المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌كتابة التَّسْمِيعِ قولهُ: (التَّسميعُ) (1) هُوَ من سَمَّعهُ تَسْميعاً إِذَا نَسبهُ - النكت الوفية بما في شرح الألفية - جـ ٢

[برهان الدين البقاعي]

الفصل: ‌ ‌كتابة التَّسْمِيعِ قولهُ: (التَّسميعُ) (1) هُوَ من سَمَّعهُ تَسْميعاً إِذَا نَسبهُ

‌كتابة التَّسْمِيعِ

قولهُ: (التَّسميعُ)(1) هُوَ من سَمَّعهُ تَسْميعاً إِذَا نَسبهُ إلى السَّماعِ، مثل: فسّقهُ إِذَا نسبه إلى الفسقِ، والمعنى أنَّ الضابطَ يكتب أسماءَ السامعينَ مثبتاً لهم السماعَ وناسباً لَهُ إليهم.

قولهُ: (أَوْ جَنْبَها)(2)، أي: إلى جنبِ البسملةِ منْ يمينها أَوْ يسارِها.

قولهُ: (الطُّرَّةُ)(3) هُوَ بضمّ الطاءِ المهملةِ، ثُمَّ راءٍ مهملةٍ مشدّدةٍ. هِيَ حاشيةُ الكتابِ، قَالَ فِي "القاموسِ" (4):((وبالضمِّ جانبُ الثوبِ الَّذِي لا هُدْبَ لَهُ وشفيرُ النَّهرِ والوادي، وطرفُ كلِّ شيءٍ وحرفهُ)).

قولهُ: (آخرَ الجزءِ)(5)، أي: عقبَ الكتابةِ، وإنْ لم يكتبْ ذَلِكَ عقبَ الكتابةِ كتبَ فِي ظهرِ الورقةِ التي فِي آخرهِ أَوْ التي فِي أوّلِهِ.

قولهُ: (بخطٍّ عرفا)(6) بدل أي: بخطِّ منْ يثقُ بِهِ منَ (7) الناسِ بخطٍّ مِنْهُ معروفٌ لهم أَنَّهُ خطُّهُ؛ لأنَّهُ ربما يكونُ موثوقاً بِهِ فِي نفسهِ ولا يكون خطُّهُ معروفاً بأنْ لا يكتبَ اسمهُ مبيّناً أنَّ الخطَّ لَهُ فلا يُعرفُ أَنَّهُ هُوَ الكاتبُ.

قولهُ: (فينبغي أنْ يكتبَ فوقَ ظهر (8) التسمية) (9)، أي: التي فِي أولِ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 498.

(2)

التبصرة والتذكرة (613).

(3)

التبصرة والتذكرة (613).

(4)

القاموس المحيط مادة (طرر).

(5)

التبصرة والتذكرة (613).

(6)

التبصرة والتذكرة (614).

(7)

لم ترد في (ف).

(8)

في (ف)، وشرح التبصرة والتذكرة:((سطر)).

(9)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 498.

ص: 186

الكتابِ كما يوجدُ فِي بعضِ الكتبِ القديمةِ.

قَالَ شيخُنا: ((يكتُبُ أسماءهم مجرّدةً عندَ الشروعِ فِي القراءةِ، فإذا فرغَ القراءةَ كتبَ قبلَ أسمائِهم: سمعَ هَذَا / 298 أ / الجُزءَ، ويكتبُ بعدَ أسمائِهم: عَلَى فلانٍ الفلانيِّ بقراءةِ فلانٍ فِي تأريخِ كذا، ومكانِ كذا، وإنْ شاءَ لَمْ يذكر المسمع.

وتكونُ كتابتهُ لَهُ فِي أولِ الجزءِ بعدَ البسملةِ كافياً فِي تعريفِ أنَّ السّماعَ عَليهِ، وإن شاء كتبَ اسمَ الشَّيْخ قَبْلَ أسماءِ السامعينَ بعدَ الفراغِ منَ القراءةِ)).

قولهُ: (معهُ)(1) لا يُقالُ: إنَّهُ يفهمُ أَنَّهُ إِذَا انفردَ بالسَّماعِ فلمْ يسمعْ معهُ أحدٌ، لا يكتبُ سماعهُ، بل يكتبهُ وإنْ لَمْ يشاركهُ أحدٌ. فعلَ ذَلِكَ الحافظُ أبو طاهرٍ السِّلفيُّ.

قولهُ: (فكلاهما)(2)، أي: الكتابةُ قبلَ البسملةِ، والكتابةُ فِي الحاشيةِ سواء كَانَتْ اليُمنى أَوْ اليسرى، وكذا نُقِلَ الأمرانِ عنِ السِّلفيِّ، وربما كتب فيما هُوَ كالوقايةِ للجُزء، وَهُوَ المرادُ بقولهِ:((ظهرهُ)).

قولهُ: (فِي الَّذِي يليهِ)(3) المرادُ الَّذِي يلي آخر المجالسِ، أي: بعدَ المجلسِ الأخيرِ، وإنْ كانتِ العبارةُ بعيدةً منْ ذلكَ، ويدلُ عَلَى أنَّ المرادَ ذَلِكَ:

قولهُ: (كما حكيتُ فِي أول الجزء)(4)، أي: يفعلُ فِي آخرهِ إنْ شاءَ، أَوْ فِي أوّلِهِ.

قولهُ: (بكتبتهِ)(5) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((كتبةُ التَّسميعِ حيثُ ذكرهُ -

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 498.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

ص: 187

يعني: الخطيبَ - أحوطُ، وأحرى أنْ لا يخفى عَلَى منْ يحتاجُ إِلَيْهِ، ولا بأسَ بكتبتهِ)) (1) إلى آخرهِ.

قولهُ: (أي: التسميعِ)(2)، أي: كتابتهُ أسماءَ السامعينَ منسوباً إليها سماعُ مَا لكلٍ مِنْهَا كما تقدَّمَ أنَّ المرادَ بالتسميعِ نسبةُ السامعينَ إلى السماعِ.

قولهُ: (الحذرُ (3)) (4) قَالَ ابنُ الصلاحِ قبلهُ: ((ثُمَّ إنَّ عَلَى كاتبِ التَّسميعِ التحرِّيَّ / 298 ب / والاحتياطَ، وبيانَ السَّامعِ والمسموعِ، والمسموع مِنْهُ، بلفظٍ غيرِ مُحْتَمل، ومجانبةِ التساهلِ فيمنْ يثبتُ اسمهُ، والحذرَ منْ إسقاطِ)) (5) إلى آخره.

قولهُ: (الثقاتُ)(6) قَالَ ابنُ الصلاحِ عقبهُ: ((وقد حدَّثني بمروَ الشيخُ أبو المُظفَّرِ بنُ الحافظِ أَبِي سَعْدٍ المروزيُّ (7)، عَن أَبِيه، عَمَّن حدَّثهُ منَ الأصبهانيَّةِ: أنَّ عبدَ الرَّحْمَان بنَ أَبِي عَبْد اللهِ بن منده قرأ ببغدادَ جُزءاً عَلَى أَبِي أحمدَ الفَرَضيِّ (8)، وسألهُ خطَّهُ ليكونَ حُجَّةً لَهُ، فَقَالَ له أبو أحمد: يَا بُنيَّ عليكَ بالصِّدقِ، فإنَّكَ إِذَا عرفْتَ بِهِ لا يُكذِّبُكَ أحدٌ، وتُصدَّقُ فيما تقولُ وتنقلُ، وإذا كانَ غير ذَلِكَ فلو قيل

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 313.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

(3)

في (ف): ((احذر)).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 499.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 314.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 500.

(7)

بفتح الميم، وسكون الراء، وفتح الواو، وبعدها زاي معجمة، نسبة إلى مَرْو. الأنساب 5/ 149، ومراصد الاطلاع 3/ 1262.

(8)

يقال للعالم بالفرائض: الفارض والفريض والفرضي. وترجمته في تأريخ بغداد 10/ 380، وسير أعلام النبلاء 17/ 212.

ص: 188

لََكَ: مَا هَذَا خطُّ أَبِي أحمدَ الفرضيِّ مَاذا تقولُ لهم؟)) (1).

قولهُ: (وَليُعرِ)(2) اللامُ فِيهِ للأمر الندبيِّ و ((المسمى بِهِ)) بإسكانِ السينِ منْ أسمى بمعنى: سمَّى. قَالَ فِي "الصحاحِ"(3): ((سميتُ فلاناً زيداً، وسميتهُ بزيدٍ

بمعنىً، وأسميتهُ مثلهُ)).

والباء فِي ((بِهِ)) (4) ظرفيّة، أي: يندبُ لَهُ أنْ يعيرَ كتابهُ ممن كتبَ اسمهُ فِيهِ.

قولهُ: (وإنْ يَكُنْ) شرطٌ جَزَاؤهُ ((فَقَدْ رأى))، والمعنى هَذَا إنْ كَانَ سماعُهُ مكتوباً بخطِ غير المالكِ، وإنْ يكنْ بخطِهِ إلى آخرهِ.

قولهُ: (فرضها)(5)، أي: العارية.

قولهُ: (سِيْلوا)(6) بكسرِ السينِ، وسكونِ الياء، أصلهُ سُئلوا بضمٍ ثُمَّ

همزٍ، وزنِ قُتلِوا ثُمَّ خُففَ بحذفِ الهمزةِ فبقيت الياءُ مكسورةً فنقلتْ حركتُها لثقلِها عَلَيْهَا إلى السِّين، هَذَا عَلَى مذهبِ سيبويه (7)، / 299 أ / وأما منْ يكتُبها بالواو فيحذف

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 314.

(2)

التبصرة والتذكرة (616).

(3)

الصحاح مادة ((سما)).

(4)

التبصرة والتذكرة (616).

(5)

التبصرة والتذكرة (617).

(6)

التبصرة والتذكرة (617).

(7)

هو النحوي اللغوي عمرو بن عثمان بن قنبر، أبو بشر الفارسي، ثم البصري ويعرف بسيبويه ولد سنة (148 هـ)، وتوفي سنة (180 هـ)، من مشايخه: الخليل بن أحمد الفراهيدي، وعيسى بن عمر، ويونس بن حبيب، ومن تلامذته: سعيد بن مسعدة الأخفش الأوسط، ومحمد بن المستنير قطرب، كان يطلب الآثار والفقه، ثم صحب الخليل بن أحمد فبرع بالنحو، وكان أفهم الناس بالنحو. انظر: الموسوعة الميسرة 2/ 1787 ترجمة (2489).

ص: 189

الهمزةَ فتصير عَلَى الواو، فيفعَل مَا فُعِلَ (1) فِي ((قول)).

قولهُ: (عَلَى الرِّضَا بِهِ)(2)، أي: يضبطُ سماعَهُ، وإنْ لَمْ يتقدمْ لَهُ ذكرٌ ليعودَ عَليهِ الضميرُ، وإذا رضي بضبطِ سماعهِ عندَهُ فكأنَّهُ قَدْ تحمّلَ لَهُ شهادةً، وإذا تَحمّلَ لَهُ شهادةً وجبَ عَليهِ أداؤها فِي وقتِ الحاجةِ.

