الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تراجم رجال هَذِهِ الطبقة
-
حرف الألف
-
1-
أَحْمَد بْن إِبْرَاهِيم بن كثير [1]- م. د. ت. ق. - أبو عبد الله العبدي النُّكْريّ البغداديّ الدَّوْرقيّ. أخو يعقوب الدَّوْرقيّ، وهي نسبة إلى عمل القَلانِس الدَّوْرَقيّة. وكان أبوه صالحا ناسكا. فقيل إنّه كان مَن تنسَّك في ذلك الزَّمان سمّي دورقيّا.
[1] انظر عن (أحمد بن إبراهيم بن كثير) في:
الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 361 (دون ترجمة) ، والتاريخ الكبير 2/ 6، والتاريخ الصغير للبخاريّ 236، والمعرفة والتاريخ للفسوي 3/ 395، وأنساب الأشراف للبلاذري 3/ 5، 6، 13، 14، 36- 39، 46، 232، 293 و 4 ق 1/ 239، 240، 270، 309، 310، 333- 335، 350، 357، 378، 380، 387، 418- 426، 450، 459، 485، 487، 488، 495، 498، 541، 561، 563، 564، 567، 574، 579، 585، 588، 589، 594- 597، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 279 و 2/ 23، 382، وتاريخ الطبري 4/ 367 و 5/ 93 و 8/ 634 و 9/ 135، والجرح والتعديل 2/ 39 رقم 3، والثقات لابن حبّان 8/ 21، ومروج الذهب للمسعوديّ (طبعة الجامعة اللبنانية) 1701، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 31 رقم 3، وتاريخ بغداد 4/ 776 رقم 1585، وموضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 432، 433، والسابق واللاحق 64، والإكمال لابن ماكولا 3/ 365، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 13 رقم 35، والأنساب لابن السمعاني 5/ 353، والعقد الفريد لابن عبد ربّه 1/ 256، وتاريخ حلب للعظيميّ 249، والمعجم المشتمل لابن عساكر 37 رقم 2، واللباب لابن الأثير 1/ 512، والكامل في التاريخ 7/ 94، وفتوح البلدان 35، 88، 373، 395، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 21 رقم 2، ووفيات الأعيان 2/ 241، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 249- 252 رقم 3، والكاشف 1/ 11 رقم 2، والمعين في طبقات المحدّثين 82 رقم 879، وسير أعلام النبلاء 12/ 130- 133 رقم 46، وتذكرة الحفاظ 2/ 505، والعبر 1/ 446، والبداية والنهاية 10/ 347، وتهذيب التهذيب 1/ 10، 11 رقم 3، وتقريب التهذيب 1/ 9، 10 رقم 3، وطبقات الحفاظ 220، وخلاصة تذهيب التهذيب 3، وشذرات الذهب 2/ 110، والمغني في ضبط أسماء الرجال للهندي 104، ومعجم المؤلفين 1/ 142، وتاريخ التراث العربيّ 1/ 168.
وقيل: كانوا يَلْبَسون القلانِس الطّويلة الدَّوْرَقيّة [1] .
سمع: هُشَيْما، وجرير بن عبد الحميد، وحفص بن غِياث، ويزيد بن زُرَيْع، وإسماعيل بن عُلَيَّة، وطائفة.
وعنه: م. د. ت. ق.، وأبو بكر بن أبي الدُّنيا، وأحمد بن منصور الرَّماديّ، والهيثم بن خَلَف الدُّوريّ، ومحمد بن محمد بن بدْر الباهليّ، وآخرون.
قَالَ أَبُو حاتم [2] : صدوق.
وقال ابْن عساكر [3] : تُوُفّي لِسَبْعٍ [4] بقين من شعبان سنة ستٍّ وأربعين [5] .
قلت: كمّل ثمانين سنة، وقد جَمَعَ وصَنَّفَ، وكان حافظا فَهما.
2-
أحمد بن أبان القُرَشيّ [6] .
سمع: الدّراورديّ.
وعنه: أبو بكر البزّاز في مُسْنَدِه [7] .
3-
أحمد بن إبراهيم بن مهران [8] .
أبو الفضل البُوشَنْجيّ.
عن: سُفْيان بن عُيَيْنة، وأنس بن عياض
[1] وكان أحمد يقول: نحن من موالي عبد القيس. قال ابن السمعاني: لهذا قيل له العبدي.
(الأنساب 5/ 354) .
[2]
الجرح والتعديل 2/ 39.
[3]
في المعجم المشتمل 37.
[4]
في ثقات ابن حبّان، وطبقات الحنابلة:«لتسع» .
[5]
وبها ورّخه البخاري. وفي ثقات ابن حبّان: مات سنة ثنتين وأربعين ومائتين يوم السبت لتسع بقين من شعبان، وكان مولده سنة ثمان وستين ومائة، وكان أصغر من أخيه يعقوب بسنتين.
[6]
انظر عن (أحمد بن أبان) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 32 وفيه قال محقّقه، بالحاشية (4) :«لم نظفر به» .
[7]
وقع في ثقات ابن حبّان أنه مات سنة خمسين ومائة. وعلّق محقّقه في الحاشية (5) : «لعلّ الصواب مائتين» . وهو الصحيح، لأنه ذكره في: ممن روى عن أتباع التابعين وشافههم من المحدّثين.
[8]
انظر عن (أحمد بن إبراهيم البوشنجي) في:
تاريخ بغداد 4/ 8، 9 رقم 1588، وميزان الاعتدال 1/ 79 رقم 278.
وعنه: الحسين المَحَامليّ، ومحمد بن مَخْلَد.
ولعلّه بقي إلى بعد الخمسين [1] .
4-
أحمد بن إدريس [2] .
أبو حُمَيْد الجلاب.
بغداديّ، روى عن: هُشَيْم.
وعنه: الحسين المَحَامليّ، وغيره.
5-
أحمد بن إسحاق بن الحُصَيْن [3]- خ. - أبو إسحاق السّلميّ البخاريّ المعروف بالسّرماريّ، وسُرْماريا مِن قرى بُخَارى.
سمع: يَعْلَى بن عُبَيْد، وعثمان بن عمر بن فارس، وطبقتهما.
وعنه: خ.، وإسحاق ابنه، وإدريس بن عبدك، وطائفة.
وكان ثقة زاهدا مجاهدا فارسا مشهورا، يضرب بشجاعته المثل.
قال إبراهيم بن عفان البزاز: كنا عند أبي عبد الله البخاري، فجرى ذكر أبي إسحاق السرماري فقال: ما نعلم في الإسلام مثله.
فخرجت من عنده، فإذا أجد رئيس المطوعة، فأخبرته، فغضب ودخل على البخاري فسأله، فقال: ما كذا قلت. ولكن ما بَلَغَنا أنّه كان في الإسلام ولا في الجاهليّة مثله.
[1] وقال الدار الدّارقطنيّ: لا بأس به.
وقال الخطيب: قرأت بخط أبي الحسن الدار الدّارقطنيّ، وحدّثنيه أحمد بن محمد العتيقي عنه، قال:
أحمد بن إبراهيم البوشنجي أبو الفضل، بغداديّ ليس بقويّ يعتبر به. (تاريخ بغداد 4/ 8، 9) .
[2]
انظر عن (أحمد بن إدريس) في:
تاريخ بغداد 4/ 38، 39، رقم 1645.
[3]
انظر عن (أحمد بن إسحاق بن الحصين) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 12، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 25، 26 رقم 1، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 8 رقم 10، والأنساب لابن السمعاني 7/ 73، 74، والمعجم المشتمل لابن عساكر 38، 39 رقم 6، واللباب لابن الأثير 2/ 14، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 261- 263 رقم 7، والوافي بالوفيات 6/ 241 رقم 2718، وتهذيب التهذيب 1/ 13، 14 رقم 8، وتقريب التهذيب 1/ 10 رقم 7، وخلاصة تذهيب التهذيب 3.
رواها إسحاق بن أحمد بن خَلَف، عن إبراهيم هذا.
وقال أبو صَفْوان إسحاق: دخلتُ على أبي يومًا، وهو في البستان يأكل وحده، فرأيتُ في مائدته عُصْفُورًا يأكل معه، فلمّا رآني العصفور طار.
وعن أحمد بن إسحاق السّرْماريّ قال: ينبغي لقائد الغُزاة عشْر خِصال: أن يكون في قلب الأسد لا يجبُن، وفي كبر النِّمر لا يتواضع، وفي شجاعة الدُّبّ يقتل بجوارحه كلّها، وفي حملة الخنزير لا يُولّي دُبُرَه، وفي إغارة الذّئب إذا آيس من وجه أغار من وجه، وفي حمل السّلاح كالنّملة تحمل أكثر من وزنها، وفي الثَّبات كالصَّخْر، وفي الصّبر كالحمار، وفي وقاحة الكلب لو دخل صيده النّار لَدَخَل خلْفه، وفي التماس الفُرصة كالدّيك.
أخبرني أَبُو عَلِيِّ بْنُ الْخلال، أَنَا جعفر الهمدانيّ، أنا أبو طاهر السِّلَفّي، أنا المبارك بن الطُّيُوريّ، وأبو عليّ البَردانيّ قالا: أنا هَنّاد النَّسَفيّ، أنا محمد بن أحمد غُنْجار: سمعتُ أبا بكر محمد بن خالد المُطِّوَعيّ: سمعتُ أبا الحَسَن محمد بن إدريس المطّوّعّيّ البخاريّ: سمعتُ إبراهيم بن شمّاس يقول: كنت أكاتب أحمد بن إسحاق السُّرْماريّ، فكتب إليّ: إذا أردتّ الخروج إلى بلاد الغُزّية في شراء الأسرى فاكتب إليّ. فكتب إليه فقدم إلى سمرقند فخرجنا.
فلما علم جَبْغَويه استقبلنا في عدّة من جيوشه، فأقمنا عنده، إلى أن فرغنا من شراء الأسرى. فركب يومًا وعرض جيشه فجاء رجلٌ فعظَّمه وبجَّله وخلع عليه، فسألني السُّرْماريّ عن الرجل، فقلت: هذا رجل مبارز يُعَدُّ بألف فارس، لا يولّي من ألف.
