الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أطلقنا اسْم الإلهية عَلَيْهِم قَالُوا وَإِنَّمَا اخْتصَّ هَذَا دون غَيرهم لِأَنَّهُ أيد من اله تَعَالَى بِمَا يتَعَلَّق بباطن الاسرار قَالَ النَّبِي عليه السلام أحكم بِالظَّاهِرِ وَالله يتَوَلَّى السرائر يَعْنِي أَنه فوض السرائر إِلَى عَليّ قَالُوا وَعَن هَذَا كَانَ قتال الْمُشْركين إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم لظُهُور شِركهم وَكَانَ قتال الْمُنَافِقين إِلَى عَليّ لكتمان أَمرهم قَالُوا وَعَن هَذَا قَالَ النَّبِي لعَلي تَشْبِيها لَهُ بِعِيسَى بن مَرْيَم لَوْلَا أَن يَقُول النَّاس فِيك مَا قَالُوا فِي عِيسَى بن مَرْيَم لَقلت فِيك)
مقَالا وَالَّذين اثبتوا لَهُ شركا فِي الرسَالَة قَالُوا قَالَ عَليّ فِيكُم من يُقَاتل على تَأْوِيل كَمَا قاتلتُ على تَنْزِيل أَي على وحيٍّ وَقَالَ أَنا من أحمدَ كالضوء من الضَّوْء وَهَذَا بدل على نوع شركَة وَالْجَوَاب عَن جَمِيع مَا ذَكرُوهُ يظْهر بِأول وهلةٍ لمن لَهُ أدنى فهمٍ ومُسكة من عقل
3 -
(النصير ابْن عرير الأديب)
النَصير بِفَتْح النُّون ابْن عرير الأديب كتب عَنهُ أَبُو محمدٍ عبد الله بن أَحْمد بن الخشاب شَيْئا من شعره وَمِنْه قَوْله
(مبتكرُ الْمَعْنى لَهُ رُتبةٌ
…
وَبعده من يفهم المُبتكرْ)
(وثالثٌ اما هُدىً يهتَدي
…
ورابعٌ لَا يَهْتَدِي كالحُمُر)
3 -
(الحَمامي)
النَصير بِفَتْح النُّون بن أَحْمد بن عَليّ المناوِي الحَمَامي أَخْبرنِي الْحَافِظ العلاّمة أثير الدّين أَبُو حَيَّان من لَفظه قَالَ كَانَ الْمَذْكُور أديباً بِمصْر كَيَّسُ الْأَخْلَاق يتحرف باكتراء الحمامات وأسن وَضعف عَن ذَلِك وَكَانَ يستجدي بالشعر وكتبتُ عَنهُ قَدِيما وحديثاً وأنشدني أثير الدّين من لَفظه قَالَ أَنْشدني النصير الْمَذْكُور لنَفسِهِ
(لَا تَفُه مَا حَيِيتَ إِلَّا بخيرٍ
…
ليكونَ الجوابُ خيرا لَديكَا)
(قد سمعتَ الصَّدَى وَذَاكَ جَمادٌ
…
كل شيءٍ تَقول رَدَّ عليكا)
قلت قَوْله فِي الصدى إِنَّه جماد فِيهِ نَظَرٌ لأنَّ الصَدَى هُوَ الصَّوْت الْعَائِد عَلَيْك عِنْدَمَا يقرع صوتُك مَا يقابلك من حائطٍ أَو غَيره وَلَكِن يُمكن أَن يُتمحَّلَ لَهُ وجهٌ وَهُوَ ضَعِيف والنصير أَخذ هَذَا من قَول ابْن سَناءِ المُلك
(بَان عَلَيْهَا الذُّلَّ مِن بعدِهِم
…
وَزَاد حَتَّى كَاد أَن لَا يَبين)
(فَإِن تَقُل أينَ الَّذين اغتدوا
…
يقُل صَداها لَك أَيْن الَّذين)
وَأَخذه ابْن سيناء الْملك من القَاضِي نَاصح الأرَّجاني حَيْثُ قَالَ
(سَأَلَ الصَدى عَنهُ وأصغَى للصَدَى
…
كَيْمَا يُجيبَ فَقَالَ مِثلَ مقالِهِ)
(ناداه أَيْن تُرَى مَحطَّ رِحالِه
…
فَأجَاب أَيْن تُرى محطَّ رِحالِهِ)
وأنشدني أثير الدّين لنصير الْمَذْكُور ايضاً)
(أَقُول للكأسِ إِذْ تَبَدَّت
…
فِي كفِّ أحوى أعَّنَ أحوَرْ)
(خرَّبتَ بَيْتِي وبيتَ غَيْرِي
…
وأصلُ ذَا كعبُكَ المدَوَّر)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(إِن الغزالَ الَّذِي هام الفؤادُ بِهِ
