الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أقسام التحمل
(1)
قولهُ: (أقسامُ التحمل)(2).
قولهُ: (كتاباً أو حفظاً)(3) منصوبان بنزعِ الخافضِ، أي: لفظُ الشيخِ من كتابهِ أو حفظِهِ، ويصحُّ جعلُهُ حالاً، أي: ذا كتابٍ أو ذا حفظٍ، وأن يجعلَ تمييزاً، أي: من جهةِ الكتابِ أو الحفظِ، أي: لفظ كتابِ الشيخِ أو حفظه.
قولهُ: (حدَّثنا حدَّثني)(4) لا شكَّ أنَّ ((حدّثني)) و ((أخبرني)) أدَلُّ على المرادِ وأبعدُ منَ التجوُّزِ مما أسندَ إلى ((نا)) فلو قدّمها لدَلَّ على أنَّها أرفعُ ولم يختلّ النظمُ.
قولهُ: (عندَ الأكثرينَ)(5) وقالَ بعضُهم: هو والعرضُ سواءٌ، وقال بعضُهم: العرضُ أعلى، وسيأتي ذلك في البابِ الذي بعدهُ.
قولهُ: (أو غير إملاءٍ)(6) لكنَّ الإملاءَ أعلى (7)، وإنْ استويا في أصل الرتبةِ.
(1) انظر في أقسام التحمل:
المحدّث الفاصل: 185، والكفاية (103 ت، 54 هـ)، والإلماع: 62، ومعرفة أنواع علم الحديث: 247، والإرشاد 1/ 334 - 423، والتقريب: 100 - 121، والاقتراح: 231، والمنهل الروي: 79، والخلاصة: 98، والموقظة: 61، ومحاسن الاصطلاح: 136، والتقييد والإيضاح: 165، ونزهة النظر: 101، وظفر الأماني:473.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 385.
(3)
التبصرة والتذكرة (365).
(4)
التبصرة والتذكرة (367).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 386.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 386.
(7)
قال ابن حجر في " فتح الباري " عقب الحديث (63): ((ومن ثم كان السماع من لفظه في الإملاء أرفع الدرجات؛ لما يلزم منه من تحرز الشيخ والطالب، والله أعلم)). وكذا قال الأنصاري في " فتح الباقي " 1/ 359 - 360.
قولهُ: (قال القاضي عياضٌ)(1) إلى آخرهِ، عبارةُ ابنِ الصلاحِ (2):((وفيما نَرويهِ عنِ القاضي عياض بنِ موسى السبْتيِّ (3) -أحد المتأخرينَ المطلعينَ- قولهُ: ((لا خلافَ))
…
إلى آخرِهِ)) (4).
قولهُ: (أرفعُ العباراتِ: سمعتُ)(5)، أي: بالإفرادِ، أمّا سمعنا بطريقِ الجمعِ فيطرُقُه احتمالُ سماعِ أهلِ بلدٍ هو فيهم ونحو ذلك.
قولهُ: (حدّثنا شديدٌ)(6) ينبغي أنْ يحملَ هذا على ما إذا شكَّ هلْ سمعَ منْ لفظِ الشيخِ، أو بالعرضِ عليه، فيكون منَ المسألةِ الآتيةِ في التفريعاتِ لا من هذه.
قولهُ: (فقدْ أخطأ)(7)، قالَ شيخُنا كما نقلَهُ بعضُ أصحابِنا:((معناهُ أنَّه لم يَرِدْ سندٌ صحيحٌ عن الحسنِ / 244أ / بصيغةِ التحديثِ)). انتهى.
وإذا انتفى ورودُ التحديثِ انتفَى ما تَفَرَّعَ عليه منَ التأويلِ، وما بعدَهُ.
قولهُ: (الرازيين)(8) زادَ ابنُ الصلاحِ في المذكورينَ اثنينِ، وهما: عبدُ الرزاقِ بنُ هَمَّامٍ، ويزيدُ بنُ هارونَ، وقال:((وغيرهم)) (9)، وعَنْ خَطِّ شيخِنا:
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 386.
(2)
عبارة: ((ابن الصلاح)) لم ترد في (ف).
(3)
في (ب): ((البستي))، والمثبت من (أ)، وهو الموافق للمعرفة.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 251.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 387.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 387، وقارن بـ: الكفاية (415ت، 286 هـ).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 387.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 388.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 252، ومصدره الكفاية (413 - 414ت، 284 - 285 هـ).
والنسائيّ وابن منده وابن حبانَ، قال: وعكسهُ أبو نعيمٍ فكانَ يقولُ فيما قرأهُ على الشيوخِ أو سمعه: حدثنا، وفي (1) الإجازةِ: أخبرنا.
قولهُ: (وذُكِرَ عن محمدٍ)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وذكرَ الخطيبُ)) (3).
قولهُ: (مما سمعتَ)(4)، أي: قالَ محمدُ بنُ رافعٍ: فما سمعتَ معَ هؤلاءِ، قالَ فيه عبد الرزاق: حدثنا.
قولهُ: (بما قُرئَ على الشيخِ)(5)، قالَ ابنُ الصلاحِ بعدَهُ:((ثمَّ يتلو قولَ ((أخبرنا)) قولُ ((أنبأنا)) و ((نبَّأنا))، وهو قليلٌ في الاستعمالِ، وقالَ:((حدثنا)) و ((أخبرنا)) أرفعُ منْ ((سمعتُ)) منْ جهةٍ أخرى، وهي: أنَّه ليسَ في ((سمعتُ)) دلالةٌ على أنَّ الشيخَ روَّاهُ (6) الحديثَ وخاطبهُ بهِ، وفي ((حدَّثنا)) و ((أخبرنا)) دلالةٌ على أنَّهُ خاطبَهُ بهِ وروَّاه له، أو هو ممنْ فُعلَ به ذلك.
سألَ الخطيبُ (7) شيخَهُ أبا بكرٍ البَرْقانيَّ (8) الفقيهَ الحافظَ عن السرِّ في كونِهِ يقولُ لهم فيما رواهُ عن أبي القاسمِ عبدِ اللهِ بنِ إبراهيمَ الجُرْجاني
(1) في (ب): ((في)) بدون الواو.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 389.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 252، وانظر: الكفاية (415 ت، 286 هـ).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 389.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 389.
(6)
جاء في حاشية (أ): ((أي: أذن له أنْ يرويه عنه)).
(7)
الكفاية (417 ت، 287 هـ).
(8)
قال الزركشي في " نكته " 3/ 487: ((مثل هذه الحكاية ما روي عن النسائي أنه فيما رواه عن الحارث بن مسكين يقول: قراءة عليه وأنا أسمع، ولا يقول: أخبرنا، ولا حدثنا، فإن الحارث كان يتولى قضاء مصر، وبينه وبين النسائي خشونة لم يمكنه حضور مجلسه، فكان يتستر في موضع، ويسمع حيث لا يراه أحد، فلذلك تورع وتحرى)).
الآبَنْدُونيِّ (1) - يعني: وآبنْدون قريةٌ من قرى جرجانَ - ((سمعتُ)) ولا يقولُ: ((حدثنا)) ولا ((أخبرنا)) فذكرَ لهُ أنَّ أبا القاسِم كانَ معَ ثقتِهِ وصلاحِهِ عَسِرَاً في الرِّوايةِ، فكانَ البَرْقانيُّ يجلسُ حيثُ لا يراهُ / 244ب / أبو القاسمِ، ولا يَعلمُ بحضورِهِ، فيسمعُ منهُ ما يحدثُ به الشخصَ الداخلَ إليه، فلذلكَ يقولُ:((سمعتُ)) ولا يقولُ: ((حدَّثنا))، ولا ((أخبرَنا))؛ لأنَّ قصدَهُ كانَ الرواية للداخلِ إليه وحدَهُ)) (2).
قولهُ: (حيثُ قالَ: قالَ لي فلانٌ)(3)، قال شيخُنا: قالوا: إنَّ ما قالَ البخاريُّ فيه: ((قالَ لنا فلانٌ)) فهو مما حَملَهُ إجازةً، واستقرَّ بنا ذلك فوجدناهُ في بعضِ ما قالَ فيهِ ذلك يصرّحُ فيهِ بالتحديثِ في موضعٍ آخرَ (4).
قولهُ: (وخصصَ الخطيبُ)(5) إلى آخرهِ، قالَ ابنُ الصلاحِ بعد:((والمحفوظُ المعروفُ ما قدَّمنا ذِكرَه، والله أعلمُ)) (6).
قولهُ في الثاني القراءةُ على الشيخِ: (يحفظُهُ)(7) مفسرٌ لشرط ((إنْ)) في قوله ((كذا إنْ))؛ لأنَّ تقديرَهُ: كذا إنْ يحفظْه ثقةٌ ممنْ سمعَ بحفظِهِ، فهو مجزومٌ كمفسرهِ، ولا يتزنُ البيتُ معَ جزمِهِ، فكانَ ينبغي أنْ يَقولَ: حفظهُ ماضياً، فيكونَ الجزءُ مخبولاً، أو يقولَ: يحفظُهُ مع إصغاءِ سَمْعٍ فاقتنعْ.
(1) بالهمزة الممدودة، والباء الموحدة، وسكون النون، وضم الدال المهملة، وفي آخرها النون، هذه النسبة إلى آبندون، وهي قرية من قرى جرجان.
انظر: الأنساب 1/ 51، ومعجم البلدان 1/ 50، وترجمته في السير 16/ 261.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 252 - 253.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 390.
(4)
بمعناه في فتح الباري عقب الحديث (65).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 390، وانظر: الكفاية (418ت، 289 هـ).
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 253.
(7)
التبصرة والتذكرة (378).
قولهُ: (يعرضُ على الشيخِ ذلك)(1)، قالَ ابنُ الصلاحِ:((كما يعرضُ القرآن على المُقرئِ)) (2).
قولهُ: (ولا فرقَ بينَ إمساكِ الثقةِ)(3) إلى آخرهِ، قال شيخُنا:((لو سَوّى بينَ إمساكِ الشيخِ وإمساكِ غيرِهِ، وبينَ حفظِهِ وحفظِ غيرِهِ، لكانَ مُتجهاً، وأمّا التسويةُ بينَ إمساكِ الأصلِ والحفظِ فمحلُّ نزاعٍ، والظاهرُ ترجيحُ الإمساكِ؛ إذ الحفظُ خَوَّانٌ)).
ثم يَنبغي أنْ تعلَمَ / 245أ / أنّ شيخَنا رحمه الله كانَ يقولُ وهو الحقُّ: ((إنَّ ذلك ينبغي أنْ يكونَ محلُّهُ ما إذا كانَ الشيخُ والطالبُ بمستويينِ، فإنْ كانَ أحدُهما أعلمَ كانَ سماعُهُ بقراءةِ المفضولِ أرجحَ؛ لأنَّ قراءةَ المفضولِ أضبطُ له، والفاضلُ أوعى لما يسمعُ، والله الموفقُ)).
قولهُ في شرحِ قولهِ: (وأجمعوا أخذاً بها)(4): (أبو عاصم النَّبيلُ)(5) في " صحيحِ البخاريِّ "(6) في كتابِ العلمِ، قالَ البخاريُّ:((سمعتُ أبا عاصمٍ يذكرُ عن سفيانَ الثوريِّ ومالكٍ أنَّهما كانا يريانِ القراءةَ والسماعَ جائزاً)). انتهى.
ظاهرُ ذلكَ منْ سكوتِهِ عليه أنَّه يراهُ، ويحتملُ أنَّه نقلَهُ وهو لا يراهُ، والله أعلمُ.
قولهُ: (فلم يسمعْ منه لذلك)(7)، قالَ بعضُ أصحابِنا: قالَ الإمامُ عبدُ العظيمِ المنذريُّ في كتابهِ " الإعلامِ بأخبارِ شيخِ البخاريِّ محمدِ بنِ سلامٍ" بعدَ أنْ ذَكرَ ما
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 391.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 254.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 392.
(4)
التبصرة والتذكرة (379).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 392.
(6)
صحيح البخاري 1/ 24.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 393.
قالهُ الشيخُ هنا منْ عدمِ سماعِهِ منْ مالكٍ: ((وقد ذكرَ الأميرُ أبو نصرِ بنُ ماكولا: أنَّ محمدَ بنَ سلامٍ سمعَ منْ مالكِ بنِ أنسٍ)) (1)، قالَ: ويمكنُ الجمعُ بينَهما بأنْ يكونَ سمعَ منه بعد ذلك ما حدّث به منْ لفظِهِ.
قولهُ: (بحديثِ ضِمامِ بنِ ثعلبةَ)(2) وهوَ ما رَواهُ الشيخانِ (3) وغيرهما (4) عن أنسِ بنِ مالكٍ، وغيرهِ (5) من الصحابة رضي الله عنهم، قال:((بَينما نَحنُ جُلوسٌ مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم في المسجدِ دخلَ رجلٌ على جملٍ فأناخَهُ في /245 ب/ المسجدِ، ثُمّ عَقَلَهُ، ثم قالَ: أيُّكم محمدٌ؟ - والنبيُّ صلى الله عليه وسلم متكئٌ بين ظَهرانيهم - فقلنا: هذا الرجلُ الأبيضُ المتكئُ، فقالَ لهُ الرجلُ: ابنُ عبدِ المطلبِ، فقالَ لهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: قد أجبتُكَ، فقالَ الرجلُ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم (6): إنِّي سائلُكَ فَمُشددٌ عَليكَ في المسألةِ فلا تجدْ عليَّ في نفسِكَ، فقالَ: سلْ عما بدا لكَ، فقالَ: أسألُكَ بربِّكَ وربِّ (7) مَنْ قبلكَ آللهُ أرسلكَ إلى الناسِ كلهم؟ قالَ: اللهمَّ نَعَم
…
)) الحديثَ في سؤالِهِ عن شرائعِ الدينِ والإجابةِ عنها، فلما فَرغَ قالَ:((آمنتُ بما جئتَ بهِ، وأنا رسولُ مَنْ ورائي من قومي وأنا ضِمامُ بنُ ثعلبةَ أخو بني سعدِ بنِ بكرٍ))، وفي روايةٍ للإمامِ أحمدَ (8) عن ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّهُ لما رجعَ إلى قومِهِ اجتمعوا إليه فأبلغهم، قالَ: فواللهِ ما أمسى منْ ذَلِكَ اليومِ في حاضِرِه رجلٌ ولا امرأةٌ إلا مُسلماً.
(1) انظر: الإكمال 4/ 405.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 393.
(3)
صحيح البخاري 1/ 24 (62)، وصحيح مسلم 1/ 32 (12)(10).
(4)
منهم: أحمد 3/ 168، وأبو داود (486)، وابن ماجه (1402).
(5)
منهم: ابن عباس رضي الله عنه.
(6)
من قوله: ((قد أجبتك
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(7)
في (ب): ((وبرب)).
(8)
مسند أحمد 1/ 264.
يقولُ ابنُ عباسٍ: فما سمعنا بوافِدِ قومٍ كانَ أفضلَ منْ ضِمامِ بنِ ثعلبةَ رضي الله عنه.
ولفظُ البخاريِّ في كتابِ العلمِ من " صحيحهِ ": ((واحتجَّ بعضُهم في القراءةِ على العالِمِ (1) بحديثِ ضِمامِ بن ثَعلبةَ، قالَ للنبيِّ صلى الله عليه وسلم:((آللهُ أمركَ أنْ تُصليَ الصلاةَ قالَ: نعمْ))، قالَ: فهذه قراءةٌ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم (2) أخبرَ ضِمامٌ قومَه بذلك فأجازوهُ (3) / 246أ /، قالَ شيخُنا في " المقدمةِ ":((وقد وصلَهُ أبو داودَ (4) من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما فقالَ: إنَّ ضِماماً رضي الله عنه قالَ لقومهِ عندما (5) رَجعَ إليهم: إنَّ اللهَ قد بعثَ رسولاً
…
الحديث (6).
قولهُ: (وهو الصحيحُ)(7) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((والصحيحُ ترجيحُ السماعِ (8) من لفظِ الشيخِ، والحكمُ بأنَّ القراءةَ عليهِ مرتبةٌ ثانيةٌ)) (9). انتهى.
وقد عرفتَ ما في ذلك من التفصيلِ الذي ذَكرهُ شيخُنا.
قولهُ: (وجودوا فيه)(10)، أي: في العرضِ المذكورِ في قولهِ: (عَرْضاً)(11).
(1) من قوله: ((من صحيحه
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(2)
من قوله: ((آلله أمرك أن تصلي
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(3)
صحيح البخاري 1/ 24 عقب (62).
(4)
سنن أبي داود (487).
(5)
في (ب): ((بعدما)).
(6)
هدي الساري: 21.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 394.
(8)
انظر: نكت الزركشي 3/ 482.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 254.
(10)
التبصرة والتذكرة (384).
(11)
التبصرة والتذكرة (375).
قولهُ: (وأنا)(1) بإثبات الألفِ؛ لضرورةِ الوزنِ معَ جوازِ ذلك في السعةِ؛ لأنَّ بعدَها همزةٌ في مثلِ قراءةِ المدنيينِ: نافعٍ وأبي جعفر ٍ {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} (2){وَأَنَا أَوَّلُ} (3) سواءٌ كانت مضمومةً أو مفتوحةً، وأمّا المكسورةُ مثل:{أَنَا إِلَاّ} (4) ففيها خلافٌ عَنْ قالون (5)، هذا في الوصلِ، وأمّا في الوقفِ فلا خلافَ في إثباتها لجميعِ القرّاءِ.
قولهُ: (الشافعي)(6) مخالفٌ في القافية للذي قبلَهُ فإنَّ هذا من المتداركِ، وهو مؤسسٌ، و ((الأوزاعيُّ)) منَ المتواترِ (7) المردفِ، والمخالفةُ في القافيةِ تقعُ كثيراً لهُ ولغيرِهِ من ناظمي العلم.
قولهُ: (لأهله)(8) الضميرُ للتجويزِ المضمن لقولهِ: ((قد جوّزوا)) (9) وأبدلَ منَ المضافِ ((أهلَ الأثرِ)) لكثرةِ القائلينَ بهذا، كأنَّ غيرَهم لا عبرةَ بهم، فإنَّ محمدَ بنَ الحسنِ التميميَّ الجوهريَّ المصريَّ قالَ كما نقلَهُ عنهُ ابنُ الصلاحِ: ((إنَّ هذا مذهبُ
(1) التبصرة والتذكرة (384).
(2)
البقرة: 258، وانظر: معجم القراءات القرآنية 1/ 197.
(3)
الأنعام: 163، وانظر: معجم القراءات القرآنية 2/ 341.
(4)
الأعراف: 188، وانظر: معجم القراءات القرآنية 2/ 427.
(5)
مقريء المدينة، الإمام المجود النحوي، أبو موسى، عيسى بن مِينا، مولى بني زريق، يقال: كان ربيب نافع، فلقبه قالون؛ لجودة قراءته، كان شديد الصمم، وكان ينظر إلى شفتي القاريء ويَرُدُّ، توفي سنة (220) هـ.
انظر: سير أعلام النبلاء 10/ 326 - 327.
(6)
التبصرة والتذكرة (391).
(7)
المتواتر: حرف متحرك بين ساكنين. الكافي في العروض والقوافي: 148.
(8)
التبصرة والتذكرة (394).
(9)
التبصرة والتذكرة (392).
الأكثرِ من أصحابِ الحديثِ الذينَ لا يُحصيهم أحدٌ، وإنَّهم جعلوا أخبرنا، علماً / 246ب / يقومُ مقامَ قولِ قائلِهِ (1):((أنا قرأتُهُ عليهِ، لا أنَّهُ لَفَظَ به لي))، قالَ: وممنْ كانَ يقولُ به من أهلِ زمانِنا أبو عبدِ الرحمانِ النسائيُّ في جماعةٍ مثلِهِ من مُحدِّثينا)) (2).
قولهُ: (بالدالِ)(3)، أي: لا بالزاي فالمرادُ أنَّه جائزٌ جوازاً موصوفاً بالجودةِ.
قولهُ: (وأنا أسمعُ)(4) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((أجودُها أنْ يقولَ: قرأتُ على فلانٍ، أو: قُرئَ على فُلانٍ وأنا أسمعُ فأقرَّ به، فهذا سائغٌ من غيرِ إشكالٍ)) (5).
قولهُ: (منَ التفرقةِ)(6)، أي: كما سيأتي نقلُ ذلك عنه قريباً.
قولهُ: (وذهبَ أبو بكرِ بنُ شهابٍ)(7) إلى أنْ قالَ: (إلى جوازِ إطلاقهما)(8)، أي: حدّثنا، وأخبرنا من غيرِ تقييدٍ، نُقِلَ عن " طبقات ابنِ سعدٍ "(9) عن الواقديِّ، قالَ:((حدَّثنا محمدُ بنُ عبدِ اللهِ بن أخي ابنِ شِهابٍ، سمعتُ عمي ما لا أحصي يقولُ: ما أُبالي قرأتُ على المحدّثِ أو حدَّثني، كلاهما أقولُ: حدَّثنا)). انتهى.
(1) في (ب) كلمة غير مقروءة.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 256.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 396.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 396.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 255.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 397.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 397.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 398.
(9)
طبقات ابن سعد 1/ 174 (القسم المتمم).
قالَ ابنُ الصلاحِ: ((ومن هؤلاءِ مَنْ أجازَ فيها أيضاً - أي: في العبارةِ عن القراءةِ - أنْ يقولَ: سمعتُ فلاناً)) (1) وقالَ في مذهبِ الفَرقِ بينَ أخبرنا، فيجوزُ دونَ حدَّثنا:((وهو منقولٌ عن مسلمٍ صاحبِ الصحيحِ)) (2). انتهى.
قالَ النوويُّ فيما نُقلَ عنه: ((وكانَ من مذهبِهِ - أي: مُسلِمٍ - الفرقُ بينَهما، وأنَّ حدّثنا لا يجوزُ إطلاقُهُ إلاّ لما سمعَهُ من لفظِ الشيخِ خاصةً، وأخبرنا لما قُرِئَ على الشيخِ، وهذا الفرقُ هو مذهبُ الشافعيِّ)) (3) إلى آخرِ كلامهِ. انتهى.
قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وقد قيلَ: إنَّ أوَّلَ مَنْ أحدثَ الفرقَ بينَ هذينِ اللفظينِ / 247أ / ابنُ وَهْبٍ بمصرَ، وهذا يدفعُهُ أنَّ ذلك مرويٌّ عن ابنِ جُرَيجٍ والأوزاعيِّ، حكاهُ عنهما الخطيبُ أبو بكرٍ (4) إلا أنْ يعني أنَّه أوَّلُ مَنْ فعلَ ذلك بمصرَ)) (5).
قولهُ: (أكثرُ علمائِنا)(6) نُقلَ عن " طبقاتِ ابنِ سعدٍ "(7) في ترجمةِ عبدِ الرحمانِ بنِ هرمزَ الأعرجِ بسندٍ فيه الواقديُّ، عن عثمانَ بنِ عبيدِ الله بنِ رافعٍ، قالَ:((رأيتُ مَنْ يقرأُ على الأعرجِ حديثَهُ عن أبي هُريرةَ، عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فيقولُ: هذا حديثُكَ يا أبا داودَ - وهي كنيةُ الأعرجِ -، فيقولُ: نَعَم، قالَ: فيقولُ: فأقولُ: حدَّثني عبدُ الرحمانِ، وقد قرأتُ عليكَ؟ قالَ: نَعَم، قُلْ: حدَّثني عبدُ الرحمانِ بنُ هرمزَ)).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 256، قال البلقيني:((وممن جوَّز إطلاق حدَّثنا في ذلك عطاء، والحسن، وأبو حنيفة، وصاحباه، وزفر، ومنصور)).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 256.
(3)
شرح صحيح مسلم 1/ 22، والذي بعدها: ((وأصحابه وجمهور أهل العلم
بالمشرق)).
(4)
الكفاية (434 ت، 302 هـ).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 256.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 398.
(7)
طبقات ابن سعد 5/ 283.
قولهُ: (وهو الشائعُ)(1) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((الفرقُ بينهما صارَ هو الشائعَ الغالبَ على أهلِ الحديثِ، والاحتجاجُ لذلك منْ حيثُ اللغةُ عناءٌ وتكلُّفٌ، وخيرُ ما يُقالُ فيه: إنَّه اصطلاحٌ أرادوا به التمييزَ بينَ النوعينِ، ثمَّ خُصِّصَ النوعُ الأولُ بقولهِ (2): حدثنا؛ لقوَّةِ إشعارِهِ بالنطقِ والمشافهةِ)) (3).
قولهُ: (وبعضُ مَنْ قالَ)(4)، ثم قالَ:(الهرويُّ)(5) قال ابنُ الصلاحِ: ((أحدُ رؤساءِ أهلِ الحديثِ بخُراسانَ)) (6).
قولهُ: (تفريعات)(7)، أي: على ما تأصَّلَ من (8) أقسامِ التحملِ. عبارةُ ابنِ الصلاحِ عن الأولِ: ((إذا كان أصلُ الشيخِ عندَ القراءةِ عليهِ بيدِ غيرِهِ، وهو موثوقٌ به مُراعٍ لِما يَقرَأُ، أهلٌ لذلك، فإنْ كان الشيخُ يحفظُ ما يُقرأُ عليه فهوَ كما لو كان أصلُهُ بيدِ نفسِهِ، بل أولى لتعاضُدِ ذهني / 247ب / شخصينِ عليه - ثم ذكرَ فيما إذا أمسكهُ بعضُ السامعينَ نحو ما قالَ الشيخُ، ثمَّ قالَ - وإذا كان الأصلُ بيدِ القارئ وهو موثوقٌ به دِيناً ومعرفةً، فكذلكَ الحكمُ فيهِ، وأولى بالصِّحةِ)) (9)، أي: مما لو كان الأصلُ بيدِ سامعٍ آخرَ؛ لأنَّ القراءةَ في هذه الصورةِ أضبطُ في اتباعِ ما حملَهُ الشيخُ، والذهولُ فيها أقلُّ، وأمّا إمساكُ غيرِ الأهلِ، فقالَ فيه ابنُ الصلاحِ: ((فسواءٌ كانَ بيدِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 399.
(2)
في " معرفة أنواع علم الحديث ": ((بقول)).
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 256.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 399.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 399.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 257.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 400.
(8)
في (ف): ((فيه)).
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 257.
القارئِ أو بيدِ غيرِهِ في أنَّه سماعٌ غيرُ معتدٍّ به إذا كان الشيخُ غيرَ حافظٍ للمقروءِ عليه)) (1).
قولهُ: (وأكثرُ ميلِهِ إلى المنعِ)(2) إلى آخره، قال الشيخُ في " النكتِ ":
((وَوهَّنَ السِّلفيُّ هذا الاختلافَ؛ لاتفاقِ العلماءِ على العملِ بخلافِهِ، فإنَّهُ ذكرَ ما حاصلُهُ: أنَّ الطالبَ إذا أرادَ أنْ يقرأَ على شيخٍ شيئاً منْ سماعِهِ هل يجبُ أنْ يُريَهُ سماعَهُ في ذلك الجزءِ، أم يكفيَ إعلامُ الطالبِ الثقةِ للشيخِ أنَّ هذا الجزءَ سماعُهُ (3) على فلانٍ؟ فقالَ السِّلفيُّ: هما سِيَّان، على هذا عَهِدْنا علماءَنا عن آخرِهم، قالَ: ولم تزلِ الحُفّاظُ قديماً وحديثاً يخرجونَ للشيوخِ منَ الأصولِ فتصيرُ تلكَ الفروعُ بعدَ المقابلةِ أصولاً، وهل كانت الأصولُ أولاً إلا فروعاً)) (4). انتهى.
قولهُ: (غيرُ شرطٍ)(5) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وإنَّ سكوتَ الشيخِ على الوجهِ المذكورِ نازلٌ منْزلةَ تصريحِهِ بتصديقِ القارئِ اكتفاءً بالقرائنِ الظاهرةِ)) (6).
قولهُ: (وشَرَطَهُ بعضُ الظاهريةِ)(7) قال ابنُ الصلاحِ: ((وفي / 248أ / حكايةِ بعضِ المصنفينَ للخلافِ في ذلكَ أنَّ بعضَ الظاهريةِ شَرَطَ إقرارَ الشيخِ عندَ تمامِ السماعِ بأنْ يَقولَ القارئُ للشيخِ: هو كما قرأتُهُ عليكَ، فيقولُ: نَعَم)) (8). وعبارة ابنِ الصلاحِ في النقلِ عن هذا الشرطِ قريبةٌ من عبارةِ الشيخِ، وهي غيرُ
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 257.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 400.
(3)
من قوله: ((في ذلك الجزء
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(4)
التقييد والإيضاح: 171.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 401.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 258.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 401.
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 258.
مبينةٍ، فإنْ كانَ المرادُ أنَّ الشرطَ في صحةِ السماعِ بحيثُ إنَّه إذا انتفى التلفظُ بالإقرارِ لا يصحُّ إسنادُ السماعِ إلى الشيخِ بلفظٍ منَ الألفاظِ، فذلك ممكنٌ في غيرِ ابنِ الصباغِ؛ لعدمِ المعرفةِ لعباراتِهم، وأمّا ابنُ الصباغِ فكلامُهُ ظاهرٌ في أنَّ السماعَ في نفسِهِ صحيحٌ، وأنَّ التلفظَ بالإقرار إنَّما هو شرطٌ في جوازِ الروايةِ بحدثنا، وأخبرنا، ونحوِهما، وأمّا بصيغةِ تَفهم الواقعَ فلا، وهوَ قولُ الغزاليِّ (1) ومنْ ذُكِرَ معه.
قولهُ: (والعَرْضِ)(2) بالجرِّ عطفاً على قولهِ: ((اللفظ)) (3)، والمفعولُ محذوفٌ، أي: واختارَ في العرضِ هذا التفصيلَ، وهو أنَّك: إن تسمعَ بقراءةِ غيرِكَ
…
إلى آخرهِ، ويجوز أنْ يُرفعَ على أنَّه مبتدأٌ، وخبرُهُ جملةُ الشرطِ بتقديرِ رابطٍ، أي: إنْ تسمعْ فيه، أي: إنْ تكنْ سامعاً، فَقلْ: أخبرنا، أو تكنْ قارئاً فقُلْ: أخبرني.
قولهُ: (فسوَّى بينَ مسألَتي)(4)، أي: لأنَّه إذا حدّث الشيخُ من لفظِهِ وسَمعَ جماعةٌ يقولُ كلٌ منهم: حدَّثنا فحصلتِ التسويةُ.
قولهُ: (فجائزٌ لمنْ سمعَ وحدَهُ أنْ يقولَ: أخبرنا وحدَّثنا)(5)، قالَ صاحبُنا العلامةُ شمسُ الدينِ محمدُ بنُ / 248ب / حسان القدسيُّ رحمه الله فيما وجدتُهُ بخطِّهِ: ((وَجَدْتُ السِّلفيَّ يفعلُ ذلك؛ فيقولُ: أخبرنا، وإنْ سَمعَ وحدَهُ، وطريقُ معرفتي لذلك أنَّهُ يفردُ نفسَهُ في كتابةِ التسميعِ، ويكتبُ أولَ الجُزءِ: أخبرنا،
(1) المستصفى 1/ 165.
(2)
التبصرة والتذكرة (407).
(3)
التبصرة والتذكرة (406).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 403.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 403.
ومن عادتِهِ كتابةُ مَنْ شارَكهُ في السماعِ (1)، وهذا هو اللائقُ بكلِّ أحدٍ فضلاً عنهُ)) يعني: أنَّه لو كان سمعَ معه أحدٌ لَكَتَبهُ في الطبقةِ.
قولهُ: (ونحو ذلك)(2)، قالَ ابنُ الصلاحِ:((لأنَّ المحدِّثَ حدَّثهُ وحدَّثَ غيرَهُ)) (3).
قولهُ: (والشَّكُّ في الأخذِ)(4) إلى آخره، أي: إنْ وقعَ فاعتبارُ الوحدةِ
…
إلى آخرهِ.
قولهُ: (لأنَّ عدمَ غيرِهِ هو الأصلُ)(5)، قالَ ابنُ الصلاحِ عقِبَهُ:((ولكنْ ذَكرَ عليُّ بنُ عبدِ اللهِ المدينيُّ الإمامُ عنْ شيخِهِ يحيى بنِ سعيدِ القطَّان)) (6) فذكرَهُ إلى قولهِ: ((على الناقصِ)) فقالَ: ((لأنَّ عدم الزائدِ هو الأصل)) (7)، وهذا لطيفٌ. انتهى (8).
لكنْ يمنعُ من هذا أنَّ الألفاظَ صارتْ - بعدَ تخصيصِ كلٍّ منها بمعنى - متباينةَ المعاني، فمتى أبدلَ منها لفظاً بآخرَ احتملَ أنْ يخبرَ بهِ عما لم يكنْ، مثلاً إذا غَيَّرَ ((حدَّثنا)) بـ ((حدّثني)) كانَ كأنَّه قال: حدَّثني من لفظِهِ وأنا وحدي، وقد يكونُ ذلك كذباً، وكذا عكسُهُ؛ فإنَّ معناهُ: حدَّثني من لفظِهِ وأنا في جماعةٍ، والفرضُ أنَّه
(1) عبارة: ((في السماع)) لم ترد في (ف).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 403.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 259.
(4)
التبصرة والتذكرة (409).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 404.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 259.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 259.
(8)
لم ترد في (ب) و (ف).
شاكٌّ، فقد يكونُ كذباً، وكذا ((أخبرنا)) و ((أخبرني)) فالاحتياط أنْ يقولَ إذا شكَّ في ((حدثنا)) و ((حدثني)): حدَّثَ فلانٌ من لفظِهِ وأنا / 249أ / أسمعُ، وإذا شكَّ في ((أخبرنا)) و ((أخبرني)) فَلْيَقُلْ: قُرِئ على فلانٍ وأنا أسمعُ، وهو أحسنُ عندي من ((قَرَأْنا)).
قولهُ: (والأصل: أنَّه لم يَقرَأْ)(1) قال الشيخُ في " النكت ": ((هذا إذا مشينا على ما ذَكرَهُ المصنفُ تبعاً للحاكم: أنَّ القارئ يقولُ: أخبرني، سواءٌ سمعَ بقراءتِهِ غيره (2) أم لا، أمّا إذا قُلنا: بما جزمَ به ابنُ دقيقِ العيدِ في " الاقتراحِ "(3) من أنَّ القارئَ إذا كانَ معه غيرُهُ يقولُ: أخبرنا، فيتجهُ (4) أنْ يُقالَ: الأصلُ عدمُ الزائدِ، لكن الذي ذَكرَهُ ابنُ الصلاحِ هوَ الذي قالَه عبدُ اللهِ بنُ وهبٍ، وأبو عبدِ اللهِ الحاكمُ، وهو المشهورُ، والله أعلمُ)) (5).
قولهُ: (فيقولُ فيه: قرأنا على فلانٍ)(6) قالَ في " النكت "(7): ((فإنَّه يصحُّ (8) إتيانُهُ بهذه الصيغةِ فيما قرأهُ بنفسه، وفيما سمعَهُ بقراءةِ غيرِهِ)). انتهى. وفيه أنَّه يكونُ مُعظِّماً (9) لنفسِهِ إذا كان الواقعُ أنَّه وحدهُ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 404.
(2)
في " التقييد والإيضاح ": ((بقراءته معه غيره)).
(3)
الاقتراح: 226 و228.
(4)
في " التقييد والإيضاح ": ((فيتجه حينئذٍ)).
(5)
التقييد والإيضاح: 173.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 404.
(7)
التقييد والإيضاح: 173 - 174.
(8)
في " التقييد والإيضاح ": ((يسوغ)).
(9)
في (ب): ((تعظيماً)).
قولهُ في قولِهِ: (وقال أحمدُ): (1)(ولا تَعَدْ)(2) أصلها: تتعدَّى، فحذفت التاءُ الأولى تخفيفاً، ولامُ الفعلِ للجزمِ بالنهي.
قولهُ: (بأنَّه)(3) متعلقٌ بـ ((عُرف))، أي: عُرفَ بالتسويةِ بينَ اللفظينِ: البدلُ والمبدلُ.
وقولهُ: (فيرى)(4)، أي: ابنُ الصلاحِ يقولُ بهذا.
قولهُ: (لا يرى التسوية)(5) قالَ في " النكت ": ((تعليلُ المصنفِ المنعَ، باحتمالِ أنْ يكونَ مَنْ قالَ ذلك ممن لا يرى التسويةَ بينَ ((أخبرنا)) و ((حدَّثنا)) ليسَ بجيدٍ من حيثُ إنَّ الحكمَ لا يختلفُ في الجائزِ والممتنعِ بأنْ يَكونَ الشيخُ / 249 ب / يرى الجائزَ مُمتنعاً، أو الممتنعَ جائزاً، وقد صَرَّحَ أهلُ الحديثِ بذلك في مواضعَ، منها: أنْ يكونَ الشيخُ يرى (6) جوازَ إطلاقِ ((حدَّثنا)) و ((أخبرنا)) (7) في الإجازةِ، وأَذِنَ للطالبِ أن يقولَ ذلك إذا رَوَى عنه بالإجازةِ، فإنَّه لا يجوزُ ذلك للطالبِ، وإنْ أَذِنَ له الشيخُ، وقد صَرَّحَ به المصنفُ كما سيأتي - أي: في الكلامِ على المناولةِ - وكذلك أيضاً لم يشترطوا في جوازِ الروايةِ بالمعنى أنْ لا يكونَ في الإسنادِ مَنْ يَمنعُ ذلك، كابنِ سيرينَ، بل جَوَّزوا الروايةَ بالمعنى بشروطٍ ليس منها هذا)) (8).
(1) التبصرة والتذكرة (412).
(2)
التبصرة والتذكرة (412).
(3)
التبصرة والتذكرة (414).
(4)
التبصرة والتذكرة (414).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 406.
(6)
في المطبوع من " التقييد والإيضاح ": ((ممن يرى)).
(7)
في المطبوع من " التقييد والإيضاح ": ((حدثنا وأنبأنا)).
(8)
التقييد والإيضاح: 177.
قولهُ: (أنَّ قائلَ ذلك)(1) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ولو وجدتَ من ذلك إسناداً عرفتَ من مذهبِ رجالِهِ التسويةَ بينهما، فإقامَتكَ أحدَهما مقامَ الآخرِ من بابِ تجويزِ الروايةِ بالمعنى، وذلك وإنْ كان فيه خلافٌ معروفٌ، فالذي نراه: الامتناعُ)) (2) إلى آخرهِ.
قولهُ: (وما ذكره الخطيبُ)(3) عبارةُ ابنِ الصلاحِ بعدَهُ: ((في "كفايتهِ" (4) من إجراء ذلك الخلافَ في هذا فمحمولٌ عندنا)) (5) إلى آخره.
قولهُ: (وأقلُّ ما فيهِ)(6)، أي: في كلام ابنِ الصلاحِ مما يدلُّ على ضعفِهِ أنْ يقتضيَ تجويزَ هذا .. إلى آخره، إنما يقتضي ذلك إذا عللَ بأنَّ فيه تغييرَ التصنيفِ المنقولِ منه، وليسَ في كلامِ ابنِ الصلاحِ هنا التعليلُ بذلكَ، نَعَم، قالَ في الروايةِ بالمعنى: إنَّه رخصَ فيها لما كان عليهم في ضبطِ الألفاظِ والجمودِ عليها منَ الحرجِ والنَّصبِ، وذلك غيرُ موجودٍ فيما اشتملتْ عليه /250 أ/ بطونُ الأوراقِ والكتبِ؛ ولأنَّه إنْ ملكَ تغييرَ اللفظِ، فليسَ يملكُ تغييرَ (7) تصنيفِ غيرِهِ، فلمْ يقتصرْ على تلك العلةِ حتى يلزمَهُ ما ألزمهُ.
لكنّ ابنَ دقيقِ العيدِ لم يصرّحْ بابنِ الصلاحِ فقد يكونُ الذي يُشيرُ إليه غيرَهُ، فإنّه قالَ في "الاقتراحِ" (8) كما نَقَلهُ الشيخُ في "النكتِ" (9): ((ومما وَقعَ في
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 406.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 260.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 406.
(4)
الكفاية (422 ت، 292 هـ).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 260.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 407.
(7)
لم ترد في (ف).
(8)
الاقتراح: 242 - 245.
(9)
التقييد والإيضاح: 176.
اصطلاحِ المتأخرينَ: أنَّه إذا رُوِيَ كتابٌ مصنفٌ بيننا وبينَه وسائطُ، تَصرَّفوا في أسماءِ الرواةِ وقَلَّبوها على أنواعٍ إلى أنْ يَصِلُوا إلى المصنفِ، فإذا وصلوا إليه تبعوا لفظَهُ من غيرِ تغييرٍ، إلى أنْ قالَ: ينبغي أنْ ينظرَ فيهِ هل هوَ على سبيلِ الوجوبِ، أو هوَ اصطلاحٌ على سبيلِ الأَولى، وفي كلامِ بعضِهم ما يشيرُ إلى أنَّه ممتنعٌ؛ لأنَّه وإنْ كانَ لهُ الروايةُ بالمعنى، فليسَ لهُ تغييرُ التصنيفِ)). انتهى.
فلم يُسمِّ المعترضَ عليهِ وذكرَ أنَّه عُللَ بهذه العلةِ المقتضيةِ لأنْ يُتصرفَ فيه كل تصرفٍ ما عدا أنَّا ننسخُهُ كاملاً مع تغييرِ ألفاظِهِ كلِّها أو بعضِها، فإنَّه لا يكونُ تَغييرُهُ إلا بذلك، وأمّا تغييرُ شيءٍ ينقلُ منه (1) لفظاً أو إلى تخاريجِنا فلا يُسمى تغييرَ التصنيفِ وإنْ كانَ فيه تغييرُ عبارةِ المصنفِ.
قولهُ: (وليس هذا)(2)، أي: كلامُ الذي اعترضَ عليه جارياً على الاصطلاحِ، تتمةُ كلامِ ابنِ دقيقِ العيدِ كما قالَ في " النكتِ " (3):((فإنَّ الاصطلاحَ على أن لا تُغَيَّرَ الألفاظُ بعدَ الانتهاءِ إلى الكتبِ المصنفةِ سواءٌ رويناها /250 ب / فيها أو نقلناها منها)). انتهى.
قولهُ: (لا نُسلِّمُ أنَّه)(4)، أي: كلامَ ابنِ الصلاحِ يقتضي ذلك
…
إلى آخرهِ، فيه نظرٌ؛ لأنَّه إذا سُلِّمَ له أنَّه عللَ بما ذَكَرَ لَزمهُ ما ألزمَهُ، ولا يقدحُ فيهِ الإشعارُ بما أرادَهُ من قولهِ آخر الكلامِ: وما ذكرهُ محمولٌ
…
إلى آخرهِ، فكان ينبغي أنْ يُعللَ بأنَّه لم يُعللْ هنا بذلكَ، وحيثُ عَلَّلَ به (5) لم يقتصرْ عليه، بل ضمَّ إليه ما يقتضي الامتناعَ على كلِّ حالٍ.
(1) في (ب): ((عنه)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 407.
(3)
التقييد والإيضاح: 176.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 407.
