثنا محمد بن خلف، نا زيد بن يحيى، نا سعيد بن عبد العزيز، عن سليمان بإسناده قال:"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا زان ولا زانية ولا ذي غمر على أخيه".

16093 -

الزنجي بن خالد، سمعت العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تجوز شهادة ذي الخلة ولا ذي الجنة ولا ذي الحنة المحقود". كذا قال لفظ عبيد اللَّه بن موسى، عن الزنجي، وقال عبد الصمد، عن الزنجي:"ذي الجنة والظنة".

16094 -

ابن أبي ذئب، عن الحكم ابن مسلم، عن الأعرج (2) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا تجوز شهادة ذي الظنة والجنة والحنة". هذا المرسل أصبح ما في هذا الباب.

16095 -

حفص بن غياث، عن محمد بن زيد بن مهاجر، عن طلحة بن عبد اللَّه بن عوف (2):"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعث مناديًا حتى انتهى إلى الثنية أنه لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين، واليمين على المدعى عليه" خرجهما أبو داود (3) في المراسيل.

16096 -

مالك أنه بلغه أن عمر رضي الله عنه قال: "لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين".

من قال لا تجوز شهادة الوالد لولده ولا هو للأبوين

قال الشافعي: لأنه من آبائه فإنما يشهد لشيء منه وأن بنيه هم منه فكأنه شهد لبعضه.

16097 -

ابن عيينة (خ م)(4)، عن عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن المسور بن مخرمة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"فاطمة بضعة مني؛ من آذاها فقد آذاني".

16098 -

ابن عيينة، عن إبراهيم بن ميسرة، عن ابن أبي سويد، عن عمر بن عبد العزيز، قال: "زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم امرأة عثمان بن مظعون أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج وهو محتضن أحد ابني ابنته وهو يقول: واللَّه إنكم لتجهلون وتُجبّنون وتُبخّلون، وإنكم لمن ريحان

(1) أبو داود (3/ 306 رقم 3601).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

مراسيل أبي داود (286، 287 رقم 396، 397).

(4)

البخاري (7/ 131 رقم 3761)، ومسلم (4/ 1903 رقم 2449)[94].

وأخرجه أبو داود (2/ 226 رقم 2071)، والترمذي (5/ 655 رقم 3867)، والنسائي في الكبرى (5/ 147 رقم 8518)، وابن ماجه (1/ 643 رقم 1998) كلهم من طريق الليث عن ابن أبي مليكة به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4209

اللَّه" (1).

قلت: مرسل.

16099 -

وهيب، نا عبد اللَّه ابن عثمان بن خثيم، عن سعيد بن أبي راشد، عن يعلى بن أمية قال:"جاء الحسن والحسين يستبقان إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه ثم قال: "إن الولد مبخلة مجبنة محزنة".

حدثنا الحاكم، نا علي بن حمشاذ، نا محمد بن علي بن بُطحان، نا عفان، نا وهيب.

قلت: إِسناده قوي.

16100 -

مروان بن معاوية، عن يزيد بن أبي زياد، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"لا تجوز شهادة خائن ولا خائنة ولا ذي غمر على أخيه، ولا ظنين في ولاء ولا قرابة، ولا القانع مع أهل البيت لهم"(2) يزيد واه.

16101 -

ابن المبارك، عن يحيى بن أيوب، عن عقيل، عن ابن شهاب، قال:"مضت السنة أن لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين".

عبد اللَّه بن صالح، عن الليث، عن عقيل "سألت ابن شهاب عن رجل ولي يتيمًا هل تجوز شهادته؟ فقال: مضت السنة في الإسلام أن لا تجوز شهادة خصم ولا ظنين ولا شهادة خصم لمن يخاصم".

شهادة الأخ لأخيه

16102 -

أبو إسحاق الشيباني، عن الشعبي "أن شريحًا كان يجيز شهادة الأخ لأخيه إذا كان عدلًا".

16103 -

محمد بن عمرو بن علقمة، عن عمر بن عبد العزيز "أنه أجاز شهادة الأخ لأخيه". وروينا عن الساجي أنه رواه، عن ابن الزبير، وشريح والحسن والشعبي. قال: وقال الحسن والزهري: "تجوز شهادة الزوج والمرأة".

شهادة أهل الأهواء وما ترد به

قال بعض أصحابنا: هو إظهار من أظهر منهم نفي الصفات التي في القرآن ودلت السنة المستفيضة مع الإجماع من السلف على إثباتها؛ كالكلام والقدرة والعلم والمشيئة، وأن الأفعال

(1) أخرجه الترمذي (4/ 279 رقم 1910) من طريق سفيان به. وقال الترمذي: حديث ابن عيينة عن إبراهيم بن ميسرة لا نعرفه إلا من حديث، ولا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعًا من خولة.

(2)

أخرجه الترمذي (4/ 473 رقم 2298) من طريق مروان الفزاري عن يزيد بن زياد به. وقال الترمذي: حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث بزيد بن زياد الدمشقي، ويزيد يضعف في الحديث. . .

ص: 4210

كلها من اللَّه مخلوقة؛ فقد جاءت الأخبار بتكفير منكريها، وتبرؤ السلف من مذاهب أهل الأهواء.

16104 -

نا موسى بن إسماعيل (د)(1)، نا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه (2) عن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"القدرية مجوس هذه الأمة، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم".

قلت: منقطع بين أبي حازم وابن عمر.

16105 -

الثوري (د)(3)، عن عمر بن محمد، عن عمر مولى غُفْرة، عن رجل من الأنصار، عن حذيفة قال رسول اللَّه "إن لكل أمة مجوسًا، وإن مجوس هذه الأمة الذين يقولون: لا قدر؛ فمن مرض منهم فلا تعودوه، ومن مات منهم فلا تشهدوه، وهم شيعة الدجال، وحق على اللَّه أن يلحقهم به".

قلت: مولى غفرة ضعيف، وشيخه مجهول.

16106 -

كهمس (م)(4)، سمعت عبد اللَّه بن بريدة يحدث أن يحيى بن يعمر قال: "كان أول من تكلم في القدر في البصرة معبد الجهني، فانطلقنا حجاجًا أنا وحميد بن عبد الرحمن فلما قدمنا قلنا: لو لقينا بعض أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسألناه عما يقول هؤلاء القوم في القدر، فوافقنا ابن عمر في المسجد فاكتنفته أنا وصاحبي وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إليّ، فقلت: يا أبا عبد الرحمن، إنه ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويعرفون العلم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف، قال عبد اللَّه: فإذا لقيتم أولئك فأخبروهم أني بريء منهم وهم مني برآء، والذي يحلف به عبد اللَّه بن عمر، لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه ما قبله اللَّه منه حتى يؤمن بالقدر كله خيره وشره، ثم قال: حدثني عمر بن الخطاب قال: بينا نحن عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر ولا نعرفه، حتى جلس إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسند ركبته إلى ركبته، ووضع كفيه على فخذيه، ثم قال: يا محمد، أخبرني عن الإسلام؟ قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا اللَّه، وأن محمدًا عبده ورسوله، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت السبيل. فقال الرجل: صدقت. قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه، ثم قال:

(1) أبو داود (4/ 222 رقم 4691).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أبو داود (4/ 222 رقم 4692).

(4)

مسلم (1/ 36 رقم 8)[1].

وأخرجه أبو داود (4/ 223 رقم 4695)، والترمذي (5/ 8 رقم 2610)، والنسائي (8/ 97 رقم 4990)، وابن ماجه (1/ 24 رقم 63) كلهم من طريق كهمس به.

ص: 4211

محمد، أخبرني عن الإيمان؛ ما الإيمان؟ فقال: الإيمان أن تؤمن باللَّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره. فقال: صدقت. فقال: "أخبرني عن الإحسان؟ فقال: الإحسان أن تعبد اللَّه كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك. قال: فحدثني عن الساعة؛ متى الساعة؟ قال: ما المسئول بأعلم بها من السائل. قال: فأخبرني عن أمارتها؟ " قال: "أن تلد الأمة ربتها، وأن يُرى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البناء. ثم انطلق فقال عمر. فلبثت ثلاثًا، ثم قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "يا عمر، ما تدري عن السائل؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: ذاك جبريل أتاكم يعلمكم دينكم". وأخرج (خ م)(1) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وشواهده من حديث علي وأبي ذر.

16107 -

سعيد بن أبي أيوب (د)(2)، حدثني عطاء بن دينار، حدثني حكيم بن شريك، عن يحيى ابن ميمون الحضرمي، عن ربيعة الجُرشي، عن أبي هريرة، عن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم".

قلت: حكيم لا يعرف.

16108 -

أبو سنان سعيد بن سنان الشيباني (د)(3)، سمعت وهب بن خالد الحمصي، عن ابن الديلمي، قال: "وقع في نفسي شيء من القدر فأتيت أبيّ بن كعب، فقلت: يا أبا المنذر، وقع في نفسي شيء من القدر خفت أن يكون فيه هلاك ديني -أو أمري- فقال: يا ابن أخي، إن اللَّه لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته لهم خيرًا من أعمالهم، ولو أن لك مثل أحد ذهبًا أنفقته في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وإنك إن مت على غير هذا أدخلت النار، ولا عليك أن تأتي أخي عبد اللَّه بن مسعود فتسأله. فأتيت عبد اللَّه فسألته، فقال مثل ذلك، قال: وقال لي: لا عليك أن تأتي حذيفة. فأتيت حذيفة فسألته، فقال لي مثل ذلك وقال: ائت زيد بن ثابت فسله، فسألته فقال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللَّه

(1) البخاري (1/ 140 رقم 50)، ومسلم (1/ 39 رقم 9)[5].

وأخرجه ابن ماجه (1/ 25 رقم 64).

(2)

أبو داود (4/ 228 - 230 رقم 4710، 4720).

(3)

أبو داود (4/ 225 رقم 4699).

وأخرجه ابن ماجه (1/ 29 رقم 77) من طريق أبي سنان به.

ص: 4212

لو عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم كانت رحمته خيرًا لهم من أعمالهم، ولو أن لك مثل أحد ذهبًا أنفقته في سبيل اللَّه ما قبله اللَّه منك حتى تؤمن بالقدر، وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وأنه من مات على غير هذا دخل النار".

قلت: إِسناده صالح.

وروينا في ذلك عن علي، وعبادة، وسليمان.

16109 -

الوليد بن رباح (د)(1)، عن إبراهيم بن أبي عبلة، عن أبي حفصة قال: قال عبادة بن الصامت لابنه: "يا بني، إنك لم تجد طعم حقيقة الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك م يكن ليصيبك، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق اللَّه القلم فقال له: اكتب، فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة. يا بني، إني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس مني".

قلت: أبو حفصة مجهول.

16110 -

الثوري، عن أبي إسحاق، عن أبي الحجاج الأزدي، عن سلمان:"أنه سئل عن الإيمان بالقدر فقال: تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وأن ما أخطأك لم يكن ليصيبك".

16111 -

المقرئ، نا أبو حنيفة، عن الهيثم، عن الشعبي (2)، عن علي:"أنه خطب على منبر الكوفة فقال: ليس منا من لم يؤمن بالقدر خيره وشره".

16112 -

شعبة، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي قال:"لا يجد عبد طعم الإيمان حتى يؤمن بالقدر".

16113 -

حماد بن سلمة، عن سليمان التيمي، عن مجاهد قال:"أتيت ابن عباس برجل فقلت: هذا يكلمك في القدر، قال: ادنه مني، فقلت: هو ذا. قال: ادنِه مني. فقلت: هو ذا -يريد أن يقتله- قال: إي والذي نفسي بيده، لو أدنيته مني لوضعت يدي في عنقه فلم يفارقني حتى أدقّها".

قلت: إِسناده صحيح.

16114 -

مروان بن شجاع، عن عبد الملك بن جريج، عن عطاء قال: "أتيت ابن عباس وهو ينزع في زمزم قد ابتلت أسافل ثيابه، فقلت له: قد تكلم في القدر، فقال: أو قد فعلوها؟

(1) أبو داود (4/ 225 رقم 4700).

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4213

فقلت: نعم. قال: فواللَّه ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: {ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ} (1) أولئك شرار هذه الأمة، لا تعودوا مرضاهم، ولا تصلوا على موتاهم، إن أريتني أحدًا منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين".

16115 -

سعيد بن أبي أيوب (د ت)(2) أخبرني أبو صخر (ق)(3)، عن نافع قال:"كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه فكتب إليه عبد اللَّه أنه بلغني أنك تكلمت في شيء من القدر، فإياك أن تكتب إليّ، فإني سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر".

قلت: تابعه حيوة بن شريح، عن أبي صخر حميد بن زياد.

16116 -

مالك (م)(4)، عن زياد بن سعد، عن عمرو بن مسلم، عن طاوس قال:"أدركت ناسًا من أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقولون: كل شيء بقدر. قال: وسمعت ابن عمر يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "كل شيء بقدر؛ حتى العجز والكيس -أو: الكيس والعجز-".

16117 -

مالك، عن عمه أبي سهيل بن مالك قال:"كنت أسير مع عمر بن عبد العزيز فقال: ما رأيك في هؤلاء القدرية؟ قلت: أرى أن تستتيبهم، فإن قبلوا وإلا عرضتهم على السيف، فقال: ذلك رأي، قال مالك. وذلك أيضًا رأيي".

أنس بن عياض، حدثني أبو سهيل: "أنه قال له عمر بن عبد العزيز: ما ترى في الذين يقولون: لا قدر؟ قال: أرى أن يُستتابوا؛ فإن تابوا وإلا ضربت أعناقهم فقال عمر: ذاك الرأي فيهم، لو لم تكن إلا هذه الآية الواحدة كفى بها:{فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ (161) مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ (162) إِلَّا مَنْ هُوَ صَالِ الْجَحِيمِ} (5).

16118 -

الحكم بن سليمان الكندي، سمعت الأوزاعي "وسئل عن القدرية فقال: لا تجالسوهم".

16119 -

محيد بن إسحاق بن راهويه: "سئل أبي وأنا أسمع عن القرآن، فقال: القرآن كلام اللَّه وعلمه ووحيه ليس بمخلوق".

16120 -

ولقد ذكر ابن عيينة، عن عمرو بن دينار قال: "أدركت مشيختنا منذ سبعين سنة

(1) القمر: 48، 49.

(2)

أبو داود (4/ 304 رقم 4613)، والترمذي (4/ 397 رقم 2152، 2153) لكن عند الترمذي من طريق حيوة بن شريح ورشدين بن سعد كليهما عن أبي صخر به. وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

(3)

ابن ماجه (2/ 1350 رقم 4061).

(4)

مسلم (4/ 2045 رقم 2655)[18].

(5)

الصافات: 161 - 163.

ص: 4214

بقولون: اللَّه الخالق، وما سواه مخلوق، والقرآن كلام اللَّه. ثم قال أبي: أدرك عمرو جلّة الصحابة والتابعين وعلى هذا مضى صدر هذه الأمة".

16121 -

قتيبة، نا القاسم بن محمد -بغدادي ثقة- نا عبد الرحمن -يعني ابن محمد بن حبيب ابن أبي حبيب- عن أبيه، عن جده قال:"شهدت خالد بن عبد اللَّه القسري وقد خطبهم في يوم أضحى بواسط، فقال: ارجعوا أيها الناس فضحوا تقبل اللَّه منكم، فإني مضح بالجعد ابن درهم؛ فإنه زعم أن اللَّه لم يتخذ إبراهيم خليلًا، ولم يكلم موسى تكليمًا، سبحانه وتعالى عما يقول الجعد ابن درهم. ثم نزل فذبحه. قال قتيبة: وكان الجهم أخذ هذا الكلام من الجعد".

16122 -

قيس بن الربيع: "سألت جعفر بن محمد عن القرآن، فقال: كلام اللَّه. قلت: فمخلوق؟ قال: لا. قلت: فما تقول فيمن زعم أنه مخلوق؟ قال: يُقتل ولا يُستتاب". سمعه عمر بن إبراهيم بن خالد من قيس.

قلت: هما ضعيفان.

16123 -

أبو أمية الطرسوسي، نا يحيى بن خلف المقرىء قال:"كنت عند مالك فجاءه رجل فقال: ما تقول فيمن يقول: القرآن مخلوق؟ قال: عندي كافر فاقتلوه". قال يحيى: فسألت الليث وابن لهيعة عمن قال: القرآن مخلوق. فقالا: كافر".

قلت: يحيى واه.

16124 -

أخبرنا الحاكم، سمعت يحيى بن محمد العنبري، سمعت عمران بن موسى الجرجاني، سمعت سويد بن سعيد، سمعت مالكًا وحماد بن زيد وسفيان والفضيل بن عياض وشريكًا ويحيى بن سليم ومسلم بن خالد وهشام بن سليمان المخزومي وجرير بن عبد الحميد وعلي بن مسهر وعبدة وابن إدريس وحفص بن غياث ووكيعًا وابن فضيل وعبد الرحيم بن سليمان وعبد العزيز بن أبي حازم والدراوردي وإسماعيل بن جعفر وحاتم بن إسماعيل والمقرئ وجميع من حملت عنهم العلم يقولون:"الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، والقرآن كلام اللَّه من صفة ذاته غير مخلوق، ومن قال: إنه مخلوق. فهو كافر باللَّه العظيم". ورويناه عن ابن المبارك ويزيد بن هارون وابن مهدي ويحيى بن يحيى والبخاري ومسلم وأبي عبيد وغيرهم من أئمتنا.

16125 -

محمد بن إشكاب، نا أبي، سمعت أبا يوسف يقول بخراسان:"صنفان ما على الأرض أبغض إليّ منهما المقاتليّة والجهميّة".

16126 -

قال أيوب بن الحسن الفقيه يقول: "كان محمد بن الحسن لا يجيز شهادة الجهمية".

16127 -

قال الربيع المرادي: "لما كلم الشافعي حفصٌ القَرَدُ قال حفص: القرآن

ص: 4215

مخلوق. قال له الشافعي: كفرت باللَّه العظيم".

16128 -

أخبرنا الحاكم، أخبرني أبو الفضل بن أبي نصر العدل، حدثني حمل بن عمرو العدل، ثنا محمد بن عبد اللَّه بن فُورِش، عن علي بن سهل الرملي أنه قال:"سألت الشافعي عن القرآن فقال لي: كلام اللَّه غير مخلوق، قلت: فمن قال بالمخلوق فما هو عندك؟ قال: كافر. فقلت: من لقيتَ قالوا ما قلتَ؟ قال: ما لقيت أحدًا منهم إلا قال: من قال القرآن مخلوق فهو كافر عندهم".

قلت: ابن فورش لا أعرفه.

16129 -

الساجي، نا الربيع، سمعت الشافعي يقول:"لأن يلقى اللَّهَ العبدُ بكل ذنب ما خلا الشرك خير من أن يلقاه بشيء من هذه الأهواء. وذلك أنه رأى قومًا يتجادلون في القدر بين يديه، فقال الشافعي: في كتاب اللَّه المشيئة له دون خلقه، والمشيئة إرادة اللَّه يقول اللَّه: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} (1)، فأعلم خلقه أن المشيئة له وكان يثبت القدر".

16130 -

أخبرنا الحاكم، نا الزبير بن عبد الواحد، حدثني حمزة بن علي العطار بمصر، نا الربيع قال: "سئُل الشافعي عن القدر فأنشأ يقول:

ما شئتَ كان وإن لم أشا

وما شئتُ إن لم تشا لم يكن

خلقت العباد على ما علمت

ففي العلم يجري الفتَى والمُسن

على ذا مننت وهذا خذلت

وهذا أعنت وذا لم تُعِنْ

فمنهم شقي ومنهم سعيد

ومنهم قبيح ومنهم حَسن"

16131 -

الربيع، سمعت البويطي يقول:"من قال: القرآن مخلوق. فهو كافر، قال اللَّه: {إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} (2) فأخبر تعالى أنه يخلق الخلق بكن، فمن زعم أن كن مخلوق فقد زعم أن اللَّه يخلق الخلق بخلق".

16132 -

يحيى بن زكريا سمعت المزني يقول: "القرآن كلام اللَّه غير مخلوق".

