المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[ثالثا التعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له] - بحوث ندوة أثر القرآن في تحقيق الوسطية ودفع الغلو - جـ ٢

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌[ثالثا الجهل بقدر السلف وأهل العلم]

- ‌[رابعا الجهل بحقيقة الإيمان وعلاقته بالأعمال]

- ‌[خامسا الجهل بمراتب الأحكام]

- ‌[سادسا الجهل بمراتب الناس]

- ‌[أسباب غلو الخوارج المنهجية]

- ‌[أولا عدم الجمع بين الأدلة]

- ‌[ثانيا اتباع المتشابه]

- ‌[ثالثا التعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له]

- ‌[المحور الرابع استثمار تعليم القرآن في ترسيخ الوسطية ومعالجة الغلو]

- ‌[لمحات عن منهج القرآن الكريم في البناء التربوي ومعالجته]

- ‌[المقدمة]

- ‌[نبذة موجزة عن منهج التربية في القرآن الكريم]

- ‌[الجانب التربوي الأخلاقي]

- ‌[أولا الوسائل الدافعة]

- ‌[ثانيا الوسائل المانعة]

- ‌[الجانب التربوي الاجتماعي]

- ‌[إرساء قواعد التسامح]

- ‌[ترسيخ مفاهيم السلام الاجتماعي]

- ‌[نبذ مظاهر الفرقة والخروج على الجماعة]

- ‌[الخاتمة]

- ‌[مراجع البحث]

- ‌[أثر معلم القرآن في تربية طلابه على الاعتدال]

- ‌[مقدمة]

- ‌[أولا المعلم القدوة]

- ‌[ثانيا التوجيه المباشر والغير مباشر]

- ‌[ثالثا اليقظة والمتابعة]

- ‌[رابعا صفات ينبغي للمعلم أن يتصف بها]

- ‌[خامسا أمور أخرى تعين المعلم في تربية طلابه على الاعتدال]

- ‌[مؤسسات تعليم القرآن الكريم وأثرها في نشر الوسطية]

- ‌[مقدمة]

- ‌[التعريف بالقرآن]

- ‌[الحياة مع القرآن]

- ‌[مقاصد القرآن]

- ‌[أهمية البحث]

- ‌[أهل القرآن صفاتهم وأخلاقهم]

- ‌[أهداف البحث]

- ‌[وقفة مع عنوان البحث]

- ‌[مؤسسات تعليم القرآن]

- ‌[الواقع يتحدث]

- ‌[الغرض من مؤسسات تعليم القرآن الكريم]

- ‌[المدلول اللغوي والشرعي للوسطية]

- ‌[مؤسسات تعليم القرآن الكريم وأثرها في نشر الوسطية]

- ‌[تفاقم ظاهرة الغلو في الدين في عصرنا الحاضر]

- ‌[من مظاهر الغلو في العصر الحاضر]

- ‌[لمحة عن علاج ظاهرة الغلو]

- ‌[مراجع البحث]

الفصل: ‌[ثالثا التعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له]

{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40] على ظاهره، وقطعوه عن بيانه، وزعموا أن ذلك يعنى ألا يحكم البشر وألا يطلب منهم الحكم بشرع الله بين المتخاصمين فنقموا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه حكَّم الحكمين، وهذا - بزعمهم - حكم بغير ما أنزل الله، وقد رد عليهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بجملة آيات منها: قوله تعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا} [النساء: 35] فأمر الله عز وجل بتحكيم حكمين في أمر امرأة ورجل، قال علي رضي الله عنه:(فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل)(1) .

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في بيان أول زيغ الخوارج: (كان أول كلمة خرجوا بها قولهم: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ} [يوسف: 40] انتزعوها من القرآن وحملوها على غير محملها)(2) .

[ثالثا التعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له]

ثالثا: التعامل المباشر مع النص والفهم الحرفي له إن فهم الكتاب العزيز والسنة المطهرة يحتاج إلى أمرين:

الأول: معرفة اللغة التي تكلم بها الشارع.

الثاني: معرفة مقصوده من اللفظ.

(1) رواه أحمد (1 / 86 - 87) .

(2)

الفتح (6 / 619) وينظر في هذا الموضوع الشاطبي: الاعتصام (1 / 303) .

ص: 245

وهذا متقرر حتى في فهم كلام الناس أنفسهم؛ فلا بد من معرفة ما عناه المتكلم وقصده.

ويعرف مقصود الشارع سبحانه بمعرفة سنته في الخطاب فتجمع النصوص ليخرج من مجملها بفهم مراد الشارع كما يفهم أيضا المقصود بالرجوع إلى السنة وأقوال الصحابة.

والألفاظ الشرعية وإن كانت عربية في الأصل إلا أنه لا بد من معرفة مراد الشارع الذي نقل تلك الألفاظ عن مدلولاتها الأصلية إلى معان بينها وبين المعنى الأصلي نوع اشتراك إذ (جنس ما دل عليه القرآن ليس من جنس ما يتخاطب به الناس، وإن كان بينهما قدر مشترك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم جاءهم بمعان غيبية لم يكونوا يعرفونها، فإذا عبر عنها بلغتهم كان بين معناه وبين معاني تلك الألفاظ قدر مشترك ولم تكن مساوية بها، بل تلك الزيادة التي هي من خصائص النبوة لا تعرف إلا منه)(1) .

ولقد أعرض الخوارج عن هذا المنهج الرشيد فصاروا إلى الأخذ بظواهر النصوص من غير تدبر ولا نظر في مقاصدها ومعاقدها، فبادروا إلى تفسيرها بمجرد ظاهر اللغة وفهم العربية وبهذا يكثر غلطهم في فهم التنزيل.

ومن أمثلة ذلك: اعتمادهم على قول الله عز وجل {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]

(1) ابن القيم: مختصر الصواعق: (2 / 347) .

ص: 246

[البقرة: آية 81] ولو جمع هؤلاء النصوص لفقهوا معنى (السيئة) و (الخطيئة) ذلك أنه عند التأمل في الكتاب العزيز نجد أن السيئة والخطيئة تطلقان على الشرك فما دونه من السيئات والخطايا.

فمن إطلاقها على الشرك قوله تعالى: {مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَارًا فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا} [نوح: 25] وقوله سبحانه: {بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [البقرة: 81]

ومن إطلاقها على ما دون الشرك قوله سبحانه: {إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا} [النساء: 31] وقوله سبحانه على لسان إبراهيم: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} [الشعراء: 82]

وعليه فليست الآية كما يظهر لأول وهلة من ظاهرها أنها دالة على أن مرتكب السيئة كافر، خصوصا إذا رجعنا إلى الآية المحكمة من مثل قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

ص: 247