فقال: أنا أبارزه.
فلم التفتْ إلى قوله، فسمع جبغويْه ذلك، فقال لي: ما يقول هذا؟
قلت: يقول كذا وكذا.
فقال: لعلّ هذا الرجل سكران لا يشعر، ولكنْ غدًا نركب.
فلمّا كان الغد ركب، وركب هذا المبارز، وركب أحمد السُّرْماريّ ومعه عامود في كُمّه، فقام بإزائه، فدنا منه المبارز، فهزَم أحمد نفسه منه حتّى باعده من الجيش، ثمّ ضربه بالعامود قتله، وتبع إبراهيم بن شمّاس لأنّه كان سبقه
بالخروج إلى بلاد المسلمين فلحِقَه. وعلم جَبْغويه فبعث في طلبه خمسين فارسًا من خيار جيشه، فلحِقوا أحمد. فوقف تحت تلّ مختفيًا حتّى مرّوا كلّهم، ثمّ خرج، فجعل يضرب بالعامود واحدًا بعد واحد، ولا يشعر مَن كان بالمقدّمة حتّى قتل تسعة وأربعين نفسا، وأخذ واحدًا منهم فقطع أنفه وأُذُنَيه وأطلقه.
فذهب إلى جَبْغويْه فأخبره، فلمّا كان بعد عامين وتُوُفّي أحمد ذهب إبراهيم بن شمّاس في الفداء، فقال له جبْغويْه: من كان ذاك الّذي قتل فرساننا؟
قال: ذاك أحمد السُّرْماريّ.
قال: فلِمَ لم تحمله معك؟
قلت: إِنّه تُوُفِّيَ.
فصكِّ وجهه وصكِّ في وجهي وقال: لو أعلمتني أنه هو لكُنْت أصرفه من عندي مع خمسمائة بِرْذَوْن وعشرة آلاف غَنَم.
وبه إلى غُنْجار: ثنا أَبُو عَمْرو أَحْمَد بْن محمد المقرئ: سمعت بكر بن منير يقول: رأيت أحمد السُّرْماريّ، وكان ضخمًا، أبيض الرأس واللّحية.
ومات بقريته سرمارى، فبلغ كِراء الدّابّة من المدينة إليها عشرة دراهم.
وخلّف ديونًا كثيرة، فكان غرماؤه ربّما يشترون من ماله حزمة القصب من خمسين درهمًا إلى مائة درهم حُبّا له. فما رجعوا حتّى قضوا ديونه.
وبه: سمعت أبا نصر أحمد بن أبي حامد الباهليّ: سمعت أبا موسى عِمران بن محمد المّطّوعيّ: سمعت أبي يقول: كان عامود السُّرْماريّ ثمانية عشر مَنّا. فلمّا شاخ جعله اثني عشر منّا. وكان يقاتل بالعامود.
وبه: سمعت محمد بن خالد، وأحمد بن محمد قالا: سمعنا عبد الرحمن بن محمد بن جرير: سمعت عُبَيْد بن واصل: سمعت السُّرْماريّ يقول، وأخرج سيفه فقال: اعلم يقينًا أنّي قتلتُ به ألفَي تركي، وإنْ عشت قتلت به ألفًا أخرى. ولولا أنّي أخاف أن تكون بِدْعةً لأمرتُ أن يُدفن معي.
ذكر محمود بن سهل الكاتب، وذُكِر السّرماريّ، فقال: كانوا في بعض الحروب وقد حاصروا مكانًا ورئيس العدوّ قاعد على صفّة، فأخرج السّرماريّ
سهمًا فَغَرَزَه في الصّفّة فأومأ الرئيس لينتزعه، فرماه بسهمٍ آخر خاط يده، فتطاول الكافر لينزع ما في يده، فرماه بسهمٍ في نَحْره قتله، وانهزم العدوّ، وكان الفتح.
تُوُفيّ سنة اثنتين وأربعين [1] .
6-
أحمد بن إسحاق الأهوازيّ البزّاز [2]- د. ن. - عن: أبي أحمد الزُّبَيديّ، وأبي عبد الرحمن المقرئ.
وعنه: د. ن.، وعَبْدان، ومحمد بن جرير الطَّبريّ، وجماعة.
وقال النسائي: صالح [3] .
توفي سنة خمسين.
7-
أحمد بن أسد بن سامان [4] .
الأمير أبو إسماعيل والد الملوك السامانية أمراء ما وراء النهر.
وهو أخو الأمير نوح بن أسد الدين. افتتح اسبيجاب، إحدى مدائن الترك، في أيام المعتصم.
توفي أحمد بفرغانة سنة خمسين.
8-
أحمد بن بجير.
أبو عبد الله البزّاز.
شيخ عراقيّ.
[1] المعجم المشتمل. وقال ابن حبّان: «كان ممّن الغزّايين ممّن له في العدو- في المطبوع:
العدد- نكايات كثيرة محكيّة عنه
…
وكان من أهل الفضل والنسك، مع لزومه الجهاد وشديد فيه، من جلساء أحمد بن حنبل
…
» .
[2]
انظر عن (أحمد بن إسحاق الأهوازي) في:
تاريخ الطبري 1/ 91، 97، 132، 284، و 2/ 432، والمعجم المشتمل لابن عساكر 39 رقم 7، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 265 رقم 9، والكاشف 1/ 12، 13 رقم 7، وتهذيب التهذيب 1/ 14، 15 رقم 10، وتقريب التهذيب 1/ 11 رقم 9، وخلاصة تذهيب التهذيب 4.
[3]
المعجم المشتمل.
[4]
انظر عن (أحمد بن أسد) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 397، وتاريخ بخارى للنرشخي 105، 106، 138، والكامل في التاريخ 7/ 279، 280، ووفيات الأعيان 5/ 161، والوافي بالوفيات 6/ 243، رقم 2722.
روى عن: إسماعيل بن عُلَيَّة، ومُعاذ بن مُعاذ، وإسحاق الأزرق.
وعنه: أبو بكر بن أبي الدنيا.
9-
أحمد بن بكار بن أبي ميمونة [1]- ن. - أبو عبد الرحمن الحرّانيّ، مولى بني أميّة.
سمع: محمد بن سَلَمَةَ، وأبا معاوية الضّرير.
وعنه: ن. وقال: لَا بأس بِهِ [2] ، وأبو عَرُوبة، ومحمد بن الباغَنْديّ.
مات في صفر سنة أربعٍ وأربعين بحرّان [3] .
10-
أحمد بن ثابت [4]- ق. - أبو بكر الجحدريّ البصريّ.
عن: سُفيان بن عُيَيْنَة، وغُنْدر، وعبد الوهْاب الثّقفيّ، ووكيع، ويحيى القطّان، وخلق.
وعنه: ق.، وابن أبي داود، وأبو عروبة الحراني، وعمر بن بجير، وأبو بكر بن خزيمة، وآخرون.
عاش إلى سنة خمسين [5] .
11-
أحمد بن ثابت [6] .
[1] انظر عن (أحمد بن بكار) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 23 وفيه اسم أبي ميمونة: زيد، والمعجم المشتمل لابن عساكر 40/ 11، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 277، 278 رقم 16، والكاشف 1/ 14 رقم 12، وتهذيب التهذيب 1/ 19 رقم 18، وتقريب التهذيب 1/ 12 رقم 16، وخلاصة تذهيب التهذيب 4.
[2]
المعجم المشتمل.
[3]
الثقات، المعجم المشتمل.
[4]
انظر عن (أحمد بن ثابت الجحدري) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 42، والمعجم المشتمل لابن عساكر 40 رقم 13، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 281، 282 رقم 18، والكاشف 1/ 14 رقم 14، وتهذيب التهذيب 1/ 21 رقم 22، وتقريب التهذيب 1/ 12 رقم 19، وخلاصة تذهيب التهذيب 4.
[5]
ذكره ابن حبّان في الثقات وقال: «مستقيم الأمر» .
[6]
انظر عن (أحمد بن ثابت) في:
الجرح والتعديل 2/ 44 رقم 21، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 67 رقم 161، وميزان الاعتدال 1/ 314، والمغني في الضعفاء 1/ 35 رقم 250، ولسان الميزان 1/ 143 رقم 454.
أبو يحيى الرازي الحافظ فرخويه.
سمع: عبد الرزاق، وعفان، وأقرانهما.
وعنه: محمد بن أيّوب الرّازي، وإبراهيم بن يوسف الهسنجاني.
وكان غير ثقة [1] .
12-
أحمد بن الحسن بن جنيدب [2]- خ. ت. - أبو الحسن التّرمذيّ الحافظ.
سمع: أبا النّضر، وَيَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، وأبا نُعَيْم، وسعيد بن أبي مريم، وأبا صالح كاتب اللَّيْث، وخلقا كثيرا بالعراق، ومصر، وخُراسان.
وعنه: خ. ت.، وأبو بكر بن محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة، وأهل خُراسان.
وسألوه عن العِلل والْجَرْح والتّعديل والفقه. وكان من تلامذة أحمد بن حنبل.
روى عنه خ. حديثا عن أحمد بن حنبل في «المغازي» .
وقدِمَ نَيْسَابور سنة إحدى وأربعين. ولا تاريخ لموته [3] .
13-
أحمد بن الحسن بن خراش [4]- م. ت. -
[1] قَالَ ابن أَبِي حاتِم: سَمِعَ منه أَبِي، وقال أبو حاتم: سمعت أبا العباس بن أبي عبد الله الطهراني يقول: كانوا لا يشكون أن فرخويه كذّاب.
[2]
انظر عن (أحمد بن الحسن الترمذي) في:
الجرح والتعديل 2/ 47 رقم 33، والثقات لابن حبّان 8/ 27، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 28، 29 رقم 4، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 9 رقم 13، المعجم المشتمل 42 رقم 19، وطبقات الحنابلة 1/ 37، 38 رقم 11، والأنساب لابن السمعاني 3/ 45 وفيه: أبو أحمد بن الحسين، وتهذيب الكمال 1/ 290- 293 رقم 25، والكاشف 1/ 15 رقم 20، وسير أعلام النبلاء 12/ 156، 157 رقم 56، وتذكرة الحفاظ 2/ 536، والوافي بالوفيات 6/ 319 رقم 2822، وتهذيب التهذيب 1/ 24 رقم 31، وتقريب التهذيب 1/ 13 رقم 26، وطبقات الحفاظ 235، وخلاصة تذهيب التهذيب (5) .
