المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(التسميع بقراءة اللحان والمصحف) - النكت الوفية بما في شرح الألفية - جـ ٢

[برهان الدين البقاعي]

الفصل: ‌(التسميع بقراءة اللحان والمصحف)

التسميعُ بقراءةِ اللحَّانِ (1) والمصحِّفِ (2)

قولُهُ: ‌

(التَّسميعُ بقراءةِ اللحَّانِ والمصحِّفِ)

(3)، أي: إيجادُ الإسماعِ أو السماعِ / 215 أ / بقراءةِ اللحانِ، وهوَ مَن يُخطئُ بحالِ قراءتهِ صوابَ الإعرابِ إمّا بكونهِ لا يعرفُ العربيةَ، أو بكونهِ لا يقيمُ لسانَهُ وقتَ القراءةِ على الصوابِ، وإنْ كانَ يعرفُ النحوَ (4).

(1) قال ابن فارس: ((اللّحْنُ - بسكون الحاء - إمالة الكلام عن جهته الصحيحة في العربية، يقال: لحن لحناً

)). مقاييس اللغة مادة (لحن).

وفي الصحاح مادة (لحن): ((اللحن: الخطأ في الإعراب، يقال: فلان لحان ولحانة، أي: كثير الخطأ)).

وانظر: فتح المغيث بحكم اللحن في الحديث: 22.

(2)

التصحيف: هو تغيير حرف أو حروف من الكلمة بالنسبة إلى النقط مع بقاء صورة الخط. شرح شرح نخبة الفكر: 488 - 489 بتصرف، وقال الجعبري: هو تغيير اللفظ أو المعنى.

رسوم التحديث في علوم الحديث: 92.

وانظر في المصحف:

معرفة علوم الحديث: 146 - 152، ومعرفة أنواع علم الحديث: 383، والإرشاد 2/ 566 - 570، والتقريب: 158 - 159، واختصار علوم الحديث 2/ 470 وبتحقيقي: 232، والشذا الفياح 2/ 467 - 470، والمقنع 2/ 469 - 479، ومحاسن الاصطلاح: 233، وتنقيح الأنظار: 257، ونزهة النظر: 77، وفتح المغيث 3/ 67 - 74، وتدريب الراوي 2/ 193 - 195، وشرح السيوطي على ألفية العراقي: 279، وفتح الباقي 2/ 174، واليواقيت والدرر 2/ 104، وتوضيح الأفكار 2/ 419 - 422، وظفر الأماني: 282 - 287، والموجز في مصطلح الحديث: 130، وأثر اختلاف الأسانيد والمتون في اختلاف الفقهاء: 552 - 553.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 511.

(4)

انظر: فتح المغيث بحكم اللحن في الحديث: 26 - 31.

ص: 224

والمصحِّفُ: مَن يخطئُ بغيرِ اللحنِ، بلْ بتبديلِ بعضِ الحروفِ، مثل: أنْ يجعلَ الجيمَ في ((أجمدَ)) حاءً مهملةً، وزايَ البزارِ مهملةً، هكذا هو في الاصطلاحِ.

وإنْ كانَ في اللغةِ أعمُّ.

قالَ في " القاموسِ "(1): ((الصَّحَفِيُّ مُحرَّكةً: مَنْ يُخطئُ في قِرَاءةِ الصَّحِيفةِ. والتَّصحيفُ: الخَطَأُ في الصَّحيفةِ)).

وقالَ الصغانيُّ في " مجمعِ البحرينِ "(2): ((وقولُ العامةِ: صُحُفي بضمَّتينِ لحنٌ، والنسبةُ إلى الجمعِ نسبةٌ إلى الواحدِ؛ لأنَّ الغرضَ الدلالةُ على الجنسِ، والواحدُ يَكفي. وأمَّا ما كانَ علماً ((كأنماريٍّ)) و ((كلابيٍّ)) و ((معافريٍّ)) و ((مدائنيٍّ)) فإنَّهُ لا يرد وكذا ما كان جارياً مجرى العَلَمِ ((كأنصاريٍّ)) و ((أعرابيٍّ))

)).

