الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القيامة استبعادا له، وأجاب بأن له ميعادا لا يتأخّرون عنه ساعة ولا يتقدّمون عنه ثمّ ذكر أنهم قالوا: لن نؤمن بالقرآن ولا بما بين يديه من يوم القيامة، وأجاب بأنّه لا بدّ من وقوفهم أمامه رؤساء ومرؤوسين، فيلقي بعضهم الذنب على بعض، ويقول المرؤوسون لرؤسائهم لولا أنتم لكنّا مؤمنين، ويقول الرؤساء لهم أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم؟ إلى أن قال:
وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ (33) .
ثم ذكر أنّ هذا كان شأن أهل القرى قبلهم مع أنبيائهم، فكان مترفوها يكافرون بما جاء به الأنبياء عن يوم القيامة وغيره، ويفتخرون بكثرة أموالهم وأولادهم، ويعتقدون أنه لا عذاب يصيبهم في آخرتهم ثم أمره أن يخبرهم بأن الرزق يجري بيد الله، فكم من موسر شقيّ، وكم من معسر تقيّ، ولا تنفع الأموال والأولاد شيئا عند الله، وإنما ينفع عنده العمل الصالح، فيجازى أصحابه الضّعف بما عملوا، ويعاقب من يسعى في آياته معاجزا بعذاب محضر دائم ثمّ أمره أن يعيد إخبارهم بأن الرزق يجري بيده سبحانه، وأنّهم إذا أنفقوا منه في سبيله، فهو يخلفه عليهم ثمّ ذكر بأنّه سيحشر هؤلاء الكفّار جميعا سابقين ولا حقين، ثم يقول أمامهم للملائكة:
أَهؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (40) فيتبرّأ الملائكة من عبادتهم، ويذكرون أنّهم كانوا يعبدون الجنّ، أكثرهم بهم مؤمنون: فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَلا ضَرًّا وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (42) .
الخاتمة [الآيات 43- 54]
ثمّ قال تعالى: وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (43) فذكر أنّ ما سبق لهم في هذه السورة آيات بيّنات لا ينكرونها إلّا عنادا من غير برهان ولا كتاب أنزل عليهم، ولا رسول أرسل إليهم، وقد عاند الّذين من قبلهم ولم يبلغوا معشار ما كان لهم من قوّة ونعمة، فأخذهم الله بعذابه ولم تنفعهم قوّتهم ونعمتهم. ثمّ وعظهم أن
يتفكّروا في أمر النبي (ص) ليعلموا صدق ما ينذرهم به من عذاب يوم القيامة. وذكر من أدلّة صدقه أنّه لا يسألهم على ذلك أجرا، وأنّه يقذف به حقّا واضحا على باطلهم فيدمغه، وأنّه قد جاء به حقّا قويّا لا يبدئ الباطل معه ولا يعيد ثم تلطّف في وعظهم، فذكر سبحانه، حكاية عن الرسول (ص) ، أنّه إن ضلّ الرسول فضلاله إنّما يعود عليه وحده وإن اهتدى، فبهدي الله له ثمّ ختم السورة ببيان سوء حالهم إذا فزعوا يوم القيامة الى ربّهم، فلا يكون لهم فوت منه ولا مهرب وذكر أنّهم يؤمنون به في ذلك الوقت، فلا ينفعهم إيمانهم، لأنهم كانوا يكافرون به من قبل، ويقذفون بالغيب من مكان بعيد:
وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ كَما فُعِلَ بِأَشْياعِهِمْ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا فِي شَكٍّ مُرِيبٍ (54) .