الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الخصيب أَبُو الْعَلَاء التّميمي الْمُجَاشِعِي كَانَ أَبوهُ بصرياً سمع أَحْمد بن مُحَمَّد بن النقور وَغَيره وحدّث باليسير وروى عَنهُ الْحَافِظ ابْن عَسَاكِر وَأَبُو سعد ابْن السّمعاني وَكَانَ أديباً فَاضلا شَاعِرًا توفّي سنة إِحْدَى وَأَرْبَعين وَخمْس مائَة وَكَانَ شِيعِيًّا غالياً وَمن شعره من الطَّوِيل
(أَقْْضِي زماني باللتيا وبالتي
…
وَمن دون إِدْرَاك المنى حادثٌ يقْضِي)
(وأمزج من كأس المطامع والمنى
…
مجاجة سمٍّ من خلاصته مَحْض)
(وأغضي على حرمَان راجٍ يزورني
…
بوعدٍ وَلَو شَاءَ الْغنى لي لم أَغضّ)
3 -
(الطّيب النّصرانيّ)
الخصيب كَانَ طَبِيبا نَصْرَانِيّا فَاضلا مقَامه بِالْبَصْرَةِ وَكَانَ ماهراً فِي صناعته جيّد المعالجة
قَالَ مُحَمَّد بن سلاّم الجُمَحِي مرض الحكم بن مُحَمَّد بن قنبر الْمَازِني الشَّاعِر الْبَصْرِيّ فَأتوهُ بخصيب الطّيب يعالجه فَقَالَ من مجزوء الرمل
(وَلَقَد قلت لأهلي
…
إِذْ أَتَوْنِي بخصيب)
(لَيْسَ وَالله خصيبٌ
…
للّذي بن بطبيب)
(إنمّا يعرف دائي
…
من بِهِ مثل الَّذِي بِي)
)
وحدَّث أَيْضا قَالَ سقى خصيب الطَّبِيب مُحَمَّد بن أبي الْعَبَّاس السّفاح شربة دَوَاء وَهُوَ على الْبَصْرَة فَمَرض بهَا وَحمل إِلَى بَغْدَاد وَمَات بهَا وَذَلِكَ أول سنة خمسين وَمِائَة فاتُّهم خصيب فحبس حَتَّى مَاتَ فَنظر فِي علّته إِلَى مَائه فَقَالَ قَالَ جالينوس إنَّ صَاحب هَذِه العلَّة إِذا صَار مَاؤُهُ هَكَذَا لَا يعِيش فَقيل لَهُ أنَّ جالينوس ربّما أَخطَأ فَقَالَ مَا كنت إِلَى خطائه قطُّ أحْوج مني غليه فِي هَذَا الْوَقْت وَمَات من علّته
3 -
(صَاحب الْخراج بِمصْر)
الخصيب بن عبد الحميد أَبُو نصر صَاحب ديوَان الْخراج بِمصْر قَصده أَبُو فراس من بَغْدَاد وامتدحه بقصيدته الرّائيّة الْمَشْهُورَة الَّتِي أوّلها من الطَّوِيل
(أجارة بيتينا أَبوك غيور
…
وميسور مَا يُرْجَى لديك عسير)
مِنْهَا
(ذَرِينِي أكثِّر حاسديك برحلةٍ
…
إِلَى بلدٍ فِيهِ الخصيب أَمِير)
(فَمَا جازه جودٌ وَلَا حلَّ دونه
…
وَلَكِن يصير الْجُود حَيْثُ يصير)
(فَتى يَشْتَرِي حسن الثَّنَاء بِمَالِه
…
وَيعلم أَن الدّائرات تَدور)
(فَمن كَانَ أَمْسَى جَاهِلا بمقالتي
…
فَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ خَبِير)