يوسف بن موسى المروروذي قال: كنا عند أبي إبراهيم المزني جماعة من خراسان وكنا نجتمع عنده بالليل فيلقي المسألة فيما بيننا ويقوم للصلاة، فإذا سلم التفت إلينا فيقول: أرأيتم لو قيل لكم كذا وكذا بماذا تجيبونهم؟ ويعود إلى صلاته، فقمنا ليلة فتقدمت أنا وأصحاب لنا

(1) التكوير: 29.

(2)

النحل: 40.

ص: 4216

إليه فقلنا: نحن قوم من أهل خراسان وقد نشأ عندنا قوم يقولون: القرآن مخلوق. ولسنا ممن يخوض في الكلام فلا نستفتيك في هذه المسألة إلا لديننا ولمن عندنا لنخبرهم عنك بما تجيبنا فيه. فقال: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق، ومن قال: مخلوق. فهو كافر". قال المؤلف: فهذا مذهب أئمتنا في هؤلاء المبتدعة الذين حرموا التوفيق وتركوا ظاهر الكتاب والسنة بآرائهم المزخرفة وتأويلاتهم المستنكرة، وقد سمعت أبا حازم الحافظ يقول: سمعت زاهر بن أحمد يقول: لما قرب حضور أجل أبي الحسن الأشعري في داري ببغداد دعاني فقال: اشهد عليّ أني لا أكفر أحدًا من أهل القبلة لأن الكل يشيرون إلى معبود واحد، وإنما هذا اختلاف العبارات.

قال المؤلف: فمن ذهب إلى هذا زعم أن هذا أيضًا مذهب الشافعي؛ ألا تراه قال في كتاب أدب القاضي ذهب الناس من تأويل القرآن والأحاديث والقياس أو من ذهب منهم إلى أمور اختلفوا فيها فتباينوا فيها تباينًا شديدًا واستحل فيها بعضهم من بعض، بعض ما يطول حكايته، وكل ذلك متقادم منه، ما كان في عهد السلف وبعدهم إلى اليوم، فلم نعلم أحدًا من سلف هذه الأمة يقتدى به ولا من التابعين بعدهم رد شهادة أحد بتأويل وإن خَطّأه وضَلّله.

ثم ساق الكلام إلى أن قال: وشهادة من يرى الكذب شركًا باللَّه أو معصية له يوجب عليها النار أولى أن تطيب النفس عليها من شهادة من يخفف المآثم فيها.

قالوا: والذي روينا عن الشافعي وغيره من الأئمة من تكفير هؤلاء المبتدعة فإنما أرادوا به كفرًا دون كفر وهو كما قال تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (1) قال ابن عباس: "إنه ليس بالكفر الذي تذهبون إليه، إنه ليس بكفر ينقل عن الملة ولكن كفر دون كفر".

قال المؤلف: فكأنهم أرادوا بتكفيرهم لنفيهم الصفات التي أثبتها اللَّه لنفسه وجحودهم لها بتأويل بعيد مع اعتقادهم إثبات ما أثبت اللَّه، فعدلوا عن الظاهر بتأويل فلم يخرجوا به عن الملة كما لم يخرج من أنكر إثبات المعوذتين في المصاحف كسائر السور من الملة لما ذهب إليه من الشبهة، وإن كانت عند غيره خطأ.

والذي روينا من قوله عليه السلام: "القدرية مجوس هذه الأمة" فإنما سماهم مجوسًا

(1) المائدة: 44.

ص: 4217

لمضاهاة بعض ما يذهبون إليه لمذاهب اليهود في قولهم بالنور والظلمة زعموا أن الخير من فعل النور وأن الشر من فعل الظلمة، فصاروا ثنويّة وكذلك القدرية يصفون الخير إلى اللَّه والشر إلى غيره وهو تعالى خالق الخير والشر وخالق كل شيء، فالكل مضاف إليه خلقًا وإيجادًا وإلى الفاعلين لهما فعلا واكتسابًا. هذا قول الخطابي على الخبر.

وقال أبو بكر بن إسحاق الصبغي فيما أنا عنه الحاكم قالت المجوس: خلق اللَّه بعض هذه الأعراض دون بعض، خلق النور ولم يخلق الظلمة. وقالت القدرية: خلق اللَّه بعض الأعراض دون بعض، خلق صوت الرعد ولم يخلق صوت المقدح. وقالت المجوس: إن اللَّه لم يخلق الجهل والنسيان. وقالت القدرية: إن اللَّه لم يخلق الحفظ والعلم والعمل. وقالت المجوس: إن اللَّه لا يضل أحدًا. وقالت القدرية مثله، وقال اللَّه -تعالى-:{يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ} (1)، وقال:{يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ} (2). [قال](3) المؤلف: فسماهم صلى الله عليه وسلم مجوسًا وأضافهم إلى الأمة مع ذلك.

16133 -

نا وهب بن بقية (د)(4)، عن خالد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"افترقت اليهود على إحدى -أو اثنتين- وسبعين فرقة، وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وتفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة" فيه دلالة على أن هذه الفرق كلها غير خارجين من الدين؛ إذ النبي صلى الله عليه وسلم جعلهم كلهم من أمته، وفيه أن من تأول لا يخرج من الملة، ومن كفر مسلمًا على الإطلاق بتأويل لم يخرج بتكفيره إياه بالتأويل عن الملة، فقد مر في كتاب الصلاة في قصة الذي فارق معاذًا من الصلاة فبلغ

(1) النحل: 93، فاطر:8.

(2)

هود: 34.

(3)

سقطت من "الأصل".

(4)

أبو داود (4/ 197 رقم 4596).

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1321 رقم 3991) من طريق محمد بن بشر، والترمذي (5/ 25 رقم 2640) من طريق الفضل بن موسى كليهما عن محمد بن عمرو به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

ص: 4218

معاذًا فقال: منافق. ثم إن الرجل ذكر ذلك للنبي عليه السلام والنبي لم يزد معاذًا على أن أمره بالتخفيف، وروينا في قصة حاطب؛ حيث كتب إلى قريش بمسير النبي صلى الله عليه وسلم إليهم، وقول عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إنه قد شهد بدرًا ولم ينكر على عمر تسميته لذلك، وإنما يكفر من كفر مسلمًا بغير تأويل.

16134 -

مالك (خ)(1) عن عبد اللَّه بن دينار (م)(1)، عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من قال لأخيه: كافر فقد باء به أحدهما". فعلى هذا النمط شهادة أهل الأهواء -إذا كان لهم تأويل- تكون ماضية.

عَبد الرحمن بن مهدي قال: يكتب العلم عن أصحاب الأهواء وتجوز شهاداتهم ما لم يدعوا إليه، فإذا دعوا إليه لم يكتب عنهم ولم تجز شهاداتهم. وقال الشافعي في أدب القاضي: إلا أن يكون منهم من يعرف باستحلال شهادة الزور على الرجل لأنه يراه حلال الدم أو حلال المال فترد شهادته بالزور، أو يكون ممن يستحل أن يرى الشهادة للرجل إذا وثق به فيحلف له على حقه ويشهد له بالبتّ به ولم يحضره ولم يسمعه، فترد شهادته من قبل استحلاله الشهادة بالزور، أو يكون منهم من يباين الرجل المخالف له مباينة العداوة له، فترد شهادته من جهة العداوة.

16135 -

حرملة، سمعت الشافعي يقول:"لم أر أحدًا أشهد بالزور من الرافضة".

يونس بن عبد الأعلى، سمعت الشافعي يقول:"أجيز شهادة أهل الأهواء كلهم إلا الرافضة؛ فإنه يشهد بعضهم لبعض". قال المؤلف: وكذا من عرف منهم بسب الصحابة لم تقبل شهادته متى ما كان سبه إياهم عصبية وجهلًا، لا على تأويل وشبهة.

16136 -

الأعمش (م)(2)، عن أبي صالح، عن أبي سعيد قال النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تسبوا أصحابي؛ فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهبًا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه".

16137 -

شعبة (خ م)(3)، عن منصور، سمعت أبا وائل يحدث، عن عبد اللَّه، عن

(1) البخاري (10/ 531 رقم 6104)، ومسلم (1/ 79 رقم 60)[111] من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد اللَّه بن دينار به.

وأخرجه الترمذي (5/ 23 رقم 2637) من طريق مالك به.

(2)

مسلم (4/ 1967 رقم 2541)[222].

وأخرجه البخاري (7/ 25 رقم 3673)، والترمذي (5/ 653 رقم 3861)، وأبو داود (4/ 214 رقم 4658) كلهم من طريق الأعمش به.

(3)

البخاري (10/ 479 رقم 6044)، ومسلم (1/ 81 رقم 64)[117]. =

ص: 4219

النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سباب المسلم فسوق، وقتاله كُفر".

16138 -

يعقوب بن إسحاق، حدثني عبد اللَّه بن سوّار العنبري، قال:"شهد رجل عند أبي شهادة فردّ شهادته، فأتاه بعدُ فقال: "رددت شهادتي؟ قال: نعم، قال: ولِمَ؟ قال: لأنه بلغني أنك تناول -أو تبغض الصحابة- قال: ما أتناول إلا عمرو بن العاص، قال: نعم، أما إني أزيدك حبسًا حتى تحدث توبة".

الفقيه يسأل عن محدث فيقول كفوا عنه حديثه لأنه يغلط أو يحدث بما لم يسمع أو أنه لا يبصر الفتيا

قال الشافعي: ليس هذا بعداوة ولا غيبة.

16139 -

حماد (خ م)(1)، عن ثابت، عن أنس:"مُرّ على النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثني عليها خيرا، فقال: وجبت. ومُرّ بجنازة أخرى فأثني عليها شرا، فقال: وجبت. فقيل: يا رسول اللَّه، قلت لتلك وجبت، وقلت لهذه: وجبت! فقال: شهادة القوم، المؤمنون شهداء اللَّه في الأرض".

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما الدين النصيحة".

16140 -

أخبرني الماليني، أنا ابن عدي، نا البغوي، نا أبو الربيع الزهراني، نا حماد بن زيد، عن بقية بن الوليد، عن معاذ بن رفاعة، عن إبراهيم ابن عبد الرحمن العذري (2) قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يرث هذا العلم من كل خلف عدوله، ينفون عنه تأويل الجاهلين، وانتحال المبطلين، وتحريف الغالين".

16141 -

الوليد بن مسلم، نا إبراهيم ابن عبد الرحمن، نا الثقة من أشياخنا (3) قال رسول اللَّه. . . نحوه.

قلت: سنده منقطع.

16142 -

أيوب، عن محمد، عن عبد اللَّه بن عتبة: "أن سُبيعة وضعت بعد وفاة زوجها

= وأخرجه النسائي (7/ 122 رقم 4109) من طريق شعبة به.

وأخرجه البخاري (13/ 29 رقم 7076)، والنسائي (7/ 122 رقم 4113)، وابن ماجه (1/ 27 رقم 69) من طرق عن الأعمش به.

وأخرجه مسلم (1/ 81 رقم 64)[116]، والترمذي (5/ 22 رقم 2635)، والنسائي (7/ 122 رقم 4110) من طرق عن زبيد، عن أبي وائل، عن عبد اللَّه به.

(1)

البخاري (5/ 299 رقم 2642)، ومسلم (2/ 656 رقم 949)[60].

وأخرجه ابن ماجه (1/ 478 رقم 1491) من طريق حماد بن زيد به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4220

بخمسة عشر يومًا فمر بها أبو السنابل، فقال: كأنك تريدين الزوج؟ قال: نعم، أو كما قالت، قال: لا حتى تمضي أربعة أشهر وعشر. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال: كذب أبو السنابل إذا أتاك من ترضين فأخبريني". مرسل، وله شواهد. وقد روينا عن جماعة من الصحابة والتابعين تبيين حال جماعة، وليس هذا موضعه؛ إلا أن الشافعي أدخل هذه المسألة خلال مسألة شهادة أهل الأهواء.

16143 -

فأما حديث الجارود بن يزيد، عن بهز بن حكيم، عن أبيه، عن جده مرفوعًا:"أترعُون عن ذكر الفاجر اذكروه بما فيه كي يعرفه الناس ويحذروه". فالجارود واهٍ، وقد سرقه عنه جماعة ورووه عن بهز، ولم يصح في ذا شيء.

16144 -

عباس الترقفي، نا روّاد بن الجراح، نا أبو سعد الساعدي، عن أنس مرفوعًا:"من ألقى جلباب الحياء فلا غيبة له". وهذا أيضًا ليس بالقوي.

قلت: أبو سعد مجهول.

ما تجوز به شهادة أهل الأهواء

قال الشافعي: كل من تأول فأتى شيئًا مستحلًا له كان فيه حد أو لم يكن لم ترد شهادته بذلك؛ ألا ترى أن ممن حمل عنه الدين ونصب علمًا في البلدان، من قد يستحل المتعة ومنهم من يستحل الدينار بعشرة دنانير يدًا بيد، ومنهم من قد تأول فاستحل سفك الدماء، ومنهم من تأول فشرب كل مسكر غير الخمر، ومنهم من أحل إتيان النساء في أدبارهن، ومنهم من أحل بيوعًا محرمة عند غيره، فإذا كان هؤلاء مع ما وصفت أهل ثقة في دينهم وقناعة عند من عرفهم وقد ترك عليهم ما تأولوا فأخطئوا فيه ولم يُخرَجوا بعظيم الخطأ إذا كان منهم على وجه الاستحلال كان جميع أهل الأهواء في هذه المنزلة.

16145 -

شعيب عن الزهري ح. وحجاج بن أبي منيع، عن جده، عن الزهري، حدثني أبو إدريس، أنه أخبره يزيد بن عَميرة صاحب معاذ: "أن معاذًا كان يقول كلما جلس مجلس ذكر: اللَّه حكم عدل -وقال شعيب: قسط- تبارك اسمه، هلك المرتابون. فقال معاذ يومًا: وراءكم فتن يكثر فيها المال ويُفتح فيها القرآن حتى يأخذه المؤمن والمنافق، والحر والعبد، والرجل والمرأة، والكبير والصغير، فيوشك قائل أن يقول: فما للناس لا يتبعوني وقد قرأت القرآن؟ واللَّه ما هم بمتبعيّ حتى ابتدع لهم غيره، فإياكم وما ابتدع فإن ما ابتدع ضلالة، واحذروا زيغة الحكيم، فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على فم الحكيم، وقد يقول المنافق

ص: 4221

كلمة الحق. قلت له: وما يدريني يرحمك اللَّه أن الحكيم يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق يقول كلمة الحق؟ قال: اجتنب من كلام الحكيم المشتبهات التي تقول ما هذه ولا يُنئينّك ذلك منه -أو قال عنه- فإنه لعله أن يراجع ويلقّى الحق إذا سمعته، فإن على الحق نورًا" (1). رواه عقيل، عن الزهري، وفيه: "ولا يَثنينّك ذلك عنه". أخبر معاذ أن زيغة الحكيم لا توجب الإعراض عنه، ولكن يترك من قوله ما أظلم، فنور الحق ما دل عليه كتاب أو سنة أو إجماع.

16146 -

كثير بن عبد اللَّه بن عوف، عن أبيه، عن جده، أن رسول اللَّه قال:"اتقوا زلة العالم، وانتظروا فيئته".

قلت: كثير واه.

16147 -

ابن شابور، سمعت الأوزاعي يقول:"من أخذ بنوادر العلماء خرج من الإسلام".

16148 -

[أحمد](2) بن عيسى التنيسي، نا عمرو بن أبي سلمة، سمعت الأوزاعي يقول:"يترك من قول أهل مكة المتعة والصرف، ومن قول أهل المدينة السماع، وإتيان النساء في أدبارهن، ومن قول أهل الشام الجبر والطاعة، ومن قول أهل الكوفة النبيذ والسحور".

العباس بن الوليد بن مزيد، حدثني أبو عبد اللَّه من بجّ حوران، سمعت الأوزاعي يقول:"نجتنب من قول أهل العراق خمسًا، ومن قول أهل الحجاز خمسًا؛ من قول أهل العراق: المسكر والأكل في الفجر في رمضان، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار، وتأخير العصر حتى يكون الظل أربعة أمثاله، والفرار يوم الزحف، ومن قول أهل الحجاز: الملاهي، والجمع بين الصلاتين من غير عذر، والمتعة، والدرهم بالدرهمين يدًا بيد، وإتيان النساء في أدبارهن".

16149 -

قال إسماعيل القاضي: "دخلت على المعتضد فدفع إليّ كتابًا نظرت فيه، وكان قد جمع له الرخص من زلل العلماء، وما أحتج به كل منهم لنفسه، فقلت: مصنف هذا زنديق، فقال: لم تصح هذه الأحاديث؟ قلت: الأحاديث على ما رويت ولكن من أباح المسكر لم يبح المتعة، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء والمسكر، وما من عالم إلا وله زلة، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ بها ذهب دينه، فأمر المعتضد فأحرق ذلك الكتاب". أخبرنا بها الحاكم، أنا أبو الوليد، سمعت ابن سريج، سمعت إسماعيل، فذكره.

(1) أخرجه أبو داود (4/ 202 رقم 4611) من طريق عقيل عن الزهري به.

(2)

في "الأصل": محمد، والمثبت من "هـ"، وهو الصواب. انظر: الأنساب (1/ 487) وميزان الاعتدال (1/ 126).

ص: 4222

لعب الشطرنج والاختلاف فيه

قال الشافعي: إذا كان أهل الأهواء هكذا فاللاعب بالشطرنج -وإن كرهنا له- وبالحمام -وإن كرهنا له- أخف حالًا من هؤلاء بما لا يحصى ولا يقدر، وإنما قال ذلك لما فيه أيضًا من اختلاف العلماء.

16150 -

الربيع، سمعت الشافعي يقول:"لعب سعيد بن جبير بالشطرنج من وراء ظهره، فيقول: بأيش دفع كذا، فإذا قال: بكذا، قال: ادفع بكذا".

16151 -

ابن عبد الحكم، أنا الشافعي، قال:"كان ابن سيرين وهشام بن عروة يلعبان بالشطرنج استدبارًا".

16152 -

معمر: "بلغني أن الشعبي كان يلعب بالشطرنج ويلبس ملحفة ويرخي شعره، وذلك أنه كان متواريًا من الحجاج".

16153 -

أبو مسلم الكجي، نا معقل بن مالك الباهلي، قال:"خرجت من الجامع، فإذا رجل قد قربت إليه دابته، فسأله رجل: ما كان الحسن يقول في الشطرنج؟ قال: كان لا يرى بها بأسًا، وكان يكره النردشير، فقلت: من هذا؟ قالوا: ابن عون، وكان مضبب الأسنان بالذهب".

16154 -

يحيى بن سليمان، ثنا أحمد بن بشير، قال:"أتيت البصرة في طلب الحديث فأتيت بهز بن حكيم فوجدته مع قوم يلعب بالشطرنج".

وعن إبراهيم الهجري: "أنه كان يلعب بالشطرنج".

جعل الشافعي اللعب بالشطرنج من المسائل المختلف فيها في أن لا يوجب رد الشهادة، فأما كراهية اللعب بها فقد صرح بها فيما قدمنا ذكره، وهو الأشبه والأولى بمذهبه، فالذين كرهوها أكثر، ومعهم من يحتج بقوله.

16155 -

جعفر بن محمد، عن أبيه (1)، عن علي:"أنه كان يقول: الشطرنج هو ميسر الأعاجم" مرسل.

16156 -

شبابة، عن فضيل بن مرزوق، عن ميسرة بن حبيب (1) قال:"مر عليٌ على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون".

أبو معاوية، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي:"أنه مر على قوم يلعبون بالشطرنج فقال: ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون؛ لأن يمس جمرًا حتى يطفأ خير له من أن يمسها".

شريك، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم (1)، قال علي رضي الله عنه:"صاحب الشطرنج أكذب الناس يقول أحدهم: قتلت وما قتل".

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4223

مروان بن معاوية، عن محمد بن أبي زكريا، عن عمار بن أبي عمار، قال:"مر عليٌ بمجلس من مجالس تيم اللَّه وهم يلعبون بالشطرنج، فوقف عليهم فقال: أما واللَّه لغير هذا خلقتم، أما واللَّه لولا أن تكون سنة لضربت بها (وجوههم) (1) ".

قلت: محمد بن أبي زكريا إِن كان المصلوب فهو متهم.

16157 -

معن بن عيسى، قال: قال مالك: "الشطرنج من النرد، بلغنا عن ابن عباس أنه ولي مال يتيم فأحرقها".