…
استأنسَ اليومَ عِنْدِي بعد مَا نَفَرَا)
(أَظهرتُها ظاهرياتٍ وَقد رَبَضَتْ
…
فِيهَا الأُسودُ رَآهَا الظبيُ فانكسرا)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(قَالُوا افتضحتَ بحبه
…
فأجبتُ لي فِي ذَا اعتذارُ)
(من لي بكتمان الهَوَى
…
وبخدّه نَمَّ العِذار)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(مَا زَالَ يَسقيني زُلالَ رُضابِه
…
لمّا خَفِيتُ ضَنىً وذُبتُ تَوَقُّدا)
(ويَظنُّني حيّاً رَوِيتُ بريقه
…
فإّذا دَعا قلبِي يجاوبُه الصدا)
وأنشدني لَهُ أَيْضا
(مَاذَا يَضرك لَو سمحتَ بزَورةٍ
…
وشَفَعتَها بمكارم الأخلاقِ)
(ورَدعتَ نفسَك حِين تمنعُك اللقا
…
وَتقول هَذَا آخر العُشَّاق)
وأنشدني من لَفظه القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم ابْن شَيخنَا الْعَلامَة شهَاب الدّين أبي الثَّنَاء مَحْمُود قَالَ أَنْشدني من لَفظه لنَفسِهِ النصير الحَمَّامي بقلعة الْجَبَل
(لي مَنزِلٌ معروفُهُ
…
يَنهَلُّ غَيثا كالسُحُبْ)
(أقبل ذَا العُذرِ بِهِ
…
وأُكرِمَ الجارُ الجُنُب)
وأنشدني أَيْضا قَالَ أَنْشدني لنَفسِهِ
(رأيتُ فَتى يَقُول بشَطِّ مصر
…
على دَرَجِ بَدَت والبعضُ غارِق)
(مَتى غطّى لنا الدَرَجَ استقمنا
…
فَقلت نَعَم وتنصَلِح الدقائِق)
قلت فِي قَوْله الدقائق هُنَا نظرٌ وَقد ذكرت فَسَاد التورية فِي كتابي المسمَّى فضّ الخِتام عَن التورية والاستخدام وأنشدني القَاضِي جمال الدّين إِبْرَاهِيم الْمَذْكُور قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ
(ومُذْ لَزِمتُ الحمّامَ صِرتُ فَتى
…
خِلاًّ يُداري مَن لَا يداريه)
)
(أعرِفُ حَرَّ الأشيا وباردَها
…
وآخُذُ الماءَ من مَجاريه)
قلت لما كتب أَبُو الْحُسَيْن الجزار إِلَى نصير الحمامي
(حُسنُ التأتي مِمَّا يُعين على
…
رِزِق الْفَتى والحُظوظ تختلفُ)
(والعبدُ مُذ كَانَ فِي جِزارته
…
يعرف من أينَ تُوكَل الكَتف)
كتب النصير الحمامي إِلَيْهِ الْبَيْتَيْنِ الْمَذْكُورين أَولا وأنشدني الْحَافِظ الشَّيْخ فتح الدّين بن مُحَمَّد بن سيّد النَّاس قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ
(رأيتُ شخصا آكِلٌ كِرشةً
…
وهُو أَخُو ذوقٍ وَفِيه فِطَن)
(وَقَالَ مَا زِلتُ مُحباً لَهَا
…
قلت من الْإِيمَان حُبُّ الوَطَنُ)
وَقَالَ النصير يَوْمًا للسِراج الْوراق قد عَمِلتُ قصيدةً فِي الصاحب تَاج الدّين وأشتهى أَنَكَّ تُزَهرِه لَهَا وتشكُرها وسَيرها إِلَى الصاحب فَلَمَّا اُنشِدَت بِحَضْرَة السِراج قَالَ السراجُ بعد مَا فُرِغَ مِنْهَا
(شاقني للنصير شِعرٌ بَديعٌ
…
ولِمثلي فِي الشّعْر نَقدٌ بصيرُ)
(ثمَّ لمّا سَمِعتُ بِاسْمِك فِيهِ
…
قلتُ نَعمَ المَولى ونِعمَ النصير)
فَأمر الصاحب لَهُ بِدَرَاهِم وسيرها إِلَيْهِ وَقَالَ قل لَهُ هَذِه مِائَتَا درهمٍ صَنجَةً فَلَمَّا أدّى الرَّسُول الرسَالَة قَالَ النصيرُ قبِّل الأرضَ بَين يَدي مَوْلَانَا الصاحب وقُل يسألُ إحسانَك وصدقاتِك أَن تكونَ عَادَة فلمّا سمع ذَلِك الصاحب أعجبه وَقَالَ يكون ذَلِك عَادَة وَكتب النصير إِلَى السِّراج يتشوق
