الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
(ابْن القمّ)
الْحُسَيْن بن عليّ بن مُحَمَّد بن ممّويه أَبُو عبد الله الْمَعْرُوف بِابْن قمّ ولد بزبيد قَالَ الْعِمَاد الْكَاتِب هُوَ من شعراء الْقصر الْأَقْرَب عصره متقدّمٌ وَكَانَ معاصر ابْن سنانٍ الخفاجيّ أَو بعده بقريب وَكَانَ الْأَمِير المفضّل نجم الدّين أَبُو مُحَمَّد ابْن فضّال ينشدني من شعره وَذكر أنّ ابْن القمّ سمع بَيْتا لِابْنِ الخفاجيّ قد ابتكر مَعْنَاهُ وَقد أحسن صياغة مفراه وَهُوَ من الطَّوِيل
(طويت إِلَيْك الباخلين كأنني
…
سريت إِلَى شمس الضُّحى فِي الغياهب)
فَقَالَ ابْن القمّ يذكر أَنه مدح الممدوح فَأجَاز شعره وَأَجَازَهُ وفرةً
(ولمّا مدحت الهبرزيَّ بن أَحْمد
…
أجَاز وكافاني على الْمَدْح بالمدح)
(فعوّض عَن شعري بشعرٍ وَزَادَنِي
…
عطاه فَهَذَا رَأس مَالِي وَذَا ربحي)
(لفظت مُلُوك الأَرْض حَتَّى رَأَيْته
…
فَكنت كمن شقّ الظّلام إِلَى الصّبح)
قَالَ وَكَانَ أَبوهُ يشْعر أَيْضا وساد فِي أَيَّام الدَّاعِي عليّ بن محمدٍ الصّليحي
وَكتب وَلَده الْحُسَيْن هَذَا على طَرِيق ابْن مقلة وَحَكَاهُ وَكَانَ شَاعِرًا مترسلاً يكْتب عَن الحرّة وَأورد لَهُ من شعره قَوْله من الْبَسِيط
(مشهّر الْفضل إِن شمس الضُّحى احْتَجَبت
…
عَن الْعُيُون اضاء الْأُفق سودده)
(مَاتَ الْكِرَام فأحيتهم مآثره
…
كأنَّ مبعث أهل الْفضل مولده)
(لَوْلَا المخافة من أَن لَا تدوم لَهُ
…
إِرَادَة الْبَذْل أَعْطَتْ نَفسهَا يَده)
(كَأَنَّهُ خَافَ أَن ينسى السّماح فَمَا
…
يزَال مِنْهُ لَهُ درسٌ يردِّده)
مِنْهَا
(الموقدون إِذا باتو فواضل مَا
…
بَات الطِّعان بِأَيْدِيهِم يقصّده)
(بكلِّ عضبٍ تخرُّ الْهَام سَاجِدَة
…
إِذا رَأَتْهُ كأنَّ الْهَام تعبده)
وَمِنْه يمدح عبد الْوَاحِد بن بِشَارَة من الْكَامِل
(وَلَئِن ذكرت هوى الظعائن جملَة
…
فالقصد صَاحِبَة الْبَعِير الْوَاحِد)
(وكما يعدُّ الأكرمون جمَاعَة
…
وَالْوَاحد المرجوُّ عبد الْوَاحِد)
وَمِنْه من الطَّوِيل
(معاليك لَا مَا شيَّدته الْأَوَائِل
…
ومجدك لَا مَا قَالَه فِيك قَائِل)
(وَمَا السَّعد إلَاّ يمَّمت قَاصِدا
…
وَمَا النَّصر إلَاّ حَيْثُ ينزل نَازل)
(إِذا رمت صيدا فالملوك طرائدٌ
…
أمامك تسْعَى والرِّماح أجادل)
(ومذ رمت إِيرَاد العوالي تيقَّنت
…
نفوس الأعادي أنهنَّ مناهل)
(وَقد عشقت أسيافك الْهَام مِنْهُم
…
فكلُّ حسامٍ مرهف الحدِّ ناحل)
(مليكٌ يفضُّ الْجَيْش والجيش حافلٌ
…
ويخجل صوب المزن والمزن هاطل)
(سحابٌ غواديه لجينٌ وعسجدٌ
…
وَلَيْث عواديه قِنَا وقنابل)
(توقَّى الأعادي بأسه وَهُوَ باسمٌ
…
ويرجو الموالى جوده وَهُوَ صائل)