16158 -

أحمد بن سلمة النيسابوري، حدثني جعفر بن منير المدائني الرجل الصالح، ثنا شجاع بن الوليد، ثنا عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر:"أنه سئل عن الشطرنج فقال: وهو شر من النرد".

قلت: أرى سندًا نظيفًا إِن كان جعفر ثقة.

16159 -

يونس، عن ابن شهاب (2) أن أبا موسى الأشعري قال:"لا يلعب بالشطرنج إلا خاطىء".

16160 -

الليث، عن عبيد اللَّه بن أبي جعفر قال (2):"كانت عائشة رضي الله عنها: تكره [الكبل] (3) وإن لم يقامَر عليها، وأبو سعيد يكره أن يلعب بالشطرنج".

16161 -

عبد الجبار بن عمر، عن صالح بن أبي يزيد:"سألت ابن المسيب عن الشطرنج فقال: هي باطل، ولا يحب اللَّه الباطل".

وعن ابن شهاب قال: "هي من الباطل لا أحبها، ولا يحب اللَّه الباطل".

16162 -

أبو شهاب، عن إسماعيل قال:"سئل أبو جعفر عن الشطرنج، فقال: دعونا من هذه المجوسية". وفي كراهيتها، عن ابن سيرين ويزيد بن أبي حبيب وإبراهيم النخعي ومالك.

كراهية اللعب بالحمام

16163 -

حماد بن سلمة (د ق)(4)، عن محمد بن عمرو، عن أبى سلمة، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم "رأى رجلًا يتبع حمامة فقال: شيطان يتبع شيطانة".

16164 -

أسامة بن زيد، "شهدت عمر بن عبد العزيز يأمر بالحمام الطيارات فتذبحن ويترك المقصصات".

رد شهادة المقامر

قال تعالى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ. . .} (5) الآية.

(1) في "هـ": وجوهكم.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

من "هـ".

(4)

أبو داود (4/ 285 رقم 4940)، وابن ماجه (2/ 1238 رقم 3765).

(5)

المائدة: 90.

ص: 4224

16165 -

عبيد اللَّه بن عمرو، عن عبد الكريم، عن قيس بن حَبْتر، عن ابن عباس، عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن اللَّه حرَّم عليكم الخمر والميسر والكوبة، وقال: كل مسكر حرام".

16166 -

موسى بن عقبة، عن نافع أن ابن عمر كان يقول:"الميسر القمار".

16167 -

ابن أبي نجيح، عن مجاهد "في قوله: الميسر، قال: كعاب فارس وقداح العرب والقمار كله".

معمر، عن ليث، عن مجاهد قال:"الميسر القمار كله حتى الجوز الذي يلعب به الصبيان".

شهادة شربة النبيذ

قال الشافعي: من شرب من الخمر شيئًا وهو يعرفها خمرًا ردّت شهادته؛ لأن تحريمها نصٌ، وما سواها من الأشربة التي يسكر كثيرها فهو عندنا مخطىء آثم، وتقبل شهادته -يعني لما فيه من الخلاف- قال الشافعي: ما لم يسكر منه؛ فإذا سكر منه ردت شهادته؛ لأن السكر محرم بالإجماع.

16168 -

جرير، عن مسعر، عن أبي عون، عن عبد اللَّه بن شداد قال: قال ابن عباس: "حرمت الخمر لعينها؛ قليلها وكثيرها، والسكر من كل شراب"(1). فمن هذا وما أشبهه وقعت شبهة من أباح القليل من سائر الأشربة، وقد مر حديث سعد وابن عمر وغيرهما عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أنهاكم عن قليل ما أسكر كثيره"، وقال:"ما أسكر كثيره فقليله حرام"، وقال:"كل مسكر خمر". وروينا في حديث ابن عباس هذا أنه قال: "والمسكر من كل شراب".

16169 -

حماد ابن سلمة، ثنا سماك، عن عبد اللَّه بن شداد، عن ابن عمر قال: "كنت مع عمر في حج، فإذا راكب فقال عمر: أرى هذا يطلبنا. قال: فجاء الرجل فبكى، قال: ما شأنك؛ إن كنت غارمًا أعناك، وإن كنت خائفًا أمناك، إلا أن تكون قتلت نفسًا فتُقتل بها، وإن كنت كرهت جوار قوم حولناك عنهم. قال: إني شربت الخمر، وأنا أحد بني تيم، وإن أبا موسى جلدني وحلقني وسوّد وجهي وطاف بي في الناس وقال: لا تجالسوه ولا تؤاكلوه، فحدثت نفسي يإحدى ثلاث: إما أن أتخذ سيفًا فأضرب به أبا موسى، وإما أن آتيك فتحولني إلى الشام، فإنهم لا يعرفونني، وإما أن ألحق بالعدو وآكل معهم وأشرب. فبكى عمر رضي الله عنه، وقال: ما يسرني أنك فعلت وأن لعمر كذا وكذا، وإني كنت لأشرب الناس لها في الجاهلية، وإنها ليست كالزنى. وكتب إلى أبي موسى: سلام عليك، أما بعدُ، فإن فلان ابن

(1) أخرجه النسائي (8/ 320 - 321 رقم 5683) من طرق عن عبد اللَّه بن شراد به.

ص: 4225

فلان التيمي أخبرني بكذا وكذا، وايم اللَّه، لئن عدت لأسودنّ وجهك، ولأطوفنّ بك في الناس فإن أردت أن تعلم حق ما أقول لك فعد. فأمرَ الناس أن يجالسوه ويؤاكلوه، وإن تاب فاقبلوا شهادته، وحمله وأعطاه مائتي درهم.

قال الشافعي: وبائع الخمر مردود الشهادة؛ لأن بيعها حرام بالإجماع.

كراهية اللعب بالنرد أكثر من كراهية اللعب بسائر الملاهي لثبوت الخبر فيه

16170 -

الثوري (م)(1)، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من لعب يالنردشير فهو كمن غمس يده في لحم الخنزير ودمه". وفي لفظ إسحاق الأزرق عنه: "فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه".

16171 -

مالك (د ق)(2)، عن موسى بن ميسرة، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى الأشعري أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من لعب بالنرد فقد عصى اللَّه ورسوله". وكذا رواه ابن الهاد وأسامة بن زيد، عن سعيد.

محمد بن عبيد، عن عبيد اللَّه بن عمر، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى مرفوعًا مثله. تابعه يحيى القطان، وقال أيوب، عن نافع: موقوف. واختلف فيه على عبد اللَّه ابن سعيد بن أبي هند، فقيل: عن أبيه عن رجل، عن أبي موسى.

مكي بن إبراهيم، نا الجعيد، عن يزيد بن خصيفة، عن حميد بن بشير، عن محمد بن كعب، حدثني أبو موسى الأشعري، أنه سمع رسول اللَّه يقول:"لا يقلب كعباتها أحد ينتظر ما تأتي به إلا عصى اللَّه ورسوله". هكذا رواه أبو خيثمة عنه.

16172 -

أخبرنا ابن أبي الفوارس الحافظ، أنا الإسماعيلي، نا إبراهيم بن زهير الحلواني، ثنا مكي، نا الجعيد، عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي، أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن فقال: أخبرني ما سمعت أباك يقول عن رسول اللَّه، فقال: سمعت أبي يقول: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي

(1) مسلم (4/ 1770 رقم 2260)[10].

وأخرجه أبو داود (4/ 285 رقم 4939)، وابن ماجه (2/ 1238 رقم 3763) كلاهما من طريق الثوري به.

(2)

أبو داود (4/ 285 رقم 4938) من طريق مالك به، وابن ماجه (2/ 1237 رقم 3762) من طريق عبيد اللَّه ابن عمر، عن نافع، عن سعيد بن أبي هند، عن أبي موسى به.

ص: 4226

يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي".

16173 -

زياد البكائي، ثنا إبراهيم بن مسلم، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اتقوا [هاتين] (1) الكعبتين الموسومتين اللتين يزجران زجرًا؛ فإنهما من ميسر العجم" تابعه سويد، عن أبي معاوية، عن إبراهيم مرفوعًا، والمحفوظ موقوف، رواه جعفر بن عون، أنا إبراهيم الهجري موقوفًا، وكذلك رواه عبد الملك بن عمير وغيره، عن أبي الأحوص، عن عبد اللَّه قوله.

16174 -

سليمان بن بلال، حدثني الجعيد، عن موسى بن أبي سهل، عن زييد بن الصلت:"أنه سمع عثمان على المنبر يقول: يا أيها الناس، إياكم والميسر -يريد النرد- فإنها قد ذكرت لي أنها في بيوت ناس منكم فمن كانت في بيته فليحرقها أو ليكسرها". وقال عثمان مرة أخرى وهو على المنبر: "يا أيها الناس، إني قد كلمتكم في هذا النرد، ولم أركم أخرجتموها، ولقد هممت أن آمر بحزم الحطب ثم أرسل إلى بيوت الذين هي في بيوتهم فأحرقها عليهم".

16175 -

يحيى بن سعيد، عن نافع، أن ابن عمر كان يقول:"النرد هي الميسر".

16176 -

يونس ابن يزيد، عن نافع أن ابن عمر:"كان إذا وجدها مع أحد من أهله أمر بها فكُسرت، وضربه، ثم أمر بها فأحرقت".

مالك، عن نافع، عن عبد اللَّه:"أنه كان إذا وجد أحدًا من أهله يلعب بالنرد ضربه وكسرها".

16177 -

مالك، عن علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، عن عائشة:"أنها بلغها أن أهل بيت في (دارها) (2) عندهم نرد، فأرسلت إليهم: لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري، وأنكرت ذلك عليهم".

16178 -

سلام ابن مسكين، نا قتادة، عن أبي أيوب، عن عبد اللَّه بن عمرو:"اللاعب بالنرد قمارًا كآكل لحم الخنزير واللاعب به غير قمار كالمدهن بودك الخنزير".

ورواه عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده.

16179 -

ربيعة بن كلثوم، نا أبي، قال: "خطبنا ابن الزبير فقال: يا أهل مكة، بلغني أن رجالًا من قريش يلعبون لعبة يقال لها: النردشير، وإن اللَّه يقول في كتابه:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} (3) الآية كلها،

(1) في "الأصل": هذه. والمثبت من "هـ".

(2)

كتب بالحاشية: "دارها أي حارتها".

(3)

المائدة: 90.

ص: 4227

وإني أقسم باللَّه لا أوتى برجل لعب بهذه إلا عاقبته في شَعَره وبشره وأعطيت سلبه من أتاني به". سمعه مسلم بن إبراهيم منه.

قلت: إسناده جيد.

16180 -

عامر بن يساف، عن يحيى بن أبي كثير (1):"مر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بقوم يلعبون بالنرد فقال: "قلوب لاهية وأيد عاملة، وألسنة لاغية"" مرسل.

قلت: بل معضل، وعامر صدوق.

من كره ما يلعب به الناس من الحزة، وهي خشبة فيها حفر ومن القِرْق ونحو ذلك

قلت: القِرْق يعرف بين الصبيان بإِدريس. قال الشافعي: لأن اللعب ليس من صنعة أهل الدين ولا المروءة.

16181 -

شعبة (خ م)(2)، عن عبد الملك بن عمير، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن أصدق بيت قالته الشعراء: ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل"

16182 -

يحيى بن محمد بن قيس، سمعت عمرو بن أبي عمرو، سمعت أنسًا يقول: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "لست من ددٍ ولا ددٌ مني". قال أبو عبيد: الدَّدُ: اللعب واللَّهو. وقيل عن عمرو، عن المطلب، عن معاوية، وروي في ذلك في حديث أبي الزبير عن جابر.

16183 -

ابن وهب، حدثني يحيى بن أيوب، ثنا أبو قبيل، عن عقبة بن عامر، قال:"لأن أعبد صنمًا يُعبد في الجاهلية أحب إليّ من أن ألعب بذي الميسر - أو قال: القنين". قال: وهي عيدان كان يلعب فيها في الأرض، ورأيت في موضع آخر بذي العشرة.

16184 -

قال: وأخبرني ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هبيرة، عن حنش بن عبد اللَّه، عن فضالة بن عبيد، قال:"ما أبالي لعبت بالكبْل أو توضأت بدم خنزير ثم قمت إلى الصلاة".

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

البخاري (11/ 328 رقم 6489)، ومسلم (4/ 1768 رقم 2256)[5].

وأخرجه الترمذي (5/ 128 رقم 2849) من طريق شريك، وابن ماجه (2/ 136 رقم 3757) من طريق سفيان كليهما عن عبد الملك به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4228

16185 -

وأخبرني عبد اللَّه بن عمر، عن عبد اللَّه بن دينار "أن ابن عمر مر بغلمان يلعبون بالكُجّة، وكانت حفرًا فيها حطب يلعبون بها، فسدها ابن عمر ونهاهم عنها، قال: فما فتحت إلا بعدُ".

16186 -

أيوب، عن نافع، عن صفية:"أن ابن عمر دخل على بعض أهله وهم يلعبون بهذه الشهاردة فكسرها".

16187 -

أبو عاصم، عن يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة:"أنه كان ينهى بنيه عن كعب الأربع عشرة، فقيل له: تنهاهم! قال: إنهم يحلفون ويكذبون". وروينا عن أم سلمة أنها كرهتها. قال الشافعي: "من لعب بشيء من هذا على الاستحلال لم ترد شهادته". قال المؤلف: هذا للاختلاف فيه.

16188 -

إسحاق الأزرق، عن بسام الصيرفي "سألت أبا جعفر عن النردشير فكرهه، وقال: كان علي بن الحسين يلاعب أهله بالشهاردة". قال الشافعي: وإن غفل به عن الصلاة حتى تفونه ثم يعود حتى تفوته رددنا شهادته للاستخفاف بمواقيت الصلاة.

16189 -

مالك (د س)(1)، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، عن ابن محيريز، أن رجلًا من كنانة يدعى المُخدِجي، سمع رجلًا بالشام يدعى أبا محمد يقول:"إن الوتر واجب، قال المخدجي: فرحت إلى عبادة بن الصامت فأخبرته فقال: كذب أبو محمد، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: خمس صلوات كتبهن اللَّه على العباد، فمن جاء بهن لم يضيع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن كان له عند اللَّه عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند اللَّه عهد، إن شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة".

قلت: تابعه أخوه عبد ربه بن سعيد، والمخدجي يكنى أبا رفيع، وهذا إِسناد صالح.

16190 -

وقال عبيد اللَّه بن عمر: قيل للقاسم بن محمد: "أرأيت الشطرنج ميسر هي؟ قال: كل ما ألهى عن ذكر اللَّه وعن الصلاة فهي ميسر".

اللعب المباح

16191 -

عبد الرحمن بن يزيد بن جابر (د س)(2)، حدثني أبو سلام، حدثني خالد بن

(1) أبو داود (2/ 62 رقم 1420)، والنسائي (1/ 230 رقم 461).

وأخرجه ابن ماجه (1/ 449 رقم 140) من طريق عبد ربه بن سعيد، عن محمد بن يحيى بن حبان، به.

(2)

أبو داود (3/ 13 رقم 2513)، والنسائي (6/ 222 - 223 رقم 3578).

ص: 4229

زيد قال: "كنت رجلًا راميًا، فكان عقبة بن عامر يدعوني يقول: اخرج بنا يا خالد نرمي، فلما كان ذات يوم أبطأت عنه، فقال: تعال أحدثك، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللَّه يدخل بالسهم الواحد ثلاثة نفر الجنة؛ صانعه يحتسب في صنعته الخير، والرامي به، ومنبله، فارموا واركبوا، وإن ترموا أحب إليّ من أن تركبوا، وليس من اللَّهو إلا ثلاثة: تأديب الرجل فرسه، وملاعبته امرأته، ورميه بقوسه ونبله، ومن ترك الرمي بعدما علمه رغبة عنه فإنها نعمة كفرها". رواه ابن المبارك، والوليد بن مزيد، واللفظ له عنه.

هشام (ت ق)(1)، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي سلام، عن عبد اللَّه بن يزيد (2) الزرشي (2)، عن عقبة مرفوعًا بمعناه، وقال:"كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمي الرجل بقوسه وتأديبه فرسه وملاعبته امرأته فإنهن من الحق". كذا في كتابي، وقال غيره: عبد اللَّه بن زيد الزرقي.

16192 -

عمرو بن الحارث (خ م)(3)، نا أبو الأسود، عن عروة، عن عائشة:"دخل عليّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وعندي جاريتان تغنيان بغناء بُعاث، فاضطجع على الفراش وحول وجهه، فدخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارة الشيطان عند رسول اللَّه! فأقبل عليه رسول اللَّه فقال: دعهما. فلما غفل غمزتهما فخرجتا، وقالت: كان يوم عيد يلعب السودان بالدرق والحراب، فإما سألت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإما قال: تشتهين تنظرين؟ فقلت: نعم، فأقامني وراءه خده على خدي، وهو يقول: دونكم يا بني أرفدة حتى إذا مللت قال: حسبك؟ قلت: نعم، قال: اذهبي".

16193 -

شريك (ق)(4)، عن مغيرة، عن الشعبي، عن عياض الأشعري:"أنه شهد عيدًا بالأنبار فقال: ما لي لا أراكم تِقلّسون، كانوا في زمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يفعلونه". ورواه عنه يوسف بن عدي، ثم قال يوسف: التقليس أن يقعد الجواري والصبيان على أفواه الطرق

(1) الترمذي (4/ 149 رقم 1637)، وابن ماجه (2/ 940 رقم 2811).

(2)

ضبب عليها المصنف للخلاف المذكور بعد ذلك في اسمه.

(3)

البخاري (6/ 111 رقم 2906، 2907)، ومسلم (2/ 609 رقم 892)[19].

(4)

ابن ماجه (1/ 413 رقم 1302).

ص: 4230

يلعبون بالطبل ونحوه. ورواه هشيم، عن مغيرة غير أنه قال:"فإنه من السنة في العيدين - يعني ضرب الدف عند الانصراف". ورواه يزيد بن هارون، عن شريك فقال زياد بن عياض الأشعري.

16194 -

شيبان، عن جابر، عن عامر، عن قيس بن سعد، قال:"ما كان على عهد رسول اللَّه إلا وقد رأيته يعمل بعده إلا شيء واحد، كان يقلّس له يوم الفطر".

16195 -

ورواه عمرو بن محمد، عن إسرائيل، عن جابر، وفيه:"كان يقلس لرسول اللَّه يوم العيد، والتقليس اللعب".

ترك كل مباح وقربة إذا حضرت الصلاة المفروضة

قال الشافعي: لأنها أوجب من كل النوافل.

16196 -

شريك بن أبي نمر، عن عطاء، عن أبي هريرة مرفوعًا:"أن اللَّه قال: من عادى لي وليًا فقد بارزني بالحرب، وما تقرب إليّ عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضت عليه، وما يزال يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني عبدي أعطيته، ولئن استعاذني لأعيذنه، وما ترددت (في) (1) شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن؛ يكره الموت وأكره مساءته"(2).

قلت: تفرد ابن كرامة به.

اللعِب باللعَب

16197 -

هشام (خ م)(3)، عن أبيه، عن عائشة:"كنت ألعب بالبنات عند رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وكان يأتيني صواحبي، وكن ينقمعنَ من رسول اللَّه، وكان يسر بهنّ إليّ فيلعبن معي".

16198 -

يحيى بن أيوب (د)(4)، حدثني عمارة بن غزية، حدثني محمد بن إبراهيم التيمي، عن أبي سلمة، عن عائشة قالت: "قدم رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، وقد نصبت على باب حجرتي عباءة وعلي (عَرْص)(5) بيتي ستر أرمنّي، فدخل البيت، فلما رآه قال: ما لي يا عائشة وللدنيا؟ فهتكه حتى وقع بالأرض، وفي سهوتها ستر فهبت الريح فكشفت ناحية

(1) كتب في الحاشية: عن.

(2)

أخرجه البخاري (11/ 348 رقم 6502) من طريق شريك به.

(3)

البخاري (10/ 543 رقم 6130)، ومسلم (4/ 1890 رقم 2440)[81].

(4)

أبو داود (4/ 283 رقم 4932).

وأخرجه النسائي في الكبرى، (5/ 306 رقم 8980) من طريق يحيى بن أيوب به.

(5)

كتب في الحاشية: العرص -بمهملة- الجسر في السقف عليه الخشبات.