[3]
قال ابن حبّان: «كان قديم الموت» .
[4]
انظر عن (أحمد بن الحسن بن خراش) في:
أبو جعفر البغداديّ.
عن: عبد الرحمن بن مهديّ، وشَبّابة، ووهْب بن جرير.
وعنه: م. ت.، ومحمد بن هارون المجدّر، وأبو العباس السراج، وآخرون.
توفي سنة اثنتين وأربعين.
14-
أحمد بن الحسن الكندي البغدادي [1] .
حدث بالري عن أبي عُبَيدة اللُّغَويّ، وحَجّاج بن نُصَيْر.
وعنه: الفضل بن شاذان المقرئ، والحسن بن الليث الرازيان.
ذكره ابن أبي حاتم.
15-
أحمد بن حميد [2] .
أبو زرعة الجرجاني الصيدلاني الحافظ نزيل مكة.
صحب يحيى القطان. وكان عارفا بالعلل.
روى عنه: موسى بن هارون [3] .
16-
أحمد بن حميد [4] .
[ () ] الجرح والتعديل 2/ 48، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 33 رقم 11، وتاريخ بغداد 4/ 78- 80 رقم 1709 وفيه «حراش» بالحاء المهملة، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 14 رقم 42، والمعجم المشتمل لابن عساكر 42 رقم 20، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 293، 294 رقم 26، والكاشف 1/ 15، 16 رقم 21، وسير أعلام النبلاء 12/ 157، 158 رقم 57، وتهذيب التهذيب 1/ 24 رقم 32، وتقريب التهذيب 1/ 13 رقم 27، وخلاصة تذهيب التهذيب 5.
[1]
انظر عن (أحمد الكندي) في:
الجرح والتعديل 2/ 47 رقم 35.
[2]
انظر عن (أحمد بن حميد الجرجاني) في:
تاريخ جرجان للسهمي 61 رقم 2.
[3]
قال أبو عمران بن هانئ: كان أبو زرعة الجرجاني أحفظ من أبي زرعة الرازيّ، وكان قد صحب يحيى بن سعيد القطان، وسلم بن يحيى بن سعيد ابنه إليه ليفيده الحديث. (تاريخ جرجان) .
[4]
انظر عن (أحمد بن حميد الفقيه) في:
الجرح والتعديل 2/ 48 رقم 37، وتاريخ بغداد 4/ 123 رقم 1792، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 39، 40 رقم 13.
أبو طالب الفقيه صاحب أحمد بن حنبل.
فقير صالح، خيرَّ، عالم، له مسائل.
روى عنه: أبو محمد فَوْزان، وزكريّا بن يحيى.
تُوُفّي سنة أربع وأربعين [1] .
17-
أحمد بن خالد [2]- ت. ن. - أبو جعفر البغداديّ الخلّال.
قاضي الثَّغْر.
سمع: ابن عُيَيْنَة. وإسحاق الأزرق.
وعنه: ت. ن.، وجعفر الفِريابيّ، وأحمد الأبار، وجماعة.
قال أبو حاتم: ثقة خير [3] .
وتوفي سنة ست وأربعين أو سنة سبع [4] .
18-
أحمد بن الخصيب الجرجرائيّ الكاتب [5] .
[1] قال ابن أبي يعلى: أحمد بن حميد أبو طالب المشكاني المتخصّص بصحبة إمامنا أحمد. روى عن أحمد مسائل كثيرة. وكان أحمد يكرمه ويعظّمه.
وقال أبو بكر الخلّال: صحب أحمد قديما إلى أن مات. وكان أحمد يكرمه ويقدّمه، وكان رجلا صالحا، فقيرا صبورا على الفقر، فعلّمه أبو عبد الله مذهب القنوع والاحتراف، ومات قديما بالقرب من موت أبي عبد الله. ولم تقع مسائله إلى الأحداث. (طبقات الحنابلة) .
[2]
انظر عن (أحمد بن خالد) في:
تاريخ الثقات للعجلي 47 رقم 2، والجرح والتعديل 2/ 49 رقم 47، والثقات لابن حبّان 8/ 42، 43، وتاريخ بغداد 4/ 126- 128 رقم 1804، والمعجم المشتمل لابن عساكر 43 رقم 24، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 42 رقم 18، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 301- 303 رقم 31، والكاشف 1/ 17 رقم 26، وتهذيب التهذيب 1/ 27 رقم 40، وتقريب التهذيب 1/ 14 رقم 34، وخلاصة تذهيب التهذيب 5.
[3]
في الجرح والتعديل: كان خيّرا فاضلا عدلا ثقة صدوقا رضا.
وقال أبو زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه.
[4]
ووثّقه العجليّ، وابن حبّان.
وقال النسائي: لا بأس به.
[5]
انظر عن (أحمد بن الخصيب) في:
تاريخ اليعقوبي 2/ 479، 481، 487، 493، 494، وتاريخ الطبري 9/ 75، 125، 128، 234، 235، 240، 243، 248، 251، 253، 256، 259، والإنباء في تاريخ الخلفاء
كاتب المنتصر قبل الخلافة. فلما استخلف وزر له، فظهر منه جهل وحمق وتيه.
قال له المنتصر يوما: أريد أن أقطع السيّدة، يعني أمَّه، ضياع شجاع والدة المتوكّل.
قال: وما قلت للفاجرة؟
فقال المنتصر: قتلني الله إن لم أقتلك.
وكان سيّئ الخُلق متكبّرًا، استغاث به مظلوم يومًا، فأخرج رِجْله من الرّكاب ورَفسه على فؤاده، فسقط ميتًا. فعزِّ ذلك على المنتصر، وأراد قتله، فمات قبل أن يتفرَّغ له.
وقيل: إنّه رُفعت له قَصص بني هاشم، فكتب عليها: هشَّم الله وجوههم.
وكتب على قصةٍ للأنصار: لا نَصَرَهم الله.
ولمّا ولي المستعين همَّ به، فأرضاه بالأموال، فيقال إنّه أعطى المستعين ألف ألف دِرهم، وغضب عليه، ونفاه إلى جزيرة أقريطش.
19-
أحمد بن الخليل [1]- ن. -
[ () ] لابن العمراني 126، 162، والعقد الفريد 3/ 10 و 4/ 165، 170، 172، والهفوات النادرة 261- 265، 267، والعيون والحدائق 1/ 499، 527، 557، 558، 562، 564، وتاريخ حلب للعظيميّ 113، 259، 284، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 250 و 2/ 63، 65، 66، 217 و 3/ 152- 154، ونشوار المحاضرة 8/ 49، 83، والتذكرة الحمدونية لابن حمدون 2/ 105، 279، وتاريخ مختصر الدول لابن العبري 146، والتنبيه والإشراف 314، ومروج الذهب 2834، 2985، 2988، 2992، 2998، 3006، 3009، 3017، وأخبار البحتري 112، 113، ومعجم الأدباء 18/ 303، 304، والأذكياء لابن الجوزي 61، والكامل في التاريخ 7/ 10، 103، 104، 111، 117، 119، وتحفة الوزراء للثعالبي 121، والفخري في الآداب السلطانية 239، 242، 269، 270، ووفيات الأعيان 2/ 418، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 228، 229، وسير أعلام النبلاء 12/ 553 رقم 211، والوافي بالوفيات 6/ 372، رقم 2873، وشذرات الذهب 2/ 149، والمختصر في أخبار البشر 2/ 41، وتاريخ ابن الوردي 1/ 228.
[1]
انظر عن (أحمد بن الخليل) في:
التاريخ الصغير للبخاريّ 236، والثقات لابن حبّان 9/ 29، وتاريخ بغداد 4/ 129- 131 رقم
أبو عليّ البغداديّ البزّاز، نزيل نَيْسابور.
عن: علي بن عاصم، ويزيد بن هارون، وحَجّاج بن محمد الأعور، وأبي النَّضْر، وطبقتهم.
وعنه: ن. وقال: ثقة [1] ، وعبدان الأهوازيّ، وابن خزيمة، وآخرون.
مات لثلاث بقين من ربيع الأول سنة ثمان وأربعين [2] .
20-
أحمد بن سعيد بن إبراهيم الحافظ [3]- خ. م. د. ت. ن. - أبو عبد الله الرباطيّ الأشقر. نزيل نَيْسابور.
سمع: وَكِيعا، وعبد الرّزّاق، وإسحاق بن منصور السَّلُوليّ، ووهْب بن جرير، وسعيد بن عامر، وطائفة.
وعنه: الجماعة سوى ق.، وإبراهيم بْن أبي طَالِب، والحسين بْن محمد القبّانيّ، وابن خُزَيْمة، وأبو العبّاس السّرّاج، وعدّة.
وعنه قال: جئت إلى أحمد بن حنبل، فجعل لا يرفع رأسه إليّ، فقلت:
يا أبا عبد الله إنّه يُكتب الحديث عنّي بخراسان، فإن عاملتني بهذا رموا بحديثي.
[ () ] 1507، والمعجم المشتمل 42 رقم 26، وتهذيب الكمال 1/ 303، 304، رقم 32، والكاشف 1/ 17 رقم 27، وتهذيب التهذيب 1/ 27، 28 رقم 41، وتقريب التهذيب 1/ 14 رقم 35، وخلاصة تذهيب التهذيب 5، 6.
[1]
المعجم المشتمل 42.
[2]
الثقات، المعجم المشتمل.