(وكدّرتَ حمامي بغيبتك الَّتِي
…
تكدَّرَ من لذاتها صَفوُ مشرَبي)
(فَمَا كَانَ صَدرُ الحَوض مُنشرِحاً بهَا
…
وَلَا كَانَ قلبُ المَاء فِيهَا بِطيِّب)
وَكتب أَيْضا يَسْتَدْعِي إِلَى حمامه
(من الرَّأْي عِنْدِي أَن تواصِلَ خَلوَةً
…
لَهَا كَبِدٌ حَرَّى وفَيضُ عيونِ)
(تُراعي نجوماً فِيك من حَرّ قَلبهَا
…
وتبكي بدَمعي فارحٍ وحزين)
(غَدا قلبُها صَباً عَلَيْك وأنتَ إِن
…
تأخرتَ أضحى فِي حِياضِ مَنُون)
وَكتب نَاصِر الدّين حسن بن النَّقِيب الفُقّيسي إِلَى النصير وَقد حصل لَهُ رَمَدٌ
(يَقُولُونَ لي عين النصير تألمت
…
ولازمه فِي جَفنه الحَكُّ والأكلُ)
)
(فَقلت أعينُ الرأسِ أم عين غيرِه
…
فَلِلعُلوِّ شيءٌ لَا يُداوَى بِهِ السُفل)
(فَقَالُوا بلِ الْعين الَّتِي تَحت صُلبه
…
فَقلت لَهَا التشييفُ عِنْدِي والكحل)
(ومِيلٌ بِمَاء الرِّيق يَبتلُّ سُفلُه
…
فَيدْخل سهلاً غيرَ صَعبٍ ويَنسَل)
(وأغسِلها بالبَيضِ واللبَن الَّذِي
…
عليَّ بتقطيري لَهُ يجبُ الغَسل)
(فَإِن شَاءَ وافيتُ الأديبَ مُداوياً
…
وَلم أشتغل عَنهُ وَإِن كَانَ لي شُغل)
فَكتب النصير الْجَواب عَن ذَلِك
(أيا مَن لَهُ فِي الطبّ علمُ مباشرٍ
…
وَمَا كلُّ ذِي قولٍ لَهُ القَوْل والفعلُ)
(أتيتَ بِطبٍّ قد حوى البيعَ والشِرى
…
يبيِّن لي فِي ذَلِك الخَرج والدَخل)
(وَإِن كَانَ ذَا سهلاً بطبّك إِنَّه
…
بِسقميَ صَعبٌ لَيْسَ هَذَا بِهِ سَهل)
(فَلَا عدِم الْمَمْلُوك مِنْك مداوياً
…
وَمَا زَالَ للْمولى على عَبده الْفضل)
وَكتب إِلَيْهِ النَّقِيب أَيْضا وَهُوَ بِقُرْبِهِ وَفِي خُطه
(رَغبتُ فِي كَسبِ أَجرٍ
…
وَفِي اغتنام مَثوبهْ)
(وَهَان مَا كَانَ فِيهِ
…
من السَّراحِ صَعوبهْ)
(ولستُ فِي أرضِ شامٍ
…
ولستُ فِي أرضِ نوبه)
(وبيننا رَميُ سَهمٍ
…
غَلِطتُ بل رَجمُ طُوبه)
فَكتب النصير الْجَواب عَن ذَلِك
(رُحماك يَا خيرَ مَولى
…
فَفِي العِتاب عُقوبَه)
(وَأَنت إِن زِدت عَتبا
…
يَغدو غُلامُك قُوبَه)
(والعبدُ مَا زَالَ يهوَى
…
لَا بل يحب الرُطوبه)
(تموز فكرك والعَبدُ
…
فكرُه فِيك طُوبَه)
وَمن شعر النصير دوبيت
(فِي وَجهك للجمال والحُسن فنون
…
فِي طَرفك للسحر فُتورٌ وفُتون)
(إنِّي أسلو هَواكَ يَا مَن باتت
…
عَيناهُ تَقول للهَوى كُن فَيكون)
وَمِنْه
(إِن عجل النوروز قبل الوفا
…
عجَّل للعالَم صَفعَ القَفا)
)
(فقد كفى من دَمعِهم مَا جَرى
…
وَمَا جرى من نَيلِهِم مَا كَفى)
أَنْشدني إجَازَة العلامةُ أثير الدّين أَبُو حَيَّان قَالَ أَنْشدني النصير الحمامي لنَفسِهِ
(إنّي لأكرَهُ فِي الْأَنَام ثَلَاثَة
…
مَا إِن لَهَا فِي عَدّها مِن زائدِ)
(قُربَ الْبَخِيل وجاهلاً متعاقلاً
…
لَا يستحي وتودُّداً من حَاسِد)
(وَمن البليَّة والرَزِية أَن تَرَى
…
هذي الثلاثةَ جُمِعَت فِي وَاحِد)
وَكتب النصير إِلَى السِراج الْوراق من أَبْيَات
(كنتُ مثل الغَزال وَالله يَكْفِي
…
صِرتُ فِي وَجهه إِذا جئتُ كلبَا)
(ولعَمري لَا ذَنبَ لي غير أَنِّي