قولهُ: (دلّ)(3) و (تحَمَّلَ)(4) فيهما القطعُ وَهُوَ حذفُ ساكنِ الوتد منْ مُستفعلن، وإسكانُ متحرّكهِ، وَهُوَ جائزٌ فِي مشطورِ (5) الرجزِ، لكنَّهُ مَعَ الخَبنِ ثقيلٌ.

فلو قَالَ ((بدلَ))، وَقَالَ فِي آخر قسيمه ((لَهُ حمل)) لسلمَ منْ ذَلِكَ فكانَ أخفَّ.

قولهُ: (مَا لَمْ يُبنْ)(6) رأيتُها فِي غير نسخةٍ - مِنْهَا واحدةٌ عَلَيْهَا خطُ المصنف - بالمقابلةِ مضبوطةٌ بضمِ حرفِ المضارعةِ مبنياً للمفعول، منْ أبانَ ليسلمَ من التوجيهِ، وَهُوَ اخْتِلَاف حركةِ مَا قبلِ الرويِّ المقيَّدِ.

قولهُ: (استحباباً)(7) عبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((ثُمَّ إنْ ثبت (8) سماعهُ فِي كتابهِ فقبيحٌ بِهِ كتمانهُ إيَّاهُ، ومنعهُ منْ نَقلِ سماعِهِ، ومن نَسْخِ الكتابِ)) (9).

(1) في (ف): ((يفعل)).

(2)

التبصرة والتذكرة (618).

(3)

التبصرة والتذكرة (618).

(4)

التبصرة والتذكرة (618).

(5)

في (ف): ((مسطور)).

(6)

التبصرة والتذكرة (619).

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 500.

(8)

في (ف): ((ثم إن من ثبت))، وكذلك هي في " معرفة أنواع علم الحديث ".

(9)

معرفة أنواع علم الحديث: 314.

ص: 190

قولهُ: (لا يجيءُ فِي هَذَا البابِ حُكمٌ أحسنُ منْ هَذَا)(1) قَالَ شيخُنا:

((لا يقتضي هَذَا ترجيحاً لإمكانِ أنْ يكونَ رأى تساويَ القولِ بالوجوبِ، والقول بعدمهِ عندهُ، ولَمْ يرجحْ أحدَهما فإنَّهُ لَمْ ينف بقولهِ: ((أحسنَ)) إلا الزائدَ فِي الحسنِ، وربما أرشدتْ علتهُ إلى ذَلِكَ؛ لأنَّ رضاهُ فِي أول الأمرِ لا يوجبُ الدوامَ ولا يكونُ سبباً / 299 ب / فِي إيجابِ بذلِ مالهِ)) (2).

قلتُ: وقد تقدمَ فِي أولِ منْ صنّفَ فِي الصحيحِ أنَّ مثلَ هَذَا صارَ فِي العرفِ اللغويِّ مفهماً للتفصيلِ.

قولهُ: (ألزمناكَ)(3)، أي: بإعارتهِ لَهُ لينقلَهُ مِن كتابكَ.

قولُهُ (أعفيناكَ مِنهُ)، أي: منَ الإلزامِ، بأنْ تُعِيرَهُ كتابَكَ لينقلَ مِنْهُ سماعه.

لا يقالُ: يلزمهُ وإنْ كانَ بخطِ غيرهِ؛ لأنَّ تمكينَهُ منْ وضعهِ فِي كتابهِ دالٌ عَلَى رضاهُ فهو المسلِّطُ حينئذٍ لكاتبهِ عَلَى كتابتهِ فيصيرُ كما لَوْ كانَ بخطهِ سواءٌ؛ لأنَّهُ يُقالُ: قَدْ يكتبُ فِي كتابهِ بغيرِ إذنهِ فيحتاجُ إلى بيانِ إذنٍ والرضا.

قولهُ: (وَقَالَ غيرهُ)(4)، أي: غيرُ الزبيريِّ: ((ليس بشيءٍ)) (5)، أي: إنَّ كتابتَهُ بيدهِ اسمُ غيرهِ فِي كتابهِ، لا يوجبُ عَليهِ إعارتَهُ لَهُ؛ لأنَّ إعارتَهُ توجبُ إسقاطَ روايةِ المعيرِ منْ كتابهِ بعدَ إخراجهِ منْ يدهِ عندَ منْ يُشدّدُ فِي ذَلِكَ لا سيّما إنْ كَانَ ضريراً، وإنْ كَانَ الصوابُ خلافَ هَذَا المذهبِ.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 501.

(2)

هذا النص واحد من نصوص كثيرة انفرد البقاعي بنقلها عن شيخه ابن حجر، ولا توجد في موضع آخر فيما أعلم.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 501.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 501.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 501.

ص: 191

قولهُ: (بما حَوتْهُ)(1)، أي: مَعَ مَا حوَتْهُ منْ بذلِ مالٍ ونفسٍ.

قولهُ: (بالسّعيِّ إلى مجلسِ الحُكمِ)(2) قَدْ يفرقُ بَيْنَهُمَا بأنَّ الشهادةَ يلزمُ تحمُّلُها، وإنْ لَمْ يرضَ السامعُ ولا استُرعي فِي أمرها، بل إِذَا سمعَ شخصٌ شخصاً يُقرُّ لآخرَ بدينٍ وجبَ عَليهِ الأداءُ بخلافِ السّماع فإنَّ الاتفاقَ عَلَى أَنَّهُ إنْ لَم يكتبْ بخطِ صاحبِ الكتابِ لا تجبُ إعارتهُ.

قولهُ فِي كلامِ الفضيلِ: (ليس منْ فَعال)(3) بفتحِ الفاءِ اسمُ الفِعْل الحسنِ والكَرمِ قالهُ فِي / 300 أ / "القاموسِ"(4)، وَقَالَ:((أَوْ يكون فِي الخيرِ والشرِّ وَهُوَ مخلصٌ لفاعلٍ واحدٍ، وإذا كَانَ بينَ فاعلينِ، فهو فِعالٌ بالكسرِ، وَهُوَ أَيْضاً جمعُ فِعْلٍ)).

قَالَ فِي "العُباب": ((مثلُ قَدَحٍ وقداحٍ وبئرِ وبِئارٍ، والفَعَال، أي: بالفتحِ أَيْضاً مصدرٌ مثلَ ذهبَ ذهاباً)).

وَقَالَ ابنُ الأعرابيِّ: ((الفَعال: بالفتحِ فعلُ الواحدِ خاصةً فِي الخيرِ والشرِ، يقال: فلانٌ كريمُ الفعالِ، وفلانٌ لئيمُ الفَعالِ، قَالَ: والفِعالُ بكسرِ الفاءِ إِذَا كانَ الفعلُ بَيْن الاثنين يعني مثلَ القتالِ، والذي ذكرُهُ الجوهريُّ منْ قصرِ الفَعالِ بالفتحِ عَلَى الكرمِ، قولُ الليثِ)).

وقالَ الأزهريُّ: ((وهذا الَّذِي قالَهُ ابنُ الأعرابيِّ هُوَ الصوابُ، لا مَا قالَهُ الليثُ، يقال: فلانٌ حسنُ الفَعالِ، وفلانٌ سيءُ الفعالِ)) قالَ: ((ولستُ أدري لم قَصَرَ الليثُ الفَعالَ عَلَى الحسنِ دون القبيحِ؟)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 501.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 502.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 502.

(4)

القاموس المحيط مادة (فعل).

ص: 192

وقالَ المبردُ: ((الفَعَالُ يكونُ فِي المدحِ والذمِ))، قَالَ:((وَهُوَ مخلص لفاعلٍ واحدٍ)).

وعبارةُ الفضيل عَلَى مَا حكاهُ ابنُ الصلاحِ: ((ليس فعال (1) أهلِ الورعِ، ولا منْ فعالِ الحُكماءِ أنْ يأخذَ سماعَ رجلٍ فَيَحبسَهُ، ومنْ فعلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ

نفسَهُ)) (2)، وفي روايةٍ:((ولا منْ فعال العلماءِ أنْ يأخذَ سماعَ رجلٍ وكتابَهُ فيحبسهُ عَليهِ (3) ومنْ فعلَ ذَلِكَ فَقَدْ ظلمَ نفسَهُ)) (4).

قَالَ الشيخُ محيي الدين النوويُّ فِي مقدمةِ " شرحِ المهذبِ "(5) فِي فصلٍ فِي آداب مشتركةٍ بَيْن العالمِ والمتعلمِ: ((ولا يرتضي الاستعارة مَعَ إمكانِ التحصيلِ بالملكِ، فإنِ استعاره / 330 ب / لَمْ يبطءْ بِهِ لئلا يفوّتَ الانتفاعَ بِهِ عَلَى صاحبهِ، ولئلا يكسلَ عنْ تحصيلِ الفائدةِ مِنْهُ، ولئلا يمتنعَ منْ إعارتهِ غيرهُ)).

وقد جاءَ فِي ذمِ الإبطاءِ بردِّ الكُتبِ المستعارةِ عَنِ السَّلفِ أشياءُ كثيرةٌ نثراً ونظماً رَويناها فِي كتابِ الخطيبِ "الجامعُ لآدابِ الراوي والسامعِ" قَالَ الخطيبُ: ((وبسببِ حبسِها امتنعَ غيرُ واحدٍ منْ إعارتها)) ثُمَّ رَوَى فِي ذَلِكَ جُملاً عَن السَّلَفِ وأنشدَ فِيهِ أشياءَ كثيرةً، والمختارُ استحبابُ الإعارةِ لمنْ لا ضررَ عَليهِ فِي ذَلِكَ؛ لأنَّهُ إعانةٌ عَلَى العلمِ مع مَا فِي مطلق العارية منَ الفضلِ. روينا عَن وكيع:((إنَّ بركةَ الحَدِيْث إعارةُ الكتبِ)) وعنْ سفيانَ الثَوريِّ: ((منْ بخلَ بالعلمِ ابتُلي بإحدى ثلاثٍ: أنْ ينساهُ، أَوْ يموتَ ولا ينتفعُ بِهِ، أَوْ تذهبَ كتبهُ)).

(1) في (ف): ((من فعال)) وكذلك هي في "الجامع لأخلاق الراوي" و"معرفة أنواع علم الحديث".

(2)

الجامع لأخلاق الرَّاوي (485).

(3)

الجامع لأخلاق الرَّاوي (485).

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 315.

(5)

المجموع 1/ 39.

ص: 193

وَقَالَ رجلٌ لأبي العتاهية: ((أعرني كتابكَ، قَالَ: إني أكرهُ ذَلِكَ، فَقَالَ: أما علمتَ أنَّ المكارمَ موصولةٌ بالمكارِهِ))، فأعارهُ. ويستحبُّ شكرُ المعير لإحسانِهِ)) انتهى مَا فِي "شرحِ المهذبِ".