[3]
انظر عن (أحمد بن سعيد الرباطي) في:
التاريخ الكبير 2/ 6، والكنى والأسماء لمسلم، ورقة 66، وعمل اليوم والليلة للنسائي 265 رقم 289، والجرح والتعديل 2/ 54 رقم 65، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 31 رقم 8، ورجال صحيح مسلم، لابن منجويه 1/ 33 رقم 12، وتاريخ بغداد 4/ 165، 166 رقم 1844، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 6 رقم 3، والأنساب لابن السمعاني 6/ 71، والمعجم المشتمل لابن عساكر 44، 45 رقم 30، واللباب لابن الأثير 2/ 12، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 45 رقم 27، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 310- 312 رقم 37، والكاشف 1/ 17، 18 رقم 30، وسير أعلام النبلاء 12/ 207- 209 رقم 71، وتذكرة الحفاظ 2/ 538، 539، والعبر 1/ 439، 440، والوافي بالوفيات 6/ 390، رقم 2901، والبداية والنهاية 10/ 345، وتهذيب التهذيب 1/ 30، 31 رقم 52، وتقريب التهذيب 1/ 15 رقم 44، وطبقات الحفاظ 236، وخلاصة تذهيب التهذيب 6، وشذرات الذهب 2/ 102.
فقال أحمد: هل بُدَّ أن يقال يوم القيامة: أين عبد الله بن طاهر وأتباعه؟
فانظر أين تكون منه.
قلت: إنما ولاني أمر الرّباط، فلذلك دخلت معه.
فجعل يكرِّر قولَهُ عليّ.
تُوُفيّ سنة ثلاثٍ وأربعين، وقيل: سنة خمسٍ وأربعين [1] .
وكان يحفظ ويفهم [2] .
21-
أحمد بن سعيد بن يعقوب الكِنْديّ الحمصيّ [3] .
أبو العبّاس.
عن: بقيّة، وعثمان بن سعيد بن كثير.
وعنه: ن. وقال لا بأس به [4] ، وسعيد بن عَمْرو البرذعيّ.
وأجاز لابن أبي حاتم.
22-
أحمد بن صاعد الصُّوريّ الزّاهد [5] .
له مواعظ وكلام نافع.
حكى عنه: أحمد بن أبي الحواري، وسعد بن محمد البّيْروتيّ، ومحمد بن الحَسَن الْجَوْهريّ، وآخرون.
ذكره ابن أبي حاتم.
[1] طبقات الحنابلة، وقال ابن عساكر: مات يوم عاشوراء، أو النصف من المحرّم سنة ست.
(المعجم المشتمل) .
[2]
وقال النسائي: ثقة. (المعجم المشتمل) .
[3]
انظر عن (أحمد بن سعيد الكندي) في:
الجرح والتعديل 2/ 53، رقم 63، والثقات لابن حبّان 8/ 47، والمعجم المشتمل لابن عساكر 45 رقم 23، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 318، 319 رقم 41، والكاشف 1/ 18 رقم 33، وتهذيب التهذيب 1/ 32 رقم 56، وتقريب التهذيب 1/ 15 رقم 48، وخلاصة تذهيب التهذيب 6.
[4]
المعجم المشتمل.
[5]
انظر عن (أحمد بن صاعد) في:
الجرح والتعديل 2/ 56، 57 رقم 77، والأنساب لابن السمعاني 8/ 105، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 33/ 272 و 39/ 136، وتهذيب الكمال 1/ 370، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 1/ 302 رقم 122.
23-
أحمد بن صالح [1]- خ. د. - أبو جعفر الطّبريّ. أبوه المصريّ الحافظ أحد أركان العِلْم والحِفْظ.
قال أبو سعيد بن يونس: كان أبوه جُنْدِيًّا من جنود طَبَرِسْتان، فوُلِد له أحمد بمصر سنة سبعين ومائة [2] .
قلت: سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الله بن وهْب، وحَرَمِيّ بن عُمارَة، وعَنْبَسَة بن سعيد، وابن أبي فُدَيْك، وعبد الرزاق، وعبد الله بن نافع، وطائفة.
وعنه: خ. د.، ثم خ. عن رجلٍ عنه [3] ، وعَمْرو النّاقد، والذُّهْليّ، ومحمد بن عبد الله بن نُمّيْر، ومحمود بن غَيْلان، وأبو زُرْعة الدّمشقيّ، وصالح جَزَرَة، وأبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، وخلق كثير آخرهم أبو بكر بن أبي داود.
[1] انظر عن (أحمد بن صالح) في:
التاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 6 رقم 1510، وتاريخه الصغير 236، والأدب المفرد، له، رقم 882، والمعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 290، 686، و 2/ 184، 191، 311، 386، 433، 435، و 3/ 368، وتاريخ الثقات للعجلي 48 رقم 5، والجرح والتعديل 2/ 56 رقم 73، والثقات لابن حبّان 8/ 25، 26، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 1/ 184- 187، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 34، 35 رقم 13، وتاريخ الطبري 4/ 195- 202 رقم 1886، وتاريخ جرجان للسهمي 368، 557، 558، 560، وتاريخ بغداد 4/ 195- 202 رقم 1886، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 10 رقم 19، والمعجم المشتمل لابن عساكر 47، 48 رقم 41، ومروج الذهب 3067، والطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 1/ 186- 199، وأخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي 87، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 157، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 48- 50 رقم 37، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) 2/ 9، 13، 21، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 340- 354 رقم 49، والمغني في الضعفاء 1/ 41 رقم 309، والعبر 1/ 450، وتذكرة الحفاظ 2/ 495، وميزان الاعتدال 1/ 103، 104 رقم 406، والكاشف 1/ 19 رقم 39، والمعين في طبقات المحدّثين 82 رقم 884، ودول الإسلام 1/ 149، وسير أعلام النبلاء 12/ 160- 177 رقم 59، ومعرفة القراء الكبار 1/ 184- 188 رقم 84، والديباج المذهب 1/ 143- 145، والبداية والنهاية 11/ 2، ومرآة الجنان 2/ 154، 155، والوافي بالوفيات 6/ 424، رقم 2942، وغاية النهاية 1/ 62، وتهذيب التهذيب 1/ 39، 42 رقم 68، وتقريب التهذيب 1/ 16 رقم 58، وطبقات الحفاظ 216، 217، والنجوم الزاهرة 2/ 328، وحسن المحاضرة 1/ 306، 486، وخلاصة تذهيب التهذيب 7، وشذرات الذهب 2/ 117، وشجرة النور الزكية 1/ 67.
[2]
تاريخ بغداد 4/ 202.
[3]
في المعجم المشتمل: روى خ. عن محمد غير منسوب عنه، قيل إنه محمد بن يحيى.
وقدِم بغداد سنة اثنتي عشرة ومائتين، فسمع من عفّان، وجالَسَ أحمد بن حنبل وناظَرَه.
قال أبو زُرْعة: سألني أحمد بن حنبل: مَن بمصر؟
قلت له: أحمد بن صالح.
فسُرَّ بذِكره ودعا له [1] .
وقال صالح بن محمد: قال أحمد بن صالح: كان عند ابن وهْب مائة ألف حديث [2] ، كتبتُ عنه خمسين ألف حديث [3] .
قال صالح: لم يكن بمصر أحد يُحسن الحديثَ غير أحمد بن صالح.
وكان رجلا جامعًا، يعرف الفِقْه والحديث والنَّحْو، ويتكلَّم في حديث الثَّوريّ وشُعْبة وأهل العراق، يعني يُذاكر به.
قال: وكان يذاكر بحديث الزُّهْريّ ويحفظه [4] .
وقال عليّ بن الحسين بن الْجُنَيْد: سمعت ابن نُمَيْر يقول: ثنا أحمد بن صالح، وإذا جاوزت الفُرات فليس أحد مثله [5] .
وَسُئِلَ عنه أبو حاتم فقال: ثقة كتبت عنه بمصر، ودمشق، وأنطاكية [6] .
وقال البخاريّ: هو ثقة [صدوق] ، ما رأيت أحدا يتكلّم فيه بحجّة [7] .
وقال يعقوب الفسويّ: كتبت عن ألف شيخ وَكَسْرٍ، حجتي فيما بيني وبين الله رجلان: أحمد بن حنبل، وأحمد بن صالح [8] .
وقال أحمد بن عبد الله العجلي [9] : أحمد بن صالح ثقة، صاحب سنة.
[1] الكامل لابن عديّ 1/ 184، تاريخ بغداد 4/ 196.
[2]
في الكامل 1/ 185: قال أحمد بن صالح: صنَّف ابن وهْب مائة ألف وعشرين ألف حديث.
[3]
تاريخ بغداد 4/ 200.
[4]
تاريخ بغداد 4/ 200.
[5]
تاريخ بغداد 4/ 199.
[6]
الجرح والتعديل 2/ 56.
[7]
تاريخ بغداد 4/ 201 والزيادة منه.
[8]
تاريخ بغداد 4/ 200.
[9]
في تاريخ الثقات 48.
وقال أَبُو عُبَيْدٍ الآجُرِّيّ: سَمِعْتُ أَبَا دَاوُدَ يَقُولُ: كتب أحمد بن صالح المصريّ عن سلامة بن رَوْح، وكان لا يُحَدِّث عنه. وكتبَ عن ابن زبالة خمسين ألف حديث، وكان لا يحدث عنه [1] .
وقال ابن وارة الحافظ: أحمد بن حنبل ببغداد، وأحمد بن صالح بمصر، والنُّفَيْليّ بحَرّان، وابن نُمَيْر بالكوفة، هؤلاء أركان الدِّين [2] .
وَقَالَ الْبَغَوِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ زَنْجَوَيْهِ يَقُولُ: قَدِمْتُ مِصْرَ فَأَتَيْتُ أَحْمَدَ بْنَ صَالِحٍ، فَسَأَلَنِي: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟
قُلْتُ: مِنْ بَغْدَادَ.
قَالَ: تَكْتُبُ لِي مَوْضِعَ مَنْزِلِكَ، فَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُوَافِي الْعِرَاقَ، حَتَّى تَجْمَعَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ.
قَالَ: فَقَدِمَ، فَذَهَبْتُ بِهِ إِلَى أَحْمَدَ، فَقَامَ إِلَيْهِ وَرَحَّبَ بِهِ وَقَرَّبَهُ وَقَالَ: بَلَغَنِي أَنَّكَ جَمَعْتَ حَدِيثَ الزُّهْرِيِّ، فَتَعَالَ حَتَّى نَذْكُرَ مَا رَوَى عَنِ الصَّحَابَةِ.
