الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يسعد بالدليل، وفتحوا على المسلمين بابا يلج منه أعداء الإسلام للمز الدين الحنيف، ووصفه بالإرهاب تارة، وباستهانته بالأرواح، وانتقاص حقوق الإنسان تارة أخرى، ولذلك نرى في هذه الأيام تكالب قوى الشر على المسلمين، وحقن عقول الشباب الإسلامي بهذه الشبه الباطلة، ويهدف أعداء الإسلام من هذا التشويه المتعمد، وطرح أفكار الشباب في أنياب التحيز والتشكيك إحداث ردة قوية في أمة الإسلام، وطمس محاسن هذا الدين، ومحاربة تعاليمه بواسطة ثلة من أبنائه من أهل العقوق وإنا لله وإنا إليه راجعون.
[من مظاهر الغلو في العصر الحاضر]
من مظاهر الغلو في العصر الحاضر - وهناك مظاهر أخرى للغلو في الدين في عصرنا الحاضر، كالقول بتكفير المجتمعات المسلمة المعاصرة، وموقف طائفة من هؤلاء الغلاة في المسلمين أي عدم الحكم بإسلامهم إلا بعد امتحانهم وتبين حالهم، ومن ذلك تشريع الاغتيالات للمسلمين أو معصومي الدماء كالمعاهدين ونحوهم والقيام بأعمال تخريبية، إلى غير ذلك من المبادئ المجافية لما عليه المسلمون من أهل السنة والجماعة (1) .
وأما الغلو في مجتمعنا المعاصر، وما أبرزته آثاره على الساحة فهذا من الظهور بحيث لا يتطلب تبيانا.
(1) من أراد الاستزادة والبسط في موضوع الغلو، وما يتصل به فعليه بمراجعة الكتب المؤلفة في الموضوع مثل كتاب مشكلة الغلو في الدين للشيخ عبد الرحمن اللويحق، وكتاب السامرائي (التكفير جذوره - أسبابه مبرراته) وكتاب البهنساوي الحكم وقضية تكفير المسلم وغير ذلك.
فقد صاحب هذه الطفرة الحضارية على الكرة الأرضية أحداث دامية مؤلمة في كثير من الأقطار والأمصار معظمها متمخض عن هذه الظاهرة، وكان أهم مظاهر الغلو المعاصر على النحو التالي:
1 -
مظهر التكفير: وهي بلية ابتليت بها أمة الإسلام على أيدي أغمار شبان لم يتفيأوا بظلال العلم الشرعي، ولم يرتقوا في معارج المعارف، ولم يتأهلوا للحكم بالكفر على هؤلاء، أو بالإيمان لأولئك، فتناولوا حكاما يحكمون الشريعة الإسلامية - في الجملة - بالتكفير وإن كان هناك بعض القصور، لأنهم كما يزعمون حكموا بغير ما أنزل الله سبحانه، هكذا أخذوا الموضوع على إطلاقه عريا عن القيود والضوابط المرعية هنا ثم كفروا أتباعهم المحكومين لكونهم - كما يزعمون - راضين بهذه الأحكام الوضعية ثم امتد التكفير إلى كل من لم يكفر هاتين الطائفتين، ومضت سلسلة التكفير تنتظم المجتمعات الإسلامية على أيدي هؤلاء الأحداث، فلم يبق على وجه الأرض إلا أفراد مسلمون فقط كما يزعمون وأما ما سوى هؤلاء النخبة فهم غير معصومي الدماء، وليسوا من أهل القبلة وإن اتجهوا إليها في صلواتهم وحجهم.
ولعل من أهم عوامل اختراع هذا الاتجاه امتلاء الساحة في عصرنا الحديث بالفرق والمذاهب والآراء التي تذكي نيران الفرقة،
وتوسع مدارك الخلاف، ويستهوي بعضها هؤلاء المفتونين، فيتمكن من قلبه ويتغلغل حتى يعود عقيدة راسخة، لأنه ليس عنده من الحصانة الثقافية الإسلامية ما تحجزه عن التهافت على الآراء المبتورة الممتزجة ببدع الأهواء، فهو على النحو الذي عناه الشاعر:
أتاني هواها قبل أن أعرف الهوى
…
فصادف قلبا خاليا فتمكنا
ذلك لأن الجاهل الذي لم تهذبه التعاليم الإسلامية، ولم ترسخ في ذهنه المقاصد الشرعية، ولم يحط علما بعلل الأحكام، لا يقدر على التمييز بين الآراء الصحيحة والسقيمة، ولا يفرق بين الغث والسمين، فيذهب في متاهة الغلو تارة، وفي مفاوز التفريط تارة أخرى، ويلتقط من الأفكار المجافية للأصول الإسلامية الصحيحة ما انشرح صدر هواه له، فتتلاعب به شياطين الإغواء والأهواء وهذه قاصمة الظهر.
ب - ومن نتائج التكفير الجماعي استحلال القتل الجماعي للمسلمين وغيرهم فإن التكفير وإزهاق الأرواح متلازمان وهما توأم، ولذلك أثبتت حوادث مريعة في بلاد الإسلام أن هذا الصنف من المفتونين يتخذون من وسائل التدمير الجماعية مسلكا لتحقيق أهدافهم، وهم في ذلك لا يفرقون بين الصغير والكبير، ولا الشيخ والرضيع، ولا بين الذكر والأنثى، ولا بين المذنب والبريء، وهذا من الخطورة بمكان، وإذا كان الإسلام هو دين مكارم الأخلاق ومحاسن الأفعال والعادات كما هو معلوم،