المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الزمر» - الموسوعة القرآنية خصائص السور - جـ ٧

[جعفر شرف الدين]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء السابع

- ‌سورة الرّوم

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الروم»

- ‌سبب نزول السورة

- ‌فصلان مترابطان

- ‌الأفكار العامة للسورة

- ‌عالمية الدعوة الاسلامية

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الروم»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌تسلية المؤمنين الآيات [1- 16]

- ‌وسائل تثبيتهم الآيات [17- 60]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الروم»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الروم»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الروم»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الروم»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الروم»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الروم»

- ‌سورة لقمان 31

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «لقمان»

- ‌فقرات السورة

- ‌الجولة الاولى:

- ‌الجولة الثانية:

- ‌الجولة الثالثة:

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «لقمان»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منه وترتيبها

- ‌التنويه بحكمة القرآن الآيات [1- 11]

- ‌بيان حكمة لقمان الآيات [12- 19]

- ‌الدعوة إلى ما اتفقت عليه الحكمتان الآيات [20- 34]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «لقمان»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «لقمان»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «لقمان»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «لقمان»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «لقمان»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «لقمان»

- ‌سورة السّجدة 32

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «السجدة»

- ‌أسماء السورة

- ‌مخاطبة القلوب

- ‌أفكار السورة ونظامها

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «السجدة»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إثبات تنزيل القرآن الآيات [1- 7]

- ‌أخذهم بالترغيب والترهيب إلى الايمان به الآيات [18- 30]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «السجدة»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «السجدة»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «السجدة»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «السجدة»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «السجدة»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «السجدة»

- ‌سورة الأحزاب 33

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الأحزاب»

- ‌ أحداث السورة

- ‌فصول السورة

- ‌غزوة الأحزاب وبني قريظة

- ‌زوجات الرسول (ص)

- ‌قصة زينب بنت جحش

- ‌أدب بيت النبوة

- ‌تحمل الإنسان للأمانة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الأحزاب»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إبطال تبني زيد بن حارثة الآيات [1- 27]

- ‌أمر النبي بتخيير نسائه الآيات [28- 36]

- ‌تزويج النبي مطلّقة زيد الآيات [37- 44]

- ‌إرشاد النبي إلى آداب عامة الآيات [45- 49]

- ‌خصائص النبي في أزواجه الآيات [50- 58]

- ‌إرشاد النبي إلى ما يجب ستره من نسائه وغيرهن الآيات [59- 73]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الأحزاب»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الأحزاب»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الأحزاب»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الأحزاب»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الأحزاب»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الأحزاب»

- ‌سورة سبأ 34

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «سبأ»

- ‌موضوعات السورة

- ‌فصول السورة

- ‌1- الألوهيّة وإثبات البعث

- ‌2- داود وسليمان

- ‌3- قصة سبأ

- ‌4- الشرك والتوحيد

- ‌5- مشاهد القيامة والجزاء

- ‌6- الدعوة الى التأمّل والتفكّر

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «سبأ»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌الاعتراض الأول على يوم القيامة الآيات [1- 6]

- ‌الاعتراض الثاني على يوم القيامة الآيات [7- 28]

- ‌الاعتراض الثالث والرابع على يوم القيامة الآيات [29- 42]

- ‌الخاتمة [الآيات 43- 54]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «سبأ»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «سبأ»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «سبأ»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «سبأ»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «سبأ»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «سبأ»

- ‌سورة فاطر 35

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «فاطر»

- ‌موضوعات السورة

- ‌سياق السورة

- ‌فقرات السورة

- ‌1- رحمة الله وفضله

- ‌2- آيات الله في الكون

- ‌3- الله غني عن عبادتنا

- ‌4- كتابان إلهيان

- ‌5- دلائل الإيمان

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «فاطر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌اختصاص الله تعالى بالحمد الآيات [1- 8]

- ‌آيات تدل على اختصاصه بالحمد الآيات [9- 45]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «فاطر» »

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «فاطر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «فاطر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «فاطر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «فاطر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «فاطر»

- ‌سورة يس 36

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «يس»

- ‌مقصود السورة

- ‌ملامح السورة

- ‌فصول السورة

- ‌1- رسالة ورسول

- ‌2- أدلة الايمان

- ‌3- وحي لا شعر

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «يس»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌حاجتهم إلى رسول لإنذارهم الآيات [1- 12]

- ‌إثبات قدرته على عذابهم الآيات [13- 83]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «يس»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «يس»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «يس»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «يس»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «يس»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «يس»

- ‌سورة الصّافات 37

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الصافات»

- ‌مقصود السورة

- ‌سياق السورة

- ‌1- وصف الملائكة ومشاهد الاخرة

- ‌2- قصص الأنبياء

- ‌3- أسطورة تعقبها الحقيقة

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الصافات»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إبطال الشرك الآيات [1- 10]

- ‌أخذ المشركين بالترهيب والترغيب الآيات [11- 148]

- ‌إبطال نبوة الملائكة والجن الآيات [149- 182]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الصافات»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الصافات»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الصافات»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الصافات»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الصافات»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الصافات»