قلت أَنا وَكتب رسَالَته الْمَشْهُورَة عَنهُ إِلَى أبي حمير سبأ بن أبي السُّعُود أَحْمد بن المظفر بن عليّ الصُّليحيّ اليمانيّ بعد انْفِصَاله عَنهُ رَوَاهَا الْحَافِظ أَبُو الطَّاهِر السِّلفي عَنهُ سنة اثْنَتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخمْس مائَة والرسالة الْمَذْكُورَة كتب عبد حَضْرَة السُّلطان الأجلِّ مولَايَ ربيع المجدبين وقريع المتأدبين جلاء الملتبس وذكاء المقتبس شهَاب الْمجد الثاقب ونقيب ذَوي المناقب أَطَالَ الله بَقَاءَهُ وأدام علوَّه وارتقاءه مَا أجابت العادية المستغير ولزمت الْيَاء التصغير وَجعل رتبته فِي الأوَّليَّة وافرة السِّهام كحرف الِاسْتِفْهَام وكالمبتدأ لِأَنَّهُ وَإِن تأخَّر فِي النَّية فَإِنَّهُ مقدَّمٌ فِي النِّيَّة وَلَا زَالَت حَضرته للوفود مزدحماً وَمن الْحَوَادِث حمى حَتَّى يكون فِي الْعَلَاء بِمَنْزِلَة حرف الاستعلاء فإنَّهنَّ لحروف اللين حصونٌ وَمَا جاورهنَّ على الإمالة مصونٌ وَلَا زَالَ عدوُّه كالألف فِي أنَّ حَالهَا يخْتَلف فَتسقط فِي صلَة الْكَلَام لَا سيَّما مَعَ اللَاّم
وَلَا يكون أَولا بحالٍ وَإِن تقدمَّم همز فاستحال لِأَنَّهُ أدام الله علوَّه أحسن إليَّ ابْتِدَاء وَنشر عليَّ من فَضله رِدَاء أَرَادَ
إخفاءه فكشف خفاءه وَمن شرف الْإِحْسَان سُقُوط ذكره عَن اللِّسان)
كالمفعول رفع رفع الْفَاعِل الْكَامِل لَّما حذف من الْكَلَام ذكر الْعَامِل يهدي إِلَيْهِ سَلاما مَا الرَّوض ضاحكه النَّوض غرس وحرس وَسقي وَوُقِيَ وغيث وصيب فأحذ من كل نوء بنصيبٍ زهاه الزَّهر وسقاه النَّهر جاور الأضا فَحسن وأضا رتعت فِيهِ الْفَوْر ومرح بِهِ العصفور فطَّلع من التِّمراد وَقد ظفر بالمراد فَنظر إِلَى أقاحيه تفترُّ فِي نواحيه وَإِلَى البهار يضاحك شمس النَّهَار فَجعل يلثم من ورده خدوداً ويهصر من أغصانه قدوداً ويقتبس النَّار من الجلَّنار ويلتمس العقيق من الشَّقِيق فغرَّد ثملاً وغنَّى خَفِيفا ورملاً بأطيب من نفحته المسكيَّة وأعطر من رَائِحَته الزكيَّة مَعَ أَنِّي وَإِن أهديته فِي كلِّ أوانٍ عَن أَدَاء مَا يجب عليّ غير وأنٍ أعدُّ نَفسِي السُّكيت لَّلاحق لما يجب عليَّ من الحقِّ أثرت فَعَثَرَتْ وجهدت فَمَا أثرت فَأَنا بِحَمْد الله فِي حَال خمولٍ وقنوعٍ وجنابٍ عَن غير الْغَيْر ممنوعٍ فَارَقت المتَّج بأزل ولزمت الخمول والاعتزال سعيى الجاهد وعيشي عَيْش الزَّاهِد ببلدٍ الأديب فِيهِ غريبٌ والأريب كالمريب إِن تكلًّم استثقل وَإِن سكت استقلل مَنَازِله كبيوت العناكب ومعيشته كعجالة رَاكب فَهُوَ كَمَا قَالَ أَبُو تَمام حَيْثُ قَالَ من الْكَامِل
(أَرض الفلاحة لَو أَتَاهَا جرولٌ
…
أَعنِي الحطيئة لاغتدى حرَّاثا)
(لم آتِهَا من أيِّ بابٍ جِئْتهَا
…
إلَاّ حسبت بيوتها أحداثا)
(تصدى بهَا الأفهام بعد صقالها
…
وتردُّ ذكران الْعُقُول إِنَاثًا)
(ارضٌ خلعت اللَّهو خلعي خَاتمِي
…
فِيهَا وطلَّقت السُّرور ثَلَاثًا)
وَأما حَال عَبده بعد فِرَاقه فِي الْجلد فَمَا حَال أمِّ تسعةٍ من الْوَلَد ذكورٍ كَأَنَّهُمْ عقبان وكورٍ
