المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إصلاح اللحن والخطأ - النكت الوفية بما في شرح الألفية - جـ ٢

[برهان الدين البقاعي]

الفصل: ‌إصلاح اللحن والخطأ

‌إصلاحُ اللَّحنِ والخَطَأ

قولُهُ: (إصلاحُ اللَّحْنِ وَالخَطأِ)(1) لما ذَكَرَ اللحَّانَ والمُصَحِّفَ أتبعَهُ إصلاحَ ما يحصلُ منهما.

قولُهُ: (مِنْ متنٍ)(2)، أي: وأصلحُ الإصلاحِ ما كانَ من متنٍ آخرَ قد وردَ عنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم.

قولُهُ: (أو تحريفٌ)(3) ليسَ المرادُ بهِ معناهُ الاصطلاحيَّ، بل اللغويَّ، وهو أنْ يقعَ الخطأُ في حرفٍ من الكلمةِ أعمُّ من أنْ يكونَ آخرها أو غيرَ ذلكَ. فَسَاوَى حينئذٍ الخطأَ الذي ذكرهُ في النظمُ ليكونَ مُقابلاً للَّحنِ الذي هو الخطأُ في حرفِ الإعرابِ.

قولُهُ: (يُروَى عَلى الخطأِ)(4) عِبارةُ ابنِ الصَّلاحِ (5): ((وذهبَ إلى ذلكَ مِنَ التابعينَ محمدُ بنُ سيرينَ (6)، وأبو معمرٍ عبدُ اللهِ بنُ سَخْبرةَ (7)، وهذا غُلوٌّ في مَذهبِ اتّباعِ اللَّفظِ، والمنعِ مِنَ الروايةِ / 216 أ / بالمعنى)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513.

(2)

التبصرة والتذكرة (646).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513.

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 327.

(6)

انظر: مذهبه في: العلم لأبي خيثمة (134)، والمحدّث الفاصل: 538 عقب (701)، والجامع لأخلاق الراوي (1065)، والكفاية: 186، وجامع بيان العلم 1/ 80.

(7)

سخبرة: بفتح المهملة وسكون المعجمة وفتح الموحدة. التقريب (3341)، والخلاصة:199.

وانظر: مذهبه في " المحدّث الفاصل ": 540 (707)، و" الكفاية ": 186، و" الجامع لأخلاق الراوي "(1062) و (1063)، و" جامع بيان العلم " 1/ 81.

ص: 229

قوله: (وإليه ذهب الأوزاعيُّ)(1) عبارته: ((رُوِّينا ذلك عنِ الأوزاعيِّ (2)، وابنِ المباركِ (3) وغيرِهما (4)، وهوَ مذهبُ المحصِّلينَ والعلماءِ مِنَ المحدّثينَ.

والقولُ بهِ في اللّحنِ الذي لا يختلفُ بهِ المعنى وأمثالِهِ، لازمٌ على مذهبِ تجويزِ الروايةِ بالمعنى. وقدْ سَبَقَ أنَّهُ قولُ الأكثرينَ)) (5).

وقالَ في المسألةِ التي بعدها (6): ((إذا كانَ الإصلاحُ بزيادةِ شيءٍ قدْ سَقَطَ، فإنْ لم يَكُنْ في ذلكَ مُغايرةٌ في المعنى، فالأمرُ فيهِ على مَا سَبقَ، وذلكَ كنحوِ ما رُوِيَ عَنْ مالكٍ)) (7) فَذكرَ ما يأتي عنهُ من زيادةِ الواوِ، والألفِ، والمعنى واحدٌ.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513.

(2)

مذهبه في " المحدث الفاصل ": 524 (663)، و" الكفاية ": 195، و" الجامع لأخلاق الراوي "(1069) و (1070)، و" جامع بيان العلم " 1/ 81.

(3)

مذهبه في " الكفاية ": 196، و" جامع بيان العلم " 1/ 81.

