المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب آداب النوم فإذا أردت النوم فتوضأ وضوءك للصلاة (1)، وانفض فراشك - بلوغ الغاية من تهذيب بداية الهداية

[وائل حافظ خلف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخجمال الدين مغازي حفظه الله

- ‌مقدمة صاحب التهذيب

- ‌تمهيد

- ‌القسم الأولفيالطاعات

- ‌توطئة

- ‌فصلفي آداب الاستيقاظ من النوم

- ‌بابآداب دخول الخلاء

- ‌بابآداب الوضوء

- ‌بابآداب الغسل

- ‌بابآداب التيمم

- ‌بابآداب الخروج إلى المسجد

- ‌بابآداب دخول المسجد

- ‌بابآداب ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال

- ‌بابآداب الاستعداد لسائر الصلوات

- ‌بابآداب النوم

- ‌بابآداب الصلاة

- ‌بابصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بابآداب الإمامة والقدوة

- ‌بابآداب الجمعة

- ‌بابآداب الصيام

- ‌القسم الثانيالقول فياجتناب المعاصي

- ‌توطئة

- ‌آداب العين

- ‌آداب الأذن

- ‌آداب اللسان

- ‌الأول: الكذب

- ‌الثاني: الخلف في الوعد

- ‌الثالث: الغِيبة

- ‌الرابع: المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام

- ‌الخامس: تزكية النفس

- ‌السادس: اللعن

- ‌السابع: الدعاء على الخلق

- ‌آداب البطن

- ‌آداب الفرج

- ‌آداب اليدين

- ‌آداب الرجلين

- ‌بابالقول في معاصي القلب

- ‌الحسد

- ‌الرياء

- ‌العجب والكبر والفخر

- ‌القسم الثالثالقول فيآداب الصحبة

- ‌آداب الصحبة مع الله تعالى

- ‌آداب العالِم

- ‌آداب المتعلم

- ‌آداب الولد مع الوالدين

- ‌آداب العلاقة بالعوام المجهولين

- ‌آداب العلاقة بالإخوان والأصدقاء

- ‌الوظيفة الأولى: مراعاة شروط الصحبة

- ‌الثانية: حسن الخلق

- ‌آداب العلاقة بالمعارف

- ‌آداب عامة جامعة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌ ‌باب آداب النوم فإذا أردت النوم فتوضأ وضوءك للصلاة (1)، وانفض فراشك

‌باب

آداب النوم

فإذا أردت النوم فتوضأ وضوءك للصلاة (1)، وانفض فراشك بطرف ردائك (2).

واجمع كفيك واقرأ: {قل هو الله أحد} ، والمعوذتين، ثم امسح بهما ما استطعت من جسدك، افعل ذلك ثلاث مرات (3).

ثم اقرأ آية الكرسي (4)، و {آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون

} [البقرة: 285] إلى آخر السورة (5).

وسبح الله واحمده وكبره ثلاثاً وثلاثين (6).

ثم اضطجع على شقك الأيمن، وضع يدك اليمني تحت خدك ثم قل:((اللهم قِنِي عذابك يوم تبعث عبادك)) ثلاث مِرَار (7)، ((باسمك اللهم أموت وأحيا)) (8)، ((اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت)) واجعلهن من آخر ما تقول (9).

(1) البخاري (247، 3611)، ومسلم (2710).

(2)

البخاري (6320)، ومسلم (2714).

(3)

البخاري (5017، 5748، 6319).

(4)

البخاري (2311، 3275، 5010)، وراجع "فتح الباري"(4/ 598) ط/دار الحديث.

(5)

البخاري (4008، 5008، 5009، 5040، 5051)، ومسلم (807).

(6)

البخاري (6318)، ومسلم (2727).

