الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الصَّغِيرَة وَلما وَلِيَ القَاضِي شمس الدّين أَحْمد بن خلكان وفُوض إِلَيْهِ أَمر الْأَوْقَاف جَمِيعهَا طلب الحُسبانات من أَرْبَابهَا وَمن شرف الدّين هَذَا عَن وقف الْمدرسَة فَعمل لَهُ الْحساب وَكتب وُريقةً فِيهَا
(وَلم أعمَل لمخلوقٍ حِساباً
…
وَهَا أَنا قد عملت لَك الحسابا)
فَقَالَ لَهُ القَاضِي خُذ أوراقك وَلَا تعْمل لنا حسابا وَلَا نعمل لَك وَكَانَ لَهُ خُلق حادّ وَفِيه تسرّعٌ وَهُوَ أَخُو تَاج الدّين
3 -
(ابْن بُصاقة الْحَنَفِيّ)
نصر الله بن هِبة الله بن أبي مُحَمَّد بن عبد الْبَاقِي فَخر الْقُضَاة أَبُو الْفَتْح بن بصاقة الغِفاري الْمصْرِيّ الْحَنَفِيّ الناصري الْكَاتِب شاعرٌ كاتبٌ ماهرٌ كَانَ خصيصاً بالمعظّم عِيسَى ثمَّ بِابْنِهِ النَّاصِر دَاوُد توجه مَعَه إِلَى بَغْدَاد وُلد بقوص سنة تسع وَسبعين وَخَمْسمِائة وَتُوفِّي سنة خمسين وسِتمِائَة بِدِمَشْق وَقد تقدم فِي تَرْجَمَة النَّاصِر دَاوُد مَا كتبه على أَبْيَات النَّاصِر الجيمية وَمن شعره فِي المحفة المحمولة على البغال
(وحاملةٍ محمولةٍ غير أَنَّهَا
…
إِذا حملَت ألقَت سَرِيعا جنينَها)
(وَأكْثر مَا تحويه يَوْمًا وَلَيْلَة
…
وتَضجر مِنْهُ أَن يَدُوم قريَنَها)
)
(منَعَّمة لم ترضَ خدمَة نفسِها
…
فغلمانها من حولهَا يخدمونها)
(لَهَا جسدٌ مَا بَين روحين يَغتدي
…
فلولاهما كَانَ الترهّب دينَها)
(وَقد شبِّهت بالعرش فِي أَن تحتهَا
…
ثَمَانِيَة من فوقِهم يحملونها)
وَقَالَ أَيْضا فِي الْبَيْضَة
(ومولودة لَا رُوحَ فِيهَا وَإِنَّهَا
…
لتقبل نَفخ الرّوح بعد ولادها)
(وتسمو على الأقران فِي حومة الوغى
…
وَلَكِن سُمُوٍّا لم يكن بمرادها)
(إِذا جُمعت فالنقصُ يَعرُو حروفَها
…
وَلكنهَا تزداد عِنْد انفرادها)
وَقَالَ فِي السَّيْف
(وأبيض وضَاح الجبين صَحِبتُه
…
فأحسَنَ حَتَّى مَا أقومُ بشكره)
(إِذا خذلتني أسرتي وتقاعدتْ
…
أخِلايَ عَن نصرِي حَباني بنصره)
(يواصلني فِي شِدّتي مِنْهُ قاطعٌ
…
يخفّف عنّي فِي رجائي بهجره)
(شَدَدت يَدي مِنْهُ على قائمٍ بِمَا
…
أكلِّفه يلقى الأعادي بصدره)
(صَبور على الشكوَى فَلَو دُستُ خدَّه
…
على رِقَّةٍ فِيهِ وثقتُ بصبره)
(إِذا نابني خطبٌ جليل ندّبتُه
…
فيهتزّ مِنْهُ مستقلٌ بأَمْره)
(يخِفُّ غداةَ الرَوع مهما نَهرتُه
…
فيغرَق فِي بَحر العجاج بنهره)
(ويمضي إِذا أرسلتُه فِي مُهِمة
…
فَمَا يتلقَّاني مُقيما لعُذره)
(غَدا فاخِراً بَين الْأَنَام بحدّه
…
وَرَاح أبِياً عَن أَبِيه بفخره)
(فغُص خَلفه إِن كنتُ تُؤثِر كشفَه
…
وَلَا تدّعي التَّقْصِير عَن طول بحره)