(4)

وإليه ذهب الأعمش، والشعبي، وحماد بن سلمة، ويحيى بن معين، وأحمد بن صالح، والحسين بن محمد الزعفراني، وعلي بن المديني، والقاسم بن محمد، وأبو جعفر محمد بن علي ابن الحسين.

انظر: الكفاية 194 - 197، ومحاسن الاصطلاح: 192، وفتح المغيث بحكم اللحن في الحديث:28.

(5)

معرفة أنواع علم الحديث: 327 - 328.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 329.

(7)

الأثر الذي أشار إليه أن الإمام مالكاً قيل له: ((أرأيت حديث النبي صلى الله عليه وسلم يزاد فيه الواو

والألف، والمعنى واحد؟)) فقال:((أرجو أن يكون ذلك خفيفاً)).

وهذا الأثر أخرجه: ابن عبد البر في " جامع بيان العلم وفضله " 1/ 80 - 81، و" الخطيب في الكفاية ":250.

ص: 230

قولُهُ: (لا سِيَّمَا في اللَّحْنِ الذي لا يختلفُ المعنى بهِ)(1) معناه أنَّ إصلاحَ هذا آكدُ من إصلاحِ غيرِهِ. وهذا معنى قولهِ في النظمِ: ((وَهْوَ الأَرْجَحُ)) (2)، أي: أنَّ الاصطلاحَ جائزٌ أعمُّ من أن يكون مغيراً للمعنى أو لا، وإصلاح ما لا يُغَيِّر أرجحُ.

قولُهُ: (لازمٌ)(3) فيه نظرٌ؛ لأنَّ أكثرَ ما فيهِ أنْ يتأكدَ الجوازُ؛ لأنَّ الغرضَ أنَّهُ لا يغيرُ المعنى، فردُّهُ إلى الصوابِ جائزٌ عندَ من أجازَ الروايةَ بالمعنى، وروايتهُ على ما وجدَ من اللحنِ مؤديةٌ إلى الكذبِ على رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وأمَّا اللزومُ فمن أينَ؟ لا يحصلُ الخلاصُ بأنْ يرويهِ على ما هو عليهِ، ثم يقولَ: هكذا وقعَ في روايتنا، كما سيأتي عن الإمامِ أحمدَ.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513.

(2)

التبصرة والتذكرة (643).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 513، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 328.

وقال السخاوي في " فتح المغيث " 2/ 233: ((فقوله لازم يحتمل الوجوب؛ لأنه إذا جاز التغيير في صواب اللفظ فلا يمتنع أن يجب في خطئه؛ ولكن الظاهر أنه إنما أراد مجرد إلزامهم القول به لكونه آكد، لا سيما وقد صرح الخطيب بالجواز فقال: وقد أجاز بعض العلماء أن لا يذكر الخطأ الحاصل في الكتاب إذا كان متيقناً، بل يروى على الصواب، بل كلامهم في الكفاية قد يشير إلى الاتفاق عليها؛ فإنه قال: إذا كان اللحن يحيل المعنى فلا بد من تغييره وكثير من الرواة يحرفون الكلام عن وجهه ويزيلون الخطاب عن موضعه، وليس يلزم من أخذ عمن هذه سبيله أن يحكي لفظه إذا عرف وجه الصواب، وخاصة إذا كان الحديث معروفاً، ولفظ العربية به ظاهراً معلوماً، ألا ترى أن المحدّث لو قال: ((لا يؤم المسافر المقيم)) بنصب المسافر ورفع المقيم، كان قد أحال المعنى فلا يلزم اتباع لفظه)).

انظر: الكفاية: 188.

ص: 231

ويجوزُ تأويلُهُ على أن القولَ بجوازِ الإصلاحِ في هذهِ الحالةِ لازمٌ على ذلكَ القولِ وإلا تدافعَ اللزومُ مع تفريعهِ على الجوازِ وهذا كلُّهُ في الإصلاحِ باللفظِ، وأمَّا الإصلاحُ بالكتابةِ فسيأتي الكلامُ عليهِ.