قولهُ: (وكذلكَ لا ينبغي)(1) عبارةُ ابن الصلاحِ: ((وهكذا لا يَنبغي لأحدٍ أنْ ينقلَ سماعاً إلى شيءٍ منَ النُسخِ أَوْ يثبتَهُ فيها عندَ السَّماعِ ابتداءً إلا بعدَ المقابلةِ المرضيَّةِ بالمسموعِ، لئلا يغتَرَّ أحدٌ بتلكَ النُّسخةِ غيرِ المقابلةِ، إلا أنْ يُبيِّن مَعَ النَّقلِ، وعندهُ كَوَن النُسخةِ غيرَ مقابلةٍ، والله أعلم)) (2)(3).

قوله: (رواية الحديث وأدائه)(4) الظاهرُ أنّ معناهما واحدٌ من حيثُ صدقُهما على تبليغِ الحديث إلى الغيرِ.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 502.

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 316.

(3)

جاء في آخر نسخة (أ) ما نصه: ((آخر الجزء الأول، ويتلوه في الثاني إن شاء الله تعالى

/ 301أ /: ((صفة رواية الحديث وآدابه))، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين، فرغ منْ كتابته، فِي يوم الأحد المبارك الخامس من شهر ذي الحجة الحرام من شهور سنة ثمانين وثمان مئة، والحمد لله رب العالمين، وصل اللهم على سيدنا محمد وآله وسلم)).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 502.

انظر في ذلك:

معرفة أنواع علم الحديث: 317، وإرشاد طلاب الحقائق 1/ 273، والتقريب: 90 - 100، والمنهل الروي: 63، والخلاصة: 88، واختصار علوم الحديث 2/ 394، وبتحقيقي: 202، ومحاسن الاصطلاح: 218، وشرح التبصرة والتذكرة 2/ 502، والتقييد والإيضاح: 136، ونزهة النظر: 119، والمختصر: 155، وفتح المغيث 1/ 262، وألفية السيوطي: 96 - 112، وفتح الباقي 2/ 67، وتوضيح الأفكار 2/ 114، وظفر الأماني:78.

ص: 194

قالَ في "القاموسِ"(1): ((أدَّاهُ تَأدِيَةً أوصَلهُ، وَقَضَاهُ، والاسمُ: الأداءُ)).

وقالَ ابنُ طريف (2) في كتابِ " الأفعالِ "(3): ((رَوَى الحديثَ والشعرَ روايةً، حفظهُ ونقلهُ)).

وعبارةُ ابنِ الصلاحِ: ((وشرط أدائِهِ، ومَا يَتَعلَّقُ بذلكَ، وقدْ سبقَ بيانُ كثيرٍ منهُ في ضمنِ النَّوعينِ قَبلهُ)) (4). انتهى.

وهي عبارةٌ حسنةٌ جداً في الجمعِ بين الروايةِ والأداءِ. والنوعانِ: التسميعُ، والرمزُ، ثم قالَ:((شدَّدَ قَومٌ في الرِّوايةِ فأفرطُوا، وتَساهَلَ فيها آخرونَ فَفرَّطُوا، ومِنْ مذاهبِ التَّشدِيدِ - فَذكرَ ما ذكره الشيخُ عن أبي حنيفةَ ومن معهُ (5) -، ثم قالَ: وقدْ سَبقَتْ حِكَايتُنا لِمذاهِبَ عنْ أهلِ التَّسَاهُلِ، وإبطَالُها، في ضمنِ ما تقدَّمَ منْ شرحِ وجوهِ الأخذِ والتَّحمُّلِ.

ومِن أهلِ التَّساهُلِ قومٌ سمِعُوا كُتباً مُصنَّفةً وتَهَاونُوا، حتى إذا طَعنُوا في السِّنِّ واحتيجَ إليهمْ، حَملَهمُ الجهلُ والشَّرَهُ على أن رَوَوْهَا منْ نسخٍ مُشتَراةٍ أو مُسْتَعارةٍ غيرِ مُقَابَلَةٍ، فَعَدَّهُمُ الحاكِمُ أبو عبدِ اللهِ الحافظُ في طبقاتِ المجروحينَ. قالَ:((وهُمْ يتوهَّمُونَ أنَّهم في روَايَتِها صَادِقُونَ. وقال: هذا مِمَّا كَثُرَ في الناسِ، وتعاطَاهُ قومٌ منْ أكابرِ العلماءِ والمعرُوفينَ بالصَّلاحِ)) (6).

(1) القاموس المحيط مادة (أدّى).

(2)

هو عبد الملك بن طريف الأندلسي، توفي سنة (400هـ) تقريباً.

انظر: الصلة لابن بشكوال 1/ 357، وبغية الوعاة 2/ 111.

(3)

وهو كتاب هذب فيه كتاب الأفعال لابن قوطية. انظر: كشف الظنون 2/ 1394.

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 317.

(5)

وهم: مالك وأبو بكر الصيدلاني.

(6)

المدخل إلى الإكليل: 57، ونقله عنه ابن الأثير في " جامع الأصول " 1/ 143.

ص: 195

قال: ((ومنَ المتَسَاهلينَ: عبدُ اللهِ بنُ لهيعَةَ (1) المصريُّ تُرِكَ الاحتجَاجُ بهِ معَ جلالَتهِ؛ لِتَسَاهُلِهِ. ذُكرَ عن يَحيَى بنِ حَسَّانَ (2): أنَّهُ رَأَى قَوْماً مَعَهُمْ جُزْءٌ سَمِعُوهُ مِن ابنِ لهيعَةَ، فنظرَ فيهِ فإذا ليسَ فيهِ حديثٌ واحدٌ منْ حديثِ ابنِ لهيعَةَ، فجاءَ إلى ابن لهيعَة فأخبرَهُ بذلكَ، فقالَ: ما أصنَعُ، يَجِيئونَ بِكتابٍ فَيقُولونَ هَذا مِنْ حديثكَ؛ فأحَدّثُهُمْ بهِ (3).

ومثلُ هذا واقِعٌ منْ شُيُوخ زَمَانِنا (4) يجيءُ إلى أحَدِهِمْ الطَّالِبُ / 210 أ / بِجُزْءٍ أو كتابٍ فيقولُ: هذا روايتُكَ، فَيُمَكِّنُهُ من قراءتِهِ عليهِ مُقلِّداً لهُ من غيرِ أنْ يَبحثَ بحيثُ تحصُلُ لهُ الثِّقَةُ بصِحَّةِ ذلكَ. والصَّوابُ ما عليهِ الجمهورُ، وهوَ التَّوسُّطُ بينَ الإفْرَاطِ والتَّفريطِ)) (5).

قولهُ: (المَنْعُ)(6)، أي: منعُ الروايةِ للكتابِ دون الحفظِ، وإن رأى سماعَهُ في كتابٍ وتذكّرَهُ جازتِ الروايةُ، بأن يحفظَ حينئذٍ المسموعَ إن لم يكنْ يحفظُهُ ويرويهِ، وإن لم يذكرْهُ لم يجزَ لهُ روايةَ المسموعِ، لا حفظاً ولا غيرَهُ، كالشّهادةِ.

(1) بفتح اللام وكسر الهاء، على وزن شريعة. انظر: التقريب (3563).

(2)

نقل الزركشي في " نكته " 3/ 600 عن المزي قوله: ((هذه الحكاية فيها نظر؛ لأن ابن لهيعة من الأئمة الحفاظ لا يكاد يخفى عليه مثل هذا، وإنما تكلم فيه من تكلم بسبب من الرواة عنه فمنهم من هو عدل كابن المبارك ونحوه، ومنهم من هو غير عدل)).

هذه الحكاية وإن توقف فيها المزي؛ لكن ذكر الكثير في شأن تلقين ابن لهيعة. انظر: تهذيب التهذيب 5/ 334 - 335.

(3)

انظر: كتاب المجروحين 2/ 13.

(4)

قال الزركشي في " نكته " 3/ 601: ((إلحاقه شيوخ زماننا بمن سلف فيه نظر؛ لأن المقصود منهم بقاء السلسلة فقط، وأما الإسناد فغير منظور إليه في هذا الزمان)).

وانظر: محاسن الاصطلاح: 186.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 317 - 319.

(6)

التبصرة والتذكرة (621).

ص: 196

قولُه: (الوَاسِعِ)(1)، أي: إنّ هذا البابَ أوسعُ من بابِ الشَّهادةِ.

قوله: (وثبوتِ الحجَّةِ بهِ)(2) زيادةٌ زادَها الشّيخُ [على](3) ابن الصلاح، وهي لا تتأتَى على مذهبهِ، إلا إنْ كانَ صحّحَ ذلكَ الحديثَ إمامٌ بالشرطِ الذي تقدَّمَ عنه في بحثِ الصَّحيحِ.

قوله: (أنَّهُ لا حجَّةَ)(4)، أي: وإذا لم يكن فيه حجةٌ، فلا تجوزُ لهُ روايتُهُ؛ لِئلا يوقعَ غيرَهُ في الاحتجاجِ بهِ، اللهمَّ إلاّ أن يُبيِّنَ الحالَ عندَ روايتهِ.

قولهُ: (وتذكُّرِه)(5)، أي: يجمعُ بينَ الحفظِ وتذكُّرِ تحمُّلهِ عندَ أدائهِ. لا أنه يكونُ مُستديماً لذلكَ من حينِ التحمُّلِ إلى حينِ الأداءِ، فإذا تحمّلَهُ ثم رأى سماعَهُ له بعدَ حينٍ، فإن كانَ حافظاً للمسموعِ غيرَ ذاكرٍ للسَّماعِ لم تجز الروايةُ، وإنْ كان ذاكراً غيرَ حافظٍ، وأراد أنْ يرويَ، تحفّظ ورَوَى من حفظهِ.

هذا الذي تعطيه هذهِ العبارةُ، وكنتُ سمعتُ عن أبي حنيفة: - وهو المرادُ في النّظمِ بقولهِ: ((نُعْمَانٍ)) (6) - أنَّه يشترطُ أنْ يدومَ حافظاً للحديثِ، ذاكراً للسّماعِ، من حينِ التحمّلِ، إلى حينِ الأداءِ، فاللهُ أعلم.

قوله: (والصوابُ كما قالَ ابنُ الصلاح: الأولُ)(7) وهو ما عليه الجمهور، ولم ينظمِ الشَّيخُ ذلكَ، ورأيتُ عن شَيخِنا الحافظِ برهانِ الدِّينِ الحلبيِّ أنَّه نظمَهُ فقالَ:

(1) التبصرة والتذكرة (623).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 502.

(3)

ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، والسياق يقتضيه.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(6)

التبصرة والتذكرة (622).

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

ص: 197

وَصَوَّبَ الشَّيخُ لِقَولِ الأكثَرِ

وَهوَ الصوابُ ليسَ فيه نَمترِي (1)

ولو قالَ: ((مَقَالَ الأكثرِ)) لكانَ أحسنَ، وأحسنُ منهُ أنْ يقولَ: إنْ كانَ قدْ قابلَهُ لا يمتري [قولُه](2): (لا تجوزُ لهُ روايتهُ)(3)، أي: وإنْ كانَ حافظاً للمسموعِ دونَ السَّماعِ.