ص: 4231

الستر على بنات لعائشة لعب، فقال: ما هذا يا عائشة؟ قالت: بناتي، قالت: ورأى بين طُوَيْهَا فرسًا له جناحان من بُرْقع، قال: فما هذا الذي أرى في وسطهن؟ قالت: فرس، قال:"وما عليه؟ " قالت: جناحان، قال: فرس له جناحان! قالت: أوَسمعت أن لسليمان بن داود خيلًا لها أجنحة؟ قالت: فضحك حتى بدت نواجذه". قال فيه أبو داود: من غزوة تبوك أو خيبر. قال المؤلف: ثبت النهي عن التصاوير والتماثيل من طرق، فيحتمل أن يكون المحفوظ قدومه من خيبر وأنه كان قبل التحريم، فمن روى التحريم أبو هريرة وإسلامه سنة سبع. وفيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم "أمر عمر زمن الفتح أن يمحو كل صورة في الكعبة، فلم يدخلها عليه السلام حتى محيت كل صورة فيها". وكانت عائشة زمن خيبر بنت أربع عشرة سنة.

قلت: خاضوا في الإفك قبل هذا الوقت، وكانت امرأة.

قال: وذكر الحليمي أنه إن عمل من خشب أو حجر أو صفر شبه آدمي تام كالوثن وسط كسره، ولم يجز إمساكه لهن.

المراجيح

16199 -

أبو أسامة (م)(1) عن هشام (خ)(1)، عن أبيه، عن عائشة:"تزوجني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لستٍ، وبنى بي وأنا ابنة تسع، فقدمت المدينة فوُعكت شهرًا، فوفى شعري جميمة، فأتتني أم رومان وأنا على أرجوحة ومعي صواحبي، فصرخت بي، فأتيتها، وما أدري ما يراد بي، فأخذت بيدي فأوقفتني على الباب، فقلت: هذه هذه حتى ذهب نفسي، فأدخلتني بيتًا، فإذا نسوة من الأنصار فقلن: على الخير والبركة وعلى خير طائر، فأسلمتني إليهن، فغسلن رأسي وأصلحنني فلم يرعْني إلا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلمنني إليه".

محمد بن عمرو، عن يحيى ابن عبد الرحمن بن حاطب، قالت عائشة: قالت "لما قدمنا المدينة نزلنا السُنح في بني الحارث ابن الخزرج، فإني لأترجّح بين عذقين وأنا ابنة تسع، إذ

(1) مسلم (2/ 1038 رقم 1422)[69]، والبخاري (7/ 264 رقم 3896).

وأخرجه البخاري (7/ 264 رقم 3894)، ومسلم (2/ 1038 رقم 1422)[70 - 71]، وأبو داود (2/ 239 رقم 2121)، و (4/ 284 رقم 4933 - 4936)، والنسائي (6/ 82 رقم 3255)، وابن ماجه (1/ 603 رقم 1876) من طرق عن هشام بن عروة به.

ص: 4232

جاءت أمي فأنزلتني ثم مشت بي حتى انتهت بي إلى الباب وأنا أنهج، فمسحت وجهي بشيء من ماء وفرقت جميمة كانت لي، ودخلت بي على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، وفي البيت رجال ونساء، فقالت: هؤلاء أهلك، فبارك اللَّه لك فيهم، وبارك لهم فيك، وقام الرجال والنساء وخرجوا، وبنى بي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

16200 -

هشيم، عن زياد أبي عمر، عن صالح أبي الخليل (1)"أن رسول اللَّه أمر بقطع المراجيح". هذا منقطع، ويروى موصولًا من وجه آخر واهٍ، وكان أبو بردة وطلحة بن مصرّف يكرهانها.

الملاهي من المعازف والمزامير وذمها

قال تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} (2).

16201 -

منصور بن أبي الأسود، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس "في هذه الآية {مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (2)، قال: نزلت في الغناء وأشباهه".

16202 -

أخبرنا أبو عبد اللَّه الحافظ، أنا أبو بكر بن عبد اللَّه، أنا الحسن بن سفيان، نا هشام بن عمار، نا صدقة بن خالد، نا ابن جابر، عن عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غنم الأشعري، حدثني أبو عامر أو أبو مالك واللَّه ما كذبني أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحرير والخمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم تروح فيهم سارحة لهم فيأتيهم رجل بحاجته، فيقولون: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم اللَّه فيضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة". ذكره البخاري (3) فقال: وقال هشام.

قلت: وأخرجه (د)(من)(4) حديث بشر بن بكر، عن ابن جابر.

16203 -

أبو صالح حدثني معاوية بن صالح (د ق)(5)، عن حاتم بن حُريث، عن مالك

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

لقمان: 6.

(3)

أخرجه البخاري معلقًا (10/ 53 رقم 5590) ومطولًا، وأبو داود (4/ 46 رقم 4039) كلاهما من طريق عطية بن قيس، عن عبد الرحمن بن غنم به.

(4)

تكررت في "الأصل".

(5)

أبو داود (3/ 329 رقم 3688)، وابن ماجه (2/ 1333 رقم 4020).

ص: 4233

ابن أبي مريم "أن عبد الرحمن بن غنم الأشعري وفد دمشق فاجتمع إليه عصابة منا، فذكرنا الطلاء، فمنا المرخص، ومنا الكاره له، فأتيته بعدما خضنا فيه، فقال: إني سمعت أبا مالك الأشعري صاحب رسول اللَّه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها، ويُضرب على رءوسهم المعازف والمغنيات يخسف اللَّه بهم الأرض ويجعل منهم القردة والخنازير".

قلت: تابعه معن بن عيسى وزيد بن الحباب.

لهذا شواهد من حديث علي وعمران بن بُسر وسهل بن سعد وعائشة وأنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.

16204 -

عبد الكريم الجزري (د)(1)، عن قيس بن حَبْتَر، عن ابن عباس مرفوعًا:"إن اللَّه حرم عليكم الخمر والميسر والكوبة -وهو الطبل- وقال: كل مسكر حرام".

قلت: إِسناده مقارب.

16205 -

الثوري (د)(2)، عن علي بن بَذِيْمة، عن قيس بن حَبْتَر:"سألت ابن عباس عن الجرّ. . . " فذكر قصة عبد القيس، "ثم قال -يعني النبي صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه حرم الخمر والميسر والكوبة وقاله: كل مسكر حرام قلت لعلي: ما الكوبة؟ قال: الطبل".

16206 -

ابن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن الوليد بن عَبَدَة، عن عبد اللَّه بن عمرو:"أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم نهى عن الخمر والميسر والكُوبة والغُبَيْرَاء، وقال: كل مسكر حرام (3). خالفه عبد الحميد بن جعفر فقال: عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد، عن عبد اللَّه بن عمرو قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "من كذب عليّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار، ثم قال: إن اللَّه ورسوله حرّما الخمر والميسر والكُوبة والغُبيراء".

ابن لهيعة، عن عبد اللَّه بن هُبيرة، عن أبي هريرة (3) أو هُبيرة العجلاني، عن مولى لعبد اللَّه ابن عمرو بن العاص، عن عبد اللَّه "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خرج إليهم ذات يوم في المسجد، فقال: إن ربي حرّم عليّ الخمر والميسر والكوبة والقِنّينَ".

(1) أبو داود (3/ 279 رقم 3482) مختصرًا.

(2)

أبو داود (3/ 331 رقم 3696).

(3)

أخرجه أبو داود (3/ 328 رقم 3685) من طريق ابن إسحاق به.

ص: 4234

16207 -

ابن وهب، أنا الليث وابن لهيعة، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عمرو بن الوليد ابن عَبَدَة، عن قيس بن سعد -وكان صاحب راية النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول اللَّه قال ذلك "والغبيراء وكل مسكر حرام". قال عمرو بن الوليد: وبلغني، عن عبد اللَّه بن عمرو مثله، ولم يذكر الليث القِنّينَ.

16208 -

يحيى بن أيوب، عن عبيد اللَّه بن زحر، عن بكر بن سوادة (1)، عن قيس بن سعد ابن عبادة مرفوعًا:"إن ربي حرم عليّ الخمر والميسر والقنين والكوبة". قيل: القنين العود.

قلت: بكر لم يدرك قيسًا.

16209 -

سعيد بن عبد العزيز (د)(2)، عن سليمان بن موسى، عن نافع قال:"سمع ابن عمر مزمارًا فرضع أصبعيه على أذنيه، وناء عن الطريق وقال لي: يا نافع، هل تسمع شيئًا؟ قال: فقلت: لا، قال: فرفع أصبعيه عن أذنيه، وقال: كنت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا".

قلت: قال (د): هذا منكر.

وفي لفظ أبي مسهر، عن سعيد:"فسمع زمر رعاء فترك الطريق وجعل يقول: هل تسمع؟ قلت: لا، ثم عارض الطريق، وقال: هكذا رأيت رسول اللَّه فعل".

نا محمود بن خالد (د)(3)، نا أبي، نا مطعم بن المقدام، نا نافع قال:"كنت ردف ابن عمر؛ إذ مر براع يزمر. . . " فذكر نحوه.

أبو المليح (د)(4)، عن ميمون بن مهران، عن نافع بنحوه.

قلت: طريق أبي المليح سقط من رواية اللؤلوي وحده.

16210 -

أبو عوانة، عن عبد الكريم الجزري، عن أبي هاشم كوفي، عن ابن عباس قال:"الدف حرام، والمعازف حرام، والمزمار حرام".

قلت: أبو هاشم مجهول.

16211 -

عبد العزيز بن الماجشون، عن هلال بن أبي هلال، عن عطاء بن يسار، عن عبد اللَّه ابن عمرو "في هذه الآية:{إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ} (5) قال: هي في التوراة: إن اللَّه أنزل الحق

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (4/ 281 رقم 4924).

(3)

أبو داود (4/ 282 رقم 4925).

(4)

أبو داود (4/ 283 رقم 4926).

(5)

المائدة: 90.

ص: 4235

ليُذهب به الباطل، ويبطل بها اللعب والزفن والزمارات والمزاهر والكَنّارات والتصاوير والشعر والخمر، فمن طعمها أقسم بيمينه وعزته لمن شربها بعدما حرمتها لأعطشنه يوم القيامة، ومن تركها بعدما حرمتها سقيته إياها من حظيرة القدس" الكنارات يقال: العيدان، وقيل: الدفوف، وقيل: الكوبة النرد والأرجح أنها الطبل.

16212 -

زيد بن الحباب، عن أبي مودود المدني، عن عطاء بن يسار (1) عن كعب، قال:"إن فيما أنزل اللَّه على موسى: إنا أنزلنا الحق لنبطل به الباطل، واللعب والكنارات والمزامير والشعر والخمر، فأقسم ربي لا يتركها عبد خشية مني إلا سقيته من حياض القدس". قال أبو مودود: المزامير الدفوف المربعة، والكنارات الطنابير. أخبرناه الحاكم، نا أبو إسحاق المزكي، نا ابن خزيمة، ثنا شَعْثم بن أُصيل العجلي إملاء نا زيد.

المعيشة بالغناء

قال الشافعي: لا تجوز شهادته، وذلك أنه سن اللهو المكروه الذي يشبه الباطل، فإن صانعه منسوب إلى السفه وسقاطة المروءة وإن لم يكن بيِّن التحريم.

16213 -

صفوان بن عيسى، نا حميد الخراط، عن عمار الدُهني، عن سعيد بن جبير، عن أبي الصهباء، عن ابن مسعود:{وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} قال: هو واللَّه الغناء".

قلت: حميد ليس بعمدة.

16214 -

وقال عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في الآية قال:"هو الغناء". ورويناه عن مجاهد والنخعي وعكرمة.

16215 -

الثوري، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس:" {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} (2) قال: هو الغناء بالحميرية، اسمُدي لنا تَغنّي لنا".

16216 -

شعبة، عن الحكم، عن حماد، عن إبراهيم (1) قال ابن مسعود:"الغناء ينبت النفاق في القلب".

محمد بن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن كعب، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد (1) عن ابن مسعود: مثله، زاد:"كما ينبت الماء الزرع، والذِّكر ينبت الإيمان في القلب كما ينبت الماء الزرع".

قلت: هما منقطعان.

سلّام بن مسكين، نا رجل، عن أبي وائل، عن ابن مسعود مرفوعًا: "الغناء ينبت النفاق

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

النجم: 61.

ص: 4236

في القلب".

16217 -

بشر بن السري، عن ابن الماجشون، عن عبد اللَّه بن دينار قال:"مر ابن عمر بجارية صغيرة تغني، فقال: لو ترك الشيطان أحدًا ترك هذه".

16218 -

بكير بن الأشج، أخبرتني أم علقمة مولاة عائشة:"أن بنات أخي عائشة خُفضن فألِمنَ ذلك، فقيل لعائشة: يا أم المؤمنين، ألا ندعو لهن من يُلَهيهنّ؟ قالت: بلى، قالت: فأرسل إلى فلان المغني فأتاهم فمرت به عائشة في البيت فرأته يتغنى ويحرك رأسه طربًا، وكان ذا شعر كثير، فقالت: أفٍ شيطان أخرجوه أخرجوه، فأخرجوه". رواه ابن وهب، عن عمرو بن الحارث عنه.

16219 -

يحيى بن سُليم، عن عبيد اللَّه، عن القاسم:"وسئل عن الغناء فنهى عنه وكرهه، قيل: أحرام هو؟ قال: انظر إذا ميّز اللَّه الحق من الباطل، في أيهما يجعل الغناء؟ ! ".

الرجل يترنم بين جماعة وليس الغناء كسبه

قال الشافعي: لا أسقط شهادته بهذا وكذا المرأة.

16220 -

قالت عائشة: "دخل أبي وعندي جاريتان تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعاث أو بغاث (1)، وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزمور الشيطان في بيت رسول اللَّه؟ وذلك يوم عبد، فقال: يا أبا بكر، إن لكل قوم عيدًا، وهذا عيدنا". رواه أبو أسامة (خ م)(2)، عن هشام، عن أبيه عنها. وعند (خ م)"بُعاث" بمهملة بلا شك.

عقيل (خ)(3) عن ابن شهاب (م)(4)، عن عروة، عن عائشة:"أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان أيام منًى تغنيان وتدففان وتضربان ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مُتغشٍّ بثوبه فانتهرهن أبو بكر فكشف رسول اللَّه عن وجهه، وقال: دعهما فإنها أيام عيد. وذلك بالمدينة، ورأيت رسول اللَّه يسترني بثوبه وأنا أنظر إلى الحبشة وهم يلعبون في المسجد وأنا جارية".

(1) ضبب عليها المصنف وكتب فوقها: صح.

(2)

البخاري (2/ 516 رقم 952)، ومسلم (2/ 607 رقم 892)[16].

وأخرجه ابن ماجه (1/ 612 رقم 1898)[17] من طريق حماد بن أسامة به.

وأخرجه البخاري (2/ 510 رقم 949، 950)، ومسلم (2/ 607 رقم 892)، والنسائي (3/ 195 رقم 1593) من طرق، عن عروة به.

(3)

البخاري (2/ 550 رقم 987، 988).

(4)

مسلم (2/ 608 رقم 892)[17].

ص: 4237

16221 -

شعيب، عن الزهري، قال السائب بن يزيد:"بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق الحج اعتزل عبد الرحمن الطريق، ثم قال لرَباح بن المُعترف: غنّنا يا أبا حسان، وكان يحسن النَصْبَ، فبينا رباح يغنيهم أدركهم عمر فقال: ما هذا؟ فقال عبد الرحمن: ما بأس بهذا تلهو أو تقصر عنا، فقال عمر: فإن كنت آخذًا فعليك بشر ضِرار بن الخطاب - وضرار رجل من محارب بن فهر" رواه بشر بن شعيب، عن أبيه. النصب ضرب من أغاني الأعراب يشبه الحداء. ومر في الحج خبر خوات بن جبير: ما زلت أغنيهم إلى السحر - يعني عمر وأبا عبيدة.

16222 -

معمر، عن الزهري، عن عمر بن عبد العزيز، عن عبد اللَّه بن الحارث بن نوفل قال:"رأيت أسامة بن زيد جالسًا في المجلس (1) رافعًا إحدى رجليه على الأخرى راشعًا عقيرته -حَسِبته قال-: يتغنّى النَصْبَ".

شعيب، عن الزهري، عن عمر، أن محمد بن عبد اللَّه بن نوفل أخبره:"أنه رأى أسامة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم مضطجعًا رافعًا إحدى رجليه على الأخرى يتغنى بالنصب". وكذلك قال يونس بن يزيد وغيره، عن الزهري، قال مسلم: أخطأ معمر.

16223 -

شعيب، عن الزهري، أخبرني سليمان أنه حدثه من لا يُتهم أنه سمع أبا مسعود الأنصاري -وكان قد شهد بدرًا- وهو جد زيد بن حسن أبو أمه قال سليمان: فأخبرني من سمعه وهو على راحلته وهو أمير الجيش رافعًا عقيرته يتغنى النصب.

16224 -

وعن الزهري، أخبرني عبيد اللَّه بن عبد اللَّه أن أباه أخبره "أنه سمع عبد اللَّه بن الأرقم رافعًا عقيرته يتغنى، فلا واللَّه ما رأيت رجلًا ممن أدركت أُراه قال: كان أخشى للَّه من ابن الأرقم".

16225 -

معمر، عن هشام بن عروة، عن وهب بن كيسان قال: قال ابن الزبير -وكان متكئًا-: "تغنى بلال، فقال له رجل: تتغنى! فاستوى جالسًا ثم قال: وأي رجل من المهاجرين لم أسمعه يتغنى النصب! ".

16226 -

عن ابن جريج: "سألت عطاء عن الغناء بالشعر، فقال: لا أرى به بأسًا ما لم يكن فحشًا".

من يجمع على جاريته وغلامه المغنيين أصحابه

قال الشافعي: هذا سفه تُردّ به شهادته، وهو في الجارية أكثر من قِبَل أن فيه سفهًا ودياثة.

(1) كتب في الحاشية: المسجد.

ص: 4238

16227 -

ابن أبي نجيح، عن مجاهد:" {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} (1) قال: هو اشتراؤه المغني والمغنية بالمال الكثير والاستماع إلى مثله من الباطل".

16228 -

الأعمش (خ م)(2)، عن شقيق، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ما أحد أغير من اللَّه، ولذلك حرّم الفواحش، وما أحد أحب إليه المدح من اللَّه".

16229 -

يحيى بن أبي كثير (خ)(3)، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يغار، وإن المؤمن يغار، وغيرة اللَّه أن يأتي المؤمن ما حرم عليه".

16230 -

معمر، عن زيد بن أسلم (4)، قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن الغيرة من الإيمان، وإن المِذاء من النفاق". والمذاء: الديوث". وخرجه أبو عبيد، عن رجاله، عن داود بن قيس، عن زيد مرسلًا دون تفسيره، ثم قال: المذاء مأخوذ من المذي، يعني أن يجمع بين النساء والرجال ثم يخليهم يماذي بعضهم بعضًا مذاء. قال المؤلف: رواه آخر عن زيد بن أسلم، فقال: عن عطاء ابن يسار، عن أبي سعيد مرفوعًا.

قلت: لم يصح.

16231 -

أبو بكر بن أبي أويس، عن سليمان بن بلال، (س) عن عبد اللَّه بن يسار الأعرج، سمع سالم بن عبد اللَّه، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق، الديوث، ورَجُلة النساء". تابعه عمر بن محمد (س)(5)، عن عبد اللَّه بن يسار.

16232 -

هشام بن لاحق، عن عاصم الأحول قال: "جاء رجل إلى الحسن فقال له: يا أبا سعيد، إن لي جارية حسنة الصوت، لو علمتها الغناء لعلي آخذ بها من مال هؤلاء؟ قال الحسن: إن إسماعيل كان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربه مرضيًا، فأعاد عليه

(1) لقمان: 6.

(2)

البخاري (9/ 230 رقم 5220)، ومسلم (4/ 2113 رقم 2760)[32]. وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 345 رقم 11183) عن الأعمش به.

وأخرجه البخاري (8/ 146 رقم 4634)، ومسلم (4/ 2114 رقم 2760)[34]، والترمذي (5/ 507 رقم 3530) من طرق عن شقيق به.

(3)

البخاري (9/ 230 رقم 5223)، ومسلم (4/ 2114 رقم 2761)[36].

وأخرجه الترمذي (3/ 471 رقم 1168) من طريق يحيى بن أبي كثير به.

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(5)

النسائي (5/ 80 رقم 2562).