وقال أبو عبيد الله (3) القزَّاز (4) في ديوانهِ " الجامعِ "(5): ((وَقولُهم صحَّفَ

(1) انظر: القاموس المحيط مادة (صحف).

(2)

هو كتاب في اللغة في اثني عشر مجلداً للإمام حسن بن محمد الصغاني المتوفي سنة (650 هـ).

انظر: كشف الظنون 2/ 1599.

(3)

في مصادر ترجمته: ((عبد الله)).

(4)

هو إمام الأدب أبو عبد الله محمد بن جعفر التميمي القيرواني النحوي القزاز، كان مهيباً عالي المكانة لا يخوض إلاّ في علم دين أو دنيا. توفي سنة (412 هـ).

انظر: وفيات الأعيان 2/ 406 (652)، وسير أعلام النبلاء 17/ 326، ومعجم الأدباء 18/ 105.

(5)

قال عنه الذهبي: ((وهو من نفائس الكتب)).

وقال ابن خلكان: ((وهو من الكتب الكبار المختارة المشهورة)).

وقال ياقوت الحموي: ((وهو كتاب كبير حسن متقن يقارب كتاب التهذيب لأبي منصور الأزهري، رتبه على حروف المعجم)).

انظر: وفيات الأعيان 2/ 406 (652)، وسير أعلام النبلاء 17/ 326، ومعجم الأدباء 18/ 105.

ص: 225

فلانٌ هذا الحرفَ، وفلانٌ كثيرُ التصحيفِ، وهو مصحِّفٌ، إنما أصلُهُ قرأهُ في الصُّحُفِ ولم يسمعْهُ من العلماءِ، فهو يغلطُ فيهِ ولا يدري، فنُسبَ إلى الصحيفةِ، يعني: كما نُسب المدينيُّ إلى المدينة، وقد بان بما قاله أنّ اللغة مساوية للاصطلاح في هذا المعنى، والله أعلم)).

قوله: (رَعُفَ، فانتَهرني)(1) تبين أنَّ سيبويهَ ليسَ مخطئاً، فإنّ ضَمَّ العينِ من رَعُفَ لغةٌ، لكن قالَ في " الصحاحِ " (2):((إنها ضعيفةٌ)).

فلعلَّ حماداً أنكرَ عليهِ نطقهُ بغيرِ الفُصحَى، أو أنَّهُ لم يعرفْها، وحُكِىَ فيهِ التثليثُ عن ابنِ سيده في " المُحكم "(3)، وابنِ السيِّدِ (4)، وابنِ مالك في " مثلثيهما ".

قال المُطَرِّزَيُّ: ((والكسرُ أضعفُها)) (5).

وفي " القاموسِ "(6): (((رَعَفَ) كنَصَرَ، ومَنَعَ، وكَرُمَ وعَنِيَ، وسَمِعَ: خَرَجَ من أنِفِه الدَّمُ)).

وقالَ ابنُ القطَّاعِ في " الأفعالِ "(7): ((رَعَفَ الرجل رعْفاً سالَ دَمُهُ، والدمُ جَرَى، ورعُفَ يعني: بالضمِّ لغةٌ)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 512.

(2)

4/ 1365 (رعف).

(3)

مادة (رعف).

(4)

المثلث 2/ 30.

(5)

كلامه في " المغرب ": 191: ((وفتح العين الفصيح (وقول الحلوائي) في الشهيد لو كان

(مرعوفاً) مبني على رعف بضم الراء، وهو لحن)).

(6)

القاموس المحيط مادة (رعف).

(7)

2/ 40.

ص: 226

قولُهُ: (والتَّحرِيف)(1) هو أن تختلف الكلمةُ بهيئة النُّطقِ بالتحريكِ والإسكانِ، والصورةُ بحالها من غيرِ تقديمٍ لبعضِ الحروفِ ولا تأخُّرٍ. مثل ((حجر)) بمهملةٍ ثم جيمٍ وراءٍ مهملةٍ تارةً محركاً وتارةً / 215 ب / مضموم الأولِ ساكن الثاني.