- ‌سورة ص

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «ص»

- ‌مقاصد السورة

- ‌قضايا السورة

- ‌1- شبهات الكافرين

- ‌2- قصص الأنبياء

- ‌3- النعيم والجحيم

- ‌4- سجود الملائكة لآدم

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «ص»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إنذار الكفار بعقاب الدنيا والاخرة الآيات [1- 70]

- ‌العهد القديم بعقاب الكافرين الآيات [71- 88]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «ص»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «ص»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «ص»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «ص»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «ص»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «ص» »

- ‌سورة الزّمر 39

- ‌المبحث الأول أهداف سورة «الزّمر»

- ‌أدلّة التوحيد

- ‌ظل الاخرة

- ‌فقرات السورة

- ‌1- التوحيد

- ‌2- أنواع الإنسان وحالته

- ‌3- في مظاهر القدرة

- ‌4- نقاش متنوع

- ‌5- الله مستحق للعبادة دون سواه

- ‌المبحث الثاني ترابط الآيات في سورة «الزّمر»

- ‌تاريخ نزولها ووجه تسميتها

- ‌الغرض منها وترتيبها

- ‌إبطال الوسائل من الأولياء والأولاد الآيات [1- 75]

- ‌المبحث الثالث أسرار ترتيب سورة «الزّمر»

- ‌المبحث الرابع مكنونات سورة «الزّمر»

- ‌المبحث الخامس لغة التنزيل في سورة «الزّمر»

- ‌المبحث السادس المعاني اللغوية في سورة «الزّمر»

- ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الزّمر»

- ‌المبحث الثامن المعاني المجازية في سورة «الزّمر»

- ‌الفهرس

- ‌سورة الروم

- ‌سورة «لقمان»

- ‌سورة «السجدة»

- ‌سورة «الأحزاب»

- ‌سورة «سبأ»

- ‌سورة «فاطر»

- ‌سورة «يس»

- ‌سورة «الصافات»

- ‌سورة «ص»

- ‌سورة «الزّمر»

الفصل: ‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الزمر»

‌المبحث السابع لكل سؤال جواب في سورة «الزّمر»

«1»

إن قيل: لم قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ (3) وكم من كاذب كفّار قد هداه الله تعالى فأسلم وصدق؟

قلنا: معناه لا يهديه إلى الإيمان مادام على كفره وكذبه. وقيل معناه:

لا يهديه إلى حجّة يلزم بها المؤمنين.

فإن قيل: كيف نستنتج أن في قوله تعالى: لَوْ أَرادَ اللَّهُ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً لَاصْطَفى مِمَّا يَخْلُقُ ما يَشاءُ (4)[الآية 4] ردّا لقول من ادّعى أن له ولدا، وإبطالا لذلك، مع أنّ كل من نسب إليه سبحانه ولدا قال إنه اصطفاه من خلقه بجعله ولدا فاليهود يدّعون أنه عزير، والنصارى يدّعون أنه المسيح بن مريم عليهما السلام، وطائفة من مشركي العرب يدعون أن الملائكة بنات الله تعالى؟

قلنا: هذا إن جعل ردّا على اليهود والنصارى كان معناه لاصطفى الولد من الملائكة لا من البشر، لأنّ الملائكة أشرف من البشر بلا خلاف بين اليهود ولا بين النصارى وإن كان ردّا على مشركي العرب كان معناه لاصطفى له ولدا من جنس يخلق كل شيء يريده ليكون ولدا موصوفا لصفته، ولم يصطف من الملائكة الّذين لا يقدرون على إيجاد جناح بعوضة ولا يردّ على هذا خلق عيسى (ع) الطير لأنه ليس بعام، أو لأن معنى خلقه التقدير من الطين، ثم إنّ الله تعالى يخلقه حيوانا

(1) . انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي، مكتبة البابي الحلبي، القاهرة، غير مؤرّخ.

ص: 273

بنفخ عيسى عليه السلام وإظهارا لمعجزته.

فإن قيل: لم قال تعالى: خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْها زَوْجَها [الآية 6] وخلق حواء من آدم (ع) سابق على خلقنا منه، فكيف عطفه عليه بكلمة «ثمّ» ؟

قلنا: «ثم» هنا للترتيب في الإخبار لا في الإيجاد، كما تقول لصاحبك أعطيتك اليوم كذا ثم أعطيتك أمس أكثر منه: أي ثم أخبرك بكذا، ومنه قول الشاعر:

إنّ من ساد ثمّ ساد أبوه ثمّ قد ساد قبل ذلك جدّه الثاني: أن «ثم» متعلقة بمعنى واحِدَةٍ وعاطفة عليه لا على خَلَقَكُمْ، فمعناه خلقكم من نفس واحدة، وأفردت بالإيجاد ثم شفعت بزوج. الثالث: أن «ثم» على ظاهرها، لأن الله تعالى خلق آدم ثم أخرج أولاده من ظهره كالذّر، وأخذ عليهم الميثاق ثم ردهم إلى ظهره، ثم خلق منه حواء فالمراد بقوله تعالى خلقكم خلقا يوم أخذ الميثاق دفعة واحدة، لأن هذا الخلق الّذي نحن فيه بالتوالد والتناسل.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ [الآية 6] مع أن الأنعام مخلوقة في الأرض لا منزلة من السماء؟