(فها أَنا عَنهُ قد كشفت لأنني
…
حَلَفت لَهُ أَن لَا أبوحَ بسرّه)
وَقَالَ فِي الرُّمح
(ولي صاحبٌ قد كمل اللهُ خَلقَه
…
وَلَيْسَ بِهِ نقصٌ يعاب فيُذكرُ)
(عَصِيٌَ ثقيلٌ إِن أُطيلَ عِنانُه
…
مطيعٌ خفيفُ الكَلّ حِين يقصَّر)
(يسابقني يومَ النزال إِلَى العِدَى
…
فَإِن لم أؤخِّره فَمَا يتَأَخَّر)
(ويؤمنُ مِنْهُ الشَّرُّ مَا دَامَ قَائِما
…
وَلَكِن إِذا مَا نَام يُخشَى ويُحذَر)
(أنالُ بِهِ فِي الرَوع مهما اعتقلتُه
…
مَراماً إِذا أطلقتُه يتعذَّر)
)
(تعدَّى على أعدائه متنصلا
…
إِلَيْهِم وَمَا أبدى اعتذاراً فيُعذَر)
(ترى مِنْهُ أُمِّيا إِلَى الْخط ينتمي
…
ومُغرَى بِغَزوِ الرّوم وَهُوَ مدوَّر)
(وَمن طاعنٍ فِي السِّنّ لَيْسَ بمنحَنٍ
…
وَمن أرعنٍ مذ عَاشَ وَهُوَ موقَّر)
(ففكِّر إِذا مَا رُمتَ إفشاء سِره
…
فها أَنا قد أظهرتُه وَهُوَ مُضمَر)
وَقَالَ فِي الْخَيْمَة
(ومنصوبة مرفوعةٍ قد نصبتُها
…
وَلكنه رَفعٌ يؤول إِلَى خَفضِ)
(تُعيِن على حَرّ الزَّمَان وبرده
…
بِلَا حسبٍ زاكٍ وَلَا كرَمٍ مَحض)
(وتُصبِح للَاّجي إِلَيْهَا وقايةً
…
لبَعض الْأَذَى الطاري على الْجِسْم لَا العِرض)
(تقوم على رجلَيْنِ طوراً وَتارَة
…
تقوم على رجل بِلَا عَرَجٍ مُنضِ)
(إِذا حضرت كَانَت عقيلةَ خِدرِها
…
وَإِن تبدُلم تلزَم مَكَانا من الأَرْض)
(قصدتُ كَرِيمًا خِيمهُ لِيُبينَها
…
وقَصدُ الْكَرِيم الخِيم من جملَة الفَرض)
يَا رَافع لِوَاء الأدباء ودافع لأواء الغرباء هَذَا اللغز ممهَّدٌ موطَّأٌ مكشوفٌ لَا مغطَّى وَقد سطَّر مُفردا ومجموعاً وذُكِرَ مَقِِيساً وَمَرْفُوعًا إِلَّا أَنه قد استخفى وَهُوَ مُظهَرٌ واستتر وَهُوَ مُجهَر
وتعامى وَهُوَ بَصِير وتَطاول وَهُوَ قصيرٌ وتَصامَم وَهُوَ سميع وتعاصَى وَهُوَ مُطِيع ومِثل مولايَ من عرف وكَره وَلم يعْمل فِيهِ فكرَه والأمرُ لَهُ أَعلَى أمره وَأطَال للأولياء عُمره وَقَالَ فِي جَمِيع السِواك
(أيا سيّداً مَا رام جَدواه طالبٌ
…
فَعَاد وَلم يظفَر بأقصَى مَطالِبه)
(أبِن لي عَن الْجمع الَّذِي إِن ذكرتَه
…
تخاطِب من خاطبتَه بمَعايِبه)
وَكتب إِلَى ركن الدّين قرطاي بِبَغْدَاد وَهُوَ سَاكن عِنْد نهر عِيسَى
(أمولايَ إِنِّي مذ رأيتُك سَاكِنا
…
على نهر عِيسَى لم أزل دَائِم الفِكرِ)
(لِأَنَّك بحرٌ بالمكارم زَاخرٌ
…
وَمن عَجَبٍ أَن يسكنَ البحرُ فِي النَّهر)
وَقَالَ
(ومليحٍ جاءَنا يشطَح فِي صدرِ نهارِ
…
وَهُوَ فِي مبدأ شكرٍ وعقابيل خُمار)
(فسقيناهُ إِلَى أَن أظلم اللَّيْل لسارِ
…
ثمَّ لما نَام قمنا وركِبنا فِي عُشاري)
(وجذبنا فِي لبانٍ ودفعنا بمداري
…
فصَبحناه بِكاسٍ وغَبقناه بِعَارٍ)
)