والتصحيفُ مثله إلا أنَّ الاختلافَ فيهِ بالنقطِ لا بالضبطِ في الشكلِ.

كالمِزِّي بكسرِ الميمِ ثم زاي، والمُرّي بضمِّ الميمِ ثم راءٍ مهملةٍ. واللهُ أعلمُ.

قولُهُ: (عليه بُرْنُس وليسَ له رأسٌ)(2) وجهُ الشبهِ عدمُ المقصودِ الأعظمِ في كل منهما، فإنَّ منفعةَ البُرنُس العُظمى تغطيةُ الرأسِ وثمرة قراءةِ الحديثِ فهمُ معناهُ، وهو تابعٌ للإعرابِ أو الأجرُ المرتَّب على قراءتهِ، وهو قريبٌ على صحةِ الأداءِ ليكونَ صادقاً.

وكذا القولُ في ((الحمارِ والمخلاةِ)) (3) فإنَّ المقصودَ من تعليقِها في رأسه هو الشعيرُ.

قولُهُ: (فقلّما سَلِمَ)(4) عبارةُ ابنِ الصَّلاحِ: ((فإنَّ مَنْ حُرمَ ذلكَ، وكانَ أخذهُ وتعلُمُه من بطونِ الكتبِ، كانَ من شأنهِ التحريفُ، ولم يُفلِتْ من التبديلِ والتصحيفِ)) (5). انتهى.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 512، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 326.

(2)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 512، وهذا الأثر لشعبة أخرجه: الخطيب في " الجامع لأخلاق الراوي " 2/ 26 (1082).

(3)

أشار إلى ما رواه الخطيب في " الجامع " 2/ 26 (1083) عن حماد بن سلمة قال: ((مثل الذي يطلب الحديث ولا يعرف النحو، مثل الحمار عليه مخلاة لا شعير فيها)).

والمخلاة: ما يجعل فيه الحشيش ونحوه. الصحاح مادة (خلا).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 512، وجاء في المطبوع:((فقل ما سلم)).

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 327.

ص: 227

وَذَكَرَ ابنُ كثيرٍ في سنةِ خمسمئةٍ من " تاريخهِ "(1): ((أنَّهُ توفي فيها عبدُ الوهابِ بنُ محمدِ بنِ عبدِ الوهابِ أبو محمدٍ الشيرازيُّ الفارسيُّ وأنَّهُ سمعَ الحديثَ الكثيرَ وتفقَّهَ، وولاهُ نظامُ الملكِ تدريسَ النظاميةِ ببغدادَ، وأنَّهُ كانَ يملي أحاديثَ، وكانَ كثيرَ التصحيفِ وأنَّهُ رَوَى حديثَ: ((صلاةٌ في إثرِ صلاةٍ كتابٌ في علِّيين)) (2) فقال: ((كنار في غَلَسٍ)) (3) وقالَ: ((هو أكثرُ لإضائتِها)). انتهى.

وروينَا في جزءِ " الانتصارِ لإمامَي (4) الأمصار "(5) يعني: البخاري ومسلماً: أنَّ وكيعاً: قال: ((خلق الله للحديث رجالاً، ورجالاً لإصلاح التصحيف)).

(1) البداية والنهاية 6/ 170.

(2)

أخرجه: أحمد 5/ 263 - 264 و268، وأبو داود (558) و (1288)، والطبراني في

" الكبير "(7734) و (7735) و (7741) و (7753) و (7754) و (7755)

و (7764) وفي " الأوسط "، له (3286) وفي " مسند الشاميين "، له (878)، والبيهقي 3/ 63، والبغوي (472) من حديث أبي أمامة.

(3)

وقع في المطبوع من كتاب البداية والنهاية: ((كتاب))، لكن في طبعة التركي 16/ 199 مثل ما أثبته، وقال في الحاشية:((في (خ) و (م): كتاب في غلس، وفي (ص) كمار في عليين)).

(4)

في (ف): ((لأماني)) والمثبت من " المعجم المفهرس "، و" المجمع المؤسس ".

(5)

ذكره ابن حجر في كتابيه " المعجم المفهرس ": 160 (594)، و" المجمع المؤسس ":352.

ص: 228