قولهُ: (ينبني)(4)، أي: جوازُ روايتهِ لما وَجدَ سماعَهُ بهِ، ولم يتذكّرْ أنَّه سمعَهُ (على الخلافِ في جواز اعتِمادِ الراوي على كتابهِ في ضَبْطِ ما سمعَه)(5)، أي: بأنْ يرويَ جميعَ أحاديثهِ بتذَّكرِهِ أنهُ سمعَ الكتابَ عموماً، وإنْ لم يتذكَّر في كلِّ حديثٍ / 210 ب / منها أنَّه سمعَهُ بخصوصهِ. وبأنْ يرويَ ما كانَ محتَمِلاً من ألفاظهِ لأكثرِ من وجهٍ، على ما رآهُ مضبوطاً بالشكلِ والنّقطِ في كتابهِ، كما إذا رَأى:((ذكاةُ الجنينِ ذكاةُ أُمّه)) (6) مضبوطاً

(1) انظر: فتح المغيث 2/ 199.

(2)

ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف) والسياق يقتضيه.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(4)

في " شرح التبصرة والتذكرة " 1/ 503: ((يُبْنَى)) وكذا هو أيضاً في " معرفة أنواع علم الحديث ": 322.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(6)

أخرجه: عبد الرزاق (8649)، وابن أبي شيبة (36139)، وأحمد 3/ 31 و39 و53، وأبو داود (2827)، وابن ماجه (3199)، والترمذي (1476)، وابن الجارود

(900)

، وأبو يعلى (992)، وابن حبان (5898)، والدارقطني 4/ 272 و273 = و274، والبيهقي 9/ 335، والبغوي (2789) من طريق أبي الوداك، عن أبي سعيد، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وقال الترمذي: ((حديث حسن)).

وأخرجه: أحمد 3/ 45، والطبراني في " الأوسط "(3631) وفي " الصغير "، له (242) =

ص: 198

بالرفعِ (1) فإنَّه يرويها كذلكَ ويجزمُ بسماعهِ لها كذلكَ.

= و (467)، والخطيب في " تاريخه " 8/ 412 من طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد.

وحديث جابر: أخرجه: الدارمي (1985)، وأبو داود (2828)، والحاكم 4/ 114، والبيهقي 9/ 335 من طريق أبي الزبير، عن جابر.

وحديث كعب بن مالك: أخرجه: الطبراني في " الكبير " 19/ (157) وفي " الأوسط "، له (3711) من طريق ابن كعب بن مالك، عن أبيه.

وحديث علي: أخرجه: الدارقطني 4/ 274، والبيهقي 9/ 336 من طريق الحارث الأعور، عن علي بن أبي طالب.

وحديث أبي هريرة: أخرجه: الدارقطني 4/ 274 من طريق طاووس، عن أبي هريرة.

وأخرجه: الحاكم 4/ 114 من طريق عبد الله بن سعيد المقبري، عن جده، عن أبي هريرة.

وحديث ابن عباس: أخرجه: الدارقطني 4/ 275 من طريق عكرمة، عن ابن عباس.

وحديث أبي أيوب: أخرجه: الطبراني في " الكبير "(4010)، والحاكم 4/ 114 من طريق عبد الرحمان بن أبي ليلى، عن أبي أيوب.

وحديث عبد الله بن مسعود: أخرجه: الدارقطني 4/ 274 من طريق علقمة، عن عبد الله بن مسعود، قال: أراه رفعه.

وحديث عبد الله بن عمر: أخرجه: الطبراني في " الأوسط "(8234)، والدارقطني 4/ 271، والبيهقي 9/ 335 من طريق عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر.

وأخرجه: الطبراني في "الأوسط"(9453) من طريق أيوب بن موسى، عن نافع، عن ابن عمر.

(1)

أشار الشارح رحمه الله إلى الاختلاف في رواية الرفع والنصب وفصّل ابن الأثير ذلك في كتابه النهاية 2/ 164 فقال: ((ويروى هذا الحديث بالرفع والنصب، فمن رفعه جعله خبر المبتدأ الذي هو ذكاة الجنين، فتكون ذكاة الأم هي ذكاة الجنين فلا يحتاج إلى ذبح مستأنف، ومن نصب كان التقدير: ذكاة الجنين كذكاة أمه، فلما حُذِفَ الجارُ نُصِبَ، أو على تقدير يذكى تذكيةً مثل ذكاة أمه، فحذف المصدر وصفته وأقام المضاف إليه مقامه، فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حياً. ومنهم من يرويه بنصب الذَّكاتين، أي: ذكوا الجنين ذكاةَ أمه)).

وانظر: الحاوي الكبير 15/ 149.

ص: 199

قوله: (حديثاً حديثاً)(1) نُقِلَ عَن ابنِ كَثيرٍ (2) أنَّهُ قالَ: ((وهذا يشبهُ ما إذا نَسيَ الراوي سماعَهُ، فإنَّه تجوزُ روايتهُ عنه لمن سمعَهُ منه ولا يضرُّ نسيانهُ)). انتهى.

وفيه نظرٌ؛ لأنَّ القصدَ ضبطهُ بالحفظِ وهو موجودٌ الآنَ بحفظِ هذا الفرعِ وإنْ كانَ الأصلُ قد نُسي، بخلافِ هذا فإنَّهُ لا يحفظُ السَّماعَ (3).

قولهُ: (كذلكَ ليكنْ)(4) خبرٌ، عن قولهِ:((فكما كانَ الصحيحُ)) (5)، أي: فلما كانَ الصحيحُ تجويزَ الاعتمادِ على كذا، كذلكَ ليكن هذا، أي: السَّماعُ.

قوله: (والكتابُ مصونٌ)(6) قال ابن الصّلاحِ بعدَهُ: ((بَحيْثُ يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ سَلامةُ ذَلكَ مِنْ تَطَرُّقِ التَّزوِيرِ والتَّغْييرِ إليهِ، وهذا إذا لَمْ يَتَشَكَّكَ فيهِ (7) وسَكَنتْ نفسُهُ إلى صِحَّتِهِ

)) (8) إلى آخره.

قوله: (وَإنْ يَغِبْ)(9)، أي: الكتاب.

قوله: (وَأَوْلَى)(10)، أي: والخُلفُ في جوازِ روايةِ الضَّريرِ في هذهِ الحالةِ، أقوى من الخلافِ في روايةِ البصيرِ منها.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503 حكاه العراقي عن ابن الصلاح.

(2)

نقله السخاوي في " فتح المغيث " 2/ 200.

(3)

سبقه إلى ذلك البلقيني في " محاسن الاصطلاح ": 188.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 503.

(7)

انظر: محاسن الاصطلاح: 188، ونكت الزركشي 3/ 607.

(8)

معرفة أنواع علم الحديث: 322.

(9)

شرح التبصرة والتذكرة (624).

(10)

شرح التبصرة والتذكرة (626).

ص: 200

والقولُ بالجوازِ في الضَّريرِ؛ لأنَّ المدارَ القربَ من الضبطِ وغلبةِ ظنِّ الصحةِ، ووجودُ ذلكَ في البصيرِ أقربُ؛ لأنَّهُ إذا تكرَّرَ نظرهُ في الكتابِ يصيرُ يعرفُ هيئتَهُ، فإذا غُيَّرَ منهُ شيءٌ بعدَ ذلكَ عرفَهُ (1).

قولهُ: (جازتْ لهُ الروايةُ)(2)، قال ابنُ الصَّلاحِ عَقِبهُ: ((وإنْ أعَارَهُ وغابَ عنهُ، إذا كان الغالبُ منْ أمرهِ سَلامَتهُ

- إلى قوله: - عَلَى غالبِ الظَّنِّ، فإذا حَصَلَ أجزَأَ، وَلَمْ يُشْترَطْ مَزِيدٌ عليهِ، والله أعلمُ)) (3).

قولُهُ: (في القِرَاءةِ) ناظرٌ إلى قولِهِ: ((في ضَبْطِ)) (4) والضمير في ((منه)) لكتابهِ، وفي ((عَليهِ)) للضريرِ، أي: واستعانَ ذلك الضَّريرُ عندَ روايتهِ بالمأمونين

في القراءةِ من كتابهِ عليهِ. ((واحتاطَ)) عطف على ((لَمْ يحفظْ)) أو ((استعانَ)) (5).

627 -

وَلْيَرْوِ مِنْ أَصْلٍ أَوِ الْمُقَابَلِ

بِهِ وَلَا يَجُوْزُ بِالتَّسَاهُلِ

628 -

مِمَّا بِهِ اسْمُ شَيْخِهِ أَوْ أُخِذَا

عَنْهُ لَدَى الْجُمْهُوْرِ وَأَجَازَ ذَا

(1) قال البلقيني في " محاسن الاصطلاح ": 187: ((قد يمنع الأولوية من جهة تقصير البصير، فيكون الأعمى أولى بالجواز؛ لأنه أتى باستطاعته)).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 504.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 319، وانظر: الكفاية: 236، والإرشاد 1/ 459، وتدريب الراوي 1/ 94 - 95.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 504.

(5)

نقله العراقي في " شرح التبصرة والتذكرة " 1/ 504 عن ابن الصلاح: ((وقال ابن الصلاح في الضرير الذي لم يحفظ حديثه من فم مَنْ حدَّثه واستعان بالمأمونين في ضبط سماعه وحفظ كتابه، ثُمَّ عند روايته في القراءة منه عليه، واحتاط في ذلك على حسب حاله بحيث يحصل معه الظن بالسلامة من التغيير صحت روايتهُ غير أنه أولى بالخلاف من مثل ذلك في البصير)). وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 319.

ص: 201

قولُه في قولهِ: (الرِّوَاية من الأَصلِ)(1): (وَلَا يَجُوزُ بالتَّساهُلِ)(2) ذَكَرَ الذهبيُّ في " مِيزانِهِ "(3) غَيرَ واحدٍ ممن جُرحَ، بكونهِ يحدِّثُ من غيرِ أصلهِ، منهم: أبو عبدِ اللهِ محمّدُ بنُ أحمدَ بنِ محمّد السَاويُّ، قال: صدوقٌ، وقالَ ابنُ طاهرٍ:

((حدّثَ " بمسندِ الشافعيِّ " من غيرِ أصلِ سماعِهِ، ثم قالَ: ترخّصَ المتأخّرونَ في هذا كثيراً)).

وقالَ في ترجمةِ محمدِ بنِ / 211أ / إسماعيلَ بنِ العباسِ، أبي بكر الورَّاقِ (4):((مُحدِّثٌ، فاضلٌ، مُكْثِرٌ، لكنهُ يُحدِّثُ من غيرِ أصولٍ، ذهبت أصولُهُ، وهذا التساهلُ قد عَمَّ وطَمَّ)) (5).

وقال في ترجمةِ عيسى الطُّوْمَاريِّ (6): ((آخر أصحاب ابن أبي الدُّنيا تُكلمَ فيه لكونهِ رَوَى من غيرِ أصلٍ. وقالَ ابنُ ماكولا (7): لم يكونُوا يَرتضونَهُ)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 505.

