الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كم قد دعت وَهِي فِي أسر العدى زَمنا
…
صيد الْمُلُوك فَلم تسمع وَلم تجب)
(أتيتها يَا صَلَاح الدّين مُعْتَقدًا
…
بأنَّ دَاعِي صَلَاح الدّين لن يخب)
(أسلت فِيهَا كَمَا سَالَتْ دِمَاؤُهُمْ
…
من قبل إحرازها بحراً من الذَّهَب)
(أدْركْت ثأر صَلَاح الدّين إِذْ غصبت
…
مِنْهُ لسرٍّ طواه الله فِي اللَّقب)
(وجئتها بجيوشٍ كالسيول على
…
أَمْثَالهَا بَين آجامٍ من القضب)
(وحطتها بالمجانيق الَّتِي وقفت
…
إزاء جدرانها فِي جحفلٍ لجب)
(مَرْفُوعَة نصبوا أضعافها فغدا
…
للكسر والحطم مِنْهَا كلُّ منتصب)
(ورضتها بنقوبٍ ذلَّلت شمماً
…
مِنْهَا وأبدت محيّاها بِلَا تَعب)
(وغنَّت الْبيض فِي الْأَعْنَاق فارتقصت
…
أبراجها لعباً مِنْهُنَّ باللُّعب)
(وخلَّقت بِالدَّمِ الأسوار فانفغمت
…
طيبا وَلَوْلَا دِمَاء الْخبث لم تطب)
(وأبرزت كلَّ خودٍ كاعبٍ نثرت
…
رؤوسهم حِين زفوها بِلَا طربٍ)
(باتت وَقد جاورتنا ناشزاً وغدت
…
طوع الْهوى فِي يَدي جِيرَانهَا الْجنب)
(بل أحرزتهم وَلَكِن للسيوف لكَي
…
لَا يلتجي أحدٌ مِنْهُم إِلَى الْهَرَب)
(وجالت النَّار فِي أرجائها وعلت
…
فأطفأت مَا بصدر الدّين من كرب)
(أضحت أَبَا لهبٍ تِلْكَ البروج وَقد
…
كَانَت بتعليقها حمَّالة الْحَطب)
(وأفلت الْبَحْر مِنْهُم من يخبِّر من
…
يلقاه من قومه بِالْوَيْلِ وَالْحَرب)
(وتمَّت النِّعْمَة الْعُظْمَى وَقد كملت
…
بِفَتْح صور بِلَا حصرٍ وَلَا نصب)
(أختَان فِي أنّ كلا مِنْهُمَا جمعت
…
صليبة الْكفْر لَا أختَان فِي النّسَب)
(لما رَأَتْ أُخْتهَا بالْأَمْس قد خربَتْ
…
كَانَ الخراب لَهَا أعدى من الجرب)
(الله أَعْطَاك ملك الْبَحْر إِذْ جمعت
…
لَك السَّعَادَة ملك الْبر وَالْعرب)
(من كَانَ مبدأه عكا وصور مَعًا
…
فالصين أدنى إِلَى كفِّيه من حلب)
)
(علا بك الْملك حَتَّى أَن قبَّته
…
على البرايا غَدَتْ ممدودة الطنب)
(فَلَا بَرحت قرير الْعين مبتهجاً
…
بكلِّ فتحٍ مُبين الْمنح مرتقب)
3 -
(الشَّيْخ صَلَاح الدّين العلائي الشّافعي)
خَلِيل بن كيكلدي الشَّيْخ الإِمَام العلاّمة
الْحَافِظ المحدّث الْفَقِيه الأصولي الأديب صَلَاح الدّين بن العلائي الدِّمَشْقِي الشّافعي ولد فِي أحد الربيعين سنة أَربع وَتِسْعين وستّ مائَة أول سَمَاعه صَحِيح مُسلم سنة ثلاثٍ وَسبع مائةٍ على الشَّيْخ شرف الدّين الْفَزارِيّ خطيب دمشق عَن الْمَشَايِخ الْأَرْبَعَة عشر وفيهَا كمَّل عَلَيْهِ ختم الْقُرْآن الْعَظِيم ثمَّ إِنَّه سمع البخاريّ على ابْن مشرّف سنة أَربع وَسبع مائَة وفيهَا ابْتَدَأَ بِقِرَاءَة الْعَرَبيَّة وَغَيرهَا على الشَّيْخ نجم الدّين القحفازي وَالْفِقْه والفرائض على الشَّيْخ زكيّ الدّين زكري ثمَّ إِنَّه جدَّ فِي طلب الحَدِيث سنة عشر وَسبع مائَة وَقَرَأَ بِنَفسِهِ على القَاضِي تقيّ الدّين سُلَيْمَان الْحَنْبَلِيّ الْكثير