ص: 4239

الرجل القول ثلاث مرات، فلا يزيده الحسن على ذلك".

قلت: هشام واه.

من رخص في يسير الرقص بلا تكسر وتخنث

16233 -

إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ، عن علي قال:"أتينا رسول اللَّه أنا وجعفر وزيد، فقال لزيد: أنت أخونا ومولانا فحجل، وقال لجعفر: أشبهت خَلقي وخُلقي فحجل وراء حجْلَ زيد، ثم قال لي: أنت مني وأنا منك فحجلت وراء حجل جعفر" ففيه إن صح جواز الحجل، وهو أن يقفز على رجل واحدة فرحًا.

جواز سماع الحُداء ونشيد الأعراب

16234 -

ابن عيينة (م)(1)، عن ابن ميسرة، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه قال:"أردفني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شيء؟ قلت: نعم. قال: هِيْه. فأنشدته بيتًا، فقال: هِيْه. فأنشدته حتى بلغت مائة بيت".

عبد اللَّه بن عبد الرحمن الثقفي (م)(2)، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه:"أنشدت النبي صلى الله عليه وسلم مائة قافية من قول أمية، كل ذلك يقول: هِيْه هِيْه. ثم قال: إن كاد في شعره ليسلم".

16235 -

حماد بن زيد (خ م)(3)، عن ثابت، عن أنس. وعن أيوب، عن أبي قلابة، عن أنس قال:"كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في سفره، وكان غلام يقال له: أنجشة يحدو لهم ويسوق بهم، فقال له رسول اللَّه: ويحك يا أنجشة، رويدًا سوقك بالقوارير. قال أبو قلابة: يعني النساء".

(1) مسلم (4/ 1767 رقم 2255)[1].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 248 رقم 10836) من طريق سفيان به.

(2)

مسلم (4/ 1767 رقم 2255)[1].

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1236 رقم 3758) من طريق عبد اللَّه بن عبد الرحمن به.

(3)

البخاري (10/ 567 رقم 6161)، ومسلم (4/ 1811 رقم 2323)[70].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 134 رقم 10359) من طريق حماد عن أيوب عن أبي قلابة به.

ص: 4240

قتادة (خ م)(1)، عن أنس:"أن حاديًا للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له: أنجشة حسن الصوت، فقال: "رويدك يا أنجشة، لا تكسر القوارير".

الطيالسي، نا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس قال:"كان أنجشة يحدو بالنساء، وكان البراء ابن مالك يحدو بالرجال، وكان أنجشة حسن الصوت كان إذا حدا أعنقت الإبل، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "ويحك يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير".

16236 -

يزيد بن أبي عبيد (خ م)(2)، عن سلمة بن الأكوع، قال: "خرجنا مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فسرنا ليلًا فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع ألا تُسمعنا من هُنَياتك وكان شاعرًا فنزل يحدو القوم يقول:

اللهم لولا أنت ما اهتدينا

ولا تصدقنا ولا صلينا

فاغفر فداء لك ما اقتفينا

وثبت الأقدام إن لاقينا

وألقيْن سكينةً علينا

إنا إذا صِيح بنا أبينا

وبالصياح عولوا علينا

فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: من هذا السائق؟ فقالوا: عامر بن الأكوع، قال: رحمه الله. . . " الحديث.

قال الشافعي: "وأمر ابن رواحة في سفر فقال: حرّك القوم فاندفع يرجُزُ".

16237 -

أخبرنا الحاكم، نا محمد بن يعقوب الشيباني، نا أحمد بن نصر، نا أحمد بن عبيد اللَّه الوراق، أنا عمر بن علي، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس (3)، عن عبد اللَّه بن رواحة: "أنه كان مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في مسير له فقال: يا ابن رواحة، انزل فحرّك الركاب. فقال: يا رسول اللَّه، قد تركت ذلك، فقال له عمر: اسمع وأطع، فرمى بنفسه وقال:

(1) البخاري (10/ 609 رقم 6211)، ومسلم (4/ 1812 رقم 2323)[73].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 134 رقم 10361) من طريق همام عن قتادة به.

وأخرجه أيضًا في الكبرى (6/ 134 رقم 10360) من طريق هشام، عن قتادة به.

(2)

البخاري (7/ 530 رقم 4196)، ومسلم (3/ 1427 رقم 1802)[123].

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1065 - 1066 رقم 3195) من طريق يزيد بن أبي عبيد به.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4241

واللَّه لولا أنت ما اهتدينا

وما تصدقنا ولا صلينا

فأنزلن سكينة علينا

وثبت الأقدام إن لاقينا" (1)

قلت: هذا مرسل جيد.

16238 -

معمر، عن الزهري، عن أنس قال: "دخل رسول اللَّه مكة وابن رواحة بغرزه بفرسه وهو يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

اليوم نضربكم على تنزيله

ضربًا يزيل الهام عن مقيله

ويذهل الخليل عن خليله

يا رب إني مؤمن بقيله"

وزاد الطبراني عن إبراهيم الشِبامي، عن عبد الرزاق، عن معمر:

"قد أنزل الرحمن في تنزيله

بأن خير القتل في سبيله

نحن قاتلناكم على تأويله

كما قتلناكم (2) على تنزيله" (3)

قطن بن نُسير، أنا جعفر بن سليمان، نا ثابت -قال قطن: أحسبه- عن أنس قال: "دخل رسول اللَّه مكة فقام أهلها سماطين ينظرون إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه، وابن رواحة بن يديه يقول:

خلوا بني الكفار عن سبيله

فقال عمر: يا ابن رواحة، أفي حرم اللَّه وبين يدي رسول اللَّه تقول الشعر؟ فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: مه يا عمر؛ فوالذي نفسي بيده لكلامه هذا أشد عليهم من وقع النبل" (4).

قال الشافعي: "وأدرك النبي صلى الله عليه وسلم ركبًا من بني تميم ومعهم حاد، فذكر حديث:

16239 -

ابن عيينة عن عمرو، عن عكرمة (5): "كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم[يسير](6) إلى

(1) أخرجه النسائي في الكبرى (5/ 70 رقم 8251) و (6/ 135 رقم 10366) عن عمر بن علي به.

(2)

في "هـ": قاتلناكم.

(3)

أخرجه الترمذي (5/ 127 عقب رقم 2847) معلقًا.

(4)

أخرجه الترمذي (5/ 127 رقم 2847)، والنسائي (5/ 202 رقم 2873) كلاهما من طريق عبد الرزاق عن جعفر بن سليمان به، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب من هذا الوجه.

(5)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(6)

في "الأصل": يشير. والمثبت من "هـ".

ص: 4242

الشام فسمع حاديًا من الليل، فقال: أسرعوا بنا إلى هذا الحادي. فأسرعوا حتى أدركوه، فسلم فقال: من القوم؟ قالوا: مُضر، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ونحن من مضر. قال: فبلغ تلك الليلة بالنسبة مضر، فقال رجل: يا رسول اللَّه، إنا أول من حدا الإبل في الجاهلية. قال: وكيف ذاك؟ قال: أغار رجل منا على إبل فاستاقها، فجعل يقول لغلامه أو لأجيره: اجمعها، فيأبى، فجعلت الإبل تفرّق، فضربه وكسر يده، فجعل الغلام يقول: وايداه، وايداه، فجعلت الإبل تجتمع وهو يقول: قل كذا، قال: فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يضحك" قال ابن عيينة: وزاد فيه العلاء بن عبد الكريم عن مجاهد (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن حادِينا وَنَى".

تحسين الصوت بالقرآن والذكر

قال الشافعي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما أذِن اللَّه لشيء أذَنَه لنبي حسن الترنم بالقرآن".

16240 -

يزبد بن الهاد (خ م)(2)، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"ما أذن لشيء ما أذن لنبي حسن الصوت بالقرآن يجهر به".

عقيل (خ)(3) عن ابن شهاب (م)(4)، أخبرني أبو سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"ما آذن اللَّه لشيء ما أذِنَ لنبي يتغنى بالقرآن".

ورواه يونس (م)(5) عن ابن شهاب، ولفظه:"كأذَنه لنبي يتغنى بالقرآن".

وبعضهم يقول: كإذْنِه، قال أبو عبيد: "ما أذن يقول: ما استمع ولم يرض رواية من روى كإذنه، قال: وقوله: يتغنى هو عندنا تحزين القراءة.

(1) ضبب علينا المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (13/ 527 رقم 4 754)، ومسلم (1/ 545 رقم 792)[233].

وأخرجه النسائي (2/ 180 رقم 1017)، وأبو داود (2/ 75 رقم 1473) كلاهما من طريق ابن الهاد به.

وأخرجه مسلم (1/ 545 رقم 792)[234] من طريق الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة به.

(3)

البخاري (8/ 686 رقم 5023)[3]، ومسلم (1/ 545 رقم 792)[232].

وأخرجه البخاري (8/ 686 رقم 5024)، ومسلم (1/ 545 رقم 792)[232]، والنسائي (2/ 180 رقم 1020) من طرق عن سفيان عن الزهري به.

(4)

مسلم (1/ 546 رقم 792)[234].

ص: 4243

16241 -

شعبة (خ م)(1)، عن معاوية بن قرة، عن عبد اللَّه بن المغفل قال:"رأيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة قرأ سورة الفتح فرجّع وقرأ ابن المغفل فرجّع وقرأ معاوية فرجّع فقال: لولا أني أخشى أن يجتمع عليّ الناس لقرأت بذلك اللحن الذي قرأ به رسول اللَّه". قال أبو عبيد: هو تأويل قوله: "زينوا القرآن بأصواتكم".

16242 -

الأعمش (د س ق)(2) ومنصور وغيرهما، عن طلحة بن مصرف، عن عبد الرحمن بن عوسجة، عن البراء قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"زينوا القرآن بأصواتكم" ولكن قال منصور فيه: "كان صلى الله عليه وسلم يقول: إن اللَّه وملائكته يصلون على الصف الأول قال: وحسبت أنه قال: زينوا القرآن بأصواتكم". هذا حديث طويل قد رواه جماعة عن طلحة، إلا أن عبد الرحمن بن عوسجة كان يشك في هذه اللفظة، وروى شعبة، عن طلحة عنه قال: كنت نسيت هذه الكلمة حتى ذكرنيها الضحاك بن مزاحم".

16243 -

أبو عاصم (خ)(3)، عن ابن جريج، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ليس منا من لم يتغن بالقرآن". رواه عُقيل ويونس وغيرهما على اللفظ المذكور في أول الباب، وبذلك اللفظ رواه يحيى بن أبي كثير ومحمد بن إبراهيم ومحمد بن عمرو، عن أبي سلمة، وهذا اللفظ إنما يُعرف من حديث سعد بن أبي وقاص وغيره، لكن ابن جريج حافظ، فيحتمل أن يكونا معًا محفوظين.

16244 -

الليث (د)(4)، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد اللَّه بن أبي نهيك، عن سعد أن رسول اللَّه قال:"ليس منا من لم يتغن بالقرآن".

(1) البخاري (7/ 606 رقم 4281)، ومسلم (1/ 547 رقم 794)[238].

وأخرجه أبو داود (2/ 74 رقم 1467) بدون قول معاوية، والنسائي في الكبرى (5/ 22 رقم 8054، 8055) من طريق شعبة به.

(2)

أبو داود (2/ 74 رقم 1468)، والنسائي (2/ 179 رقم 1015)، وابن ماجه (1/ 426 رقم 1342) لكن من حديث شعبة.

وعلقه البخاري في صحيحه (13/ 527) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: "الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة" ووصله ابن حجر في التغليق (5/ 375).

(3)

البخاري (13/ 510 رقم 7527).

(4)

أبو داود (2/ 74 رقم 1469).

ص: 4244

الحميدي، نا سفيان، نا عمرو، عن ابن أبي مليكة، عن عبيد اللَّه، عن سعد قال:"أتيته فسألني من أنت فأخبرته عن كسبي، فقال سعد: تجار كسَبَةٌ، سمعت رسول اللَّه يقول: . . " فذكره.

16245 -

الربيع، سمعت الشافعي يقول:"ليس منا من لم يتغن بالقرآن. فقال له رجل: يستغني به؟ فقال: لا، ليس هذا معناه، معناه يقرأه حَدْرًا وتحزينًا".

16246 -

عبد الجبار بن الورد، سمعت ابن أبي مليكة يقول: قال عبيد اللَّه بن أبي يزيد: سمعت أبا لبابة يقول: سمعت رسول اللَّه يقول: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن. قلت لابن أبي مليكة: أرأيت إذا لم يكن حسن الصوت؟ قال: يحسنه ما استطاع"(1).

قلت: عبد الجبار وإن كان صدوقًا فقد قال البخاري يخالف في بعض حديثه.

قال المؤلف: وقيل عن ابن أبي مليكة، عن ابن عباس، وقيل عنه عن عائشة، وقيل غير ذلك.

الوليدان، نا الأوزاعي، نا إسماعيل بن عبيد اللَّه بن أبي المهاجر (2) عن فضالة بن عبيد كذا لفظ الوليد بن مزيد، وقال:

16247 -

(ق)(3) الوليد بن مسلم، نا الأوزاعي، عن إسماعيل، عن ميسرة مولى فضالة، عن فضالة، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول:"للَّه أشد أذَنًا إلى حسَن الصوت بالقرآن من صاحب القَيْنَة إلى قينته".

16248 -

مالك بن مغول (م)(4)، عن عبد اللَّه بن بريدة، عن أبيه "أن رسول اللَّه قال لأبي موسى وهو يقرأ في جانب المسجد. لقد أعطي هذا مزمارًا من مزامير آل داود".

طلحة بن يحيى (م)(5) وعيره (خ)، عن أبي بردة، عن أبي موسى:"قال لي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لو رأيتي وأنا أسمع قراءتك البارحة لقد أوتيت مزمارًا من مزامير آل داود. فقال: لو علمت لحبرته تحبيرًا".

(1) أخرجه أبو داود (2/ 74 رقم 1471) من طريق عبد الجبار به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

ابن ماجه (1/ 425 رقم 1340).

(4)

مسلم (1/ 546 رقم 793)[235].

وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 23 رقم 8058) من طريق مالك به.

(5)

مسلم (1/ 546 رقم 793)[236]، والبخاري (8/ 710 رقم 5048).

وأخرجه الترمذي (5/ 650 رقم 3855) من طريق بريد بن أبي بردة عن أبي بردة به. وقال: هذا حديث غريب.

ص: 4245

16249 -

معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة (1) قال:"كان عمر إذا جلس عنده أبو موسى قال له: ذكرنا يا أبا موسى. فيقرأ".

16250 -

أبو عاصم النبيل، ثنا صالح الناجي، عن ابن جريج، عن ابن شهاب:" {يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ} (2) قال: حسن الصوت".

البكاء عند التلاوة

16251 -

الأعمش (خ م)(3)، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"اقرأ عليّ. قلت: اقرأ عليك وعليك أنزل؟ ! قال: فقرأت سورة النساء، فلما بلغت: {فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} (4) قال: حسبك. فالتفت فإذا عيناه تذرفان".

16252 -

الوليد بن مسلم (ق)(5)، عن إسماعيل بن رافع، حدثني ابن أبي مليكة، عن عبد الرحمن ابن السائب قال:"قدم علينا سعد بن مالك -وقد كُف بصره فأتيته مسلمًا، فنسبني، فانتسبت، فقال: مرحبًا يا ابن أخي، بلغني أنك حسن الصوت بالقرآن، سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: إن هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فابكوا فإن لم تبكوا فتباكوا وتغنوا به، فمن لم يتغن به فليس منا".

قلت: إِسماعيل ضعيف.

شهادة أهل العصبية

قال الشافعي: من أظهر العصبية بالكلام وتألف عليها ودعا إليها فهو مردود الشهادة؛

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

فاطر: 1.

(3)

البخاري (8/ 712 رقم 5050)، ومسلم (1/ 551 رقم 800)[247].

وأخرجه الترمذي (5/ رقم 3024، 3025) من طريق الأعمش به.

وأخرجه مسلم (1/ 551 رقم 800)[248] من طريق عمرو بن مرة، عن إبراهيم به.

(4)

النساء: 41.

(5)

ابن ماجه (1/ 424 رقم 1337).

ص: 4246

لأنه أتى حرمًا لا اختلاف فيه، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} (1) وقال عليه السلام: "كونوا عباد اللَّه إخوانًا".

16253 -

أبو الزناد (خ م)(2)، عن الأعرج، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، وكونوا عباد اللَّه إخوانًا".

الأعمش (م)(3)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"لا تقاطعوا ولا تدابروا ولا تباغضوا ولا تحاسدوا، وكونوا إخوانًا كما أمركم اللَّه".

16254 -

شعيب (خ)(4) عن الزهري (م)(5)، أخبرني أنس أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"لا نباغضوا، ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد اللَّه إخوانًا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال؛ يلتقيان فيصدّ هذا ويصدّ هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام".

قال الشافعي: قد جمع اللَّه الناس بالإسلام، ونسبهم إليه، فهو أشرف أنسابهم فإن أحب امرؤ فليُحبب عليه".

16255 -

هشام بن سعد، عن المقبري عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه قد أذهب عُبِّيَّةَ (6) الجاهلية والفخر بالآباء، مؤمن تقي وفاجر شقي، الناس بنو آدم، وآدم خلق من تراب، لينتهين أقوام عن فخرهم بآبائهم في الجاهلية أو ليكونن أهون على اللَّه من الجعلان التي تدفع النتن بأنفها"(7).

(1) الحجرات: 10.

(2)

البخاري (10/ 499 رقم 6066)، ومسلم (4/ 1985 رقم 2563)[28].

وأخرجه أبو داود (4/ 280 رقم 4917)، والترمذي (4/ 313 رقم 1988) من طريق أبي الزناد به.

(3)

مسلم (4/ 1985 رقم 2563)[30].

أخرجه مسلم أيضًا (4/ 1986 رقم 2563)[31] من طريق سهيل بن أبي صالح، عن أبيه به.

(4)

البخاري (10/ 496 رقم 6065).

(5)

مسلم (4/ 983 رقم 2559)[23].

وأخرجه أبو داود (4/ 278 رقم 4910) من طريق مالك، والترمذي (4/ 290 رقم 1935) من طريق سفيان، كليهما عن الزهري به.

(6)

العبية: أي كبر وفخر. انظر النهاية (3/ 169).

(7)

أخرجه الترمذي (5/ 690 رقم 3955) من طريق هشام به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.

ص: 4247

قلت: حسنه الترمذي، كذا رواه العقدي وحسين بن حفص، عن هشام، ورواه (د ت)(1) جماعة عنه، فقالوا، عن أبيه، عن أبي هريرة وصحح هذا الترمذي (2).

16256 -

شعبة (خ م)(3)، عن قتادة، عن أنس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لا يجد أحدكم حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا للَّه، وحتى يكون أن يقذف في النار أحب إليه من أن يرجع في الكفر بعد إذ أنقذه اللَّه منه، وحتى يكون اللَّه ورسوله أحب إليه مما سواهما".

16257 -

الأعمش (م)(4)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:"والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أوَلا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم".

16258 -

الدستوائي، عن يحيى بن أبي كثير، عن يعيش بن الوليد (5)، عن الزبير بن العوام، قال رسول اللَّه:"دب إليكم داء الأم قبلكم؛ الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر، والذي نفس محمد بيده، لا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أنبئكم بأمر إذا فعلتموه تحاببتم: أفشوا السلام بينكم".

قلت: خرجه (ت)(6) من حديث غير واحد، عن يحيى، عن يعيش، فقال: حدثني مولى الزبير، عن الزبير. عبيد بن عَبيدة، نا معتمر بن سليمان، عن أبيه، عن يحيى موصولا بمعناه.

16259 -

مالك (م)(7)، عن أبي طوالة، عن سعيد بن يسار، عن أبي هريرة قال: قال

(1) أبو داود (4/ 331 رقم 5116)، والترمذي (5/ 690 رقم 3956).

(2)

لفظ الترمذي (5/ 690): وهذا أصح عندنا من الحديث الأول.

(3)

البخاري (1/ 91 رقم 21)، ومسلم (1/ 66 رقم 43)[68].

وأخرجه النسائي (8/ 96 رقم 4988)، وابن ماجه (2/ 1338 رقم 4033) من طريق شعبة به.

(4)

مسلم (1/ 74 رقم 54)[93].