قولُهُ: (اللَّفظ المحتَمل)(1) صوابُه المختلُّ، بخاءٍ مُعجمةٍ، وإسقاطِ الميمِ معَ تشديدِ اللامِ لأنَّ المحتملَ لوجهِ صوابٍ لا يجوزُ إصلاحهُ، وكذلكَ هوَ في النُّسَخِ الصّحاحِ من " الاقتراح "(2)، وعبارتُهُ:((وسمعتُ من شيخِنا أبي محمدِ بنِ عبدِ السلامِ (3) - وكَانَ أحدَ سلاطينِ العلماءِ (4) - يَرى في هذه المسألةِ

)) إلى آخرِهِ.

ومن الغريبِ أنْ يقعَ هذا الاختلافُ في مسألةِ الروايةِ لما يقعَ فيهِ من الاختلالِ.

قولُهُ: (في الحاشِيةِ)(5) تتمةُ كلامِ ابنِ الصَّلاحِ: ((فإنَّ ذلكَ أجمعُ للمصلحةِ وأنفَى للمفسدةِ.

وقد روينا أنَّ بعضَ أصحابِ الحديثِ رُئيَ / 216 ب / في المنام وكأنه مرَّ من شفتِهِ ولسانهِ شيءٌ، فقيلَ لهُ في ذلكَ: فقالَ: ((لفظةٌ من حديثِ رسولِ اللهِ

صلى الله عليه وسلم غيرَّتُها بِرأيي فَفُعِلَ بي هذا)) (6).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 514 من كلام ابن دقيق العيد عن أبي محمد بن عبد السلام.

(2)

الاقتراح: 262.

(3)

هو الإمام العلامة عبد العزيز بن عبد السلام الدمشقي السلمي، كان عالماً مجتهداً ورعاً زاهداً، له عدة مؤلفات منها:" قواعد الأحكام في مصالح الأنام "، توفي سنة (660 هـ).

انظر: طبقات الشافعية للسبكي 8/ 209، وشذرات الذهب 5/ 301.

(4)

الذي لقبه بسلطان العلماء تلميذه ابن دقيق العيد كما في " شذرات الذهب " 5/ 301.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 514، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 328.

(6)

انظر: المقنع 1/ 379.

ص: 232

وكثيراً ما نَرى ما يتوهمُه كثيرٌ من أهلِ العلمِ [خطأ](1) - وربما غيرَّوهُ- صواباً ذا وجهٍ صحيح، وإنْ خَفِيَ استُغْرِبَ، لا سِيَّما فيما يعدونَهُ خطأً من جهةِ العربيةِ، وذلكَ لكثرةِ لُغاتِ العربِ وتشعُّبِها.

وروينا عَن عبدِ اللهِ بنِ أحمدَ بنِ حنبلٍ قالَ: ((كانَ إذا مرَّ بأبي لحنٌ فاحشٌ غيرَّه، وإذا كانَ لحناً سهلاً تَركَهُ، وقالَ: كذا قالَ الشَّيخُ)) (2).

وأخبرني بعضُ أشياخنا عمّن أخبرهُ عن الحافظِ عياضٍ (3) بما معناهُ واختصاره: ((أنَّ الذي استمرَّ عليهِ عملُ (4) أكثر الأشياخ أنْ ينقلُوا الروايةَ كما وصلتْ إليهم ولا يُغيِّرُوها في كتبهم، حتى في أحرفٍ من القرآنِ، استمرتِ الروايةُ فيها في الكُتبِ على خلافِ التلاوةِ المجمعِ عليها، ومن غيرِ أنْ يجيء ذلكَ في الشواذِّ، ومنْ ذلكَ ما وقعَ في " الصحيحينِ " و" الموطأ " وغيرها، لكنَّ أهلَ المعرفةِ منهم ينبهونَ على خطئِها عندَ السَّماعِ والقراءةِ وفي حواشي الكُتبِ، مع تقريرهم ما في الأصولِ على ما بلغَهُم.