(5)
في جميع النسخ الخطية: ((بأنَّه))، ولعل الصواب ما أثبتنا؛ ليستقيم النص.
قولهُ: (الإسفراييني)(1)، قالَ ابنُ الصلاحِ:((الفقيهُ الأصوليُّ)) (2).
قولهُ: (الصِّبْغيِّ)(3)، قالَ (4):((أحدُ أئمةِ الشافعيينَ بخراسانَ)) (5).
قولهُ: (عارم)(6) هو محمدُ بنُ الفَضْلِ، و ((عارمٌ)) لقبُ سوءٍ وقعَ على رجلٍ صالحٍ؛ فإنَّ العَرامَةَ شَراسةُ الأخلاقِ والأذى، عَرَمَ كنَصَرَ وضَرَبَ وكَرُمَ وعَلِمَ، فهو عارِمٌ، وعَرِم الصبيُّ أشِرَ ومَرِحَ، أو بطرَ، أو فَسَدَ، ذَكرَهُ في " القاموس "(7).
قولهُ: (ويصحُّ بحيثُ)(8) الصوابُ كما هو عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ويَصحُّ إذا كان بحيثُ لا يمتنعُ معه الفَهْمُ)) (9).
قولهُ: (أو كانَ السامعُ بعيداً)(10) نُقلَ عن ابنِ كثيرٍ: أنَّه حَكَى عن شَيخِهِ الحافظِ جمالِ الدينِ المزيِّ أنَّه كان يكتبُ في (11) مجلسِ السَّماعِ وينعسُ في بعضِ الأحيانِ، ويَردُّ على القارئ رَداً جَيداً بَيّناً وَاضحاً بحيثُ يتعجّبُ القارئُ، ثم حَكى أنّه كان يحضرُ عند المزيِّ مَن يفهمُ ومَنْ لا يفهمُ، والبعيدُ منَ القارِئ، والناعسُ
(1) التبصرة والتذكرة (417).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 260.
(3)
التبصرة والتذكرة (417).
(4)
جاء في حاشية (أ): ((أي: ابن الصلاح)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 260.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 408.
(7)
القاموس المحيط مادة (عرم).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 408.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 261.
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 409.
(11)
لم ترد في (ب).
والمتحدِّثُ، والصبيانُ الذينَ لا ينضبطُ أمرُهم بل يلعبونَ غالباً، ولا يشتغلونَ / 251أ / بمجرّدِ السماعِ، ويُكتبُ للكلِّ بحضورِ المزيِّ السماعَ، قال:((وبَلغني عنِ القاضي تقي الدينِ سليمانَ: أنَّه زُجرَ في مجلسِهِ الصبيانُ عنِ اللعبِ، فقال: لا تزجروهم فإنَّا إنَّما سَمعنا مِثلَهم)) (1).
قولهُ: (نحو الكلمةِ والكلمتينِ)(2)، قالَ شيخُنا:((ينبغي أنْ يكونَ الأمرُ دائراً على ما لا يكونُ فَوتُهُ والذهولُ عنه مُخلاً بفهمِ الباقي)).
قلتُ: ويدلُّ على ما قالَهُ شيخُنا ما يأتي عنِ الإمام أحمدَ، والله أعلم.
قولهُ في قولهِ: (وينبغي)(3): (في سَنِّهِ)(4) هو (5) مصدرٌ مُضافٌ إلى ضميرِ ((الأنماطيِّ)).
قولهُ: (لا غِنَى في السماعِ عن الإجازةِ)(6) هذا على سبيلِ التأكيدِ، لا أنَّه شرطٌ في صحةِ السماعِ، فإنّ هذا الاحتمالَ موجودٌ في كُلِّ عَصرٍ، ولم يَكُنِ المتقدمونَ يَقفونَ الرِّوايةَ على ذلكَ.
قولهُ في قولهِ: (وسُئِلَ ابنُ حَنبلٍ)(7): (الشيخُ يُدْغِمُ الحرفَ يُعرفُ)(8)((الشيخُ)) مبتدأٌ، ((يدغمُ)) خبرهُ، ((يعرفُ)) مبنيٌّ للمفعول.
قولهُ: (وإنَّما فَهَّمهُ)(9) منَ التفهيمِ.
(1) اختصار علوم الحديث 1/ 340 - 342 وبتحقيقي: 184.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 409.
(3)
التبصرة والتذكرة (424).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 410.
(5)
في (ب): ((وهو)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 410.
(7)
التبصرة والتذكرة (426).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 410.
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 411.
قولهُ في قولهِ: (وخَلَفُ بنُ سالِمٍ)(1): (إذ فاتهُ)(2) ضميرُهُ لـ ((خلفٍ)).
وقولهُ: (منْ قولِ سفيانَ)(3) متعلقٌ ب ((فَاتَهُ))، وليسَ الأمرُ كذلك، لم يفتْ خلفاً شيءٌ مما حَدَّثه به سُفيانُ، وإنَّما حَقُّ الضمير أنْ يكونَ ل ((سفيانَ))؛ فهوَ الذي فاتهُ ذلك منْ قولِ عمرٍو، فصوابهُ أنْ يقولَ:
وخلفٌ قد قال عنْ سفيانَ نا
…
منْ قولِ عمرٍو ثم سفيانُ اكتفى
وقولهُ: (اقتفى)(4) صفةُ ((مُستملٍ))، تقديرُه: بلفظٍ اتبعَ ذلكَ المستملي اللفظَ عنِ المملي.
قولهُ: (أفتى: إستَفْهمِ)(5) هذا الأمرُ تعليلٌ للتشبيهِ، أي: لأجلِ أنَّهُ قالَ لمنْ سألَهُ أنْ / 251 ب / يُعيدَ لهُ: استفهمِ الذي يَليكَ.
قولهُ: (كلٌّ ينقلُ)(6)، أي: ثم كلٌ منهم ينقلُ ما سمعَه منَ المملي، وما استفهمَهُ من بعضِ أصحابِهِ عن المملي، ولو قدَّمَ الناظمُ ((ثم)) وأخَّر ((عنه)) (7) لكانَ أحسنَ.
قولهُ: (المُخَرِّمي)(8) نسبةً إلى المُخَرِّمِ، بضمِّ الميمِ، وفتحِ المعجمةِ، وكسرِ المهملةِ المشددةِ، محلةٌ ببغدادَ (9).
(1) التبصرة والتذكرة (429).
(2)
التبصرة والتذكرة (429).
(3)
التبصرة والتذكرة (430).
(4)
التبصرة والتذكرة (430).
(5)
التبصرة والتذكرة (431).
(6)
التبصرة والتذكرة (433).
(7)
لم ترد في (ف).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 412.
(9)
الأنساب 4/ 248.
قولهُ: (وهي حَدَّثَ)(1)، قالَ ابنُ الصلاحِ:((قد كان كثيرٌ من أكابرِ المحدِّثينَ يَعْظُمُ الجمعُ في مجالِسِهم جدَّاً حتى بَلغَ أُلُوفاً مؤلَّفةً، ويُبَلِّغُهم عنهم المستَملونَ، فيكتُبُونَ عنهم (2) بواسطةِ المستملينَ، فأجازَ غيرُ واحدٍ لهم روايةَ ذلك عنِ المملي، رُوِّينا عنِ الأعمشِ - إلى أنْ قالَ -: وأبى آخرونَ ذلك)) (3).
قالَ الشيخُ في " النكتِ ": ((أطلقَ المصنفُ حكايةَ الخلافِ من غيرِ تقييدٍ بكونِ المملي يسمعُ لفظَ المستملي أم لا، والصوابُ التقييدُ، فإنْ كان الشيخُ صَحيحَ السمْعِ بحيثُ يسمعُ المستملي الذي يُملي عليهِ، فالسَّماعُ صَحيحٌ، ويجوزُ له أنْ يرويَهُ عنِ المملي دونَ ذِكرِ الواسطةِ كما لو سمعَ على (4) الشيخِ بقراءةِ غيرِهِ، فإنَّ القارئَ والمستمليَ واحدٌ، وإنْ كان في سَمعِ الشيخِ ثقلٌ بحيثُ لا يسمعُ لفظَ المستملي فإنَّه لا يسوغُ لمن لم يسمعْ لفظَ الشيخِ أنْ يَرويَهُ عنه إلا بواسطةِ المستملي، أو المبلغِ له عنِ الشيخِ أو المفهمِ للسامعِ ما لم يبلغْهُ كما ثَبتَ في "الصحيحينِ" منْ روايةِ عبدِ الملكِ بنِ عميرٍ، عن جابرِ بنِ سمرةَ رضي الله عنه، قالَ: سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم / 252أ / يقولُ: ((يكونُ اثنا عشرَ أميراً، فقالَ كلمةً لم أسمعْها، فقالَ أبي: إنَّه قال: كُلُّهم من قريشٍ)) لفظُ البخاريِّ (5)، وقالَ مسلِمٌ (6):((ثم تكلمَ بكلمةٍ خفيتْ عليَّ، فسألتُ أبي: ماذا قال؟ قالَ: كلُّهم من قريش))، فلم يروِ جابرُ بنُ سمرةَ الكلمةَ التي خَفِيَتْ عليهِ إلا بواسطةِ أبيهِ، ويمكنُ أنْ يُستدلَّ للقائلينَ (7)
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 412.
(2)
في (ب): ((عليهم)).
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 262 و263.
(4)
في (ب): ((عن)).
(5)
صحيح البخاري 9/ 111 (2723).
(6)
صحيح مسلم 6/ 2 (1821).
(7)
في "التقييد والإيضاح": ((القائلون)).
بالجوازِ بما رواهُ مُسلِمٌ (1) في " صحيحهِ " من روايةِ عامرِ بنِ سعدِ بنِ أبي وقاصٍ، قالَ:((كتبتُ إلى جابرِ بنِ سَمُرةَ رضي الله عنه معَ غُلامي نافعٍ، أنْ أخبرني بشيءٍ سمعتَهُ من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فكتبَ إليَّ: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يومَ جمعةٍ عَشيَّةَ رَجْمِ الأسلميِّ رضي الله عنه، قالَ: لا يزالُ الدينُ قائماً حتى تقومَ الساعةُ، أو يكونَ عليكم اثنا عشرَ خليفةً كُلُّهم من قريشٍ)) فلم يفصلْ جابرُ بنُ سَمُرةَ الكلمةَ التي لم يسمعْها، وقد يجابُ عنه بأمورٍ:
أحدها: إنَّه يحتملُ أنَّ بعضَ الرواةِ أدرجَهُ وفصلها الجمهورُ، وهم: عبدُ الملك بنُ عميرٍ، والشعبيُّ، وحُصينٌ، وسماكُ بنُ حربٍ، ووصلَهُ عامرٌ.
والثاني: إنَّه قَدِ اتفقَ الشيخانِ على روايةِ الفصلِ، وانفردَ مسلمٌ بروايةِ الوصلِ.
والثالث: إنَّ روايةَ الجمهورِ سماعٌ لهم من جابرِ بنِ سَمُرةَ رضي الله عنه، وروايةَ عامر بنِ سعدٍ كتابةٌ ليستْ مُتَّصلةً بالسماعِ.
والرابع: إنَّ الإرسالَ جائزٌ خصوصاً إرسال الصحابةِ / 252ب / عن بَعضِهم، فإنَّ الصحابةَ كُلَّهم عدولٌ، ولهذا كانتْ مراسيلُهم حُجةً، خِلافاً للأستاذِ أبي إسحاقَ الإسفرايينيِّ؛ لأنَّ الصحابةَ قد يَروونَ عنِ التابعينَ، والله أعلم)). (2) انتهى.
والجوابُ عن هذه الأجوبةِ: أنَّ تفصيلَهُ كانَ لمن كانَ يشافهُهُ تبرعاً بما لا يلزمُهُ، فلما كَتبَ وكانتِ الكتابةُ أضيقَ أمراً منَ المشافهةِ فترَكَ التفصيلَ، عُلمَ أنَّه يرى أنَّه غيرُ لازمٍ.
(1) صحيح مسلم 6/ 2 (1821).
(2)
التقييد والإيضاح: 178.
وأمّا مراسيلُ الصحابةِ فإنَّهم لا يُعبرونَ عنها بلفظِ السماعِ، فافترقَ الحالُ، والله أعلم.
قولهُ: (منَ الحديثِ شَمُّهُ)(1) قالَ ابنُ الصلاحِ لما ذكرَ أنَّ مثلَ ذلك تساهلٌ بعيدٌ: ((وقد رُوِّينا عن أبي عبدِ اللهِ بنِ منده الحافظِ الأصبهانيِّ أنَّه قال لواحدٍ من أصحابهِ: يا فلانُ، يكفيكَ منَ السَّماعِ شمُّهُ، وهذا إمَّا متأولٌ أو متروكٌ على قائلهِ، ثم وجدتُ عن عبدِ الغنيِّ بنِ سعيدٍ الحافظِ، عن حمزةَ بنِ محمدٍ الحافظِ بإسنادِهِ، عن عبدِ الرحمانِ بنِ مهديِّ أنَّه قالَ: يَكفيكَ منَ الحديثِ شَمُّهُ.
قال عبدُ الغنيِّ: قال لنا حمزةُ: يعني: إذا سُئلَ عن أولِ شيءٍ عرفهُ، وليس يعني التَّسَهُّلَ في السَّماعِ)). (2) انتهى.
وهو يَرجِعُ إلى الحَثِّ على الحفظِ والفَهْمِ بحيثُ إنَّه يَصيرُ إذا سُئِلَ عن حَديثٍ يَكفيهِ في مَعرفتِهِ ذكرُ طَرفِهِ، فإذا ذُكِرَ له طَرفٌ منه عرفَ ذلك الحديثَ المرادَ بالسؤالِ عنه، وبادرَ إلى ما أريدَ منَ جوابِهِ.
قولهُ: (إذا أوّل شيءٍ سئلاً عرفَهُ)(3)((أولُ)) مَرفوعٍ بفعلٍ مَحذوفٍ يَدلُّ عليه الشرطُ الذي هو ((سُئلَ))، أي: إذا ذُكرَ له أولُ شيءٍ منَ الحديثِ على جهةِ السؤالِ عنه عَرفَ الحديثَ كلَّه، ويجوزُ أنْ يكونَ منصوباً بنزعِ الخافضِ، أي: إذا سُئل عَن أوَّلِ شيءٍ منَ الحديثِ عرفَ الحديثَ.
قولهُ في قولهِ: (وإنْ يُحدِّثْ)(4): (عرفتَهُ)(5) الضميرُ المنصوبُ فيه للمُحدِّثِ، فالتقديرُ: وإنْ يحدِّثْ من وراءِ سترٍ محدِّثٌ عرفتَهُ. هذا على تقديرِ أنَّ
(1) التبصرة والتذكرة (434).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 263.
(3)
التبصرة والتذكرة (435).
(4)
التبصرة والتذكرة (436).
(5)
التبصرة والتذكرة (436).
((مِنْ)) جارةٌ، ويجوزُ أنْ تفتحَ ميمُها فتكونَ نكرةً موصوفةً ف ((عرفتَهُ)) أيضاً صفتُها، أو تكون موصولةً ف ((عرفته)) حالٌ.
قولهُ: (بصوتهِ (1)) (2)، أي: إذا كان يحدِّثُ من لفظِهِ، وهو يَعرفُ صوتَهُ.
قولهُ: (أو (3) ذي خُبْرٍ) (4)، أي: إذا كان لا يعرفُ صوتَهُ فَعرَّفهُ ثقةٌ أو عرفَهُ بأنَّ هذا (5) بصوتِهِ فيما إذا حدَّثهَ بلفظِهِ أو بحضورهِ لما يقرأ، وسماعه (6) فيما إذا قُرئَ عليه، صَحَّ السماعُ.
قولهُ: (وإنَّ بلالاً)(7) بكسرِ الهمزةِ على الحكايةِ، قال ابنُ الصلاحِ: ((واحتجَّ عبدُ الغنيِّ بنُ سعيدٍ الحافظُ في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ بلالاً
…
))
الحديث (8)، ثم قالَ: ورَوَى بإسنادهِ عن شُعْبةَ أنّه قالَ: إذا حدَّثَكَ)) (9) إلى آخرهِ.
قولهُ في قولهِ: (ولا يَضُرُّ)(10): (أنْ يمنعَهُ)(11) في مَوضعِ رَفعٍ على أنَّه فاعلُ ((يضرُّ))، و ((الشيخُ)) فاعلُ ((يمنعُ))، و ((أنْ يروي)) مفعولُهُ.
(1) في (أ) و (ف): ((بصوت)).
(2)
التبصرة والتذكرة (436).
(3)
في (ب): ((وذي)).
(4)
التبصرة والتذكرة (436).
(5)
عبارة: ((أو عرفه بأن هذا)) لم ترد في (ب).
(6)
عبارة: ((لما يقرأ، وسماعه)) لم ترد في (ب).
(7)
التبصرة والتذكرة (437).
(8)
الحديث في صحيح البخاري1/ 160 (617) و3/ 37 (1918)، وصحيح مسلم 2/ 3 (380) (7). وانظر: تمام تخريجه في تحقيقنا لمعرفة أنواع علم الحديث: 264 هامش (4).
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 264.
(10)
التبصرة والتذكرة (438).
(11)
التبصرة والتذكرة (438).
قولهُ: (كما صَرَّحَ به الأستاذُ)(1) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وسألَ الحافظُ أبو سعدِ بنُ علَّيكٍ (2) النيسابوريُّ الأستاذ أبا / 253ب/ إسحاقَ الإسفرايينيَّ عن مُحدِّثٍ خَصَّ بالسماعِ قوماً، فجاءَ غيرُهم وسمعَ منه من غيرِ علمِ المحدّثِ به، هل يجوزُ لهُ روايةُ ذلك عنهُ؟ فأجابَ بأنَّه يجوزُ، ولو قالَ المحدِّثُ: إني أخبركم ولا أخبرُ فلاناً، لم يضرَّهُ)) (3).
قولهُ في قولهِ: (ثم الإجازة)(4): (قَطْ)(5) بفتحِ القافِ وسكونِ المهملةِ، بمعنى: حسب، والجزءُ مخبولٌ، فالقافيةُ منَ المتكاوسِ (6)، وهي مخالفةٌ لقافيةِ البيتِ الأولِ، فإنَّها منَ المتراكبِ (7).
قولهُ: (بأنْ للشافعيّ)(8) مخففةٌ منَ الثقيلةِ، أي: بأنَّه.
قولهُ: (القاضي)(9) بدلٌ من قولهِ (10)((بعض)) (11)((حسينٌ)) (12) في نسخةٍ مُنكر فهو مُنوَّنٌ، والجزء الأخيرُ مطويٌّ، وفي نسخةٍ ((الحسينُ مَنَعا)) مخبولٌ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 415.
(2)
هو الحافظ أبو سعد، عبد الرحمان بن الحسين بن عليك النيسابوري، توفي سنة (431 هـ). سير أعلام النبلاء 17/ 509، وقد حصل خلاف في ضبط لفظة "عليك" انظره في: الإكمال 6/ 262، وتبصير المنتبه 3/ 966، ونزهة الألباب 2/ 35.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 265.
(4)
التبصرة والتذكرة (440).
(5)
التبصرة والتذكرة (443).
(6)
جاء في حاشية نسخة (أ): ((أربع متحركات بين ساكنين)).
(7)
جاء في حاشية نسخة (أ): ((أي: ثلاث متحركات بين ساكنين)).
(8)
التبصرة والتذكرة (444).
(9)
التبصرة والتذكرة (445).
(10)
لم ترد في (ب) و (ف).
(11)
التبصرة والتذكرة (444).
(12)
التبصرة والتذكرة (445).
لاجتماعِ الخبنِ فيه، والطيِّ، فيخالفُ حينئذٍ قافيةَ البيتِ الثاني، فالتنكيرُ أحسنُ للموافقةِ.
قولهُ: (لبطلتْ رحلةُ)(1) بالضمِّ وبالكسرِ، أي: انتقالُهم من بلدٍ إلى بلدٍ، قالَ في " القاموسِ ":((وارتحلَ البعيرُ: سارَ فمضى (2)، والقومُ عنِ المكانِ انتقلوا كترحَّلوا، والاسمُ: الرحلةُ بالضمِّ والكسرِ، أو بالكسرِ الارتحالُ، و (3) بالضمِّ: الوجهُ الذي تقصدُهُ، والسفرةُ الواحدةُ)) (4).
قولهُ: (والأكثرونَ طُراً)(5)، أي: جمعاً. قالَ الإمامُ أبو عبدِ اللهِ القَزَّازُ في " ديوانهِ ": ((وطر وبرُ البعيرِ: إذا تَساقطَ ثم نَبتَ، وأصلُهُ القطعُ، ثم قالَ: ويُقالُ: طررتُ القومَ إذا مررتُ بهم جميعاً، ومنه يقالُ: مررتُ بالقومِ طُراً، أي: جمعاً، وهو اسمٌ موضوعٌ موضعَ المصدرِ)).
قولهُ: (فهرَسَتي)(6) قالَ في " القاموس " / 254 أ /: ((الفِهْرِسُ - بالكسرِ -: الكتابُ الذي تُجمعُ فيه الكتبُ، مُعَرَّبُ فِهْرِسْت (7)، وقد فَهرَسَ كتابَهُ)) (8).
قولهُ: (ولم يُفصِّلْ)(9)، أي: أطلقَ نفيَ الخلافِ في الإجازةِ من غيرِ تَقييدٍ بكونِها لمعيَّنٍ في مُعينٍ.
(1) التبصرة والتذكرة (446).
(2)
في " القاموس المحيط ": ((ومضى)). .
(3)
لم ترد في (ب).
(4)
القاموس المحيط مادة (رحل).
(5)
التبصرة والتذكرة (448).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 416.
(7)
في نسخة (أ) ضبطت: ((فَهْرَسْت))، والمثبت من " القاموس المحيط ".
(8)
القاموس المحيط مادة (فهرس).
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 416.
قولهُ: (عنِ الشافعيِّ)(1) قال ابنُ الصلاحِ: ((ورُويَ عن صاحبِهِ الرّبيعِ ابنِ سُليمانَ، قال: كان الشافعيُّ لا يرى الإجازةَ في الحديثِ. قال الربيعُ: أنا (2) أخالفُ الشافعيَّ (3) في هذا)) (4).
قولهُ: (وقَطَعَ)(5) لم يحكِ ابنُ الصلاحِ القطعَ عنِ القاضي، إنَّما حكاهُ عنِ الماورديِّ كما وقعَ في النظمِ (6) فإنَّ عبارتَهُ:((وقد قالَ بإبطالِها جماعةٌ منَ الشافعيينَ منهم القاضيانِ حسينُ بنُ محمدٍ المَرْوَرُّوذيُّ (7)، وأبو الحسنِ الماورديُّ (8)، وبه قطعَ الماورديُّ في كتابهِ " الحاوي "(9))) (10) إلى آخرهِ.
قولهُ: (أبو نَصرِ الوائليُّ السجزيُّ)(11) قال ابنُ الصلاحِ: ((وحَكَى أبو نصرٍ فسادَها عن بعضِ مَنْ لقيَهُ. قالَ أبو نصرٍ: وسمعتُ جماعةً من أهلِ العلمِ يقولون: قولُ المحدِّثِ: قد أجزتُ لكَ أنْ ترويَ عنِّي، تقديرُهُ: أجزتُ لك ما لا يجوزُ لي في
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 417.
(2)
في (ب): ((وأنا)).
(3)
انظر: محاسن الاصطلاح: 262.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 266.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 417.
(6)
التبصرة والتذكرة (445).
(7)
نسبة إلى مَرْوَرُّوذ: بفتح الميم، وسكون الراء المهملة، وفتح الواو، وتشديد الراء المهملة المضمومة، وبعد الواو ذال معجمة، وهي من أشهر مدن خراسان. وفيات الأعيان 1/ 69، والأنساب 5/ 145.
(8)
بفتح الميم وسكون الألف وفتح الواو وسكون الراء، وفي آخرها دال مهملة، وهذه النسبة إلى بيع ماء الورد وعمله. انظر: الأنساب 5/ 61، واللباب 3/ 165.
(9)
الحاوي 20/ 146، وأدب القاضي، له 1/ 387 - 389، وروضة الطالبين 11/ 157.
(10)
معرفة أنواع علم الحديث: 266.
(11)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 417.
الشَّرْعِ؛ لأنّ الشرعَ لا يُبيحُ روايةَ ما لم يَسمعْ (1)، قالَ: ويُشبهُ هذا ما حَكاهُ أبو بكرٍ محمدُ بنُ ثابتٍ الخُجنديُّ (2) أحدُ مَنْ أَبطلَ الإجازةَ منَ الشافعيةِ، عن أبي طاهِرٍ الدّباسِ -أحد أئمة الحنفيةِ - قالَ: مَنْ قالَ لغيرِهِ: أجزتُ لك أنْ ترويَ عنِّي ما لم تسمع، فكأنَّهُ يقولُ: أجزتُ لك أن تكذبَ عليَّ)) (3).
قولهُ: (وإجازةِ الروايةِ بها)(4) قال ابنُ الصلاحِ: ((وفي الاحتجاجِ لذلك غُموضٌ ويتجهُ: أن / 254 ب/ نقولَ: إذا أجازَ له أنْ يَرويَ عنه مَرْوياتِهِ فقد أخبرهُ بها جُملةً، فهو كما أخبَرَهُ تفصيلاً، وإخبارُهُ بها غيرُ مُتوقِّفٍ على التصريحِ نُطقاً كما في القراءةِ على الشيخِ - كما سَبَقَ - وإنَّما الغرضُ حُصُولُ الإفهامِ والفَهْمِ، وذلك يحصلُ بالإجازةِ المفهمةِ، والله أعلم)) (5).
قولهُ: (والثانِ: أن يُعيِّنَ)(6) حذفَ الياءَ من الثاني؛ لضرورةِ الوزنِ.
قولهُ: (بشرطه)(7)، أي: من ثقة رجالِهِ واتصالِه ونحوِ ذلكَ من شروطِ الصحيحِ، وأنْ لا يمنعَ منه مانعٌ كنسخٍ أو معارضةٍ لما هو أقوى منه، ونحو ذلك.
قولهُ: (أقوى منَ الخلافِ)(8)، أي: لأنَّ الانتشارَ في هذا أقوى بعدمِ الضبطِ والتعيينِ في الشيء المجازِ له، وتعيينُهُ أضبطُ من تعيينِ المجازِ؛ لأنَّ الراويَ
(1) قال الزركشي 6/ 506: ((وهذه مصادفة على المطلوب؛ لأن الذي يبيح الإجازة والرواية بالإجازة يمنع هذه المقدمة، وهذا عين النِزاعِ الذي جعله السجزي دليلاً على منع الرواية بالإجازة، وهذا القول خارج من دأب العلماء)).
(2)
بضم الخاء المعجمة، وفتح الجيم، وسكون النون. انظر: الأنساب 2/ 377.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 266 - 267.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 417.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 267 - 268.
(6)
التبصرة والتذكرة (450).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 418.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 418.
إذا تعيّنَ لم تُقبلِ (1) الجهالةُ بوجهٍ بخلافِ المرويِّ، فإنّهم جعلوا من تَعيينِهِ أنْ يقولَ: الكتابُ الفلانيُّ، وهو ينقسمُ إلى أبوابٍ، وفصولٍ وأحاديثَ لا تستحضرُ كلّها وقتَ الإجازةِ.
قولهُ في الثالث: (فاحذر)(2)، أي: السماعَ بها والروايةَ.
قولهُ: (ونحو ذلك)(3) قالَ ابنُ الصلاحِ عَقِبَهُ: ((فهذا نوعٌ تكلَّمَ فيه المتأخِّرونَ ممن جَوَّز (4) أصلَ الإجازةِ واختلفوا في جوازِهِ)) (5).
قولهُ: (لم نرَ، ولم نسمعْ)(6) لا يردُ عليه أنَّه استعملها من تَقدَّمَ عليه كالحافظِ أبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ خيرِ بن عُمرَ الأمويِّ - بفتحِ الهمزةِ - الأشبيليِّ - خالِ أبي القاسمِ السهيليِّ - فإنَّه / 255أ / رَوَى في برنامجِهِ المشهورِ بالإجازةِ العامةِ فإنَّه قد يخفَى ذلك على ابنِ الصلاح.
قولهُ: (إنَّه استعملَ)(7)، أي: وإنْ كانَ يَرى صحتَها استغناءً عنها بالسماعِ احتياطاً للخروجِ من الخلافِ، ولما قالَ ابنُ الصلاحِ من كَراهةِ الاسترسالِ في التوسعِ، أشارَ إلى ذلك في " النكتِ "، وقالَ:((ما رجَّحَهُ المصنفُ من عدم صحتِها، خالفَهُ فيه جمهورُ المتأخرينَ، وصحّحهُ النوويُّ في " الروضةِ " (8))) (9)،
(1) في (ف): ((يقبل)).
(2)
التبصرة والتذكرة (454).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 418.
(4)
في (ف): ((جوزوا)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 268.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 419.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 419.
(8)
روضة الطالبين 11/ 158.
(9)
التقييد والإيضاح: 182.
وعدَّ مَنْ ذَكرَهُ في الشرحِ (1)، وعبارةُ النوويِّ في " الروضةِ " في الطرفِ الثاني في مستندِ قضاءِ القاضي منَ البابِ الثاني في " جامعِ آدابِ القضاءِ " بعدَ أنْ ذَكرَ أنّ مِن صُورِها أن تقولَ (2) أجزتُ كلَّ أحدٍ:((فالصحيحُ (3) أيضاً جوازُها، وبه قطعَ القاضي أبو الطيبِ، وصاحبُهُ الخطيبُ البغداديُّ، وغيرُهما من أصحابِنا، وغيرُهم منَ الحفّاظِ، ونقلَ الحافظُ أبو بكرٍ الحازميُّ المتأخرُ منْ أصحابِنا، أنَّ الذينَ أدرَكهم منَ الحفَّاظِ، كانوا يَميلونَ إلى جَوازِها)).
قولهُ: (والسِّبطُ)(4)، أي: سبطُ الحافظِ أبي طاهرٍ السِّلفيِّ، وهو أبو القاسمِ عبدُ الرحمانِ بنُ مكيِّ بن الحاسبِ (5).
قولهُ: (وأنا أتوقفُ)(6) عبارتُهُ في " النكتِ ": ((والاحتياطُ تركُ الروايةِ بها، واللهُ أعلمُ)) (7).
قولهُ في قولهِ: (وما يَعُمُّ)(8): (قالَهُ ابنُ الصلاحِ (9)) قالَ في " النكتِ ": ((تقدّمَ أنَّ المصنفَ اختارَ عدمَ صحةِ الإجازةِ العامةِ، وقالَ في هذه الصورةِ منها: إنَّها أقربُ / 255 ب / إلى الجوازِ فلم يظهرْ من كلامِهِ في هذه الصورةِ المنعُ أو الصحةُ، والصحيحُ في هذه الصورةِ الصحةُ، فقد قالَ القاضي عياضٌ في كتابِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 419.
(2)
في (ف): ((يقول)).
(3)
في الروضة: ((فالأصح)).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 425.
(5)
انظر: ترجمته في سير أعلام النبلاء 23/ 278.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 420.
(7)
التقييد والإيضاح: 183.
(8)
التبصرة والتذكرة (457).
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 420.
" الإلماعِ "(1): ما أحسبهم اختلفوا
…
)) (2) إلى آخرهِ.
قولهُ في قولهِ: (والرابعُ)(3): (جَمَلَهُم)(4)، أي: جَمَعَهُم، يُقالُ: جملَ الشيءَ إذا جمعَهُ، والحسابَ، أي: ردَّهُ إلى الجملةِ (5).
قوله: (في قصة خطبة عائشة رضي الله عنها (6) قالَ شيخُنا: ((خُطبتُها في مسندِ الحارثِ بنِ أبي أسامةَ)). انتهى.
وقد راجعتُ زوائدَ المسانيدِ العشرةِ لشيخِنا الإمامِ شهابِ البوصيريِّ التي منها مسندُ الحارثِ فلمْ أرَ فيها هذا اللفظَ، والذي ظننتُ أنَّه هذه الخُطبةُ ما عزاهُ إلى مُسندي الحارثِ وإلى ابن أبي عُمرَ، أنَّ عائشةَ رضي الله عنها قالتْ: ((لما قُبضَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ارتدت العربُ قاطبةً واشرأَبَّ النفاقُ في المدينةِ، وعادَ أصحابُ محمدٍ صلى الله عليه وسلم كأنَّهم معزى مطيرةٌ في حفشٍ، فواللهِ لو نزلَ بالجبالِ الراسياتِ ما نزلَ بأبي لهاضها، فواللهِ ما اختلفوا في نقطةٍ إلا طارَ أبي بحظِها وغنائِها في الإسلامِ، وذكرَتْ عمرَ
رضي الله عنه، فقالت: ومَنْ رأى ابنَ الخطابِ عَلِمَ أنَّه خُلقَ غناءً للإسلامِ، كانَ واللهِ أحوذياً (7)، نسيجَ وحدِهِ، قد أعدَّ للأمورِ أقرانَها، ما رأيتُ مثلَ خُلُقِهِ، حَتَّى عَدَّتْ سبعَ خصالٍ)) قالَ الراوي: لا أحفظُها (8). (9)
(1) الإلماع: 101.
(2)
التقييد والإيضاح: 182.
(3)
التبصرة والتذكرة (458).
(4)
التبصرة والتذكرة (462).
(5)
القاموس المحيط مادة: ((جمل)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 421.
(7)
رجل أحوذي: أي: يسوق الأمور أحسن مساق؛ لعلمه بها. أساس البلاغة مادة ((حوذ)).
(8)
خطبة عائشة رضي الله عنها أخرجها: الطبراني في " الكبير " 23/ (300) مطولة. وأخرجها: البيهقي في " السنن الكبرى " 8/ 200 مختصرة.
(9)
من قوله: ((قوله: في قصة خطبة)) إلى هنا لم يرد في (ف).
قولهُ: (غيرُ صحيحة)(1) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((فهذه إجازةٌ فاسدةٌ لا فائدةَ لها)). (2) انتهى.
وقد جزمَ النوويُّ بعدمِ صحتِها في أوائلِ كتابِ " القضاءِ " منْ زوائدِ " الروضةِ " وعبارتُهُ: ((فهذه باطلةٌ)) (3).
قولهُ: (واحداً واحداً)(4)، أي: ولم يعرفْهم بأعيانِهم ولا بأنسابِهم، كما ذَكرَهُ ابنُ الصلاحِ (5).
قولهُ: (منْ سمعَ منه)(6) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((مَنْ حَضرَ مجلسَهُ للسماعِ منه، وإنْ لم يعرفْهم أصلاً، ولم يعرفْ عددَهم، ولا تَصفَّحَ أشخاصَهم واحداً واحداً)) (7).
قولهُ في قولهِ: (والخامسُ)(8): (بمن يشاؤها)(9)، أي: بمشيئةِ المجازِ له الذي يشاؤُها، وذلك كقولهِ: من شاءَ أنْ أجيزَ له فقد أجزتُ له، فإنَّ تقديرَه: إن شاء أحدٌ أنْ أجيزَ له فقد أجزتُ له، فالإجازةُ مُعلّقةٌ بمشيئةِ ذلك الأحدِ.
قولهُ: (وأجازَ الكُلا)(10) فيه نظرٌ؛ فإنَّ الذي يأتي (11) عن أبي يعلى وابن
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 422.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 269.
(3)
الروضة 11/ 158.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 422.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 270.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 422.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 270.
(8)
التبصرة والتذكرة (463).
(9)
التبصرة والتذكرة (463).
(10)
التبصرة والتذكرة (464).
(11)
بعد هذا في (ب): ((أي: في الشرح)).
عُمروس (1) إنَّما هو في الثانيةِ وهي المعلّقةُ بمشيئةِ مُعينٍ غيرِ المجازِ له.
/ 256أ / قولهُ: (وأدخلَهُ في النَّوعِ قبلهُ)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((الرابعُ: الإجازةُ للمجهولِ أو بالمجهولِ ويتشبثُ بذيلِها الإجازةُ المعلّقةُ بالشرطِ)) (3).
قولهُ: (بمشيئةِ المجازِ)(4) لو قال: المجاز له، لكانَ أحسنَ، وأصرحَ في المقصودِ، وكذا قولهُ بعدُ:((بمشيئةِ المجازِ)) (5) مبهماً، وكذا قولهُ:((بمشيئةِ غير المجازِ)) (6).
قولهُ: (أكثرُ جَهالةً)(7)، أي: لأنَّ المجازَ له فيها مبهمٌ مع عمومهِ، وهو المعلّقُ على مشيئتِهِ؛ فصارَ الإبهامُ في المعلّقِ على مشيئتِهِ، والمجاز له، وأمّا الصورةُ الثانيةُ فالمعلّقُ على مشيئةٍ (8) مُعيَّنٌ، فإذا أجازَ مُعيَّناً صَحَّ، وإنْ أجازَ مَحصوراً صارَ من بابِ النَّوعِ الثالثِ، وهو التعميمُ في المجازِ له.
قولهُ: (ونحو ذلك)(9) عبارةُ ابنِ الصلاحِ بعدَهُ: ((فهذا فيه جَهالةٌ وتَعليقٌ بشرطٍ، فالظاهرُ أنَّهُ لا يَصحُّ)) (10) إلى آخرهِ.
(1) عمروس: ضبطه السمعاني في الأنساب 4/ 210 بفتح العين، ومثله في فتح المغيث 2/ 81، وفتح الباقي 1/ 398 - 399، وضبطه الزبيدي بضمها، ثم نقل عن الفيروزآبادي قوله:
((وفتحه من لحن المحدّثين)). انظر: تاج العروس مادة (عمرس)، وسير أعلام النبلاء 18/ 73.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 269.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(8)
في (ف): ((مشيئته)).
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(10)
معرفة أنواع علم الحديث: 270.
قولهُ: (عُمروس)(1) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((المالكيُّ، ثم قالَ: وهؤلاءِ الثلاثةُ - يعني: ابنَ عُمروس والفرّاءَ وأبا الطيبِ وهم في عصرٍ واحدٍ - كانوا مشايخَ مذاهبِهم ببغدادَ إذ ذاكَ (2). وهذه الجهالةُ ترتفعُ
…
إلى آخرهِ
…
بخلافِ الجهالةِ الواقعةِ فيما إذا أجازَ لبعضِ الناسِ)) (3).
قولهُ: (واستُدلَّ لهما)(4) مبنيٌّ للمفعولِ، فإنّ ظاهرَ عبارةِ ابنِ الصلاحِ: أنَّ التعليلَ له.
قولهُ: (ولختَنِهِ)(5) هو بفتحِ المعجمةِ، والمثناةِ مِنْ فوق، مَنْ / 256ب / كانَ مِنْ قبلِ المرأةِ مثل الأبِ والأخِ وهم الأختانُ، هكذا عندَ العربِ، وأمّا العامةُ فَخَتَنُ الرجلِ عندَهم زوجُ ابنتِهِ، قالَه في " الصحاحِ "(6).
قولهُ: (فيقولُ: قبلتُ)(7) قال الشيخُ في " النكتِ ": ((ولم يُبيِّنِ المصنِّفُ أيضاً تصحيحاً في هذه الصورةِ، بل جَعلَها أولى بالجوازِ - أي: كما قالَ في العامةِ مع وصفِ حصرٍ، قالَ الشيخُ -: والصحيحُ فيها عدمُ الصحةِ)) (8).
قولهُ: (نعم وِزَانَهُ (9)) (10) إلى آخرهِ، قالَ في " النكتِ ": ((الأظهرُ الأقوى في هذه الصورةِ الجوازُ كما ذَكرَهُ المصنفُ بعدَ ذلكَ في مسألةِ البيعِ التي قاسَ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(2)
الإجازة للمعدوم والمجهول: 81، وانظر: الإلماع: 102.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 270.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 423.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 424.
(6)
الصحاح مادة ((ختن)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 425.
(8)
التقييد والإيضاح: 185.
(9)
أي: مثله، ونظيره وحذاؤه وقبالته. انظر: اللسان مادة (وزن)، ومتن اللغة مادة (وزن).
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 425.
عليها المصنفُ مسألةَ الإجازةِ، وجهانِ حكاهما الرافعيُّ، وقالَ: أظهرهما أنَّهُ ينعقدُ)) (1).
وينبغي أنْ يُعلمَ أنَّ ما ذَكرَهُ الشيخُ، ليس أيضاً وِزان مسألةِ البيعِ، فإنَّ المُجازَ به (2) مبهمٌ، والتعيينُ في صورةِ البيعِ منَ الجانبينِ وإنَّما وِزانُهُ أجزتُ لك أنْ ترويَ عني الكتابَ الفلانيَّ إنْ شئتَ.
قولهُ في قولهِ: (والسادسُ)(3): (أجزتُ لفلانِ)(4) مكسورٌ؛ لأنَّ الكفَّ لا يدخلُ هذا البحرَ، فلو قالَ: أجزتُ منْ فلان، لاتَّزنَ، لكنْ في توجيههِ تكلفٌ فإنَّ التقديرَ يكونُ: أجزتُ الروايةَ الكائنةَ من فلانٍ عني، وقالَ العلاّمةُ (5) نجمُ الدينِ بنُ قاضي عجلونَ:((كان ينبغي أنْ يقالَ كما إذا أجازَ للإنسانِ مع))، وهو حَسنٌ جداً.
قولهُ: (المعدومَ به)(6)، أي (7): بالإذنِ من غيرِ أنْ يعطفَ على موجودٍ بل جَعَلَ الإذنَ مقصوراً على المعدومِ؛ لأنَّ المعدومَ لما خَصَّهُ المُجيزُ بالإذنِ صارَ فاعلَ الاختصاصِ، أي: الانفراد بالإذنِ لا يشاركُهُ فيها الموجودُ.
قولهُ: (وهو مُثِّلا)(8)، أي: وهذا النوعُ، وهو إجازةُ المعدومِ، مستقلاً مُثِّلَ، أي: شُبِّهَ بالوقفِ على المعدومِ، وهو مُنقطعُ الأولِ ك: وَقفتُهُ على مَن سَيُولَدُ لي،
(1) التقييد والإيضاح: 185.
(2)
((به)) لم ترد في (أ).
(3)
التبصرة والتذكرة (470).
(4)
التبصرة والتذكرة (470).
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
التبصرة والتذكرة (471).
(7)
في (ب): ((إن)).
(8)
التبصرة والتذكرة (472).
وهوَ باطلٌ على المذهبِ (1)، فيكونُ المشبّهُ به منَ الإجازةِ باطلاً.
وقضيةُ هذا صحةُ الأولِ، وهو المعطوفُ على موجودٍ، فلذلك قالَ بعدَهُ:((لكنّ أبا الطيبِ رَدَّ كليهما))، أي: نَوعَي الإجازةِ: المعطوفَ على الموجودِ، والمستقلَ المنفردَ بالإذنِ.
قولهُ: (على استواءِ)(2)، أي: سَوَّى بينَ القسمينِ في الوقفِ أتباعُ أبي حنيفةَ ومالكٍ.