وأخرجه أبو داود (4/ 350 رقم 5193)، والترمذي (5/ 50 رقم 2688)، وابن ماجه (1/ 26 رقم 68) كلهم من طريق الأعمش به. وقال الترمذي: حسن صحيح.

(5)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(6)

الترمذي (4/ 73 رقم 2510) وقال أبو عيسى: هذا حديث قد اختلفوا في روايته عن يحيى بن أبي كثير، فروى بعضهم عن يحيى بن أبي كثير عن يعيش بن الوليد عن مولى الزبير عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يذكروا فيه: عن الزبير.

(7)

مسلم (4/ 1988 رقم 2566)[37].

ص: 4248

رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إن اللَّه يقول يوم القيامة: أين المتحابون بجلالي اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي".

16260 -

الطيالسي، نا شعبة، نا يعلى بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أبي إدريس العائذي، قال:"أتيت عبادة بن الصامت فقال: لا أحدثك إلا ما سمعت على لسان محمد صلى الله عليه وسلم: حقت محبتي للمتحابين فيّ، وحقت محبتي للمتواصلين فيّ، وحقت محبتي للمتصافين فيّ - أو للمتباذلين فيّ".

16261 -

الطيالسي، نا الصعق بن حزن، عن عقيل الجعدي، عن أبي إسحاق، عن سويد بن غفلة، عن ابن مسعود مرفوعًا:"يا عبد اللَّه، أي عُرى الإسلام أوثق؟ قلت: اللَّه ورسوله أعلم، قال: الولاية في اللَّه؛ الحب في اللَّه والبغض في اللَّه". قلت: عقيل قال البخاري: منكر الحديث قال: وروي ذلك من حديث ابن عباس والبراء وعائشة. قال الشافعي: ولو خص امرؤ قومه بالمحبة ما لم يحل على غيرهم فهذه ليست بمعصية بل صلة.

16262 -

خالد الطحان (خ م)(1)، عن خالد، عن أبي عثمان، أخبرني عمرو بن العاص "أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعثه على جيش ذات السلاسل، فقلت: يا رسول اللَّه، أي الناس أحب إليك؟ قال: عائشة. قلت: من الرجال، قال: أبوها. قلت: ثم من؟ قال: ثم عمر. فعد رجالًا". وربما أرسله أبو عثمان.

16263 -

عدي بن ثابت (خ م)(2)، سمعت البراء قال:"رأيت رسول اللَّه والحسن على عاتقه وهو يقول: اللهم إني أحبه، فأحبه" أخرجاه من حديث شعبة عنه.

16264 -

ابن عيينة (م)(3)، نا عبيد اللَّه بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال لحسن اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه".

(1) البخاري (7/ 673 رقم 4358)، ومسلم (4/ 1856 رقم 2384)[8].

وأخرجه الترمذي (5/ 663 رقم 3885)، والنسائي في الكبرى (5/ 39 رقم 8117) كلاهما من طريق عبد العزيز بن المختار، عن خالد الحذاء به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. وقال النسائي: بعض حروف أبي عثمان لم تصح.

(2)

البخاري (7/ 119 رقم 3749)، ومسلم (4/ 1883 رقم 2422)[58].

وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 49 رقم 8163)، والترمذي (5/ 620 رقم 3783) كلاهما من طريق شعبة عن عدي بن ثابت به.

(3)

مسلم (4/ 1882 رقم 2421)[57].

وأخرجه البخاري (4/ 397 رقم 2122)، وابن ماجه (1/ 51 رقم 142)، والنسائي في الكبرى =

ص: 4249

16265 -

سليمان بن طرخان (خ)(1)، عن أبي عثمان، عن أسامة:"كان رسول اللَّه يأخذني والحسن، فيقول: اللهم إني أحبهما فأحبهما".

16266 -

حماد بن زيد (م)(2)، عن أيوب، عن غيلان بن جرير، عن زياد بن رياح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية، ومن قتل نفسه تحت راية عِمِيّة يغضب لعصبية وينصر عصبية ويدعو إلى عصبية فقتل فقتلته جاهلية، ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتاحشى مؤمنها ولا يفي لذي عهدها فليس من أمتي".

16267 -

الفريابي (د)(3)، ثنا سلمة بن بشر، عن ابنة واثلة بن الأسقع سمعت أباها يقول:"قلت: يا رسول اللَّه، ما العصبيّة؟ قال: أن تعين قومك على الظلم"".

قلت: رواه ابن ماجه من طريق عباد بن كثير الشامي، عن فُسَيلة، عن أبيها.

الأنصاري، نا حميد، عن أنس:"قيل يا رسول اللَّه أمن العصبية أن يعين الرجل على الحق؟ قال: لا". رواه محمد بن سليمان الباغندي عنه.

قلت: غريب جدًا.

16268 -

سماك بن حرب، سمعت عبد الرحمن بن عبد اللَّه (4)، عن أبيه قال:"مثل الذي يعين قومه على غير الحق مثل بعير رُدّي وهو يُجرَ بذنبه".

سفيان (د)(5)، عن سماك، عن عبد الرحمن، عن أبيه، مرفوعًا.

= (5/ 49 رقم 8164) من طريق سفيان به. وأخرجه البخاري (10/ 344 رقم 5884) من طريق ورقاء عن عبيد اللَّه به.

(1)

البخاري (7/ 119 رقم 3747).

وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 50 رقم 8171) من طريق سلمان بن طرخان به.

(2)

مسلم (3/ 1477 رقم 1848)[53].

وأخرجه مسلم أيضًا (3/ 1477 رقم 1848)[54] من طريق مهدي بن ميمون عن غيلان به.

وأخرجه النسائي (7/ 123 رقم 4114)، وابن ماجه (2/ 1302 رقم 3948). كلاهما من طريق عبد الوارث بن سعيد عن حماد به.

(3)

أبو داود (4/ 331 رقم 5119).

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1302 رقم 3949) من طريق فسيلة ابنة واثلة عن أبيها به.

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(5)

أبو داود (4/ 331 رقم 5118).

ص: 4250

يحيى بن قزعة، نا إسرائبل، عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه، عن أبيه مرفوعًا:"من أعان على ظلم فهو كالبعير المتردي، فهو يُنزع بذنبه" وقفه زهير عن سماك.

16269 -

ابن عيينة (خ)(1)، عن عبيد اللَّه، سمع ابن عباس يقول:"خلال من خلال الجاهلية، الطعن في الأنساب، والنياحة -ونسي الثالثة-، قال سفيان: يقولون هي: الاستسقاء بالأنواء". ومر نحوه من حديث أبي هريرة وأبي مالك الأشعري.

16270 -

وكيع نا عيينة بن عبد الرحمن (د ت ق)(2)، عن أبيه، عن أبي بكرة مرفوعًا:"ما من ذنب أجدر من أن يعجل اللَّه لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يُدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم".

قلت: صححه (ت).

16271 -

الحسين بن واقد (م)(3)، عن مطر، حدثني قتادة، عن مطرف، عن عياض بن حمار قال رسول اللَّه:"إن اللَّه أوحى إليّ أن تواضعوا حتى لا يفخر أحد على أحد" وقال فيه مرة: "ولا يبغي أحد على أحد". ورواه الحجاج بن الحجاج، عن قتادة، عن يزيد بن عبد اللَّه، عن عياض مرفوعًا وزاد ما في آخره.

16272 -

معمر (م)(4) عن الزهري، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"ليس الشديد بالصُرَعة قالوا: فمن الشديد؟ قال: الذي يملك نفسه عند الغضب".

(1) البخاري (7/ 191 رقم 3850).

(2)

أبو داود (4/ 276 رقم 4902)، والترمذي (4/ 573 رقم 2511)، وابن ماجه (2/ 1408 رقم 4211). وقال الترمذي: حسن صحيح.

(3)

مسلم (4/ 2198 رقم 2865)[64].

وأخرجه النسائي في الكبرى (5/ 26 رقم 8070) من طريق مطر به.

(4)

مسلم (4/ 2015 رقم 2609)[108].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 105 رقم 10228) من طريق معمر به.

ص: 4251

16273 -

ابن الهاد (خ م)(1) عن سعد بن إبراهيم (خ)(2)، عن حميد بن عبد الرحمن، عن عبد اللَّه ابن عمرو أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"من الكبائر شتم الرجل والديه. قالوا: يا رسول اللَّه، هل يشتم الرجل والديه؟ فقال: نعم، يسب أبا الرجل فيسب أباه، ويسب أمه فيسب أمه".

16274 -

الطيالسي، نا عمران القطان وهمام، قال همام، عن قتادة، عن مطرف بن عبد اللَّه، عن عياض:"قلت: يا رسول اللَّه، الرجل من قومي وهو دوني يشتمني، فقال: "المستبان شيطانان [يتهاتران](3) ويتكاذبان، فما قالاه فهو على البادئ حتى يعتدي المظلوم". رواه عمرو ابن مرزوق، عن عمران، عن قتادة، عن يزيد. ورواه ابن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرف إلى قوله: "ويتكاذبان". ورواه شيبان، عن قتادة، قال: حدث مطرف بن عبد اللَّه، عن عياض نحوه. المستبان قد ثبت.

16275 -

إسماعيل بن جعفر (م)(4)، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة مرفوعًا:"المستبان ما قالا فعلى البادئ ما لم يعتد المظلوم" وفيه حديث عن أنس، فيجوز بهذا الانتصار من غير تعد، وفيه حديث عائشة في قصة زينب بنت جحش، حيث قالت: "فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول اللَّه لا يكره أن أنتصر والعفو أولى.

16276 -

العلاء (م)(5)، عن أبيه، عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما نقصت صدقة من مال، ولا زاد اللَّه بالعفو إلا عزًّا، ولا تواضع أحد للَّه إلا رفعه اللَّه".

(1) مسلم (1/ 92 رقم 90)[146]، ورمز له المصنف خ، وليس هو في البخاري من طريق ابن الهاد، وإنما أخرجه (10/ 417 رقم 5973) من طريق أحمد بن يونس عن سعد بن إبراهيم.

وأخرجه الترمذي (4/ 276 رقم 1902) من طريق يزيد بن الهاد به.

وأخرجه أبو داود (4/ 336 رقم 5141) من طريق إبراهيم بن سعد، عن أبيه به.

(2)

البخاري (10/ 417 رقم 5973).

(3)

في "الأصل": يتهاربان. والمثبت من "هـ".

(4)

مسلم (4/ 2000 رقم 2587)[68].

وأخرجه أبو داود (4/ 274 رقم 4894) من طريق القعنبي، والترمذي (4/ 310 رقم 1981) من طريق عبد العزيز بن محمد، كليهما عن العلاء به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(5)

مسلم (4/ 2001 رقم 2588)[68].

وأخرجه الترمذي (4/ 330 رقم 2029) من طريق العلاء به. وقال: حسن صحيح.

ص: 4252

16277 -

سعيد الجرمي، ثنا يعقوب بن أبي المتئد، عن أبي إسحاق، عن الحارث، عن علي مرفوعًا:"ألا أدلكم على أكرم أخلاق الدنيا والآخرة؟ تعفو عمن ظلمك، وتعطي من حرمك، وتصل من قطعك".

أخبرنا أبو زكريا المزكى، نا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ، نا إبراهيم بن عبد اللَّه المخرّمي، ثنا سعيد. . . فذكره.

قلت: الحارث ضُعِّف، ويعقوب ما أعرفه.

16278 -

سعدويه، نا سليمان بن داود اليمامي، عن يحيى، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة مرفوعًا:"ثلاث من كن فيه حاسبه اللَّه حسابًا يسيرًا، وأدخله الجنة برحمته. قالوا: لمن يا رسول اللَّه؟ قال: تعطي من حرمك، وتعفو عمن ظلمك، وتصل من قطعك".

قلت: سليمان واه.

16279 -

يحيى القطان (د س)(1)، عن أبي غفار، ثنا أبو تميمة الهجيمي طريف، عن أبي جُرَيّ جابر بن سليم، قال:"رأيت رجلًا يصدر الناسُ عن رأيه؛ لا يقول شيئًا إلا صدروا عنه، قلت: من هذا؟ قالوا: رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم. قلت: عليك السلام يا رسول اللَّه -مرتين-. قال: لا تقل: عليك السلام؛ هي تحية الميت، قل: السلام عليك. قلت: أنت رسول اللَّه؟ قال: أنا رسول اللَّه الذي إذا أصابك ضُرّ فدعوته كشف عنك، وإذا أصابك عام سَنة فدعوته أنبتها لك، وإذا كنت بأرض قفر أو فلاة فضلّت راحلتك فدعوته رد عليك. قلت: اعهد إليّ؟ قال: لا تسبّن أحدًا. قال: فما سببت بعده حرًا ولا عبدًا ولا بعيرًا ولا شاة. قال: ولا تحقرن من المعروف شيئًا وأن تكلم أخاك وأنت منبسط إليه وجهك إن ذلك من المعروف، وارفع إزارك إلى نصف الساق، فإن أبيت فإلى الكعبين، وإياك وإسبال الإزار؛ فإنها من المخيلة، وإن امرؤ شتمك وعيّرك فلا تعيره بما تعلم منه، فإنما وبال ذلك عليه".

قلت: أبو غفار هو مثنى بن (سعد)(2) الطائي، ولبعضه طرق عن جابر، وإسناده حسن.

16280 -

يزيد بن أبي عبيد (خ م)(3)، عن سلمة، قال: "خرجت أريد الغابة،

(1) أبو داود (4/ 56 رقم 4084)، والنسائي في الكبرى (6/ 88 رقم 10151) لكن من طريق عيسى بن يونس عن المثنى أبي غفار به.

وأخرجه الترمذي (5/ 98 رقم 2722) من طريق أبي غفار به، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

كتب بالحاشية: سعيد. وكلاهما صواب.

(3)

البخاري (6/ 189 رقم 3041)، ومسلم (3/ 1432 رقم 1806)[131]. =

ص: 4253

فسمعت غلامًا لعبد الرحمن بن عوف يقول: أخذت لقاح النبي صلى الله عليه وسلم، قلت: من أخذها؟ قال: غطفان وفزارة، قال: فصعدت الثنية فناديت: يا صباحاه يا صباحاه، ثم انطلقت أسعى في آثارهم حتى استنقذتها منهم، وجاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه، فقلت: يا رسول: اللَّه، إن القوم عطاش أعجلناهم أن يستقوا (لشفتهم)(1)، قال: يا ابن الأكوع، ملكت فأسجح؛ إن القوم غطفان يُقرون" لفظ الكجي عن أبي عاصم عنه.

16281 -

زيد بن واقد (خ)(2)، عن بسر بن عبيد اللَّه، عن أبي إدريس، عن أبي الدرداء، قال:"كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أقبل أبو بكر آخذًا بطرف ثوبه حتى أبدى عن ركبته، فقال: أما صاحبكم فقد غامر. فسلم وقال: إنه كان بيني وبين عمر شيء، فأسرعت إليه، ثم ذهب فسألته أن يغفر لي فأبى عليّ وتحرّز مني بداره، فأقبلت إليك، فقال: يغفر اللَّه لك يا أبا بكر -ثلاثًا- ثم إن عمر ندم فأتى منزل أبي بكر، فسأل: أثمّ أبو بكر؟ [فقالوا: لا. فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم] (3) فجعل وجه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتمعر، حتى أشفق أبو بكر، فجثا على ركبته، فقال: يا رسول اللَّه، واللَّه أنا كنت أظلم -مرتين- فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: أيها الناس، إن اللَّه بعثني إليكم فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدقت، وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ ! -قالها مرتين- فما أوذي بعدها".

16282 -

القطان، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة قال:"جعل رجل يشتم أبا بكر، ورسول اللَّه صلى الله عليه وسلم جالس، فجعل يعجب ويتبسم، فلما أكثر رد عليه أبو بكر بعض قوله، فغضب رسول اللَّه وقام، فلحقه أبو بكر، فقال: يا رسول اللَّه، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت. قال: فإنه كان معك من يرد عنك، فلما رددت عليه قعد الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان. ثم قال: يا أبا بكر، ما من عبد ظلم مظلمة فيغضي عنها للَّه إلا أعزه اللَّه بها نصره"(4).

= وأخرجه البخاري أيضًا (7/ 526 رقم 4194)، والنسائي في الكبرى (6/ 243 رقم 10814) من طريق يزيد به.

(1)

كذا في "الأصل" وكتب فوقها "صح"، وفي "هـ": لسقيهم.

(2)

البخاري (7/ 22 رقم 3661).

(3)

في "الأصل": فجثا على ركبته. وهو انتقال نظر والمثبت من "هـ".

(4)

أخرجه أبو داود (4/ 274 رقم 4897) من طريق ابن عجلان به.

ص: 4254

16283 -

رواه الليث، عن المقبري، عن بُشير، عن سعيد بن المسيب (1)، عن النبي صلى الله عليه وسلم دون ما في آخره.

16284 -

ابن وهب، نا أبو صخر، عن أبي حازم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"المؤمن مَألفٌ (2)، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف".

قلت: إسنادهما حسن.

شهادة الشاعر

قال الشافعي: الشاعر كلام؛ حسنه كحسن الكلام، وقبيحه كقبيح الكلام، فمن لم يهجُ المسلمين، ولم يكثر من المدح لم ترد شهادته.

16285 -

إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي بكر ابن عبد الرحمن، عن مروان ابن الحكم، عن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"إن من الشعر حكمة".

قلت: مرسل، وفيه أربعٌ تابعيّون.

قال: رواه الشافعي عنه، وقال:

16286 -

الطيالسي عن إبراهيم، عن ابن شهاب، عن أبي بكر، عن مروان، عن عبد الرحمن، عن أبيّ بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن من الشعر حُكْمًا (3) ". شعيب (خ)(4)، عن الزهري موصولًا، وقال:"حكمة". تابعه يونس ومحمد بن أبي عتيق، وزياد بن سعد.

16287 -

بكر بن بكار، نا شعبة، نا سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إن من الشعر حكمةً"(5).

16288 -

شعبة (خ م)(6)، سمعت عبد الملك بن عمير، سمعت أبا سلمة، عن أبي

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

مألف: مصدر ميمي استعمل في معنى الفاعل والمفعول، أي يألف ويؤلف. ذكره الشيخ الألباني في تعليقه على المشكاة (2/ 613).

(3)

أي: إن من الشعر كلامًا نافعًا يمنع من الجهل والسفه وينهى عنهما، والحكم: العلم والفقه والقضاء بالعدل. النهاية (1/ 419).

(4)

البخاري (10/ 553 رقم 6145).

وأخرجه أبو داود (4/ 303 رقم 5010)، وابن ماجه (2/ 1235 رقم 3755) كلاهما من طريق يونس عن الزهري به.

(5)

أخرجه أبو داود (4/ 303 رقم 5011)، والترمذي (5/ 126 رقم 2845)، وابن ماجه (2/ 1236 رقم 3756). كلهم من طريق سماك به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(6)

البخاري (11/ 328 رقم 6489)، ومسلم (4/ 1768 رقم 2256)[5]. =

ص: 4255

هريرة مرفوعًا: "أصدق بيت قالته العرب:

ألا كل شيء ما خلا اللَّه باطل"

16289 -

معمر (م)(1) عن الزهري (خ م)(2)، عن ابن المسيب:"أن حسان قال -يعني لقوم منهم أبو هريرة-: أنشدك اللَّه، أسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: أجب عني؛ أيّدك اللَّه بروح القدس؟ فقال: اللهم نعم".

16290 -

شعيب (خ م)(3)، عن الزهري، أخبرني أبو سلمة "أنه سمع حسان بن ثابت يستشهد أبا هريرة: أنشدك اللَّه؛ هل سمعت رسول اللَّه يقول: يا حسان، أجب عن رسول اللَّه، اللهم أيّده بروح القدس؟ فقال أبو هريرة: نعم".

16291 -

شعبة (خ م)(4)، عن عدي، عن البراء أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لحسان:"اهجهم وجبريل معك".

16292 -

هشام بن عروة (م)(5)، عن أبيه، عن عائشة: "قال حسان: يا رسول اللَّه، ائذن لي في أبي سفيان، قال: كيف بقرابتي منه قال: والذي أكرمك لأسلنّك منهم كما تسل الشعرة من الخمير، فقال حسان:

إن سنام المجد من آل هاشم

بنو بنت مخزوم ووالدك العبد"

وأخرجاه دون الشعر من حديث عبدة، عن هشام.