اخترم مِنْهُم ثمانيةٌ فَهِيَ على التَّاسِع حانية نَادَى النذير فِي الْبَادِيَة يَا للعادية بالعادية فَلَمَّا سَمِعت الدَّاعِي وَرَأَتْ الْخَيل وَهِي سواعي جعلت تنادي وَلَدهَا الأناة الأناة وَهُوَ يناديها الْقَنَاة الْقَنَاة من الْكَامِل
(بطلٌ كأنَّ ثِيَابه فِي سَرْجه
…
يحذى نعال السِّبت لَيْسَ بتوأم)
فحين رَأَتْهُ يختال فِي غُضُون الزَّرد المضون أنشأت تَقول من المتدارك
(أشدٌ أضبط يمشي
…
بَين طرفاءٍ وغيل)
(لبسه من نسج دَاوُد
…
كضحضاح المسيل)
)
فَعرض لَهُ فِي العادية أسدٌ هصورٌ كأنَّ ذراعه مسدٌ معصورٌ من الْكَامِل
(فتطاعنا وتوافقت خيالهما
…
وَكِلَاهُمَا بَطل اللِّقاء مقنَّع)
فَلَمَّا سَمِعت صياح الرعيل برزت من الصِّرم بصبرٍ قد عيل فَسَأَلت عَن الْوَاحِد فَقيل لَهَا لحده الَّلاحد من الوافر
(فكرَّت تبتغيه فصادفته
…
على دَمه ومصرعه السِّباعا)
(عبثن بِهِ فَلم يتركن إلَاّ
…
أديماً قد تمزَّق أوكراعا)
بأشدَّ من عَبده تأسفاً وَلَا أعظم كمداً وَلَا تلهُّفاً وإنَّه ليعنِّف نَفسه دَائِما وَيَقُول لَهَا لائماً لَو فطنت لقطنت وَلَو عقلت لما انْتَقَلت وَلَو سعدت لما بَعدت فَتَقول لَهُ مجيبةً لَيْسَ كَمَا ظَنَنْت بل لَو قدمت لندمت وَلَو رجعت لما هجعت من الطَّوِيل
(يُقيم الرِّجال الموسرون بأرضهم
…
وَتَرْمِي النَّوى بالمقترين المراميا)
(وَمَا تركُوا أوطانهم عَن ملالةٍ
…
وَلَكِن حذاراً من شمات الأعاديا)
أَيهَا السَّيِّد أَمن الْعدْل والإنصاف ومحاسن الشِّيم والأوصاف إكرام المهان وإذالة جواد الرِّهان يشْبع فِي ساجوره كلب الزِّبل ويسغب فِي خيشه أَبُو الشِّبل من الْكَامِل
(للخطب والخطب البليغة أندب
…
وَإِذا يحاس الحيس يدعى جُنْدُب)
من الطَّوِيل
(إِذا حلَّ ذُو نقصٍ محلَّة فاضلٍ
…
وَأصْبح ربُّ الجاه غيروجيه)
(فإنَّ حَيَاة الْمَرْء غير شهيَّةٍ
…
إِلَيْهِ وَطعم الْمَوْت غير كريه)
أَقُول لنَفْسي الدنيَّة هبي طَال نومك واستيقظي لَا عزَّ قَوْمك أرضيت بالعطاء المنزور
وقنعت بمواعيد الزُّور يقظةً فإنَّ الجدَّ قد هجع ونجعةً فَمن أجدب انتجع أعجزت فِي الإباء عَن خلق الحرباء أدلى لِسَانا كالرشاء وتسنّم أَعلَى الْأَشْيَاء ناط هيمته بالشمس مَعَ بعْدهَا عَن اللَّمْس أنف من ضيق الوجار ففرَّخ فِي الْأَشْجَار وسام البوس فغيَّر الملبوس وَكره الْعَيْش المسخوط فاستبدل خوطاً بخوط فَهُوَ كالخطيب على الْغُصْن الرَّطيب من الطَّوِيل
(وإنَّ صَرِيح الحزم والرأي لامريءٍ
…
إِذا بلغته الشَّمس أَن يتحوَّلا)
وَقد أصحب عَبده هَذِه الأسطر شعرًا يقصر فِيهِ عَن وَاجِب الْحَمد وَإِن بنيت قافيته على المدِّ)
وَمَا يعدُّ نَفسه إِلَّا كمهدي جلد السبنيِّ الأنمر إِلَى الديباج الْأَحْمَر أَيْن درُّ الْحباب من ثغور الأحباب وَأَيْنَ الشَّرَاب من السَّراب والرَّكيُّ من الواد ذِي الموادِّ أتطلب الصَّباحة من العتم والفصاحة من الغتم غلط من رأى الْآل فِي الْبَلَد القيِّ فشبَّهه بهلهال الدَّبيقيِّ هَيْهَات أَيْن مناسج الرِّياط بسيفي تنيس ودمياط لَا أَقُول إلاّ كَمَا قَالَ الْقَائِل من الرمل