فَتَذَاكَرَا، وَلَمْ يُغْرِبْ أَحَدُهُمَا عَلَى الآخَرِ. ثُمَّ تَذَاكَرَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنْبَاءِ الصَّحَابَةِ، إِلَى أَنْ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: عِنْدَكَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ محمد بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَا يَسُرُّنِي أَنَّ لِي حُمُرَ النَّعَمِ وَأَنِّي لَمْ أَشْهَدْ حِلْفَ الْمُطَيَّبِينَ» [3] . فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: أَنْتَ الأُسْتَاذُ وَتَذَكَّرْ مِثْلَ هَذَا؟
فَجَعَلَ أَحْمَدُ يَتَبَسَّمُ وَيَقُولُ: رَوَاهُ عَنْهُ رَجُلٌ مَقْبُولٌ، أَوْ صَالِحٌ، عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِسْحَاقَ. فَقَالَ: مَنْ رَوَاهُ عَنْهُ.
قَالَ: ثناهُ رَجُلَانِ ثِقَتَانِ: ابْنُ عُلَيَّةَ، وَبِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ.
فَقَالَ: سَأَلْتُكَ باللَّه إِلَّا مَا أَمْلَيْتَهُ عَلَيَّ.
فَقَالَ: مِنَ الْكِتَابِ.
[1] تاريخ بغداد 4/ 196، طبقات الحنابلة 1/ 48.
[2]
تاريخ بغداد 4/ 199.
[3]
انظر عن حلف المطيّبين في (السيرة النبويّة) لابن هشام- بتحقيقنا- ج 1/ 149- 151.
ثُمَّ قَامَ وَأَخْرَجَ الْكِتَابَ وَأَمْلَاهُ. فَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ: لَوْ لَمْ أَسْتَفِدْ مِنَ الْعِرَاقِ إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ كَانَ كَثِيرًا.
ثُمَّ وَدَّعَهُ وَخَرَجَ [1] .
وَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ الدِّمَشْقِيُّ: حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ صالح قال: حدَّثت أحمد بن حنبل بحديث زيد بن ثابت في بيع الثّمار، فأعجبه، واستزادني مثلَه، فقلتُ:
ومن أين مثله [2] ؟
وعن أبي نُعَيْم قال: ما قدم علينا أحد [3] أعلم بحديث أهل الحجاز من هذا الفتى، يعني أحمد بن صالح [4] .
وقال عَبْدان: سمعت أبو داود يقول: أحمد بن صالح ليس هو كما يتوهّمه النّاس.
وقال صالح جزرة: حضرت مجلس أحمد بن صالح فقال: حرج على كل مبتدع وماجن أن يحضر مجلسي.
فقلت: أمّا الماجن فأنا هو.
وذاك أنّه قيل له: إنّ صالحًا الماجِن قد حضَر مجلسك [5] .
قال أبو بكر الخطيب [6] : يقال كان آفة أحمد بن صالح الكِبْر وشراسة الخُلُق.
ونال النَّسائيّ منه جفاءٌ في مجلسه، فذلك الّذي أفسد بينهما [7] .
قال ابن عديّ [8] : سمعت محمد بن هارون البَرْقيّ يقول: حضرت مجلس
[1] الكامل لابن عديّ 1/ 185.
[2]
تاريخ بغداد 4/ 198.
[3]
في المخطوط: «أحدا» .
[4]
الكامل 1/ 184، تاريخ بغداد 4/ 197، 198 و 199.
[5]
الكامل 1/ 187.
[6]
في تاريخ بغداد 4/ 200.
[7]
تاريخ بغداد 4/ 200.
[8]
في الكامل 1/ 187، تاريخ بغداد 4/ 200.
أحمد بن صالح وَطَرَد النَّسائي من مجلسه، فحمله على أن تكلَّم فيه.
قال النَّسائيّ في «الكنى» : أبو جعفر أحمد بن صالح ليس بثقة ولا مأمون، تركه محمد بن يحيى، ورماه يحيى بن مَعِين بالكذِب، ثناه معاوية بن صالح، عن يحيى قال: أحمد بن صالح كذّابٌ يتفلسف [1] .
وقال ابن عديّ [2] : سمعتُ محمد بن سعد السعْدي: سمعت النَّسائيّ:
سمعت معاوية بن صالح يقول: سألت ابن مَعِين، عن أحمد بن صالح فقال:
رأيته كذّابًا يَخْطُر في جامع مصر.
وروى الحاكم، عن أبي حامد السّيّاريّ: ثنا أبو بكر محمد بن داود الرّازيّ يقول: ارتحلت إلى أحمد بن صالح، فدخلت فتذَاكَرْنا إلى أن ضاق الوقت، ثمّ أخرجتُ من كُمّي أطرافًا فيها أحاديث سألته عنها. فقال لي: تعود. فعُدت من الغد مع أصحاب الحديث، فأخرجت الأطراف وسألته عنها، فقال: تعود.
فقلت: أليسَ قلت لي بالأمس تعود؟ ما عندك ما يُكتب أو ردّ عليّ مُسْنَدًا أو مُرْسَلا أو حَرْفًا ممّا أستفيد، فإنْ لم أورد لك عمّن هو أَوْثق منك فلست بأبي زُرْعة.
ثم قمتُ وقلت لأصحابنا: من هاهنا ممّن يُكتب عنه؟
قالوا: يحيى بن بُكَيْر.
فذهبتُ إليه.
وروى أبو عَمْرو الدّاني، عن مَسْلَمَة بن القاسم الأندلسيّ قال: النّاس مُجْمعون على ثقة أحمد بن صالح.
وقال. وكان سبب تضعيف النَّسائي له أنّه كان لا يحدِّث أحدًا حتّى يشهد عنده رجلان أنّه من أهلِ الخير والعدالة، كما كان يفعل زائدة. فدخل النِّسائيّ بلا إذْنٍ ولم يأته بمن يشهد له، فلمّا رآه أنكره وأمرَ بإخراجه.
[1] تاريخ بغداد 4/ 202.
[2]
في الكامل 1/ 184.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ [1] : كَانَ النَّسَائِيُّ يُنْكِرُ عَلَيْهِ أحاديث منها: عن ابن وهب، عن مالك، عَنْ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ:«الدّين النّصيحة» . والحديث فقد رواه يونس بْن عَبْد الأعلى، عَنِ ابن وهْب.
قال: وقد كان سمع في كُتُب حَرْمَلَة، فمنعه حَرْمَلَة، ولم يدفع إليه إلا نصف الكُتُب. فكان أحمد بن صالح ينكر كلَّ من بدأ بحَرْمَلَة إذا وافى مصر، لم يحدِّثه أحمد [2] .
وسمعت بعض مشايخنا يقول: قال أحمد بن صالح: صنَّف ابن وهْب مائة ألف وعشرين ألف حديث، فعند بعض النّاس منها الكُلّ، يعني حَرْمَلَة، وعند بعض النّاس النّصف، يعني نفسه [3] .
قال: وسمعت القاسم بن مهديّ يقول: كان أحمد بن صالح يستعير منّي كلّ جُمعة الحمار، فيركبه إلى الصّلاة. وكنتُ جالسًا عند حَرْمَلَة في الجامع، فجاء أحمد على باب الجامع، فنظر إلينا وإلى حَرْمَلَة ولم يسلِّم، فقال حرملة:
أنظر إلى هذا، بالأمس يحمل دواتي، واليوم يمرُّ بي فلا يُسَلِّم!.
قال القاسم: ولم يحدِّثني أحمد لأني كنت جالسًا عند حَرْمَلَة [4] .
قال: وسمعت عبد الله بن محمد بن سَلْم المقدسي يقول: قدمِتُ مصرَ، فبدأت بحَرْمَلَة، فكتبتُ عنه كتاب عَمْرو بن الحارث، ويونس بن يزيد، و «الفوائد» . ثم ذهبت إلى أحمد بن صالح، فلم يحدِّثني.
فحملت كتاب يونس فحرّقته بين يديه لأُرْضيه، وليتني لم أحرقْه، فلم يرض، ولم يحدِّثني [5] .
قال ابن عديّ [6] : وأحمد من حفّاظ الحديث. وكلام ابن معين فيه تحامل
[1] في الكامل 1/ 187.
[2]
الكامل 1/ 186.
[3]
الكامل لابن عديّ 1/ 185، 186.
[4]
الكامل لابن عدي 1/ 186.
[5]
الكامل 1/ 186.
[6]
في الكامل 1/ 187.
وأما سوءُ ثناءِ النَّسائيّ عليه فلِما تَقَدَّم. إلى أن قال [1] : ولولا أنّي شرطت أن أذكر في كتابي كلّ من تكلَّم فيه متكلِّم لكنت أُجِلُّ أحمد بن صالح أن أذكره.
وقال ابن يونس: مات في ذي القعدة سنة ثمانٍ وأربعين [2] .
قال: ولم يكن عندنا بحمد الله كما قال النَّسائيّ، ولم تكن له آفة غير الكبر [3] .
قلت: وقع لي حديثه عاليًا في «جزء ابن الطّلاية» وغيره.
24-
أحمد بن صالح المكّيّ السوّاق [4] .
يقال له السَّمُوميّ.
عن: مؤمّل بن إسماعيل، ونُعَيْم بن حمّاد، وطبقتهما.
[1] في الكامل أيضا 1/ 187.
[2]
تاريخ البخاري، المعجم المشتمل.
[3]
[4]
انظر عن (أحمد بن صالح المكيّ) في:
الجرح والتعديل 2/ 56، رقم 74، والثقات لابن حبّان 8/ 26 (في ترجمة «أحمد بن صالح الطبري» وفيه:«الشمومي» بالشين المعجمة، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 73، 74 رقم 189، وميزان الاعتدال 1/ 104 رقم 407، والمغني في الضعفاء 1/ 42 رقم 311، وتهذيب التهذيب 1/ 42، 43 رقم 69، وفيه «الشمومي» ، وتقريب التهذيب 1/ 16 (في ترجمة:
أحمد بن صالح المصري، رقم 58) وفيه:«الشموني» بالنون، ولسان الميزان 1/ 186 رقم 590 و 1/ 186، 187 رقم 592، وفيه:«الشمومي» .