وقولهُ: (في صحته)(3) بدلٌ منَ ((الوقفِ)) (4)، قالَ ابنُ الصلاحِ:((وقد أجازَ أصحابُ مالكٍ، وأبي حنيفةَ، أو مَنْ قالَ ذلكَ منهم في الوقفِ القسمينِ كليهما)) (5). انتهى.
وكأنَّ هذا إشارةٌ إلى أنّه يلزمُ مَن جوَّزَ (6) ذلك، وهو مجوّزٌ لمطلقِ الإجازةِ، أنْ يُجيزَها للمعدومِ سواءٌ كان مفرداً أو معطوفاً، بل الإجازة أولى بالجوازِ؛ لأنَّ أمرَها أوسعُ منَ الوقفِ الذي هو تَصرفٌ ماليٌّ، وقد تقدّمَ النقلُ عن أبي حنيفةَ وأبي يوسفَ وأبي طاهرٍ الدباسِ بإبطالِ الإجازةِ، ولهم أنْ يفرقوا / 257 ب / بأنَّ منْ ضَرورةِ الوقفِ امتدادَ الزمانِ إلى حدٍّ يشملُ المعدومَ حينَ الإيقافِ بخلافِ الإجازةِ.
قولهُ: (ولِحَبَلِ الحَبَلةِ)(7) وقد أجازهُ أصحابُ الشافعيِّ، أي: الوقفَ في القسمِ الأولِ، أي: على المعدومِ المعطوفِ على الموجودِ دونَ الثاني المنقطع الأولِ،
(1) روضة الطالبين 5/ 327.
(2)
التبصرة والتذكرة (475).
(3)
التبصرة والتذكرة (476).
(4)
في (ب): ((في الوقف)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 272.
(6)
في (ب): ((جواز)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 426.
تفسيرُهُ لذلك يدخلُ فيه من هو حَمل عندَ الإجازةِ، وهو خِلافُ تَفسيرِ أهلِ اللغةِ، فإنَّهم قالوا: هي ولدُ الولدِ الذي في البطنِ، وقالَ أبو عبيدٍ في النهي عن حَبَلِ الحَبَلةِ:((هو بيعُ نتاجِ النتاجِ، قبلَ أنْ ينتجَ))، وقال الشافعيُّ:((هو بيعُ السلعةِ إلى أنْ تلدَ الناقةُ، ويلِدَ حملُها)) ذَكرَ ذلك في " شمسِ العلوم "، وقد عُلِمَ مِن مَجموعه ومن كُلِّ قَوْلٍ منه أنَّه لا يطلقُ على ما هو حَملٌ عند الإجازةِ كما أفهمَه كلامُ الشيخِ.
قولهُ: (أنْ يُخَصِّصَ المعدومَ بالإجازةِ)(1)، أي: فيجعلَ الإجازةَ مَقصورةً، عليه، كما تقولُ: نخصُّكَ يا اللهُ بالعبادةِ، أي: نجعلُ العبادةَ خاصةً بكَ ومقصورةً عليكَ.
قولهُ: (وقد أجازهُ)(2)، أي: الوقفَ على المعدومِ.
قولهُ: (ابن الصباغِ)(3) عبارةُ ابنِ الصلاحِ بعد أنْ حَكَى تجويزَ الإجازةِ للمعدومِ عنِ الخطيبِ (4)، وأنَّه سمعَ أبا عليٍّ وابنَ عُمروس يجيزانِ ذلك:((وحَكَى جوازَ ذلك أيضاً أبو نصرِ بنُ الصباغِ الفقيهُ (5)، فقال (6): ذهبَ قومٌ إلى أنَّه يجوزُ أنْ يُجيزَ لمنْ لم يخلقْ، قالَ: وهذا إنَّما ذَهبَ إليه مَنْ يعتقِدُ أنَّ الإجازةَ إذنٌ في الروايةِ / 258 أ / لا محادَثَةٌ، ثمَّ بَيَّنَ بطلانَ هذه الإجازةِ، وهو الذي استقرَّ عليه رأيُ شيخِهِ القاضي أبي الطيِّبِ الطبريِّ الإمامِ)) (7).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 427.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 427.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 427.
(4)
الكفاية (466ت، 325 - 326 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول:81.
(5)
البحر المحيط 4/ 401.
(6)
في (ف): ((وقال)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 273، وانظر: الكفاية (466ت، 325 هـ)، والإجازة للمعدوم والمجهول:80.
قولهُ: (فكما لا يصحُّ)(1) إلى آخرهِ. قالَ ابنُ الصلاحِ: ((ولو قدّرنا أنَّ الإجازةَ إذنٌ فلا يصحُّ أيضاً ذلك للمعدومِ، كما لا يَصحُّ الإذنُ في بابِ الوكالةِ للمعدومِ؛ لوقوعِهِ في حالةٍ لا يصحُّ فيها المأذونُ فيه منَ المأذونِ له، وهذا أيضاً يوجبُ بُطلانَ الإجازةِ للطفلِ الصغيرِ الذي لا يَصحُّ سَماعُهُ)) (2).
قولهُ في قولهِ: (والسابعُ)(3): (رأى أبو الطيِّبِ)(4)، أي: رآهُ، أي (5): رأى صحتَهُ (6).
قولهُ: (تَتْرَا)(7)، أي: متتابعاً، أي: غيرَ مرةٍ (8) في أجزاء مُتعددةٍ.
قولهُ: (وهذا أظهرُ)(9)، أي: أنَّهُ يُعلمُ، أي: يُعاملُ مُعاملةَ المعلومِ.
قولهُ: (للأداءِ)(10) يتعلّقُ ((بأهلٍ)).
قولهُ: (نقلُ خلافٍ ضعيفٍ)(11)، أي: في شرحِ قولهِ: ((وقيل لابنِ حنبلٍ فرجلُ)) (12).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 427.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 275.
(3)
التبصرة والتذكرة (477).
(4)
التبصرة والتذكرة (478).
(5)
لم ترد في (ب).
(6)
فتح الباقي 1/ 403 - 404.
(7)
التبصرة والتذكرة (479).
(8)
عبارة: ((أي: غير مرة)) من (ف) فقط.
(9)
التبصرة والتذكرة (483).
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 428.
(11)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 428.
(12)
التبصرة والتذكرة (360).
قولهُ: (سنّه أو تمييزُهُ)(1) السؤالُ في حيز ((أو)) عنْ كُلٍّ منَ الأمرينِ، أو أحدِهِما مبهماً، أي: يعتبرُ ذلك، أو شيءٌ منه؛ فلذلك كانَ الجوابُ بالنفيِ، وهذا بخلافِ ما لو عطفَ بأم، فإنَّ الطلبَ معها لأحدِ الأمرينِ اللذينِ عُلِمَ ثبوتُ أحدِهما منْ غيرِ تعيينٍ، فالجوابُ فيها يكونُ بالتعيينِ دونَ الإثباتِ أو النفيِ.
قولهُ: (واحتجّ)(2)، أي: الخطيبُ لصحتِها.
قولهُ: (والإجازة)(3) عبارةُ ابنِ الصلاحِ نقلاً عنِ الخطيبِ (4)، وهوَ الصوابُ:((والإباحةُ تصحُّ للعاقلِ، وغيرِ العاقلِ)) (5)، أي: ليتركبَ منه قياسٌ ترتيبُه: الإجازةُ إباحةٌ، والإباحةُ تصحُّ لغيرِ العاقلِ؛ فالإجازةُ تصحُّ لغيرِ العاقلِ.
قولهُ: (هذا النوع)(6)، أي: وهو الإجازةُ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ:((هذا النوعُ منْ أنواعِ تحملِ الحديثِ ليؤدِّيَ بهِ بعدَ حصولِ أهليتهِ حرصاً على توسيعِ السبيلِ إلى بقاءِ الإسنادِ الذي اختصتْ بهِ الأمةُ وتقريبه منْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم)) (7).
قولهُ: (وقد تقدم ذكرها)(8) لعلهُ في عمومِ جوابِ القاضي أبي الطيبِ في نصهِ آنفاً (9) على أنَّ التمييزَ ليسَ بشرطٍ، وقولهُ:((تَصحُّ للعاقلِ وغيرِ العاقلِ)) (10).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 428.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 428.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 429.
(4)
الكفاية (466 ت، 325 هـ).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 274.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 428.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 274.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 429.
(9)
((آنفاً)) من (ف) فقط.
(10)
انظر: الكفاية (466 ت، 325 هـ).
قولهُ: (ما اصَّفَّحَ أسماءَ الإجازةِ)(1)، أي: ما نظرَ فيهم، يُقالُ: صَفحَ وَرقَ المصحفِ والكتاب، قلبَ أوراقَهما، والقومَ عَرَضهم واحداً بعدَ واحدٍ، والناسُ نظرَ في وجوهِهم، وفي الأمرِ نَظَرَ كتصفحَ، وأصلُها: تَصفَّحَ قلبت تاء تفعّل صاداً للتقاربِ في المخرجِ، ثمَّ أدغمت في فاء الفعلِ بعد إسكانها فاجتلبتْ همزةُ الوصلِ للتوصل إلى النطقِ بها (2).
قولهُ: (كالإجازةِ للمجهولِ)(3) رأيتُ بخطِّ الإمامِ شمسِ الدينِ السلاميِّ الحلبيِّ الشافعيِّ على حاشيةِ نسخةٍ بخطهِ، وقد قَرأَها على شيخِنا الإمامِ الحافظِ برهانِ الدينِ المحدِّثِ الحلبيِّ أنَّ المصنفَ أصلحها بعدَ قراءتهِ للشرحِ عليهِ، فجعلَ مكانَها: للمعدومِ، يعني: لأنَّ المجهولَ قد لا يكونُ معدوماً فتصحُّ إجازتُهُ قطعاً، كما إذا قيلَ لشيخٍ: أجزتَ لمن في هذا الاستدعاءِ؟ فقالَ: نَعَم، من غيرِ أنْ يَعرفَ اسمَ أحدٍ منهم، وأيضاً إذا قلنا: لا يعلمُ لم يكنْ كالمجهولِ، بل هوَ مجهولٌ.
قولهُ في قولهِ: (والثامن)(4): (من فهرسةِ)(5) كذا رأيتُها في النسخِ بهاءٍ مربوطةٍ، فقرأتُها بفتحِ السينِ تأنيثَ: فِهرسٍ، معرب: فهرست (6)، وقد تقدّمَ الكلامُ فيهِ قريباً، ويجوزُ أنْ تكونَ التاءُ ممدودةً مجرورةً محلولةً، وتكونَ منطوقاً بها على ما ينطقُ بهِ العجمُ، وتكونَ حينئذٍ ساكنةً بعدَ سكونِ السينِ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 430.
(2)
انظر: لسان العرب مادة (صفح).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 430، والذي فيه:((كالإجازة للمعدوم)).
(4)
التبصرة والتذكرة (484).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 431، وعبارة العراقي فيها:((في فهرسة)).
(6)
عبارة: ((معرب: فهرست)) لم ترد في (ف).
قولهُ: (انبنى على الإذن في الوكالةِ)(1) منَ المعلومِ أنَّهم جعلوا بابَ الروايةِ أوسعَ منْ بابِ الشهادةِ، وأنَّهم تسمَّحوا فيها ما لم يتسمحوا فيما يرجعُ إلى الحقوقِ والأموالِ، فكانَ ينبغي إلحاقُ هذهِ المسألةِ بمسألتينِ، نُقلَ عن ابنِ الرفعةِ في " المطلبِ " أنه استثناهما منَ الوكالةِ بالمعلومِ: إحداهما: في القراضِ: يصحُّ إذنُ المالكِ لعامله في بيعِ ما سيملكُهُ منَ العروضِ، إذ لا تتم مصالح العقدِ إلَاّ بهِ.
الثانية: ما لو قالَ: وكلتكَ في بيعِ كذا، وأنْ تشتريَ بثمنهِ كذا، فأشهرُ القولينِ صحةُ التوكيلِ بالشراء، فقولهُ: أذنتُ لكَ أنْ تَرويَ عني ما رويتُهُ وما سأرويهِ، أشبهُ بهذا، والله أعلمُ.
قولهُ: (أنَّه سماعهُ)(2)، أي: سواء كانَ عرفانه لذلكَ حالةَ الإجازةِ أو بعدَها.
قولهُ (3): (والتاسعُ)(4)(لم يخط)(5) مضارعُ خَطَّاهُ تَخطيةً، مُعدَّى خَطا خَطواً، إذا مَشَى، منَ الخطوةِ، وهي ما بينَ القدمينِ، أو أنَّه بمعنى تَخطَّى، كما أنَّ قَدَّم بمعنى تقَدَّمَ، أي: لم يتعدَّ، ولم يتجاوزْ ما صحَّ عندَ شيخهِ أنَّ شيخَهُ يرويه إلى ما لم يطلعْ عليهِ شيخُهُ، منْ مرويِّ شيخِهِ، ولو صحَّ عندَ هذا التلميذِ أنَّهُ دخلَ في عمومِ الإجازةِ لشيخهِ (6)، وكذا ما اطّلعَ عليهِ شيخُهُ بوجهٍ (7) غيرِ صحيحٍ أنَّ شيخَهُ رواهُ،
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 432.
(2)
التبصرة والتذكرة 1/ 432.
(3)
بعدها في (ف): ((في قاله)) ولا يستقيم بها السياق.
(4)
التبصرة والتذكرة (488).
(5)
التبصرة والتذكرة (493).
(6)
من قوله: ((ولو صح
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(7)
من قوله: ((تصح لغير العاقل)) إلى هنا لم يرد في (أ).
وهو معنى قولهِ في الشرحِ: ((فليسَ للمجازِ الثاني)) (1)
…
إلى آخرهِ.
قولهُ: (وقد أبهمَهُ ابنُ الصلاحِ)(2)، أي: أبهمَ المانعَ من ذلك، وعبارته:((فمنع من ذلك بعض من لا يُعتدُّ به)) (3).
قولهُ: (ولا يُشبهُ ذلك)(4)، أي: لأنَّ الوكالةَ حقُّ الموكلِ، وهي (5) تَصرّفٌ في مالِهِ؛ ولذلك ينفذُ عزلُه للوكيلِ، بخلافِ الإجازةِ فإنَّها صارتْ مختصةً بالمُجازِ له، ولو رجعَ المجيزُ عنها لم يُعملْ برجوعهِ.
قولهُ: (أنْ يكونَ نصرٌ معطوفاً)(6)، أي: فيكونُ ((وَالَى)) (7) تعليلاً لتجويزِ ((نَصْر))، أو يكونُ (8) على تقديرِ جوابِ سؤالِ من، كأنَّهُ قالَ: فهل رَوَى بها فإنَّه كان ورعاً (9)، فقيلَ: نَعَم، وَالَى، إلى آخرهِ.
قولهُ: (وعثر)(10) مِنَ العِثَارِ، ولفظُ ابنِ الصلاحِ عن هذه المسألةِ: ((فإذا كان مثلاً صورةُ إجازةِ شيخِ شيخِهِ: أجزتُ له ما صَحَّ عندَهُ من سماعاتي، فرأى شيئاً منْ مسموعاتِ شيخِ شيخِهِ فليسَ له أنْ يرويَ ذلك عن شيخِهِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 434.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 433.
(3)
من قوله: ((قوله: وقد أبهمه)) إلى هنا لم يرد في (ب). وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 275.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 433.
(5)
في (ب): ((من)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 434.
(7)
التبصرة والتذكرة (491).
(8)
عبارة: ((تعليلاً لتجويز نصر، أو يكون)) لم ترد في (ب).
(9)
عبارة: ((فإنه كان ورعاً)) لم ترد في (ب).
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 434.
عنه (1) حتى يستبينَ أنَّه مما كان قد صَحَّ عند شيخِه كونُهُ من سماعاتِ شيخِهِ الذي تلكَ إجازتُهُ، ولا يكتفي بمجردِ صحةِ ذلك عندَهُ الآن، عملاً بلفظِهِ وتقييدِه، ومن لا يتفطنُ لهذا وأمثالِه يكثرُ عثارُهُ، والله أعلم)) (2).
قولهُ: (ابن ينال)(3) هو بنونٍ ولامٍ، وزنُ مضارعِ: نالَ، المبني للفاعلِ.
قولهُ: (ووجهُ الغلطِ)(4) إلى آخرهِ، المرادُ من هذه العبارةِ أنَّ الحدَّادَ لم يَسمع الترمذيَّ، أي: لم يسمعْ كتابَ (5) الترمذيِّ من ابنِ ينالَ، فهو إنَّما يرويهِ عنه إجازةً فلم يدخلْ فيما أجازَهُ للسِّلفيِّ، فإنَّهُ إنَّما أجازَ لهُ أنْ يرويَ عنه ما سمعَهُ على مشايخِهِ، وهذا لم يسمعْهُ من / 259أ / شيخِهِ ابنِ ينالَ.
قولهُ: (في فهرسته)(6) بفتحِ السينِ إنْ نُطقَ به مُعرّباً، وبإسكانها إنْ كانَ على ما تنطقُ به العجمُ كما تقدّمَ.
قولهُ: (لفظُ الإجازةِ)(7) قالَ ابنُ الصلاحِ بعدَ فراغهِ مما مضى: ((هذه أنواعُ الإجازةِ التي تمسُّ الحاجةُ (8) إلى بيانها، ويتركبُ منها أنواعٌ أخرُ سيتَعَرَّفُ المتأمِّلُ حكمَها بما أمليناهُ إن شاء اللهُ تعالى، ثم إنا نُنَبِّهُ على أُمورٍ: أحدها
…
)) (9) ثم ذَكَرَ الكلامَ في لفظِ الإجازةِ وما بعدَهُ.
(1) لم ترد في (ب).
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 276.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 435.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 435.
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 431.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 436.
(8)
في (ف): ((الإجازة)).
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 276.
قولهُ: (استجزتُ فلاناً)(1)، أي: طلبتُ منه أن يُجيزَ إليَّ الماءَ، أي (2): يُنفذهُ ويُمضيهِ.
قولهُ: (سقاكَ ماءً)(3) هكذا في نسخِ الشرحِ، وهي في ابنِ الصلاحِ:((أسقاكَ)) (4) بألفٍ، وهو أحسنُ، قالَ في "القاموسِ" (5):(([سَقاهُ يَسقيهِ] (6) وسَقَّاهُ وأسقَاهُ، أو سَقَاهُ وسَقَّاهُ في الشفةِ (7)، وأسقاهُ دَلَّهُ على الماءِ، أو سقى ماشيتَهُ، أو أرضَهُ، أو كلاهما - أي: سقى وأسقى - جعلَ له ماءً))؛ ولذلك كتبَ (8) فوقَ الألفِ صورةَ "صح" في نسخةٍ قُرِئَتْ على المؤلفِ مرتينِ.
فهذا هو المعتمدُ، ولا التفاتَ إلى ما في أكثرِ النسخِ، ثم راجعتُ نسخةً من " المجمل " (9) لابنِ فارسٍ قديمةً معتمدةً جداً فإذا هي: أسقاكَ بالهمزةِ، مثلُ ما في كتابِ ابنِ الصلاحِ.
قولهُ: (أن يجيزهُ علمُهُ (10)) (11)، أي: يجيزُ إليه علمَهُ ليرويَهُ عنه، هذا هو الأصلُ، وذلك كما يجيزُ الماءَ للسقيِ فيرويَ به الأرضَ أو غيرَها، وكلُّ ذلك بمعنى التخفيفِ والتيسيرِ والإنفاذِ والإمضاءِ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 436.
(2)
في (ب): ((أن)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 436.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 277
(5)
القاموس المحيط مادة (سقى).
(6)
ما بين المعكوفتين زيادة من " القاموس المحيط ".
(7)
في (ف): ((بالشفة)).
(8)
لم ترد في (ب).
(9)
مجمل اللغة مادة (جوز).
(10)
لم ترد في (ف).
(11)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 436.
قالَ ابنُ القطاعِ: ((جازَ الواديَ جوازاً وإجازةً / 259ب / قَطَعهُ وخلَّفَهُ، وأيضاً أنفذهُ كذلك، وأيضاً استقى كذلك، وجازَ القولُ قُبِلَ ونفذَ، وأجازَ الرجلُ استقى الماءَ، وأيضاً أسقاكَهُ لأرضِكَ أو ماشيتكَ، وأيضاً سوَّغَ له ما صنعَ وجوَّزَ له أيضاً)) (1). وقالَ في " شمسِ العلومِ "(2): ((وأجازَ له الشيءَ، أي: جوّزهُ)).
وفي " القاموسِ "(3): ((وقد استجزتُهُ فأجازَ إذا سَقَى أرضَكَ أو ماشيتَكَ، وأجازَ له: سوَّغَ له، وله البيعَ: أمضاهُ، واستجازَ: طلبَ الإجازةَ)). انتهى. فالمجيزُ سُميَّ بذلك؛ لتيسيره على المجازِ له روايةَ ما يرويهِ من غيرِ مُعاناةٍ ولا قراءةٍ، وتخفيفه عليه لذلك؛ لأنَّ هذه المادةَ واويَّةٌ ويائيّةٌ مهموزةٌ وغيرُ مهموزةٍ، لها عشرُ تراكيبَ مستعملةٌ، وهي:
جوز، جزو، وجز، زوج، زجو، أجز، أزج، جزا، جأزَ، زأج، وكلُّها تدورُ على العدلِ، ويلزمُهُ الخفةُ واليُسرُ، فمنَ الجوزِ وسطُ الشيءِ ومعظمُهُ؛ لأنَّه أعدلُهُ، والجوزُ: الحجازُ نفسُهُ، وثمرٌ معروفٌ معرّبٌ كوزٍ (4) وجائزُ البيتِ: الخشبةُ المعترضةُ بين الحائطينِ، فارسيتهُ (5) تير، والجوزاءُ: برجٌ في السماءِ كأنَّها في وَسطِها، والشاةُ السوداءُ التي ضُرِبَ وَسطُها ببياضٍ، والوسطُ الجوزُ، ومن الخفةِ واليسرِ: الجواز، وهو الذي يُسقاهُ المالُ منَ الماشيةِ والحَرثِ، وقد استجزتهُ فأجاز، إذا سَقَى أرضَكَ أو ماشيتَكَ وجَوَّزَ / 260أ / لهم إبلَهم تجويزاً: قادها بعيراً بعيراً، وجوائز الأشعارِ والأمثالِ: ما جازَ من بلدٍ إلى بلدٍ؛ لأنَّ ما سارَ أخفُّ وأيسرُ مما لم يَسِرْ، وأجازَ لهُ: سَوَّغَ، وتجوّزَهُ في هذا: احتملَهُ، وعن ذنبِهِ لم يؤاخِذهُ به، وفي
(1) الأفعال 1/ 186.
(2)
شمس العلوم 1/ 359.
(3)
القاموس المحيط مادة (جوز).
(4)
في (ب): ((لوز)).
(5)
في (أ): ((فارسية)).
الصلاةِ خَفَّفَ، وفي كلامِهِ تكلّمَ بالمجازِ؛ لأنَّ ما جازَ موضعَهُ أخفَّ مما لزمَ الحقيقة (1). والمجازةُ: الطريقةُ في السبخةِ لما يحصلُ بها من اليُسرِ في الحفظِ منَ الضياعِ وغيرِهِ. والجائزةُ: العطيةُ والتحفةُ، ومقامُ الساقي من البئرِ؛ لأنَّه موضعُ اليُسرِ.
والجائزُ: المارُّ على القومِ عطشاناً سُقيَ أو لا، لأنَّه محلُّ التيسيرِ بالسقي.
والجوازُ كغراب العطش، وتجاوزَ عنه، وأمّا تجاوزَ فيه بمعنى: أفرطَ، فإنَّ معناهُ أنَّهُ تجاوزَ الحدَّ وكلُّ ما تجاوزَ الحدَّ خارجٌ عن اليُسرِ، وجَوَّزَ إبلَهُ: سقاها، والأمرَ جعلَهُ جائزاً، والجيزةُ الناحيةُ، والجيزُ جانبُ الوادي، والإجازةُ في الشِّعرِ: مخالفةُ حركاتِ الحرفِ الذي يلي حرفَ الرويِّ، أو كونُ القافيةِ طاءً، والأخرى دالاً، كذا في " القاموس "((القافيةُ))، ولعله ((الرويُّ))؛ وذلك لأنّ ما تغيَّرَ أخفُّ وأيسرُ مما لزمَ حركةً واحدةً، أو حرفاً واحداً، والإجازةُ أيضاً: أنْ تُتمّ مِصراعَ (2) غيرِكَ فتيسرَ عليه وتُمشِّي شِعرهُ (3)، وذو المجازِ سوقٌ كانت لهم، والمُجيزُ: الوليُّ والقيمُ بأمرِ اليتيمِ / 260ب / والعبدُ المأذونُ له في التجارةِ، والتِجوازُ بالكسر: بُرُدٌ موشىً، وأجزتُ على الجريحِ أجهزتُ؛ لأنَّ ذلك أيسرُ من أنْ يموتَ بالجراحةِ موتات.
ومِنْ مقلوبهِ واوياً: زَجا الشيءَ: ساقَهُ ودفعَهُ، وزَجا الأمرَ: تيسّرَ واستقامَ، والزجاءُ: النفاذُ في الأمرِ، وزجا فلانٌ: انقطعَ ضحكُهُ؛ لأنَّه أيسرُ له منَ الاستغراقِ فيه، وزَجَا الخراجُ: تيسّرتْ جبايتُهُ، والبضاعَةُ المزجاةُ: القليلةُ، أو التي لم يتمَّ
(1) في (ف): ((تحقيقه)).
(2)
في (ب): ((مصارع)).
(3)
في (ف): ((غيره)).
صلاحُها كأنّه منَ السلبِ (1)، ومن مقلوبِه كذلك الوجزُ: السريعُ والخفيفُ من الكلامِ والأمرِ، وأوجزَ العطيةَ: عَجَّلَها، وأوجزَ في الأمرِ: اختصرَ، ومنْ مقلوبِهِ الزوجُ: امرأةُ الرجلِ، ويقال: زوجةٌ، والزوجُ البعلُ؛ لأنَّ كلاً منَ الزوجينِ مُيسِّرٌ على صاحبِهِ، والزوجُ: خلافُ الفردِ من ذلك، ومنَ العدلِ؛ لانقسامِهِ بمتساويينِ، والنمطُ يطرحُ على الهودجِ، ويقالُ للاثنين هما زوجانِ، وهما زوجٌ، والزوجُ: اللونُ من الثيابِ، والزوجُ الساجُ، والأزواجُ: القرناءُ، ويلزمُ منَ المقارنَةِ الخلطةُ (2)، ومنه: تزوجَهُ النومُ بمعنى: خالطهُ.
والزاجُ: ملحٌ معروفٌ، والزيج خَيطُ البَنَّاءِ مُعرَّبانِ. (3)
ومن يائيهِ: جزيتُهُ: كافأتُهُ، وجزيتُ عن كذا: أغنيتُ عنه، والجِزيَةُ: خراجُ الأرضِ وما يُؤخذُ منَ الذميِّ، وتجازيتُ ديني وبديني: تقاضيتُهُ، واجتزأ: طلبَ منه الجزاءَ، وجَزَى الشيءُ: كَفَى / 261أ / وعنه قضى، وأجزى عن كذا: قام مقامَهُ، ولم يكفِ (4).
ومنْ مهموزِهِ: الجزءُ: بعضُ الشيءِ؛ لأنَّ كلَّ جزءٍ منَ الجسمِ يرتفقُ بأخيهِ، وجزأتُ الإبلَ: اجتزأتُ بالرُطبِ عنِ اليابسِ، ومنه: قيل للوحشِ الجوازي؛ لأنَّها تجتزئ بالمرعى، وأجزأني الشيءُ: كفاني، وجزأ الشيءَ: شَدَّهُ فتيسرَ لما يُرادُ منه، والمِخْصَفَ جعلَ له جُزاءةً، أي: نصاباً، والخاتمَ في أصبعِهِ أدخله (5)، والمرعى التفَ نبتُهُ فصارَ سبباً لليسرِ، وجزأتِ الأمُ: ولدتِ الإناثَ، إمّا لما يُرجى من مهورهنَّ، وإمّا لأنَّها جزءُ رجلٍ؛ لأنَّ كلَّ ثنتينِ برجلٍ، أو لأنَّ الأنثى خُلقتْ من آدمَ
(1) جاء في حاشية (أ): ((أي: سلب التيسير)).
(2)
في (ب): ((الخلط)).
(3)
انظر: لسان العرب مادة (زوج)، والقاموس المحيط مادة (زوج).
(4)
انظر: لسان العرب مادة (جزي)، والقاموس المحيط مادة (جزي).
(5)
من قوله: ((والمخصف جعل له جزاءه .... )) إلى هنا لم يرد في (ف).
فهي جزؤُهُ، وإمّا للسلبِ، وجازئكَ من رجلٍ: ناهيكَ مدحٌ بما فيه منْ أسبابِ اليسرِ (1).
ومن مقلوبِهِ: استأجزتُ عنِ الوِسادةِ (2) تحنيت عليها ولم تَتكئ (3).
ومن مقلوبِهِ: الجأزُ: غصصٌ يأخذُ في الصدرِ، وإنَّما يكونُ بالماءِ، وقد جَيِزَ، كَفَرِحَ، كأنَّهُ للسلبِ (4).
ومنْ مقلوبِهِ: زأجَ بينَهم، كمنعَ: حرَّش، كأنَّه للسلبِ أيضاً (5)، وكذا مقلوبُهُ أزجَ، كنَصرَ، وفرحَ عني: تثاقل حينَ استعنتهُ وتخلفَ، والأزجُ بيتٌ يُبنى طولاً كأنَّ صنعتهُ أيسرُ من صنعةِ المربعِ وغيرِهِ (6)، والله أعلم.
قولهُ: (أجزتُ فلاناً مسموعاتي)(7)، أي: جعلتُهُ جائزاً إليها، أو جعلتُها جائزةً - أي: مباحةً - له بمعنى: أنَّه يَرويها كما أرويها أنا.
قولهُ في قولهِ: (وإنَّما)(8): (من عالمٍ)(9) متعلّقٌ / 261ب / بـ ((تُستحسَنُ))، ((ومن أجازَهُ)) في موضعِ الحالِ، أي: والحالُ أنَّ المجازَ لهُ ((طالب علمٍ))، أي: من أهلِ العلمِ، فإنَّ الإنسانَ لا يزالُ طالباً للعلمِ، ولو كانَ أعلمَ الناسِ {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً} (10).
(1) انظر: لسان العرب مادة (جزأ)، وتاج العروس مادة (جزأ).
(2)
في (ب): ((الوساد)).
(3)
انظر: لسان العرب مادة (أجز).
(4)
انظر: لسان العرب مادة (جأز).
(5)
انظر: لسان العرب مادة (زأج).
(6)
انظر: لسان العرب مادة (أزج).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 437.
(8)
التبصرة والتذكرة (495).
(9)
التبصرة والتذكرة (495).
(10)
طه: 114.
قولهُ: (توسعٌ)(1)، أي: من (2) المجيزِ والمجازِ لهُ (3)؛ لينتفعَ كلٌّ منهما (4) في الإمامةِ في العلمِ، المحثوثِ عليها بقولهِ تعالى:{وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} (5)((وترخيصٌ))، أي: منَ المجيزِ للمجازِ له.
ولم ينظم الشيخُ مسألةَ خلوِّ الكتابةِ عنِ النيَّةِ فنظمَها شيخُنا الحافظُ برهانُ الدينِ الحلبيُّ تلميذُ المصنفِ، فقالَ:
وحيثُ لا نيةَ قدْ جوَّزَها
…
ابنُ الصلاحِ باحثاً أبرزَها
قولهُ: (الرابعُ: المناولةُ)(6) أصلُها (7) ما عَلَّقهُ البخاريُّ في كتابِ العلمِ بصيغةِ الجزمِ، فقالَ:((واحتجَّ بعضُ أهلِ الحجازِ في المناولةِ بحديثِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم حيثُ كتبَ لأميرِ السَّريَّةِ كِتاباً، وقالَ: لا تقرأهُ حتى تبلغَ مكانَ كذا وكذا، فلما بلغَ ذلكَ المكانَ قرأهُ على النَّاسِ، وأخبرَهم بأمرِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم)) (8).
قالَ شيخُنا في المقدمةِ: ((رواهُ (9) ابنُ إسحاقَ في المغازي مُرسلاً، ووصلَهُ الطبرانيُّ (10) من طريقٍ أخرى منْ حديثِ جندبِ بنِ عبدِ اللهِ، وإسنادُهُ حسنٌ)) (11)،
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 437.
(2)
لم ترد في (ب).
(3)
عبارة: ((والمجاز له)) لم ترد في (ب).
(4)
عبارة: ((كل منهما)) لم ترد في (ب).
(5)
الفرقان: 74.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 438.
(7)
جاء في حاشية (أ): ((أي: دليلها)).
(8)
صحيح البخاري 1/ 5 عقب (63).
(9)
في (ب): ((ورواه)).
(10)
المعجم الكبير (1670).
(11)
هدي الساري: 21.
قالَ السهيليُّ: ((وكذلكَ العالِمُ إذا ناولَ التِّلميذَ كتاباً جازَ لهُ أنْ يرويَ عنه ما فيه، وهو فقهٌ صحيحٌ، غيرَ أنَّ الناسَ جعلوا المناولةَ اليومَ على غيرِ هذهِ الصورةِ، يأتي الطالبُ الشيخَ فيقولُ: ناولني كتبَكَ فيناولهُ، ثم يمسكُ متاعَهُ عندَهُ، ثم / 262 أ / ينصرفُ الطالبُ، فيقولُ: حدَّثني فلانٌ مناولةً، وهذه روايةٌ لا تصحُّ على هذا الوجهِ حتى يذهبَ بالكتابِ معهُ، وقد أذنَ له أنْ يُحدِّثَ عنه بما فيه، وممنْ قالَ بصحةِ المناولةِ على الوجهِ الذي ذكرناهُ: مالكُ بنُ أنسٍ، رَوَى إسماعيلُ بنُ صالحٍ عنهُ أنَّه أخرجَ لهم كتباً مشدودةً، فقالَ: هذه كُتبي صححتُها ورويتُها فارووها عني، فقالَ له إسماعيلُ بنُ صالحٍ: فنقول: حَدَّثنا مالكٌ، قالَ: نَعَم، ورَوَى قصةَ إسماعيلَ هذه الدارقطنيُّ في كتابِ " رواةِ مالكٍ ")) (1). انتهى.
وقد استدلَّ كما ترى بما لا يَنهضُ بما قالَهُ؛ فإنَّ القصةَ ليس فيها أنَّ مالكاً مَلَّكها لهم، وعلى تقديرِ ذلك فالمأذونُ له جماعةٌ، وليسَ في القصةِ أنَّه فَرَّقها عليهم، وعلى تقديرِ ذلك فلمْ يَخصَّ كلاً بما أعطاهُ له، بل أَذِنَ للكلِّ في روايةِ الكلِّ (2)، فإمَّا أنْ تكونَ عندَ بعضِهم فيرويَ منها ما أحبَّ، وإذا أرادَ غيرُهُ الروايةَ أتى إليهِ فأخرجَها لهُ فكتبَ منها ما أرادَ ورواهُ، وإمَّا أن يَكونَ عندَ كلِّ واحدٍ منها شيءٌ فيرويَهُ، وإذا أرادَ روايةَ غيرِهِ ذهبَ إلى مَنْ هو عندَهُ فكَتَبهُ أو حَفظَهُ ورواهُ، وهذا هو الذي يقولهُ مَنْ يرى المناولةَ على الوجهِ الذي أنكرهُ السهيليُّ مِن أنَّه إذا أرادَ الروايةَ جاءَ إلى الشيخِ فأخذَ كتابَهُ فنقلَ منه وَرَوَى، أو أخذَ فَرْعاً له موثوقاً به، فرَوَى منه، والله الموفقُ.
قولهُ: (عَرضاً)(3) يجوزُ أنْ يكونَ مفعولاً له، أي: /262ب/ يحضرُ به للشيخِ؛ لأجلِ عرضِهِ على الشيخِ بمعنى: أنَّ الشيخَ يتصفحُهُ وينظرُهُ؛ ليعلمَ هل هو
(1) الروض الأنف 5/ 78 - 79.
(2)
عبارة: ((في رواية الكل)) لم ترد في (ف).
(3)
التبصرة والتذكرة (501).
روايتُهُ؟ وهل هو صحيحٌ؟ وغيرُ ذلك منَ الأحوالِ التي ينبغي اعتبارُها، ويجوزُ أنْ يكونَ حالاً منَ الطالبِ، فيكونُ مصدراً في موضعِ اسمِ الفاعلِ، أي: عارضاً أو ذا عَرْضٍ.
قولهُ: (والشيخُ)(1) في موضعِ الحالِ منْ ضميرِ ((له))، أي: للشيخِ حالَ كونِهِ عارفاً ((فينظرَه)) بالنصبِ عطفاً على ((يحضُرَ)) وضميرُهُ المستترُ للشيخِ، و ((يُناول)) عطفٌ عليهِ.
قولهُ: (يقولُ)(2) بيانٌ لذلك على سبيلِ الاستئنافِ.
قولهُ: (امتناعاً)(3) مصدرٌ منَ معنى ((أبَى))، ويجوزُ كونُهُ (4) حالاً منَ ((المفتينَ))، أي: ذوي امتناعٍ (5).
قولهُ: (مُعْتَمَداً)(6)، أي:((حكوا إجماعَهم)) بسبب أنَّ اعتمادَها، أي: قَصدَها، والاعتمادُ (7) عليها صحيحٌ لا فسادَ فيه، فالتمييزُ محوَّلٌ عنِ اسمِ ((أنَّ)).
قولهُ: (عَرْضُ السَّماعِ)(8) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وقد سبقتْ حكايتُنا في القراءةِ على الشيخِ أنَّها (9) تُسمى عَرْضاً أيضاً، فَلْنُسَمِّ (10) ذلك عرضَ القراءةِ، وهذا
(1) التبصرة والتذكرة (502).
(2)
التبصرة والتذكرة (503).
(3)
التبصرة والتذكرة (504).
(4)
في (ف): ((ويجوز أن يكون)).
(5)
جاء في (ف): ((ويجوز أن يكون حالاً من ((المفتين))، أي: ذوي امتناعٍ، مصدر من معنى:((أبى)).)). بالتقديم والتأخير.
(6)
التبصرة والتذكرة (507).
(7)
لم ترد في (ف).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 439.
(9)
في (ف): ((لأنها)) خطأ.
(10)
في (ف): ((فليمّ)) وهو تحريف.
عرضَ المناولةِ)) (1).
قولهُ: (ومالكٍ)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ومالكُ بنُ أنسٍ الإمامُ في آخرينَ منَ المدنيِّينَ، ومجاهدٌ، وأبو الزُّبيرِ، وابنُ عيينةَ في جماعةٍ منَ المكيِّينَ، وعلقمةُ وإبراهيمُ النَّخعيَّانِ، والشَّعبيُّ في جماعةٍ منَ الكُوفيِّينَ، وقتادةُ، وأبو العاليةِ، وأبو المتَوكلِ النَّاجي في طائفةٍ / 263أ / منَ البصريِّينَ، وابنُ وَهْبٍ، وابنُ القاسمِ، وأشهَبُ في طائفةٍ منَ المِصريينَ، وآخرونَ منَ الشاميِّينَ والخُراسانيِّينَ. ورأى الحاكمُ طائفةً منْ مشايِخِهِ على ذلك (3). وفي كلامِهِ - يعني: الحاكمَ - بعضُ التَّخليطِ من حيثُ كونُهُ خَلَطَ بعضَ ما وردَ في عَرْضِ القراءةِ بما وردَ في عرضِ المناولةِ، وساقَ الجميعَ مَسَاقاً واحداً، والصحيحُ أنَّ ذلك غيرُ حالٍّ محلَّ السماعِ)) (4) إلى آخرهِ.
قولهُ: (وأبو حنيفةَ)(5) قالَ المصنِّفُ في " النكتِ ": ((اعتُرضَ على المصنفِ بذكرِ أبي حنيفةَ معَ المذكورينَ، فإنَّ منْ عدا أبا حنيفةَ يرى صحةَ المناولةِ، وأنَّها دونَ السماعِ، وأمَّا أبو حنيفةَ (6) فلا يَرى صحتَها كما ذكرَهُ صاحبُ " القِنْية " فقال: إذا أعطاهُ المحدّثُ الكتابَ، وأجازَ له فيه ولم يسمعْ ذلك ولم يعرفْهُ فعندَ أبي حنيفةَ ومحمدٍ: لا يجوزُ روايتُهُ، وعندَ أبي يوسفَ: يجوزُ. انتهى.
قلتُ: لم يكتفِ صاحبُ " القنية " في نقلِهِ عن أبي حنيفةَ لعدمِ الصحةِ بكونِهِ لم يسمعْهُ فقط، بل زادَ على ذلك بقولهِ: ولم يعرفْهُ، فإنْ كانَ الضميرُ في: يعرفْهُ
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 278.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 439.
(3)
راجع: محاسن الاصطلاح: 279.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 279.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 440.
(6)
عبارة: ((المناولة، وأنها دون السماع، وأما أبو حنيفة)) تكررت في (ف).
عائداً على المجازِ - وهو الظاهرُ - لتتفقَ الضمائرُ، فمقتضاهُ أنَّه إذا عرفَ المُجاز ما أُجيزَ له أنَّه يَصحُّ، بخلافِ ما ذكَرَ المعترضُ أنَّه لا يرى صحتَها أصلاً
- يعني: أنَّه علقَ الحكمَ عندَ أبي حنيفةَ بعدمِ الصحةِ على أمرينِ، فإذا زالَ أحدُهما انتفى الحكمُ، قال (1) - (2): وإنْ كانَ الضميرُ يعودُ على الشيخِ المُجيزِ فقدْ ذكرَ المصنفُ بعدَ هذا / 263 ب / أنَّ الشيخَ إذا لم ينظرْ فيه ويتحقق روايَتَهُ لجميعِهِ لا يجوزُ ولا يصحُّ، ثم استثنى ما إذا كانَ الطالبُ موثوقاً بخبرِهِ، فإنَّه يجوزُ الاعتمادُ عليه. انتهى.
وهذه الصورةُ لا يوافِقُ على صحتِها أبو حنيفةَ، بل لابدَّ أنْ يكونَ الشيخُ حافظاً لحديثِهِ أو ممسكاً لأصلِهِ، وهذا الذي صححهُ إمامُ الحرمينِ كما تَقدَّمَ، بل أطلقَ الآمديُّ النقلَ عن أبي حنيفةَ، وأبي يوسفَ: أنَّ الإجازةَ غيرُ صحيحةٍ، والله أعلم.
ويجوزُ أنْ يكونَ أبو حنيفة وأبو يوسفَ إنَّما يَمنعانِ صحةَ الإجازةِ الخاليةِ عنِ المناولةِ، فقد حَكَى القاضي عياضٌ في كتابِ " الإلماعِ "(3) عن كافةِ أهلِ النقلِ والأداءِ والتحقيقِ من أهلِ النظرِ القولَ بصحةِ المناولةِ المقرونةِ بالإجازةِ)) (4). انتهى ما في " النكتِ ".
قولهُ: (إنَّه الصحيحُ)(5) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((والصحيحُ أنَّ ذلك غيرُ حالٍّ محلَّ السماعِ، وأنّهُ منحطٌّ عن درجةِ التّحديثِ لفظاً، والإجازة (6) قراءةً)) (7).