(2)

التبصرة والتذكرة (627).

(3)

ميزان الاعتدال 3/ 467.

ونقل ابن حجر في " لسان الميزان " 6/ 543 عن ابن السمعاني: ((هو محدّث فهم معروفٌ بالطلب، رحل وسمع بنفسه))، ونقل عن ابن طاهر قوله:((لما دخل أبو عبد الله الكَامَخِي الرَّيَّ أرادوا أن يقرؤوا عليه "مسند الشافعي"، فسألت عن أصله، فقيل لي: لم يكن له أصلٌ، وإنما أمَرَ أن تشترى له نسخة، فهو يقرأ منها، وقال ابن طاهر: فامتنعت من سماعه منه، وكان سماعُه في غيره صحيحاً)).

(4)

ميزان الاعتدال 3/ 484، وقال ابن حجر في " لسان الميزان " 6/ 573:((قال ابن أبي الفوارس: كان متيقظاً، حسن المعرفة، وكان فيه بعض التساهل، كانت كتبه ضاعَتْ، فاستحدث أصولاً)).

(5)

قال الذهبي في " السير " 16/ 389: ((التحديث من غير أصل، قد عمَّ اليوم وطمَّ فنرجو أن يكون واسعاً بانضمامه إلى الإجازة)).

(6)

ميزان الاعتدال 3/ 322، وقال ابن حجر في "لسان الميزان" 6/ 279:((إلاّ أنه لم يظهر له أصول، ولم يكن بذاك، وخلط في آخر أمره)).

(7)

الإكمال 2/ 67 وعبارته: ((لم أرهم يرتضونه)).

ص: 202

[قولهُ](1): (أَوْ أُخِذَا)(2) مبنيٌ للمفعولِ.

قولهُ: (وَأَجَازَ) مكسورٌ، ولو قالَ: واستجَازَ، لكانَ صحيحاً.

قولهُ: (الترخيصُ)(3) نُقِلَ عن الحافظِ عمادِ الدِّينِ بنِ كثيرٍ (4) أنَّهُ مالَ إلى قولِ البُرسَانيِّ (5) هذا.

قولهُ: (من نسخةٍ سمِعَ منها على شيخِهِ)(6) مبنيٌّ للمفعولِ، أي: وقعَ سماعُ غيرهِ منها على شيخهِ، ولم يسمعْ هو على شيخهِ منها.

قالَ ابنُ الصَّلاحِ: ((وكذلكَ لو كانَ فيها سَماعُ شَيخهِ أو رَوَى منها ثِقةٌ عنْ شَيخِهِ، فلا تَجُوزُ له الروايةُ منها اعْتِماداً عَلَى مجرَّدِ ذلكَ، إذ لا يُؤْمَنُ (7)

)) إلى آخره.

قالَ الشَّيخ في " النُّكتِ "(8): ((وقد اعتُرِضَ عليهِ: بأنَّهُ ذَكَرَ في النوعِ الذي قبلهُ أنَّ الخطيبَ، والإسفرائيني جوَّزا الروايةَ من كتابٍ لم يقابلْ أصلاً، ولم ينكرْهُ الشَّيخُ، بل أقَرَّهُ)). انتهى.

(1) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، والسياق يقتضيها.

(2)

التبصرة والتذكرة (628).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 505.

(4)

اختصار علوم الحديث 2/ 395 - 396 وبتحقيقي: 204.

وعبارته فيه: ((وإلى هذا أجنح))، وكلام البرساني وأيوب نقله عنهما الخطيب في " الكفاية ":257.

(5)

هو أبو عبد الله محمد بن بكر البرساني الأزدي، وبُرسان: بطن من الأزد، قال عنه يحيى بن معين: وكان - والله - ظريفاً صاحب أدب ثقة، توفي سنة (203 هـ).

انظر: تاريخ بغداد 2/ 443، وسير أعلام النبلاء 9/ 421.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 505.

(7)

معرفة أنواع علم الحديث: 320.

(8)

التقييد والإيضاح: 222.

ص: 203

قالَ الشَّيخُ (1): ((قلتُ: الصورةُ التي تقدَّمتْ، هي فيما إذا نُقِلَ كتابُهُ من الأصلِ، فإنَّ الخطيبَ (2) شَرَطَ في جوازِ ذلكَ، أنْ تكونَ نُسختُه نُقلتْ من الأصلِ، وأن يُبيِّن عند الروايةِ أنَّه لم يعارض.

وزادَ ابنُ الصَّلاحِ (3) على ذلكَ شرطاً آخرَ وهوَ: ((أنْ يَكُونَ ناقِلُ النُّسْخَةِ غيرَ سَقِيمِ النَّقْلِ، بلْ صحيحَ النَّقْلِ قَليلَ السَّقْطِ)).

وأمَّا الصُّورةُ التي في هذا النوعِ، فإنَّ الراويَ منها، ليسَ على ثقةٍ من موافقتِها للأصلِ.

وقد أشارَ المصنِّفُ هنا إلى التعليلِ بذلكَ، فقالَ:((إذ (4) لا يُؤْمَنُ أنْ يكُونَ فيها زَوَائِدُ ليسَتْ في نسخَةِ سَماعهِ)) (5)، والله أعلم)) (6).

قوله: (من غيرِ بيانٍ للإجازَةِ)(7)، أي: في تلكَ الزياداتِ بعينِها. وأمَّا البيانُ عموماً فلا بدَّ منهُ بأنْ يقولَ مثلاً: ((حَدَّثَني فلانٌ، ونقلتُهُ من أصلِ سَماعهِ لكنّي لم

(1) أي: العراقي، وكلامه في " التقييد والإيضاح ":222.

(2)

انظر: الكفاية: 237 - 239.

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 303، ونقل الزركشي في "نكته" 3/ 586 اعتراض ابن أبي الدم على ابن الصلاح فقال:((قلت الذي عندي في هذا أنه لا يجوز له رواية ما نقله بخطه، ولا نقل غيره بخطه من كتاب داخل في روايته، ما لم يكن مقابلاً، إما بالأصل المسموع على الشيخ، أو بفرع مقابل بأصل المسموع على الشيخ؛ لأن الغالب أنه لا يخلو نقله من غلط وإن قل، وهذا معروف بالعرف والتجربة، فكيف يجوز له أن يروي عن شيخه شيئاً سمعه عليه من كتاب هل هو كل الذي سمعه أو بعضه، وهل هو على وجهه أو غير وجهه)).

(4)

في " معرفة أنواع علم الحديث ": ((إذا)).

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 320.

(6)

إلى هنا انتهى كلام العراقي في " التقييد والإيضاح ": 222.

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 505، وهذا الكلام هو لابن الصلاح انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 320.

ص: 204

أسمعْ من ذلكَ الأصلِ))، أو:((حَدَّثني فلانٌ سماعاً وإجازةً لما خالفَ أصل سَماعي عليهِ: إنْ خالفَ)).

قولُه: (في محلِّ التَّسَامحِ)(1)، قال ابنُ الصَّلاح بعدَهُ:((وقدْ حَكَيْنا فِيْمَا تَقَدَّمَ أنَّه لَا غِنَى في كُلِّ سَمَاعٍ عَنِ الإجازَةِ؛ لِيَقَعَ فيما (2) يَسْقُطُ في السَّماعِ عَلَى وجهِ السَّهْوِ وغيرِهِ مِنْ كَلماتٍ أو أكْثَرَ، مَرويِّاً بالإجازةِ، وإنْ لم يُذْكَرْ لَفْظُها)) (3).

قولهُ: / 211 ب / (هَدَانا اللهُ لهُ)(4) قالَ عَقِبَهُ: ((والحاجَةُ إليهِ مَاسَّةٌ في زَمَانِنا جِدَّاً، واللهُ أعلمُ)) (5).

قولُه في شرحِ قولِهِ: (وَإِنْ يُخَالِفْ)(6): (وهو غيرُ شاكٍّ)(7) لا يتوهمُ أنَّه لا ينفي الظنَّ، حتى يكونَ غيرَ موفٍ بقولهِ في النَّظمِ:((مَع تَيَقُّنٍ)) فإنَّ المراد باليقينِ القطعُ؛ لأنَّ نفيَهُ لما فوقَ الشكِّ مفهوم مُوافقَة؛ لأنَّ العبارةَ تُفهِم أنَّهُ إذا كانَ شاكَّاً لا يَعتمِدُ حفظَهُ، وإذا كانَ لا يعتمدُهُ في حالِ الشكِّ، فلأن لا يعتمدُهُ في حال الظنِّ مثلاً بطريق الأولى، نَعَمْ، قد يُقالُ: إنَّه لا ينفي الوهمَ، فلو قالَ: غير متردِّدٍ لكانَ صَريحاً؛ لأنَّ نفي الأعمِّ نفيٌ للأخصِّ.

(1) انظر: المصدر السابق.

(2)

في المعرفة: ((ما)).

(3)

معرفة أنواع علم الحديث: 320 - 321.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 506، وهذا الكلام هو لابن الصلاح.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 321. وقال السخاوي في " فتح المغيث " 2/ 205 عقب هذا:

((يعني: لمزيد التوسع والتساهل فيه بناء على أن المطلوب بقاء السلسلة خاصة، حتى إنه صار كما قال ابن الصلاح، بمجرد قول الطالب للشيخ: هذا الكتاب، أو الجزء من روايتك يمكنه من قراءته من غير تثبت، ولا نظر في النسخة، ولا تفقد طبقة سماع .. )).

(6)

التبصرة والتذكرة (630).

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 506.

ص: 205

قولهُ: (الرِّوَايَةُ بِالمَعْنَى)(1) هو شاملٌ لروايةِ الحديثِ، والأثرِ، والتصنيفِ.

قولهُ: (وَغَيْرُهُ)(2) هو عطفُ (3) جملةٍ على أخرى قسيمةٍ لها، لا عطفَ مفردٍ على مفردٍ. فالمعنى: الراوي إنْ كانَ لا يعلمُ مدلولاتِ الألفاظِ، وجبَ عليهِ أنْ يرويَ ما يرويه بلفظهِ (4).

وأمَّا غيرُهُ: وهوَ مَن يعلم مدلولاتِ الألفاظِ، وما يُساوي مَعنى ما سَمعهُ، وما يزيدُ عليهِ وينقصُ عنهُ، فقد أجازَ لهُ الروايةَ بالمعنى معظمُ العلماءِ.

وقيلَ: لا يجوزُ لهُ أنْ يرويَ الجزءَ الواردَ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم بالمعنى، ويجوزُ لهُ أنْ يرويَ غيرَهُ بالمعنَى (5).

وابنُ الصَّلاحِ منعَ الروايةَ بالمعنى مطلقاً في تصانيفِ النَّاسِ (6).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 506

(2)

التبصرة والتذكرة (632).

(3)

قال العراقي: ((ليست الواو للعطف؛ بل للاستئناف، أي: وأما غيره، وهو الذي

يعلم مدلول الألفاظ)). شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507، وانظر ما سيأتي من تعليق البقاعي.