وَكتب عَن النَّاصِر دَاوُد إِلَى الصَّالح نجم الدّين فَمَا سمعُوا نِدَاء الرُقبا وَلَا منعُوا حمى الوَقبى وَلَا قابلوا سِهَام القسيّ بوكورٍ من نحورهم وَلَا عاملوا ثعالب صُدُور الرماح بوِجار من صُدُورهمْ بل اتَّخذُوا الليلَ لِسُراهم حملا وَعمِلُوا الفرارَ لنفوسهم على رؤوسهم جَبَلَا وسلكوا من وُعور الفجاج بفرارهم قبل مُخَالطَة العَجاج سُبُلاً فتحكمت يدُ الْقَتْل والأسر فِي إبِْطَال أطلابهم واستولت غَلَبَةُ النهب وَالسَّلب على أثقالهم وأسلابهم وتقسموا بَين هَزيم وأسير وجريح وقتيل وانتُصِف مِنْهُم وانتًصر عَلَيْهِم وَلمن انتصَرَ بَعدَ ظُلمِه فَأُولَئِك مَا عَلَيهُم مِن سَبِيلٍ وأسِرَ من معارفهم الْمَذْكُورَة ووجوههم الْمَشْهُورَة فلَان وَفُلَان وَأما النِكراتُ الَّتِي لَا يدخُل عَلَيْهَا التَّعْرِيف والأدنِياء الَّتِي لَا يتَطَرَّق إِلَيْهِم التشريف فجمعٌ يكثر عدده وبحرٌ يغزُر مَدده وَلم يَنجُ مِنْهُم إِلَّا من كَانَ فِي عَنان فرسه تقديمٌ وَفِي كتاب أَجله تَأْخِير وَلَا سلم مِنْهُم الا من كَانَ فِي هربه تَطْوِيل وَفِي طلبه تَقْصِير خُصُوصا مقدمهم فَإِنَّهُ سَار سيرة الْحَارِث بن هِشَام وَطلب النجَاة لنَفسِهِ فنجا بِرَأْس طِمِرَّةٍ ولِجامٍ وصيّره النَّاصِر جندياً فَقَالَ كنتُ كَاتبا جيدا فصرت جندياً رديئاً وَمن مَغايظ الدَّهْر أنيّ أفنيتُ عمري فِي الْكِتَابَة فصرتُ إِلَى الجندية وَلَا أعرف مِنْهَا شَيْئا ونظم فِي ذَلِك
(أَلَيْسَ من المغايظ أَن مثلي
…
يُقضي العُمر فِي فنّ الكتابهْ)
(فَيُؤْمَر بعد ذَلِك باجتنابٍ
…
لَهَا فَيرى الخُطوب عَن الخطابه)
(ويُطلَب مِنْهُ أَن يبْقى أَمِيرا
…
يسدّد نَحْو من يلقَى حِرابه)
(وحقك مَا أَصَابُوا فِي حَدِيثي
…
وَلَا لِيَ إِن ركبتُ لَهُم إصابه)
وَلما كَانَ بِبَغْدَاد خُرِّج للشعراء من عندِ الْمُسْتَنْصر ذهبٌ على أَيدي الحُجاب وَلم يخرَّج إِلَيْهِ شَيْء فَكتب إِلَى الْمُسْتَنْصر
(لما مدحتُ الإمامَ أَرْجُو
…
مَا نَالَ غَيْرِي من الْمَوَاهِب)
(أجدتُ فِي مدحه ولكِن
…
عُدت بجدِّي العَثور خائبْ)
(فَقَالَ لي مَا مدحوه لما
…
فازوا وَمَا فُزتُ بالرغائب)
(لِم أَنْت فِينَا بِغَيْر عينٍ
…
قلتُ لِأَنِّي بِغَيْر حَاجِب)
وَمن شعره
(وعِلقٍ نفيسٍ تعلقتُه
…
فزار على خلوةٍ وارتياع)
)
(وَلم يبْق فِي المُرد إِلَّا كَمَا
…
يُقَال على أكلةٍ والوداع)
(فعاجلتُه عَن دُخُول الكنيف
…
بشحٍّ مُطاعٍ ورأيٍ مُضاع)
(فغرَّقني مِنْهُ نَوء البُطين
…
وَرَوَاهُ مني نوء الذِّراع)
وَمِنْه
(على وَرد خَدَّيه وآسِ عِذاره
…
يَلِيق بِمن يهواه خَلع عِذارِهِ)
(وأبذلُ جُهدي فِي مُدارِاةِ قَلبه
…