(1)((قال)) لم ترد في (ف).
(2)
ما بين الشارحتين جملة توضيحية من البقاعي.
(3)
الإلماع: 80.
(4)
التقييد والإيضاح: 192 - 193.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 440.
(6)
في " معرفة أنواع علم الحديث ": ((والإخبار)).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 279.
قولهُ في قولهِ: (أمّا إذا ناولَ)(1): (آخر وَقِدْمَا)(2) هو بضمِّ القافِ أو فتحِها أو كسرِها مع سكونِ الدالِ في الكلِّ، وهو بمعنى قديماً.
أمّا الضمُّ فمنْ قولهِ في " القاموس "(3): ((القَدَمُ - محرّكةً - السابقةُ في الأمرِ كالقُدْمةِ بالضمِّ، وكعِنبٍ، فهو على هذا مذكرُ القُدمةِ، فالمعنى في آخرِ الزمانِ وسابِقِهِ.
وأمّا الفتحُ فمنْ قولهِ: قَدَمَهُم قدْماً وقُدُوماً تقدمَ، فالمعنى في آخرِ الزمانِ وتَقدمَهُ، أي: متقدمه.
وأمّا على الكسرِ فيكونُ مخففاً منَ القِدمِ كعِنب / 264أ / لضدّ الحدوثِ)) والشطرانِ كلاهما على هذا منَ الضربِ الثاني منَ العروضِ الأُولى (4) منْ مسدسِ الرجزِ، والقافية متواترٌ (5)، ويجوزُ تحريكُ دالِ ((قدما)) مع كسرِ القافِ، فيكونُ الجزءُ مخبولاً، وتصيرُ قافيةُ الأولِ من المتكاوسِ (6)، فيبعدُ جداً منَ الثاني، ولو قالَ فيهِ (7): لا ينظرُ ما، لكانَ (8) منَ المتراكب (9)، فيكونُ أقربَ.
قولهُ: (الذي تقدمَ الوعدُ بذكرِهِ)(10)، أي: في أولِ شرحِ الأبياتِ التي قبلَها.
(1) التبصرة والتذكرة (508).
(2)
التبصرة والتذكرة (511).
(3)
القاموس المحيط مادة (قدم).
(4)
في (ب): ((الأَول)).
(5)
جاء في حاشية (أ): ((متحرك بين ساكنين)).
(6)
جاء في حاشية (أ): ((أربع متحركات بين ساكنين)).
(7)
كتب تحتها في (أ): ((أي: الشطر)).
(8)
عبارة: ((لا ينظر ما، لكان)) تحرفت في (ف) إلى: ((لا ينظر مالكاً)).
(9)
جاء في حاشية (أ): ((ثلاث متحركات بين ساكنين)).
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 441.
قولهُ: (وغيبته)(1) عطفٌ على ((عدمِ)) لا على ((احتواءِ)).
قولهُ: (مع غلبةِ ظنّهِ)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وجائزٌ له روايةُ ذلك عنه إذا ظفرَ بالكتابِ، أو بما هو مقابَلٌ به على وجهِ يثقُ (3) معه بموافقتِهِ لما تناولتْهُ الإجازةُ على ما هو معتبرٌ في الإجازاتِ المجرَّدةِ عنِ المناولةِ)) (4).
قولهُ: (بكتابٍ مُعَيَّنٍ)(5) عنِ ابنِ كثيرٍ الحافظِ، قالَ:((أمّا إذا كانَ الكتابُ مشهوراً، كالبُخاريِّ، أو (6) مُسلمٍ، أو شيءٍ من الكُتبِ المشهورةِ فهو كما لو ملَّكَهُ أو أعارَهُ)) (7) انتهى.
قولهُ: (صحتِ المناولةُ)(8)، أي: إنْ فعلَ ذلك فأجابَهُ، صحّتْ، فيكونُ جزاءً لشرطٍ مَحذوفٍ دَلَّ عليه السياقُ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ:((جاز الاعتمادُ عليه في ذلك، وكان ذلك إجازةً جائزةً كما جازَ في القراءةِ على الشيخِ الاعتمادُ على الطالبِ حتّى يكونَ هو القارئ منَ الأصلِ إذا كانَ موثُوقاً به معرفةً ودِيناً)) (9). انتهى.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 441.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 441.
(3)
بعدها في (ف): ((به)).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 279.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 441.
(6)
في جميع النسخ الخطية: ((ومسلم))، والمثبت من " اختصار علوم الحديث ".
(7)
اختصار علوم الحديث 1/ 360، وبتحقيقي:191.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 442.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 280. قال البلقيني في محاسن الاصطلاح: 282: ((لاسيما إذا كان الكتاب مشهوراً كالبخاري أو مسلم أو نحوهما، فإنّه يقرب من تمليكه له أو إعارته)).
ونقلَ عنْ "طبقات ابن سعدٍ": ((أخبرنا أنسُ بنُ عياضٍ / 264ب /، عن عبيد اللهِ (1) بنِ عمرَ، قالَ: رأيتُ ابنَ شهابٍ يُؤتَى بالكتابِ، فيقالُ له: يا أبا بكرٍ، هذا كتابُكَ، نرويهِ عنكَ؟ فيقولُ: نَعَمْ، ما قرأهُ، ولا قرئ عليه)) (2). انتهى.
قولهُ: (أنَّ ذلك لا يصحُّ)(3) بل كلامُهُ يَقتضي الصحةَ؛ فإنَّ تعاليلَهُ تدلُّ على الدورانِ معَ الوثوقِ والتحققِ، فحيثُ حصلَ صحّتِ الإجازةُ.
قولهُ في شرحِ قولهِ: (وإنْ خلت من إذنِ (4)) (5): (بالإذن (6) في الرواية) (7)، أي: فيلزمُ منْ صحّحَ الروايةَ بمجرد الإعلامِ، وهم طوائفُ منَ المحدّثينَ والأصوليينَ كما يأتي أنْ يُصَححوا هذه بطريقِ الأَولى؛ لأنَّ هذه أرجحُ بزيادةِ المناولةِ.
قولهُ (8) في قولهِ: (كيفَ يقولُ)(9): (نُووِلا)(10) منَ النوْلِ بمعنى العطاءِ، كما في حديثِ الخِضرِ:((فحملوهما بغيرِ نولٍ)) (11)، وقالَ في
(1) في جميع النسخ الخطية: ((عبد الله))، والمثبت من " طبقات ابن سعد ".
(2)
الطبقات الكبرى 1/ 173.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 442.
(4)
عبارة: ((من إذن)) لم ترد في (ب).
(5)
التبصرة والتذكرة (515).
(6)
في نسخة (أ) تحت هذه الكلمة: ((أي: في الشرح)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 444.
(8)
جاء في حاشية (ف) عنواناً نصه: ((كيف يقول من روى بالمناولة والإجازة)) وقد خلت منهُ جميع النسخ.
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 444.
(10)
التبصرة والتذكرة (516).
(11)
أخرجه: البخاري 1/ 41 (122)، ومسلم 7/ 103 (2380)(170) من حديث أُبي بن كعب رضي الله عنه.
" شمسِ العلومِ ": ((النولُ: النوالُ وهو مصدرٌ))، وفي "القاموسِ" (1):((النوالُ، والنالُ، والنائل، العطاءُ)).
قولهُ: (وأطلق أبو نعيم)(2) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وكان الحافظُ أبو نعيم الأصبهانيُّ (3) صاحبُ التصانيفِ الكثيرةِ في علمِ الحديثِ يطلقُ ((أخبرنا)) فيما يَرْويهِ بالإجازةِ (4)، رُوِّينا عنه أنَّه قال: أنا (5) إذا قلتُ: ((حدثنا)) فهو سَمَاعي، وإذا قلتُ:((أخبرنا)) على الإطلاقِ، فهو إجازةٌ من غيرِ أنْ أذكرَ فيه إجازةً، أو كتابةً، أو كَتَبَ إليَّ، أو أَذِنَ لي في الروايةِ عنه، وكانَ أبو عبيد الله المَرْزُبانيُّ (6) الأخباريُّ - صاحبُ التّصانيفِ في علمِ الخبرِ - يَرْوي أكثرَ ما في كُتبِهِ إجازةً من غيرِ سَماعٍ ويقول / 265 أ / في الإجازة:((أخبرنا))، ولا يُبيِّنها)) (7). انتهى.
ووجدتُ بخطِّ بعضِ الفضلاءِ من تلاميذِ شيخِنا الحافِظِ برهانِ الدينِ الحلبيِّ: ((رأيتُ عن خطِّ الحافظِ المزِّيِّ ما صورته: إنَّما يقولُ ذلك - يعني: أبا نعيم - في شيخٍ قد عُرفَ أنَّه لم يلقهُ)). انتهى.
ولمَّا قرأت " الحليةَ " للحافظِ أبي نعيمٍ على شيخِنا شيخِ الإسلامِ ابنِ حجرٍ فمررتُ بقوله في ترجمةِ محمدِ بنِ يوسفَ الأصبهانيِّ: ((أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ جعفرَ -
(1) القاموس المحيط مادة (نول).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 445.
(3)
انظر بلابد تعليقنا على هذا الموضع في معرفة أنواع علم الحديث: 281 هامش (4).
(4)
انظر: سير أعلام النبلاء 17/ 416، وتذكرة الحفاظ 3/ 1096، وميزان الاعتدال 1/ 111، وطبقات السبكي 4/ 24، والوافي بالوفيات 7/ 83.
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
بفتح الميم وسكون الراء وضم الزاي، انظر: الأنساب 5/ 139، ووفيات الأعيان 4/ 354.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 282.
فيما قُرِئَ عليه - وحدثني عنه أبو محمدِ بن حيان)) (1)، سألتهُ عنه، فقال: هو إجازةٌ لما ذكر من مذهبِهِ، وقولهُ فيما قُرئ عليه لا ينافيها؛ فإنّه لم يقُل (2): وأنا أسمعُ، ونبَّه على سماعِهِ بنُزولٍ بقولهِ: وحدثني عنه، إلى آخره، ومما يُحقِّق ذلك، قولهُ بعده في ترجمةِ عبدِ الرحمان بنِ مهديٍّ:((أخبرنا عبدُ اللهِ بنُ جعفرَ فيما قُرئَ عليهِ، وأذَنَ لي فيه)) (3)، وهذا اصطلاحٌ لأبي نعيم، وهو يوهمُ من لا علمَ له بالاصطلاحِ أنَّه سمعَهُ. وقولهُ (4):((وأذَنَ لي فيه)) يوهمُ أنَّ الشيخَ أجاز له بعد الفراغِ منَ السَّماعِ كما هو عادةُ المحدّثينَ، ومن اصطلاحِه: أنَّ ((حدَّثنا)) للسَّماعِ على الشيخِ منْ غيرِ لفظِهِ، والمَرْزُباني قالَ صاحبُنا الإمامُ شمسُ الدينِ بنُ حسان رحمه الله فيما وجدتُهُ بخطِّهِ:((قَيَّدهُ بعضُ مشايخِنا في بعضِ كتبِهِ بفتحِ الزاي، ووجدتُهُ بخطِّ المزّيِّ بضمِّها)).
قولهُ: (أو أجاز (5) لي) (6) قدِ استعملَ ذلك الحسنُ / 265ب / بنُ محمدِ ابنِ الحسنِ الخلاّلِ في كتابِهِ " اشتقاقِ الأسماءِ "، فقالَ: أجازَ لنا محمدُ بنُ أحمدَ الواعظُ، أنَّ عبدَ اللهِ بنَ محمدٍ (7) البغويَّ أخبرَهم، وكذا استعملَ أخبرنا إجازةً.
قولهُ: (كما يفعلُهُ بعضُ المشايخِ)(8) قال شيخُنا: ((يوجدُ ذلك في إجازاتِ المغاربةِ)). انتهى ما بخطِّ ابنِ حسّان.
(1) حلية الأولياء 8/ 233.
(2)
لم ترد في (ف).
(3)
حلية الأولياء 9/ 14.
(4)
من قوله: ((وهذا اصطلاح)) إلى هنا لم يرد في (ب).
(5)
في (ب): ((وأجاز)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 446.
(7)
في (ب): ((محمود)).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 446.
قولهُ في قولهِ: (وبعضُهم أتى)(1): (فمشتركٌ)(2) لو قالَ:
سماعُهُ منْ شيخِه فيه يُشَكّ
…
وحرفُ عن بينهما قد اشترك
استراحَ منَ الفاءِ والاعتذارِ عنها.
قولهُ: (وإنِ استعملها طائفةٌ)(3) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((فهذا وإنْ تعارَفَهُ في ذلك طائفةٌ منَ المحدثينَ المتأخرينَ فلا يخلو عن طَرَفٍ منَ التدليسِ؛ لما فيه منَ الاشتراكِ والاشتباهِ بما إذا كَتَبَ إليه ذلك الحديثَ بعينِهِ)) (4).
قولهُ: (وهو بعيدٌ)(5) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((بعيدٌ بعيدٌ عن الإشعارِ)) (6)، أي: هو بعيدٌ عن مقاصدِ أهلِ الأفكارِ القويمةِ منْ أهلِ الاصطلاحِ؛ لبعدِهِ عنِ الإشعارِ بالإجازةِ.
قال بعضُ أصحابنا: ويَشكلُ على الإتيانِ بها في محلِّ الإجازةِ ما سيأتي حكايتُهُ في الزيادةِ في نسبِ الشيخِ عن ابنِ المدينيِّ أنَّ الراويَ إذا زادَ في نسبِ شيخِهِ أتى بلفظِ ((أنَّ))، فإنَّ في ذلكَ التباساً في الاصطلاحِ، إلا أنْ يُقالَ: أكثرُ ما فيه - أي: فيما هنا، وفيما يأتي - حكايةُ المذاهبِ. انتهى.
قولهُ: (الوجازة)(7)، أي: / 266 أ / في تجويزِ الإجازةِ (8)، وهو أبو العباسِ الوليدُ بنُ بكرٍ (9) الغَمريُّ - بفتحِ المعجمةِ - المالكيُّ.
(1) التبصرة والتذكرة (523).
(2)
التبصرة والتذكرة (530).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 446.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 282.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 447.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 284.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 447.
(8)
وكذا في تدريب الراوي 2/ 30، ومعجم المؤلفين 13/ 170.
(9)
لم ترد في (ف).
ذكرَ أبو سَعدٍ السَّمعانيُّ: أنَّه مَنسوبٌ إلى بني الغَمر بطنٌ من غافقٍ (1).
والوجازةُ: مصدرُ وَجز في منطقِهِ، ككرمَ، ووعدَ، وجْزاً ووجازةً، ووجوزاً، إذا خَفَّ فيه، وأوجزَ في كلامِهِ: قَلَّلهُ، وأوجزَ الكلام نفسهُ قَلَّ (2).
قولهُ (3): (في الإجازةِ: أنبأنا)(4) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وقد كانَ ((أنبأنا)) عندَ القومِ فيما تَقدَّمَ بمنْزلةِ ((أخبرَنا))، وإلى هذا نحا الحافظُ المتقنُ أبو بكرٍ البيهقيُّ إذ كانَ يقولُ: أنبأني فلانٌ إجازةً، وفيه أيضاً رعايةٌ لاصطلاحِ المتأخرينَ)) (5).
قولهُ: (فقالَ أبو عمرو)(6) إنَّما ذكرَهُ ابنُ الصلاحِ، عن أبيهِ، وعبارتُهُ:((ورُوِّينا عن أبي عَمرِو بن أبي جعفرَ بن حَمْدانَ النَّيْسابوريِّ، قالَ: سمعتُ أبي يقولُ: كلما قال البخاريُّ)) (7) إلى آخرهِ.
قولهُ (8) في قولهِ: (الخامسُ: المكاتبةُ)(9): (عنه)(10) يتعلّقُ بما تَعلّقَ به ((بإذنِهِ))، وهو الكتابةُ، أي: الكتابةُ بخطِّ الشيخِ، والكتابةُ عنه بإذنِهِ للكاتبِ في الكتابةِ لغائبٍ أو حاضرٍ.
(1) الأنساب 3/ 409.
(2)
انظر: القاموس المحيط مادة (وجز).
(3)
لم ترد في (ب).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 447.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 283.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 448.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 283.
(8)
جاء في حاشية (ف): ((الخامس: المكاتبة)) وقد جعلها عنواناً وخلت باقي النسخ منه.
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 449.
(10)
التبصرة والتذكرة (532).
قولهُ: (أجازَ مَعَها)(1) لو قال: عندَها، لوافقَ رويَّ الشطرِ الثاني.
قولهُ: (وهي شبيهةٌ)(2) بل هي أقوى من هذه المناولةِ فإنَّها تزيدُ عليها بأنَّ المكتوبَ ما كُتبَ إلا لأجلِ المكتوبِ إليهِ، وفي ذلك زيادةُ اعتناءٍ بهِ في تسليطِهِ على روايتهِ، والانتفاع به.
قولهُ: (فإنَّها صحيحةٌ)(3)، أي: الروايةُ / 266 ب / بالكتابةِ المجردةِ عنِ الإجازةِ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ:((أمّا الأولُ: وهو ما إذا اقتصرَ على المكاتبةِ فقد أجازَ الروايةَ بها كثيرٌ)) (4) إلى آخره.
قولهُ: (بينَ أهلِ الحديثِ)(5) قال ابنُ الصلاحِ: ((وكثيراً ما يوجدُ في مَسانيدِهم ومُصنفاتهم قولهُم: كتبَ إليَّ فلانٌ، حدثنا فلانٌ، والمرادُ به هذا، وذلك معمولٌ به عندَهُم معدودٌ في المسندِ الموصولِ، وفيها إشعارٌ قويٌّ بمعنى الإجازةِ فهي وإنْ لم تقترنْ بالإجازةِ لفظاً، فقد تضمنتِ الإجازةَ معنىً)) (6). انتهى.
قلتُ: لأنَّ الكتابةَ (7) كنايةٌ، فإذا اقترنتْ بالإرسالِ إلى المكتوبِ إليهِ وتسليطِهِ عليهِ كانَ كأنَّه لَفَظَ له به، وإذا كانَ كذلكَ لم يحتجْ إلى إجازةٍ كما تقدّمَ.
قولهُ: (وإليه صارَ جماعةٌ)(8)، أي: إلى أنَّها أقوى منَ الإجازةِ.
قولهُ: (منها عندَ مسلمٍ)(9) الأحسنُ في ذلك أنْ يوردَ ما اتفقا عليه لا ما انفردَ
(1) التبصرة والتذكرة (533).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 449.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 449.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 285.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 449.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 285.
(7)
في (ب): ((لا والكتابة)).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 450.
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 450.
به أحدُهما؛ ليكونَ أدلَّ على الجوازِ، وأقوى في الاعتمادِ كما أخرجاهُ (1) عن وَرَّاد (2)، قالَ: كتبَ معاويةُ إلى المغيرةِ أنِ اكتبْ إليَّ ما سمعتَ منْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، فكتبَ إليه أنَّ نبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يقولُ في دُبرِ كلِّ صَلاةٍ:((لا إلهَ إلا الله وحدَهُ لا شريكَ لهُ .. )) الحديثَ، وهو في أبي داود (3) والنسائيِّ (4) أيضاً.
وكما أخرجهُ الشيخانِ (5) أيضاً والنسائيُّ (6)، قال ابنُ عَونٍ: كتبتُ إلى نافعٍ فكتبَ إليَّ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه / 267أ / وسلم أغارَ على بني المصطلقِ، وهم غارُّون
…
الحديث، وفي آخرهِ: حدَّثني به عبدُ اللهِ بنُ عمرَ وكانَ في ذلك الجيشِ.
ورَوى الشيخانِ (7) وأبو داود (8) عن سالمٍ أبي النَّضْرِ، عن كتابِ رجلٍ من أسلمَ من أصحابِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم يقالُ له: عبدُ اللهِ بنُ أبي أوفى: كتبَ إلى عمرَ بنِ عبيدِ اللهِ حينَ سارَ إلى الحروريةِ يخبرُهُ أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم.
وفي روايةٍ (9): كتبَ فقرأتُهُ: أنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم (10) في بعضِ أيامِهِ التي لَقِيَ فيها العدوَّ انتظرَ حتى إذا مالتِ الشمسُ قامَ فيهم فقالَ: يا (11) أيها الناسُ، لا تَتمنوا لقاءَ العدو
(1) صحيح البخاري 9/ 117 (7292)، وصحيح مسلم 2/ 95 (593).
(2)
في (ب): ((رواد)).
(3)
سنن أبي داود (1505).
(4)
المجتبى 3/ 70 و 71، وفي الكبرى (1264) و (1265) و (1266).
(5)
صحيح البخاري 3/ 194 (2541)، وصحيح مسلم 5/ 139 (1730).
(6)
في السنن الكبرى (8585)، وأخرجه: أبو داود (2633).
(7)
صحيح البخاري 4/ 26 (2818) و4/ 77 (3024) و9/ 105 (7237)، وصحيح مسلم 5/ 143 (1742).
(8)
في سننه (2631).
(9)
عند البخاري 4/ 30 (2833).
(10)
عبارة: ((وفي رواية: كتب فقرأته: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم)) لم ترد في (ف).
(11)
لم ترد في (ب).
الحديثَ، وللشيخين (1)، وأبي داود (2)، والترمذي (3)، والنسائي (4)، عن هشام، قال: - وفي بعضِ طرقِ البخاريِّ قال: كتبَ إليَّ يحيى بنُ أبي كثيرٍ - عن عبدِ الله بنِ أبي قتادةَ، عن أبيهِ، قالَ: قالَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إذا أقيمتِ الصلاةُ فلا تقوموا حتى تروني)).
وعن شيخِنا الحافظِ برهانِ الدينِ الحلبيِّ أنَّ في "صحيح مسلمٍ" زيادةً على عشرَةِ أحاديثَ مكاتبةً.
قولهُ: (كتب إليَّ محمدُ بنُ بشَّارٍ)(5) يعني: حديثَ البراءِ في الذبحِ قبلَ صلاة العيدِ وأمرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (6) له بالإعادةِ، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، عندي عناقٌ جذعٌ (7)، وفي آخرِهِ عنِ ابنِ سيرينَ: فلا أدري أبلغتِ الرخصةُ غيرَهُ أم لا (8).
وعن (9) شيخِنا البرهانِ (10) الحلبيِّ (11) المذكورِ رحمه الله أنَّه ليسَ في / 267ب / "صحيحِ البخاري" حديثٌ رواهُ عن شيخٍ من مشايخِهِ كتابةً إلا هذا الحديثَ، وأمّا الروايةُ مكاتبةً في أثناءِ الأسانيدِ ففيه كثيرٌ منها.
(1) صحيح البخاري 1/ 164 (637) و (638) و2/ 9 (909)، وصحيح مسلم 2/ 101 (604).
(2)
سنن أبي داود (539) و (540).
(3)
جامع الترمذي (592).
(4)
في المجتبى 2/ 31 و81، وفي الكبرى (865) و (1651).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 450.
(6)
عبارة: ((وأمر النبي صلى الله عليه وسلم)) جاءت مكررة في (أ).
(7)
هي الأنثى من أولاد المعز ما لم يتم له سنة. العين مادة (عنق)، والنهاية 3/ 311.
(8)
صحيح البخاري 8/ 170 (6673).
(9)
في (ف): ((عن)).
(10)
في (ب): ((برهان الدين)).
(11)
لم ترد في (ف).
قولهُ: (أبو عبدِ الله بن الموَّاقِ)(1) في نسخةٍ: أبو بكر، وهو والدُ أبي عبدِ اللهِ، فاللهُ أعلمُ أيُّهما المرادُ.
قولهُ في شرحِ قولهِ: (ويَكْتَفي)(2): (وإن لم تَقُمِ البينةُ عليهِ)(3)، أي: بشهادةِ اثنينِ أنَّهما رأياهُ يكتبُ ذلك، فتكونُ شَهادةً على الفعلِ لا بالتخمينِ، بأنَّ هذا يُشبهُ خطَّهُ، فهوَ هوَ؛ لأنَّهُ يبعدُ كلَّ البعدِ أنْ يوجدَ خطٌّ غيرُ خطِّهِ يُحاكيهِ مُحاكاةً يبعدُ معها التمييزُ.
قولهُ: (والنَّزاهَةُ)(4) هي البُعدُ عنِ الرذائِلِ، منَ التنَزُّهِ: وهو التباعدُ، يقالُ: نَزَّهَ نفسَهُ عنِ القبيحِ: نَحَّاها، وهو بنُزهةٍ منَ الماءِ: ببعدٍ، وأرضٌ نَزْهَةٌ - بفتحٍ، ثم سكونٍ، وتكسرُ الزاي - بعيدةٌ عنِ الريفِ وغَمَقِ (5) المياهِ وذُبان القرى، وَومد البحارِ، وفسادِ الهواء.
والوَمَدُ: محرّكةً: الحرُّ الشديدُ مع سكونِ الريحِ، أو نَدىً يجيءُ في صَميمِ الحرِّ من قبلِ البحرِ، أو شدة حرِّ الليلِ (6)، نَزُهَ ككرُمَ نزاهةً ونزاهيةً مخففاً (7).
قولهُ في: (السادسُ: إعلامُ الشيخِ)(8): (وعدّةٌ)(9) مبتدأٌ سوّغَ الابتداءَ به وَصْفُه في المعنى، أي: منَ الناسِ معَ أنَّهُ مفيدٌ معَ كونِهِ نكرةً أنَّ جماعةً قالوا به، وقد قالَ الرضيُّ بعدَ حكايتِهِ أنّ الجمهورَ اشترطوا تخصُّصَ النكرةِ
:
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 451.
(2)
التبصرة والتذكرة (537).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 451.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 452.
(5)
في (ف): ((عمق)).
(6)
انظر: لسان العرب مادة (ومد).
(7)
انظر: القاموس المحيط مادة (نزه).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 452.
(9)
التبصرة والتذكرة (542).
((وقالَ ابنُ الدَّهانِ: وما أحسنَ ما قالَ إذا حَصلتِ (1) / 268أ / الفائدةُ فأَخْبِرْ عن أيِّ نكرةٍ شئتَ؛ وذلك لأنَّ الغرضَ منَ الكلامِ إفادةُ المخاطبِ، فإذا حَصلتْ جازَ الحكمُ سواءٌ تخصَّصَ المحكوم عليه بشيءٍ أو لا)) (2) وأطالَ في توجيهِ ذلك بما ينبغي حفظُهُ.
قولهُ: (لخللٍ يَعرفُهُ فيه)(3) قالَ ابنُ الصلاحِ عَقِبَهُ: ((ولم يوجدْ منه التلفظُ به، ولا ما يَتَنَزلُ منْزلةَ تلفظِهِ به، وهو تَلفُّظُ القارئِ عليه وهو يسمعُ، ويُقِرُّ بهِ حتى يكونَ قولُ الراوي عنه السَّامع ذلك ((حدَّثنا وأخبرنا)) صدقاً، وإنْ لم يأذَنْ له فيه، وإنَّما هذا كالشاهدِ)) (4) إلى آخر ما يأتي عنه.
قولهُ: (وقد تقدمَ)(5)، أي: في النَّوعِ الذي قَبْلَهُ حيثُ قالَ: لا يرويهِ إلا بتسليطٍ (6) منَ الشيخِ، وذكرَهُ أيضاً في المناولةِ الخاليةِ عن إذنٍ.
قولهُ: (واختارَهُ أبو محمدٍ)(7) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وحكى القاضي أبو محمدِ بنُ خلَاّدٍ الرَّامَهُرْمُزيُّ (8) في كتابِهِ " المحدث الفاصل بينَ الرَّاوي والوَاعي "(9)
(1) مكررة في (أ).
(2)
شرح الكافية 1/ 88 - 89.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 453.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 287.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 453.
(6)
في (ف): ((بتسلط)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 453.
(8)
بفتح الراء والميم بينهما الألف، وضم الهاء وسكون الأخرى، وضم الميم، وفي آخرها الزاي، هذه النسبة إلى رامهرمز، وهي مدينة مشهورة بنواحي خوزستان. الأنساب 3/ 32، ومعجم البلدان 3/ 17.
(9)
انظر في اسم هذا الكتاب: سير أعلام النبلاء 16/ 73، ونزهة النظر: 47، وتدريب الراوي 1/ 52، ومعجم الأدباء 9/ 5، والرسالة المستطرفة: 55 و142.
عن بعضِ أهلِ الظاهرِ أنَّه ذهبَ إلى ذلك واحتجَّ له، وزادَ فقالَ:((لو قال: هذه رِوايتي عن فلانٍ لكن لا تَروِها عنِّي، كانَ له أنْ يَرْويها كما لو سَمعَ منه حديثاً، ثم قال له: لا تَروِهِ عنِّي، ولا أُجيزُهُ لكَ، لم يَضُرَّهُ ذلك، وَوَجْهُ مذهبِ هؤلاءِ اعتبارُ ذلكَ بالقراءةِ على الشيخِ فإنَّهُ إذا قرأ عليه شيئاً مِنْ حديثِهِ وأقرَّ بأنَّه روايتُهُ عن فُلانِ بنِ فلانٍ جازَ له أن يَرويهُ عنه، وإن لم يسمعْهُ منْ لفظِهِ ولم يقلْ له: اروهِ عني أو أذنتُ لكَ في روايتِه عنِّي)) (1). انتهى.
ولا جامعَ فيهما، فإنَّ هذا للتيسير عليه، حَديثٌ سمعه عليه واعترف بأنَّه يَرويه، وهذا اعترافٌ بروايةِ شيءٍ لم يسمعْهُ عليه بقراءتهِ ولا قَرأَهُ غيرُهُ، فالأمر الصدق فيه أنْ يقولَ: أخبرني فلانٌ أنَّه يروي الشيءَ الفلاني عَنْ فلانٍ، ومتى زادَ على هذا فهو كاذبٌ (2).
قولهُ: (لأنَّه قد / 268ب / حَدَّثهُ)(3)، أي: حدَّثهُ به جملةً بقوله: هذه روايتي عنْ فلانٍ، فصارَ كما لو قالَ له: نَعَمْ، بعدَ سماعِهِ له عليه، فلا يرجعُ هنا كما لا يرجعُ هناكَ.
قولهُ: (لأنَّ المعنى يجمعُ بينَهما في ذلك (4)، وإنِ افترقتا في غيرِه) (5) المعنى هو: أنَّهُ ذكرَ روايتَهُ في غيرِ مجلسِ الروايةِ التي جرتِ العادةُ بها من تحديثٍ أو قراءةٍ أو إجازةٍ، ونحوِ ذلك، ثم تبعَ الإقرارَ بعدَهُ أنَّه روايتهُ وما أثبتَ ذلك (6)، مما
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 286 - 287، وانظر: المحدّث الفاصل: 451 - 452، ونقله عنه الخطيب في "الكفاية"(498 - 499 ت، 348 هـ)، والقاضي عياض في "الإلماع":110.
(2)
من قوله: ((انتهى ولا جامع فيها
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 454.
(4)
في " شرح التبصرة ": ((فيه)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 454.
(6)
عبارة: ((ثم تبع الإقرار بعده أنه روايته وما أثبت ذلك)) لم ترد في (ف).
يفهمُ أنَّ هذا معمولٌ به سائغٌ نقلُهُ كما في الشهادةِ عندَ الحاكمِ. وإنَّما ذلك (1) مجردُ إعلامٍ تختلفُ الأغراضُ به من غير سماعٍ للمروي (2)، هذا أنهى ما يقالُ، على أنَّ ما قالَ عياضٌ في هدمِهِ قويٌّ متينٌ، غير أنَّ الورعَ الكفُّ عنِ الإمعانِ في الانتشارِ في هذا المضمارِ، على أنَّ قولَهُ أيضاً منظورٌ فيه من جهة أنَّ السماعَ الذي لا يحتاج للإذنِ سماعُ الحديثِ نفسهِ لا سماعَ حكايةِ الشيخِ أنَّه يرويه عن فلان فقط (3)، والله الموفقُ.
قولهُ: (كما جزمَ به ابنُ الصلاحِ)(4) عبارتُهُ: ((ثم إنَّه يجبُ عليهِ العَمَلُ بما ذَكَرَهُ له إذا صحَّ إسنادُهُ، وإن لم تَجُزْ له روايتُهُ عنه؛ لأنَّ ذلك يَكفي فيه صحتُهُ في نفسِهِ، والله أعلمُ)) (5).
قولهُ في قولهِ: (السَّابِعُ: الوصيَّةُ)(6): (من راوٍ)(7) يتعلقُ بـ ((الموصَى))، أي: للذي أُوصِيَ له بجزءٍ من راوي وصية مُبتدئة من راوٍ ماتَ.
قولهُ: (يَرْويهِ)(8) هو في موضعِ المفعولِ لـ ((أجاز))، أي: أجازَ له أنْ يَرويَهُ.
قولهُ: (أو لِسَفَرٍ)(9) عطفٌ على مقَدَّرٍ تقديرهُ: أوصى لأجلِ موتِهِ، أو: لأجلِ سفرٍ أرادَهُ.
(1) في (ب): ((ذكر)).
(2)
عبارة: ((من غير سماع للمروي)) لم ترد في (ب) و (ف).
(3)
من قوله: ((على أن قوله
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 455.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 287.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 455.
(7)
التبصرة والتذكرة (546).
(8)
التبصرة والتذكرة (547).
(9)
التبصرة والتذكرة (547).
قولهُ: (فروى الرامهُرمُزيُّ)(1) إلى آخره، الذي عندَ ابنِ الصلاحِ موضعُ هذا ما نصّهُ:((فَرُويَ عن بعضِ السَّلفِ (2) أنّه جوَّزَ بذلك روايةَ المُوصى له لذلك عنِ الموصِي الراوي)) (3).
وأمّا ما ذكرَهُ الشيخُ عنِ ابنِ سيرينَ منْ / 269 أ / عندِ الرامهرمزيِّ في كتابِهِ " المحدّثِ الفاصلِ " فَقد آلَ إلى التوقفِ، وأمّا ما ذكرَهُ عنْ أبي قِلابةَ فليسَ فيه أكثرُ منَ الوصيةِ، وأمّا الروايةُ فلا ذِكرَ لها بنفيٍ ولا بإثباتٍ (4)، ورأيتُ بخطِّ صاحبِنا العلامةِ شمسِ الدينِ بنِ حسَّان: أخرجَ ابنُ سعدٍ، قال:((وقالَ إسماعيلُ بنُ إبراهيمَ: حدَّثنا أيوبُ، قالَ: أوصى إليَّ أبو قِلابةَ بكُتُبِهِ فأتيتُ بها منَ الشامِ فأعطيتُ كراءها بضعةَ عشرَ درهماً (5)))، ثم رأيتُ ذلك في " المحدّثِ الفاصلِ "(6) منْ طريقِ ابنِ عُليةَ - وهو إسماعيلُ هذا -، عنْ أيوبَ، قال: أوصى إليَّ أبو قِلابةَ في كتبهِ فبعثتُ فجيء بها إليَّ، وأنفقتُ بضعةَ عشرَ درهماً.
قولهُ: (وإلا فاحرقُوهَا)(7) مثلُ هذا ما قرأتُ في " الحليةِ "(8) للحافظِ أبي نُعيمٍ على شيخِنا حافِظِ عصرِهِ أبي الفَضْل أحمدَ بنِ عليِّ بنِ حجرٍ رحمه الله في ترجمةِ أحمدَ بنِ أبي الحواري: ((سمعتُ أبا بكرٍ محمدَ بنَ عبد الله بنِ عبدِ العزيزِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 455.
(2)
منهم: ابن سيرين وأبو قلابة. ينظر: المحدّث الفاصل: 459 - 460، والكفاية (503 - 504ت، 352 هـ)، والإلماع: 115 - 116، ونكت الزركشي 3/ 551.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 288.
(4)
في (ف): ((إثبات)).
(5)
طبقات ابن سعد 7/ 251.
(6)
المحدِّث الفاصل: 460.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 456.
(8)
حلية الأولياء 10/ 6.
الرازيَّ المُذكر، سمعتُ أبا عمرٍو البيكنديَّ يقولُ: لما (1) فرغَ أحمدُ بنُ أبي الحواريِّ منَ التَعَلُّمِ جلسَ للناسِ فخطرَ بقلبِهِ ذاتَ يومٍ خاطرٌ منْ قبلِ الحقِّ، فحملَ كُتُبَهُ إلى شطِّ الفراتِ فجلسَ يَبكي ساعةً طويلةً، ثم قال: نعْم الدليلُ كنتِ لي على ربي، ولكنْ لما ظفرتُ بالمدلولِ كان (2) الاشتغالُ بالدليلِ محالٌ فغسلَ كُتُبَهُ بالفراتِ)) فسألتُ شيخَنا عن فِعلِهِ وفعلِ غيرِهِ كداودٍ الطائيِّ من إعدامِ كتبِهم ما سببُهُ؟ وما الذي سَوَّغهُ؟ فقال: لم يكونوا / 269ب / يرونَ أنَّه يجوزُ لأحدٍ روايتُها لا بالإجازةِ ولا بالوجادةِ، بل يرونَ أنَّه إذا رواها أحدٌ بالوجادَةِ يضعَّفُ، فرأوا أنّ مَفسدةَ إتلافِها أخفُّ منْ مفسدةِ تضعيفِ أحدٍ بسببهم، والله أعلمُ بمرادِهم، ثم رأيتُ في ترجمةِ أحمدَ بنِ أبي الحواري من " طبقات الأولياء " (3) لابن الملقن ما نصه:((وقد رُويَ نحو هذا عن سفيانَ الثوري الإمامِ: أنَّه أوصى بدفنِ كتبِهِ، وكانَ ندمَ على أشياءَ كتبها عنِ الضعفاءِ، وقالَ: حَملني عليها شهوةُ الحديثِ. فكأنَّه لما عَسُرَ عليه التمييزُ بينَ الصحيحِ وغيرِهِ أوصى أن (4) تُدفنَ كلَّها)). انتهى.
ومن ذلك ما قال الحافظُ أبو القاسمِ بنُ عساكر في الكنى من " تاريخ دمشقَ "(5): ((أخبرتنا أمُّ البهاءِ بنتُ البغداديِّ، أخبرنا أبو بكرٍ الباطِرقاني، أخبرنا أبو عبد الله بنُ منده، أخبرنا عمرُ بنُ الحسنِ، حدَّثنا محمدُ بنُ القاسمِ، حدّثنا أبو عبيدةَ معمرُ بنُ المثنى، قال: كانَ أبو عمرو بنُ العلاءِ أعلم الناسِ بالقرآنِ والعربيةِ، والعربِ وأيامِها، والشعر وأيامِ الناسِ، وكانَ ينْزلُ خلفَ دارِ جعفر بنِ سُليمانَ الهاشميِّ، وكانت دفاترُهُ ملءَ بيتٍ إلى السقفِ، ثم تنسكَ، وأحرقها)). انتهى.
(1) لم ترد في (ب).
(2)
زيادة من الحلية.
(3)
طبقات الأولياء: 32.
(4)
لم ترد في (ف).
(5)
تاريخ دمشق 67/ 108.
وسيأتي في كتابةِ الحديثِ في المذهبِ الثالثِ ما ينفعُ هنا.
قولهُ: (وعلَّلهُ)(1)، أي: جوازَ الروايةِ بالوصيةِ، وقد علمَ أنَّهُ لا دلالةَ عليهِ فيما مضى، ولكنْ علمَ منْ كلامِ القاضي أنَّ الضميرَ للجوازِ، والله أعلم.
قولهُ: (وهذا بعيدٌ)(2)، أي: قولُ بعضِ السَّلفِ في تجويزِ الروايةِ بمجردِ الوصيةِ (3)، ثم قال:((وقد احتجَّ بعضُهم لذلك فشبهه بقسم الإعلامِ، وقِسْمِ المناولَةِ، ولا يَصحُّ ذلك؛ فإنَّ لقولِ من جوَّزَ الروايةَ بمجرَّدِ الإعلامِ، والمناولةِ مُستنداً ذكرناهُ لا يتقررُ مثلُهُ، ولا قريبٌ منه هاهنا، والله أعلم)) (4). انتهى.
والمستندُ الذي أشارَ إليهِ هو / 270أ / اعتبارُ الإعلامِ بالقراءةِ على الشيخِ مع إقرارهِ بأنَّ ذلك روايتُهُ.
قولهُ في قوله: (الثامنُ: الوجادةُ)(5): (عُهد)(6) عطفٌ على ((عاصرتُ))، أي: بخطِّ منْ عاصرتُهُ، أو بخطِّ منْ عهدَ قبلُ، أي: قبلَ زمنٍ يُمكنُ فيه معاصرتُكَ له.
قولهُ: (ما)(7) هو مفعولُ ((تجد)) (8).
قولهُ: (مولداً)(9) عبارةُ ابنِ الصلاحِ بعدَهُ: ((غيرُ مسموعٍ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 456.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 456.
(3)
من قوله: ((وقد علم أنه لا دلالة
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 288.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 456.
(6)
التبصرة والتذكرة (549).
(7)
التبصرة والتذكرة (550).
(8)
عبارة: ((قوله: (ما) هو مفعول تجد)) لم ترد في (ف).
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 456.
منَ العربِ (1).
روِّينا عنِ المُعافى بنِ زَكريا النَّهروانيِّ (2) العلَاّمة في العلومِ)) (3).
قولهُ: (منْ تفريقٍ)(4) متعلق ب ((فرَّعوا))، أي: فرَّعوا هذا المصدرَ منْ تفريق، أي: من نفسِ التفريقِ، بمعنى: أنَّهم لما فرَّقوا بينَ المصادرِ للتفرقةِ بين المعاني ذكروا مَصْدراً غير تلك المصادرِ لمعنىً خاصٍّ عندهم، أو يَكونُ المعنى منْ أجلِ تفريقِ العربِ.
قولهُ: (وإجْدَان - بكسرِ الهمزةِ -)(5)، قال في " النكت ":((في الضالةِ، وفي المطلوبِ أيضاً حكاها صاحبُ " المحكمِ " في الضالةِ فقط)) (6).
قولهُ: (بمعنى حَزِنَ)(7) لكنَّ ماضيَّهُ بالكسرِ.
قولهُ: (فلهُ مصدرانِ)(8) بل له ستةٌ، قال في " القاموسِ " (9): ((وجَدَ المطلوبَ كوَعَدَ، وورِمَ: يجِدهُ ويجُدهُ بضم الجيم ولا نظيرَ لها، وَجْداً وجِدةً
(1) قال العلامة أحمد شاكر: ((وإنما ذكر العلماء الوجادة في هذا الباب إلحاقاً به لبيان حكمها وما يتخذه الناقل في سبيلها)) اختصار علوم الحديث: 128 وما بعدها، طبعة أحمد
شاكر.
(2)
بفتح النون وسكون الهاء وفتح الراء المهملة والواو، وفي آخرها نون أخرى. الأنساب 5/ 446، وانظر: ترجمته في: تاريخ بغداد 13/ 230، ومعجم الأدباء 19/ 151، وسير أعلام النبلاء 16/ 544.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 288.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 457.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 457.
(6)
التقييد والإيضاح: 200.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 457.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 457.
(9)
القاموس المحيط مادة (وجد).