وعنه: الحسن بن اللَّيْث الرّازيّ.
قال أبو زُرْعَة: صدوق، لكنّه يحِّدث عن الضُّعَفاء والمجهولين [1] .
وقال ابن أبي حاتم [2] : روى عن مؤمّل أحاديث في الفِتَن تدلّ على توهين أمره [3] .
25-
أحمد بن عبد الله بن الحكم [4]- م. ت. ن. - أبو الحسين ابن الكرديّ الهاشميّ مولاهم البصْريّ.
عن: مروان بن معاوية، وغندر، وجماعة.
وعنه: م. ت. ن. [5] ، والبزّار في «مُسْنَده» ، وقاسم بن زكريّا المطرِّز، وآخرون.
تُوُفّي سنة سبْعٍ وأربعين [6] .
- أحمد بن عاصم الأنطاكيّ الزّاهد.
قد تقدمَّ.
26-
أحمد بن أبي الحواري عبد الله بن ميمون [7]- د. ق. -
[1] الجرح والتعديل 2/ 56.
[2]
الجرح والتعديل.
[3]
وقال ابن حبّان: كذّاب، شيخ كان بمكة يضع الحديث. (الثقات 8/ 26) .
[4]
انظر عن (أحمد بن عبد الله بن الحكم) في:
عمل اليوم والليلة للنسائي 506 رقم 7894 والثقات لابن حبّان 8/ 32، ورجال صحيح مسلم، لابن منجويه 1/ 36 رقم 22، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 15 رقم 47، والمعجم المشتمل لابن عساكر 49 رقم 46، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 365 رقم 57، والكاشف 1/ 20، و 21 رقم 46، وتهذيب التهذيب 1/ 47 رقم 78، وتقريب التهذيب 1/ 18 رقم 66، وخلاصة تذهيب التهذيب 81.
[5]
وقال عنه: ثقة. (المعجم المشتمل) .
[6]
وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: «مستقيم الحديث» .
[7]
انظر عن (أحمد بن أبي الحواري) في:
المراسيل لأبي داود، رقم 25 و 219، و 487، والجرح والتعديل 2/ 47 و 56 و 4/ 95، ومعجم الشيوخ لابن جميع (بتحقيقنا) 226، 227 رقم 186، والسنن الكبرى للبيهقي 7/ 142، والزهد الكبير، له رقم 40 و 250 و 274 و 387 و 440 و 448 و 912، والرسالة القشيرية 21، والإكمال لابن ماكولا 4/ 573، والفقيه والمتفقّه للخطيب 2/ 168، وطبقات
أبو الحسن الثّعلبيّ الغطفانيّ الدّمشقيّ الزّاهد. أحد الأئمّة.
أصله من الكوفة.
سمع: ابن عُيَيْنة، والوليد بن مسلم، وحفص بن غِيَاث، وعبد الله بن إدريس، وأبا معاوية، وعبد الله بن نُمَيْر، وعبد الله بن وهْب، وأبا الحسن الكِسائيّ، وخلْقا.
وصِحب أبا سليمان الدّارانيّ.
وأخذ بدمشق عن: أبي مُسْهر، وجماعة.
وعنه: د. ق.، وأبوا زرعة [1] ، وأبو حاتم، وسعيد بن عبد العزيز الحلبي، ومحمد بن خزيم، ومحمد بن المعافي الصيداوي، وأبو الجهم المشغراني، ومحمد بن محمد الباغندي، وخلق كثير.
قال هارون بن سعيد، عن يحى بن معِين، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: أهل الشّام به يمطرون.
[ () ] الصوفية للسلمي 98- 102 رقم، والأنساب لابن السمعاني 8/ 105، واللباب لابن الأثير 3/ 217، وتاريخ دمشق (المخطوط بالخزانة التيمورية) 10/ 8 و 15/ 228 و 37/ 213، و 39/ 342 و 44/ 183، ومعجم البلدان 5/ 134، 237، 238، وتهذيب تاريخ دمشق 6/ 92، وتاريخ دمشق (مصوّرة المجمع العلمي بدمشق) 397، وصفة الصفوة لابن الجوزي 4/ رقم 764، وحلية الأولياء لأبي نعيم 10/ 5- 33 رقم 457، والعقد الفريد 1228، 2/ 235 و 3/ 178 و 6/ 377، وربيع الأبرار للزمخشري 4/ 117، والمعجم المشتمل لابن عساكر 50 رقم 51، وذم الهوى لابن الجوزي 29، 30، والإشارات إلى معرفة الزيارات 28، ولباب الآداب لابن منقذ 283، والتذكار في فضل الأذكار للقرطبي 84، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 369- 375 رقم 62، والكاشف 1/ 21 رقم 50، ودول الإسلام 1/ 148، وسير أعلام النبلاء 12/ 85- 94 رقم 26، والعبر 1/ 446، وطبقات الحنابلة 1/ 78، ومرآة الجنان 2/ 153، 154، والبداية والنهاية 10/ 348، 349، وتهذيب التهذيب 1/ 49، رقم 784 وتقريب التهذيب 1/ 18 رقم 72، وطبقات الأولياء لابن الملقّن 31- 36 رقم 8، ومختصر طبقات الحنابلة 43، والطبقات الكبرى للشعراني 1/ 96، وخلاصة تذهيب التهذيب 8، وشذرات الذهب 2/ 110، وتاج العروس 8/ 42، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) 1/ 278، 279 رقم 85، والمغني في ضبط أسماء الرجال 83.
[1]
هما: أبو زرعة الدمشقيّ، وأبو زرعة الرازيّ.
رواها ابن أبي حاتم [1] ، عن محمد بن يحيى بن مَنْدَه، عنه.
وقال محمود بن خالد، وذُكِر أحمد بن أبي الحواري، فقال: ما أظنّ بقي على وجه الأرض مثله [2] .
وعن الْجُنَيد قال: أحمد بن أبي الحواري رَيْحانة الشّام [3] .
وقال أبو زُرْعة: حدَّثني أحمد بن أبي الحواري قال: قلتُ لشيخ دخل مسجد النبيّ صلى الله عليه وسلم: دُلَّني على مجلس إبراهيم بن أبي يحيى. فما كلّمني. فإذا هو عبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ.
وقال أحمد بن عطاء الرُّوَذباريّ: سمعتُ عَبْد الله بْن أَحْمَد بْن أبي الحواريّ قال: كنّا نسمع بكاء أبي باللَّيل حتّى نقول: قد مات. ثمّ نسمع ضَحِكَه حتّى نقول: قد جُنّ.
وقال محمد بن عَوْف الحمصيّ: رأيت أحمد بن أبي الحواري عندنا بطَرَسُوس، فلمّا صلّى العَتْمَة قام يصلّي، فاستفتح بالحمد إلى قوله: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1: 5 [4] فطُفْتُ الحائطَ كلّه ثمّ رجعت، فإذا هو لا يجاوز إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 1:5. ثم نمتُ، ومَرَرْتُ به سَحرًا [5] وهو يقرأ إِيَّاكَ نَعْبُدُ 1: 5 فلم يزل يردَّدُها إلى الصُّبْح.
وقال سعيد بن عبد العزيز: سمعتُ أحمد بن أبي الحواري يقول: مَن عمل بلا اتّباع سنة فعَمَلُه باطل [6] .
وقال: مَن نظر إلى الدّنيا نَظَرَ إرادةٍ وحُبّ، أخرج الله نورَ اليقين والزّهد من قلبه [7] .
[1] في الجرح والتعديل 2/ 47.
[2]
حلية الأولياء 10/ 22، صفة الصفوة 4/ 237.
[3]
صفة الصفوة.
[4]
سورة الفاتحة، الآية 4.
[5]
في المخطوط: «سحر» .
[6]
طبقات الصوفية للسلمي 101 رقم (4) .
[7]
طبقات الصوفية للسلمي 100 رقم (2) ، وحلية الأولياء 10/ 6، والزهد الكبير للبيهقي 134، 135 رقم 250، ومختصر تاريخ دمشق لابن منظور 3/ 146، وطبقات الأولياء 32.
قلت: ولأحمد قدم ثابت في العلم والحديث والزُّهْد والمواظبة.
ومن مناقبه: قال أبو الدَّحْداح الدّمشقيّ: نا الحسين بن حامد أنّ كتاب المأمون وردَ على إسحاق بن يحيى بن مُعاذ أمير دمشق، أن أحْضِر المحدِّثين بدمشق فامْتَحِنْهُم. فأحضر هشام بن عمّار، وسليمان بن عبد الرحمن، وعبد الله بن ذَكْوان، وأحمد بن أبي الحواري، فامْتَحَنَهُم امتحانًا ليس بالشّديد، فأجابوا، خلا أحمد بن أبي الحواري، فجعل يرفق به ويقول: أليس السَّماوات مخلوقة؟ أليست الأرض مخلوقة؟
وأحمد يأبى أن يُطيعه. فسجنه في دار الحجارة، ثمّ أجاب بعدُ، فأطلقه.
وقال أحمد بن أبي الحواري: قال لي أحمد بن حنبل: متى مَوْلدُك؟
قلت: سنة أربعٍ وستّين [1] ومائة.
قال: هي مولدي.
وقد ذكر السُّلَميّ في «مِحَن الصُّوفيّة» أحمدَ بنَ أبي الحواري فقال: شهد عليه قوم أنّه يُفَضِّل الأولياء على الأنبياء، وبذلوا الخطوط عليه. فهربَ من دمشق إلى مكّة، وجاورَ حتّى كتب إليه السّلطان يسأله الرجوع، فرجع.
قلت: هذا من الكذِب على أحمد، رحمه الله، فإنّه كان أعلم باللَّه من أن يقع في ذلك، وما يقع في هذا إلا ضالٌّ جاهل.
