الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يظلمه، بل من يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مقال ذرة شرا يره، والله قد يتفضل عليه ويحسن إليه بمغفرته ورحمته. ومن مات على الإيمان فإنه لا يخلد في النار) (1) .
ومن الجمع بين النصوص الرد إلى النصوص المحكمة والأصول الجامعة التي ترد إليها النصوص العامة، وهناك أصل جامع محكم ترد إليه نصوص الوعيد، وبالرجوع إليه يندفع التعارض المتوهم، فالقرآن ليس فيه تناقض ولا اختلاف:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]
[ثانيا اتباع المتشابه]
ثانيا: اتباع المتشابه يقول الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران: 7] فربط سبحانه بين أهل الزيغ واتباع المتشابه، وجعل اتباع المتشابه من شأن أهل الزيغ والابتداع، وهم إنما يفعلون ذلك ابتغاء إحداث الفتنة وتتبعا لما لا يمكنهم العلم به، مما استأثر الله عز وجل بعلمه أو خص بعلمه أهل العلم البصراء بدين الله.
(1) ابن تيمية: الفتاوى (8 / 270 - 271) .
ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اتباع المتشابه ومن متبعي المتشابه، فعن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} [آل عمران: 7] قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا رَأَيْتُمُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الْمُتَشَابِهَ فَأُولَئِكَ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ» (1) .
ولخطورة اتباع المتشابه كان السلف يردعون متبعه، ويؤدبونه تأديبا بليغا، فعن سليمان ين يسار رحمه الله أن رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر، وقد أعد له عراجين النخل، فقال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، فقال عمر: وأنا عبد الله عمر، ثم أخذ عرجونا من تلك العراجين فضربه حتى أدمى رأسه (2) .
وما وصف متبعو المتشابه بالزيغ، والتحذير منهم وتأديبهم إلا لما يجره اتباع المتشابه من انحراف عن الحق وضلال، واعتبر ذلك بالخوارج؛ لتعلم كيف انحرفوا؟ بسبب اتباع المتشابه، فقد أخذوا - مثلا - قوله تعالى:
(1) رواه البخاري (5 / 166) كتاب تفسير القرآن، باب منه آيات محكمات، ومسلم (3 / 2053) رقم 2665 كتاب العلم، باب النهي عن اتباع متشابه القرآن.
(2)
رواه الآجري في الشريعة (73) والدارمي في السنن (1 / 51) رقم (146) واللالكائي في شرح أصول الاعتقاد (4 / 634) وذكر له الحافظ ابن حجر إسنادا صحيحا عن ابن الأنباري: الإصابة (3 / 458 - 460) .