ووُجْدَاً ووجوداً ووجْداناً وإجداناً بكسرِهما: أدركهُ، والمال وغيره يجدُهُ وَجْداً مثلثةً وَجِدَةً: استغنى، وعليهِ يَجِدُ ويجُدُ وَجْداً وجِدَةً وموجِدَةً: غضبَ، وبه وَجْداً في الحبِّ فقط، وكذا في الحزنِ لكنْ يكسرُ ماضيهُ)) وقد عُلمَ بهذا ما تقدَّمَ، وعُلمَ أنَّ تخريجَ المصدرِ الذي ولَّدهُ المحدثونَ من الماضي المكسورِ العينِ على وزنِ وَرِمَ، فيكونُ كوَرِثَ وراثةً، وَوَليَ / 270 ب / ولايةً، أو منْ مَفتوحِها مثل: وَفَدَ وِفادَةً ووَلَدَ ولادةً، ونحوها.
قولهُ: (وقُرئَ بالثلاثةِ)(1) لم أرَ فيها قراءةً بالفتحِ، وإنَّما قرأ روحٌ، عن يعقوبَ بالكسرِ، وقَرأ الباقونَ بالضمِّ (2).
ثم وجدتُ الشمس الهرويَّ في كتابٍ له جَمعَهُ في القراءةِ الشاذةِ والمستعملةِ فهو بخطِّه نَقلَ الفتح عن ابنِ أبي عَبْلة وَالأعرجِ (3).
قولهُ: (ونحو ذلك)(4) كما قالَ ابنُ الصلاحِ: ((قرأتُ بخطِّ فلانٍ أو في كتابِ فلانٍ بخطِّهِ)) (5). انتهى.
رَوَى (6) الرامهرمزيُّ في " المحدثِ الفاصلِ "(7) بسنَدِهِ إلى محمدِ بنِ سعيدٍ، قال: ((لما ماتَ محمدُ بنُ مسلمةَ الأنصاريُّ رضي الله عنه وجَدْنا في ذؤابةِ سيفِهِ كتاباً: بسم الله الرحمنِ الرحيمِ، سمعتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((إنّ لِربكمْ في بقيةِ دهرِكم نفحاتٍ فتعرضوا لها، لعلَّ دعوةً أنْ توافقَ رحمةً يُسْعَدُ بها صاحبُها سعادةً
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 458.
(2)
معجم القراءات القرآنية 7/ 168.
(3)
من قوله: ((ثم وجدت
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 458.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 289.
(6)
في (ب): ((وروى)).
(7)
المحدّث الفاصل: 497.
لا يخسرُ بعدَها أبداً)))) (1).
قولهُ: (ولذلك)(2) بلامِ الجرِّ، أي: لأجلِ استعمالِ غيرِ واحدٍ، ويؤيدُ ذلكَ قولُ الشيخِ في " النكتِ ":((اشتراطُ المصنفِ في الوجادةِ أنْ يكونَ ذلكَ الشيخُ الذي وَجَدَ ذلك الموجودَ بخطِّهِ لا إجازةَ له منه ليس بجيدٍ، ولذلك لم يذكره القاضي عياضٌ (3) في حد الوجادةِ)) (4).
قولهُ: (ونحو ذلك)(5) كما قالَ ابنُ الصلاحِ: ((قرأتُ بخطِّ فلانٍ أو في كتابِ فلانٍ بخطِّهِ)) (6)(7).
قولهُ: (وكله منقطعٌ)(8) قال ابنُ كثيرٍ فيما نُقلَ عنهُ: ((الوجادةُ ليستْ من بابِ الروايةِ، وإنَّما هي حكايةٌ عما وجدَهُ في الكتابِ)) (9).
قولهُ: (دُلْسَهْ)(10) قال في " القاموسِ "(11): ((الدَّلَسُ - بالتحريكِ -: الظلمةُ كالدُّلْسَةِ بالضمِّ، والتَّدْليسُ: كتمانُ عيبِ المُشْتَرَى (12) عنِ المشتري، ومنهُ التدليسُ
(1) أخرجه: الطبراني في " الكبير " 19/ (519)، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 10/ 231:((وفيه من لم أعرفهم، ومن عرفتهم وثقوا)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 458.
(3)
لم ترد في (ف).
(4)
التقييد والإيضاح: 201، وانظر: الإلماع: 116 - 117.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 458.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 289.
(7)
من قوله: ((قوله: (ونحو ذلك))) إلى هنا لم يرد في (ف).
(8)
التبصرة والتذكرة (552).
(9)
اختصار علوم الحديث 1/ 368 وبتحقيقي: 195.
(10)
التبصرة والتذكرة (553).
(11)
القاموس المحيط مادة (دلس).
(12)
في " القاموس المحيط ": ((السلعة)).
في الإسنادِ)).
/ 271أ / قولهُ: (إنْ أوهم)(1)، أي: بأنْ كانَ (2) معاصراً له، فإنَّ روايتَهُ على تلكَ الصورةِ توهمُ من اطّلعَ عليها أنَّه سمعَ ذلك منه أو أجازهُ به، بخلافِ ما إذا لم يكنْ معاصراً.
قولهُ: (بلفظةِ عَنْ)(3)، أي: أو نحوها مثلُ: قالَ فلانٌ (4)، ونحوُ ذلك مما يوهمُ أخذهُ عنه إجازةً أو سماعاً.
قولهُ: (جوازُ العملِ به)(5) كانَ شيخُنا يتوقفُ في كونِ الجوازِ هنا على بابهِ، وذلك هو الحقُّ إنْ شاءَ اللهُ تعالى، ويَشبَهُ أنْ يكونَ الشافعيُّ إنَّما عَبَّرَ بهذا؛ لأنَّ أدنى مراتب العملِ الإباحةُ، فكأنَّهُ قالَ إنَّهُ يعملُ بها، ثم ما اقتضاهُ الدليلُ من إباحةٍ أو نَدبٍ أو غيرِهما (6)، كانَ العملُ على حسبِهِ.
وقدِ استدلَّ الحافظُ عمادُ الدينِ بنُ كثيرٍ (7) فيما نقلَ عنه للعملِ بها بحديثِ عمرو بنِ شعيبٍ، عنْ أبيهِ، عن جدِّهِ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيُّ الخَلْقِ أعجبُ إليكمْ إيماناً؟ قالوا: الملائكةُ، قالَ: وكيفَ لا يُؤمنون وهم عندَ ربِّهم؟ وذكروا الأنبياءَ، قالَ: وكيفَ لا يُؤمنونَ والوحيُ يَنْزِلُ عليهم؟ قالوا: فنحنُ، قالَ: وكيفَ لا تُؤمنونَ وأنا بينَ أظهُرِكُمْ؟ قالوا: فَمَنْ يا رسول الله؟ قالَ: قومٌ يأتونَ
(1) التبصرة والتذكرة (553).
(2)
لم ترد في (ف).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 459.
(4)
جاء في حاشية (ب): ((أي: مكان وجدنا)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 459.
(6)
في (ب): ((غيرها)).
(7)
اختصار علوم الحديث 1/ 369 - 370 وبتحقيقي: 196.
من (1) بعدِكمْ يجدُونَ صُحُفاً فيها كتابٌ يُؤمنونَ بما فيها)).
أخرجَهُ الحافظُ أبو بكرٍ الخطيبُ في كتابِ " شَرفِ أصحابِ الحديثِ "(2) بسندِه، وأخرجهُ أيضاً بسندِهِ (3) منْ طريقِ أبي يعلى أحمدَ بنِ عليٍّ الموصليِّ (4)، عن عمرَ بنِ الخطابِ رضي الله عنه، قالَ: سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((أنبئوني بأفضلِ أهلِ الإيمانِ إيماناً)) / 271ب / قلنا: يا رسولَ اللهِ، الملائكةُ، قالَ:((هُم كذلك ويحقُّ لهم وما يَمنعُهم، وقد أنزلهم اللهُ المنْزلةَ التي أنزلَهم بها؟ بل غيرُهم))، قلنا: يا رسولَ الله، فالأنبياءُ الذين أكرمَهم اللهُ بالنبوةِ والرسالةِ، قالَ:((هم كذلك، ويحقُّ لهم ذَلِكَ وما يمنعُهم، وقد أكرمهم اللهُ بالنبوةِ والرسالةِ؟ بل غيرُهم))، قلنا: يا رسول الله، الشهداءُ الذينَ أكرمهم الله تعالى بالشهادةِ مع الأنبياءِ؟ قال:((هم كذلك ويحقُّ لهم وما يمنعهم، وقد أكرمهم اللهُ تعالى (5) بالشهادةِ، بل غيرُهم))، قلنا: يا رسول الله فمنْ؟ قال: ((أقوامٌ في أصلابِ الرجالِ يأتونَ من بعدي يؤمنونَ بي ولم يروني، ويصدقونَ بي ولم يروني، يرون الورقَ المعلقَ فيعملونَ بما فيه)).
قولهُ: (لأبَوْهُ)(6) يعني: لما تقدمَ منْ أنَّ معظَمَهم لا يرون العملَ به، هذا على تقديرِ كونِهِ بالباءِ الموحدةِ، ويحتملُ أنْ تكونَ بالمثناةِ الفوقانيةِ من الإتيان، يعني: لعملوا بهِ؛ لوضوحِ دليلِهِ، وهو أنَّ مدارَ وجوبِ العملِ بالحديثِ الوثوقُ (7)
(1) لم ترد في (أ) و (ف).
(2)
شرف أصحاب الحديث: 33 (61).
(3)
شرف أصحاب الحديث: 33 (62).
(4)
مسند أبي يعلى الموصلي (160).
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460.
(7)
في " توضيح الأفكار ": ((المسوق))، وهو خطأ.
بنسبتِهِ إلى الشارِعِ صلى الله عليه وسلم لا اتصالهُ بالروايةِ (1).
قولهُ: (المتأخِّرةِ)(2) قال ابنُ الصلاحِ: ((فإنَّهُ لو توقفَ العملُ فيها على الروايةِ لانسدَّ بابُ العَمَلِ بالمنقُولِ؛ لتعذُّرِ شرطِ الروايةِ فيها على ما تقدَّمَ في النَّوعِ الأوَّلِ)) (3) انتهى.
وأيضاً فربما انقطعتِ الروايةُ (4) ببعضِ الأجزاءِ لقلةِ الهِممِ في الأعصارِ المتأخرةِ، وربما كانَ فيه حديثٌ ليس في غيرِهِ مما يرويهِ فلولا هذا الطريقُ لضاعَ ما فيه منَ الحكمِ، وأمّا العصرُ القديمُ فكانتِ الأحاديثُ فيه محفوظةً في الصدورِ والطروس (5)، وشدة الرغبةِ في ذلك فوقَ الوصفِ، فمتى رأينا حديثاً لا يُعرفُ، وليسَ لأحدٍ به رواية غلبَ على الظن أنَّه مصنوعٌ، والله أعلم.
قولهُ في قولهِ: (وإنْ يكنْ)(6): (على ما تقدَّمَ)(7)، أي: في نقلِ الحديثِ من الكتبِ المعتمدةِ.
قولهُ: (مما لا يقتضي الجزم)(8) قال ابنُ الصلاحِ: ((وقد تسامحَ أكثرُ الناسِ (9) في هذه الأزمانِ بإطلاقِ اللفظِ الجازمِ في ذلك من غيرِ تحرٍّ وتثبيتٍ، فيطالعُ أحدُهم كتاباً منسوباً إلى مُصنِّفٍ مُعيَّنٍ، وينقلُ منه من غيرِ أنْ يثقَ بصحةِ النُّسْخةِ
(1) انظر: توضيح الأفكار 2/ 348.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 291.
(4)
من قوله: ((فيها على ما تقدم
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(5)
الطِّرْسُ: الصحيفة، ويُقال: هيَ التي مُحيت ثم كتبت. لسان العرب مادة (طرس).
(6)
التبصرة والتذكرة (557).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460 - 461.
(9)
تحرفت في (ف) إلى: ((الحديث)).
قائلاً: قال فلانٌ كذا وكذا، والصوابُ ما قدَّمناهُ)) (1).
قولهُ: (ومواضعُ الإسقاطِ)(2) بالكسرِ، مصدر أسقطَ الشيءَ إذا ألقاهُ، فالمرادُ المواضعُ التي تركَ فيها كلامٌ اختلَّ به المعنى (3). والسَّقَطُ - مُحرّكاً - الرديءُ والخطأُ في الكلامِ والكتابِ والحسابِ (4).
وقولهُ: (أوما (5) أُحِيلَ عنْ جهتِهِ) (6)، أي: بضربٍ منَ التأويلِ.
وقولهُ: (من غيرِها)(7) الجارُّ فيه يتعلّقُ بـ ((يخفى)) في قوله: ((لا يخفى)) والضميرُ في ((غيرِها)) للمواضعِ.
قولهُ في: (كتابةِ الحديثِ وضبطِهِ)(8): (الصِحاب)(9) بكسرِ الصادِ وتُفتحُ، ولو قال: الأصحاب لاتَّزَنَ، وكلاهُما جمعُ صاحبٍ، قال في "القاموسِ" (10):((صَحِبَهُ كسَمِعَهُ صَحابةً ويُكسر، وصُحبةً: عاشره (11)، وهم أصحابٌ وأصاحيبُ وصُحبانٌ وصِحابٌ وصَحابةٌ، وصِحابةٌ (12)، وصَحْبٌ)).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 290.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460.
(3)
لم ترد في (ف).
(4)
انظر: القاموس المحيط مادة (سقط).
(5)
في (ف): ((وما)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 460 - 461.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 461.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 461.
(9)
التبصرة والتذكرة (559).
(10)
القاموس المحيط مادة (صحب).
(11)
من قوله: ((قلنا: يا رسول الله الملائكة)) إلى هنا لم يرد في (أ).
(12)
زيادة من " القاموس المحيط ".
وقال ابنُ مكتومٍ في " الجمع بينَ العُباب (1) والمحكم"(2): ((وأكثرُ الناسِ على الكسرِ دونَ الهاءِ وعلى الفتحِ معها. قال ابنُ سيده: ولا يمتنعُ أنْ تكونَ الهاءُ مع الكسر من جهةِ القياسِ على أنْ تزادَ لتأنيثِ الجمعِ، فأمّا الصُحبةُ والصَّحبُ فاسمانِ للجمعِ، وقال الأخفشُ: الصحبُ جمعٌ خلافُ قولِ سيبويه، وقالوا في النساءِ: هنَّ صواحبُ، وحكى الفارسيُّ: هُنَّ صواحباتٌ، جمعوا صواحبَ جمْعَ السلامةِ)) (3).
قوله (كِتْبَةِ الحديثِ)(4) بكسر الكاف، أي: نسخ الحديث، قال في " الجمع بين العُباب والمحكم ":((والكِتبة - أي: بالكسر - الحالة، والكِتبة: الاكتتاب في الفرض والرزق، والكِتبة: اكتتابك كتاباً تنسخه)) (5).
قوله (بالجزمِ)(6) يتعلقُ بما تَعَلَّقَ به ((على))، وهو في موضع الحال، أي: الإجماعُ استقرَّ على الجواز مجزوماً به.
قولهُ: (فكرهَهُ ابنُ عمرَ)(7) إنَّما في كتابِ ابنِ الصلاحِ (8) عُمر، ولم يذكر ابنه في شيءٍ منَ القسمينِ، ولا ذُكر عمر في المجيزينَ، فالله أعلمُ.
(1) جاء في حاشية (أ): ((للصغاني)).
(2)
جاء في حاشية (أ): ((لابن سيده)).
(3)
انظر: المحكم مادة (صحب).
(4)
التبصرة والتذكرة (559).
(5)
انظر: المحكم مادة (كتب).
(6)
التبصرة والتذكرة (560).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 461، والرواية عن ابن عمر في "تقييد العلم" للخطيب: 44، و"جامع بيان العلم" لابن عبد البر 1/ 66.
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 292. قال الزركشي في "نكته" 3/ 556: ((هكذا قال ابن شاهين في كتاب "الناسخ والمنسوخ": وقد جاء عن عمر الجواز)). وقال الحاكم في "المستدرك" 1/ 106: ((قد صحت الرواية عن عمر بن الخطاب أنه قال: قيدوا العلم بالكتابة)).
لعلَّ هؤلاءِ الذينَ كَرِهوهُ استندوا إلى النَّهيِ كحديثِ أبي سعيدٍ الذي ذكرَهُ، رواهُ مسلم في أواخرِ كتابِهِ قبلَ كتابِ التفسيرِ بقليلٍ (1)، ولم يبلغهُم خبرُ
الإباحةِ.
قولهُ: / 272أ / (وجَوَّزهُ أو (2) فَعلهُ) (3)، أي: وجَوَّزَهُ بالقولِ أو الفعلِ ((جماعةٌ))، أي: قالَ بعضُهم: إنَّه جائزٌ وفعلَهُ بعضُهم فعلمنا بفعلِهم له أنَّه عندَهم جائزٌ؛ لأنَّهم كانوا لا يُقدمونَ على غيرِ الجائزِ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ:((وممنْ روِّينا عنه إباحةَ ذلكَ، أو فعلَهُ)) (4) إلى آخره.
قولهُ: (لأبي شاهٍ)(5) رأيتُ على حاشيةِ كتابِ ابنِ الصلاحِ بخطٍّ لا أعرفهُ ما صورتُهُ: ((وقعَ في " المشارقِ " المقروءِ على الصغاني، والترمذيِّ المقروءِ على القاضي عياضٍ، وعليهما خطَّاهما بالتاءِ المثناةِ من فوق، والمحدثونَ من فضلاءِ مصرَ لا يروونَهُ إلا بالهاءِ، وكذا سمعَهُ الحافظُ زينُ الدينِ العراقيُّ)) (6).
(1) صحيح مسلم 8/ 229 (3004)(72). وأخرجه أيضاً: أحمد 3/ 12 و21 و39 و46 و56، والدارمي (456)، والنسائي في الكبرى (8008)، وفي فضائل القرآن، له
(33)
.
(2)
في (ب): ((إذ)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 462.
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 292.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 463.
(6)
قال النووي في " شرح صحيح مسلم " 3/ 506: ((هو بهاء تكون هاء الوقف والدرج، ولا يقال بالتاء
…
)).
وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 1/ 206: ((هو بهاء منونة))، وقال في مكان آخر 12/ 208:((وحكى السلفي أن بعضهم نطق بها بتاء في آخره وغلّطه، وقال: هو فارسيٌّ من فرسان الفرس الذين بعثهم كسرى إلى اليمن)). وانظر: الإصابة 4/ 100.
قولهُ: (وزالَ ذلك الخلافُ)(1) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((ولولا تَدوينُهُ في الكتبِ لدرسَ في الأعصرِ الآخرةِ)) (2).
قولهُ: (فقالَ له: اكتبْ)(3) في بعضِ الرواياتِ بيانُ سببِ السؤالِ كما سيأتي قريباً، وأخرجَ ابنُ سعد (4) هذا الحديثَ وزادَ أنَّه كانَ يُسمي صحيفتَهُ تلكَ الصادقةَ، رأيتُهُ بخطِّ بعضِ أصحابنا، وقال البلقينيُّ في " محاسنِ الاصطلاحِ":((أعلى من رُوي ذلك عنه من الصحابةِ: عمرُ بنُ الخطابِ، ثم عثمانُ بنُ عفان. أسند الرامهرمزيُّ في كتابِه " الفاصل " (5) بإسنادٍ ذكرَهُ عن عمرَ بن أبي سُفيانَ: أنَّه سمع عمرَ بنَ الخطابِ يقولُ: ((قيِّدوا العلمَ بالكتابِ))، وفي كتابِ المَرْزُبانيِّ من حديثِ عبدِ اللهِ بن راشدٍ، قال: قال / 272 ب / عثمانُ بنُ عفانَ رضي الله عنه (6): ((قيِّدوا العلمَ، قلنا: وما تقييدُهُ؟ قالَ: تعلَّموهُ وعلِّموهُ واستنسخوهُ))، وجاء عن طلحةَ بنِ عبيدِ اللهِ ما يقتضي جوازَ كتابةِ غيرِ القرآنِ، وأسندَ الرامهرمزيُّ عن
عبدِ اللهِ بنِ محمدِ بنِ عقيلٍ، قالَ:((كنتُ أذهبُ أنا وجعفرُ إلى جابرِ بنِ عبدِ اللهِ ومعنا ألواحٌ صغارٌ نكتبُ فيها الحديث)) (7)، وأسندَ المَرْزُبانيُّ بسندٍ - قيل: إنَّه جيدٌ - عن عبدِ اللهِ بنِ بريدةَ: ((أنَّ أناساً (8) من أهلِ الكوفةِ كانوا في سَفرٍ، ومعهم شَدَّادُ بنُ أوس، فقالَ رجلٌ: حَدِّثْنا
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 463.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 294.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 463.
(4)
الطبقات 2/ 373 و 4/ 262 و7/ 494.
(5)
المحدّث الفاصل: 377.
(6)
لم ترد في (ب).
(7)
المحدّث الفاصل: 370 - 371.
(8)
في (ف): ((ناساً)).
عن رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: ائتوني بصحيفةٍ ودواةٍ، فأتوه بِهما فقالَ: اكتبْ: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثاً))، وجاء نحوُ ذَلِكَ عنِ ابنِ عباسٍ، وأبي أمامةَ، وعتبانَ رضي الله عنهم، وقد سبقَ في الأصلِ ذكرُ أنسٍ، وعنهُ رواياتٌ، إحداها: أسندَها الرامهرمزيُّ (1) وغيرُهُ (2)، أنَّه كانَ يأمرُ بنيهِ أنْ يُقيِّدوا العلمَ بالكتابِ.
وأخرى أسندَها الرامهرمزيُّ (3) وغيرُهُ (4)، عن هبيرةَ بنِ عبد الرحمانِ، وأسندها البغويُّ في " معجمه الكبير " عن يزيد الرقاشيِّ:((كنا إذا أكثرنا على أنسِ بنِ مالكٍ ألقى إلينا مخلاةً)) (5)، وفي روايةِ الرّقاشيِّ:((أتانا (6) بمخالٍ فألقاها إلينا، وقال: هذه أحاديثُ كتبتُها عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم))، وفي / 273 أ / روايةِ الرقاشيِّ:((سمعتُها من رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكتبتُها (7) وعرضتُها)).
وعن أبي هُريرةَ رضي الله عنه نحو ذَلِكَ، وعن أنسٍ أيضاً:((كَتْبُ العلمِ فريضةٌ)).
وأمّا عبدُ اللهِ بنُ عمرو بنِ العاصِ فإنَّه إنَّما كتبَ بإذنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، جاءتْ عنه رواياتٌ مسندةٌ: منها من روايةِ عمرو بنِ شعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّهِ عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو:((قلت: يا رسول اللهِ، أكتُبُ ما أسمعُهُ منك؟ قالَ: نعمْ، قلتُ: في الغَضَبِ والرضا؟ قال: نعم، فإني لا أقولُ إلا حقَّاً)).
(1) المحدّث الفاصل: 368.
(2)
ابن سعد في " الطبقات " 7/ 22.
(3)
المحدّث الفاصل: 368.
(4)
بحشل في " تاريخ واسط ": 71.
(5)
هي ما يوضع فيه الحشيش والنبات إذا قُطع. لسان العرب مادة (خلا).
(6)
في جميع النسخ الخطية: ((ألقي إلينا)) ولعل الصواب ما أثبتنا، والله أعلم.
(7)
لم ترد في (ب).
وأسندَهُ الرامهرمزيُّ (1) بنحوِهِ، وفي بعضِ طرقِهِ:((قالتْ لي قريشٌ: إنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يتكلمُ في الرِّضا والغَضبِ، فلا تكتُب، فسألتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: اكتُبْ فوالذي نفسي بيدِهِ ما يخرُجُ مني إلا حقٌّ))، وحديثُ عبدِ اللهِ بنِ عمرو صحيحٌ، ولذلكَ خَرَّجَهُ الحاكمُ في " مستدركِهِ "(2) وله شواهدُ.
وقد جاءَ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرٍو رضي الله عنه (3) أنَّه قال: ((ما آسى (4) على شيءٍ إلَاّ على الصادقةِ، والصادقةُ صحيفةٌ استأذنتُ فيها النبيَّ صلى الله عليه وسلم أنْ أكتبَ فيها ما أسمعُ منه فأَذِنَ لي)) رواهُ الرامهرمزيُّ (5) منْ طريقِ ليثِ بنِ أبي سُليمٍ، عن مجاهدٍ، وأسند عن مجاهد، قال:((رأيتُ عندَ عبدِ اللهِ بنِ عمرو صحيفةً فذهبتُ أتناوَلُها، فقال: مَهْ يا غلامَ بَني مخزومٍ، قلتُ: ما كنتَ تَمنَعُني شيئاً، قالَ: هذه / 273ب / الصادقةُ فيها ما سمعتُهُ من رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم، ليس بيني وبينَهُ فيها أحدٌ))، وكانَ عبدُ اللهِ بنُ عمرو بسببِ الكتابةِ كثيرَ الحديثِ؛ ولذلك قالَ أبو هريرةَ: ((ما أحد
…
)) الأثرَ (6)، وقال:((كنتُ (7) أعي بِقلبي، وكانَ يَعي هوَ بقلبِهِ ويكتُبُ بيدِهِ)) (8)،
(1) المحدّث الفاصل: 365.
(2)
المستدرك 1/ 105.
(3)
لم ترد في (ب).
(4)
في " محاسن الاصطلاح ": ((أتينا))، وهو خطأ.
(5)
المحدّث الفاصل: 367.
(6)
أخرجه: البخاري 1/ 26 (113)، والرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ":368.
(7)
في (ف): ((أنت)).
(8)
أخرجه: أحمد 2/ 403، والرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ":369.
ومنها: عن عمرِو بنِ شُعيبٍ، عن أبيهِ، عن جدِّهِ، عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:(قيِّدوا العلمَ بالكتابِ)) (1).
ومنها: ما رواهُ عبدُ اللهِ بنُ المؤملِ، عن ابنِ جُريجٍ، عن عطاءٍ، عن عبدِ اللهِ بن عمرو رضي الله عنهما:((قلتُ: يا رسولَ اللهِ، أُقيِّدُ العلمَ؟ قالَ: نعمْ، قلتُ: وما تقييدُهُ؟ قال: الكتابُ)) (2)، ورواهُ ابنُ فارسٍ في كتابِ " مآخذ العلم "، ثم قالَ:((لم يروِه عنِ ابنِ جريجٍ - يعني: عن عطاءٍ - إلا عبد اللهِ بن المؤمَّلِ))، وقد رُوي ذلك عن أنسٍ رضي الله عنه، قال الرامهرمزيُّ في " الفاصل " (3):((حدَّثنا محمدُ ابنُ بهرامٍ الأرجانيُّ، حدثنا لوين، حدثنا عبدُ الحميدِ بنُ سليمانَ، عن عبدِ اللهِ بنِ المثنى، عن عمِّهِ ثمامةَ، عن أنسٍ رضي الله عنه، قال: قالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قيدوا العلم بالكتابِ)). قال لُوين: لم يروِهِ غيرُ هذا الشيخ)).
وما جاءَ في السُّنةِ جاء في القرآنِ أيضاً، قالَ ابنُ فارسٍ:((أعلى ما يحتجُّ به في ذلك قولهُ تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} (4)، قال الحسنُ البَصريُّ: ن: الدواةُ، والقلمُ: القلمُ)) (5). وقد ندبَ اللهُ إلى الكتابةِ في قوله: {فَاكْتُبُوه} (6)، وفي
(1) أخرجه: الرامهرمزي في "المحدّث الفاصل": 365، وابن الجوزي في "العلل المتناهية" 1/ 78.
(2)
أخرجه: الرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ": 364.
(3)
المحدّث الفاصل: 368.
(4)
القلم: 1.
(5)
هذا الأثر أسنده إلى الحسن البصري الطبري في " تفسيره "(2769) وكذا أسنده عن ابن عباس وقتادة (26768) و (26769).
وأسنده عبد الرزاق في " تفسيره "(3272) إلى الحسن وقتادة أيضاً وكذا أسنده إلى ابن عباس (3273) مطولاً.
(6)
البقرة: 282.
قوله: {وَلا تَسْأَمُوا أَنْ/274أ / تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلَى أَجَلِهِ} (1))). انتهى ذلك (2).
قلتُ: وعنِ ابنِ سعدٍ في " الطبقات "(3): ((أخبرنا موسى بنُ إسماعيلَ، حدَّثنا أبو هلالٍ، قالَ: قيلَ لقتادَةَ: يا أبا الخطابِ أنكتبُ ما نسمعُ؟ قالَ: وما يمنعُكَ أنْ تكتبَ وقد أنبأكَ اللطيفُ الخبيرُ: أنَّه قد كتبَ، وقرأ {فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} (4))).
وقد تقدّمَ في الوجادةِ حديثُ عمرَ، وعمرو بنِ شُعيب، عن أبيهِ، عن جَدِّهِ:((أيُّ الخَلقِ أعجبُ إيماناً؟))، وفي آخرهِ:((يجدونَ صحفاً فيها كتابٌ يؤمنونَ بما فيها)). انتهى.
رجعَ إلى المحاسنِ: ((ومن صحيحِ حديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ذلك حديثُ: ((اكتُبوا لأبي شاهٍ)) في " الصحيحينِ "(5))).
قلتُ: خَرَّجَهُ البخاريُّ في كتاب " العلم "(6) عن أبي هريرةَ رضي الله عنه بلفظِ: ((اكتبوا لأبي فلانٍ))، وفيه (7) من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما، قال: لما اشتدَّ برسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وجعُهُ قال: ((ائتوني بكتابٍ اكتبْ لكمْ كتاباً لا تضلوا بعدَه
…
)) الحديثَ. انتهى.
(1) البقرة: 282.
(2)
أي: انتهى كلام البلقيني، وهو في محاسن الاصطلاح: 296 - 299.
(3)
طبقات ابن سعد 7/ 230.
(4)
طه: 52.
(5)
صحيح البخاري 1/ 38 - 39 (112)، وصحيح مسلم 4/ 110 - 111 (1355)، وتفصيل طرقه في تحقيقنا لشرح التبصرة والتذكرة 1/ 463.
(6)
صحيح البخاري 1/ 38 - 39 (112).
(7)
أي: في كتاب العلم من صحيح البخاري، وهو فيه 1/ 39 (114).
رجعَ. لكنَّ الأحاديثَ السابقةَ أصرحُ من حديثِ أبي شاهٍ في تعميمِ الإذنِ لجوازِ (1) أنْ يُدَّعى فيهِ أنَّه واقعةُ عينٍ.
وأسندَ الرامهرمزي (2) وغيرُهُ (3) عن عَبَّاية بنِ رفاعة (4)، عن (5) رافع بن خديج رضي الله عنه، قالَ: مرَّ علينا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يوماً ونحنُ نتحدثُ
…
فذكرهُ إلى أنْ قالَ: قلتُ: يا رسولَ اللهِ، إنّا نسمعُ منكَ أشياءَ أفنكتبُها؟ قالَ:((اكتبوا ذَلِكَ ولا حرجَ))، وعن عائشة رضي الله عنها، قالتْ: دعا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم علياً رضي الله عنه بأديمٍ ودواةٍ فأملى عليهِ وكتبَ حتَّى ملأَ الأديمَ / 274ب /، وعن عليٍّ رضي الله عنه: إذا كتبتُمُ الحديثَ فاكتبوهُ بسندِهِ (6)، وقال بعضُ مَنْ صنَّفَ منَ المتأخرينَ في اعتراضاتٍ على ابنِ الصلاحِ:((وفي " أدبِ الدنيا والدين " (7) للماورديِّ: رُوِيَ أنَّ رجُلاً شكا إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم النِّسيانَ، فقالَ:((استعملْ يدكَ)) أي: اكتبْ حتى ترجعَ إذا نسيتَ إلى ما كتبتَ))، والعجبُ من محدثٍ يتركُ نقلَ الحديثِ من كتبِهِ، ويعدلُ إلى غيرها، فالحديثُ أخرجَهُ الترمذيُّ (8) في باب (9)" الرخصة في كتابةِ العلمِ "
(1) في (ب): ((بجواز)).
(2)
المحدّث الفاصل: 369.
(3)
الطبراني في " الكبير "(4410)، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1/ 151:((وفيه أبو مدرك، روى عن رفاعة بن رافع، وعنه بقية، ولم أرَ من ذكره)).
(4)
في جميع النسخ الخطية و" المحدّث الفاصل ": ((رافع))، والصواب ما أثبته تبعاً لتهذيب الكمال 4/ 80 (3137).
(5)
في جميع النسخ الخطية زيادة: ((أبيه))، والصواب ما أثبته تبعاً لمعجم الطبراني.
(6)
أخرجه الذهبي في " ميزان الاعتدال " 4/ 98، وحكم عليه بالوضع.
(7)
أدب الدنيا والدين: 66.
(8)
الجامع الكبير (2666)، وأخرجه الخطيب في " تقييد العلم ": 66 و67.
(9)
في (أ) و (ب): ((كتاب))، والتصويب من (ف) و" جامع الترمذي ".
فقالَ: ((حدَّثنا قتيبةُ، حدَّثنا الليثُ، عنِ الخليلِ بنِ مرةَ، عن يحيى بنِ أبي صالحٍ، عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، قالَ: كانَ رجلٌ من الأنصارِ يجلسُ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيسمعُ منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم الحديثَ فيعجبُهُ، ولا يحفظُهُ فشكا ذَلِكَ إلى رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ: يا رسولَ اللهِ، إني أسمعُ منك الحديثَ فيعجبني ولا أحفظُهُ، فقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((استعنْ بيمينكَ وأومأ بيدِهِ إلى الخطِّ)).
قالَ الترمذيُّ: وفي البابِ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو، وهذا حديثٌ ليسَ إسنادُهُ بذلك (1) القائمِ، سمعتُ محمدَ بنَ إسماعيلَ يقولُ: الخليلُ بنُ مُرَّةَ منكرُ الحديثِ)).
وفي المسألةِ مذهبٌ ثالثٌ: وهو أنْ يكتبَ، فإذا حفظَ محاهُ، رواهُ الرامهرمزيُّ (2)(3) عن عبدِ الرحمانِ بنِ سلمةَ الجُمحيِّ. ومحمد بن سيرينَ كان لا يرى بكتابةِ الحديثِ بأساً، فإذا حفظَهُ محاهُ (4). وعاصمُ بنُ ضمرةَ كانَ يسمعُ الحديثَ ويكتُبُه / 275 أ / (5) فإذا حفظَهُ دعا بمقراضٍ فقرضهُ (6). وهشامُ بنُ حسَّان اتفقَ له أنَّه لم يكتبْ إلا حديثاً واحداً ثم محاهُ (7)، وكذا جرى لخالدٍ الحذَّاءِ، وحماد بن سلمةَ (8)، وممنْ أباحَ ذلك مطلقاً أبو المَليحِ (9)، ومنْ مُلح ما قال:
(1) في (ف): ((بذاك)).
(2)
من قوله: ((وفي المسألة مذهب ثالث
…
)) إلى هنا تكرر في (ف).
(3)
المحدّث الفاصل: 382.
(4)
المحدّث الفاصل: 382.
(5)
من قوله: ((بأساً، فإذا حفظه
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(6)
المحدّث الفاصل: 382.
(7)
المحدّث الفاصل: 383.
(8)
المحدّث الفاصل: 383.
(9)
أبو المَليح بن أسامة بن عمير، أو عامر بن عمير بن حنيف بن ناجيه الهذلي، اسمه عامر، وقيل: زيد، وقيل: زياد، ثقة، توفي سنة (98 هـ)، وقيل:(108 هـ). التقريب
(8390)
.
يعيبونَ (1) علينا أن نكتبَ العلمَ وندوِّنَهُ، وقد قال الله عز وجل:{عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسَى} (2)، ورَوَى الرامهرمزيُّ (3) ذلك عن قتادةَ.
وجاء عن معاويةَ بنِ قرةَ: ((مَن لم يكتبِ العلمَ لم يُعدَّ علمُهُ علماً)) (4)، وأسندَ الرامهرمزيُّ (5) إلى عبدِ اللهِ بنِ دينارٍ قال:((كتبَ عمرُ بنُ عبدِ العزيزِ إلى أهلِ المدينةِ: انظروا ما كانَ من حديثِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فاكتبوهُ فإني خفتُ دروسَ العلمِ وذهابَ العلماءِ))، وعن يزيدَ الرقاشيِّ:((حججتُ مع عمرَ بنِ عبدِ العزيزِ فحدَّثتُهُ بأحاديثَ عن أنسِ بنِ مالكٍ فكتبها، وقال: ليس عندي مالٌ فأعطيكَ، ولكنْ أفرضُ لكَ في الديوانِ، ففرضَ له أربعَ مئةِ دِرهمٍ (6))). انتهى كلامُ البلقينيِّ (7) وتصرّفتُ في بعضِهِ.
قولهُ: (وهذا الاستدلالُ)(8)، أي: ما يتعلقُ بالسَّهميِّ ((منَ الزوائدِ))، وأمّا حديث أبي شاهٍ ففي كتابِ ابنِ الصلاحِ (9).
قولهُ: (أنَّ أبا هُريرةَ كانَ يكتُبُ)(10) يحتملُ أنْ تكونَ الكتابةُ على حقيقتِها،
(1) في جميع النسخ الخطية: ((يعتبون))، والتصويب من مصادر التخريج.
(2)
طه: 52. وهذا الأثر أخرجه: الخطيب في " تقييد العلم ": 110، وابن عبد البر في
" جامع بيان العلم " 1/ 73.
(3)
المحدّث الفاصل: 372.
(4)
تقييد العلم: 109.
(5)
المحدّث الفاصل: 373 - 374.
(6)
المحدّث الفاصل: 372.
(7)
محاسن الاصطلاح: 300 - 302.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 464.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 293.
(10)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 464.
وأنَّه كتبَ بعد موتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويحتملُ أنْ تكون مجازاً بأنَّه أمر من يكتب (1)، ويحتملُ أنْ يكونَ من نقلَ عنهُ أنَّه كتبَ استند إلى / 275ب / قولهِ: ((حفظتُ عن رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم جِرابينِ
…
)) (2) الأثرَ، وهذا لا يدلُّ على كتابتِهِ حقيقةً، فإنَّه محمولٌ على أنَّ علمهُ نوعانِ: منه ما يُبلِّغهُ، ومنه ما يخشى الفتنةَ من تبليغِهِ، ويحتملُ أنَّه يريدُ أنّ كل نوعٍ منهما لو كُتبَ لكانَ ملءَ (3) جرابٍ، ويحتملُ أنْ يكونَ مكتوباً مَحشوَّاً في جرابٍ حقيقةً، ولكنْ بخطِّ غيرِهِ، والله أعلم.
قولهُ: (لخوفِ اختلاطِهِ بالقرآنِ)(4)، أي: بسبب أنَّه لم يكن اشتدَّ إلفُ الناسِ له، وكثرَ حُفَّاظُهُ والمعتنونَ به، فلما ألفَهُ الناسُ وعرفوا أساليبَهُ وكمالَ
بلاغاتِهِ، وحسنَ تناسُبِ فواصلِهِ وغاياتِهِ، صارتْ لهم ملكةٌ يميزونَهُ بها عن غيرِهِ، فلم يُخشَ اختلاطُهُ بعدَ ذلك (5).
قولهُ (6): (وخيفَ اتكالُهُ)(7) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((وأخبرنا أبو الفتحِ بنُ عبدِ المُنْعمِ الفُرَاوِيُّ (8) قراءةً عليهِ بنيسابورَ - جَبَرها الله -، قال: أخبرنا أبو المعالي الفارسيُّ، أخبرنا الحافظُ أبو بكرٍ البَيْهَقيُّ، أخبرنا أبو الحسينِ بنُ بِشْرانَ، أخبرنا أبو عمرو
(1) من قوله: ((ويحتمل أن تكون مجازاً بأنه أمر من يكتب)) لم ترد في (ف).
(2)
أخرجه: البخاري 1/ 41 (120)، والحديث هو:((حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعاءين فأما أحدهما فبثثته، وأما الآخر فلو بثثته قُطع هذا البلعوم)).
(3)
في (أ): ((ملء الأرض)).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 464.
(5)
توضيح الأفكار 2/ 365 - 366.
(6)
لم ترد في (ب).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 464.
(8)
هذه النسبة إلى فراوة، وهي بليدة مما يلي خوارزم، وضبطها بعضهم: بضم الفاء، وبعضهم
…
بفتحها. انظر: الأنساب 4/ 615، ووفيات الأعيان 4/ 291، وتبصير المنتبه 3/ 1100، ومعجم البلدان 4/ 245.
بن السَّماك، حدَّثنا حَنبلُ بنُ إسحاقَ، حدَّثنا سليمانُ بنُ أحمدَ، حدَّثنا الوليدُ هو ابنُ مسلمٍ، قال: كان الأوزاعيُّ يقولُ: كانَ هذا العلمُ كريماً يَتَلاقاهُ الرجالُ بينَهم فلما دَخَل في الكُتُبِ دَخَل فيه غيرُ أهلِهِ)) (1).
قولهُ: (فربَّما كتبوهُ معهُ)(2) قال شيخُنا: ((الذي يظهرُ لي أنَّ من ذلك قراءةَ بعضِ الشواذِّ: ((فلما خرَّ تبينتِ الجنُّ (3) أنْ (4) لو / 276أ / كانُوا يعلمونَ الغيبَ ما لبثوا حولاً في العذابِ المهينِ))، والله أعلم)) (5).
قولهُ: (ما يُستعجَمُ)(6)، أي: يوجدُ مُشكلاً شديداً على الفَهْمِ غيرَ (7) منقادٍ له، كما يشتدُ العجمُ - أي: النَّوى - على المضغ، فيكونُ بذلك كأنّه طالبٌ لإعجامِ نفسِهِ بأن لا يفهمَ.
قولهُ: (لا ما يفهم)(8)، أي: مِنْ غيرِ إشكالٍ (9).
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 294.
والأثر أخرجه من طريق الوليد بن مسلم، عن الأوزاعي: الخطيب في " تقييد العلم ": 64، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " 1/ 68، وأخرجه: الدارمي (473) من طريق ابن المبارك، عن الأوزاعي. وانظر: محاسن الاصطلاح: 302.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 464.
(3)
في (ب) و (ف): ((تبينت الإنس أنَّ الجنَّ .. )).
(4)
لم ترد في (ب).
(5)
الآية من سورة سبأ: 17، وانظر: معجم القراءات القرآنية 5/ 150.
(6)
التبصرة والتذكرة (561).
(7)
لم ترد في (ب).
(8)
التبصرة والتذكرة (561).
(9)
عبارة: ((قوله: (لا ما يفهم)، أي: من غير إشكال)) لم ترد في (ف).
قولهُ: (وَليكُ)(1)، أي: وليكنْ ضبطُ المشكلِ في الأصلِ، وفي الهامشِ بأنْ تُعادَ كتابتُهُ في الهامشِ (2) مع تقطيعِ حروفِهِ، فضبطُهُ فيه مُصاحباً لتقطيعِ الحروفِ أنفعُ منْ ضَبْطِهِ فيه مجتمعَ الحروفِ.