وقال السُّلَميّ في «تاريخ الصُّوفيّة» : سمعتُ محمد بن جعفر بن مطر:
سمعت إبراهيم بن يوسف الهَسَنْجانيّ يقول: رمى أحمد بن أبي الحواري بكُتُبه في البحر وقال: نِعْم الدّليل كنتِ. والاشتغال بالدّليل بعد الوصول مُحَال [2] .
ثم قَالَ السُّلَميّ: سمعتُ محمد بْن عَبْد الله الطِّبَريّ: سمعت يوسف بن الحسين يقول: طلب أحمد بن أبي الحواري العلم ثلاثين سنة، ثمّ حمل كُتُبه كلّها إلى البحر فغرّقها، وقال: يا عِلْم لم أفعلْ هذا بك استخفافا، ولكن لمّا
[1] في أصل المخطوط: «أربع وتسعين» وهو غلط، والصواب ما أثبتناه. (تهذيب الكمال 1/ 374) .
[2]
حلية الأولياء 10/ 6 و 7.
أهتديتُ بك استغنيت عنك [1] .
ثم روى السُّلَميَ [2] وفاة ابن أبي الحواري سنة ثلاثين ومائتين [3] ، وهذا غلط.
حكاية عجيبة لا أعلم صحّتها روي السُّلَميّ، عن محمد بْن عَبْد اللَّه، وأبي عَبْد اللَّه بْن بالَويَهْ، عن أبي بكر الغارميّ: سمعا أبا بكر السّبّاك، سمعتُ يوسف بن الحسين يقول: كان بين أبي سليمان الدّارانيّ، وأحمد بن أبي الحواري عقْد لا يخالفه في أمر.
فجاءه يومًا وهو يتكلَّم في مجلسه فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِرِ. فلم يُجِبْه.
فقال: إنَّ التّنُّور قد سُجِر، فما تأمر؟
فلم يُجِبْه. فأعاد الثّالثة فقال: اذهب فاقْعُدْ فيه. كأنّه ضاقَ به. وتغافل أبو سليمان ساعةً، ثمّ ذكر فقال: اطلبوا أحمد، فإنّه في التّنّور، لأنه على عقْدٍ أن لا يخالفني.
فنظروا فإذا هو في التّنُّورِ لم يحترق منه شَعْرة [4] .
قال عَمْرو بن دُحَيْم: تُوُفّي لثلاثٍ بقين من جُمَادَى الآخرة سنة ستٍّ وأربعين [5] .
27-
أحمد بن عبد الله بن خالد بن موسى [6] .
[1] حلية الأولياء 10/ 6.
[2]
في طبقات الصوفية 99، وبها أرّخه ابن الجوزي في: صفة الصفوة 4/ 238.
[3]
والصحيح وفاته سنة ست وأربعين ومائتين.
[4]
تاريخ دمشق (مخطوطة التيموريّة) 19/ 587.
[5]
ويقال: سنة خمس. (المعجم المشتمل) .
[6]
انظر عن (أحمد بن عبد الله الجويباري) في:
أحوال الرجال للجوزجانيّ 206 رقم 380، والضعفاء والمتروكين للنسائي 67، والمجروحين والضعفاء لابن حبّان 1/ 142، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 1/ 181، 182، والضعفاء والمتروكين للدارقطنيّ 50 رقم 37، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 78، 79 رقم 209، ومعجم البلدان 2/ 176، والمغني في الضعفاء 1/ 43 رقم 322، وميزان الاعتدال 1/ 106- 108 رقم 421، والكشف الحثيث 58، 59 رقم 47، ولسان الميزان 1/ 193 رقم 611.
أبو عليّ الشَّيْبانيّ الْجُوباريّ ويقال الْجُوَيْباريّ الهَرَوِيّ، المعروف بسَتّوق.
وجُوبار: من أعمال هَرَاة.
روى عن: جرير، وابن عُيَيْنَة، والفضل بن موسى السّينانيّ، ووَكِيع، وغيرهم أحاديث وضَعَها عليهم.
وعنه: محمد بن كرّام السّجِسْتانيّ شيخ الكرّاميّة، وأحمد بن بهْرام، وآحاد النّاس.
قال ابن عَدِيّ [1] : له أحاديث كثيرة وضعها.
وقال الدَّارَقُطْنيّ [2] : كذاب.
وقال الحاكم أبو عبد الله: لا يَحِلّ كَتْبُ حديثه بوجهٍ.
قُلْتُ: وَمِنْ مَوْضُوعَاتِهِ: رُوِي عَنْ أَبِي يَحْيَى الْمُعَلِّمِ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ يَرْفَعُهُ قَالَ:«يَكُونُ فِي أُمَّتِي رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ النُّعْمَانُ بْنُ ثَابِتٍ يُكْنَى أَبَا حَنِيفَةَ، يُجَدِّدُ اللَّهُ سُنَّتِي عَلَى يَدَيْهِ» [3] . تُوُفيّ في رجب سنة سبع وأربعين [4] .
[1] في الكامل 1/ 181، وقال: وكان يضع الحديث لابن كرّام على ما يريده، وكان ابن كرّام يضعها في كتبه عنه ويسمّيه أحمد بن عبد الله الشيبانيّ.
[2]
في الضعفاء والمتروكين، رقم 37.
[3]
الكامل لابن عديّ 1/ 182.
[4]
وضعّفه النسائي.
وقال ابن حبّان: دجّال من الدجاجلة كذّاب، يروي عن ابن عيينة، ووكيع، وأبي ضمرة، وغيرهم من ثقات أصحاب الحديث، ويضع عليهم ما لم يحدّثوا، وقد روى عن هؤلاء الأئمة ألوف حديث ما حدّثوا بشيء منها، كان يضعها عليهم، لا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إِلا عَلَى سبيل الجرح فيه، ولو أنّ أحداث أصحاب الرأي بهذه الناحية خفي عليهم شأنه، لم أذكره في هذا الكتاب لشهرته عند أصحاب الحديث قاطبة بالوضع على الثقات ما لم يحدّثوا. (المجروحون 1/ 142) .
وقال محمد بن أحمد بن حمّاد: أحمد بن عبد الله الهروي ستّوق، كان يضع الحديث ما أدري حسن إيمانه. (الكامل 1/ 181) .
وقال الجوزجاني: أحمد بن عبد الله ستّوق الهروي، كان يضع الحديث، ما أدري حسن إيمانه.
(أحوال الرجال 206) وقد تحرّفت «حسن» إلى «حسب» ، فلتصحّح.
28-
أحمد بن عبد الرحمن بن بكّار بن عبد الملك بن الوليد بن بُسْر بن أرطاة [1] . - ت. ن. ق. - أبو الوليد القرشيّ العامري البسريّ الدّمشقيّ، نزيل بغداد.
سمع: الوليد بن مسلم، وعِراك بن خالد، ومروان بن معاوية.
وعنه: ت. ن. ق.، وأبو محمد الدّارِميّ، وعبد الله بن ناجية، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو حامد الحضْرميّ، وحاجب الفَرَغانيّ، وَآخَرُونَ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: صَدُوقٌ [2] .
وَقَالَ النَّسَائِيُّ: صالح [3] . مات في رمضان سنة ثمان وأربعين [4] .
وقال الباغَنْديّ: نا إسماعيل بن عبد الله اليَشْكُريّ قال: لم يسمع أبو الوليد مِنَ الوليد بن مسلم شيئًا. وكنت أعرفه شبه قاصّ. وكان يحلّل النّساء للرّجال، ويُعطي السَّبْي، سامحه الله [5] .
29-
أحمد بن عَبْدَة بن موسى الضّبّيّ [6]- م. ع. -
[1] انظر عن (أحمد بن عبد الرحمن بن بكار) في:
أخبار القضاة لوكيع 3/ 211، والجرح والتعديل 2/ 59 رقم 89، والثقات لابن حبّان 8/ 23، وتاريخ بغداد 4/ 241- 243 رقم 1967، والأنساب 2/ 212، والمعجم المشتمل لابن عساكر 51 رقم 54، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 383- 385 رقم 66، والمغني في الضعفاء 1/ 45 رقم 343، وميزان الاعتدال 1/ 115 رقم 445، والكاشف 1/ 22 رقم 53، وسير أعلام النبلاء 12/ 114 رقم 37، وتهذيب التهذيب 1/ 52، 53 رقم 89، وتقريب التهذيب 1/ 19 رقم 76، وخلاصة تذهيب التهذيب 8، 9.
[2]
الجرح والتعديل 2/ 59.
[3]
المعجم المشتمل 51.
[4]
المعجم المشتمل. وقال البغوي: مات سنة ست وأربعين ومائتين، قال الخطيب: وهذا القول وهم.
[5]
تاريخ بغداد 4/ 242 بأطول مما هنا. ثم قال: وأبو الوليد ليس حاله عندنا ما ذكر الباغنديّ عن هذا الشيخ، بل كان من أهل الصدق، وقد حدّث عنه من الأئمة: أبو عبد الرحمن النسائي وحسبك به، وذكره أيضا في جملة شيوخه الّذين بيّن أحوالهم.
[6]
انظر عن (أحمد بن عبدة) في:
التاريخ الصغير للبخاريّ 236، وتاريخ الطبري 1/ 296، والجرح والتعديل 2/ 62 رقم 100، والثقات لابن حبّان 8/ 23، 24، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 21، 32 رقم 4، وتاريخ جرجان للسهمي 387، والمعجم المشتمل لابن عساكر 53 رقم 60، وتهذيب الكمال
أبو عَبْد اللَّه البصريّ.
سمع: حمّاد بن زيد، وعبد الواحد بن زياد، وحفص بن جُمَيْع، وطائفة.
وعنه: م. ع.، وزكريا السّاجيّ، وأبو بكر بن خزيمة، وخلق كثير.
وكان ثقة نبيلا.
توفي في شوال [1] سنة خمس وأربعين.
30-
أحمد بن عثمان بن عبد النّور [2]- م. ت. ن. - أبو عثمان النَّوْفَليّ البصْريّ، المعروف بأبي الْجَوْزاء عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وقريش بن أنس، وأزهر السّمّان، وغيرهم.
وعنه: م. ت [3] . ن [4] . وأبو بَكْر بْن أبي عاصم، وآخرون.
وكان من نُسّاك أهل البصرة وثقاتهم.