وَلَوْلَا الهوَى يقتادُني لم أُدارِه)
(أرى جنَّة فِي خَده غير أنني
…
أرى جُلَّ نارِي شبّ مِن جُلنارِه)
(كغُصن النقا فِي لِينه واعتداله
…
ورئم الفلا فِي جِيده ونِفاره)
(سكِرت بكأسٍ من رحيق رُضابه
…
وَلم أدر أنَ الْمَوْت عُقبى خُماره)
وَكتب إِلَى بعض الْمُلُوك
(لَو شرحتُ الَّذِي وجدتُ من الوَج
…
د عَلَيْكُم أمللتُكم ومللتُ)
(فَلهَذَا خفّفتُ عَنْكُم وَلَو شِئ
…
تُ أَن أُطيلَ أطلت)
(غير أنّ العَبيدَ تحمل عَن قَل
…
ب الموَالِي وَهَكَذَا قد فَعَلت)
وَقَالَ فِي مليح نحوي
(بُليتُ بنحويٍّ يخالفُ رأيَه
…
أواناً فيَجزيني على الْمَدْح بالمنعِ)
(تعجبتُ من واوٍ تبدّتْ بصُدغه
…
وَلم يحظني مِنْهَا بعطفٍ وَلَا جمع)
(وَمن ألفٍ فِي قدّه قد أمالها
…
عَن الْوَصْل لَكِن لم يُملها عَن الْقطع)
وَقَالَ
(أيادٍ سمت آثارُها السحب فاغتدَت
…
تُعاب إِذا مَا شُبهت بالسحائبِ)
(فَمَا الوعدُ مِنْهُ بالطويل وَلَا ترى
…
مَداه على حاكيه بالمتقارب)
مِنْهَا
(سُيوفٌ إِذا صَلَّتْ سجدنَ رؤوسُهم
…
لآثار خيلٍ شُبهت بالمحارب)
وَقَالَ أَبُو الْحُسَيْن الجزار يمدح فَخر الْقُضَاة ابْن بصاقة
(عَفا الله عَمَّا قد جنته يَدُ الدَّهْر
…
فقد بذل المجهود فِي طَلَب العُذرِ)
(أيحسُنُ أَن أَشْكُو الزمانَ الَّذِي غَدت
…
صنائعُه عِنْدِي تجلّ عَن الشُّكْر)
)
(لقد كنتُ فِي أسر الخُمول فَلم يزل
…
بتدريجه حَتَّى خَلَصتُ من الْأسر)
(فشكراً لأيامٍ وفَت لي بوعدها
…
وأبدَت لعَيْنِي فَوق مَا جال فِي فكري)
(وَكم ليلةٍ قد بتُّها مُعسِراً ولي
…
بزُخرفِ آمالي كنوزٌ من اليُسر)
(أَقُول لقلبي كلما اشتَقتُ لِلغِنى
…
إِذا جَاءَ نصر الله تَبَّتْ يَد الْفقر)
مِنْهَا
(وَإِن جئتَه بالمدح يلقاك باللُهَى
…
فكم مرَّةً قد قَابل النّظم بالنَثر)
(ويهتز للجدوَى إِذا مَا مدحته
…
كَمَا اهتزَّ حاشى وَصفه شاربُ الْخمر)
وَمِنْهَا
(وَلَو أنني وافيتُ غيرَكَ مادحاً
…
لتَمَّمتُ نقصى بالحماقة والفَشَرِ)
(وأعطيتُ نَفسِي عندَه فوقَ حقِّها
…
من الكِبر لَكِن لَيْسَ ذَا موضعُ الكِبر)
(وكل امرىءٍ لَا يُحسِن العَومَ غارقٌ
…
إِذا مَا رَمَاه الجهلُ فِي لجّة الْبَحْر)
وَقَالَ فِيهِ أَيْضا
(لمثلهَا كَانَ رَجايَ انظرك
…
فَأدْرك فَتى من الخطوب فِي دَرَك)
(لم أخشَ خِذلانا وَأَنت ناصري
…
وَإِنَّمَا يُخذَلُ مَن لَا استنصرك)
(عليكَ يَا فخرَ الْقُضَاة عُمدَتي
…
فانظُر إليّ لَا عدمتُ نَظَرك)
(واسأل كَمَا عودتني عَن خبري
…
بلفظك الْمَعْهُود حَتَّى أُخبرَك)
(هَيْهَات أَن أشرحَ مَا قد حل بِي
…
إِن لم يَقُل حِلمُكَ لَا تخشَ دَرَك)
(مثلك من قَامَ بنصرِ عاشقٍ
…
مِثلي إِن العِشقَ أمرٌ مُشْتَرك)