وَقد اشتهرت هَذِه الأبيات وَهَذِه القصيدة وَأَشَارَ النَّاس إِلَيْهَا وعارضها الشّعراء وضمَّنوا من أبياتها فِي أشعارهم وَمِمَّنْ عارضها ابْن درّاج القسطلِّي بقصيدة طائلة هائلة وأولها من الطَّوِيل
(دعِي عَزمَات المستضام تنير
…
فتنجد فِي عرض الفلا وتغور)
وَهِي قصيدة بليغة فصيحة وَقد ذكرت بَعْضهَا فِي تَرْجَمَة ابْن درّاج فِي مَكَانَهُ واسْمه أَحْمد بن مُحَمَّد بن الْعَاصِ وَلما قلّد الرشيد هرون الخصيب خراج مصر وضياعها توجَّه إِلَى مصر وَلما اسْتَقر بهَا كتب إِلَى أبي نواس يستزيره وَكَانَ بِهِ خاصّاً فَخرج إِلَيْهِ وَخرج وَقت خُرُوجه جمَاعَة من الشُّعَرَاء ليمتدحوه وَلم يعرفوا خُرُوج أبي نواس واجتمعوا بالرقَّة فَقَالَ بَعضهم لبَعض هَذَا أَبُو نواس يمْضِي إِلَى الخصيب وَلَا فضل فِيهِ لأحدٍ مَعَه فاجعوا من قريب وَبلغ ذَلِك أَبَا نواس فَصَارَ إِلَيْهِم مسلِّماً وَقَالَ بَلغنِي مَا عزتم عَلَيْهِ فَلَا تَفعلُوا وامضوا حَتَّى نصطحب فَإِنِّي وَالله لَا أبدأ إلاّ بكم فشكروا لَهُ وَسَكنُوا إِلَى قَوْله ومضوا فَلَمَّا قدمُوا)
مصر وَبلغ الخصيب خبر أبي نواس جلس لَهُ جُلُوسًا عَاما فِي مجلسٍ جليل وَدخل إِلَيْهِ الشُّعَرَاء فسلّم عَلَيْهِ وَقَالَ من الرجز قد استزرت عصبَة قد أَقبلُوا وعصبةٌ لم تستزرهم طفَّلوا رجوك فِي تطفيلهم وأمَّلوا وللرّجاء حرمةٌ لَا تجْهَل فافعل كَمَا كنت قَدِيما تفعل فَاسْتحْسن الخصيب ذَلِك وكل من حَضَره وَقَالَ الخصيب من هَؤُلَاءِ فعرَّفه أَبُو نواس خبرهم فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ وقدِّرلهم صلَاتهم على حسب مقاديرهم فِي نَفسك فقدَّر لَهُم أَبُو نواس صلَاتهم وعرضها عَلَيْهِ فوقَّع بإطلاقها فأطلقت من وَقتهَا وَقَالَ اخْرُج ففرِّقها عَلَيْهِم وَعَاد إِلَى الخصيب فَقَالَ لَهُ اجْلِسْ حَتَّى اتفرَّغ لَك وللأنس بك وَفِيه يَقُول من الْكَامِل
(أَنْت الخصيب وَهَذِه مصر
…
فتدفّقا فكلماكما بَحر)
(لَا تقعدا بِي عَن مدى أملي
…
شَيْئا فَمَا لَكمَا بِهِ عذر)
(ويحقُّ لي إِذْ صرت بَيْنكُمَا
…
أَن لَا يحلَّ بساحتي فقر)
وزار الخصيب رجل وَهُوَ يَلِي مصر مستميحاً فحرمه وَانْصَرف فَأَخذه أَبُو الندّى اللص وَكَانَ يقطع الطَّرِيق فَقَالَ لَهُ هَات مَا أَعْطَاك الخصيب فَقَالَ لم يُعْطِنِي شَيْئا فَضَربهُ مِائَتي مقرعة يقرّره على مَا ظن أَنه ستره عَنهُ ثمَّ قدم على الخصيب آخر فحرمه فَقَالَ لَهُ جعلت فدَاك تكْتب