…
تُبتُ لله ظَنّ ذَلِك ذَنبا)
(وَهُوَ لَو جاءَني وَقد تُبتُ حَتَّى
…
يَبْتَغِي حَاجَة فلَن أتأبَّى)
فَكتب الْوراق الْجَواب وَمِنْه
(وأتى الطَّبيُ مُرسلاً مِنْك فاستغ
…
ربتُ لمّا دَعوتَ نَفسَك كَلْبا)
(ولَكَم جئتَ عادياً خلفَهُ تلهثُ
…
عَدواً للصَّيْد بُعداً وقُربا)
(غير أَنِّي نظرتُ عينَ صَفيِّ الدّين
…
كَادَت أَن تشرب الظبيَ شُربا)
(فاترِك التَّوْبَة الَّتِي قد رَآهَا
…
لَك وِزراً كَمَا زَعمتَ وذَنبا)
(واجتهد فِي رِضَاهُ عَنْك وقَرِّب
…
كلَّ نَأي المدَى تَنَل مِنْهُ قُربا)
(فلَكَم رُضتَ جامحاً فِي تراضيه
…
وذلَّلتَ بالسَفارة صَعبا)
وَكتب إِلَى السراج أَيْضا مُلغِزاً فِي نون
(مَا اسمٌ ثلاثيٌ يُرى وَاحِدًا
…
وَقد يُعّدُّ اثْنَيْنِ مكتوبُه)
(يظهَر لي من بَعضه كُله
…
إِذْ كل حَرفٍ مِنْهُ مقلوبُه)
(أضِف ثَمَانِينَ إِلَى ستةٍ
…
إِن شئتَ لَا يَعدوك محسوبُه)
(اطلبُهُ فِي البرِّ وَفِي البَحر
…
لَا فَاتَ حِجَى مولايَ مطلوبُه)
فَكتب الْجَواب الْوراق
(يَا سالبَ الألبابِ من سحره
…
بمُعجزٍ أعجزَ أُسلوبُه)
(ألغزتَ اسمٍ وَهُوَ حرفٌ وَقد
…
يَخفى علينا مِنْك محجوبُه)
(وَهُوَ اسمُ أُنثى مُرضِعٍ طِفلُها
…
غيرُ لِبانِ النَّاس مشروبُه)
)
(مطَّرِدٌ منعكِسٌ شكلُه
…
سِيانَ فِي الْعين ومقلوبُه)
فَقلت قَول النصير أَضِف ثَمَانِينَ إِلَى سِتَّة وَهمٌ مِنْهُ لِأَن النونينِ بِمِائَة وَالْوَاو بِسِتَّة فَيكون مائَة وَسِتَّة
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق ملغزا فِي سَيلٍ
(أيا من لَهُ ذِهنٌ لَدَى الْفِكر لَا يخبو
…
وَمن لم يزل يحنو وَمن لم يزل يحبو)
(قصدتُ سِراجَ الدّين فِي ليلِ فكرة
…
يكَاد جوادُ العقلِ فِي سُبُلِها يكبو)
(أَرْشدنِي شَيْئا بِهِ يُدرك المُنى
…
لَهُ قلبُ صبٍّ كم فؤادٍ بِهِ صَب)
(إِذا رِكبَ البيداءَ يُخشى ويُتقَّى
…
وَلم يَثنِه طَعنٌ وَلم يَثنِه ضَرب)
(بقلبٍ يهُدُّ الصخر يومَ لقائِه
…
وَمن أعجبِ الْأَشْيَاء لَيْسَ لَهُ قلب)
فَأجَاب السراج عَن ذَلِك
(أَرَاك نصيرَ الدّين عذبتَ خاطري
…
وَقد راق لي من لُغزِك المنهلُ العذبُ)
(وأثبتَّ قلباً مِنْهُ ثمَّ نَفَيتَه
…
وأعرفه صَباً وهام لَهُ قلب)
(وأعرِفُ مِنْهُ أعيُناً لَا يَحُفّها
…
جُفونٌ كعاداتِ الجفون وَلَا هُدب)
(وَمن وَصفه صبٌّ كَمَا أنتَ واصفٌ
…
صَدَقتَ ولولاه لما عُرِف الحُب)
(فدُونَك مَا ألغزتَه لي مُبَيِّناً
…
وَذَلِكَ مَا يَحْتَاجهُ العُجمُ والعُرب)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا
(أَتَى فَصلُ الخريف عليَّ جِداً
…
بأمراضٍ لَواعِجُها شِدادُ)
(وأعذِرُ عائدي إِن لم يعُدني
…
ورُبَّ مريضِ قومٍ لَا يُعاد)
فَأجَاب الْوراق عَن ذَلِك
(خلائقك الربيعُ فَلَيْسَ تَخشَى
…
خَرِيفًا فِي الجسوم لَهُ اعتِيادُ)
(وَلَا وَالله لم أعلَمكَ إلَاّ
…
صَحِيحا والصحيحُ فَمَا يُعَاد)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق أَيْضا
(أَيهَا المحسنُ الَّذِي وَهَبَ اللّ
…
هُـ تَعَالَى الحُسنَى لَهُ وزِيادَه)