وعَلى أبي بكر بن عبد الدَّائِم وَعِيسَى المطعِّم وَإِسْمَاعِيل بن مَكْتُوم وَعبد الْأَحَد بن تيميَّة وَالقَاسِم بن عَسَاكِر وَابْن عَمه إِسْمَاعِيل وَهَذِه الطَّبَقَة وَمن بعْدهَا وشيوخه بالسّماع نَحْو سبع مائَة شيخ وَمن مسموعاته الْكتب السِّتَّة وغالب دواوين الحَدِيث وَقد علَّق ذَلِك فِي مُجَلد سَمَّاهُ إثارة الْفَوَائِد الْمَجْمُوعَة فِي الْإِشَارَة إِلَى الفرائد المسموعة وَمن تصانيفه أَيْضا كتاب النّفحات القدسية فِي مُجَلد كَبِير يشْتَمل على تَفْسِير آيَات وَشرح أَحَادِيث ذكره مواعيد حفظا بِالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَكتاب الْأَرْبَعين فِي أَعمال الْمُتَّقِينَ فِي سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا وَكتاب تحفة الرائض بعلوم آيَات الْفَرَائِض وبرهان التّيسير فِي عنوان التَّفْسِير وإحكام العنوان لأحكام الْقُرْآن ونزهة السَّفرة فِي تَفْسِير خَوَاتِيم سُورَة الْبَقَرَة والمباحث المختارة فِي تَفْسِير آيَة الدِّية والكفَّارة ونظم الفرائد لما تضمَّنه حَدِيث ذِي الْيَدَيْنِ من الْفَوَائِد وَتَحْقِيق المُرَاد فِي أنّ النَّهْي يَقْتَضِي الْفساد وتفصيل الْإِجْمَال فِي تعَارض الْأَقْوَال وَالْأَفْعَال وَتَحْقِيق الْكَلَام فِي نيَّة الصِّيام وشفاء المسترشدين فِي حكم اخْتِلَاف الْمُجْتَهدين وَرفع الِاشْتِبَاه عَن أَحْكَام الْإِكْرَاه وَغير ذَلِك
وَمن تصانيفه ممَّا لم يتمّ إِلَى يومئذٍ كتاب نِهَايَة الإحكام لدراية الْأَحْكَام وَكتاب الْأَرْبَعين الْكُبْرَى يَقع كل حَدِيث مِنْهَا بِطرقِهِ وَالْكَلَام عَلَيْهِ فِي مُجَلد وَله التعليقات الْأَرْبَع الْكُبْرَى وَالْوُسْطَى وَالصُّغْرَى والمصرية فِي اثْنَي عشر مجلداً وَمن الْأَجْزَاء الحديثية مَا يطول ذكره
وخرّج للْقَاضِي تَقِيّ الدّين وَجَمَاعَة من الشُّيُوخ وَكَانَ أَولا يعاني الجندية ثمَّ إِنَّه فِي سنّ خمس)
عشرَة وَسبع ماية عاود الِاشْتِغَال بالفقه والأصولين وَغير ذَلِك فحفظ التَّنْبِيه ومختصر ابْن الْحَاجِب ومقدمتيه فِي النَّحْو والتصريف ولباب الْأَرْبَعين فِي أصُول الدّين لسراج الدّين
الأرموي وَكتاب الْإِلْمَام فِي الْأَحْكَام وعلَّق عَلَيْهِ حَوَاشِي ثمَّ إِنَّه رَحل صُحْبَة الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزّملكاني إِلَى زِيَارَة الْقُدس سنة سبع عشرَة وَسبع مائَة وَسمع من زَيْنَب ابْنة سكن وَغَيرهَا ولازم الشَّيْخ كَمَال الدّين الْمَذْكُور سفرا وحضراً وعلق عَنهُ كثيرا وَحج مَعَه سنة عشْرين وَسبع مائَة وَسمع بِمَكَّة من الشَّيْخ رَضِي الدّين الطَّبري ولازم الْقِرَاءَة على الشَّيْخ برهَان الدّين الْفَزارِيّ فِي الْفِقْه وَالْأُصُول مُدَّة سِنِين وخرّج لَهُ مشيخةً وَغَيرهَا وَولي تدريس الحَدِيث بالناصرية سنة ثَمَان عشرَة وَسبع مائَة ثمَّ إِنَّه درَّس بالأسدية