(من يساجلني يساجل ماجداً
…
يمْلَأ الدَّلو إِلَى عقد الكرب)
بل أَضَع نَفسِي فِي أقلِّ الْمَوَاضِع وَأَقُول لمولاي قَول الخاضع من الطَّوِيل
(فأسبل عَلَيْهَا ستر مَعْرُوفك الَّذِي
…
سترت بِهِ قدماً عليَّ عواري)
وَهَا هِيَ هَذِه من الْخَفِيف
(فِيك برَّحت بالعذول إباءً
…
وعصيت اللُّوًّام والنُّصحاء)
(فانثنى العاذلون أخيب مني
…
يَوْم أزمعتم الرحيل رَجَاء)
(من مجيري من فاتر الطَّرف ألمى
…
جمع النَّار خدُّه وَالْمَاء)
(فِيهِ للَّيل وَالنَّهَار صفاتٌ
…
فَلهَذَا سرَّ الْقُلُوب وساء)
(لازمٌ شِيمَة الْخلاف فَإِن لن
…
تُ قسا أَو دَنَوْت مِنْهُ تناءى)
(يَا غَرِيب الصِّفات حقَّ لمن كَا
…
ن غَرِيبا أَن يرحم الغرباء)
(حَربًا من صدوده وتجنِّي
…
هـ وإشماته بِي الْأَعْدَاء)
وَإِذا مَا كتمت مَا بَين الوجد أذاعته مقلتاي بكاء كعطايا سبا بن أَحْمد يخفيها فتزداد شهرة ونماء أريحي بهزه الْمَدْح للجود وَإِن لم تمدحه جاد ابْتِدَاء
(ألمعيٌّ يكَاد ينبيك عمَّا
…
كَانَ فِي الْغَيْب فطنةً وذكاء)
(وَإِذا أخلف السَّمَاء بأرضٍ
…
أخلفت راحتاه ذَاك السَّمَاء)
(بندىً يخجل الغيوث انهمالاً
…
وشذىً ينهل الرماح الظِّماء)
(مَا أُبَالِي إِذْ أحسن الدَّهْر فِيهِ
…
أحسن الدَّهْر بالورى أم أَسَاءَ)
(أَيهَا الطَّالِب الْغنى زره تظفر
…
بعطاء يخجِّل الأنواء)
تلق مِنْهُ الْمُهَذّب الْمَاجِد النّدب الْكَرِيم السَّميدع الأنَّاء)
إِن سَطَا أرهب الضَّراغم فِي الآجام أَو جاد بخل الكرماء
(راحةٌ فِي النَّدى تسيل نضاراً
…
وحسامٌ فِي الرَّوع يهمي دِمَاء)
شيم من ابيه أَحْمد مَا يَنْفَكّ عَنْهَا تقيُّلاً واقتفاء يَا با حميرٍ دعوتك للدهر فَكنت امْرَءًا تجيب الدُّعاء
(قد تعاطى فِي الْمجد شأوك قومٌ
…
عجزوا واحتملتبه العناء)
(فَأبى الْبُخْل أَن يَكُونُوا أماماً
…
وأبى الْجُود أَن يكون وَرَاء)
(شرفاً شامخاً ومجداً منيفاً
…
عد مَلِيًّا وَعزة قعساء)
(أَنا أَشْكُو إِلَيْك جور زمانٍ
…
دأبه أَن يعاند الأدباء)
(مَال عني بِمَا أومل فِيهِ
…
كلَّما قلت سَوف يأسو أساه)
(أهملتني صروفه فكأنِّي
…
ألف الْوَصْل ألغيت إِلْغَاء)
رهن بَيت لَو اسْتَقر بِهِ اليربوع لم يرضه قاصعاء
(نَقَصْتنِي نقص المرخَّم فِيهِ
…
خلتني فِي فَم الزَّمَان نِدَاء)
منعتني من التَّصَرُّف منع الْعِلَل التسع صرفهَا الْأَسْمَاء يَا با حميرٍ وَحُرْمَة إحسانك عِنْدِي مَا كَانَ حبي رِيَاء مَا ظَنَنْت الزَّمَان يبعدني عَنْك إِلَى أَن أُفَارِق الْأَحْيَاء غير أَنِّي فدتك نَفسِي من السوء وَإِن قلَّ أَن تكون فدَاء ضَاعَ سعيي وخبت خابت أعاديك وَمن يَبْتَغِي لَك الأسواء
(واحتملت الحرمان والنَّقص والإب
…
عَاد والذُّلَّ والعنا والجفاء)