(ضَاعَ مَا كَانَ من وُصولات وَصلي
…
فتصدّق بكتبها لي مُعادَه)
(ايْنَ تِلْكَ الطروسُ نظماً ونَثراً
…
مِنْك تَأتي على سَبِيل الإفادهْ)
)
(كل طِرس يُجلى عَروساً بِدُر ال
…
قولِ كَم مِن عِقدٍ وَكم من قِلادَه)
(كَانَ عَيشي إِذا أَتَانِي رسولٌ
…
مِنْك يُحيي خِلاًّ أمتَّ وِدادَه)
(شهِد اللهُ لَيْسَ لي غيرُ ذِكرا
…
ك وَإِلَّا خرِستُ عِنْد الشهادَه)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لم يغِب عَن سوادِ عَيْني حبيبٌ
…
حَلَّ من قلبِي المشوقِ سوادَه)
(فَكَأَنِّي وَلَا أَذُوق لَهُ رُز
…
ءاً جريرٌ وَذَاكَ عِنْدِي سَوادَه)
(ذُو بيانٍ أدنى بلاغتِه تُن
…
سيك قُساً وعصره وايادَه)
(جوهريُّ الألفاظِ كم قلد الأج
…
يادَ عِقداً من نَظمِه وقِلادَه)
(فعُبيدٌ أدنى العبيدِ لَديه
…
ولَبيدٌ عَن نظمِه ذُو بلادَه)
(ولأزجاله ابنُ قُزمانَ يَعنو
…
ولتوشيحه يُقرُّ عُبادَه)
(فَاتَ دارَ الطرازِ مِنْهُ خِلالٌ
…
لَو بهَا السعيدُ تَمَّتْ سَعادَه)
(يَا صديقي الَّذِي غَدا رَاغِبًا فِ
…
يّ وللأصدقاء فيَّ زَهادَه)
(هجروني كأنَّني مُصحَفٌ أَو
…
مسجِدٌ قد أُقيم أَو سجادَه)
(دُمتَ نِعمَ النصيرُ لي مَا تعنَّت
…
ساجِعاتٌ على ذُرَى مَيَّادَه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق
(يَا أَيهَا المولَى السرا
…
جُ وَمَا جدا أَعلَى مَنارَه)
(يَا من تَجاوزَ فضلُه
…
حدَّ الْقيَاس أعلَى مَنارَه)
(يَا من يلوح بِوَجْهِهِ
…
حُسنٌ لناظره نَضَارَه)
(يَا بدرَ تمٍّ كم عَليّ
…
هـ غَدَت من الْفُضَلَاء دارَه)
(كم فِي الوَرى معنى
…
تُثيرُ وَلم أقُل طَوراً وتارَه)
(وَإِذا مدَحناه فَمَا
…
فِيهِ صِفاتٌ مستعارَه)
(لِمُبشرِي إِن زُرتَني
…
بُشرى ويَحظى بالبِشارَه)
(يَا واعدي فِي السَبت هـ
…
ذَا السبتُ جاءَ وشنَّ غارَه)
(متصدِّقاً زُرني فَذا
…
يومُ التصدُّق والزيارَه)
فَكتب الْوراق الْجَواب)
(مولايَ يَا حُلوَ الخلا
…
ئق والعِبارةِ والإشارَه)
(ومُنَمَّقاً فِي الطِرس رَو
…
ضاً كَاد أَن يجريَ غَضارَه)
(قد كنتُ يَومَ السبت ذَا
…
عَزمٍ على قصدِ الزيارَه)
(لَو لم تشُنَّ عليّ آ
…
لامي كَفاك اللهُ غارَه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق مُلغِزاً فِي النَّار
(وَمَا اسمٌ ثلاثيٌّ بِهِ النَفعُ والضَّررْ
…
لَهُ طَلعَةٌ تُغني عَن الشَّمْس وَالْقَمَر)
(وَلَيْسَ لَهُ وجهٌ وَلَيْسَ لَهُ قفاً
…
وَلَيْسَ لَهُ سَمعٌ وَلَيْسَ لَهُ بَصَر)
(يمد لِسَانا يختشي الرُمحُ بأسَه
…
ويَسخَرُ يومَ الضَّرْب بالصارِمِ الذّكر)
(يَمُوت إِذا مَا قمتَ تسقيه قَاصِدا
…
وأعجبُ مِن ذَا أَن ذَاك من الشَجَر)
(أيا سامعَ الأبياتِ دُونك شَرحُها
…
وَإِلَّا فنَم عَنْهَا ونبِّه لَهَا عُمَر)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(أَرَاك نصيرَ الدّين ألغزتَ فِي الَّذِي
…
يُعيد لمسكِ الليلِ كافورةَ السَحَر)
(رأى معشَرٌ أَن يَعشَقوها دِيانَةً
…
وتاللهِ لَا تُبقي عَلَيْهِم وَلَا تَذَر)
(وكلٌ على قلبٍ لَهُم ران اسمُها
…
فمسكَنُهم مِنْهَا ومأواهم سَقَر)