سنة ثلاثٍ وَعشْرين وَسبع مائَة وَأفْتى بِإِذن الشَّيْخ كَمَال الدّين بن الزملكاني وقاضي الْقُضَاة سنة أَربع وَعشْرين وَسبع مائَة ثمَّ درّس بِحَلقَة صَاحب حمص سنة ثمانٍ وَعشْرين وَسبع مائَة ثمَّ انْتقل إِلَى تدريس الْمدرسَة الصلاحية بالقدس سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَأقَام بِهِ إِلَى يومئذٍ وتولّى مشيخة دَار الحَدِيث السيفية بالقدس اجْتمعت بِهِ غير مرةٍ بِدِمَشْق والقدس والقاهرة وَأخذت من فَوَائده فِي كل علمٍ وَقل أَن رَأَيْت مثله فِي تَحْقِيق مَا يَقُوله وتدقيقه ونقلت من خطله خطْبَة أَنْشَأَهَا لدرس دَار الحَدِيث بِحَلقَة صَاحب حمص وَهِي الْحَمد لله الَّذِي رفع متن الْعلمَاء وَجعل لَهُم من لَدنه سنداً وَأبقى حَدِيثهمْ الْحسن على الْإِمْلَاء أبدا وأمدَّهم بمتابعات كرمه الْمَشْهُور فوصل مَا كَانَ مَقْطُوعًا وأعزّ مَا كَانَ مُفردا وَحمى ضَعِيف قُلُوبهم من الِاضْطِرَاب حَتَّى غَدَتْ ثَابِتَة الأفكار وعدَّل مَوَازِين نظرهم حِين رجحت بفضلهم البيِّن بشواهد الِاعْتِبَار وأنجز لَهُم من صَادِق وعده علوّ قدرهم الْمَرْفُوع وأطاب بألسنة الأقلام وأفواه المحابر مشافهة ثنائهم المسموع وَجعل شرفهم مَوْقُوفا عَلَيْهِم وَشرف من عاداهم من جملَة الْمَوْضُوع أَحْمَده على حَدِيث نعمه الْحسن المتّصل المتسلسل وتواتر مننه الَّتِي يدْفع بهَا تَدْلِيس كل أَمر معضل ومزيد كرمه الَّذِي عَم الْمُخْتَلف والمؤتلف فَلَا يَنْقَطِع وَلَا يُوقف على أَن يعلَّل وَأشْهد أَن لَا إِلَيْهِ إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ شَهَادَة أتخذها لمنتقى الْخَيْر منهجاً وآنس بهَا يَوْم أمسي فِي جَانب اللَّحد غَرِيبا وَفِي طيِّ الأكفان مدرجاً
وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله أفْصح من جَاءَ عَن ربه مُرْسلا وأنصح من خَاطب بوحيه حَتَّى أَمْسَى جَانب الشّرك متروكاً مهملاً الَّذِي رمى قُلُوب الْأَعْدَاء وجسومهم بالتجريح)
وطاعن بالعوالي حَتَّى استقام وَقَوي متن الدّين الصَّحِيح صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَأَصْحَابه الَّذين أبادوا الْمُنكر وأربى على الْمُتَّفق والمفترق سنا مجدهم الْأَكْبَر صَلَاة مُعْتَبرَة الْإِيرَاد دَالَّة على أَنهم فِي فضل الدُّنْيَا وَالْآخِرَة نعم السّادة الْأَفْرَاد
وَكتب إليّ من الْقُدس الشريف فَكتبت الْجَواب إِلَيْهِ عَن ذَلِك من الطَّوِيل
(أَتَانِي كتابٌ مَا ظَفرت بندّه
…
لِأَن نسيم الرَّوض طَابَ بندّه)
(وحلَّ فحلَّ ناظريَّ ومسمعي
…
بلفظٍ يفوق الدرَّ فِي نظم عقده)
(وَأهْدى إِلَى قلبِي هدوّاً فقدته
…
وأطفأ من جمر الحشا حرَّ وقده)
(وَمَا كنت أَرْجُو والحشا تلفت ظماً
…
على نجل دهري أَن أفوز بورده)
(فقبَّلت من شوقي شفَاه سطوره
…
شفاهاً فروَّى غلَّتي طيب برده)
(وبتُّ أُنَاجِي فِيهِ إخلاص باطني
…