(4)

وممن نقل هذا: الشافعي في " الرسالة ": فقرة (753) - (755) والخطيب في "الكفاية": 198، والقاضي عياض في " الإلماع ": 174، وابن الصلاح: 322، والنووي في "الإرشاد" 1/ 465 - 466.

(5)

وهذا هو المشهور من مذهب مالك، وقد رواه عنه: الخطيب في " الكفاية ": 188 - 189، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " 1/ 81، والقاضي عياض في " الإلماع ": 180، وقد رجَّحه القاضي عياض. وانظر: فتح المغيث 2/ 212 - 213.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 323، وعبارته فيه:((فإن الرواية في المعنى رخّص فيها من رخّص، لما كان عليهم في ضبط الألفاظ، والجمود عليها من الحرج والنصب، وذلك غير موجود فيما اشتملت عليه بطون الأوراق والكتب؛ ولأنه إن ملك تغيير اللفظ فليس يملك تغيير تصنيف غيره)).

وضعفه ابن دقيق العيد في "الاقتراح": 245، وقال:((إنه كلام فيه ضعف)). وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508 وتعليقي عليه.

ص: 206

ثم إذا رَوَى الراوي بالمعنَى، فالمُستحبُّ له استحباباً مُتأكداً، أنْ يقولَ بعدَ ذكرِهِ لما ذَكَرَهُ بالمعنى: أو ((كما قالَ))، أو ((نحو ذلكَ)) كأنْ يقولَ:((هذا معنى ما قالَ)) أو ((قَربتُ منهُ)) أو ((شبهُهُ)) أو ((نحوُهُ)) (1).

وهكذا يصنعُ عندَ شكٍّ أَبهمَ عليهِ في لفظينِ، أو جملتينِ، أو غيرِ ذلكَ، فلم يدرِ بأيِّهمَا نَطَقَ مَن حدَّثَهُ، وهذا الذي قررتُهُ في العطفِ، هو مرادُ الشَّيخِ بقولهِ:

((إنَّ الواو للاستئنافِ)) (2)، أي: لابتداءِ ذكرِ جملةٍ، ولا يهولنّكَ قولُهُ:((ليستْ للعطفِ)) (3) فإنَّ المرادَ نفيُ عطفٍ مقيدٍ بالمفردِ؛ ليكونَ ما قبلها وما بعدها جملةً واحدةً، وإنْ لم يحملْ على هذا كانَ المعنى أنَّ الواوَ لا فائدةَ لها أصلاً بلْ وجودها كعدمِها، وهذا لا يقولُ بهِ مَن له مُسْكَةٌ (4)، فإيّاكَ أن تَجنحَ إليه، فإنَّ كثيراً من الناسِ يجترئُ على مثلهِ من كتابِ اللهِ تعالى فيما يُشكلُ عليه تنزيلُه / 212 أ / على معنىً مستقيمٍ؛ لعدمِ معرفتهِ المعطوف عليهِ، لضيقِ الحظيرةِ عن إيساعِ الفكرِ والإمعانِ في النظر، فيقعُ في أمرٍ عظيمٍ، لو تدبَّرهُ لتمنّى أن يكونَ خَرِسَ قبلَ أن يقولَ ما قالَ من ذلكَ المحالِ، واللهُ الهادي.

على أنَّ الشيخَ لو قالَ: ((مدلولها، وقد أجازَ المعظمُ للغيرِ بالمعنى)) لاستراحَ من هذا.

قولهُ: (لا يجوزُ لمنْ لا يعلمُ)(5) عبارةُ ابنِ الصَّلاحِ (6): ((إذا أرادَ روايةَ ما

(1) انظر: معرفة أنواع علم الحديث: 323، والإرشاد 1/ 467، وفتح المغيث 2/ 216.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(4)

مُسكة: بالضم، أي: بقية، يقال: فيه مُسكة من خير، أي: بقية، وفيه مسكة عقل، أو علم، أي: بقية. انظر: الصحاح مادة (مسك)، ولسان العرب مادة (مسك).

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 506.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 322، وتتمة كلام ابن الصلاح:((وأصحاب الحديث وأرباب الفقه وأصوله)). وانظر: نكت الزركشي 3/ 607 - 608.

ص: 207

سَمِعَهُ على معناهُ دونَ لَفظهِ، فإنْ لَمْ يَكُنْ عالِماً عارفاً بالألفاظِ ومقاصِدِها، خبيراً بِما يُحيلُ مَعَانِيها، بَصِيْراً بِمَقَاديرِ التَّفَاوتِ بَينَهَا، فلا خِلافَ أنَّهُ لا يَجُوزُ له ذلكَ، وعليهِ أنْ لا يَرويَ ما سَمِعَهُ إلا على اللفظِ الذي سَمِعهُ مِن غيرِ تَغييرٍ. فأمَّا إذا كانَ عَالِماً عارِفاً بذلِكَ، فَهَذا ما (1) اخْتَلَفَ فيهِ السَّلَفُ)). انتهى.

قالَ شيخُنا: ((وفي المسألة قولٌ: إنَّهُ لا تجوزُ الروايةُ بالمعنى، إلاّ لمن يحفظُ اللفظَ حالَ الروايةِ بالمعنى، ليكونَ متمكِّناً من التعبيرِ عنهُ بمعناهُ، وقولٌ آخرُ بعكسِ هذا، وهو أنَّهُ لا يجوزُ ذلكَ إلاّ لمنْ نسيَ اللّفظَ؛ لأنَّ حالتَهُ حالةٌ ضرورة، وروايتَهُ له بالمعنى خيرٌ من ضياعهِ)) (2).

قولُهُ: (والأصولِ)(3)، أي: على الإطلاقِ، سواءٌ في ذلكَ الحديثُ وغيرُهُ.

وممّا يحثُّ على الروايةِ باللفظِ ويصلحُ أن يُلمحَ منهُ تجويزُ الروايةِ بالمعنَى حديثٌ رَواهَ الإمامُ أحمدُ (4)، وابنُ ماجَه (5)، والدّارميُّ (6)، وأبو يَعلَى (7)، والبزّارُ (8)، وابنُ حِبّانَ (9)، عن عدةٍ من الصحابةِ منهُم: أنسٌ رضي الله عنه، وحديثُهُ عندَ

(1) في " المعرفة "((مِمَّا)).

(2)

لم نعثر عليه بهذه الصورة. وانظر شرح نخبة الفكر: 499 - 502، وتدريب الراوي

2/ 98 - 99.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(4)

في " مسنده " 4/ 80 و82 من حديث جبير بن مطعم، و5/ 183 من حديث زيد بن ثابت، و1/ 436 من حديث عبد الله بن مسعود.

(5)

في "سننه"(232) من حديث عبد الله بن مسعود، و (236) من حديث أنس بن مالك.

(6)

في " سننه "(230) من حديث أبي الدرداء.

(7)

في " مسنده "(5126) و (5296) من حديث عبد الله بن مسعود.

(8)

كما في " كشف الأستار "(141) من حديث أبي سعيد الخدري.

(9)

في " صحيحه "(66) و (68) و (69) من حديث عبد الله بن مسعود، و (67) من حديث زيد بن ثابت.

ص: 208

أحمدَ (1)، والطَّبرانيِّ (2)، أنّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:((نَضَّرَ (3) اللهُ امرءاً سَمعَ مِنَّا حديثاً فبلَّغهُ كما سمعهُ، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوْعَى من سامعٍ)) (4).

وفي روايةٍ: ((فرُبَّ حاملِ فقهٍ ولا فقهَ لهُ، ورُبَّ حامل فقهٍ إلى مَنْ هوَ أفقهُ منهُ)) فقالَ: ((كَما سَمعَهُ)) أي: بلفظهِ، وقالَ:((فرُبَّ مبلَّغٍ أوعى لهُ))، أي: رُبَّما لم يفهمهُ من سمعَهُ حقَّ الفهمِ، فغيّرَهُ فَنقَصَ بعضَ أحكامهِ، ولو بلَّغَهُ بلفظهِ، لربما ظهرَ للسامعِ منهُ ذلكَ الحكمُ الذي سَقَطَ بالتغييرِ.

وأمَّا لَمحُ التجويزِ منهُ فمن حيثُ لم يؤتَ فيهِ بصيغةِ الأمرِ، بل سِيقَ ذلكَ مَساقَ الترغيبِ بصيغةِ الدُّعاءِ، واللهُ أعلمُ.

قولهُ: (ومنعَ بعضُ أهل الحديثِ)(5) نقلَ أنَّ مِنهُم / 212 ب / ابن سيرين (6) ولم يَذكرِ الأصوليينَ (7)؛ إمَّا لقلةِ القائلِ منهم بذلكَ؛ أو لدخولهِم في الفقهاءِ؛ لأنَّ الأقدمينَ من الفقهاءِ كانوا جامعينَ للعِلمَيْنِ؛ أو لأنَّ ذلك قد فُهمَ من تعبيرهِ أولاً بالأكثرِ، واللهُ أعلمُ.

(1) في " مسنده " 3/ 225.

(2)

في " معجمه الأوسط "(9444).

(3)

نَضَره ونَضَّره وأنْضَره، أي نَعمه، ويروى بالتخفيف والتشديد من النَّضارة، وهي في الأصل: حسن الوجه، والبريق، وإنما أراد حَسَّن خُلُقَه وقَدْرَه. النهاية 5/ 71.

(4)

قال ابن دقيق العيد: ((ولا خفاء بما في تبليغ العلم من الأجور لاسيما، وبرواية الحديث يدخل الراوي في دعوة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: ((نضر الله امرءاً سمعَ مقالتي فوعَاها، ثم أدّاها إلى مَنْ لم يسمعها)))). الاقتراح: 264.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(6)

انظر: الكفاية: 206، والبحر المحيط للزركشي 3/ 414.

(7)

لم يذكر العراقي الأصوليين في شرحه وذكرهم ابن الصلاح والنووي والزركشي

والسخاوي.

ص: 209

قولُه: (مطلقاً)(1)، أي: سواءً الراوي كانَ عالماً بمدلولاتِ الألفاظِ كما تقدَّمَ، أم لا.

[قوله](2): (وهو حديثُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم)(3)، أي: لأنَّه صلى الله عليه وسلم أُوْتِيَ جوامعَ الكلم (4)، وغيرُهُ ليسَ كذلكَ.

والجوابُ: أنَّ المقصودَ أداءُ المعنَى، وإنْ كانَ اللفظُ المؤَدَّى به أكثرَ من الأصلِ، ولا يشكلُ عليه حديثُ ((مَن قالَ عليَّ ما لم أقلْ)) (5) فيكونَ نهياً عن الروايةِ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(2)

ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، والسياق يقتضيها.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(4)

قال الزركشي في " البحر المحيط " 3/ 413: ((أن لا يكون - أي: الحديث - من جوامع الكلم؛ فإن كان كقوله عليه الصلاة والسلام: ((الخراج بالضمان)((البينة على المدعي)((العجماء جبار)((لا ضرر ولا ضرار))، ونحوه لم يجز؛ لأنّه لا يمكن درك معاني جوامع الكلم حكاه بعض الحنفية)) وقال في موضع آخر 3/ 416:((والأصح عندي أنّه لا يجوز لاختصاصه صلى الله عليه وسلم بهذا النظم)).