= وأخرجه الترمذي (5/ 128 رقم 2849) من طريق شريك، وابن ماجه (2/ 1236 رقم 3757) من طريق سفيان بن عيينة، كليهما عن عبد الملك به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(1)

مسلم (4/ 1933 رقم 2485)[151].

(2)

البخاري (6/ 351 رقم 3212)، ومسلم (4/ 1932 رقم 2485)[151].

وأخرجه أبو داود (4/ 304 رقم 5014) والنسائي (2/ 48 رقم 716)، وفي الكبرى (1/ 262، 263 رقم 795) من طريق الزهري به.

(3)

البخاري (10/ 562 رقم 6152)، ومسلم (4/ 1933 رقم 2485)[152].

(4)

البخاري (6/ 351 رقم 3213)، ومسلم (4/ 1933 رقم 2486)[153].

وأخرجه النسائي في الكبرى (3/ 493 رقم 6024، 6025) من طريق شعبة به.

(5)

مسلم (4/ 1934 رقم 2489)[156].

وأخرجه البخاري (6/ 639 رقم 3531) من طريق هشام به.

ص: 4256

16293 -

الليث (م)(1)، عن خالد بن يزيد، عن سعيد، عن عمارة بن غزّية، عن محمد بن إبراهيم، عن أبي سلمة، عن عائشة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال:"اهجوا قريشًا فإنه أشد عليها من رشق النبل. فأرسل إلى ابن رواحة فقال: اهج. فهجاهم فلم يُرضِ، فأرسل إلى كعب ابن مالك، ثم أرسل إلى حسان، فلما دخل عليه قال حسان: قد آن لكم أن ترسلوا إلى هذا الأسد الضارب بذنبه، ثم أدلع لسانه فجعل يحركه، ثم يقول: والذي بعثك بالحق، لأفرينهم بلساني فرْي الأديم. فقال رسول اللَّه: لا تعجل؟ فإن أبا بكر أعلم قريش بأنسابها، وإن لي فيهم نسبًا حتى يخلص لك نسبي. فأتاه حسان ثم رجع فقال: يا رسول اللَّه، قد مخَضَ لي نسبك، والذي بعثك بالحق لأسلنك منهم كما تسل الشعرة من العجين. قالت عائشة: فسمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول لحسان: إن روح القدس لا يزال يؤيدك ما نافحت عن رسول اللَّه"، وسمعت رسول اللَّه يقول: هجاهم حسان فشفى واشتفى. فقال حسان:

هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه

وعند اللَّه في ذاك الجزاءُ

هجوتَ محمدًا برًّا حنيفًا

رسولَ اللَّه شيمته الوفاء

فإن أبي ووالداه وعرضي

لعرض محمد منكم وقاء

ثَكِلتُ بُنيتي إن لم تروها

تثير النقع موعدها (2) كداء

يُنَازعنَ الأسنةَ مشرَعات

على أكتافها الأسَلُ الظِماء

تظل جيادنا متمطرات

يلطمهن بالخمر النساء

فإن أعرضتم عنا اعتمرنا

وكان الفتح وانكشف الغطاء

وإلا فاصبروا لِضراب يومٍ

يعزّ اللَّه فيه من يشاء

وقال اللَّه قد أرسلت عبدًا

يقول الحق ليس به خفاء

وقال اللَّه قد أرسلت (3) جندًا

هم الأنصار عزمتها اللقاء

(1) مسلم (4/ 1935 رقم 2490)[157].

(2)

في مسلم: في كنفي.

(3)

في مسلم: يسرت.

ص: 4257

لنا في كل يوم من مَعَدٍّ

سباء أو قتال أو هجاء

فمن يهجو رسول اللَّه منكم

ويمدحه وينصره سواء

وجبريل رسول اللَّه فينا

وروح القدس ليس له كفاء"

16294 -

الأعمش (خ م)(1)، عن أبي الضحى، عن مسروق: "دخلت على عائشة وعندها حسان ينشدها شعرًا يشبب بأبيات له فقال:

حَصانٌ رَزانٌ ما تُزَنُّ بريبة

وتصبح غَرْثَى من لحوم الغوافل

فقالت عائشة: لكنك لست كذاك. قال مسروق: فقلت لها: لما تأذنين له وقد قال اللَّه تعالى: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ} (2) فقالت: وأيَما عذاب أشد من العمى؟ وقالت: إنه كان ينافح عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم".

16295 -

معمر، عن الزهري، عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"إن اللَّه قد أنزل في الشعر ما أنزل. قال: إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه، والذي نفسي بيده لكأنما ترمونهم به نضحُ النبل". وقال شعيب، عن الزهري، أخبرني عبد الرحمن بن عبد اللَّه ابن كعب، أن كعبًا. . . فذكر نحوه، إلى قوله:"ولسانه".

16296 -

الحسين بن واقد (د)(3)، عن يزيد النحوي، عن عكرمة، عن ابن عباس:" {وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ} (4) فنسخ من ذلك واستثنى، فقال: {إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا} (5) ".

16297 -

يونس (خ)(6)، عن ابن شهاب، أخبرني الهيثم بن أبي سنان "أنه سمع أبا هريرة وهو يقصّ وهو يقول في قصصه وهو يذكر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: إن أخًا لكم لا يقول الرفث.

(1) البخاري (7/ 500 رقم 4146)، ومسلم (4/ 1934 رقم 2488)[155].

(2)

النور: 11.

(3)

أبو داود (4/ 304 رقم 5016).

(4)

الشعراء: 224.

(5)

الشعراء: 227.

(6)

البخاري (10/ 562 رقم 6151).

ص: 4258

يعني بذلك عبد اللَّه بن رواحة قال:

وفينا رسول اللَّه يتلو كتابه

إذا انشق معروف من الفجر ساطع

آرانا الهدي بعد العمى فقلوبنا

به موقنات أن ما قال واقع

يبيت يجافي جنبه عن فراشه

إذا اسثتقلت بالكافرين المضاجع"

16298 -

عن هشام، عن أبيه، عن عائشة:"سئل رسول اللَّه عن الشعر، فقال: هو كلام، فحسنه حسن، وقبيحه [قبيح] (1) ". كذا وصله جماعة، والصحيح مرسل.

16299 -

سماك بن حرب، عن عكرمة:"سُئلت عائشة هل كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: ربما دخل وهو يقول: سيأتيك بالأخبار من لم تزوّد".

16300 -

أبو معشر البراء، حدثني صدقة بن طَيْسلة، حدثني معن بن ثعلبة المازني، حدثني الأعشى المازني قال: "أتيت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأنشدته:

يا مالك الناس وديَّان العرب

إني لقيت ذِربةً من الذِربْ

غدوت أبغيها الطعام في رجب

فخلفتني بنزاع وحَرب

أحلفت العهدَ ولَطَّت بالذنب

وهنّ شر غالب لمن غلب

فجعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يتمثلها ويقول: وهن شر غالب لمن غلب". هذا رواه محمد بن أبي بكر المقدمي عنه.

وقال إبراهيم بن عرعرة: ثنا أبو معشر البرّاء يوسف بن يزيد، نا طيسلة المازني، حدثني أبي والحي، عن أعشى بن ماعز (2) بنحو منه، وقال غيره: طيسلة بن صدقة.

16301 -

قيس بن الربيع، حدثني سماك، عن جابر بن سمرة:"وقلت له: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم، وكان طويل الصمت وإن أصحابه يتناشدون الشعر عنده ويذكرون أشياء من أمر الجاهلية ويضحكون فيتبسم معهم".

قلت: قيس لين.

يحيى الحماني، نا شريك (ت)(3)، عن سماك بنحوه.

16302 -

عن أبي البلاد، عن الشعبي قال:"رأيت ناسًا من الصحابة يتناشدون الشعر عند البيت".

(1) من "هـ".

(2)

ضبب عليها المصنف للخلاف في اسمه ولعل الصواب: مازن.

(3)

الترمذي (5/ 128 رقم 2850) وقال: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4259

16303 -

أيوب، عن ابن سيرين، عن كثير بن أفلح، قال:"إن آخر مجلس جالسنا فيه زيد بن ثابت مجلس تناشدنا فيه الشعر".

16304 -

الأعمش، نا أبو خالد الوالبي، قال:"كنا نجالس أصحاب رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فيناشدون الأشعار ويتذاكرون أيامهم في الجاهلية".

16305 -

معمر، عن مطر الوراق، عن مطرف بن عبد اللَّه، قال:"صحبت عمران بن حصين من البصرة إلى مكة، فكان ينشد في كل يوم، ثم قال لي: إن الشعر كلام، وإن من الكلام حقا وباطلا".

16306 -

ابن مهدي، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن ابن سيرين، قال:"كان شعراء أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم عبد اللَّه بن رواحة، وحسان بن ثابت، وكعب بن مالك".

16307 -

أسامة بن زيد، عن عكرمة، عن ابن عباس، قال:"إذا قرأ أحدكم شيئًا من القرآن فلم يدر ما تفسيره فليلتمسه في الشعر، فإنه ديوان العرب". الصحيح موقوف.

16308 -

يحيى بن آدم، أنا إسرائيل، عن سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس قال رسول اللَّه:"إن من الشعر حكمة. وإذا التجس عليكم شيء من القرآن فالتمسوه من الشعر؛ فإنه عربي" كأنّ هذا مدرج من قول ابن عباس.

الشاعر الهجاء

قال الشافعي: ترد شهادته.

16309 -

مالك (خ م)(1)، عن الزهري، عن ابن المسيب، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"ليس الشديد بالصرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب".

16310 -

شعيب (د)(2)، عن عبد اللَّه بن أبي حسين، حدثني نوفل بن مساحق، من سعيد بن زيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:"من أربى الربا الاستطالة في عرض المسلم بغير حق".

16311 -

معمر، عن محمد بن عبد اللَّه بن عمرو بن عثمان (3) قال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن أربى الربا شتم الأعراض، وأشد الشتم الهجاء، والرَاوِية أحد الشاتمين".

قلت: منقطع.

ورواه عمران بن أبي أنس، عن ابن أبي مليكة، عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم موصولًا

(1) البخاري (10/ 535 رقم 6114)، ومسلم (4/ 2014 رقم 2609)[107].

وأخرجه النسائي في الكبرى (6/ 105 رقم 10226) من طريق مالك به.

(2)

أبو داود (4/ 269 رقم 4876) من طريق مالك به.

(3)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

ص: 4260

باللفظ الأول، قال البخاري: لم يُتابع عليه.

16312 -

محمد بن شعيب، أنا شيبان، عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن يوسف بن ماهك، عن عبيد بن عمير، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"أعظم الناس فِريةً لَرجلٌ هجا رجلًا فهجا القبيلة بأسرها، ورجل انتفى من أبيه وزنَّى أُمَّه"(1).

إعطاء الشعراء

16313 -

عمرو بن دينار، عن عكرمة (2):"أن شاعرًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا بلال اقطع عني لسانه". فأعطاه أربعين درهمًا وحُلةً، قال: قطعتَ واللَّه لساني قطعتَ واللَّه لساني". ويروى عن محمد بن مسلم، عن عمرو موصولًا بابن عباس ولم يصح.

16314 -

الطيالسي، نا يعقوب الطائفي، حدثني أبي، عن نجيد بن عمران بن حصين عن أبيه:"أنه أعطى شاعرًا، فقيل له: يا أبا نجيد، أتعطي شاعرًا؟ قال: إني أفتدي عرضي منه".

16315 -

عبد الحميد بن الحسن، عن ابن المنكدر، عن جابر قال رسول اللَّه:"كل معروف صدقة، وما أنفق الرجل على أهله ونفسه كتبت له صدقة، وما وقى به عرضه كتبت له صدقة، وما أنفق من نفقة فعلى اللَّه خلفها، إلا ما كان في بنيان أو معصية. قلت لابن المنكدر: ما يقي به عرضه؟ قال يعطي الشاعر وذا اللسان".

قلت: عبد الحميد ضُعِّف ولم يترك.

سعدويه، نا مسور بن الصّلْت، نا ابن المنكدر نحوه. الحديث يعرف بهما وليسا بالقويين.

الشاعر يمدح الناس بما ليس فيهم ويسرف

قال الشافعي: ترد شهادته بذلك.

16316 -

شعبة (خ)(3)، عن خالد، عن عبد الرحمن بن أبي بكرة، عن أبيه:"أن رجلًا ذ كر عند النبي صلى الله عليه وسلم فأثنى عليه رجل خيرًا، فقال رسول اللَّه: ويحك قطعت عنق صاحبك -يقوله سرارًا- إن كان أحدكم مادحًا أخاه لا محالة، فليقل: أحسب كذا وكذا، إن كان يرى أنه كذلك، وحسيبه اللَّه، ولا يُزكَّى أحد على اللَّه".

(1) أخرجه ابن ماجه (2/ 1237 رقم 3761) من طريق شيبان به.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

البخاري (10/ 491 رقم 6061).

وأخرجه مسلم (4/ 2296 رقم 3000)[66]، وأبو داود (4/ 254 رقم 4805)، وابن ماجه (2/ 1232 رقم 3744) من طريق شعبة، عن خالد به.

ص: 4261

يزيد بن زريع (م)(1)، عن خالد بهذا، وقال:"ويلك قطعت عنق صاحبك" وفيه: "فليقل أحسب فلانًا واللَّه حسيبه، ولا أزكي على اللَّه أحدًا، أحسبه -إن كان يعلم ذاك- كذا وكذا".

16317 -

إسماعيل (خ م)(2)، نا [بُريد](3) بن عبد اللَّه، عن أبي بردة، عن أبي موسى، قال:"سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يثني على رجل ويُطريه في المدحة، فقال: لقد أهلكتم -أو قطعتم- ظهر الرجل".

16318 -

الثوري (م)(4)، عن حبيب بن أبي ثابت، عن مجاهد، عن أبي معمر قال:"قام رجل فأثنى على أمير، فجعل المقداد يحثو في وجهه التراب، وقال: أمرنا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب".

16319 -

جرير (خ م)(5)، عن منصور، عن شقيق، عن عبد اللَّه مرفوعًا:"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يُكتب صدّيقًا، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يُكتب عند اللَّه كذابًا".

الشاعر يشبّب بامرأة معيّنة أجنبيّة

قال الشافعي: ترد شهادته.

16320 -

الطيالسي، نا شعبة والمسعودي، عن عمرو بن مرة، سمعت عبد اللَّه بن الحارث، عن أبي كثير الزُبيدي، عن عبد اللَّه بن عمرو قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، وإياكم والفحش، فإن اللَّه لا يحب الفحش، وإياكم والشح فإنه أهلك من كان قبلكم، أمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالفجور ففجروا. فقام رجل فقال: يا رسول اللَّه، أي الإسلام أفضل؟ قال: من سلم -وقال

(1) مسلم (4/ 2296 رقم 3000)[65].

(2)

البخاري (5/ 326 رقم 2663)، ومسلم (4/ 2297 رقم 3001)[67].

(3)

تصحف في "هـ" إلى يزيد.

(4)

مسلم (4/ 2297 رقم 3002)[68].

وأخرجه الترمذي (4/ 518 رقم 2393)، وابن ماجه (2/ 1232 رقم 3742) كلاهما من طريق الثوري به.

(5)

البخاري (10/ 523 رقم 6094)، ومسلم (4/ 2012 رقم 2607)[103].

ص: 4262

المسعودي: أن يسلم المسلمون من لسانه ويده. قيل: يا رسول اللَّه، أي الهجرة أفضل؟ قال: أن تهجر ما كره ربك، ثم قال: الهجرة هجرتان، هجرة الحاضر وهجرة البادي، فأما البادي فيجيب إذا دعي ويطيع إذا أمر، وأما الحاضر فهو أعظمهما بلية وأفضلهما أجرًا" زاد المسعودي:"وناداه رجل فقال: يا رسول اللَّه، أي الشهداء أفضل؟ قال: "أن يُعقر جوادُك ويهراق دمك" (1).

قلت: إِسناده صالح.

16321 -

إسرائيل (ت)(2)، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش البذي".

قلت: حسنه (ت).

16322 -

أخبرنا ابن بشران، أنا ابن السماك، نا حنبل، نا إبراهيم بن نصر، ثنا أبو إسماعيل، عن مجالد، عن الشعبي قال:"كنا نتناشد الأشعار عند الكعبة، فأقبل ابن الزبير إلينا فقال: أفي حرم اللَّه وعند كعبة اللَّه؟ فأقبل رجل من الأنصار كان معنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا ابن الزبير، إنه ليس بك بأس إن لم تفسد نفسك؛ إن نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم إنما نهى عن الشعر إذا أُبِّنَتْ (3) فيه النساء وبُذِّر فيه الأموال".

من شبّب بمجهولة لم ترد شهادته

قال الشافعي: لأنه يمكن أن يشبب بامرأته وزوجته.

16323 -

إبراهيم بن المنذر الحزامي، نا الحجاج بن ذي الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب ابن زهير بن أبي سُلمى المزني، عن أبيه، عن جده قال:"خرج كعب وبجير ابنا زهير. . . " فذكر الحديث في إسلام بجير وما كان من شعر كعب فيه، ثم قدوم كعب وإسلامه وإنشاده قصيدته:

"بانت سعاد فقلبي اليوم متبول

متيم عندها لم يُفَد مغلول

وما سعاد غداة البين إذ ظعنوا

إلا أغن غضيض الطرف مكحول

تجلوا عوارضَ ذي ظلمٍ إذا ابتسمت

كأنها منهل بالراح (4) معلول

(1) أخرجه أبو داود (4/ 133 رقم 1698)، والنسائي في الكبرى (6/ 486 رقم 11583) كلاهما من طريق عمرو بن مرة.

(2)

الترمذي (4/ 308 رقم 1977)، وقال: هذا حديث حسن غريب، وقد روي عن عبد اللَّه من غير هذا الوجه.

(3)

أي: اتهمت.

(4)

في "هـ": بالكأس.

ص: 4263

منها:

أنبئت أن رسول اللَّه أوعدني

والعفو عند رسول اللَّه مأمول

مهلا رسول الذي أعطاك نافلة

الفرقان فيه مواعيظ وتفصيل

لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم

أجرم ولو كثرت عني الأقاويل

إن الرسول لنور يُستضاء به

وصارم من سيوف اللَّه مسلول

في فتية من قريش قال قائلهم

ببطن مكة لما أسلموا زولوا"

16324 -

قال الحزامي: ونا محمد بن فليح، عن موسى بن عقبة (1) قال:"أنشد النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن زهير في مسجده، فلما بلغ قوله: إن الرسول لنور يُستضاء به. . . البيتين، أشار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بكمه إلى الحلق ليأتوا فيسمعوا منه".

كراهية الإكثار من الشعر بحيث يصد عن القرب

16325 -

حنظلة بن أبي سفيان (خ)(2)، عن سالم، عن ابن عمر قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحًا خير له من أن يمتلىء شعرًا".

16326 -

الأعمش (خ م)(3)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:"لأن يمتلىء جوف الرجل قيحًا يَرِيْه خير من أن يمتلىء شعرًا" ولمسلم نحوه من حديث سعد مرفوعًا.

16327 -

الليث (م)(4)، عن ابن الهاد، عن يحنس مولى مصعب، عن أبي سعيد قال: "بينما نحن نسير مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بالعرج إذ عرض له شاعر يُنشِد، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (10/ 564 رقم 6154).

(3)

البخاري (10/ 564 رقم 6155)، ومسلم (4/ 1769 رقم 2257)[7].

وأخرجه أبو داود (4/ 302 رقم 5009) والترمذي (5/ 129 رقم 2851)، وابن ماجه (2/ 1236 رقم 3759) من طرق عن الأعمش به، وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(4)

مسلم (4/ 1769 رقم 2259)[9].

ص: 4264

خذوا الشيطان -أو أمسكوا الشيطان-؛ لأن يمتلىء جوف رجلٍ قيحًا خير له من أن يمتلىء شعرًا". قال الأصمعي: حتى يريه هو من الوَرْي، وهو أن يَدْوَى جوفه.

16328 -

شرقي بن قُطامي، عن مجالد، عن الشعبي (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحًا حتى يريه خير من أن يمتلىء شعرًا -يعني من الشعر الذي هُجي به النبي صلى الله عليه وسلم" قال أبو عبيد: الذي عندي فيه غير هذا؛ لأن ما هجي به الرسول لو كان شطر بيت لكان كفرًا، ولكن وجهه عندي أن يمتلىء قلبه حتى يغلب عليه فيشغله عن القرآن والذكر.

