الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما شعراؤه- صلى الله عليه وسلم الذين يذبون عن الإسلام:
فكعب بن مالك. وعبد الله بن رواحة الخزرجى الأنصارى. وحسان بن ثابت بن المنذر بن عمرو بن حرام الأنصارى، دعا له- صلى الله عليه وسلم فقال:«اللهم أيده بروح القدس» «1» .
فيقال: أعانه جبريل بسبعين بيتا، وفى الحديث «إن جبريل مع حسان ما نافح عنى» «2» .
وهو بالحاء المهملة أى دافع، والمراد هجاء المشركين ومجاوبتهم على أشعارهم.
وعاش مائة وعشرين سنة، ستين فى الجاهلية وستين فى الإسلام، وكذا عاش أبوه ثابت، وجده المنذر، وجد أبيه حرام، كل واحد منهم عاش مائة وعشرين سنة، وتوفى حسان سنة أربع وخمسين.
ولما جاءه- صلى الله عليه وسلم بنو تميم، وشاعرهم الأقرع بن حابس، فنادوه يا محمد اخرج إلينا نفاخرك ونشاعرك، فإن مدحنا زين وذمنا شين. فلم يزد صلى الله عليه وسلم على أن قال:«ذاك الله إذا مدح زان وإذا ذم شان، إنى لم أبعث بالشعر، ولم أومر بالفخر، ولكن هاتوا» فأمر- عليه السلام ثابت بن قيس أن يجيب خطيبهم فخطب فغلبهم. فقام الأقرع بن حابس شاعرهم فقال:
أتيناك كيما يعرف الناس فضلنا
…
إذا خالفونا عند ذكر المكارم
وأنا رؤس الناس على فى كل معشر
…
وإن ليس فى أرض الحجاز كدارم
فأمر- صلى الله عليه وسلم حسانا يجيبهم فقام فقال:
(1) صحيح: أخرجه البخارى (3212) فى بدء الخلق، باب: ذكر الملائكة، ومسلم (2485) فى فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت- رضى الله عنه-، من حديثه وحديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.
(2)
صحيح: أخرجه مسلم (2490) فى فضائل الصحابة، باب: فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه-، وأبو داود (5015) فى الأدب، باب: ما جاء فى الشعر، واللفظ له، من حديث عائشة- رضى الله عنها-.
بنى دارم لا تفخروا إن فخركم
…
يعود وبالا عند ذكر المكارم
هبلتم علينا تفخرون وأنتم
…
لنا خول ما بين قن وخادم
وكان أول من أسلم شاعرهم.
وكان أشد شعرائه- صلى الله عليه وسلم على الكفار حسان وكعب. ولما رجع صلى الله عليه وسلم من تبوك وفد عليه وفد همدان، وعليهم مقطعات الحبرات- الخز- والعمائم العدنية، جعل ملك بن النمط يرتجز بين يديه- صلى الله عليه وسلم.
وكان خطيبه- صلى الله عليه وسلم ثابت بن قيس بن شماس- بمعجمة وميم مشددة وآخره مهملة- وهو خزرجى، شهد له النبى- صلى الله عليه وسلم بالجنة، وكان خطيبه وخطيب الأنصار، واستشهد يوم اليمامة سنة اثنتى عشرة.
وكان يحدو بين يديه- صلى الله عليه وسلم فى السفر عبد الله بن رواحة، وفى رواية الترمذى فى الشمائل عن أنس أنه- صلى الله عليه وسلم دخل مكة فى عمرة القضية وابن رواحة يمشى بين يديه ويقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله
…
اليوم نضربكم على تنزيله
ضربا يزيل الهام عن مقيله
…
ويذهل الخليل عن خليله «1»
وقد تقدم مزيد لهذا فى عمرة القضية والله أعلم.
وعامر بن الأكوع- بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الواو وبالعين المهملة- وهو عم سلمة بن الأكوع، استشهد يوم خيبر، ومرت قصته فى غزوتها.
وأنشجة، العبد الأسود- وهو بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم وبالشين المعجمة- وكان حسن الحداء. قال أنس: كان البراء بن مالك يحدو بالرجال وأنجشة يحدو بالنساء. وقد كان يحدو وينشد القريض والرجز. فقال
(1) تقدم.
له- صلى الله عليه وسلم كما فى رواية البراء بن مالك-: «عبد رويدك رفقا بالقوارير» «1» أى النساء.
فشبههن بالقوارير من الزجاج، لأنه يسرع إليها الكسر، فلم يأمن صلى الله عليه وسلم أن يصيبهن أو يقع فى قلوبهن حداؤه فأمره بالكف عن ذلك. وفى المثل: الغناء رقية الزنا. وقيل أراد أن الإبل إذا سمعت الحداء أسرعت فى المشى واشتدت فأزعجت الراكب وأتعبته، فنهاه عن ذلك لأن النساء يضعفن عن شدة الحركة.
(1) صحيح: أخرجه البخارى (6149) فى الأدب، باب: ما يجوز من الشعر والرجز، ومسلم (2323) فى الفضائل، باب: رحمة النبى- صلى الله عليه وسلم للنساء وأمر السواق مطاياهن بالرفق بهم، من حديث أنس- رضى الله عنه-، وليس البراء بن مالك كما ذكر المصنف، ولعله وهم.