وأتلو لما قد ضمَّ سُورَة حَمده)
(فَإِن قلت روضٌ كَانَ فِي ذَا محاسنٌ
…
سوى مَا لروض الْحزن من نفح ورده)
(وَإِن قلت أفقٌ زَاد هَذَا بِأَنَّهُ
…
بِهِ كلُّ نجمٍ حلَّ فِي أوج سعده)
(بعثت بِهِ جبرا لكسرٍ أصابني
…
وَمَا كلُّ مولى يَشْتَهِي جبر عَبده)
(وحقَّقت أَن الودَّ مِنْك مؤكَّدٌ
…
جزى الله مَوْلَانَا على حسن قَصده)
(أَقمت على عهد الصَّفاء وَلم تخن
…
وَمثلك من يرْعَى مواثيق عَهده)
(جفاني أخلاّئي الَّذين ألفتهم
…
وَأَنت خَلِيل سرَّتي حفظ ودِّه)
(إِلَيْك صَلَاح الدّين أهدي على النَّوى
…
تَحِيَّة صبٍّ ضَاقَ صَدرا لبعده)
(فَإِن كَانَ يلقاك النسيم معنبراً
…
فإنّ سلامي فِيهِ فاسمح بردّه)
وكتبت إِلَيْهِ وَقد ورد من الْقُدس الشريف إِلَى دمشق فِي سنة تسعٍ وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة من الوافر
(أتيت إِلَى دمشق وَقد تشكَّت
…
إِلَيْك لطول بعدٍ وانتزاح)
(وَكَانَت بعد بعْدك فِي فسادٍ
…
وَجئْت لَهَا ففازت بالصلاح)
وَقد أجَاز لي كل مَا يجوز لَهُ تسميعه وَيكْتب فِي الاستدعاء بَيْتا مُفردا حسنا وَهُوَ من الطَّوِيل
(أجازهم المسؤول فِيهِ بِشَرْطِهِ
…
خَلِيل بن كيكلدي العلائي كَاتبه)
وَهُوَ مثل مَا أكتب أَنا أَيْضا من المنسرح)
(أجَاز للسّائلين مَا سَأَلُوا
…
فِيهِ خَلِيل بن أيبك الصّفدي)
وَكتب هُوَ إليّ لغزاً فِي قفل نظماً ونثراً مطوّلاً وأجبته عَنهُ بِمثلِهِ وَقد سقت الأَصْل وَالْجَوَاب فِي كتابي ألحان السَّواجع بَين البادي والراجع وكتبت لَهُ عدَّة تواقيع بتدريس الْمدرسَة الصلاحية بالقدس الشريف مِنْهَا مَا كتبته لَهُ عَن السّلطان الْملك الصَّالح إِسْمَاعِيل ابْن الْملك النَّاصِر فِي سنة خمسٍ وَأَرْبَعين وَسبع مائَة لما كنت بِالْقَاهِرَةِ وَلم تحضرني نسخته عِنْد تَعْلِيق هَذِه التَّرْجَمَة وَمِنْهَا أول توقيع كتبته لَهُ بِدِمَشْق سنة إِحْدَى وَثَلَاثِينَ وَسبع مائَة وَهُوَ رسم بِالْأَمر العالي لَا زَالَت أوامره المطاعة تهدي إِلَى الْأَمَاكِن الشَّرِيفَة صلاحاً وترفع قدر من إِذا خطا فِي طلب الْعلم الشريف تضع لَهُ الْمَلَائِكَة جنَاحا أَن يرتب الْمجْلس السَّامِي الْفُلَانِيّ مدرساً بِالْمَدْرَسَةِ الصلاحية بالقدس الشريف أثاب الله واقفها لما اتّصف بِهِ من الْعُلُوم الَّتِي أتقنها حفظا وطرَّز بإيرادها المحافل فراقت فِي الْقُلُوب معنى وَفِي الأسماع لفظا فَهُوَ الحبر الَّذِي يفوق الْبَحْر بغزارة موادّه والعالم الَّذِي أصبح دم الشُّهَدَاء بأزاء مداده إِن نقل حكما فَمَا الْمُزنِيّ إِلَّا قَطْرَة فِي هتانه أَو رجَّح قولا فَمَا ابْن سريجٍ إِذا جاراه من خيل ميدانه أَو نَاظر خصما فَمَا ابْن الْخَطِيب مِمَّن يعد فِي أقرانه أَو استدلّ محتجَاً فَمَا يقطع السَّيْف إِلَّا بدليله وبرهانه فالماوردي حاوي مناقبه وَذكره وَأَبُو إِسْحَق صَاحب التَّنْبِيه على رفْعَة قدره وَمحله قد أضحت بِهِ وُجُوه