(5)

أخرجه: أحمد 2/ 158 و171 من حديث عبد الله بن عمرو.

وأخرجه: الطيالسي (80)، وأحمد 1/ 65، والبزار (383) من حديث عثمان بن عفان.

وأخرجه: أحمد 4/ 334، وابن أبي عاصم في " الآحاد والمثاني "(2626)، والطبراني في

" الكبير " 19/ (659) من حديث أبي موسى الغافقي.

وأخرجه: الشافعي في " مسنده "(1810) بتحقيقي، وأحمد 5/ 297 و310، والدارمي

(237)

، والبخاري في " الأدب المفرد "(904)، والرامهرمزي في " المحدّث الفاصل "

(745)

، والحاكم 1/ 111 - 112 من حديث أبي قتادة.

قال الحافظ ابن حجر في " الفتح " عقب الحديث (110) بعد أن تكلم عن التخريجات ومن خرَّجها: ((فهؤلاء ثلاثة وثلاثون نفساً من الصحابة، وورد أيضاً عن نحو خمسين غيرهم بأسانيد ضعيفة، وعن نحو من عشرين آخرين بأسانيد ساقطة، وقد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه، فأول من وقفت على كلامه في ذلك: علي بن المديني، وتبعه يعقوب بن شيبة،

فقال: روي هذا الحديث من عشرين وجهاً عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم، ثم إبراهيم الحربي، وأبو بكر =

ص: 210

بالمعنى؛ لأنّه صلى الله عليه وسلم لم يقل ذلك اللّفظَ. وإنما كانَ لا يشكلُ؛ لأن ترجمةَ الكلامِ بغيرِ لفظِ القائلِ مَعَ نسبةِ ذلكَ الكلامِ إلى ذلكَ القائلِ أمرٌ مشهورٌ في الكتابِ والسُّنةِ والعُرفِ، فهو معترفٌ أنَّ القصدَ إنّما هو المعنى، واللهُ أعلمُ.

قولُه: (والقولُ الأولُ هو الصحيحُ)(1) عبارةُ ابنِ الصّلاحِ: ((والأصَحُّ جَوَازُ ذلكَ في الجميعِ إذا كانَ عالِماً بمَا وَصَفْناهُ، قَاطِعاً بأنَّهُ أدَّى مَعنَى اللَّفْظِ الذي بَلَغَهُ؛ لأنَّ ذلكَ هو الذي تَشْهَدُ بهِ أحوالُ الصَّحَابَةِ والسَّلَفِ الأوَّلِينَ)) (2) رضي الله عنهم أجمعينَ.

قولهُ: (غيرِ واحدٍ من الصحابةِ)(3) سَتأتي تَسميتُهم آخرَ هذه القولةِ.

قولهُ: (حديثٌ مرفوعٌ)(4) قالَ شَيخُنا: ((هو موضوعٌ؛ في سندهِ راوٍ كذابٌ)) هكذا حفظتُهُ منهُ.

وقالَ في كتابهِ " الإصابةِ في الصحابةِ "(5) في ترجمةِ راوي هذا الحديثِ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم سليمِ بنِ أُكَيمٍ (6) الليثيِّ: ((رَوَى الطَّبرانيُّ (7) من طريقِ الوليدِ بنِ سلمةَ،

= البزار، فقال كل منهما: إنه ورد من حديث أربعين من الصحابة

وقال أبو بكر الصيرفي شارح "رسالة الشافعي": رواه ستون نفساً من الصحابة

وقال أبو القاسم ابن منده رواه أكثر من ثمانين نفساً

)).

(1)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(2)

إلى هنا ينتهي كلام ابن الصلاح في المعرفة: 323، وتتمة كلامه:((وكثيراً ما كانوا ينقلون معنى واحداً في أمرٍ واحدٍ بألفاظ مختلفة)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 507.

(5)

الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 384 (3430).

(6)

في المطبوع من " الإصابة "، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم 2/ 487:((أكيمة)).

(7)

في " الكبير "(6491). =

ص: 211

قال: حَدَّثَني يعقوبُ بنُ عبدِ اللهِ بنِ سليمِ بنِ أُكَيمٍ، عَن أبيهِ، عَن جدهِ قالَ: أتَيْنَا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذكرَهُ))، ثُم قالَ:((ورواهُ من وجه آخر عنهُ، فقالُ: ((سُلَيمانُ)) بدل ((سُليمٍ)).

وأوردَهُ ابنُ الجوزيّ في " الموضوعاتِ "(1)، واتّهمَ به الوليدَ بنَ سلمةَ، وليسَ كما زَعمَ. فقد أخرجَهُ: ابنُ مَنْدَه (2) من طريقِ عمرَ بنِ إبراهيمَ، عن محمدِ ابن إسحاقَ، عن (3) سُليمِ بن أُكيمٍ، عن أبيهِ، عن جدهِ نحوه. ولكنّ عُمرَ في وزن (4) الوليدِ.

وأخرجَهُ: ابنُ مَندَه (5) من طريقٍ أخرى، عن عمرَ بنِ إبراهيمَ، فقالَ: عن محمدِ / 213 أ / بنِ إسحاقَ بنِ (6) عبدِ اللهِ بنِ سليمٍ، زاد في نسبه ((عبد الله)). ثم أوردَهُ في ترجمةِ:((عبدِ اللهِ)) بهذا النسبِ.

= وأخرجه أيضاً: الجورقاني في " الأباطيل " 1/ 97 من طريق الوليد بن سلمة، وقال: حدثني يعقوب بن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي، عن أبيه، عن جده، فذكره.

قال الهيثمي في " مجمع الزوائد " 1/ 154: ((ولم أر من ذكر يعقوب ولا أباه)).

وقال الجورقاني: ((هذا حديث باطل، وفي إسناده اضطراب)).

(1)

لم أجده في المطبوع من " الموضوعات ".

(2)

في كتابه " معرفة الصحابة " كما قال العراقي في " شرحه " 1/ 507.

(3)

كذا في (ف) و" معرفة الصحابة " لأبي نعيم 2/ 487 (3469)، والذي في " الإصابة ": ((محمد بن إسحاق بن سليم بن أكيم

)).

(4)

في الإصابة: ((زمن)) خطأ.

(5)

أخرجه: الجورقاني في "الأباطيل والمناكير" 1/ 97 من طريق ابن منده، بهذا الإسناد.

(6)

في (ف): ((محمد بن إسحاق عن عبد الله بن سليم

))، والمثبت من الإصابة، والأباطيل والمناكير؛ إذ أخرجه الجورقاني من طريق ابن منده، وقال فيه: عن محمد بن إسحاق بن عبد الله بن سليم.

ص: 212

وأخرجَهُ: أبو القاسمِ بنُ مَندَه في " كتابِ الوصيةِ " من وجهينِ إلى الوليدِ ابنِ سلمةَ، فقالَ:((عن إسحاقَ بنِ يعقوبَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ أُكيمٍ، عن أبيهِ، عن جدهِ)). وفيه اختلافٌ آخرُ يأتي في ترجمةِ: محمدِ بنِ عبدِ اللهِ بن سُليمِ بن أكيمٍ (1). انتهى.

(1) قال ابن حجر في " الإصابة " 5/ 280 (8525) في ترجمة: محمد بن عبد الله بن سليمان ابن أكيمة الليثي: ((ذكره ابن قانع في "الصحابة"، وأخرج من طريق أحمد بن مصعب، عن عمر بن إبراهيم، عن محمد بن إسحاق، عن أبيه، عن جده محمد بن عبد الله بن سليمان بن أكيمة الليثي، قال: قلت: يا رسول الله، إنّا نسمع منك شيئاً لا نستطيع نرويه كما نسمعه، قال: ((إذا لم تحلوا حراماً ولا تحرّموا حلالاً وأصبتم المعنى فلا بأس))، وعمر مذكور بوضع الحديث، وقد اضطرب في تسمية آبائه في هذا الحديث، فأخرجه: ابن منده من طريق عمر ابن إبراهيم، فقال: عن محمد بن سليم بن أكيمة، وأورده في حرف السين في سُليم ليس في آخر الاسم ألف، ولا نون، ثم أورده من طريق أخرى عن عمر، فقال: عن محمد بن إسحاق ابن عبد الله بن سُليم، وزاد في النسب عبد الله، فأورده كذلك في حرف العين، وهذا لا يمكن الجمع بينه وبين الذي قبله، بأن يكون الضمير في قوله: عن جده يعود على إسحاق، فيكون سُليم هو الصحابي، وأورده أبو موسى في الذيل من طريق عبدان المروزي، ثم من روايته عن عمر بن إبراهيم الهاشمي، عن محمد بن إسحاق بن أكيمة وأورده كذلك في الألف. وكذا أخرجه: ابن مردويه في " كتاب العلم " من الطريق التي أوردها عبدان، وكذا أخرج ابن السكن بهذا السند حديثاً آخر في ترجمة أكيمة، وجاء فيه اختلاف آخر من غير رواية عمر ابن إبراهيم، فأخرجه: الطبراني من طريق يعقوب بن عبد الله بن سُليم بن أكيمة، عن أبيه، عن جده، وأورده في سليم من حرف السين، ورواه الطبراني من طريق الوليد بن سلمة، عن إسحاق بن يعقوب بن عبد الله بن أكيمة، عن أبيه، عن جده، وكل هذه الطرق لا توافق رواية ابن قانع بوجه من الوجوه والذي أظنّه أنه وقع فيه تقديم وتأخير، وأنّه كان من محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن سُليم بن أكيمة، عن أبيه، عن جده، فتقدم قوله: عن أبيه، عن جده، على قوله: ابن عبد الله بن سُليم، فخرج منه هذا الوهم، والله أعلم)).

ص: 213

والوليدُ الذي وازنَ بينَهُ وبين عمرَ هو الوليدُ بنُ سلمةَ الطبريُّ (1) الأزديُّ أبو العبّاسِ قاضي طبريّةَ.

قالَ أبو حاتِمٍ: ((ذاهبُ الحديثِ)) (2).

وقالَ دحيمٌ وغيرُهُ: ((كذابٌ)) (3).

وقالَ ابنُ حبانَ: ((يضعُ الحديثَ)) (4).

وأمَّا عمرُ، فلم يذكر في " لسانِ الميزانِ "(5) مَن يصلحُ أنْ يكونَ هذا إلاّ عمرُ بنُ إبراهيمَ بنِ خالدٍ الكرديُّ الهاشميُّ مولاهم، وقالَ:((عن عبدِ الملكِ بنِ عميرٍ، وعن ابنِ أبي ذئبٍ، وشعبةَ، وبقيَ إلى العشرينَ ومئتينِ)) - وقالَ في آخرِ ترجمتهِ: - ((قالَ ابنُ عقدةَ: ضعيفٌ. وقالَ الخطيبُ: يروي المناكيرَ عن الأثباتِ (6)، ولم يعرفْهُ ابنُ القطانِ: فقالَ: مجهولٌ)). هذا الذي قالَهُ (7). ولا يظهرُ منهُ أنَّهُ في ميزانِ الوليدِ، ذاكَ وُصِفَ بالكذبِ (8)، فاللهُ أعلمُ.