قلنا: قيل إن الله تعالى خلق الأزواج الثمانية في الجنّة ثم أنزلها على آدم (ع) بعد إنزاله. الثاني: أن الله تعالى أنزل الماء من السماء، والأنعام لا توجد إلا بوجود النبات، والنبات لا يوجد إلا بوجود الماء، فكأن الأنعام منزلة من السماء، ونظيره قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ [الأعراف: 26] وإنما أنزل الماء الّذي لا يوجد القطن والكتان والصوف إلّا به.

فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الّذي جاء بالصدق وصدق به: لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (35) مع أنه سبحانه وتعالى يكفّر عنهم سيّئ أعمالهم ويجزيهم بحسنها أيضا؟

قلنا: قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة التوبة.

فإن قيل: لم قال تعالى: قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً [الآية 44] مع أنه جاء في الأخبار أن للأنبياء والعلماء

ص: 274

والشهداء والأطفال شفاعة يوم القيامة؟

قلنا: معناه أن أحدا لا يملكها إلّا بتمليكه، كما قال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ [البقرة: 255] وقال تعالى: وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى (28)[الأنبياء: 28] .

فإن قيل: لم ذكّر الضمير في أوتيته وهو للنعمة في قوله تعالى: ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ [الآية 49] ؟

قلنا: إنما ذكّره نظرا إلى المعنى، لأن معنى «نعمة» :«شيئا من النعمة وقسما منها» ، أو لأن النعمة والإنعام بمعنى واحد.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الآية 55] والقرآن كلّه حسن؟

قلنا: معناه اتّبعوا أحسن وحي أو كتاب أنزل إليكم من ربّكم، وهو القرآن كله. وقيل أحسن القرآن الآيات المحكمات. وقيل أحسنه كل آية تضمنت أمرا بطاعة أو إحسان وقد سبق نظير هذه الآية في سورة الأعراف في قوله تعالى: وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها [الأعراف: 145] والأجوبة المذكورة ثمّة تصلح هنا، وكذا الأجوبة المذكورة هنا تصلح ثمّة، إلا الجواب الأول.

فإن قيل: لم قال تعالى: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ [الآية 65] مع أن الموحى إليهم جماعة، ولما أوحي إلى من قبله لم يكن في الوحي إليهم خطابه؟

قلنا: معناه الأول: ولقد أوحي إلى كل واحد منك ومنهم: لئن أشركت.

الثاني: أن فيه إضمارا تقديره: ولقد أوحي إليك وإلى الّذين من قبلك التوحيد، ثم ابتدئ فقيل لئن أشركت.

والثالث: أن فيه تقديما وتأخيرا تقديره: ولقد أوحي إليك لئن أشركت، وكذلك أوحي إلى الّذين من قبلك.

فإن قيل: لم عبّر سبحانه عن الذهاب بأهل الجنة والنار بلفظ السّوق في قوله تعالى: وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية 71] وفي قوله سبحانه وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ [الآية 73] والتعبير في الآيتين يحمل ضربا من الإهانة؟

قلنا: المراد بسوق أهل النار طردهم إليها بالهوان والعنف، كما يفعل

ص: 275

بالأسارى والخارجين على السلطان إذا سيقوا إلى حبس أو قتل والمراد بسوق أهل الجنة سوق مراكبهم حثّا وإسراعا بهم إلى دار الكرامة والرضوان، كما يفعل بمن يشرّف ويكرم من الوافدين على السلطان، فشتان ما بين السّوقين.

فإن قيل: لم قال تعالى في وصف النار: فُتِحَتْ أَبْوابُها [الآية 71] بغير واو، وقال في صفة الجنة: وَفُتِحَتْ أَبْوابُها [الآية 73] بالواو؟

قلنا: فيه وجوه: أحدها أنها زائدة، قاله الفرّاء وغيره. الثاني: أنها واو الثمانية وأبواب الجنة ثمانية. الثالث:

أنها واو الحال، معناه: جاءوها وقد فتحت أبوابها قبل مجيئهم، بخلاف أبواب النار فإنها إنّما تفتح عند مجيئهم. والحكمة في ذلك من وجوه:

أحدها أن يستعجل أهل الجنة الفرح والسرور إذا رأوا الأبواب مفتّحة، وأهل النار يأتون النار وأبوابها مغلّقة ليكون أشدّ لحرّها. الثاني أنّ الوقوف على الباب المغلق نوع ذل وهوان، فصين عنه أهل الجنة لا أهل النار.

الثالث: أن الكريم يعجّل المثوبة ويؤخّر العقوبة، فلو وجد أهل الجنة بابها مغلقا لأثّر انتظار فتحه في كمال الكريم، بخلاف أهل النار.

ص: 276