ومنهُم من جَسرَ على تغييرِ الكُتبِ وإصلاحِها. منهم: الوليدُ بنُ هشامِ بنِ أحمدَ الكنانيُّ الوَقَّشِيُّ (5)، فإنَّهُ لكثرةِ مطالعتهِ وافتنانهِ وثقوبِ فهمهِ وحِدّةِ ذهنهِ جَسرَ على الإصلاح كثيراً، وغلطَ في أشياءَ من ذلكَ. وكذلكَ غيرُهُ ممن سلكَ مسلكَهُ.

(1) ما بين المعكوفتين لم يرد في (ف)، وأثبته من " معرفة أنواع علم الحديث ".

(2)

أخرجه: الخطيب في " الكفاية ": 187.

(3)

انظر: الإلماع: 185 - 187.

(4)

في (ف): ((على))، والمثبت من " الإلماع " و" معرفة أنواع علم الحديث ".

(5)

نسبه إلى وقّش - بالفتح وتشديد القاف - وهي مدينة بالأندلس. انظر: سير أعلام النبلاء 19/ 135، ومراصد الاطلاع 3/ 1442.

ص: 233

والأولَى سدُّ باب التغييرِ والإصلاحِ؛ لئلا يَجْسُرَ على ذلك من لا يحسن وهوَ أسلمُ مع التبيُّنِ، فيذكر ذلك عند السماعِ كما وقعَ، ثم يذكر وجهَ صوابهِ: إمَّا من جهةِ العربيةِ، وإمَّا من جهةِ الروايةِ.

وإنْ شاءَ قَرأَهُ أولاً على الصَّوابِ، ثمَّ قالَ: وقعَ عندَ شيخِنا، أو: في روايتِنا، أو: من طريقِ فلان، كذا وكذا)) (1).

ثم قالَ في الإصلاحِ بزيادةٍ (2): ((وإنْ كانَ الإصلاحُ بزيادةٍ يشتملُ على معنىً مغايرٍ لما وَقَعَ في الأصلِ، تأكّدَ فيه الحكمُ بأنّه يذكرُ ما في الأصلِ مقروناً بالتنبيهِ على ما سقطَ، ليسلمَ من معرَّةِ (3) الخطأِ، ومن أنْ يقولَ على شيخهِ ما لم يقلْ.

حدَّثَ أبو نعيمٍ الفضلُ بنُ دُكينٍ عن شيخٍ لهُ بحديثٍ قالَ فيهِ: / 217 أ / عن بُحَيْنَة، فقال أبو نعيم: إنما هو ((ابن بُحَيْنَة))، ولكنه قال: بُحَيْنَة (4).

قولُهُ: (القارئُ عليهِ)(5)، أي: على الرَّاوي.

قولُهُ: (قدْ وردَ في أحاديثَ)(6) لو قالَ: ((في حديثٍ آخرَ)) كان أحسنَ، لا يقال: إنَّ الكلامَ في الأصلحِ لا في مُطلقِ الصالحِ، ولا شكَّ أنَّهُ إذا وردَ في عدةِ أحاديثَ، يحصلُ من الوثوق بِهِ، ما لا يحصلُ لو وَرَدَ في حديثٍ واحدٍ؛ لأنَّ الإصلاحَ على مراتبَ:

أولها: ما لم تُعلمْ موافقتُهُ للفظِ حديثٍ.

(1) معرفة أنواع علم الحديث: 328 - 329.

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 330.

(3)

المعرة هي الجناية، والمسبة، والإثم، والأمر القبيح المكروه. انظر: تاج العروس مادة (معر).

(4)

أخرجه: الخطيب في " الكفاية ": 251.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 515.

(6)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 515، وانظر: معرفة أنواع علم الحديث: 329.

ص: 234

الثانية: ما وافقَ لفظَ حديثٍ واحدٍ.

الثالثة: ما وافقَ أكثر.

وهي مراتبُ متصاعدةٌ، فما وافقَ حديثاً كانَ أصلحَ مما لم يوافقْ، على أنَّا لو اجتهدنا في تأويلِ الشَّرحِ، لم نقدرْ على مثلِ ذلكَ في النظمِ فإنّ عبارتَهُ ((منْ متنٍ)) (1).