(وَقد وصفوا الحسناءَ فِي بَهجةٍ بهَا
…
كَمَا وصفوا الحسناءَ بالشمس والقمرَ)
(وَلَو لم تكن مَا طَابَ خُبزٌ لآكلٍ
…
وَلَا لَذَّ ماءٌ فِي حماكَ لمن عَبَر)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي ديكٍ
(أيا من لدَيهِ غامضُ الشّعْر يُكشَفُ
…
ومَن بدرهُ بَادِي السَّنا لَيْسَ يُكسَفُ)
(عساك هُدّىً لي إِنَّنِي الْيَوْم ذاهلٌ
…
عَن الرُشد فِيمَا قد أرى متوقِّف)
(أرى اسْما لَهُ فِي الخافقَين ترفُّعٌ
…
أَخا يَقظَةٍ ذِكراً وَلَا يتعفَّف)
(رأيتُ بِهِ الأشياءَ تبدو وضِدُّها
…
فكاد لهَذَا الْأَمر لَا يتكيَّف)
(فعرَّفه ذُو السّمع وَهُوَ منكَّرٌ
…
ونَكّره ذُو اللُّبِّ وَهُوَ معرَّف)
(فجاوِب لأحظى بالجوابِ فَإِنَّهُ
…
إِذا جاوبَ الْمولى العبيدَ يشرِّف)
فَكتب الْوراق الْجَواب عَن ذَلِك
(إِلَيْك نصير الدينِ مني إجابةٌ
…
بهَا أُوضحُ الْمَعْنى الخفيَّ وأكشِفُ)
)
(رَأَيْتُك قد ألغزتَ لي فِي متوَّجٍ
…
بِتِذكاره أَسماعُنا تتشنف)
(يُنَبِّهُ قوما للصلاةِ ومعشرٌ
…
عِبادتُهم أسٌّ وكأسٌ وقَرقَف)
(لَهُ كَرَمٌ قد سَار عَنهُ وغَيرةٌ
…
وعُرفٌ بِهِ من غيرِهِ ظلَّ يُعرَف)
(حَظِيٌّ ترَاهُ وادعاً فِي ضرائرِ
…
يزيِنَه تاجٌ وبُردٌ مفوَّف)
(وَفِي قلبه كيد ولكنَّ صدرَه
…
غَدا ضيِّقاً مثلي بذلك يُوصَف)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغزاً فِي نَعامةٍ
(ومُفردٍ جمعا يُرى
…
بحذفِ بَعضِ الأحرُف)
(اسمٌ نَعى أكثرُه
…
فَقَالَ باقِيه اكفُف)
(ترَاهُ يعدو مُسرعاً
…
فِي بُرده المفوف)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لَو قلتَ فِي من قد نُعِيَ
…
مَاتَ لصدَّقتُك فِي)
(وكل باغٍ كَالَّذي
…
يَبغي رهينُ التَلَف)
(ألغزتَ اسمِ طائرٍ
…
فِي الأَرْض عنّا مَا خَفي)
(يَفحَصُ فافحص عَنهُ يَا
…
ربَّ الْفُنُون تعرف)
(وَهُوَ لعَمري فِي السما
…
ء يُقتفَى ويَقتفي)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق وَعِنْده أَحْمد الزجّال
(عندنَا من غَدا بحبك مُغرىً
…
وَله فِيك عِشقةٌ وإغرامُ)
(موصلِليٌ يَهوَى المِلاحَ إِذا مَا
…
جَاءَ صُبحُ اللِّحى وولّى الظلام)
(فَهُوَ لَا يبتهي عَن الشيب بالشي
…
ب فَمَاذَا تَقول يُجدي المَلام)
(لَا يسلى مِنْهُ الفؤادُ نِدامٌ
…
عَن حبيب وَلَو تغنَّى الْحمام)
(لَو تبدّى لِعينه ابنُ ثَمَانِي
…
ن غَدا وَهُوَ عاشقٌ مستهام)
(يَستَبِينهِ من العيونَ بَياضٌ
…
وَمن الألعَس الِشفاه ابتسام)
(قِرَّ عَيناً وطِب فَديتُك نفسا
…
عِنْده أَنْت أَنْت بَدرٌ تَمام)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(حبذا مِن بَنَات فكرِك عَذرا
…
ء لَهَا من فتيقِ مِسكٍ خِتامُ)
)
(خِلتُ ميمَ الرويّ فاها وَقد ضَاقَ
…
وَمن ذَاق قَالَ فِيهِ مُداد)
(وَلها من عُقُود لفظِك
…
حَليٌ لم يَجز مثل دُرِّه النظَّام)
(أذكرَت بالشبابِ عَيْشًا خليعاً
…
نَبتُ فَودَيهِ بعد آسٍ ثُمام)
(كَيفَ لَا كَيفَ لَا وَلم أرَ صَعباً
…
قطّ يَأْبَى الإ وَأَنت زِمَام)
(وَمِمَّا فِيك من تأت ولطف
…
