المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السابع: الدعاء على الخلق - بلوغ الغاية من تهذيب بداية الهداية

[وائل حافظ خلف]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة فضيلة الشيخجمال الدين مغازي حفظه الله

- ‌مقدمة صاحب التهذيب

- ‌تمهيد

- ‌القسم الأولفيالطاعات

- ‌توطئة

- ‌فصلفي آداب الاستيقاظ من النوم

- ‌بابآداب دخول الخلاء

- ‌بابآداب الوضوء

- ‌بابآداب الغسل

- ‌بابآداب التيمم

- ‌بابآداب الخروج إلى المسجد

- ‌بابآداب دخول المسجد

- ‌بابآداب ما بعد طلوع الشمس إلى الزوال

- ‌بابآداب الاستعداد لسائر الصلوات

- ‌بابآداب النوم

- ‌بابآداب الصلاة

- ‌بابصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌بابآداب الإمامة والقدوة

- ‌بابآداب الجمعة

- ‌بابآداب الصيام

- ‌القسم الثانيالقول فياجتناب المعاصي

- ‌توطئة

- ‌آداب العين

- ‌آداب الأذن

- ‌آداب اللسان

- ‌الأول: الكذب

- ‌الثاني: الخلف في الوعد

- ‌الثالث: الغِيبة

- ‌الرابع: المراء والجدال ومناقشة الناس في الكلام

- ‌الخامس: تزكية النفس

- ‌السادس: اللعن

- ‌السابع: الدعاء على الخلق

- ‌آداب البطن

- ‌آداب الفرج

- ‌آداب اليدين

- ‌آداب الرجلين

- ‌بابالقول في معاصي القلب

- ‌الحسد

- ‌الرياء

- ‌العجب والكبر والفخر

- ‌القسم الثالثالقول فيآداب الصحبة

- ‌آداب الصحبة مع الله تعالى

- ‌آداب العالِم

- ‌آداب المتعلم

- ‌آداب الولد مع الوالدين

- ‌آداب العلاقة بالعوام المجهولين

- ‌آداب العلاقة بالإخوان والأصدقاء

- ‌الوظيفة الأولى: مراعاة شروط الصحبة

- ‌الثانية: حسن الخلق

- ‌آداب العلاقة بالمعارف

- ‌آداب عامة جامعة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌السابع: الدعاء على الخلق

‌السابع: الدعاء على الخلق

فاحفظ لسانك عن الدعاء على أحد من خلق الله تعالى، وإن ظلمك فكل أمره إلى الله تعالى، وإن المظلوم ليدعو على ظالمه حتى يكافئه، ثم يبقى للظالم فضل عنده يطالب به يوم القيامة. وطول بعض الناس لسانه على الحجّاج بن يوسف، فقال بعض السلف:((إن الله لينتقم للحجاج ممن تعرض له بلسانه، كما ينتقم من الحجاج لمن ظلمه)).

****

ص: 92

الثامن: المزاح (1)

والسخرية والاستهزاء بالناس

فاحفظ لسانك منه في الجد والهزل، فإنه يريق ماء الوجه، ويسقط المهابة، ويستجر الوحشة، ويؤذي القلوب، وهو مبدأ اللجاج والغضب والتصارم، ويغرس الحقد في القلوب، فلا تمازح أحدًا، فإن مازحوك فلا تجبهم وأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وكن من الذين إذا مروا باللغو مروا كرامًا.

فهذه مجامع آفات اللسان، ولا يعينك عليه إلا العزلة أو ملازمة الصمت إلا بقدر الضرورة، فقد كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يضع حجرًا في فيه ليمنعه ذلك من الكلام بغير ضرورة. ورآه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يمد لسانه، فقال له عمر رضي الله عنه: ما تصنع يا خليفة رسول الله؟!. فقال أبو بكر

(1) قال الإمام ابن حبان رحمه الله في كتابه الماتع "روضة العقلاء": المزاح على ضربين: فمزاح محمود، ومزاح مذموم.

فأما المزاح المحمود، فهو: الذي لا يشوبه ما كره الله عز وجل، ولا يكون بإثم، ولا قطيعة رحم.

وأما المزاح المذموم (وهو المراد هنا) فالذي يثير العداوة، ويذهب البهاء، ويقطع الصداقة، ويجرئء الدنيء عليه، ويحقد الشريف به)).

ثم قال:

((والمزاح في غير طاعة الله مسلبة للبهاء، مقطعة للصداقة، يورث الضغن، وينبت الغل.

وإنما سُمي المزاح مزاحًا؛ لأنه زاح عن الحق، وكم من افتراق بين أخوين، وهجران بين متآلفين، كان أول ذلك المزاح.

وإن من المزاح ما يكون سببًا لتهييج المراء، والواجب على العاقل اجتنابه؛ لأن المراء مذموم في الأحوال كلها، ولا يخلو المماري من أن يفوته أحد رجلين: إما رجل هو أعلم منه، فكيف يجادل مَن هو دونه في العلم؟!

أو يكون ذلك أعلم منه، فكيف يماري مَن هو أعلم منه؟!

وقد سمعت حفص بن عمر البزار يقول: سمعت إسحاق بن الضيف يقول: سمعت جعفر بن عون يقول: سمعت مسعر بن كدام يقول لابنه كدام:

إني نحلتك يا كدام نصيحتي

فاسمع مقال أب عليك شفيق

أما المزاحة والمراء فدعهما

خلقان لا أرضاهما لصديق

إني بلوتهما فلم أحمدهما

لمجاور جارا ولا لشفيق

والجهل يزري بالفتى في قومه

وعروقه في الناس أي عروق.

ص: 93

(رضي الله عنه: إن هذا أوردني الموارد. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ليس شيء من الجسد إلا وهو يشكو إلى الله عز وجل اللسان على حدته)) (1).

فاحترز منه بجهدك فإنه أقوى أسباب هلاكك في الدنيا والآخرة، ولله در ابن مسعود رضي الله عنه حين كان يخاطب لسانه قائلاً:((يا لسان! قل خيراً تغنم، واسكت عن شر تسلم، قبل أن تندم)) (2).

وكان رضي الله عنه يقول: ((والذي لا إله غيره ما على ظهر الأرض من شيء أحوج إلى طولِ سجنٍ من لسانٍ)) (3).

*******

(1) أخرجه أبو يعلى (1/ 5)، وعنه ابن السني في "عمل اليوم والليلة "(7). وانظر "المجمع"(10/ 302)، و "الصحيحة"(535)، وكذا "النافلة في الأحاديث الضعيفة والباطلة" لشيخنا العلامة أبي إسحاق الحويني (16).

(2)

أخرجه الطبراني في "الكبير" وقال الحافظ المنذري: "رواته رواة الصحيح. ورواه أبو الشيخ في "الثواب"، والبيهقي بإسناد حسن"، وحسنه كذلك الحافظ العراقي في "المغني". وانظر "المجمع"(10/ 299 - 300)، و"الصحيحة"(534).

(3)

أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" وصحح إسناده الحافظ المنذري رحمه الله، وقال الهيثمي (10/ 303):"رواه الطبراني بأسانيد ورجالها ثقات".

ص: 94