(7)

البخاري في "الأدب المفرد"(1215)، وأبو داود (5045)، والترمذي (3398، 3399)، وفي "الشمائل المحمدية"(244)، وابن ماجة (3877) وغيرهم، وراجع "فتح الباري"(11/ 135)، و"الصحيحة"(2703، 2754).

(8)

سبق تخريجه. راجع الحاشية رقم (14).

(9)

البخاري (247، 6311، 6313، 6315، 7488)، ومسلم (2710).

ص: 56

وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا ينام على فراشه حتى يقرأ سورتي: الإسراء، والزمر (1).

وأوصى صلى الله عليه وسلم إنسانًا فقال له: ((إذا أخذت مضجعك من الليل فاقرأ: {قل يا أيها الكافرون} ثم نَمْ على خاتمتها؛ فإنها براءة من الشرك)) (2).

وفي "صحيح مسلم"[في كتاب الذكر والدعاء والتوبة - حديث رَقْم (2712)] عن عبد الله بن عمر أنه أمر رجلاً إذا أخذ مضجعه قال: ((اللهم خَلَقْتَ نفسي وأنت تَوَفَّاها، لك مَمَاتُها وَمَحْيَاها، إن أَحْيَيْتَهَا فاحْفَظْهَا، وإن أَمَتَّهَا فاغفر لها. اللهم! إني أسألك العافية)).

فقال رجل لابن عمر: أَسَمِعْتَ هذا مِن عُمَرَ؟

فقال: مِن خَيْرٍ من عمرَ، من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثم روى مسلم رحمه الله (2713) عن سهيل بن أبي صالح قال: كان أبو صالح يأمرنا إذا أراد أحدنا أن ينام، أن يَضْطَجِعَ على شِقِّهِ الأيمن، ثم يقول:

((اللهم! رَبَّ السماوات وربَّ الأرض ورَبَّ العرش العظيم، رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيء، فالقَ الحب والنوى، ومُنْزِلَ التوراةِ والإنجيلِ والفرقان، أعوذ بك من شر كُلِّ شيء أنت آخِذٌ بناصيته.

اللهم! أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقضِ عَنَّا الدَّيْنَ، وَأَغْنِنَا مِنَ الفقر)) وكان يروي ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

(1) رواه الإمام أحمد (6/ 68، 122، 189)، والترمذي (2920، 3405) وحسنه، وصححه ابن خزيمة (1163).

(2)

أخرجه الإمام أحمد (5/ 456)، وأبو داود (5055)، والترمذي (3403)، والدارمي (3427) وغيرهم، وهو حديث حسن كما جزم بذلك شيخنا الحويني - حفظه الله - في "النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة" تحت الحديث رقم (146)، وقد صححه ابن حبان (789، 790)، والحاكم (2077)، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، ورمز له السيوطي بالصحة في "الجامع الصغير"(367)، وراجع "فيض القدير"(1/ 324 - 325)، و"مجمع الزوائد"(10/ 121).

ص: 57

واعلم أن النوم مثل الموت، واليقظة مثل البعث، فكن مستعدًا للقائه بأن تنام على طهارة، وتكون وصيتك مكتوبة تحت رأسك، وتنام تائبًا من الذنوب مستغفرًا عازمًا على ألا تعود إلى معصية، واعزم على الخير لجميع المسلمين إن بعثك الله تعالى، وتذكر أنك ستضجع في اللحد وحيدًا فريدًا، ليس معك إلا عملك، ولا تجزى إلا بسعيك.

ولا تستجلب النوم تكلفًا بتمهيد الفرش الوطيئة؛ فإن النوم تعطيل للحياة إلا إذا كانت وبالاً عليك فنومك سلامة لدينك.

واعلم أن الليل والنهار أربع وعشرون ساعة، فلا يكن نومك بالليل والنهار أكثر من ثماني ساعات، فيكفيك إن عشت مثلا ستين سنة أن تضيع منها عشرين سنة وهو ثلث عمرك.