أَنا شَيخٌ للموصليّ غُلام)
(فهوَ نعمَ المولَى ونَعمَ النصيرُ ال
…
مرتَضى أَنْت صاحباً وَالسَّلَام)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق ملغِزاً فِي كُنافة
(يَا وَاحِدًا فِي عصره بمصرِه
…
وَمن لَهُ حسن السَّناء والسَنا)
(تعرف ليّ اسْما فِيهِ ذوقٌ وذكا
…
حُلو المُّحّيَّا والجَنانِ والجَنى)
(والحلّ وَالْعقد لَهُ فِي دَسته
…
ويجلِس الصَدرَ وَفِي الصدرِ المُنى)
(إِن قيل يَوْمًا لذاك كنيةٌ
…
فقُل لَهُم لم يخلُ ذَاك من كُنَى)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(لَبيك يَا نَعمَ النصيرُ وَالَّذِي
…
أدنَتْ بِهِ المُنيةُ لي كلَّ المُنى)
(عرفتَني الاسمَ الَّذِي عرفتَه
…
وَكَاد يَخفَى سِرُّه لَوْلَا الكنى)
(لَهُ من الحُور الحِسان طَلعةٌ
…
تُقابِلُ المِرآةَ مِنْهَا الأحسَنا)
(وخِدنُه بعض اسْمه طيرٌ غَدا
…
أصدقَ شيءٍ إِن بلوتَ الألسُنا)
(وَهُوَ لسانٌ كُله وَبعد ذَا
…
تَنظُره عِنْد الْكَلَام ألكنا)
(وَفِي خِوانِ المجدِ كَانَ مألفَي
…
عِنْد الصيامِ ربِّ فاجمَع بَيْننَا)
وَكتب النصير إِلَى الْوراق مَعَ ظروف يَقطين فِي فردٍ
(يَا من لِدفعِ الرَّدَى غَدا جُنَّه
…
وَمن لَهُ فِي قبُولهَا المِنَّهْ)
(هَديةٌ فِي الْإِنَاء يتبعُها
…
خيرُ نَبيٍّ وَهَكَذَا السُّنَّه)
(وَإِذا بدا ظَرفُها بغِلظَته
…
يوَدُّ فتحُ الأديبِ لَو أنَّه)
فَكتب الْوراق الْجَواب
(يَا من غَدا لي من العِدَى جُنّه
…
وَمن بِحمَّامه لنا جَنّة)
(جَاءَ بهَا الفَردُ وَهُوَ مُمتلىءٌ
…
مِلءَ فؤادِ الحُماة بالكِنَّه)
)
(وكلُّ ظَرفٍ مِنْهَا بَنَوه على ال
…
فتح فحقِّق فِي حُبه ظِنَّه)
وَكتب النصير أَيْضا إِلَى الْوراق
(رُبَّ راوٍ عَن النبيّ حَدِيثا
…
مُسْندًا شافِياً كلَاما فصيحاً)
(قَالَ النبيّ قولا صَحِيحا
…
قلتُ قَالَ النبيّ قولا صَحِيحا)
(وفهمتُ الَّذِي أَشَارَ إِلَيْهِ
…
وَسمعت الَّذِي رَوَاهُ صَرِيحًا)
(قَالَ لِيَ يَا أديبُ أَنْت فقيهٌ
…
قلتُ لَا قَالَ حُزتَ ذِهناً مليحا)
فَأجَاب الْوراق
(إنَّ فِعلاً جعلتَه أَنْت قولا
…
لَيْسَ فِيهِ يحْتَاج مِنْك وضوحا)
(فابنِ مِنْهُ مُضارِعاً يظهَرُ الخا
…
فِي ويَبدُ الَّذِي كتبتَ صَرِيحًا)
(وتراه يَبْدُو لعينيك معتل
…
اوقد قلتَ فِيهِ قولا صَحِيحا)
(وَهوَ فِعلٌ لم تأتِهِ أَنْت يَا شي
…
طانُ فافهَم مَقَالَتي تَلْوِيحًا)
وَقَالَ النصير يصِفُ حمّامَه
(حمَّامُ الأديبِ العارِف
…
مَا يجْرِي وحالُ واقِف بهَا)
بهَا اسطول وَمَا فِيهَا اسطالْ والما يتّزِن بالقَسطالْ
(والعُمال رأَيتو بَطالْ
…
والإسكندراني ناشِف)
وَمَا ريت فِيهَا بَلانْ يسرِّح لَحَدْ بالإحسانْ
(والزَّبَّال يعرِّ القُوسانْ
…
قَالَ والخاتِمَة يَصَّالِف)
دي دونَه وقيّمها دُونْ مبنيَّة على مَيِّهْ مَجنُونْ
(والما فِي المجارِي مَخزونْ
…
والأنبُوب معوَّجْ تالِف)
وتابوت على فسيَّه قلتو مُت بالكُليّه
(خُذُوا من نَصِير الدِّيَّه
…
وإلَاّ انثنينا نَتنَاصِف)
)
وَكتب النصير إِلَى السِّراج
(أهوَى رَشاً فِي مُهجتي مَرتَعُهُ