قلتُ: والمتبادرُ إلى الذِّهنِ أنَّ الشيخَ زادَ تقطيعَ الحروفِ، وأسقطَ قولَ ابنِ الصلاحِ أنَّ الكلمةَ تكتبُ في الهامشِ مفردةً - أي: غيرَ (3) مقطّعةِ الحروفِ - (4) لكنْ يمكنُ تحميلُ كلامِهِ ذلكَ بتأويلٍ دلّنا عليه قولهُ: ((فهو أنفع))، أي: وليكنِ الضبطُ للمشكلِ في الأصلِ، وفي الهامشِ، وبعدَ (5) كتابتِهِ فيه مجتمعَ الحروفِ.
قلتُ: يكتُبُه في الهامشِ مع تقطيعِهِ لحروفِهِ؛ فإنَّ تقطيعَهُ لها أنفعُ من كتابتِهِ إياها مجتمعةً كما قال ابنُ الصلاحِ (6)، ولو قال: وفي الهامشِ بل يقطّعُ الحروفَ فهو أكملُ كانَ أحسنَ، أي: وليكنْ ضبطُهُ في الأصلِ وفي الهامشِ مجتمعاً، كما قالَ ابنُ الصلاحِ، ولا يقتصرُ على ذلك بل إذا أرادَ المبالغةَ في البيانِ فإنَّه يقطعُ الحروفَ، فتقطيعُها أكملُ بياناً من كتابتِها مجموعةً.
قولهُ: (يَنبغي لطالبِ العلم)(7) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ثم إنَّ على كَتَبَةِ الحديثِ وَطَلَبتِهِ / 276ب / صَرْفَ الهِمَّةِ إلى ضَبْطِ ما يكتبونَهُ، أو يُحصِّلونَهُ بخطِّ
(1) التبصرة والتذكرة (563).
(2)
في (ب) و (ف) بعد كلمة الهامش: ((مضبوطاً كائناً ضبطه في الهامش)).
(3)
لم ترد في (ب).
(4)
معرفة أنواع علم الحديث: 295.
(5)
في (ب) و (ف): ((بعد)).
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 295.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
الغَيرِ (1) من مرويَّاتِهم على الوجْهِ الذي رووهُ شَكلاً ونَقْطاً يُؤمَنُ معها (2) الالتباسُ، - قال: - وإعْجامُ المكتوبِ يَمنعُ من استِعجامِهِ، وشَكْلُهُ يَمْنعُ من إشْكالِهِ)) (3). انتهى.
والإعجامُ: إزالةُ العجمةِ، وهي الاستغلاقُ، والاستغلاقُ (4): إيجادُها أو طلبُهُ.
قولهُ: (والصوابُ الإعجامُ)(5) ليسَ كلامُ الأوزاعيِّ خطأ ففي " الصحاحِ"(6): ((العَجْمُ النَقْطُ بالسوادِ مثل التاءِ عليه نقطتانِ، يقال: أعجمتُ الكتاب)) (7)، وقال صاحبُ " القاموسِ " (8):((وأعجمَ فلانٌ الكلام (9) ذهبَ به إلى العُجْمةِ، والكتابَ نَقَطَهُ كعَجَمه وعَجَّمه، وقولُ الجوهريِّ: لا تَقُلْ (10): عجمتُ، وهمٌ)). انتهى.
فأعجمهُ للإزالةِ، وعَجَمهُ جعلَ له عَجْماً، أي: نَقْطاً، فمرادُ الأوزاعيِّ أنَّ
(1) قال الزركشي في " نكته " 3/ 568: ((قد استنكر بعض أهلِ اللغة إدخال الألف واللام على غير
…
)). أقول: انظر بيان ذلك في " تهذيب الأسماء واللغات " 3/ 65.
(2)
في (ف): ((معهما)).
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 294.
(4)
في (ف): ((الاستعجام)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
(6)
الصحاح مادة (عجم).
(7)
في " الصحاح ": ((الحرف)).
(8)
القاموس المحيط مادة (عجم).
(9)
زيادة من " القاموس المحيط ".
(10)
في جميع النسخ الخطية: ((لا يقال))، والمثبت من " القاموس المحيط ".
النَّقْطَ نفسُهُ نورٌ، لا المصدر الذي هو الإعجامُ، قال شيخُنا:((ولا يمنعُ (1) إطلاقُ العَجْمِ على الإعجامِ، غايتُهُ: أنْ يكونَ مصدراً جارياً على غيرِ فعلِهِ كالنباتِ مع الإنباتِ في قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الأَرْضِ نَبَاتاً} (2) ونحو ذلك)).
قولهُ: (أي: يُبيِّنُ)(3) بدلٌ منَ النَّقْطِ.
قولهُ: (والشَّكْلُ)(4) يقال: شَكَلَ الكتابَ: أعْجَمَهُ وقَيَّدَهُ بالإعرابِ كأشكَلَه، كأنَّهُ أزالَ عنه الإشكالَ، هكذا في " القاموسِ "(5) و" الصحاح "(6)، وفي " المُجمل " (7):((شَكلتُ الكتابَ أشْكلُهُ شَكْلاً، إذا قيدتُهُ بعلاماتِ الإعرابِ))، وقالَ أبو عبدِ اللهِ القزازُ:((وشكلتُ الدابةَ أشكلُهُ شكلاً: شددْتُ / 277أ / قوائمَهُ بالشكالِ، ومنْ هذا أخذ شكل الحروفِ؛ لأنَّه ضبطُها وتقييدُها فلا يلتبسُ إعرابُها، وأشكلتُ الشيءَ إذا أزلتُ إشكالَهُ)).
قولهُ: (لا تُضْبَطُ)(8) إلى آخره. هذا الحصرُ ليسَ على بابِهِ، بل مثلُ ((الحجُّ عرفة)) (9)، فإنَّ نَفْعَ النَّقطِ أعظمُ وأعمُّ من نفعِ الشكلِ.
(1) في (ف): ((يمتنع)).
(2)
نوح: 17.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
(5)
القاموس المحيط مادة (شكل).
(6)
الصحاح مادة (شكل).
(7)
مجمل اللغة مادة (شكل).
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
(9)
أخرجه: الطيالسي (1309) و (1310)، والحميدي (899)، وأحمد 4/ 309 و310 و335، وأبو داود (1949)، والترمذي (889) و (890)، وابن ماجه (3015)، والنسائي 5/ 264 من حديث عبد الرحمان بن يعمر.
قولهُ: (إنما يُشْكَلُ ما يُشْكِلُ)(1) حسَّنَهُ ابنُ الصلاحِ وأتبعَهُ بقوله: ((وقرأتُ بخَطِّ صاحبِ كتابِ " سماتِ الخطِّ ورُقُومِهِ ")) (2) فذكرهُ دليلاً عليه، فإنَّ قولهُ:((أهلُ العلمِ)) (3) يقربُ منَ الإجماعِ.
قولهُ: (يُشكلُ الجميعُ)(4) وجدتُ بخطِّ العلامةِ شمسِ الدينِ بنِ حَسَّانَ رحمه الله: ((وجدتُ الحافظينِ شيخَ الإسلامِ السِّلفيَّ والمزِّيَّ يضبطانِ الأمورَ الواضحةَ، حتى أنَّ السِّلفيَّ تكررَ له ضبطُ الخاءِ من ((أخبرنا))، والمزيُّ قد يسكِّنُ النُّونَ منْ ((عن))))، وقد يُقالُ: إنَّ مثلَ ذلك يكونُ عن غَيرِ قَصدٍ، بل تسبقُ إليه اليدُ، لكنَّ مُراعاةَ ضبطِ غيرِ ذلكَ مع الكثرةِ والوضوحِ مما يُقوي الاعتناءَ بهِ.
قولهُ: (وربَّما ظُنَّ أنَّ الشيءَ غيرُ مُشْكِلٍ)(5) قال ابنُ الصلاحِ: ((وكثيراً ما يَتهاونُ بذلك الواثِقُ بذهنِهِ وتيقُّظِهِ، وذلك وخيمُ العاقبةِ؛ فإنَّ الإنسانَ مُعرَّضٌ للنِّسْيانِ، وأولُ ناسٍ أولُ الناسِ)) (6).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465، وانظر: المحدّث الفاصل: 608، والإلماع: 15، ونكت الزركشي 3/ 569.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 295.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 295.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 465.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 466.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 294. وآخر قول ابن الصلاح إشارة إلى عجز بيت لأبي الفتح البستي، أوله:
نسيتُ وعدكَ، والنسيان مُغتفر
…
فاغفر فأول ناسٍ أول الناس
انظر: الغيث المنسجم في شرح لامية العجم للصفدي 2/ 208، ونكت الزركشي 3/ 565، وفتح المغيث 2/ 148.
قولهُ: (الجَنين)(1) رأيتُ عن " تهذيبِ الأسماءِ واللغاتِ " لشيخِ الإسلامِ النوويِّ ما نصُّهُ: ((الروايةُ / 277ب / المشهورةُ برفعِ ((ذكاة))، وبعضُ الناسِ ينصبُها، ويجعلُهُا بالنصبِ دليلاً لأصحابِ أبي حَنيفةَ في أنَّه لا يحلُّ، ويقولون (2) تقديرُهُ كذكاةِ أمهِ، حذفت الكافُ فانتصبَ، وهذا ليسَ بشيءٍ؛ لأنَّ الروايةَ المعروفةَ بالرفعِ، وكذا نقلهُ الخطابيُّ وغيرُهُ، وتقديرُهُ على الرفعِ يحتملُ أوجهاً، أحسنُها: أنّ ((ذكاة الجنينِ)) خبرٌ مقدمٌ، و ((ذكاة أمِّهِ)) مبتدأٌ، والتقديرُ: ذكاةُ أمِّ الجنينِ ذكاةٌ لهُ، ثمَّ ذكر شاهداً، ثمَّ قال: وذلك لأنَّ الخبر ما حصلتْ به الفائدةُ، ولا تحصلُ إلا بما ذكرناهُ، وأما روايةُ النصبِ على تقديرِ صحتِها، فتقديرُها: ذكاةُ الجنينِ حاصلةٌ وقتَ ذكاةِ أمه، وأما قولهُم: تقديرُهُ: كذكاةِ أمِّهِ، فلا يصحُّ عندَ النحويينَ، بل هو لحنٌ، وإنمَّا جاءَ النصبُ بإسقاطِ الخافضِ في مواضعَ معروفةٍ عندَ الكوفيينَ بشرطٍ ليسَ موجوداً هاهنا، والله أعلم)) (3).
قولهُ: (ولا قبلَهُ ولا بَعْدَهُ)(4) إلى آخرِهِ. إنْ قيلَ: الراوي والشيخُ مما يدلُّ على الشخصِ، قيل: ذلكَ نادرٌ، والكلامُ في عمومِ الناسِ.
قولهُ: (بضبط)(5) متعلقٌ بـ ((الالتباسِ))، أي: لأنَّهُ إذا ضبطَهُ في أثناءِ الأسطرِ ربما داخَلَهُ نقطُ غيرِهِ وشكلُهُ مما فوقَهُ وتحتَهُ، لاسيما عندَ دقةِ الخطِّ وضيقِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 466.
(2)
في جميع النسخ الخطية: ((ويقول))، والمثبت من " تهذيب الأسماء واللغات ".
(3)
تهذيب الأسماء 3/ 111 - 112، وانظر في المسألة: الإلماع: 150، والنهاية في غريب الحديث 2/ 164، وفيض القدير 3/ 563، وعون المعبود 3/ 23، وبذل المجهود 13/ 68 - 69، وسبل السلام 4/ 1855 - 1856، ونيل الأوطار 8/ 145 - 146.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 466.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 467.
الأسطرِ، فيصيرُ بسببِ ذلك مشكلاً.
قولهُ: (ولم يَتَعَرضا لتقطيعِ حروفِ الكلمةِ)(1) رُبَّما يشاحَحُ في هذا بأنَّ القاضي قال (2): ((في الحروفِ / 278أ / المشكلة)) (3)، فقد صرَّحَ بالحروفِ بدليلِ عطفِ الكلماتِ عليها، أي: إذا كانَ في الكلمة حرفٌ مشكلٌ أو حرفان كُتِبَ ذلك الحرفُ على الهامشِ، مثل: عبس، تكتبُ الباء في الهامشِ مفردةً لئلا يظنَّ أنَّها نونٌ، وكذا إذا كانت حروفُ الكلمةِ كلُّها مشتبهةٌ فإنَّهُ يرسمُ ذلك الحرفَ المشتبَهَ مفرداً، وكلُّ حَرفٍ فَرضناهُ منها وجدناهُ مشكلاً فيلزمُ أنْ نكتبَ جميعَ حروفِها مقطعةً، وإنمَّا قال:((أنْ يرسمَ ذلك الحرفَ)) فوحد ليشملَ الواحدَ، ويفهمَ منهُ ما فوقَهُ؛ لأنَّه لا يخرجُ عن كونِهِ حرفاً بانضمام غيرِه إليه.
وعبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((يُستحبُّ في الألفاظِ المشكلةِ أنْ يُكرَّرَ (4) ضَبْطُها، بأن يَضبطَها (5) في مَتْنِ الكتابِ ثم يكتُبُها قُبالةَ ذلك في الحاشيةِ مفردةً مضبوطةً، فإنَّ ذلك أبلغُ في إبانتِها وأبعدُ من التِباسِها)) (6).
فقولهُ (7): ((مفردةً)) يمكن حملُهُ (8) على إفرادِ الكلمةِ نفسِها، ولو كانتْ مجتمعةَ الحروفِ، وعلى إفرادها مفردةَ الحروفِ، والله أعلم.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 467.
(2)
لم ترد في (أ).
(3)
الإلماع: 156 - 157.
(4)
في (ف): ((يكون)).
(5)
انظر: الاقتراح: 386، ونكت الزركشي 3/ 572.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 295.
(7)
من قوله: ((مفردة مضبوطة
…
)) إلى هنا لم يرد في (ف).
(8)
في (ف): ((حملها)).
قولهُ:
564 -
وَيُكْرَهُ الْخَطُّ الرَّقِيْقُ إِلَاّ
…
لِضِيْقِ رَقٍّ أَوْ لِرَحَّالٍ فَلا
565 -
وَشَرُّهُ التَّعْلِيْقُ وَالْمَشْقُ، كَمَا
…
شَرُّ الْقِرَاءةِ إذا مَا هَذْرَمَا
المراد بالكراهةِ كراهةُ التنْزيهِ، ويستدلُّ لها بقولِ عمرَ رضي الله عنه في المشقِ، قياساً على المشق؛ لأنَّه لم يكره إلا لما يؤدي إليه منَ الإلباسِ باختلاطِ الحروفِ فلا يقرؤهُ إلا الفطنُ كما أنَّه لا يقرأ الدقيقَ إلا قويُّ البصرِ.
قولهُ: (أو لرحالٍ / 278ب / فلا)(1) كانَ يجبُ عليهِ إسقاطُ الفاءِ من
((فلا)) ليوافقَ الضرب العروضَ في القطعِ؛ فإنَّ العروض في الرجزِ إذا كانتْ مقطوعةً لزمَ أنْ يكونَ الضربُ مثلَها، إنْ كان الشطرانِ بيتاً واحداً، وإنْ كانا بيتينِ فلتوافقِ القافية، فإنَّ قافيةَ الأولِ متواترٌ، والثاني على ما استعملَهُ متراكبٌ، اللهمَّ إلا أنْ يدّعى مع ذلك أنَّ كلَّ بيتٍ بمنْزلةِ القصيدةِ الكاملةِ حتى لا تعتبرَ موافقتُهُ لما قبلَهُ ولا لما بعدَهُ.
قولهُ: (التعليقُ)(2) الذي يظهرُ في تفسيرِهِ أنَّهُ خلطُ الحروفِ التي ينبغي تفرقتُها، وذهابُ (3) أسنانِ ما ينبغي إقامةُ أسنانِهِ، وطمسُ ما ينبغي إظهارُ بياضِهِ، ونحو ذلكَ، وكأنَّ المَشْقَ إنما كُرِهَ؛ لأنَّهُ يجرُّ غالباً إلى التعليقِ، وكأنَّ الهذرمةَ كُرهتْ خوفاً مما تؤدي إليه غالباً من خَفاءِ بعضِ الحروفِ.
قولهُ: (لابنِ أخيهِ حنبل)(4) ليسَ هو ابنُ أخيهِ، وإنَّما هو ابنُ عمهِ، فإنَّهُ حَنبلُ بنُ إسحاقَ بنِ حَنْبلٍ، وأحمدُ بنُ محمدِ بنِ حَنْبلٍ، فإسحاقُ ومحمد - والدُ
(1) التبصرة والتذكرة (565).
(2)
التبصرة والتذكرة (565).
(3)
في (ف): ((وإذهاب)).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 469.
أحمدَ - أخوانِ (1)، وقد ذكرَ الشيخُ هذا على الصوابِ في " تاريخِ الوفياتِ ".
قال شيخُنا: ((قال بعضُهم ما معناهُ: إنَّ الذي يكتبُ الخطَّ الدقيقَ يكونُ قصيرَ الأملِ، أي: لا يأملُ أنْ يعيشَ طويلاً؛ لأنَّه لو أمَّلَ ذلك خافَ ضعفَ
البصرِ)).
قولهُ: (يَخُونُكَ)(2) قال ابنُ الصلاحِ عقَبهُ: ((وبَلَغَنا عن بعضِ المشايخِ أنَّهُ كانَ إذا رأى خطَّاً دقيقاً / 279أ / قال: هذا خطُّ مَنْ لا يُوقِنُ بالخَلَفِ (3) من الله تعالى (4))) (5).
قولهُ: (الوَرَق أو الرِّق)(6) لم يذكرِ ابنُ الصلاحِ إلا الورَقَ، وهو في كلامِهِ بفتحِ الراءِ مراداً بهِ القرطاسُ، وأما في كلامِ الشيخِ فالظاهرُ أنَّه أرادَ بالوَرقِ الدراهمَ فيكونُ مكسور الراءِ، والرقُّ القرطاسُ، وقد لا يلزمُ من ضيقِ أحدهما ضيق الآخرِ.
قولهُ: (تحقيقُ الخَطِّ)(7) يعني: يكتبُ كلَّ حرفٍ على ما يحقُّ له منَ التجويدِ.
(1) انظر: سير أعلام النبلاء 13/ 51.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 468.
(3)
قال الزركشي في " نكته " 3/ 572: ((بفتحتين - أي: الخلف - ما يخلف من بعد، يشير إلى أن داعيته الرص على ما عنده من الكاغد، إذ لو كان يعلم أنه مستخلف لوسع)).
وانظر عن معنى الخلف: لسان العرب مادة (خلف)، وتاج العروس مادة (خلف).
(4)
لم ترد في (ف).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 295 - 296.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 468.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 468.
قولهُ في قولهِ: (ويُنْقَطُ المُهْمَلُ)(1): (أسفلا)(2) هو ظَرفٌ حُذفَ ما يُضافُ إليه، ولم يُنوَ لفظُهُ ولا معناهُ، فهو نكرةٌ منونٌ لذلك، كما قرئ {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلٍ وَمِنْ بَعْدٍ} (3) بالجرِّ والتنوينِ، وهو في هذه الحالةِ مسلوخٌ منَ الظرفيةِ، قال سيبويه بعد النصفِ من كتابِهِ في بابِ الظروفِ المتمكنةِ:((أجروا هذا (4) - يعني: حالَ التنوينِ مجرى الأسماءِ المتمكنة - لأنَّها تضافُ، وتستعملُ غيرَ ظرفٍ)) (5). انتهى.
ويجوزُ أنْ يكونَ نَوَى لفظَ المضافِ إليهِ فيكون منصوباً، كما لو كانَ المضافُ إليهِ منطوقاً فهو غيرُ مُنوَّنٍ كما قرئ {لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلِ وَمِنْ بَعْدِ} (6) مكسوراً بغيرِ تنوينٍ، فيكون التقديرُ هنا أسفله، ويجوزُ أنْ يكونَ تَركَ تنوينَهُ في الوجهِ الأولِ؛ لأنَّه غيرُ منصرفٍ للوصفِ ووزنِ الفعلِ، فتكون الألفُ للإطلاقِ، ويجوزُ أنْ يكونَ منوَّناً؛ لأنَّ الشعرَ يصرفُ فيه الممنوعُ وتكون الألفُ بدلَ التنوينِ، وهو في هاتينِ الحالتينِ معربٌ، كما أنَّه معربٌ إذا لفظَ بالمضافِ إليه لبقائه في هذه الحالاتِ الثلاثِ على الأصلِ؛ لأنَّهُ لم يكملْ فيها شبههُ بالحرفِ، ولو نُوي المعنى دونَ اللفظِ بُنيَ على الضمِّ.
قال المراديُّ: ((للشبهِ بحرفِ الجوابِ / 279ب / في الاستغناءِ به عما بعدَهُ مع ما فيهِ منْ شبهِ الحرفِ بالجمودِ، والافتقار)). انتهى.
(1) التبصرة والتذكرة (566).
(2)
التبصرة والتذكرة (566).
(3)
الروم: 4.
(4)
في (أ) و (ب): ((هذه)).
(5)
الكتاب 3/ 289.
(6)
الروم: 4.
واختير الضمُّ للبناءِ؛ لأنَّها حركةٌ لا تكونُ له في حالةِ إعرابِهِ فلا تلبسُ.
قولهُ: (صَفّاً)(1) هو منصوبٌ على الحالِ منْ ضميرِ خبر المبتدأ، أي: والبعضُ قالوا: نقطُ السينِ تحتها ((صفاً))، أو يكونُ مصدراً دالاً على خبر العاملِ فيه، وسادَّاً مَسَدَّهُ، تقديرُهُ: يصفُ تحتَها صفّاً.
قولهُ: (كالأثافي)(2) هو جمعُ أُثفيَّةٍ بضمِّ الهمزةِ وبكسرِها وتشديدِ الياءِ التحتانيةِ، الحجرُ توضعُ عليه القدرُ، جمعُهُ: أثافيّ بتشديد الياءِ، وآثافٍ منقوصاً (3).
قولهُ عنِ الحاءِ (4): (ولم يستثنِها ابنُ الصلاحِ)(5) إنْ كان مَعناهُ: لم يُصرِّحْ باستثنائِها فمسلمٌ وإلا فَلا، فإنّهُ قال:((فَيَنقطُ تحتَ الرَّاءِ والصَّادِ والطَّاءِ والعينِ ونحوِها منَ المهملاتِ)) (6)، أي: مما له مثلٌ واحد، ثم ذكرَ بعدُ: أنه يجعلُ تحتَ الحاءِ حاءً صغيرةً تحتها (7) فالذي تحصَّل منْ كلامِهِ استثناؤها.
قال البلقينيُّ: ((وقد أسندَ المَرْزُبانيُّ، عن محمدِ بنِ عبيدٍ الغَسانيِّ، قال: حدَّثني أبي، قال: كتبتُ بينَ يدي معاويةَ كتاباً، فقال لي: يا عبيدُ ارقشْ كتابَكَ، قلتُ: وما رقشُهُ يا أميرَ المؤمنينَ؟ قال: اعطِ كلَّ حرفٍ ما ينوبُهُ منَ النقطِ، وهذا عامٌ في كلِّ حرفٍ (8) كما قدمناه (9)، ويستدلُ بهِ لهذا الطريقِ)). انتهى.
(1) التبصرة والتذكرة (567).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 469.
(3)
انظر: لسان العرب مادة (أثف)، وتاج العروس مادة (أثف).
(4)
عبارة: ((عن الحاء)) لم ترد في (ف).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 470.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 296.
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 297.
(8)
تدريب الراوي 2/ 71، مع تصرف بسيط في النقل.
(9)
في (ف): ((قدمنا)).
قولهُ: (مُضْجَعةً على قَفَاها)(1) ما ألطفَ قولَ شيخِنا: ((إذا اضجعت / 280أ / على قفاها اشتالتْ رجلاها)).
قولهُ: (القديمة)(2) في الموضعين، وجعلَهُ منَ الخفيِّ الذي ليسَ بشائعٍ في الخطِّ الصغيرِ، والذي يُشبهُ الهمزةَ.
قولهُ: (يفطِنَ له)(3) هو بضمِّ العينِ وكسرِها. قال في " القاموس "(4): ((الفِطنةُ بالكسرِ: الحذقُ، فطنَ به وإليهِ ولهُ، كفرحَ ونصرَ وكرمَ)) وذكرَ
الشيخُ في " النكت " أنَّ ابنَ الصلاحِ إنَّما أخذَ هذا الضبطَ بهذهِ العلاماتِ منَ "الإلماعِ"(5) للقاضي عياضٍ، وأنَّه قيدَ العلامةَ بخطٍّ صغيرٍ بقوله:((يشبهُ النَّبْرَةَ))، وإنَّ حَذْفَ ابنِ الصلاحِ لها ليس بجيدٍ؛ لأنَّهُ يقتضي أنْ يكونَ كالنصبةِ، وكلامُ القاضي يقتضي أن يكونَ كالهمزةِ (6)، والذي ظهرَ من حكايةِ الشيخِ في ((رضوانِ)) أنَّهما علامتان: إحداهما كالفتحةِ، والأخرى كالهمزةِ، وأخذُ ابنِ الصلاحِ منَ " الإلماعِ " لا يستلزمُ أنْ لا ينظرَ غيرَهُ، والله أعلم.
قولهُ: (وذكرَ القاضي عياضٌ)(7) هو إسنادٌ لقولِ ابنِ الصلاحِ لا مُغايرٌ له.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 470.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 470.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 470.
(4)
القاموس المحيط مادة (فطن).
(5)
الإلماع: 157.
(6)
التقييد والإيضاح: 207.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 471.
قولهُ:
569 -
وَإِنْ أَتَى بِرَمْزِ رَاوٍ مَيَّزَا
…
مُرَادَهُ وَاخْتِيْرَ أَنْ لَا يَرْمِزَا
إنَّما اختيرَ عدمُ الرمزِ مُطلقاً؛ لأنَّ بيانَ الرمزِ، إمّا أنْ يكونَ في أوَّلِ الكتابِ أو آخرِهِ، وقد تسقطُ الورقةُ التي هوَ فيها، فيرجعُ إلى الوقوعِ في الحيرةِ، وأيضاً إنْ كانَ ذَلِكَ في تصنيفٍ، وهو أكثرُ منْ مجلدٍ فإنَّما يكون بيانُ الرمزِ في خطبتِهِ فإذا وقعَ المجلدُ الثاني فقطْ في يدِ أحدٍ لم يعرفِ المرادَ من الرمزِ.
قولهُ: (يُبيِّنوا (1)) (2) في نُسخةٍ مُعتمدةٍ بالثاء المثلثةِ، ثم موحدةٍ، ثم مثناةٍ منْ / 280ب / فوق، منَ الثباتِ، وفي بعضِ ما قُرئَ على ابنِ المصنفِ الشيخِ ولي الدينِ أحمدَ، بالباءِ الموحدةِ، ثم ياءٍ مثناةٍ منْ تحتُ، ثمَّ نونٌ، منَ البيانِ، وكلاهما حسنٌ كالقراءتينِ في السبعِ في:{فَتَبَيَّنُوا} (3).
قولهُ: (كما فَعَلَ اليونينيُّ)(4) إنَّما مثلَ بهِ؛ لقربِ عهدِهِ وشُهرتِهِ في هذا الزمانِ وإلا فأبو ذرٍّ قد سبقَ إلى ذلك فرمزَ لشيوخِهِ الثلاثةِ، وأيضاً فرمز أبي ذرٍّ داخلٌ في رموزِ اليونينيِّ.
قولهُ في شرح قوله: (وتَنْبغي (5) الدَّارةُ) (6): (وحُكيَ ذلك أيضاً)(7) نُقلَ عنِ ابنِ كثيرٍ، أنَّهُ قال:((إنَّه رآهُ كذلك في خَطِّ الإمامِ أحمدَ)) (8).
(1) في (ف): ((ويبينوا)).
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 471.
(3)
الحجرات: 6. وانظر: معجم القراءات القرآنية 6/ 220.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 471.
(5)
في (ف): ((وينبغي)).
(6)
التبصرة والتذكرة (570).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 472.
(8)
اختصار علوم الحديث 2/ 386 وبتحقيقي: 200.
قولهُ: (فإذا عارضَ)(1)، أي: قابلَ أصلَهُ بأصلٍ آخرَ، أي: عرضَهُ عليهِ، أي: قايسَ بينَهُما في الصحةِ، وكأنَّ أصلهُ أنْ يَضَعَ عرضَ شيءٍ على عرضِ شيءٍ آخرَ لينظرَ هل هما مُتساويانِ.
قولهُ:
571 -
وَكَرِهُوْا فَصْلَ مُضَافِ اسْمِ اللهْ
…
مِنْهُ بِسَطْرٍ إِنْ يُنَافِ مَا تَلَاهْ
حصلَ في هذا البيتِ أمران:
الأول: الإذالةُ.
والثاني: قطعُ عروضِهِ دونَ ضربهِ.
فأما القطعُ فالكلامُ فيه مثلُ الكلامِ في قوله (2):
ويكرهُ الخطُّ الدَّقيقُ إِلَاّ
…
لِضِيْقِ رَقٍّ أَوْ لِرَحَّالٍ فَلا (3)
ويمكنُ انفصالُهُ عن قَطعِها، بأنْ يقولَ: اسمُ الإلهِ، وأمّا الإذالةُ وهي زيادةُ ساكنٍ في مستفعلنْ فيبقى مستفعلانِ فهي ممتنعةٌ في هذا البحرِ، وإنَّما يدخلُ مستفعلن في مسدس (4) البسيطِ، ومتفاعلنْ في مُربَّعِ الكاملِ، وذلك عندَ جَزْءِ كلِّ منهما، ويمكنُ انفصالُهُ عنه بأنْ يقولَ:
وكرِهوا فصلَ مضافِ اسمِ العلي
…
منه بسطرٍ أنْ يُنافِ ما يلي
قولهُ: (عن أبي عبد اللهِ بنِ بَطَّة)(5) هو عبيدُ اللهِ بنُ محمدِ بنِ حمدانَ / 281أ / العكبريُّ الحنبليُّ، وبطةُ بفتحِ الموحدةِ، قال ابنُ كثيرٍ في
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 472.
(2)
((في قوله)) لم ترد في (ف).
(3)
التبصرة والتذكرة (564).
(4)
في (ف): ((مستدير)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 473.
" تاريخِهِ "(1): ((أحدُ علماء الحنابلةِ، ومَنْ له التصانيفُ الكثيرةُ الحافلةُ في فنونٍ منَ العلمِ، سمعَ منَ البغويِّ وأبي بكرٍ النيسابوريِّ، وابنِ صاعدٍ وخلقٍ)). انتهى.
وقد ذكرهُ الذهبيُّ في " الميزانِ "(2) بالضعفِ ونقلَ عنه شيخُنا ابنُ حجرٍ في " لسانِهِ " أنه زوَّرَ سماعَه لـ" معجمِ الصحابةِ "(3) للبغويِّ، وأنَّه نسبَ إلى غيرِهِ سماعَ مالم يسمعْ، وغير ذلك (4)، وماتَ سنةَ سبعٍ وثمانينَ وثلاث مئةٍ.
قولهُ: (غَلَطٌ)(5) هو (6) مصدرُ غَلَطَ غَلَطاً، ومعناهُ: أخطأ الصوابَ في كلامِهِ، قاله ابنُ القطاعِ، وقال القزازُ:((الغلطُ كلُّ شيءٍ يَعيا الإنسانُ عن وجهِهِ وإصابة صوابِهِ غيرُ مُتعمدٍ (7)))، وفي " القاموسِ " (8):((الغَلَطُ - محُركةٌ - أنْ تعيا بالشيء فلا تعرفَ وَجهَ الصوابِ فيه)).
قولهُ: (فعلى هذا تحملُ الكراهةُ)(9) قال شيخُنا: ((هذا ليس ظاهراً وليسَ الواجبُ (10) في كلامِ ابنِ بَطَّةَ والخطيبِ على بابِهِ، بلِ المرادُ به تأكيدُ المنعِ،
(1) البداية والنهاية 11/ 275.
(2)
ميزان الاعتدال 3/ 15 نقل تضعيفه عن أبي القاسم الأزهري، ثم قال:((ومع قلة إتقان ابن بطة في الرواية، فكان إماماً في السنة، وإماماً في الفقه)).
(3)
في (ف): ((بمعجم الصحابة)).
(4)
لسان الميزان 4/ 112 - 115.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 473.
(6)
في (ف): ((معناه هو)).
(7)
في (ف): ((متعبد)).
(8)
القاموس المحيط مادة (غلط).
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 473.
(10)
في (ف): ((الوجوب)).
نَعَم، يمكنُ الوجوبُ فيما إذا كانَ شيءٌ من هذه الكلماتِ آخرَ الصفحةِ اليسرى، والكلمةُ الأخرى وما ينافي معناها في أول اليمنى، فإنّ الناظرَ إذا رآهُ ربمَّا لم يقلبِ الورقةَ وظنَّ أنَّ ذلك أول الكلام، وأمّا ما هو أولُ الصفحةِ اليسرى فليسَ كذلك إذ آخِرُ الصفحة اليمنى قريبٌ منه وكلُّهُ تجاهُ وجهِهِ، لا يحتاجُ إلى قلبِ شيءٍ منَ الورقِ)).
قلت: هذا إذا كانَ الكتابُ محبوكاً، أمّا (1) إذا كان مفرطاً فربمَّا تقلبُ الأوراقُ، وربمَّا سقطَ الكراسُ الأولُ أو الورقةُ الأولى / 281ب / فيَصيرُ أشدَّ مما تقدمَ، ومع ذلك كلهِ فينبغي أنْ يخرَّجَ على ما قالَهُ القراءُ في مسألةِ الوقفِ القبيحِ، حتى لا يحرمَ منه الإ ما له سببٌ من قصد (2) فاسدٍ، ويكونُ الأدبُ عدمَ فعلِهِ مطلقاً كما قالَهُ الشيخُ تقيُّ الدينِ في " الاقتراح "(3) لكنَّ الكراهةَ والقبحَ في الكتابةِ أشد مما لا يخفى.
قولهُ:
572 -
وَاكْتُبْ ثَنَاءَ (اللهِ) وَالتَّسْلِيْمَا
…
مَعَ الصَّلَاةِ للِنَّبِي تَعْظِيْمَا
573 -
وَإِنْ يَكُنْ أُسْقِطَ فِي الأَصْلِ وَقَدْ
…
خُوْلِفَ فِي سَقْطِ الصَّلَاةِ (أَحْمَدْ)
574 -
وَعَلَّهُ قَيَّدَ بِالرَّوَايَهْ
…
مَعْ نُطْقِهِ، كَمَا رَوَوْا حِكَايَهْ
575 -
وَالْعَنْبَرِيْ وَابْنُ الْمُدِيْنِيْ بَيَّضَا
…
لَهَا لإِعْجَالٍ وَعَادَا عَوَّضَا
576 -
وَاجْتَنِبِ الرَّمْزَ لَهَا وَالْحَذْفَا
…
مِنْهَا صَلَاةً أَوْ سَلَاماً تُكْفَى
(1) في (ف): ((فأما)).
(2)
في (أ): ((قاصد)).
(3)
الاقتراح: 289.
قولهُ: (وإنْ يكُنْ أُسقِطَ)(1) البيت ((أسقطَ)) (2) عروضَهُ تامةً، وكانَ (3) يلزمُ في الضربِ أنْ يكونَ مثلها؛ لأنَّه مُقفَّى، وقد قطعَ الضربَ فصارتْ قافيتُهُ منَ المتواترِ، وقافيةُ العروضِ منَ المتداركِ، هذا على تقديرِ كونِ الشطرينِ بيتاً كما تقدَّمَ غيرَ مرةٍ، وإن كانا بيتينِ في حكمِ قصيدةِ واحدةٍ، فالقافيةُ مختلفةٌ، وإنْ كانَ كلٌّ منهما منفرداً بحكمٍ فلا حجرَ، ولم أرَ لـ ((سقط)) منَ المصادرِ إلاّ ((سقوطاً)) فكانَ ينبغي أنْ يقولَ:
وإنْ يكُنْ في الأصلِ ليسَ يوجَدُ
…
وشَذَّ في تركِ الصلاةِ أحمدُ
قولهُ: (وعَلَّهُ قَيَّدَ)(4)((علَّ)) لغةٌ في ((لعلَّ)) (5)، و ((قيَّدَ)) مبنيٌّ للمفعولِ، أي: ولعلَّهُ إنمَّا تركَ كتابَتها؛ لأنَّه تَقيَّدَ في ذلكَ بالروايةِ، أي: بوجودها
مرويةً، فلم يجدْ ذَلِكَ فتورعَ؛ لأنَّهُ إذا دارَ الأمرُ معَ الشكِّ بينَ الزيادةِ والنقصِ، استعملَ النقصَ احتياطاً؛ لأنَّ غايتَهُ أنْ يكونَ اقتصرَ على بعضِ الحديثِ وذلك
جائزٌ. بخلافِ الزيادةِ؛ فإنَّها ربما كانتْ غيرَ مقولةٍ في نفسِ الأمرِ فيقع بسببها
…
/ 282أ / في نسبةِ قولٍ إلى منْ لم يقلْهُ، ويجوزُ أنْ يكونَ ((قَيَّدَ)) مبنياً للفاعل،
أي: قَيَّدَ أحمد الجوازَ بوجودها في الروايةِ، وهو أوفقُ لقولِهِ في الشرحِ:((يرى التقييدَ)) بصيغةِ التفعيلِ وسيأتي لذلكَ مزيدُ بيانٍ، وإنمَّا احتاجَ إلى اتصالها في جميع من فوقه منَ الرواةِ، ولم يكتفِ بذكرِ شيخهِ لها مثلاً، بخلاف بقيةِ ألفاظِ الحديثِ؛ لأنَّ الصلاةَ ونحوها في مظنةِ أنْ يزيدَ (6) الراوي من قبل نفسهِ، بخلافِ غير ذلك؛
(1) التبصرة والتذكرة (573).
(2)
في (ف): ((استعمل)).
(3)
في (ف): ((فكان)).
(4)
التبصرة والتذكرة (574).
(5)
انظر: الصحاح مادة (علل).
(6)
في (ف): ((يزيده)).
فإنَّ زيادتَه محضُ كذبٍ.
قوله: (مع نطقه)(1) متعلقٌ بمحذوفٍ، أي: ولعله تَقيَّدَ في ذكرِها بالروايةِ فلمْ يجدْ فحذفها كتابةً، حالَ كونِ حذفِهِ لها مصاحباً لنطقِهِ بها إذا قرأَ، كما رووا ذلك عنه حالَ كونِه حكايةً، أي: محكياً عن صريحِ نطقِهِ.
قولهُ: (وعادا عَوّضا)(2)، أي: ورجعا إلى التعويضِ، أي: ورجعا بعد انقضاءِ سببِ العجلةِ إلى التداركِ فكتبا عوضَ الذي حذفاهُ وفوتاهُ في ذلك
الوقتِ.
قولهُ: (تُكفى)(3)، أي: تُكفي (4) همَّكَ، إشارةٌ إلى حديثِ أُبي بن كعب (5) رضي الله عنه في " الصحيح " حيثُ قال (6) للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: أجعلُ لكَ صَلاتي كلَّها؟ قال (7): ((إذنْ تُكفْى هَمَّكَ ويُغفرُ ذنبُكَ)) (8) و ((تُكفى)) في النَّظمِ (9) مجزومٌ على الجوابِ للأمرِ في ((اجتنبْ))، فألفُهُ حينئذٍ للإطلاقِ، وليستْ بلامِ الكلمةِ.
(1) التبصرة والتذكرة (574).
(2)
التبصرة والتذكرة (575).
(3)
التبصرة والتذكرة (576).
(4)
((تكفي)) من (ف) فقط.
(5)
في جميع النسخ الخطية: ((كعب بن عجرة))، والتصويب من مصادر التخريج.
(6)
عبارة: ((حيث قال)) لم ترد في (ف) ومكانها كلمة ضرب عليها.
(7)
في (ب): ((فقال)).
(8)
أخرجه: أحمد 5/ 136، وعبد بن حميد (170)، والترمذي (2457)، والحاكم 2/ 421 و513، وأبو نعيم في " الحلية " 1/ 256 و8/ 377، وقد حسَّنه الترمذي. وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة للعلامة الألباني (954).
(9)
في (ف): ((النجم)) خطأ.
قولهُ: (ولا يسأمْ)(1) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((منْ تكريرِ ذلكَ عندَ تكرُّرِهِ، فإنَّ ذلك منْ أكبرِ الفوائدِ التي يتعجلها / 282ب / طَلَبةُ الحديثِ وكَتَبَتُهُ، ومنْ أغفلَ ذلك حُرِمَ حَظَّاً عظيماً، وقد رُوِّينا لأهلِ ذلك مناماتٍ صالحةً)) (2).
قولهُ: (إنَّهم أهلُ الحديثِ)(3) قال شيخُنا: بَوَّبَ له أبو نُعيم بقوله: ((بابٌ: إنَّ أقربَ الناسِ منَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم منْزلةً يومَ القيامةِ هم أهلُ الحديث)). وقال البلقينيُّ في " محاسن الاصطلاح "(4): ((فائدة: في كتابِ " أنوار الآثار المختصةِ في فضلِ الصلاةِ على النبيِّ المختارِ " للحافظِ التُجيبِيِّ: وكما تُصلي على نبيِّكَ صلى الله عليه وسلم بلسانِكَ، فكذلكَ تخطُّ الصلاةَ عليهِ ببنانِكَ مهما كتبْتَ اسمَهُ المبارك صلى الله عليه وسلم (5) في كتابٍ؛ فإنَّ لك في ذلك أعظمَ الثوابِ، فقد رُوِيَ عن أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه، قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ((منْ كتبَ عني عِلماً، وكتبَ معهُ صلاتَهُ عليَّ لم يزلْ في أجرٍ ما قُرئَ ذلك الكتابُ)) (6)، ورُوِيَ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:((مَنْ صَلَّى عَليَّ في كتابٍ لم تزلِ الملائكةُ تستغفِرُ له ما دامَ اسمي في ذلك الكتابِ)) (7)، ولذلك قال سفيانُ الثوريُّ:((لو لم يكنْ لصاحبِ الحديثِ فائدةٌ إلا الصلاةُ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم فإنَّهُ يُصلَّى عليه ما دامَ في ذلكَ الكتابِ)) (8).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 475.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 298، وانظر بعض تلك المنامات في " الجامع لأخلاق الراوي " 1/ 271 (565) و (566) و (567).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 475 - 476.
(4)
محاسن الاصطلاح: 307 - 308.
(5)
لم ترد في (ب).
(6)
أخرجه: ابن الجوزي في " الموضوعات " 1/ 228، وحكم عليه بالوضع.
(7)
أخرجه: ابن الجوزي في " الموضوعات " 1/ 228، وحكم عليه بالوضع.
(8)
شرف أصحاب الحديث: 36.