(1) انظر ترجمته في: الكامل 8/ 358، والجرح والتعديل 9/ 9، والكشف الحثيث (825)، ولسان الميزان 8/ 383 (8357). وقد وقع في المطبوع من " الكامل "، و" ميزان

الاعتدال "، و" كشف الحثيث ": ((الطبراني)).

(2)

الجرح والتعديل 9/ 9 (15682).

(3)

الجرح والتعديل 9/ 9 (15682)، وميزان الاعتدال 4/ 339.

(4)

المجروحين 3/ 80.

(5)

6/ 61 - 62، وانظر: ميزان الاعتدال 3/ 179.

(6)

تاريخ بغداد 13/ 36 (5858) ونص كلامه: ((وكان غير ثقة، يروي المناكير عن الأثبات)).

(7)

أي: الحافظ ابن حجر رحمه الله.

(8)

وعمر هذا وصف أيضاً بالكذب، فقد وصفه الدارقطني كما نقله برهان الدين الحلبي في "كشف الحثيث"(537)، ونقله أيضاً ابن حجر في " لسان الميزان " 6/ 61 (5573).

ص: 214

وأمَّا عبدُ اللهِ بنُ سليمانَ فحمّرهُ الذهبيُّ في ((تجريدِ الصحابةِ)) (1) وقالَ في الخطبةِ: ((فَمَن حُمر على اسمهِ فهو تابعيٌّ، لا رؤيةَ لهُ))، وقالَ:((وقيلَ: الصحبةُ لأبيهِ)).

ورأيتُ عن شَيخِنا الحافظِ برهانِ الدِّينِ الحلبيِّ، أنَّه قالَ:((رأيتُ بخطِّ بعضِ شيوخِي في منتقى من " الطبرانيِّ الكبيرِ " (2) عن يغوثَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ سُليمانَ ابن أُكيمةَ الليثيِّ، عن أبيهِ، عن جدهِ، قالَ: أتينا رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقالَ (3): بآبائِنا أنتَ وأمهاتِنا يا (4) رسولَ اللهِ، إنَّا نسمعُ منكَ الحديثَ، ولا نَقدرُ أن نؤدِّيه كما سمعناهُ، قالَ:((إذا لم تحلُّوا حراماً، ولم تُحرِّموا حلالاً، وأصبتُمُ المعنى، فلا بأسَ)).

هكذا وجدتُ عن شَيخِنا البرهانِ: ((يغوثَ)) بمعجمةٍ بعد التحتانيةِ وآخره مُثلثة، وقد سَبقَ أنَّ شيخَنا ابنَ حجر قالَ في " الإصابةِ " (5):((يعقوب)) بمهملةٍ، ثم قافٍ، وآخره مُوحَدة. فاللهُ أعلمُ.

قالَ شيخُنا البرهانُ: ((ورَوَى ابنُ عساكرَ في ترجمةِ واثلةَ من " تاريخهِ " (6) من طريقِ أبي نُعيمٍ الحنفيِّ، عن العلاءِ بنِ كثيرٍ أبي سعدٍ الشاميِّ، عن مكحولٍ: أنَّهُ سمعَ واثلةَ رضي الله عنه يقولُ: سمعتُ / 213ب / رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ: ((لا بأسَ بالحديثِ قدَّمتَ فيهِ، أو أخَّرتَ إذا أصبتَ معناهُ)). انتهى.

(1) 1/ 316.

(2)

الحديث (6491).

(3)

في " معجم الطبراني ": ((فقلنا له)).

(4)

في (ف): ((برسول الله))، والمثبت من " المعجم الكبير ".

(5)

2/ 384.

(6)

تاريخ دمشق 65/ 275.

ص: 215

قولهُ: (بَدَلَهُ فيهِ)(1)، أي: في ذلكَ التصنيفِ، بأنْ ينسخَهُ ويغيرَّ ألفاظَهُ أو بعضَها.

قولهُ: (والجمودِ عليها من الحَرَجِ)(2) يدلُّكَ على أنَّ هذهِ المسألةَ منتزعةٌ من قولِ مَن شَرطَ في الروايةِ بالمعنى نسيانَ اللفظِ، واللهُ أعلمُ.

ويرشدُ أيضاً إلى أنّه إنْ غابَ عنه ذلكَ الكتابُ غيبةً لا تمكنُهُ معها مراجعته، أو تمكنهُ بعد مَشقةٍ، جازَ النقلُ منهُ بالمعنى.

قولهُ: (وأقلُّ ما فيهِ)(3) قالَ شيخُنا (4): ((لم يذكرْ أكثرَ ما فيهِ، وهوَ جعلُ المحافظةِ على ألفاظِ المصنفينَ أعظمُ من المحافظةِ على ألفاظِ الحديثِ النبويِّ، ويشبهُ أن تكونَ روايةُ الحديثِ، قبلَ الوصولِ إلى المصنفاتِ وبعدَه، وروايةُ غيرِ الحديثِ سواءٌ، لا فرقَ بينَ شيءٍ من ذلكَ فمتى رَوَى شيئاً منهُ بعبارةٍ تدلُّ اصطلاحاً، أو لغةً، أو عُرفاً على أنَّ ما ذكرَهُ لفظَ المنقولِ عنهُ، لم يحلَّ له أن يتصرَّفَ فيهِ، وإلاّ جازَ، فإنْ صرَّحَ بأنَّهُ نَقَلَ بالمعنى فهو أحسنُ)).

قالَ: ((والذي لا أشكُّ فيهِ، أنّ دندنتهم ترجعُ إلى هذا، وأنَّهُ لا يخالفُ فيه أحدٌ ولا تغترَّ بأنَّ قولَ ابنِ دقيقِ العيدِ: ((سواءٌ رَوَيناها فيها أو نَقَلناها منها)) (5) ظاهرهُ المنعُ مطلقاً، واللهُ أعلمُ)).

قولهُ: (أو نَقَلْناها منها)(6) يوجدُ بعدَهُ في بعضِ النُّسخِ: (قلتُ: لا نسلِّمُ

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(3)

هذا كلام ابن دقيق العيد، نقله العراقي في " شرح التبصرة والتذكرة " 1/ 508، وانظر: الاقتراح: 245 - 246.

(4)

انظر: فتح المغيث للسخاوي 2/ 216، وفيه إقرار الحافظ ابن حجر لكلام ابن دقيق العيد.

(5)

الاقتراح: 246.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

ص: 216

أنَّهُ يقتضي جوازَ التغييرِ فيما نقلناهُ إلى تخاريجنا، بلْ لا يجوزُ نقلهُ عن ذلكَ الكتابِ، إلَاّ بلفظهِ دونَ معناهُ، سواءٌ في مُصنفاتِنا (1) وغيرِها، واللهُ أعلمُ) (2).

وأكثرُ النُّسخِ خاليةٌ عن ذلكَ (3)، وكأنَّها حاشيةٌ اشتبهتْ على بعضِ النُّسَّاخ، وهي غيرُ صحيحةِ المعنَى، فإنَّ ما قالَ ابنُ دقيقِ العيدِ ظاهرٌ جداً، من عبارةِ ابنِ الصّلاحِ من قولهِ:((ويُثْبِتَ بدلَهُ فيه لفظاً آخرَ بمعناهُ)) (4) فَقَّيدَ بقولهِ: ((فيهِ))، ومن قولهِ:((فليسَ يملكُ تغييرَ تصنيفِ غيرهِ)) (5) ومتى لم يكنِ التغييرُ في صلبِ التصنيفِ، لم يكنْ تغييراً لهُ، واللهُ الهادي.

قولهُ: (وما أَشبهَ ذلكَ)(6) عبارةُ ابنِ الصَّلاح بـ ((أو))، فقالَ:((ينبغِي لِمَنْ روى حديثاً بالمعنى أنْ يُتبِعَهُ بأنْ يقولَ: ((أوْ كَما قالَ))، أو ((نحوِ هذا))، أو ما أشبه ذلك مِنَ الألفاظِ)) (7).

قولهُ: (وأنسٍ)(8) قالَ ابنُ الصَّلاحِ (9) بعدَهُ: ((قالَ الخطيبُ (10):

(1) في شرح التبصرة والتذكرة: ((في تصانيفنا أو غيرها)).

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(3)

انظر بلا بد تعليقنا على " شرح التبصرة والتذكرة " 1/ 508.

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 323، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 323، وانظر: شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 508.

(7)

معرفة أنواع علم الحديث: 323.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 509، وحديثه رواه ابن ماجه (24)، والرامهرمزي في " المحدّث الفاصل ": 550، والخطيب في " الكفاية ": 206، وابن عبد البر في " جامع بيان العلم " 1/ 79.

(9)

معرفة أنواع علم الحديث: 323.

(10)

الجامع لأخلاق الراوي 2/ 34.

ص: 217

والصَّحابةُ (1) رضي الله / 214 أ / عنهم أربابُ اللسانِ وأعلمُ الخلقِ بمعاني الكلامِ، فلم يكونُوا يقولونَ ذلكَ إلَاّ تَخَوُّفاً من الزللِ؛ لمعرفتهم بما في الروايةِ على المعنى من الخَطَرِ)) (2).

قوله: (على الشكِّ)(3) عبارة ابن الصلاح: ((وإذا اشْتَبَهَ على القارىءِ فيما يَقْرَؤهُ لفظةٌ: يقرؤها (4) على وجهٍ يَشُكُّ فيهِ)) (5).

قوله: (في روايةِ)(6) هو مضافٌ إلى (صوابِها)(7)، أي: في أنْ يرويَها على الصَّوابِ عندَ تحقُّقِ ذلكَ.

قولهُ: (بَيَّنَّاهُ قريباً)(8)، أي: في شرحِ قولهِ: ((الروايةُ منَ الأصلِ)).

(1) نقل عن ابن عمر: عدم تجويز الرواية بالمعنى، ونقل عن عبد الله بن مسعود، وأبي الدرداء: أنَّهم كانوا يحتاطون فيقولون بعد الحديث ((كما قال))، أو ((نحو هذا)).

انظر: الكامل 1/ 94، وجامع بيان العلم 1/ 79، والكفاية: 205 هـ، وشرح التبصرة والتذكرة 1/ 508 - 509.

(2)

قال البلقيني في " محاسن الاصطلاح ": 333: ((ليس في النقل عن هؤلاء أنهم جوَّزوا نقل الحديث بالمعنى كما فهمه بعض من لا يصح فهمه)).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 509.

(4)

في المعرفة: ((فَقَرَأَها)).

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 323.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 509، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 323.

(7)

انظر ما سبق.

(8)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 509، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 323.

ص: 218