وأعدّ عند النوم سواكك وطهورك، واعزم على قيام الليل أو على القيام قبل الصبح، فركعتان في جوف الليل كنز من كنوز البر، فاستكثر من كنوزك ليوم فقرك، فلن تغني عنك كنوز الدنيا إذا متَّ.

فإذا تقلبت من جنب إلى جنب فقل: ((لا إله إلا الله الواحد القهار، رب السماوات والأرض وما بينهما العزيز الغفار)) (1).

فإذا فزعت من النوم أو رأيت ما تكره في منامك فانفث عن يسارك ثلاثاً، وقل:((أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده، ومن همزات الشياطين، وأن يحضرون)) (2)، وتحول عن جنبك الذي كنت عليه.

واعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قال: ((من تعار من الليل فقال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، الحمد لله، وسبحان الله،

(1) النسائي في "اليوم والليلة"(864)، وصححه ابن حبان (5530 - إحسان)، والحاكم، والعراقي. راجع "فيض القدير"(5/ 150)، "الصحيحة"(2066).

(2)

رواه الإمام أحمد (6696 - شاكر)، وأبو داود (3893)، والترمذي (3528) وحسنه، والنسائي في "اليوم والليلة"(771)، وابن السني في "اليوم والليلة"(749).

ص: 58

ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال: اللهم اغفر لي أو دعا؛ استجيب له، فإن توضأ ثم صلى؛ قبلت صلاته)) (1).

فإذا استيقظت فارجع إلى ما عرفتك أولاً، وداوم على هذا الترتيب بقية عمرك، فإن شقت عليك المداومة فاصبر صبر المريض على مرارة الدواء انتظارًا للشفاء، وتفكر في قصر عمرك، وإن عشت مثلاً مائة سنة فهي قليلة بالإضافة إلى مقامك في الدار الآخرة وهي أبد الآباد، وتأمل أنك كيف تتحمل المشقة والذل في طلب الدنيا شهرًا أو سنة رجاء أن تستريح بها عشرين سنة مثلاً، فكيف لا تتحمل ذلك أيامًا قلائل رجاء الاستراحة أبد الآباد؟.

ولا تطوِّل أملك فيثقل عليك عملك، وقدِّر قرب الموت، وقل في نفسك: إني أتحمل المشقة اليوم فلعلي أموت الليلة، وأصبر الليلة فلعلي أموت غدًا، فإن الموت لا يهجم في وقت مخصوص وحال مخصوص وسن مخصوص، فلا بد من هجومه، فالاستعداد له أولى من الاستعداد للدنيا، وأنت تعلم أنك لا تبقى فيها إلا مدة يسيرة، ولعله لم يبق من أجلك إلا يوم واحد أو نفس واحد، فقدر هذا في قلبك كل يوم، وكلف نفسك الصبر على طاعة الله يومًا فيومًا، فإنك لو قدرت البقاء خمسين سنة وألزمتها الصبر على طاعة الله تعالى نفرت واستصعبت عليك، فإن فعلت ذلك فرحت عند الموت فرحًا لا آخر له، وإن سوَّفت وتساهلت جاءك الموت في وقت لا تحتسبه، وتحسرت تحسرًا لا آخر له، وعند الصباح يحمد القوم السُّرَى (2)، وعند الموت أتيك الخبر اليقين، ولتعلمن نبأه بعد حين.

وإذ أرشدناك إلى ترتيب الأوراد، فلنذكر لك آداب الصلاة والصوم والإمامة والقدوة والجمعة.

(1) أخرجه البخاري (1154)، وأحمد (5/ 313)، وأبو داود (5060)، والترمذي (3414)، وابن ماجة (3878)، والدارمي (2687)، وابن حبان (2596 - إحسان) من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه.

(2)

هذا مثل يُضرب للرجل يتحمل المشقة رجاء الراحة، انظر "مجمع الأمثال" لأبي الفضل الميداني - المثل رَقْم (2382).

ص: 59