ثم حَكَى (1) مناماتٍ في ذلك عن محمدِ بنِ أبي سليمانَ، وعن عبيد الله الفزاريِّ، وعن سفيانَ بنِ عيينةَ، وعن عبد الله بنِ / 283أ / عبد (2) الحكم لما رأى الشافعيَّ في المنامِ، وإنَّما لم يذكرها (3)؛ لأنَّ ابنَ الصلاحِ قد أشارَ إليها، ثم إنمَّا يُستدلُّ بما رُويَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم كما تقدمَ، وقد جاء بإسنادٍ صَحيحٍ منْ طريقِ عبدِ الرزاقِ، عن معمر، عن ابنِ شهابٍ، عن أنسٍ يرفعُهُ:((إذا كانَ يومُ القيامةِ جاءَ أصحابُ الحديثِ وبأيديهم المحابرُ فيرسلُ اللهُ عز وجل إليهم جبريلُ عليه السلام فيسألُهم من أنتم؟ - وهو أعلمُ - فيقولون: أصحابُ الحديثِ، فيقولُ الربُّ جل وعلا: ادخلوا الجنةَ فطالَما كُنتمْ تُصلُّونَ على نبيي في دارِ الدنيا صلى الله عليه وسلم)) (4)، وهذا يَعُمُّ صلاتَهم بلسانِهم وبكتابِهم (5)، وفي " تاريخ أصبهانَ "(6) للحافظِ أبي نعيم الأصبهانيِّ في ترجمةِ جعفرِ بنِ (7) محمدٍ الخَشابِ (8)، أسندَ إلى أبي ضمرة أنس بنِ عياضٍ، عن هشامِ بنِ عروةَ، عن أبيهِ، عن عائشةَ رضي الله عنها: أنها قالتْ: قالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: ((ما منْ كتابٍ يُكتبُ فيهِ: صلى الله على محمدٍ، إلا صلى الله وملائكتُهُ على مَنْ كتبَ ذَلِكَ ما دام اسمي في ذَلِكَ الكتابِ))، صلى الله عليه وسلم أفضلَ الصلاةِ والسلامِ. انتهى.
(1) أي: التجيبي.
(2)
لفظة ((عبد)) لم ترد في " محاسن الاصطلاح ".
(3)
في " محاسن الاصطلاح ": ((نذكرها)).
(4)
أخرجه: الخطيب في " تاريخه " 3/ 409 - 410، ومن طريقه ابن الجوزي في " الموضوعات " 1/ 260، وقال عنه الخطيب:((هذا حديث موضوع)).
(5)
في " محاسن الاصطلاح ": ((وبكتابهم)).
(6)
تاريخ أصبهان 2/ 36.
(7)
((جعفر بن)) لم ترد في (ف).
(8)
هو في ترجمة عبد الله بن جعفر بن محمد الخشاب.
وأمّا الحديثُ الذي ذكرهُ الشيخُ فأخرجَهُ الحافظُ أبو عليٍّ الحسينُ بنُ محمدٍ الغسانيُّ في أوائلِ كتابِهِ " شرفِ أصحابِ الحديثِ ": ((أخبرنا أبو عمر بن عبد البرِّ، حدَّثنا خلفُ بنُ قاسمٍ الحافظُ، حدَّثنا أبو أحمدَ عبدُ اللهِ بنُ المفسِّرِ الدِّمشقيُّ، حدَّثنا أحمدُ بنُ عليٍّ القاضي / 283ب /، حدَّثنا يحيى بنُ معينٍ، أخبرنا خالدُ بنُ مخلدٍ، حدَّثنا موسى بنُ يعقوبَ الزمعيُّ، حدثنا عبدُ الله بنُ كيسانَ (1)، أخبرنا عبد الله بن شداد بن الهاد (2)، عن عبد اللهِ بن مسعودٍ رضي الله عنه، قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ أولى الناسِ بي يومَ القيامةِ أكثرُهم صلاةً عليَّ)) (3).
وأخرجهُ الحافظُ أبو بكرٍ الخطيبُ في كتابِهِ " شرفِ أصحابِ الحديثِ "(4) عن شيخِهِ الحافظِ أبي نعيم بسندِهِ إلى أبي بكرِ بنِ أبي شيبةَ، ومنْ وجهٍ آخرَ منْ طريقِ يحيى بنِ معينٍ، قالا: حدَّثنا خالدُ بنُ مخلدٍ، بهِ. قال أبو نُعيم، وكذا أبو عليٍّ:((وهذه (5) منقبةٌ شريفةٌ يختصُّ بها رواةُ الآثارِ، ونقلتُها؛ لأنَّه لا يُعرفُ لعصابةٍ منَ العلماءِ منَ الصلاةِ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أكثر مما يُعرفُ لهذه العصابةِ نسخاً وذكراً)) (6).
قولهُ: (يرى التقييدَ في ذلك بالرِّوايةِ)(7) رأيتُهُ في عدةِ نسخٍ هكذا، فإنْ صحت فهو بمعنى: التقيدِ، من بابِ تفعّلَ، لا منْ بابِ فعَّلَ، ويمكنُ جعلُهُ على بابِهِ
(1) في جميع النسخ الخطية: ((عبيد بن كيسان))، والتصويب من تهذيب الكمال 4/ 251 (3497).
(2)
بعدها في (ف): ((عن أبيه)).
(3)
تخريج الحديث وعلله في تحقيقنا لشرح التبصرة والتذكرة 1/ 475.
(4)
شرف أصحاب الحديث: 34 - 35.
(5)
في (ب): ((هذه)).
(6)
شرف أصحاب الحديث: 35.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 476.
بمعنى: تقييدِ الراوي بما وصلَ إليهِ منَ الروايةِ، فحينئذٍ يقيدُ نفسهُ بذلكَ؛ لأنَّهُ راوٍ لكنَّهُ في كتابِ ابنِ الصلاحِ: التقيُّدُ، منْ بابِ التفعُّلِ.
قولهُ: (وعزَّ عليه اتصالُها في جميعِ منْ فوقَهُ منَ الرواةِ)(1) قال البلقينيُّ: ((لا يقالُ: لعل سبَبَهُ أنَّهُ كانَ يكتبُ عَجِلاً لأمرٍ اعتادهُ، فتركَ (2) ذلك للعجلةِ لا للتقيُّدِ بالروايةِ وشبهِها؛ لأنَّا نقولُ: / 284أ / تركُ مِثل هذا النَّوالِ (3) بسببِ الاستعجالِ لا يَنبغي أنْ يُنْسبَ للعلماءِ الجبال)) (4). انتهى.
وقد تقدَّمَ بيانُ وجهِ الاحتياجِ (5) في ثبوتِ اتصالِها بكلِّ واحدٍ منْ رجالِ السندِ دونَ غيرِها.
قولهُ: (فقالَ في " الاقتراحِ ")(6) قال شيخُنا: ((لا شكَّ أنَّ ذلك أحوطُ كما تَقدَّمَ، وإن كانتِ الكتابةُ جائزةً؛ لأنَّ غايتَها أنْ تكونَ روايةً بالمعنى)).
قلت: وقد كانَ نَقَلَ شخصٌ بحضرةِ شيخِنا أنَّ في خيالِهِ أنَّ الشافعيَّ نصَّ في " الرسالةِ " على كراهةِ إفرادِ الصلاةِ عنِ السلامِ، فقالَ شيخُنا:((ليسَ كذلكَ فإنَّ الشافعيَّ أفردَ في خطبةِ " الرسالةِ " الصلاةَ عنِ السلامِ)) (7)، فلما أيَّدَ شيخُنا كلامَ ابنِ دقيقِ العيدِ، قلتُ له: ومما يُظهرُ ثمرةَ ذلك ما تقدَّمَ منَ النقْلِ عن خطبةِ " الرسالةِ " فإنَّ المحافظةَ على الروايةِ أفادتنا حُكماً منَ الأحكامِ عنْ إمامنا، وهو عدمُ كَراهةِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 476.
(2)
في " محاسن الاصطلاح ": ((فيترك)).
(3)
في المحاسن: ((الثواب)).
(4)
محاسن الاصطلاح: 308.
(5)
في (ب): ((الاحتجاج)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 476.
(7)
الرسالة (39).
الإفرادِ لكراهةِ (1) المصطلحِ عليها، ولو تصرَّفَ النُّساخُ في كلامِهِ لفاتَ ذلك فاستحسنَهُ، وكذا صنعَ الحافظُ أبو الحسينِ اليونينيُّ في نسختِهِ بالبخاريِّ لما رمزَ عليها لرواياتِ (2) شيوخِهِ، فإنَّه يرمزُ على الثناءِ والصلاةِ لمنْ هو في روايتِهِ، وربما كتبَ: لا
…
إلى، على أولِهِ وآخرِهِ إشارةً إلى أنَّ ذلك محذوفٌ في روايةِ منْ رمزَ له.
قولهُ: (أنْ يُصحَبَها)(3) مضمومُ الياءِ منْ أصحَبَ المعدّى بالهمزةِ، قال الفارابيُّ في " ديوانِ الأدبِ " (4) في بابِ الأفعالِ / 284ب /: ((وأصحبتُهُ الشيءَ،
أي: جعلتُهُ له صاحباً))، وما ذكرتُ ذلك مع وضوحِهِ (5) إلا لأمرٍ.
قولهُ: (في كلِّ حديثٍ سمعناهُ)(6) المرادُ به عمومُ السلبِ، لا سلبُ العمومِ، وطريقُهُ أنَّك في الأولِ تعتبرُ النفيَ أولاً ثم تَنسبهُ إلى الكل، فيعمُّ النفيُ كلَّ فردٍ، فالمعنى هنا: انتفى تَرْكُنا للصلاةِ في كل حديثٍ، فإنِ اعتبرتَ النسبةَ إلى الكلِّ أولاً ثم نفيتَ كانَ لسلب العموم، فلا ينصبُ إلا إلى المجموعِ، حرَّرَ ذلكَ العلامةُ سعدُ الدينِ التفتازانيُّ في "شرحِ المقاصدِ" في بحثِ الرؤيةِ.
قولهُ: (ويكرهُ أنْ يرمزَ)(7) ليستْ هذه الكراهةُ على بابِها، إنمَّا المرادُ أنَّ ذلك خلافُ الأولى بالمعنى اللغوي، فإنَّ الإتيانَ بها فيه أجرٌ، وحذفها مخل بذلكَ
(1) في (ف): ((الكراهة)).
(2)
في (ف): ((الراويات)) خطأ.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 476.
(4)
ديوان الأدب 2/ 282.
(5)
في (ب): ((لوضوحه)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 476 - 477.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 477.
الأجرِ، وتارِكُهُ تاركٌ للأولى بهذا المعنى، لا بمعنى اندراجِهِ تحتَ عمومِ نهيٍ، وكذا قولهُ:(ويكرهُ حذفُ واحدٍ)(1) إلى آخرِهِ، قال شيخُنا:((ويحتاجُ النوويُّ في إثباتِ الكراهةِ إلى دليلٍ؛ لأنَّهُ يُفرِّقُ بينَ الكَراهةِ وخلافِ الأولى، فحيثُ أطلقَ أحدَهما لم يحسنْ حملُهُ على الآخرِ، ولا يصحُّ الاستدلالُ بقوله تعالى (2): {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً} (3)؛ لأنَّ أكثرَ ما في الواوِ التشريكُ في الحكمِ، فمنْ صلى ثم مكثَ مدةً طالتْ أو قصرتْ ثم سلمَ فقد امتثلَ))، وقالَ شيخُنا محققُ الزمانِ شمسُ الدين القاياتيُّ:((دليل النوويِّ نقلَهُ عنِ العلماءِ، فإنَّ ذلك ظاهرٌ في الإجماعِ))، والله أعلم.
قولهُ: / 285أ / (وليسَ بمرضيٍّ فقد قال حمزةُ الكنانيُّ)(4) غيرُ مَرضيٍّ، فإنَّ المناماتِ لا تصلحُ أنْ تكونَ أدلةً لحكمٍ شرعيٍّ، وما أحسنَ تعبيرَ ابنِ الصلاحِ عنْ ذلكَ كُلِّهِ بقولهُ: ((ثم ليجتنبْ في إثباتِها نقصينِ:
أحدهما: أنْ يكتُبَها مَنقوصةً صُورةً رامِزاً إليها بحرفينِ، أو نحوِ ذلكَ.
والثاني: أنْ يَكتُبَها مَنقوصةً معنىً بأنْ لا يكتبَ ((وسلمَ))، وإن وُجدَ ذلك في خطِّ بعضِ المتقدمينَ (5)، سمعتُ أبا القاسمِ منصورَ بنَ عبدِ المنعمِ)) (6) ثم ذكرَ مَنَامَ حمزةَ الكنانيِّ، فساق ذلك سياقاً يُفهمُ أنَّهُ من المرغبات في إثباتِ ذلك، لا أنَّه دليلٌ على الكراهةِ أو خلافُ الأولى، والله أعلم.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 477.
(2)
((تعالى)) لم ترد في (أ).
(3)
الأحزاب: 56.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 477.
(5)
المقصود به: الخطيب البغدادي.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 299.
قولهُ:
577 -
ثُمَّ عَلَيْهِ الْعَرْضُ بِالأَصْلِ وَلَوْ
…
إِجَازَةً أَوْ أَصْلِ أَصْلِ الشَّيْخِ أَوْ
578 -
فَرْعٍ مُقَابَلٍ، وَخَيْرُ الْعَرْضِ مَعْ
…
أُسْتَاذِهِ بِنَفْسِهِ إِذْ يَسْمَعْ
579 -
وَقِيْلَ: بَلْ مَعْ نَفْسِهِ وَاشْتَرَطَا
…
بَعْضُهُمُ (1) هَذَا، وَفِيْهِ غُلِّطَا
580 -
وَلْيَنْظُرِ السَّامِعُ حِيْنَ يَطْلُبُ
…
فِي نُسْخَةٍ وَقالَ (يَحْيَى): يَجِبُ
قولهُ: (إذْ يَسْمَعْ)(2) مقطوعٌ معَ تمامِ العروضِ، وقدْ تقدمَ ما فيهِ، فلو قال: إذا استمعَ، كانَ أحسنَ.
قولهُ: (المشروطة)(3) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وجائزٌ أنْ تكونَ مقابلتُهُ بفَرْعٍ قد قُوبِلَ المقابلةَ المشروطةَ بأصلِ شيخِهِ أصْلِ السَّماعِ، وكذلكَ إذا قابلَ بأصلِ أصْلِ الشيخِ (4) المقابَل به أصلُ الشيخِ (5)؛ لأنَّ الغرضَ المطلوبَ أنْ يكونَ كتابُ الطالبِ مُطابقاً لأصلِ سَماعِهِ، وكتابِ شيخِهِ، فَسَواءٌ حَصَلَ ذلك بواسطةٍ أو بغيرِ واسطةٍ)) (6).
قولهُ: (لم تكتُبْ)(7) يحتملُ - وهو أظهرُ - أنْ تكونَ ((لم)) حرفَ جزمٍ؛ فيكونُ المعنى: إنَّ ما كتبَهُ عدمٌ؛ لعدمِ نفعِهِ، ويحتملُ أنْ تكونَ استفهاميةً، وهو
قريبٌ منَ الأولِ.
(1) بضم الميم؛ لضرورة الوزن.
(2)
التبصرة والتذكرة (578).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 478.
(4)
انظر: الاقتراح: 297 - 298، ونكت الزركشي 3/ 585.
(5)
تكررت عبارة: ((المقابل به أصل الشيخ)) في (أ).
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 302.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 478.
/ 285ب / قولهُ: (وقالَ الأوزاعيُّ)(1) عندَ ابنِ الصلاحِ الشافعيِّ بدل ((الأوزاعيِّ))، فإنَّهُ قال:((رُوِّينا عنِ الشافعيِّ الإمامِ، وعن يحيى بن أبي كثيرٍ، قالا: منْ كَتَبَ ولم يُعارضْ كمنْ دخلَ الخلاءَ ولم يَستَنْجِ)) (2).
قال الشيخُ في " النكتِ ": ((هكذا ذكرهُ المصنفُ عنِ الشافعيِّ، وإنَّما هو معروفٌ عنِ الأوزاعيِّ، وعن يحيى بن أبي كثيرٍ، وقد رواهُ عنِ الأوزاعيِّ أبو عمر ابنُ عبد البر في كتابِ " جامع بيان العلمِ " (3) منْ روايةِ بقيةَ، عنِ الأوزاعيِّ، ومنْ (4) طريقِ ابنِ عبد البرِ رواه القاضي عياضٌ في كتابِ " الإلماعِ "(5) بإسنادِهِ، ومنه يأخذُ المصنفُ كثيراً، وكأنَّهُ سَبَقَ قلمُهُ من الأوزاعيِّ إلى الشافعيِّ، وأما قولُ يحيى ابن أبي (6) كثيرٍ، فرواهُ ابنُ عبدِ البرِّ أيضاً (7)، والخطيبُ في كتابِ "الكفايةِ"(8)، وفي كتاب " الجامع "(9) من روايةِ أبان بنِ يزيدَ، عن يحيى بن أبي كثيرٍ، ولم أرَ لهذا ذِكراً عن الشافعيِّ في شيءٍ منَ الكتبِ المصنفةِ في علومِ الحديثِ، ولا في شيءٍ منْ مناقبِ الشافعيِّ، والله أعلم)) (10). انتهى.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 478.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 301.
(3)
جامع بيان العلم 1/ 78.
(4)
في (ف): ((من)).
(5)
الإلماع: 160.
(6)
لم ترد في (ف).
(7)
جامع بيان العلم 1/ 77.
(8)
الكفاية (350ت، 237هـ).
(9)
الجامع لأخلاق الراوي 1/ 275.
(10)
التقييد والإيضاح: 210.
ووجهُ الشَّبهِ أنَّ كُلاً منهما تُركَ فيه التمام، ولا يستنكرُ هذا بكونِهِ شَبَّه المكتوب معَ شرفه بالخارجِ مع قَذَرِهِ؛ لأنّ العربَ إذا شَبَّهتْ شيئاً بشيءٍ لا ينظرُ إلا إلى وجهِ الشبهِ معَ قطعِ النظرِ عن عوارضِ كُلٍّ منَ الشيئينِ، ألا ترى إلى تشبيهِ الوحيِ بصَلصَلةِ الجرسِ (1).
قال البلقينيُّ: ((فائدةٌ: أقدمُ من نُقلَ ذلك عنه عروةُ، وقد أسندَ كلامَهُ
/ 286أ / وكلامَ يحيى بن أبي كثيرٍ الرامهرمزيُّ في كتابِهِ " الفاصلِ "(2) في بابِ المعارضةِ، وفي المسألةِ حديثانِ مرويانِ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم:
أحدهما: من طريقِ عُقيلٍ، عنِ ابنِ شهابٍ، عن سليمانَ بنِ زيدِ بن ثابت، عن أبيه، عن جدِّهِ (3) رضي الله عنه، قال:((كنتُ أكتبُ الوحيَ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فإذا فرغتُ قال: اقرأهُ فأقرؤهُ، فإنْ كانَ فيه سَقطٌ أقامَهُ))، ذكره المرزبانيُّ في كتابهِ.
الحديث الثاني: ذكرهُ السمعانيُّ في كتاب " أدب (4) الإملاءِ "(5) من حديث عطاء بنِ يسارٍ، قال:((كتبَ رجلٌ عندَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: ((كتبتَ))؟ قالَ: نعم، قالَ:((عرضتَ))؟ قال: لا، قال:((لم تكتُبْ حتى تَعرضهُ فيصحَّ))، وهذا أصرَحُ في المقصودِ إلا أنَّهُ مرسلٌ)) (6). انتهى.
(1) إشارة إلى ما رواه البخاري في "صحيحه" 1/ 2 (2) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أحياناً يأتيني مثل صلصلة الجرسِ، وهو أشده عليَّ، فيفصمُ عني وقد وعيتُ عنه ما قال
…
)).
(2)
المحدّث الفاصل: 544.
(3)
عبارة: ((بن ثابت، عن أبيه)) لم ترد في (أ).
(4)
في (أ) و (ب): ((آداب))، وهو خطأ.
(5)
أدب الإملاء: 77.
(6)
محاسن الاصطلاح: 310.
والحديثُ الذي ذكَرَهُ عن المرزبانيِّ ذكرَهُ الحافظُ نورُ الدينِ الهيثميُّ (1) في زوائد (2) المعجمينِ الأصغر والأوسط (3) للطبراني، فقال:((حدَّثنا أحمدُ بنُ محمدِ ابنِ نافعٍ، حدَّثنا أبو الطاهرِ بنُ السرحِ، قال: وجدتُ في كتابِ خالي، حدَّثني عقيل بنُ خالدٍ، عنِ ابنِ شهابٍ، حدَّثني سعيدُ بنُ سليمانَ، عن أبيه، عن زيدِ بنِ ثابتٍ رضي الله عنه، قال: كنتُ أكتبُ الوحيَ لرسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكانَ إذا نزلَ عليه أخذتهُ بُرحَاءُ شديدةٌ، وعرقَ عرقاً شديداً مثل الجمان (4)، ثم سُريَ عنه / 286ب /، فكنتُ أدخلُ عليهِ بقطعةِ الكتفِ أو كسرةٍ فأكتبُ وهو يملي عليَّ، فما أفرغُ حتى تكادُ رِجلي تنكسرُ من ثقل القرآنِ، وحتى أقولَ: لا أمشي على رِجلي أبداً، فإذا فرغتُ، قال: اقرأهُ، فأقرؤهُ، فإنْ كانَ فيه سَقطٌ أقامهُ، ثم أخرجُ به إلى الناسِ)).
فعُلمَ من هذا أنَّه سقطَ من روايةِ المرزبانيِّ: سعيد (5)، والله الموفقُ.
قولهُ: (معَ شيخِهِ بكتابهِ)(6) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((بكتابِ (7) الشيخِ معَ الشيخِ في حالِ تحديثهِ إيَّاهُ من كتابهِ، لما يجمعُ ذلك من وجوهِ الاحتياطِ والاتقانِ منَ
(1) مجمع البحرين (233). وانظر: مجمع الزوائد 1/ 152 و2/ 257 قال الهيثمي: ((رواه الطبراني ورجاله موثوقون، إلا أن فيه: وجدت في كتاب خالي، فهو وجادة)) وقال مرة أخرى: ((رواه الطبراني بإسنادين رجال أحدهما ثقات)).
(2)
في (أ): ((رواية)).
(3)
المعجم الأوسط (1934).
(4)
هو اللؤلؤ الصغار، وقيل: حبٌّ يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ. النهاية 1/ 301.
(5)
بعدها في (ف): ((ابن)) ويأتي بعدها بياض.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(7)
انظر: محاسن الاصطلاح: 310.
الجانبينِ، وما لم تجتمعْ فيه هذه الأوصافُ نَقَصَ من مرتبتِهِ بقدرِ ما فاتهُ منها، وما ذكرناهُ أولى من إطلاقِ أبي الفضلِ الجاروديِّ (1) الحافظ الهرويِّ)) (2) إلى آخره.
قولهُ: (أصدقُ المعارضةِ)(3) لا يُقالُ: ليسَ بينَ ((أصدقَ)) و ((أفضلَ)) معارضةٌ؛ لأنَّا نقولُ للكلامِ (4) في أفضليةِ المقابلةِ إنمَّا هو في ما يصيرُ الكتابُ موثوقاً به، وهذا معنى ((أصدقُ))، وإنمَّا كانتِ الطريقُ الأولى أفضلُ؛ لأنّ المقابلةَ معَ النفس تتفرقُ فيها الفكرةُ الواحدةُ في كتابينِ، فأعلى أحوالها أنْ تكونَ كالنسخِ، وهو يحصلُ فيه السقطُ الكثيرُ وغيرُهُ، بخلافِ الأولى، فإنَّ كل الفكرةِ مجتمعةٌ في كتابٍ واحدٍ.
قولهُ: (ويُستحبُّ للطالبِ)(5) إلى آخره، عبارةُ ابنِ الصلاحِ:((ويستحبُّ أنْ ينظرَ معه في نُسختِهِ من حضَرَ منَ السَّامعينَ ممَّنْ ليس معهُ نُسخَةٌ، لاسيما إنْ أرادَ النَّقْلَ مِنْها)) (6) / 287أ /. انتهى.
وعلةُ ذلكَ أنَّه أجدرُ أنْ يُفهمَ معهُ جميعُ ما يسمعُ، وحتى يصلَ ذلك المسموعُ إلى قلبِهِ منْ طريقين: السمع والبصر، كما قالَ الزبيرُ بنُ بكارٍ لولدهِ ورآه ينظرُ في كتابِ:((يا بُني إذا نظرتَ في كتابٍ فتكلم بهِ، ليكونَ أثبتَ في قلبكَ، فإنَّه يصلُ إليكَ منْ طريقين))، (7) أو كما قال.
(1) في (ف): ((الجاروزدي)) خطأ.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 301.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(4)
في (ف): ((الكلام)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 301.
(7)
من قوله: ((السمع والبصر)) إلى هنا لم يرد في (أ).
وأما منِ اشترطَ ذلك ونحوهُ فإنمَّا كان ذلك قبلَ حدوثِ الإجازةِ عقبَ كلِّ مجلسٍ، وأمّا بعدَ وجودِها فإنَّ الأمرَ هان باعتبارِ انجبارِ ما عساهُ أنْ يفوتَ سماعَهُ بالإجازةِ، وهكذا القولُ في قوله:((ولا يَكونَنَّ كمن إذا رأى سماعَ شيخٍ لكتابٍ قرأهُ عليه منْ أيِّ نسخةٍ اتفقت))، والله أعلمُ.
قولهُ: (التشديد في الروايةِ)(1) قال ابنُ الصلاحِ: ((وسيأتي ذكرُ مذهبهم (2) إنْ شاءَ اللهُ تعالى)) (3).
قولهُ: (على يَدَي غيرِهِ)(4) كأنّهُ ثنى اليدَ إشارة إلى الاعتناءِ بالمقابلةِ.
قولهُ: (ثقةً موثوقاً بضبطِهِ)(5)، أي: قد يكون الإنسانُ ثقةً، أي: عدلاً ضابطاً لما يرويه وهو ضعيفٌ في الكتابةِ، أو لا يعلمها أصلاً، فلا بدَّ معَ ذلك منْ كونِهِ موثوقاً بضبطِهِ في المقابلةِ، أي: قد جُرِّبَ أمرهُ فيها فوجدَ شديداً.
قولهُ: (على ما ينظرُ فيه)(6) متعلقٌ بـ " المأمون "، أي: يكونُ مأموناً على الكتابِ الذي ينظرُ فيه، بسببِ صحةِ المقابلةِ.
قولهُ: (وأجازهُ الخطيبُ بشرطِ)(7) إلى آخره، قال ابنُ الصلاحِ: ((وحكى - أي: الخطيبُ - عن شيخِهِ أبي بكر البرقانيِّ أنَّه سألَ أبا بكر الإسماعيليَّ، فذكرهُ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(2)
في (ف): ((مذاهبهم)).
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 302.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 479.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
قال - أي: الخطيبُ -: وهذا هو مذهبُ أبي بكرٍ البَرْقانيِّ فإنَّه رَوَى لنا أحاديثَ كثيرةً، قال فيها: أخبرنا فلانٌ، ولم أعارِضْ بالأصلِ)) (1).
/ 287ب / قولهُ: (وأنْ يُبيِّنَ عندَ الروايةِ أنَّه لم يُعارضْ)(2)، أي: فمنْ ثمراتِ هذا أنَّه لا يتهمُ إذا ظهرَ الأمرُ بخلافِ ما رَوَى.
قولهُ: (قليل السَّقطِ)(3) رأيتُها مضبوطةً بخطِّ العلامةِ نجمِ الدينِ محمدِ بنِ محمدِ بنِ عبدِ الدائمِ الباهيِّ الحنبليِّ في نسخةٍ بخطِّهِ، قرأها على شيخِهِ العلامةِ الحافظ تقيِّ الدينِ الدُّجْوي (4) بالتحريكِ، وقال الصغانيُّ في " مجمع البحرين ":((والسقطُ - بالفتحِ - السُّقوطُ))، وضبطتْ في النسخةِ بالقلمِ بفتحِ القافِ، فلعلَّ مرادَهُ ((بالفتحِ)) فتحُ أوّلِهِ، وثانيهِ الذي يعبرُ عنهُ " القاموسُ " بـ ((التحريكِ)) ثم راجعتُ " القاموس " فرأيتُهُ قال: ((والسَّقطُ - مثلثةٌ -: الولدُ لغير تمامٍ، - ثم
قال: - وبالتحريكِ ما أسقطَ منَ الشيءِ)) (5).
قولهُ: (كمنْ إذا رأى)(6) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ولا يَكونَنَّ كطائفةٍ (7) منَ الطلبةِ إذا رأوا)) (8) إلى آخره.
(1) معرفة أنواع علم الحديث: 303.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(4)
أبو بكر محمد بن محمد بن عبد الرحمان بن حيدرة الشافعي الدُّجْوي - بضم الدال المهملة، وسكون الجيم، نسبةً إلى دجوة: قرية على شط النيل الشرقي على بحر رشيد - ولد سنة
(737 هـ)، كان كثير الاستحضار، سمع منه ابن حجر وغيره، وحدث مراراً بصحيح مسلم، توفي سنة (809 هـ). شذرات الذهب 7/ 86 - 87.
(5)
القاموس المحيط مادة (سقط).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(7)
هنا انتهت نسخة (ب).
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 303.
قولهُ: (والتَّهَوُّرُ)(1) هو كذلك أيضاً عندَ غيرِ الجوهريِّ، لكنْ هو من: تَفعَّلَ تَفعُّلاً، والذي في النَّظْمِ من بابِ: فعَّلَ تَفعيلاً، وهو يؤول إلى ما في الشرح؛ لأنَّه من: هوَّر فلاناً: إذا صرعَهُ، وهوَّر البناء: إذا نقضَهُ، فمعنى التهويرِ: الإيقاعُ، فالمعنى: لا تكنْ مهوِّراً لنفسِكَ بأنْ تجعلها بسببِ التهاونِ والتسرعِ كالشيء الساقطِ لا اختيار له في كفِّهِ عنِ الوقوعِ، والله أعلم.
قولهُ: (تخريجُ الساقط)(2)، أي:((ويكتبُ الساقطَ، وهو اللحقُ)) في ((حاشيةِ)) الكتابِ، / 288أ / ((يلحقُ)) ذلكَ السقطَ ((إلى)) جهةِ ((اليمينِ)) من حاشيتي الورقةِ ((مالم يكنْ آخرَ سطرٍ)) فإنَّه يلحقُ دائماً في جهةِ اليسارِ، أي: في الحاشيةِ اليُسرى، ((وليكنِ)) الساقطُ ذاهباً إلى ((فوقٍ)) أي: إلى الجهةِ العليا منَ الورقةِ، وهو طرفها الذي يلي أولَ سطرٍ فيها، ولتكنِ ((السطورُ)) في ((أعلى)) الحاشيةِ التي يكتبُ فيها بعدَ تحويلك الورقةِ، لكتابةِ الساقطِ؛ فإنَّه قد ((حسنَ)) هذا الفعل، وأعلى الحاشيةِ اليُمنى هو طرفُ الورقةِ في الصفحةِ اليمنى، وما يلي الخياطةَ في الصفحةِ اليسرى، وأعلى الحاشيةِ اليسرى بالعكسِ منْ هذا.
وخَرِّجن لأجلِ هذا ((السَّقطِ)) الذي كتبتهُ خَطاً يكونُ ابتداؤهُ ((منَ)) الموضعِ الذي ((سقطَ)) الساقطُ منه ((منعطفاً)) رأسُ ذلك الخطِّ إلى جهةِ ذلك السقطِ، ((وقيلَ: صل)) أولَ السقطِ ((بخطٍ)) ممتدٍّ منَ الخطِّ الذي خرَّجْتهُ لأجلِهِ، وبعد انتهاءِ كتابةِ السَّقطِ ((اكتبْ صحَّ، أو زدْ)) بعدَ كتابكَ ((صحَّ)) ((رجعَ أو كرِّرْ)) كتابةَ ((الكلمةِ)) التي لم تسقطْ مصاحبةً للكلمة التي قبلَها منَ السَّاقطِ، يعني: اكتبْ هذه الكلمةَ التي كررتَها، وهي في الأصلِ معَ السَّاقطِ لا في مكانٍ آخرَ فـ " مع " ظرفٌ، وهي هُنا للمكانِ، وهي منصوبةٌ على الظرفيةِ، وقيلَ: الحاليةُ، منونةٌ لأجلِ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 481.
ذكر المصطحبين قبلها، فلم يبقَ بعدَها شيءٌ تضافُ إليهِ؛ لأنَّ معنى ((كرّر الكلمةَ)) اكتبْها مَرَّةً أخرى، أي: اكتبْ الكلمةَ / 288ب / التي لم تسقطْ - وهي التي تلي آخر الساقطِ - مع أختِها التي في الأصلِ؛ لتكونَ كلُّ واحدةٍ منهما مع أختِها في مكانٍ واحدٍ، والله أعلم.
قولهُ: (وأمّا اشتقاقُهُ)(1)، أي: هذا الذي ذكرتُهُ هو اصطلاحُ أهلِ الحديثِ والكتابِ، وأمّا اشتقاقُ هذا اللفظِ من حيثُ اللغةُ، ((فيحتملُ أنَّهُ منَ الإلحاقِ))، أي: لأنَّ السَّاقِطَ لا يمكنُ أنْ يلحقَ بنفسِهِ، بل لابدَّ له منْ مُلحِقٍ، أي: ويحتملُ احتمالاً ضعيفاً أنَّهُ من ((لحقَ))؛ لأنَّه إذا ألحقَ فقد لحقَ.
قولهُ: (قالَ الجوهريُّ)(2) هوَ ابتداءُ كلامٍ آخرَ يتعلقُ بمعناهُ، لا مدخلَ لهُ في الاشتقاقِ، ويجوزُ أنْ يكونَ تأييداً؛ لاحتمالِ أنَّهُ منَ الإلحاقِ، ويكونُ يلحقُ في قوله:((شيءٌ يلحقُ)) مبنياً للمفعولِ، وقولُ المحكمِ يدلُّ على الاحتمالينِ.
قولهُ: (ويحتملُ أنَّهُ مِنَ الزيادةِ)(3) عطفٌ على ((قال الجوهريُّ))، أي: قال الجوهريُّ: معناه كذا، ويحتملُ عِندي غير ما قالَ الجوهريُّ، وأنَّ معناهُ الزيادةُ لقولِ صاحبِ "المحكمِ" كذا، ولا تتوهم أنَّه معطوفٌ على ((يحتملُ أنَّه من الإلحاقِ)) فتقعُ في الخبطِ.
قولهُ: (قال ابنُ عيينةَ)(4) يَنبغي كشفُ المحكمِ ليتحققَ، هل هو ابنُ عيينةَ المحدِّثُ أو غيرُهُ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 481.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 480.
قولهُ في الشِّعر: (وبِزَّتَهُ)(1) قال في "الصحاحِ"(2): ((البزةُ - بالكسرِ - الهيئةُ))، وزادَ في "ديوان الأدبِ " (3):((والبزةُ الخِلْعةُ))، والظاهرُ أنَّ المرادَ بهذا أليقُ، فيكون من عطفِ الخاصِ على العامِ، وفي " القاموسِ " (4):((البزّ: الثيابُ، أو متاعُ البيتِ منَ الثيابِ ونحوها)) / 289أ /، فيكون من عطفِ العامِ على الخاصِ وهو أليقُ، والله أعلم.
قولهُ: (من وسطِ السطرِ)(5) لو قالَ: منْ أثناءِ، كانَ أحسنَ.
قولهُ: (وربما التقيا)(6) فقد يُقالُ: إنَّهُ لا حاجةَ إلى هذا التقييدِ، فإنَّ أحدَ وجوهِ الضربِ أنْ يجعلَ أولَهُ نصفَ دائرةٍ، وآخرَهُ كذلك، وهو شبيهٌ بالتخريجِ، وقد يقالُ: إنَّه أرادَ التنبيهَ على الوجهينِ، أو إنَّ الالتقاءَ أبعدُ من صورةِ التخريجِ، فالالتباسُ فيه أشدُّ. أو إنَّ نصفَ الدائرةِ تكونُ محيطة بالكلمةِ من أعلاها وأسفلِها، بخلافِ التخريجِ فإنَّه شبيهٌ بالانعطافِ في الضربِ الذي أشارَ إليه المصنفُ.
قولهُ: (ضَرْبٌ على ما بينهما)(7) يدفعُ هذا الظنَّ كتابةَ السَّقطِ، ولا يقالُ: يحتملُ أنْ يظنَّ أنَّ ما على الحاشيةِ بدل ما في الأصلِ؛ لأنَّ ذلك الظنَّ تدفعُهُ الكتابةُ منَ الجانبينِ، والله أعلم.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 482.
(2)
الصحاح مادة (بزز).
(3)
ديوان الأدب 3/ 36.
(4)
القاموس المحيط مادة (بزز).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 482.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 482.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 483.
قولهُ: (من أعلى)(1)، أي: يبتدئ أولَ سَطرٍ من الساقطِ من طرفِ الورقةِ في الصفحةِ اليمنى، وهو أبعدُ حاشيتها عن الأسطرِ التي في الأصلِ، ويصفُّ كلماتِ السطرِ؛ لينتهي في آخر الورقةِ من جهةِ الحاشيةِ الممتدةِ مع طولِ أولِ سطرٍ في الصفحةِ، ثم يكتبُ السطرَ الثاني - إنْ كانَ - تحتَ الأولِ، وهكذا حتى يكونَ ظهرَ آخر سطرٍ من الساقطِ على أوائلِ سطورِ تلكَ الصفحةِ، ولهُ أنْ يجعلَ السَّطرَ الثاني بعرضِ الحاشية الممتدة معَ أولِ سطرٍ، إنْ كانتْ خاليةً، وهكذا حتى ينتهي /289ب/، ويوفرَ ما تحتَ بقيةِ السطرِ الأعلى منَ الحاشيةِ لسقطٍ آخرَ.
قولهُ: (إلى جهةِ باطنِ الورقةِ)(2)، أي: فيكونُ آخرُ سطرٍ فيها أقربَها إلى أوائلِ الأسطرِ التي في أصلِها.
قولهُ: (بتخريجٍ)(3)، أي: غيرِ متصلٍ بالساقطِ، أو بتخريجٍ مع اتصال، هذا إنْ كانتِ الحاشيةُ الممتدةُ مع أولِ سطرٍ في الصفحةِ مشغولةً، وإنْ كانتْ خاليةً كتبَ فيها، وهو حسنٌ جداً.
قولهُ: (فحسن)(4)، أي: فإنَّ ذلك قد حسن.
قولهُ: (إلى جهةِ التخريجِ)(5) صوابُهُ: إلى جهةِ المخرجِ لهُ، وأمَّا التخريجُ فهو فعلُ كاتبِ التخريجةِ، وهي الخطُّ المشيرُ إلى الساقطِ، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ:((ثم يعطفُه بينَ السطرينِ عطفةً يسيرةً إلى جهةِ الحاشيةِ التي يكتُبُ فيها اللحقَ، ويبدأُ في الحاشيةِ بكتبِهِ اللحقَ مُقابلاً للخطِّ المنعطفِ)) (6) وهي عبارةٌ حسنةٌ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 483.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 483.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 484.
(4)
التبصرة والتذكرة (585).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 482.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 303 - 304.
قولهُ: (حرفٌ واحدٌ)(1)، أي: كلمةٌ واحدةٌ (2).
قولهُ: (مما يتصلُ به الدفترُ)(3)، أي: الكتاب، قال في " القاموسِ " (4):((الدفترُ، وقد تُكسرُ الدال: جماعةُ الصحفِ المضمومةِ)).
قولهُ: (فربَّ (5) كلمةٍ) (6) إلى آخرهِ، قال شيخُنا:((وكذلك القولُ في ((صح))، ربما انتظمَ الكلامُ بعدَها بها فيظنُّ أنّها منَ الكتابِ، والأحسنُ الرمزُ بشيءٍ لا يُقرأُ)).
قلتُ: كأنْ يكتبَ صاد ((صح)) مطموساً، ولا يجعلُ لحائها تعريفةً على هذه الصورةِ ((صحـ)).
قولهُ: (كالضبةِ)(7) هذا غيرُ مرضيٍّ؛ لإشكالِهِ بالتضبيبِ الذي للتمريضِ، كما يأتي في الذي بعدَهُ.
قولهُ: (وأدلُّ)(8) قال / 290أ / ابنُ الصلاحِ عقبه: ((وفي نفسِ هذا المخرجِ ما يمنعُ الإلباسَ، ثم هذا التخريجُ يخالفُ التخريجَ لما هو مِنْ نفسِ الأصلِ في أنَّ خطَّ ذلك التخريجِ يقعُ بينَ الكلمتينِ اللتينِ بينَهما سقطَ السَّاقطُ، وخطُّ هذا التَّخريج يقعُ على نفسِ الكلمةِ التي من أجلِها خُرِّجَ المُخَرَّجُ في الحاشيةِ)) (9).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 485.
(2)
عبارة: ((قوله: (حرف واحد)، أي: كلمة واحدة)) تكررت في (ف).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 485.
(4)
القاموس المحيط مادة (دفتر).
(5)
في (ف): ((فردت)) خطأ.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 485.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 486.
(8)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 486.
(9)
معرفة أنواع علم الحديث: 305.
قولهُ: (التصحيحُ)(1) إلى آخرِهِ، قال ابنُ الصلاحِ:((منْ شأنِ الحُذَّاقِ المُتقنينَ العنايةُ بالتصحيحِ والتضبيبِ)) (2). انتهى.
ولعلَّهم خصوا هذه الصورةَ بالكتابةِ على المضبَّبِ؛ لأنَّه ربما يتجهُ المعنى فيُلحقُ بها ((حاء)) فتصيرُ علامةَ التصحيحِ هكذا ((صح)).
قولهُ: (الإفْلِيلي) هو أبو القاسمِ إبراهيمُ بنُ محمد بن زكريا القرشيُّ الزهريُّ من أهلِ قُرطبةَ، قال ابنُ خلكان:((كانَ من أئمَّةِ النحوِ واللغةِ، وله معرفةٌ تامةٌ بالكلامِ على معاني الشِّعرِ، ورَوَى عن أبي بكرٍ الزبيديِّ، وكانَ مُتصدراً بالأندلسِ لإقراء الأدبِ، وُلِدَ في شوال سنة اثنتينِ وخمسينَ وثلاثمئةٍ، وماتَ آخر يوم السبتِ ثالثَ عشرَ ذي القعدةِ سنةَ إحدى وأربعينَ وأربعمئةٍ، ودُفِنَ يومَ الأحدِ بعدَ العصرِ في صحنِ مسجد خرب عندَ بابِ عامرٍ بقرطبةَ، والإفْلِيليُّ: بكسرِ الهمزةِ، وسكونِ الفاءِ، وكسر اللامِ، وسكونِ التحتيةِ، ثم لام ثانية، نسبةً إلى قرية بالشام كان أصله منها)) (3).
قولهُ: (منْ أهلِ المغربِ)(4) قال شيخُنا: ((يمكنُ الجمعُ، وهو أنَّ قائلَ ذلك مِنْ / 290ب / أهلِ الأدب من أهلِ المغربِ)).