قولُهُ: (وليأتِ في الأصلِ)(2) لا يعرفُ من النظمِ، أنَّ هذا فيما ظنَّ أنَّهُ سقطَ من الأصلِ. فلو قالَ:

يَزيدُ عندَ السقطِ ما لا يكثرُ

في الأصلِ كابن حيثُ لا يُغيّرُ

لكانَ أحسنَ، وفُهمَ منهُ الحرفُ بطريقِ الأولى.

قولُهُ: (إذا كانَ الساقطُ)(3) عبارةُ ابنِ الصَّلاحِ بعدَ مسألةٍ - يعني: الآتيةَ آخر الكلامِ على هذينِ البيتينِ - ((هذا إذا كانَ شيخُهُ قدْ رواهُ [لهُ] (4) على الخطأ، فأمَّا إذا وجَدَ ذلكَ في كتابِهِ وَغَلبَ على ظنِّهِ أنَّ ذلكَ منَ الكتابِ لا مِنْ شيخِهِ، فيتَّجِه هاهنا إصلاحُ ذلكَ في كتابِهِ وفي روايتِهِ عند تحديثِهِ بِهِ معاً (5)،

ذكرَ أبو داودَ أنَّهُ قالَ لأحمدَ بنِ حنبلٍ: وجدتُ (6)

)) إلى آخره.

(1) التبصرة والتذكرة (646).

(2)

التبصرة والتذكرة (647).

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 515.

(4)

ما بين المعكوفتين زيادة من " المعرفة ".

(5)

في المعرفة: ((معه)).

(6)

بقية الأثر: ((في كتابي: ((حجاج، عن جريج، عن أبي الزبير، يجوز لي أن أصلحه: ابن جريج؟، فقال: أرجو أن يكون هذا لا بأس به)). معرفة أنواع علم الحديث: 331. والأثر أسنده الخطيب في " الكفاية ": 251.

ص: 235

قولُهُ: (يُزادُ فيهِ الواوُ والألفُ)(1) الظاهرُ أنَّ المرادَ إذا ظنَّ سقوطَ ذلكَ من الكتابِ، إمّا من الناسخِ، أو بالتجليدِ، أو الأرضةِ، أو غيرِ ذلكَ، لا بالتّشهِي.

قولُهُ في قولِهِ:

649 -

وَصَحَّحُوْا اسْتِدْرَاكَ مَا دَرَسَ في

كِتَابِهِ مِنْ غَيْرِهِ إِنْ يَعْرِفِ

يتعلقُ باستدراكٍ. و ((مِنْ بَعْضِ)) (2) بيانٌ لما دَرَسَ.

قولُهُ: (كَمَا)(3)، أي: صَحَّحُوا هذا، كما صحَّحُوا اعتمادَهُ على ما سَمعَهُ، فَخفيَ عليهِ بعضُه فلم يثبتُه كما يجبُ، فأعادهُ لهُ غيرُهُ ممن يعتمدُ حتى ثَبتَ عندهُ.

قولُهُ: (بعضُ المتنِ)(4) في التقييدِ بالبعضِ نظرٌ، فالذي ينبغي جوازُ إصلاحِ الحديثِ الكاملِ متناً وسنداً، إذا كانَ الأصلُ المصلحُ منهُ، كما ذَكَرَ في الاعتمادِ؛ لأنَّهم صرَّحوا باعتمادِ مثلهِ في المقابلةِ والروايةِ والعملِ، ولم يقيدُوا ذلكَ بالبعضِ / 217 ب /.

قولُهُ: (إذا عرفَ صحَتهُ)(5) قالَ ابنُ الصلاحِ عَقِبَهُ: ((وسكنَتْ نفسُهُ إلى أنَّ ذلكَ هوَ الساقِطُ مِنْ كِتابهِ)) (6).