16329 -

الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل بن أبي عقرب (1) "قيل لعائشة: أكان ينشد عند رسول اللَّه الشعر؟ فقالت: كان أبغضَ الحديث إليه". قيل: فيه انقطاع.

من خرّق أعراض الناس وشتمهم إذا لم يعطوه

جعله الشافعي في معنى الهجاء في رد شهادته.

16330 -

أبو بكر بن عياش (خ م)(2)، عن أبي حصين، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة؛ إن أعطي رضي، وإن لم يعط لم يف".

عمرو بن مرزوق، نا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار عن أبيه، عن أبي صالح، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"تعس عبد الدينار وعبد الدرهم وعبد الخميصة، إن أعطي رضي وإن مُنع سخط، تعس وانتكس، وإذا شيك فلا انتقش. . . " الحديث.

رواه (خ)(3) فقال: وقال عمرو.

16331 -

ابن عيينة (خ م)(4)، عن ابن المنكدر، سمع عروة حدثتنا عائشة "أن رجلًا

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

البخاري (11/ 257 رقم 6435) وضبب فوق (م) وكتب في الحاشية: لم يخرجه (م) قاله ابن عساكر.

(3)

البخاري (6/ 95 رقم 2886).

وأخرجه ابن ماجه (2/ 1385 رقم 4135) من طريق أبي بكر بن عياش به

(4)

البخاري (10/ 486 رقم 6054)، ومسلم (4/ 2002 رقم 2591)[73].

وأخرجه أبو داود (4/ 251 رقم 4791)، والترمذي (4/ 316 رقم 1996) كلاهما من طريق سفيان به. وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

ص: 4265

استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "ائذنوا له فبئس رجل العشير -أو العشيرة- فلما دخل ألان له القول، قلت: يا رسول اللَّه، قلت له الذي قلت، فلما دخل ألنت له القول؟ قال: يا عائشة، إن شر الناس منزلة يوم القيامة من وَدَعه الناس اتقاء فحشه".

من عَضَه غيره بحدّ أو نفْي نسب رُدّت شهادته وكذلك من أكثر النميمة أو الغيبة

16332 -

خالد (م)(1)، عن أبي قلابة، عن أبي الأشعث، عن عبادة بن الصامت "أخذ علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء أن لا نشرك باللَّه شيئًا، ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا يعضَهُ بعضنا بعضًا، فمن وفي منكم فأجره على اللَّه، ومن أتى منكم حدًا فأقيم عليه فهو كفّارته، ومن ستره اللَّه عليه فأمره إلى اللَّه؛ إن شاء عذبه وإن شاء غفر له".

16333 -

الأعمش (م)(2)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة مرفوعًا:"ثنتان هي في الناس كفر: نياحة على الميت، وطعن في النسب".

16334 -

ابن عيينة، عن زياد بن علاقة، سمع أسامة بن شريك يقول:"شهدت الأعرابَ يسألون النبي صلى الله عليه وسلم: هل علينا حرج في كذا؟ فقال: عباد اللَّه، وضع اللَّه الحرج إلا من اقترض من عرض أخيه شيئًا، فذلك الذي حرج. قالوا: يا رسول اللَّه، ما خير ما أعطي العبد؟ قال: "خلق حسن".

قلت: إسناده قوي ولم يخرجوه.

16335 -

الأعمش (خ)(3)، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال رسول اللَّه:"نجد شرّ الناس يوم القيامة ذا الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه". ولفظ ابن نُمير عنه: "الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء، وهؤلاء بحديث هؤلاء" وفي لفظ: "تجد من شرار. . . ".

16336 -

ابن عجلان، عن عبيد اللَّه بن (سَلمان)(4)، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه

(1) مسلم (3/ 1333 رقم 1709)[43].

وأخرجه ابن ماجه (2/ 868 رقم 2603) من طريق خالد به.

(2)

مسلم (1/ 82 رقم 67)[121].

(3)

البخاري (10/ 489 رقم 6058).

(4)

تحرف في "هـ" إلى: سليمان. وعبيد اللَّه بن سلمان من رجال التهذيب.

ص: 4266

-صلى الله عليه وسلم قال: "لا ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينًا".

16337 -

شريك (د)(1)، عن الركين بن الربيع، عن نُعيم بن حَنظلة، عن عمار بن ياسر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان ذا وجهين في الدنيا كان له لسانان من نار يوم القيامة". كذا رواه أبو نعيم عن شريك. وقال يحيى بن آدم وجماعة، عن شريك، عن الركين، عن أبيه، عن عمار. وقال الطيالسي، عن الركين، عن قبيصة بن النعمان أو النعمان بن قبيصة، عن عمار.

16338 -

شعبة (م)(2)، سمعت أبا إسحاق، سمعت أبا الأحوص، عن ابن مسعود أن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال:"ألا أنبئكم ما العَضْهُ؟ هي النميمة؛ القالة بين الناس، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقًا، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابًا".

16339 -

يزيد بن أبي حبيب، عن سنان بن سعد، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما العَضْه؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: نقل الحديث من بعض إلى بعض ليفسد بينهم".

قلت: سنان ضُعِّف.

16340 -

منصور (خ م)(3)، عن إبراهيم، عن همام:"كنا جلوسًا عند حذيفة، فمرّ رجل فقالوا: هذا يرفع الحديث إلى عثمان، فقال: سمعت رسول اللَّه يقول: لا يدخل الجنة قتات".

16341 -

ابن أبي ذئب (د ت)(4)، عن عبد الرحمن بن عطاء، عن عبد الملك بن جابر بن عتيك، عن جابر بن عبد اللَّه قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة".

قلت: حسنه (ت)، ورواه ابن وهب عن سليمان بن بلال، عن عبد الرحمن نحوه.

16342 -

نا أحمد بن صالح (د)(5)، نا عبد اللَّه بن نافع، أنا ابن أبي ذئب، عن ابن أخي

(1) أبو داود (4/ 268 رقم 4873).

(2)

مسلم (4/ 2012 رقم 2606)[102].

(3)

البخاري (10/ 487 رقم 6056)، ومسلم (1/ 101 رقم 105)[169].

وأخرجه أبو داود (4/ 268 رقم 4871)، والترمذي (4/ 329 رقم 2026)، والنسائي (6/ 496 رقم 11614) كلهم من طريق إبراهيم به، وقال الترمذي: حسن صحيح.

(4)

أبو داود (4/ 267 رقم 4868)، والترمذي (4/ 301 رقم 1959)، وقال الترمذي: هذا حديث حسن.

(5)

أبو داود (4/ 268 رقم 4869).

ص: 4267

جابر بن عبد اللَّه، عن جابر قال رسول اللَّه:"المجالس بالأمانة إلا ثلاثة مجالس: سفك دم حرام، أو فرجٌ حرام، أو اقتطاع مال بغير حق".

16343 -

العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: أتدرون ما الغيبة؟ قالوا: اللَّه ورسوله أعلم. قال: ذكرك أخاك بما يكره. قال: أفرأيت إن كان في أخي ما أقول؟ قال: إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه ما تقول فقد بهته" (1).

16344 -

أبو بكر بن عياش (د)(2)، عن الأعمش، عن سعيد بن عبد اللَّه بن جريج، عن أبي برزة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان في قلبه، لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عورة أخيه المسلم اتّبع اللَّه عورته وفضحه في بيته".

16345 -

الثوري، عن علي بن الأقمر، عن أبي حذيفة، عن عائشة قالت:"حكيت إنسانًا، فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم: ما أحب أني حكيت إنسانًا وإن لي كذا وكذا"(3).

قلت: أبو حذيفة لا يعرف.

فصل في كراهية رواية الإرجاف وإن لم يقدح في الشهادة

16346 -

الأوزاعي، حدثني يحيى، حدثني أبو قلابة قال (4): قال أبو عبد اللَّه الجرمي لأبي مسعود: "كيف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول في: زعموا؟ قال: سمعته يقول: بئس مطية الرجل زعموا".

قلت: فيه إرسال.

المزاح يغتفر ما لم يكن مؤذيًا وفحشًا

16347 -

حميد (س)(5) عن أنس قال: "كان ابن لأم سُليم يقال له: أبو عُمير، وكان

(1) أخرجه مسلم (4/ 2001 رقم 2589)[70]، والنسائي في الكبرى (6/ 467 رقم 11518) كلاهما من طريق العلاء به.

(2)

أبو داود (4/ 270 رقم 4880).

(3)

أخرجه أبو داود (4/ 269 رقم 4875)، والترمذي (4/ 570 رقم 2503) كلاهما عن سفيان به. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.

(4)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(5)

السنن الكبرى (6/ 90 رقم 10164).

ص: 4268

النبي صلى الله عليه وسلم ربما يمازحه إذا جاء، فدخل يومًا يمازحه فوجده حزينًا، فقال: ما لي أرى أبا عمير حزينًا؟ قالوا: يا رسول اللَّه، مات نُغَيره الذي كان يلعب به. فجعل يناديه: يا أبا عمير ما فعل النغير".

16348 -

خالد بن عبد اللَّه (د ت)(1) عن حميد، عن أنس "أن رجلًا استحمل النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"إنا حاملوك على ولد ناقة. فقال: يا رسول اللَّه، ما أصنع بولد ناقة؟ فقال له رسول اللَّه: وحل تلد الإبلَ إلا النوقُ".

قلت: صححه (ت).

16349 -

شريك (د)(2)، عن عاصم، عن أنس قال:"قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا ذا الأذنين".

16350 -

عبد اللَّه بن العلاء بن زبر (خ)(3) سمع بُسر بن عبيد اللَّه، عن أبي إدريس الخولاني، عن عوف بن مالك قال:"أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك وهو في خباء من أدم، فجلست بفناء الخباء، فسلمت فردّ، وقال: ادخل يا عوف. فتلت: أكلي أم بعضي؟ قال: كلك. فدخلت". قال (د) عثمان بن أبي العاتكة: "إنما قال: كلي من صغر القبّة".

16351 -

معمر، عن ثابت، عن أنس "أن رجلًا من أهل البادية كان اسمه زاهر -أو حرام- وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحبه وكان دميمًا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيع متاعه، فاحتضنه من خلفه وهو لا يشعر، فقال: أرسلني، من هذا؟ فالتفت فعرف النبي صلى الله عليه وسلم، فجعل لا يألو ما ألزق [ظهره](4) بصدر النبي صلى الله عليه وسلم حين عرفه، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من يشتري العبد؟ فقال: يا رسول اللَّه، إذًا واللَّه تجدني كاسدًا، فقال: لكن عند اللَّه لستَ بكاسدٍ - أو قال: لكن عند اللَّه أنت غالٍ. أخبرناه ابن بشران، أنا الصفار، نا أحمد بن منصور، نا عبد الرزاق، أنا معمر. لم

(1) أبو داود (4/ 300 رقم 4998)، والترمذي (4/ 314 رقم 1991)، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب.

(2)

أخرجه أبو داود (4/ 301 رقم 5002)، والترمذي (4/ 315 رقم 1992)، كلاهم من طريق شريك به وقال الترمذي: صحيح غريب.

(3)

البخاري (6/ 320 رقم 3176).

وأخرجه أبي داود (4/ 300 رقم 5000)، وابن ماجه (2/ 1341 رقم 4142) كلاهما من طريق عبد اللَّه ابن العلاء.

(4)

من "هـ"، وفي "الأصل": ظهر.

ص: 4269

يُثبّته شيخنا.

قلت: رواته ثقات ولم يخرجه الستة لنكارته.

16352 -

أسامة بن زيد (ت)(1)، عن المقبري، عن أبي هريرة "قيل: يا رسول اللَّه، إنك تداعبنا، فقال: إني لا أقول إلا حقًا".

قلت: حسنه (ت).

الليث، عن ابن عجلان، عن المقبري، عن أبي هريرة، عن رسول اللَّه قال:"لا أقول إلا حقًا. فقال بعض أصحابه: إنك تلاعب يا رسول اللَّه. قال: لا أقول إلا حقا".

قلت: سنده صالح.

16353 -

أبو عبيد في الغريب حدثني ابن علية، عن الحذاء، عن عكرمة (2) "أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت فيه دُعابة" قال أبو عبيد: يعني المزاح.

16354 -

ثنا محمد بن عثمان الدمشقي (د)(3)، نا أيوب بن محمد السعدي، حدثني سليمان بن حبيب المحاربي، عن أبي أمامة قال رسول اللَّه:"أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسّن خلقه".

قلت: السعدي يُكنى أبا كعب، شامي، وقيل: اسم أبيه موسى. وفيه جهالة.

16355 -

الأعمش (د)(4)، عن عبد اللَّه بن يسار، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ثنا أصحابُ محمد صلى الله عليه وسلم:"أنهم كانوا يسيرون مع رسول اللَّه، فنام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلى أحبل معه، فأخذها ففزع، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم يروع مسلمًا".

ما جاء في أكذب الناس الصباغون والصواغون

16356 -

الطيالسي، نا همّام، عن فرقد السبخي، عن يزيد بن الشخير، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أكذبُ الناس الصباغون والصَواغون"(5) أخطأ فيه بعضهم على همام فقال: [عنه، عن قتادة، عن يزيد. وقال بعضهم: عنه](6) عن قتادة، عن أنس، وكلاهما باطل.

(1) الترمذي (4/ 314 رقم 1990)، وقال: هذا حديث حسن صحيح.

(2)

ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(3)

أبو داود (4/ 253 رقم 4800).

(4)

أبو داود (4/ 301 رقم 5004).

(5)

أخرجه ابن ماجه (2/ 728 رقم 2152) من طريق همام به.

(6)

من "هـ".

ص: 4270

قلت: فرقد وثقه ابن معين، وقال أحمد: ليس بقوي. وقال الدارقطني وغيره: ضعيف.

قال: روي من وجه آخر عن أبي هريرة، وقيل: عن أبي سعيد مرفوعًا.

16357 -

أخبرنا الماليني، أنا ابن عدي، ثنا إبراهيم بن عبد اللَّه المخرّمي، نا يحيى بن موسى البلخي "سألت أبا عُبيد عن تفسيره، فقال: الصبّاغ الذي يزيد في الحديث ألفاظًا يزينّه بها، والصائغ يصوغ الحديث لا أصل له".

قال الذهبي: قال الدارقطني: إبراهيم ليس بثقة، حدّث بموضوعات.

ذكر الشافعي شهادة من يأخذ الجُعل على الخير، مرت الدلالة على جوازه في الإجارة، وذكر شهادة السُّؤَّال، ومضت الدلالة على جوازه للحاجة في قسم الصدقات، وذكر شهادة من يأتي الدعوة بغير دعاء، ومرّ في الوليمة، وكل من كان على شيء ترد به شهادته فتاب سنه ونزع، قال الشافعي: تقبل شهادته.

شهادة ولد الزنا

مر حديث أنس مرفوعًا: "المؤمنون شهداء اللَّه في الأرض". وروينا عن عطاء والشعبي: "لا تجوز شهادة ولد الزنا".

16358 -

يونس، عن الحسن قال:"لا يفضله ولدُ الرَشْدة إلا بالتقوى".

16359 -

ابن أبي الزناد، عن أبيه، عن الفقهاء الذين ينتهى إلى قولهم بالمدينة "كانوا يقولون في ولد الزنا: إن أصله لأصلُ سوء، وإذا حسُنت حاله جازت شهادته، ويرون عتقه حسنًا".

شهادة البدوي على القروي

16360 -

نافع بن يزيد وغيره (د ق)(1)، عن ابن الهاد، عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن عطاء بن يسار، عن أبي هريرة سمع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:"لا تجوز شهادة بدوي على صاحب قرية" هذا لعله ورد في الشهادة على الإعسار، وفيما يعتبر أن يكون الشاهد فيه من أهل الخبرة الباطنة. قال الخطابي: يشبه أن يكون كرَه ذلك لما في البدو من الجفاء في الدين والجهالة بأحكام الشريعة؛ لأنهم غالبًا لا يضبطون الشهادة على وجهها ولا يقيمونها لقصور علمهم.

(1) أبو داود (3/ 306 رقم 3602)، وابن ماجه (2/ 793 رقم 2367).

ص: 4271

الصبي والعبد والكافر يتحملون الشهادة ثم يصيرون عدولًا

قال الشافعي: تقبل شهادتهم.

16361 -

أشعث، عن الحسن "أنه كان يقول في العبد والذمي: إذا شهدا ردت شهادتهما، فإن أعتق هذا وأسلم هذا جازت شهادتهما.

16362 -

حماد بن سلمة، عن عبد الكريم، عن عمرو بن شعيب وعطاء (1) أن عمر قال:"شهادتهم جائزة".

الشهادة على الشهادة

16363 -

الأعمش (د)(2)، عن عبد اللَّه بن عبد اللَّه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا:"تسمعون ويسمع منكم، ويُسمع ممن يَسمع منكم".

16364 -

إسرائيل، عن جابر، عن مسروق وشريح قالا:"لا تجوز شهادة على شهادة في حد ولا يُكْفَلُ في حدّ".

16365 -

ليث، عن عطاء وطاوس، قالا:"لا تجوز شهادة على شهادة في حد". ورويناه عن الشعبي وإبراهيم في الحدود.

شهادة المختبئ

16366 -

ابن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن كلثوم بن الأقمر، عن شريح قال:"لا تجوز شهادة مختبئ". بيان، عن الشعبي مثل ذلك.

16367 -

هشيم، أنا الشيباني، عن محمد بن عبيد اللَّه الثقفي:"أن عمرو بن حريث كان يُجيز شهادته ويقول: كذا يُفعل بالخائن والفاجر". وعن الشافعي قال: لأن عمر أجاز شهادة الذين رصَدُوا رجلًا يزني ولكن لم يتموا أربعة. قال: وهذا أشبه القولين.

عدد شهود الفرع

16368 -

وكيع، عن إسماعيل الأزرق، عن الشعبي قال:"لا تجوز شهادة الشاهد على الشاهد حتى يكونا اثنين". قد أعاد الشافعي هاهنا الشهادة على الحدود، ومرّ ذلك في كتاب الحدود في السرقة.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

أبو داود (3/ 321، 322 رقم 3659).

ص: 4272

الرجوع عن الشهادة

16369 -

مطرف، عن الشعبي (1)"أن رجلين شهدا عند علي على رجل بالسرقة، فقطع علي يده، ثم جاءا بآخر فقالا: هذا هو السارق لا الأول. فأغرم على الشاهدين دية يد المقطوع الأول، وقال: لو أعلم أنكما تعمدتما لقطعت أيديكما. ولم يقطع الثاني" رواه هشيم وابن عيينة عنه.

16370 -

هشيم، عن منصور، عن الحسن:"إذا شهد شاهدان على قتل فقتل القاتل، ثم يرجع أحد الشاهدين؛ قتل". قال المؤلف: هذا إذا قال: تعمدت أن أشهد عليه ليقتل.

16371 -

الثوري، عن أبي حصين، عن شريح "أنه شهد عنده رجل بشهادة وأمضى الحكم فيها، فرجع الرجل فلم يصدق قوله، يعني فلم ينقض الأول". ثم التغريم فيما يكون إتلافًا.

16372 -

محمد بن مصعب، نا الأوزاعي "سألت الزهري عن رجل شهد عند الإمام فأتيت الإمام بشهادته، ثم دعي لها فبدّلها، أتجوز شهادته الأولى أو الآخرة؟ قال: لا شهادة له في الأولى ولا في الآخرة". قال المؤلف: هذا في الرجوع [قبل](2) إمضاء الحكم بالأولى.

علم الحاكم بحال الشاهد

16373 -

إبراهيم بن سعد (خ م د)(3)، عن أبيه، عن القاسم، عن عائشة قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا ما ليس فيه فهو رد". وفي لفظ (د): "من صنع أمرًا على غير أمرنا فهو رد".

ورواه عبد اللَّه بن جعفر المخْرمي (خ م) عن سعد.

(1) ضبب عليها المصنف للانقطاع.

(2)

من "هـ" وفي "الأصل": قد.

(3)

البخاري (5/ 355 رقم 2697)، ومسلم (3/ 1343 رقم 1718)[17]، وأبو داود (4/ 200 رقم 4606).

وأخرجه ابن ماجه (1/ 7 رقم 14) من طريق إبراهيم بن سعد به.

ص: 4273