قولهُ: (هذا بعيدٌ)(5) ليس ببعيدٍ؛ لأنَّه قد تقدمَ عندَ تشبيهِ الكتابةِ مع عدمِ المقابلةِ بدخول الخلاءِ مع عدمِ الاستنجاءِ أنَّ المقصودَ منَ التشبيهِ إنمَّا هوَ المعنى
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 485.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 306.
(3)
وفيات الأعيان 1/ 51، وشذرات الذهب 3/ 266، وضبط القرية ياقوت في "معجم البلدان":((أفليلاء - بفتح الهمزة -))، وكذا في " مراصد الاطلاع " 1/ 102.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 485.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 487.
الذي شبَّهَ من أجلِهِ لا المشابهةَ للمشبهِ به في جميعِ عوارِضِهِ، ووضحَ ذَلِكَ بتشبيهِ الوحي بصلصلةِ الجرسِ، والله أعلم.
قولهُ: (جُعلت للجبر)(1) مسلّمٌ، لكنْ جَعْلُها لهُ لا يمنعُ دِلالتَها على الخللِ الذي تحتَها، وهو المرادُ منَ الاستعارةِ هنا، فهما متساويانِ في أنَّ كلاً منهما جُعلَ على خللٍ في المضببِ، وأنَّ كلا ذو خَللٍ، وصحةُ الكلمةِ من جهةِ صحةِ ورودها وفسادِ مَعناها، والإناءُ من جهةِ خَللِهِ الذي كانَ وصحته الآنَ.
قولهُ: (ولم يتَّجِهْ وجْهُها)(2) قال الشيخُ في " النكتِ ": ((فهي بضبةِ البابِ أشبه، كما تقدمَ نقلُ المصنفِ له عن أبي القاسمِ بن الإفليليِّ)) (3).
قولهُ: (بعضُ المتجاسرينَ)(4) لعلهُ يُشيرُ إلى ما ذكرَ القاضي عياضٌ منْ أنَّ شيخَهُ هشامَ بنَ أحمدَ الوقشيَّ كانَ منْ أكابرِ العلماءِ وأهلِ اللغةِ، فكانَ إذا مَرَّ بهِ شيءٌ لم يتجهْ لهُ وجههُ أصلحهُ بما يظنُّهُ وجهاً، اعتماداً على وثوقهِ بعلمهِ في العربيةِ واللغةِ وغيرها، ثمَّ يظهرُ أنَّ الصوابَ ما كانَ في الكتابِ، ويتبيَّنُ وجههُ،
وأنَّ ما غيَّرهُ إليهِ خطأٌ، وقدْ أشارَ ابنُ الصلاحِ / 291أ / إلى ذَلِكَ في " إصلاحِ الخطأ ".
قولهُ: (ابنُ الصلاحِ أيضاً)(5) عبارتهُ: ((كُتبتْ - أي: الضبَّةُ - كذلكَ، ليُفرَّقَ بينَ ما صَحَّ مُطلقاً منْ جهةِ الرِّوايةِ وغيرها، وبينَ ما صحَّ منْ جهةِ الروايةِ دونَ غيرها، فلم يُكمَّلْ عليهِ التصحيحُ، وكُتبَ حَرفٌ ناقصٌ [على حرفٍ
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 487.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 487.
(3)
التقييد والإيضاح: 214.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 487.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 488.
ناقصٍ] (1)، إشعاراً بنقصهِ ومرضهِ معَ صحةِ نقلهِ وروايتهِ وتنبيهاً بذلكَ لمن ينظرُ في كتابهِ على أنَّهُ قدْ وقفَ عليهِ ونقلهُ على (2) ما هوَ عليهِ، ولعلَّ غيرهُ قدْ يُخرِّجُ لهُ وَجهاً صَحيحاً، أو يظهرُ لهُ بعدَ ذَلِكَ في صحتهِ ما لم يظهرْ لهُ الآنَ، ولو غيَّرَ ذَلِكَ وأصلحهُ على ما عندهُ لكانَ متعرِّضاً لما وقعَ فيهِ غيرُ واحدٍ من المتجاسرينَ الذينَ غيَّروا، وظهرَ الصوابُ فيما أنكروه (3) والفسادُ فيما أصلحوه (4))) (5).
قولهُ: (على (6) الوجهِ) (7) عبارة ابنِ الصلاحِ: ((على ذَلِكَ الوجهِ)) (8).
قولهُ: (منْ جهةِ المعنى)(9) إلى آخرهِ، الذي منْ جِهةِ المعنى ولفظهُ وخَطهُ صحيحٌ واضحٌ، والذي منْ جهةِ اللفظِ فقط فكما لو قيل: إنَّ الشيءَ الفلانيَّ لَم غفلَ عنهُ، بالماضي بعدَ ((لم)) الجازمةِ، وهذا ما لم يصحَّ في العربيةِ، أو مثل ((الأجْلَلِ)) في ((الأجَلِّ)) وهو مثالٌ شاذٌ (10).
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من " معرفة أنواع علم الحديث ".
(2)
عبارة: ((ونقله على)) لم ترد في (ف).
(3)
في (أ) و (ب): ((أنكروا)).
(4)
في (أ) و (ب): ((أصلحوا)).
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 306.
(6)
في (ف): ((وعلى)).
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 488.
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 306.
(9)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 488.
(10)
في (ف): ((الشاذ)).
قولهُ: (لئلَاّ يُظَنَّ ضرباً)(1) إنْ قيلَ: أهل الاصطلاحِ يميزونَ بينَ الضبَّةِ والضربِ؛ لأنَّهُ ليسَ في أقسامهِ ما يشبهُ الضبَّةَ، وغيرُهم يظنُّ، سواءً اتصلَ الصادُ بالكلمةِ، أو انفصلَ، قيلَ: أمَّا منْ لا يعرفُ فلا شكَّ أنَّ ظنَّهُ عندَ / 291ب / الاتصالِ يكونُ أقوى، وأمَّا العارفُ فيظنُّ أنَّ هذا ضربٌ، وأنَّهُ ممن لا يعرفُ، فلا يرفعُ عنهُ اللبسُ جَعْلُ رأسهِ كالصادِ؛ لأنَّهُ لا يتوقَّى مثلَ هذا إلَاّ العارفُ بالمصطلحِ، واللهُ أعلمُ.
قولهُ:
595 -
وَمَا يزِيْدُ فِي الْكِتَابِ يُبْعَدُ
…
كَشْطاً َوَمَحْواً وَبِضَرْبٍ أَجْوَدُ
596 -
وَصِلْهُ بِالْحُرُوْفِ خَطّاً أَوْ لَا
…
مَعْ عَطْفِهِ أَوْ كَتْبَ (لَا) ثُمَّ إلى
597 -
أَوْ نِصْفَ دَارَةٍ وَإِلَاّ صِفْرَا
…
فِي كُلِّ جَانِبٍ وَعَلِّمْ سَطْرَا
598 -
سَطْراً إذا مَا كَثُرَتْ سُطُوْرُهْ
…
أَوْلا وَإِنْ حَرْفٌ أتَى تَكْرِيْرَهْ
599 -
فَأَبْقِ مَا أَوَّلُ سَطْرٍ ثُمَّ مَا
…
اخِرُ سَطْرٍ ثُمَّ مَا تَقَدَّمَا
600 -
أَوِ (2) اسْتَجِدْ قَوْلَانِ مَا لَمْ يُضِفِ
…
أَوْ يُوْصَفُ اوْ (3) نَحْوُهُمَا فَأَلِفِ
الكَشْطُ: القَشْطُ، قالَ الصغانيُّ في "مجمعِ البحرينِ":((كشطتُ الجُلَّ عنْ ظهرِ الفرسِ، والغطاءَ عنِ الشيءِ: إذا كشفتهُ عنهُ، والقشطُ لغةٌ فيهِ، وفي قراءةِ عبد اللهِ: {وإِذَا السَّمَاءُ قشِطَتْ} (4)، قالَ الزجاجُ: قشطتْ وكشطتْ معناهما جميعاً: قلعتْ، وكشطتُ البعيرَ كشطاً: نزعتُ جلدهُ)).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 488.
(2)
كسرت الواو؛ لالتقاء الساكنين.
(3)
بوصل همزة (أو)؛ لضرورة الوزن.
(4)
الآية من سورة التكوير: 11، وانظر في قراءة عبد الله: تفسير القرطبي 8/ 7026.
والمحوُ: إزالةُ المكتوبِ منْ غيرِ أخذِ شيءٍ منْ ظاهرِ المكتوبِ فيهِ.
قولهُ: (كشطاً ومحواً)(1) الأحسنُ نصبُها على الحالِ، أي: ذا كشطٍ وذا محوٍ.
قولهُ: (خطاً)(2)، أي: وصلُ الضربِ بالحروفِ حالَ كونهِ خطاً.
قولهُ: (أوْ لا)(3) فيهِ ما تقدمَ منْ قطعهِ وتمامِ ضربِ السطرِ بعدهُ، ولو قالَ: أو فلا، لتمَّ، أي: صِل خَطَّ الضربِ بحروفِ الكلماتِ المضروبِ عليها، أو لا، فلا تصلهُ بها بلْ ارفعهُ عنها لكنَّ الإتيانَ بالفاءِ ليسَ لهُ فائدة إلا تمام النظمِ.
وتقدير الكلام: أو إنْ كُنتَ لا تريدُ وصلَه فلا تَصلْه.
قولهُ: (سطراً سطراً)(4) حالٌ منَ المفعولِ المحذوفِ، أي: عَلِّم الزائدَ مرتباً هذا الترتيبَ.
قولهُ: (بالكشطِ وهو الحكُّ)(5) قالَ في "القاموسِ"(6): ((الحكُّ: إمرارُ جرمٍ على جرمٍ صَكاً)) / 292 أ /. انتهى.
وهو لا يلزمُ منه أَخذُ شيءٍ منَ الورَقِ، فتفسيرُ الكشطِ بهِ فيهِ نظرٌ؛ لأنَّ الكشطَ هوَ السلخُ، وهو أنْ يقلعَ الكتابةَ معَ ما تشرَّبها منَ المكتوبِ عليهِ، ولا يفرقُ ما تحتهُ منْ أجزاءِ الورقِ، ويرخيها، وينفشها، بل يبقى بحيثُ يكتبُ عليهِ، ولا يظهرُ فيهِ فسادٌ، هذا إذا كانَ الورقُ جيداً، والسكينُ حادةً، والحكُّ ربَّما فرَّقَ الأجزاءَ وأرخاها ونفشها، فمنعَ منَ الكتابةِ على موضعهِ وإنْ كتبَ نفذَ وكانَ منظرهُ بشعاً، فكأنَّهم
(1) التبصرة والتذكرة (595).
(2)
التبصرة والتذكرة (596).
(3)
التبصرة والتذكرة (596).
(4)
التبصرة والتذكرة (597) و (598).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 489.
(6)
القاموس المحيط مادة (حكك).
إنمَّا قالوا ذلكَ إشارةً إلى الرفقِ بالورقِ، إنْ أمكنَ ذَلِكَ؛ لأنَّ القصدَ يحصلُ بإزالةِ الكتابةِ فقطْ.
قولهُ: (عنْ سُحْنُونَ)(1) هوَ بضمِّ السينِ وحُكيَ فتحُها (2)، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ في آخرِ الكلامِ في هذا: ((وأمّا المحوُ فيقاربُ الكشطَ في حكمهِ الذي تقدَّمَ
ذِكرُهُ، وتتنوعُ طرُقُهُ، ومنْ أغربِها - معَ أنَّهُ أسلمُها - ما رُويَ عن سُحنون بن سعيدٍ التنُوخيِّ الإمامِ المالكيِّ: أنَّهُ كانَ ربما كتبَ الشيءَ ثمَّ لعقَهُ (3)، وإلى هذا يومىءُ ما رُوِّينا عن إبراهيمَ النَّخعيِّ (4) أنَّهُ كانَ يقولُ: منَ المروءةِ أنْ يُرى في ثوبِ الرجلِ وشفتيهِ مدادٌ)) (5).
قوله: (وَرُوِّينا)(6) مضبوطٌ في نسخٍ عديدةٍ بضمِ الراءِ وتشديدِ الواوِ مكسورةً، وهذا اصطلاحٌ لابنِ الصلاحِ سلكهُ؛ لشدةِ التَّحري، وهو أنَّهُ إذا حدَّثَ بما حملهُ، قالَ:((رَويْنَا)) بالفتحِ والتخفيفِ، أي: نقلنا / 292 ب / لغيرنا، وإلا قالَ بالضمِّ، أي: نقل لنا شيوخُنا.
قولهُ: (وقدْ أُنبئتُ)(7) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وأخبرني منْ أُخبرَ عنِ القاضي عياضٍ)) (8)، فعبارتهُ دالةٌ على أنَّ بينهُ وبينَ عياضٍ اثنينِ، وعبارةُ الشيخِ عنها تدلُّ على ثلاثةٍ فهما غيرُ متساويتينِ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 489.
(2)
وفيات الأعيان 3/ 182.
(3)
الإلماع: 173.
(4)
انظر: وفيات الأعيان 3/ 182، نسبته إلى النَّخع - بفتح النون والخاء المعجمة وبعدها عين مهملة - وهي قبيلة كبيرة من مَذْحِج باليمن. انظر: وفيات الأعيان 1/ 21.
(5)
معرفة أنواع علم الحديث: 310.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 489.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 490.
(8)
معرفة أنواع علم الحديث: 307.
قولهُ: (يخطُّ منْ فوقهِ)(1)، أي: بحيثُ يشقُّ الكلماتِ نصفينِ بدليلِ قولهِ: ((ويقرأُ منْ تحتهِ)) كما سيأتي.
قولهُ: (سفيانُ بنُ العاصِ)(2) قالَ: هذا الاسمُ تارةً يكونُ منْ عصى يعصي، وتارةً منْ عصا يعصو، وبنو أميَّةَ أسماؤهم منَ الثاني وكتابتهُ بغيرِ ياءٍ.
قلت: أمّا عَصَى يَعصي فمن العصيانِ الذي هوَ خلافُ الطاعةِ، وأمّا عصا يعصو فمن معانٍ شتى.
قالَ في "القاموسِ"(3) ما حاصلهُ: ((عصيَ بالعصا كَرَضِيَ: أخذها، وبسيفهِ أخَذَهُ أخْذَها، أو ضَرَبَ بهِ ضَرْبَهُ بها كعصا كدعا، أو عصوتُ بالسيفِ، وعصيتُ بالعصا، أو عكسهُ، وكلاهما (4) في كليهما، وعصاني فعَصوْتهُ: ضاربني بها فغلبتهُ، وعَصوتُ الجُرحَ: شددتهُ، والقومَ جمعتُهم على خيرٍ أو شرٍّ))، ولا يظهرُ عندي فرقٌ في الكتابةِ، فإنَّ الواويَّ واوهُ متطرفةٌ قبلها كسرةٌ، فيجبُ أن تُقلبَ ياءً، وإذا صارتْ ياءً جازَ فيها ما جَازَ في الذي منَ العصيانِ منَ الحذفِ، إلَاّ أنْ يُقالَ: إنَّ التي أصلُها الواو أولى بالحذفِ؛ لعدمِ أصالتها.
قولهُ: (حتى لا يُبْشَرَ)(5) البَشرُ القشْرُ، وهو أخذُ وجهِ / 293 أ / البشرةِ وهو حقيقةُ الكشْطِ، وما فسّروهُ بالحكِّ إلَاّ حثاً على الرفقِ بالورقِ كما مضى، وقدْ مضى بيانُ أنَّهُ يكونُ في الغالبِ أجود منَ الحكِّ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 490.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 490.
(3)
القاموس المحيط مادة (عصا).
(4)
في (ف): ((أو كلاهما)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 490.
قولهُ: (لكنْ يكونُ الخطُّ مختلطاً)(1) هذا الاستدراكُ غيرُ جيِّدٍ؛ لأنَّهُ يفهم أنَّه زائدٌ على ما قالَ الرامهرمزيُّ، وليسَ كذلكَ كما مضى، ويأتي، وعبارةُ ابنِ الصلاحِ تُفهمُ أنَّ كلامَ القاضي موافقٌ لكلامِ الرامهُرمزيِّ، فإنَّهُ بعدَ أنْ حَكى عبارةَ الرامهرمزيِّ، قالَ:((وَرُوِّيْنا عنِ القاضي عياضٍ ما معناهُ: أنَّ اختياراتِ الضابطينَ اختلفتْ في الضربِ، فأكثرُهم على مَدِّ الخطِّ على المضروبِ عليهِ مختلطاً بالكلماتِ المضروبِ عليها، ويُسمى ذَلِكَ ((الشَّق)) أيضاً، ومنهم منْ لا يخلطُهُ)) (2) فلمْ يَسُقْهُ على وجهِ الاستدراكِ، فإنْ كانتْ عبارةُ القاضي في "الإلماعِ" خاليةً عنهُ فهوَ وجهٌ آخرُ في مؤاخذةِ الشيخِ، وإنْ كانتْ مستدركةً فحذفهُ لها يكادُ أنْ يكونَ مصرِّحاً بأنَّهُ يرى أنَّهُ لا اختلافَ بينَ قولهِ، وقولِ ابنِ خَلَاّدٍ.
قولهُ: (وهو الذي يُسمَّى: الضَّربَ والشَّقَّ)(3) قالَ المصنفُ في "نكتهِ" على ابنِ الصلاحِ: ((الشَقُّ: بفتحِ الشينِ المعجمةِ، وتشديدِ القافِ، وهذا الاصطلاحُ لا يعرفهُ أهلُ المشرقِ (4)، ولم يذكرهُ الخطيبُ في "الجامعِ"، ولا في "الكفايةِ"، وهو اصطلاحٌ لأهلِ المغربِ، وذكرهُ القاضي عياضٌ في "الإلماعِ"(5) ومنهُ أخذهُ المصنفُ، وكأنَّهُ مأخوذٌ منَ الشقِّ وهو الصدعُ (6)، أو منْ شقِّ / 293ب / العصا، وهو التفريقُ فكأنَّهُ فرَّقَ بينَ الكلمةِ الزائدةِ، وبينَ ما قبلها وبعدها منَ الصحيحِ الثابتِ بالضربِ عليها، والله أعلمُ)). (7) انتهى.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 308 - 309.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
(4)
في (ف): ((الشرق)).
(5)
الإلماع: 170 - 171.
(6)
في (ف): ((الصداع)).
(7)
التقييد والإيضاح: 216.
قلتُ: أو يكونُ كأنَّهُ فَصلَ كلَّ حرفٍ وقعَ عليهِ الضربُ فشقَّهُ باثنينِ، وإنمَّا لَم يعرِّجِ المصنفُ على هذا؛ لأنَّهُ فهمَ منْ قولِ ابنِ خلادٍ:((يخطُّ منْ فوقهِ)) أنّ الضربَ يكونُ على رأسِ الحروفِ لا على وسطها بدليلِ قولهِ في القولِ الثاني: ((أنْ لا يخلطَ الضرب بأوائلِ الكلماتِ))، وظاهرُ كلامهِ إنمَّا هوَ الثاني، وإلَاّ لم يكنْ لقولهِ:((ويقرأ منْ تحتهِ)) كبيرُ فائدةٍ.
قالَ المصنفُ: ((ويوجدُ في بعضِ نسخِ "علومِ الحديثِ": النشقُ، بزيادةِ نونٍ مفتوحةٍ في أولهِ، وسكونِ الشينِ، فإنْ لمْ يكنْ تَصحيفاً وتغييراً منَ النساخِ، فكأنَّهُ مأخوذٌ منْ: نشقَ الظبيُّ في حبالته إذا علقَ فيها، فكأنَّهُ إبطالٌ لحركةِ الكلمةِ وإهمالها بجعلِها في صورةِ وثاقٍ يمنعها منَ التصرفِ، واللهُ أعلمُ)) (1).
قولهُ: (يعطفُ طرفي الخطِّ)(2)، أي: حتى يكونَ كالباءِ المقلوبةِ.
قولهُ: (ومثلُ هذا يصلحُ فيما صحَّ)(3) إلى آخرهِ، كذا فعلَ اليونينيُّ في نسختهِ منَ البخاريِّ، فإنَّهُ يكتبُ على أولِ بعضِ الجملِ ((لا)) وعلى آخرِها ((إلى))، ويكتبُ عليها فيما بينَ ذَلِكَ رمزَ (4) بعضِ الرُّواةِ، فيفهمُ أنَّ هذا الكلامَ ساقطٌ في روايةِ صاحبِ الرمزِ، ثابتٌ في روايةِ منْ سواهُ.
قولهُ: (قالَ: وقد يكتفي)(5) إلى آخرهِ / 294 أ /، أي: بأنْ تُمدَّ العلامةُ إلى آخر ما اختصَّ صاحبُ العلامةِ بروايتِهِ.
(1) التقييد والإيضاح: 216.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
(4)
في (ف): ((من)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
قولهُ: (وآخرهُ منصوبٌ)(1)، أي: آخرُ حروفِ كلمةِ ((كُتبَ)) وهوَ الباءُ، ولو قالَ: وهو مصدرٌ منصوبٌ على نزعِ الخافضِ كانَ أحسنَ، وكذا القولُ في قولهِ:((والفاءُ منهُ منصوبةٌ)) على أنَّ الأحسنَ في ((كُتب)) الجرُّ عطفاً على ((بضرب))، أي: وإبعادُهُ بضربٍ أجودُ أو بكتبِ ((لا)) و ((إلى))؛ لأنَّ النصبَ بنزعِ الخافضِ مذهبٌ كوفيٌ (2).
قولهُ: (والقولُ الرابعُ)(3) عبارةُ القاضي عياضٍ عنهُ: ((ومنهم منْ يستقبحُ هذا (أي: الضربَ بقسميهِ -، ويراهُ تسويداً وتطليساً [في الكتاب] (4) بل يحوِّق على أولِ الكلامِ المضروبِ عليهِ بنصفِ دائرةٍ، وكذلكَ في آخرهِ)) (5).
قولهُ: (والفاءُ منهُ منصوبةٌ)(6) تقدمَ أنَّهُ لو قالَ: وهو منصوبٌ، كانَ أولى، و ((المضافُ إليهِ)) ((لا))، أي: أو بأنْ يكتبَ ((لا))، أو نصف دارةٍ.
قولهُ: (ويسمِّيها صفراً)(7) فينبغي كتابةُ الصفرينِ فوقَ أولِ الزائدِ وآخرهِ، ككتابةِ ((لا)) و ((إلى))، فإنَّ في كتابتهِ إلباساً بإرادةِ الفصلِ بينَ رؤوسِ المسائلِ، ويقوَى الإلباسُ بجعلهِ بينَ الكلماتِ معَ اختلاطهِ ببعضِ الأحرفِ غالباً، بخلافِ نصفِ الدائرةِ، فإنَّ الخطَّ لا يعسر غالباً إدخالهُ بينَ الحروفِ ثمَّ يقوسُ فوقها.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 491.
(2)
انظر: شرح قطر الندى: 197.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 492.
(4)
ما بين المعكوفتين زيادة من " الإلماع ".
(5)
الإلماع: 171.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 492.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 492.
قولهُ: (إنَّهُ رُبَّما اكتفى)(1) هوَ بيانٌ للضميرِ البارز في قولهِ: ((حكاهُ)) (2).
قولهُ: (وقدْ أطلقَ ابنُ خلاّدٍ)(3) هذا تكريرٌ، كانَ يغني عنهُ أنْ يقولَ: ولم يراعِ ابنُ خلاّدٍ أيضاً المضافَ ونحوَهُ، وأنْ يقولَ: وقالَ القاضي / 294 ب / بالواوِ؛ فإنَّ حذفَها غيرُ جيّدٍ.
قولهُ: (ويضرب بعدُ)(4) معطوفٌ على ((أنْ لا يفصلَ)) (5) أي: فينبغي أنْ لا يفصلَ بينَ المتلائمين في الخطِّ، وأنْ لا يضربَ بعدَ الانتقالِ عنِ الكلمةِ الأولى على الكلمةِ الثانيةِ، وهي المتكررةُ، بل يضربُ على الأولى إنْ كانتْ هي المتكررةُ، وكذا على الثانيةِ لئلا يفرقَ بينَ المتضايفين المتواصفينِ، سواءٌ كانتِ الكلمةُ المكررةُ أولَ السطرِ أو آخرهُ.
قولهُ في قولهِ: (العملُ في اختلافِ الرواياتِ)(6): (وَلْيَبْنِ)(7)، أي: يجعلُ كما عَبّرَ بِهِ ابنُ الصلاحِ شبّهَ كتابةَ سطورهِ، وجمعَ حروفهِ بالبناءِ.
قولهُ: (أولاً)(8) ظرفٌ منصوبٌ (9)، أي: في أوّلِ كتابتهِ للكتابِ، أو أوّلِ مقابلتهِ لهُ على الأصلِ المعتمدِ، ولا يجعلهُ ملفقاً منْ روايتين فأكثر؛ فإنَّ ذَلِكَ يكون
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 492.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 492.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 493.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 493.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 493.
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 493.
(7)
التبصرة والتذكرة (601).
(8)
التبصرة والتذكرة (601).
(9)
((منصوب)) من (ف) فقط.
مُلبساً، وقد تقدّمَ غير بعيدٍ أنَّ مثل هَذَا الظرفِ إِذَا قُطِعَ عَن الإضافة ولم يُنو معناها فِيهِ يكونُ معرباً، فإنْ لَمْ يُنوَ معناها (1) ولا لفظها كَانَ الظرفُ نكرةً منونةً.
قولهُ: (بكتبِ راوٍ)(2)، أي: ليُحسن العناية بغير الرواية التي بنى عَلَيْهَا كتابَهُ، وإحسانهُ للعناية يكونُ بكتب مَا خالف رِوَايَة الأصلِ عَلَى الهامشِ، معَ كتبِ راوي ذَلِكَ عَلِيهِ حالَ كونهِ سمي فِي الكتابةِ باسمهِ صريحاً.
قولهُ: (أَوْ رَمزاً)(3) عطفٌ عَلَى محل ((راوٍ)) أَو على صفةِ المصدرِ المعلوم مِنْ سمي، أي: تسميةً صريحةً، أَوْ رمزاً، أي: ذاتَ رمزٍ إلى الرَّاوي بكتابة حرف من اسمه أَوْ أكثر يفعلُ هكذا (4) أَوْ يكتبها فِي الأصل بحمرةٍ معَ كتابةِ اسمِ / 295أ / راويها فوقَها صريحاً أَوْ رمزاً، هَذَا إنْ كَانَت الرواية التي بنى عَلَيْهَا الكتابَ ناقصةً، وأمّا إنْ كانتْ هِيَ الزائدةُ، فإنَّهُ يجعل عَلَى أول الزيادةِ دارةً وعلى آخرها دارةً، ويكتب فيها بَيْن الدارتينِ اسمَ الراوي الذي بُني الأصلُ عَلَى روايته.
والدارةُ هِيَ المرادُ بـ ((حوَّق))، وَهُوَ فعلٌ ماضٍ بمعنى حلَّقَ، أي: جعلَ حلقةً منْ قولهم: ((حَوَّقَ عَليهِ تحويقاً)) عرّجَ (5) عَليهِ الكَلامَ، ومنْ حاقَ بِهِ أَوْ أحاقَ، أي: أحاطَ.
قولهُ: (ويقعُ الاختلافُ)(6) المرادُ حصولُ الوقوعِ، لا يفيدُ استقبالاً ولا غيرَهُ، فإنَّ المضارعَ قَدْ يرادُ بِهِ ذَلِكَ كما ذكرهُ أبو حَيّان فِي تَفسيرِ (7) سورة الحجِ
(1) عبارة: ((فإن لم ينو معناها)) لم ترد في (ف).
(2)
التبصرة والتذكرة (602).
(3)
التبصرة والتذكرة (602).
(4)
في (ف): ((هذا)).
(5)
في (ف): ((عوج)).
(6)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(7)
البحر المحيط 6/ 362.
عندَ قولهِ تعالى: {وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَام} (1).
قولهُ: (وإنْ كَانَ الاختلافُ بالنقصِ)(2)، أي: بأنْ كانتِ الزيادةُ فِي روايةِ الأصلِ أعلمَ عَلَى تلكَ الزيادةِ التي فِي أصلهِ، أمَّا بأنْ يكتبَ أول اسمِ راويها
صريحاً، أَوْ رمزاً عَلَى أولها، ويمدَّهُ حَتَّى يكونَ آخرُهُ عَلَى آخرِها، أَوْ بأن يحوِّق عَلَى أولها وآخرها، وَيكتُبَ اسم الراوي بَيْن الدّارتينِ، أَوْ بغيرِ ذَلِكَ.
وكانَ ينبغي أنْ يَقُولَ: وإنْ كانتْ نقصاً أعلمَ، أي: ذاتَ نقصٍ كما قَالَ ((زيادةً))، ولو قَالَ: وإنْ كانتْ ناقصةً لكانَ أحسنَ منْ جهةِ الوضوحِ
…
والاختصارِ، وإنْ كانتْ عبارتُهُ وافيةً بالمعنى؛ لأنَّ الاختلافَ بالنقصِ يشملُ مَا إِذَا كانتْ روايةُ الأصلِ ناقصةً، وقد تقدمَ فِي قولهِ:((إن / 295 ب / كانتْ زيادةً)) (3) فتعيّنَ مَا إِذَا كانتْ زائدةً.
قولهُ: (وما نقص مِنْهَا)(4)، أي: منَ الروايةِ الَّتِيْ يقابلُ كتابه عَلَيْهَا عنِ الروايةِ التي بنى كتابهُ عَلَيْهَا: ((حوّقَ عَليهِ))، أي: حلَّقَ وأَحاطَ بحلقةٍ ودائرةٍ ((عَليهِ))، أي: فوقهُ.
قولهُ: (فَقَدْ حكاهُ)(5)، أي: كتابةَ الزائدِ بالحمرةِ كأبي ذَرٍّ الهرويِّ قَالَ ابنُ الصَلاحِ: ((مَن المشارقةِ والقابسيُّ (6)، قَالَ: منَ المغاربةِ)) (7).
(1) الحج: 25.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(6)
هو الإمام الحافظ الفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري توفي سنة (403 هـ).
انظر: تذكرة الحفاظ 3/ 1079 (982).
(7)
معرفة أنواع علم الحديث: 311.
قولهُ: (وذِكرِهِ)(1) هُوَ بالكسرِ: الحفظُ للشيءِ، وبالضمِ وبكسرٍ (2) أَيْضاً التذكر.
قولهُ: (الإشارةُ بالرمزِ)(3) هُوَ بالفتحِ، قَالَ فِي " القاموس ":((ويضم ويحركُ: الإشارة والإيماءِ بالشفتينِ أَوْ العينينِ أَوْ الحاجبينِ أَوْ الفمِ أَوْ اليدِ أَوْ اللسانِ)) انتهى.
وأصلهُ الاضطرابُ منَ الثقلِ منَ الراموزِ، وَهُوَ البحرُ، وهذهِ ناقةٌ ترمزُ، أي: لا تكادُ تمشي منْ ثقلها، وذلكَ؛ لأنّ الإنسانَ إِذَا أشارَ إلى الشيءِ بشيءٍ، لا يدلُ عَلِيهِ دلالةً واضحةً وجبَ (4) للمطَّلع عَلَى تلكَ الإشارة ثقلاً أوجبَ لَهُ اضطراباً فِي فهمِ المعنى، والله أعلم.
قولهُ: (جرت)(5) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((غلبَ عَلَى كَتَبَةِ الحَدِيْث الاقتصارُ عَلَى الرَّمزِ فِي ((حدثَنا)) و ((أخبرنا))، غيرَ أَنَّهُ شاعَ ذَلِكَ، وظهرَ حَتَّى لا يكادُ يلتبسُ)) (6).
قولهُ: (فقالوا: ((نا))) (7) ضمّنَ القول معنى الفعلِ، أي: فكتبوا ((نا))، وأمّا القولُ الحقيقيُّ الَّذِي هُوَ النطقُ فَقَدْ تقدمَ أنهَّم لا يختصرونَ فِيهِ شيئاً منَ
الحروفِ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 494.
(2)
في (ف): ((ويكسر)).
(3)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 495.
(4)
في (ف): ((أوجب)).
(5)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 495.
(6)
معرفة أنواع علم الحديث: 311.
(7)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 495.
قولهُ: (قَالَ ابنُ الصلاحِ: وليسَ ذَلِكَ بحسن)(1)، أي: لأنَّهُ ربما أوهم الرّائي أنَّ الكلمةَ ((أنبأنا)) سقطَ مِنها لفظُ ((نا)) فزيادةُ / 296 أ / الباء مضرّة. قَالَ بعضُ أصحابنا: ((ورأيتُ فِي خطِ بعض المغاربةِ اختصارَ الباءِ والراءِ وكتابتها هكذا أخ نا)).
قولهُ: (قلتُ)(2) زيادتهُ إنَّما هِيَ في (3) مسألةِ الرمزِ، وأمّا باقي المسألةِ فذكرهُ ابنُ الصلاحِ، لكنْ بعدَ هَذَا بأوراقٍ فِي النَّوعِ الثالِث عشرَ منَ التفريعاتِ.
قولهُ: (قيلَ لَهُ)(4) ربَّما أوهمتْ أنَّ الضميرَ لابن الصلاحِ، فلو قال: قدْ حَذَفوا قيلَ لَهُ وانطقْ بذا كَانَ أحسن.
قلتُ: والذي يقتضيه الذوقُ والصناعةُ عدمُ ذكر ((قيل لَهُ))؛ لأنَّ قولهُ:
((أخبركَ فلانٌ)) منْ قولهِ: ((قُرئ عَلَى فلانٍ، أخبركَ فلانٌ)) هُوَ المقروء، وَهُوَ النائبُ عَن الفاعلِ، فكأنَّهُ قيلَ: قريءَ عَليهِ هَذَا اللفظ، فلو قَالَ: قيلَ لَهُ لكانَ إعادةً لمعنى ((قرئَ عَلَى فلانٍ)) ليس فِيهِ زيادةٌ ولا حاجةٌ إلى الإعادة.
أمّا قولهُ: ((قُرئ عَلَى فلان)) حَدَّثَنَا فلانٌ فَذِكرُ قَالَ فِيهِ، متّجهٌ؛ فإنَّهُ لا يقرأ عَليهِ:((حَدَّثَنَا فلان)) بدونِ شيءٍ قبلها؛ لأنَّهُ يصيرُ الفعلُ مستنداً (5) إلى ضمير القارئِ فينقلبُ المعنى، وإنمَّا يقولُ لَهُ: قلتم: حدَّثنا فلانٌ، أَوْ يقال لَهُ: حدَّثكم فلانٌ فيقولُ: نَعَمْ، فيصيرُ بمنْزلةِ مَا لَوْ قَالَ: حَدَّثَنَا فلانٌ.
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 495.
(2)
التبصرة والتذكرة (606).
(3)
((في)) من (ف) فقط.
(4)
التبصرة والتذكرة (607).
(5)
في (ف): ((مسنداً)).
قولهُ (فِي الخطِّ)(1)، أي: منْ غيرِ إشارةٍ إليها برمزٍ أَوْ حذفِها كاملةً، والإشارةُ إليها بالرمزِ.
قولهُ: (فهذا يذكرُ فِيهِ: قَالَ)(2) تتمةُ كلامِ ابنِ الصلاحِ: ((فيقال: قرئَ عَلَى فلانٍ، وقد جاءَ هَذَا مصرَّحاً بِهِ خطأً، هكذا فِي بعض مَا رُوِّيناهُ)) (3).
قولهُ: (وما أدري مَا وجهُ / 269 ب / إنكارهِ)(4) قَالَ شيخُنا: ((بلى إنّ وجهَ إنكارهِ لمعروفٌ، وَهُوَ أنَّ ((حدَّثَ)) بمنْزلةِ، ((قَالَ))، و ((نا)) بمنْزلةِ ((لنا)) وَهُوَ إِذَا نطقَ بـ ((قالَ)) لا يكررُها، إنما يَقُول:((قَالَ (5) لنا فلانٌ: حدَّثنا فلانٌ)) فليكن ((حدثنا)) كذلك يقول: ((حدثنا فلان حدثنا فلان))، وكانَ شيخُنا ينصرُ هَذَا القولَ ويرجحهُ. ويقدحُ فِيهِ أنَّ ((قَالَ)) موضوعةٌ لتحكى بِهَا الجملُ، بخلافِ ((حدّثَ)) فلا بُد لها منْ آلةٍ تهيئها لحكايةِ الجملةِ فتأملْ ذَلِكَ)).
ورأيتُ بخطِّ بعضِ أصحابنا: أنَّ الشهابَ بنَ المرحل عبدَ اللطيفِ بنَ عبدِ العزيزِ بنِ يوسفَ بن أَبِي العزِ عزيزِ بنِ يعقوبَ بنِ يغمور، وبخطِّ بعضهمِ: عزيز بن دؤالةَ الحمدانيُّ الحربيُّ أخو شيخ شيخنا، يَعني: البرهانَ الحلبيَّ، وشيخهُ هُوَ أَبو العباسِ أحمد بنُ المُرَحلُ.
ثُمَّ قَالَ: عنْ عَبْد اللطيفِ: ((إمامٌ نحويٌّ مقرئٌ، كَانَ فِي النحو علامةً، وكانَ يترددُ بينَ مصرَ وحلبَ فِي تجارةِ الكتبِ توفي بالقاهرةِ (6) سنةَ أربعٍ وأربعينَ وسبعِ مئةٍ))،
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 495.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 496.
(3)
معرفة أنواع علم الحديث: 312.
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 496.
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
لم ترد في (ف).
وقالَ الصلاحُ الصفديُّ: ((كَانَ فِيهِ جمودٌ يسيرٌ، وما أعتقدُ ذَلِكَ منْ بَلادةٍ، ولكنَّهُ كانَ شديدَ التثبُتِ فِي النقلِ)). (1) انتهى.
وقولُ الشَّيْخ: (والإضمارُ خلافُ الأصلِ)(2) غايتهُ أنْ يكونَ مرجحاً للذكرِ، وأمّا أنْ يكونَ موجباً للاشتراطِ الذِي أنكرهُ ابنُ المُرحّلِ فلا.
قولهُ فِي (3) قولهِ: (وكتبوا)(4): (قط (5)) (6)، أي: حسبْ، أي: فلا يقالُ: ((حا)) ولا ((تحويلَ)) ولا / 297 أ / ((صح)) ولا غيرَ ذلكَ، وهي بفتحِ القافِ، وإسكانِ الطاءِ المهملةِ.
قَالَ الصغانيُّ فِي " مجمع البحرين ": ((قطُّ، أي: بالتشديدِ معناها الزمانُ، فإذا كانتْ بمعنى حَسبُ وَهُوَ الاكتفاءُ فَهِي مفتوحةٌ ساكنةُ الطاءِ: تقولُ: رأيتهُ مرةً واحدةً فقطْ، فإذا أضفت: قلتَ: قطكَ هَذَا الشيءُ، أي: حسبكَ وقَطْني وقطِي وقط، وإنمَّا دَخلتِ النُّون ليسلمَ السكونُ الَّذِي بُني الاسمُ عَليهِ، وهذه النُّونُ لا تدخلُ الأسماءَ، وإنمَّا تدخلُ الفعلَ الماضي))، ثُمَّ قَالَ: ((وإنما أدخلوها فِي أسماءٍ مخصوصةٍ نحو قطني وقَدني ولدني، ولا يقاسُ عَلَيْهَا، فلو كانتِ النُّونُ منْ أصلِ
(1) راجع في ترجمته: الوفيات لابن رافع 1/ 446، وطبقات الشافعية للإسنوي 2/ 465، والدرر 3/ 20، والوافي 19/ 119، وطبقات الشافعية لابن قاضي شهبة 3/ 36،
والسلوك 2/ 3، ودرة الحجال 3/ 170، وشذرات الذهب 8/ 244، وأعيان العصر 2/ 121، والموسوعة الميسرة 2/ 1314 بعناية أخينا الشيخ وليد الحسين - رعاه الله -.
(2)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 496.
(3)
عبارة: ((قوله في)) لم ترد في (ف).
(4)
التبصرة والتذكرة (608).
(5)
لم ترد في (ف).
(6)
التبصرة والتذكرة (610).
الكلمةِ لقالوا: قطنُكَ، ويقالُ: قطاط مثل قِطام، أي: حسبي)). وقالَ فِي " القاموس "(1): ((وإذا كانتْ بمعنى حَسْبُ، فقط، كعن)). انتهى.
ورأيتُ بخطِ الإمامِ الطيبيِّ أنَّها بمعنى لا غيرَ (2) عَن المطرّزيِّ (3).
قوله: (الرَّهاويُّ)(4) وَهُوَ بفتحِ الراءِ نسبةً إلى القبيلة (5)(6).
قَالَ فِي "القاموسِ"(7) فِي الكلام عَلَى الرهوِ: ((وكسماءٍ حيٌّ منْ مِذحجِ منهم، فذكرَ منهم جماعةً، ثُمَّ قَالَ: الرهاويُّونَ)). انتهى. وكذا ذكرَ فتح رائِهِ الحافظُ عبدُ الغنيِّ بن سعيدٍ المصريُّ كما نقلهُ عَنْهُ بعضُ أصحابنا، وضمَّه " الصحاحُ " (8) فإنَّهُ قَالَ:((ورُها بالضمِ حيٌ منْ مِذحج، والنسبةُ إليهم رُهاويُّ))، وأما " القاموسُ " (9) فَلَمْ يذكر الضمَّ إلا فِي البلدِ فإنَّهُ قَالَ:((وكهُدى بلد))، وعدَّ جماعةً مِنْهُ ثُمَّ قَالَ:((الرّهاوّيون)).
(1) القاموس المحيط مادة (قط).
(2)
عبارة: ((لا غير)) تحرفت في (ف) إلى: ((إلا غير)).
(3)
هو النحوي اللغوي ناصر بن عبد السيد بن علي الخوارزمي المطرزي، أبو الفتح بن أبي المكارم الحنفي، ولد سنة (538 هـ)، وتوفي سنة (610 هـ)، كان ذا علم بالنحو واللغة والشعر والفقه، وكان حنفياً معتزلياً داعياً.
انظر في ترجمته: الموسوعة الميسرة 3/ 2747 ترجمة (3635).
(4)
شرح التبصرة والتذكرة 1/ 497.
(5)
في (أ): ((قبيلة)).
(6)
وهو بضم الراء نسبة للبلد كما في " معجم البلدان " 3/ 106.
(7)
القاموس المحيط مادة (رها).
(8)
الصحاح مادة (رها).
(9)
القاموس المحيط مادة (رها).
قولهُ: (إِذَا وصلَ إليها / 297 ب /: الحديثَ)(1) تتمةُ حكايةِ ابنِ الصلاحِ عنْ هَذَا المغربيِّ: ((وذكرَ لِي أنَّهُ سمعَ بعض البَغداديِّيْنَ يذكرُ أَيْضاً أنَّها حاءٌ مهملةٌ، وأنَّ منهم من يقولُ: إِذَا انتهى إليها فِي القراءةِ ((حا)) ويمرُّ)) (2)(3).
(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 497.
(2)
معرفة أنواع علم الحديث: 312.
(3)
من قوله: ((قوله في قوله: (وكتبوا): (قط) أي حسب)) إلى هنا قدمها ناسخ (ف) ووضعها في غير موضعها قبل ما يقرب خمسة أسطر.