قولُهُ: (ووثِقَ بصاحبِ الكتابِ)(7) وثوقَهُ من الأسبابِ التي تُعرفُ بها الصحةُ.

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 515.

(2)

التبصرة والتذكرة (650).

(3)

التبصرة والتذكرة (650).

(4)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 516.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 516.

(6)

معرفة أنواع علم الحديث: 331.

(7)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 516.

ص: 236

قولُهُ: (نُعيمُ بن حمَّادٍ)(1) قالَ ابنُ الصّلاحِ: ((فيما رُوِيَ عنْ يَحيَى بنِ معينٍ عنهُ)) (2).

قوله: (ولو بيَّنَ ذلكَ)(3) قالَ ابنُ الصلاحِ: ((في حالِ الروايةِ)) (4).

قوله: (الكُلَفِيِّ)(5) نِسبةً إلى كُلفَةَ بطنٌ من تميم، قالَهُ غيرُ واحدٍ (6).

وقالَ ابنُ حَزمٍ في " الجمهرةِ "(7): ((إنّهم من البُراجُمِ)).

(1) شرح التبصرة والتذكرة 1/ 516.

(2)

معرفة أنواع علم الحديث: 331، والأثر أخرجه: الخطيب في "الكفاية": 254.

(3)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 517، والعراقي نقله من كلام الخطيب، وانظر: كلام الخطيب في "الكفاية": 254.

(4)

معرفة أنواع علم الحديث: 331، وهذه الزيادة تتمة لكلام الخطيب.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة 1/ 517، والكُلَفي: بضم الكاف وفتح اللام وفي آخرها الفاء. انظر: الأنساب 4/ 161.

(6)

منهم: البخاري. انظر: التاريخ الكبير 2/ 317 (2649)، والأنساب 4/ 161، والإصابة 1/ 512 (1765).

ونقل ابن حجر في " الإصابة " عن خليفة أنه: من بني كلفة بن عوف بن نصر بن معاوية بن بكر بن هوازن.

وهو ما صححه ابن الأثير في " اللباب " 2/ 259.

(7)

جمهرة أنساب العرب: 222 و467.

البُراجم: - بضم الباء المنقوطة بواحدة، وسكون الراء، وضم الجيم - وهي قبيلة من بني تميم ابن مر، وذكر الكلبي في " الألقاب ": قال: إنّما سموا البراجم من بني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم وهم خمسة: عمرو، والظليم، وقيس، وكلفة، وغالب بنو حنظلة؛ لأنّه قال لهم رجل منهم يقال له حارثة بن عامر بن عمرو بن حنظلة: أيتها القبائل التي ذهب عددها تعالوا فلنجتمع فلنكن مثل براجم يدي هذه، ففعلوا فسموا البراجم. قاله السمعاني في " الأنساب " 1/ 215.

ص: 237

قالَ ابنُ مَاكُولا: ((كُلفةُ بضمِّ الكافِ وبالفاءِ، فجماعةٌ، منهم: كُلْفَةُ بنُ حنظلةَ بنِ مالكِ بنِ زيدِ مناةَ بنِ تَميم)) (1).

ولامُه ساكنة؛ لأنّه ذكر بعده ((كَلْبة))، فقال:((بفتح الكاف وبالموحدة)) (2)، ولو كانت اللام مختلفة لضبطها، وكذا نقل عن ضبط ابن الأمينِ (3) بخطّهِ في " الاستيعابِ " في ترجمةِ الحكمِ المذكورِ.

(1) الإكمال 7/ 136.

(2)

الإكمال 7/ 136، وذكر ابن الأثير في "اللباب" 2/ 259 أنّ الذي يعرفه هو بسكون اللام.

(3)

هو إبراهيم بن يحيى بن إبراهيم أبو إسحاق بن الأمين، مؤرخ أندلسي من أهل قرطبة، واسم كتابه " الإعلام بالخيرة الأعلام من أصحاب النبي عليه السلام " وهو استدراك على كتاب الاستيعاب لابن عبد البر.

انظر: الأعلام للزركلي 1/ 79.

ص: 238