…
أَفديه رَبيبْ)
(لَا بل قمراً فِي ناظري مَطلَعُه
…
لم يَدرِ مَغِيبْ)
(حِقفٌ وهِلالٌ وغزالٌ وغُصنٌ
…
إِن قَامَ وَإِن رنا وَإِن لَاحَ وَإِن)
(والمؤمنُ كِّيسٌ كَمَا قيل فَطِنٌ
…
قلبِي أبدا إِلَى مُحيّاه يَحِنّ)
(مَا أبعدّهُ وَفِي الحشا موضِعُهُ
…
نَا ئي وَقَرِيب)
(قد راق بِهِ شعري لمن يسمعهُ
…
إِذْ كَانَ حبيب)
(يَا خَجلةَ غُصنِ البان لمّا خطرا
…
يَا حَيرةَ بَدرِ التمّ لما سَفَرَا)
(يَا غَيرةَ ظَبْي الرمل لمّا نظرا
…
يَا رُخص عوالي فتيق المسكِ لما نثَرا)
(من لؤلؤِ نَثرِه لمن يجمَعُهُ
…
زاهٍ ورطيبْ)
(مَا أسعَدَ مَا أعيَى فِي تَصَنُّعِهِ
…
عقدا لتريبْ)
(دَعني فحديثُ العِشقِ إفْك وَمِرا
…
عِنْدِي إفْك الزَّمَان والحقَّ أرا)
(مَدحي لسِراجِ الدّين نورُ الشعرا
…
وَالْكَاتِب عِنْد الأُمرا والوزرا)
(كم فِيهِ فضيلةٌ غَدت تَرفعُهُ
…
عَن قَدرِ أَديبْ)
(الله بِمَا قد حازه ينفعُهُ
…
وَالله مُجيب)
(مَعنى شِعرٍ وفَاق مَغنىً كرما
…
تَلقاهُ إِذا نَحوتَهُ فِي العلما)
(المفرَد فِي زَمَانه والعلما
…
كُن ممتثلاً مرسومَه إِن رَسَما)
(فالفضلُ إِلَيْهِ كلُّهُ مَرجِعُهُ
…
والرأي مُصِيبْ)
(لَوْلَا عُمر الْفضل عفَت أربَعَه
…
أَو كَانَ غريبْ)
(بالفَرع غَدَت فِي شَفَقِ الخدّين
…
كالبَدرِ يَلوح نورهُ للعين)
(لمياءُ رَمَاهَا هاجريٌّ بالبين
…
عنته وَقد فارقَها يَوْمَيْنِ)
(قد غَابَ ولّي يَوْمَيْنِ مَا أقشَعَهُ
…
خَلّوه يَغيبْ)
(لَو رَاح إِلَى نجدٍ أَنا أتبَعُهْ
…
حَتَّى لَو أُصيبْ)
فَأَجَابَهُ
(البدرُ على غُصْن النَقا مطلَعُه
…
من فوقِ كثيبْ)
)
(مِن طَرفي والقَلبِ لَهُ مَوضِعُه
…
يَبدو ويَغيبْ)
(إنسانُ جُفوني ظلّ فِي الدَّمع غريق
…
وَالْقلب بنارِ البُعد والصَدّ حريق)
(مَن يُطفيها مَن بسُكرِ الرح بريق
…
والدُّرُّ بثغرٍ راق لَمعاً وبَريق)
(من يمنَحُه المِسواك لَا يمنعهُ
…
ظمآن كئيب)
(أَبلاه بِمَا يَخفَى بِهِ مَوضِعُهُ
…
عَن جَسِّ طَبِيب)
(من فَترةِ جفنِهِ أثار الفِتنَا
…
واستَلَّ بهَا مِن الجُفون الوَسَنا)
(إِن مَاس وَإِن أَسْفر أَو عَنَّ لنا
…
كالغُصنِ وكالبدرِ وكالظَّبي رَنا)
(دَع وَصفي فالحسنُ لَهُ أجمعُه
…
مِن غيرِ ضَريبْ)
(وانظُر مُلحاً أضعافَ مَا تَسمَعُهُ
…
من كُلِّ لبيبْ)
(لم أنسَ وسُكري بَين كاس ورُضاب
…
مِن فيهِ وشكي بَين ثَغرٍ وحَباب)
(والليلُ كَمَا شابَ على أَثرِ شباب
…
والجو لنا رَقّ كَمَا رَقّ عِتاب)
(لَا بل غَزلُ النصيرِ إِذْ مَوقِعُه
…
مِن كُل لَبِيب)
(كالماءِ من الظَمأنِ إِذْ يَكرَعُهُ
…
فِي قّيظِ أبيبْ)
(شَيخُ الأدباءِ شَرقِها والغربِ
…
مِن كلِّ عروضٍ يمتطى أَو ضَربِ)
(أَو وصف مقَام لَذَّة أَو حَرْب
…
كم هز معاطف القنا والقضب)
(بالجَزلِ من اللفظِ الَّذِي يُبدِعُه
…
من كلّ غَرِيب)
(قد سَلَّمَ فِي الشّعْر لَهُ أشجَعُهُ
…
والشيخُ حَبيبْ)
(هَذَا وَإِذا جَدَّدَ خَلعاً لِعذار
…
فِي وَصفِ رَشيقِ القَّدِّ أَو ذاتِ سِوار)
(أذكى لَك مِنْهُ الشَجَرُ الأخضرُ نَار
…
كم قَد فُتِنَت وَجداً بِه ذاتُ سِوار)