تُوُفّي سنة ستٍّ وأربعين ومائتين [5] .
31-
أحمد بن عَمْرو بن عبد الله بن عُمَرو بن السّرح [6]- م. د. ن. ق. -
[ () ] للمزّي 1/ 397- 399 رقم 75، والمغني في الضعفاء 1/ 47 رقم 354، والكاشف 1/ 23، رقم 59، والوافي بالوفيات 7/ 166 رقم 3099، وتهذيب التهذيب 1/ 59 رقم 99، وتقريب التهذيب 1/ 20 رقم 85، وخلاصة تذهيب التهذيب 8.
[1]
في التاريخ الصغير للبخاريّ 236، والمعجم المشتمل: في رمضان، وكذا في ثقات ابن حبّان 8/ 23.
[2]
انظر عن (أحمد بن عثمان النوفلي) في:
الجرح والتعديل 2/ 63 رقم 104، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 34 رقم 15، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 14 رقم 43، والمعجم المشتمل 54 رقم 65، وتهذيب الكمال 1/ 406، 407 رقم 81، والكاشف 1/ 24 رقم 64، وتهذيب التهذيب 1/ 61 رقم 105، وتقريب التهذيب 1/ 22 رقم 91، وخلاصة تذهيب التهذيب 10.
[3]
وهو كنّاه أبا عثمان.
[4]
وقال: لا بأس به. (المعجم المشتمل) .
[5]
وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: مات في رمضان سنة خمس وأربعين.
[6]
انظر عن (أحمد بن عمرو) في:
عمل اليوم والليلة للنسائي 385 رقم 578 ورقم 589، والمراسيل لأبي داود (في مواضع كثيرة) ، والكنى والأسماء لمسلم، ورقة 55، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 144، 145، 150، 164، 262، 359، والجرح والتعديل 2/ 15 رقم 115، والثقات لابن حبّان 8/ 29، والولاة
أبو الطّاهر الأمويّ، مولاهم المصريّ الفقيه.
عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن وهْب، وسعيد الآدم.
وعنه: م. د. ن [1] . ق.، وطائفة آخرهم أبو بكر بن أبي داود.
وكان من جِلّة العلماء، شرح «موطّأ ابن وهب» .
وتوفّي لأربع عشرة خلت من ذي القعدة سنة خمسين [2] .
وتفرَّد عن ابن وهْب بحديث.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: ثناه أَبُو الْعَلاءِ الْكُوفِيُّ، وَالْقَاسِمُ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَالْعَبَّاسُ بْنُ محمد، وَمحمد بْنُ زِيَادِ بْنِ حَبِيبٍ، وَغَيْرُهُمْ قَالُوا: ثنا أَبُو طَاهِرِ بْنُ السَّرْحِ، نا ابْنُ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ بَنِي آدَمَ سَيِّدٌ، الرَّجُلُ سَيِّدُ أَهْلِهِ، وَالْمَرْأَةُ سَيِّدَةُ بَيْتِهَا» . هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ [3] .
32-
أحمد بن عيسى بن حسّان [4]- خ. م. د. ن. ق. -
[ () ] والقضاة للكندي 304، 318، 333، 334، 338، 344، 345، 350، 364، 378، 398، 470، ومروج الذهب للمسعوديّ 3069، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 33، رقم 9، والمستدرك على الصحيحين للحاكم 1/ 213 وفيه «السراج» بدل «السرح» ، وهو غلط، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 14 رقم 40، وطبقات علماء إفريقية (انظر فهرس الأعلام) ، وترتيب المدارك للقاضي عياض 3/ 78، والمعجم المشتمل 56 رقم 70، واللباب 2/ 112، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 1/ 199، وتهذيب الكمال 1/ 415- 417 رقم 86، والكاشف 1/ 25 رقم 69، والعبر 1/ 455، وسير أعلام النبلاء 12/ 62، 63 رقم 14، وتذكرة الحفاظ 2/ 504، 505، والبداية والنهاية 11/ 6، وتهذيب التهذيب 1/ 64 رقم 112، وتقريب التهذيب 1/ 23 رقم 97، وطبقات الحفاظ 219، وحسن المحاضرة 1/ 309، وخلاصة تذهيب التهذيب 10، وشذرات الذهب 2/ 120.
[1]
وقال: ثقة. المعجم المشتمل.
[2]
الثقات لابن حبان، المعجم المشتمل.
[3]
قال أبو سعيد بن يونس: قال لي علي بن الحسن بن خلف بن قديد: كان يونس جدّك يحفظ وكان أحمد بن عمرو لا يحفظ، وكان ثقة ثبتا صالحا.
[4]
انظر عن (أحمد بن عيسى) في:
التاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 6 رقم 1512، والتاريخ الصغير، له 235، والكنى والأسماء لمسلم، ورقة 66، والجرح والتعديل 2/ 64 رقم 109، والثقات لابن حبّان 8/ 15، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 40، 41 رقم 22، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 36 رقم 21،
أبو عبد الله المصريّ المعروف بابن التُّسْتَريّ.
سمع: ضِمام بن إسماعيل، ومفضَّل بن فَضَالَةَ، وابن وهْب، وبِشْر بن بكر، وأزهر السَّمّان، وغيرهم.
وعنه: الجماعة سوى ت.، وأبو زُرْعة، وأبو حاتم، وإبراهيم الحربيّ، ويوسف القاضي، وأبو القاسم البَغَويّ، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، وآخرون.
قال: أبو داود: سألت ابن مَعِين عنه فحلفَ باللَّه أنّه كذّاب [1] .
وقال أبو زُرْعة لمّا نظر في «صحيح مسلم» : يروي عن أحمد بن عيسى في الصّحيح، وما رأيتُ أهل مصر يشكّون في أنّه
…
وأشارَ إلى لسانه [2] .
وأمّا النَّسائيّ فقال: ليس به بأس [3] .
وقال الخطيب [4] : ما رأيتُ لمن ترك الاحتجاج بحديثه حُجّة.
مات بسامرّاء في صفر سنة ثلاث وأربعين ومائتين [5] . وكان أبوه يّتَّجِر إلى تُسْتَر، فعرف بالتّستريّ، وهي ششتر [6] .
[ () ] وتاريخ بغداد 4/ 272- 275 رقم 2023، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 7 رقم 7، والأنساب لابن السمعاني 3/ 55، والمعجم المشتمل لابن عساكر 56، 57 رقم 72، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 417- 421 رقم 87، والمغني في الضعفاء 1/ 51 رقم 394، وميزان الاعتدال 1/ 125، 126 رقم 507، والكاشف 1/ 25 رقم 70، وسير أعلام النبلاء 12/ 70، 71 رقم 16، والوافي بالوفيات 7/ 272 رقم 3245، وتهذيب التهذيب 1/ 65 رقم 116، وتقريب التهذيب 1/ 23 رقم 100، وهدي الساري 387، وخلاصة تذهيب التهذيب 10، 11، وشذرات الذهب 2/ 102.
[1]
تاريخ بغداد 4/ 273.
[2]
كأنه يقول الكذب. (تاريخ بغداد 4/ 274) .
[3]
المعجم المشتمل، رقم 72.
[4]
في تاريخ بغداد 4/ 275.
[5]
المعجم المشتمل. وقال ابن حبّان في «الثقات» : مات قبل الأربعين، وقيل إنه مات سنة ثلاث وأربعين ومائتين، والأول أشبه. (8/ 15) .
[6]
وقال ابن أبي حاتم: كتب عنه أبي وأبو زرعة بالبصرة. وسألت أبي عنه فقال: قيل لي بمصر إنه قدمها واشترى كتب ابن وهب وكتاب المفضّل بن فضالة، ثم قدمت بغداد فسألت: هل يحدّث عن المفضّل؟ قالوا: نعم، فأنكرت ذلك، وذلك أن الرواية عن ابن وهب والمفضّل لا يستويان، قال: وسئل أبي عنه فقال: تكلّم الناس فيه. (الجرح والتعديل 2/ 64) .
وذكره ابن حبّان في «الثقات» وقال: كان متقنا.
33-
أَحْمَدُ بْنُ عِيسَى بْنِ زَيْدِ بْنِ عَلِيٍّ بن الشّهيد الحُسَين الحُسَينيّ [1] .
سيّد العلويّة وشيخهم. حَبَسه الرشيد عند الفضل بن الربيع مدةً، فهرب وتنقّل واختفى دهرا طويلا، وكبر وضعُف بصَرُه.
مات بالبصرة سنة سبْعٍ وأربعين في رمضان.
34-
أحمد بن عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الإمام عليّ بن أبي طالب [2] .
أبو طاهر العلويّ المدنيّ.
عن: أبيه، وابن أبي فُدّيْك.
وعنه: محمد بن منصور بن يزيد الكوفيّ، وأبو يونس المّدِينيّ، وغيرهما.
ذكره ابن أبي حاتم، وأبو أحمد الحاكم، ولم يضعّفاه.
له غرائب.
35-
الإمام أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حيَّان بن عبد الله بن أَنَس بن عَوْف بن قاسط بن مازن بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكابة بْن صَعْب بْن عليّ بْن بَكْر بْن وائل [3] .
[1] انظر عن (أحمد بن عيسى الحسيني) في:
تاريخ الطبري 8/ 275 و 9/ 412، 487، 488، ومقاتل الطالبيين 399، وسير أعلام النبلاء 12/ 72 رقم 18، والوافي بالوفيات 7/ 271، 272 رقم 3243.
[2]
انظر عن (أحمد بن عيسى العلويّ) في:
الجرح والتعديل 2/ 65 رقم 111، ومقاتل الطالبيين 715، وميزان الاعتدال 1/ 126، 127، وسير أعلام النبلاء 12/ 71، 72 رقم 17.
[3]
انظر عن (الإمام أحمد بن حنبل) في:
الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 354، والتاريخ لابن معين برواية الدوري 2/ 19، 20، ومعرفة الرجال برواية ابن محرز 2/ رقم 445، والتاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 5 رقم 1505، والتاريخ الصغير، له 234، والكنى والأسماء لمسلم، ورقة 65، والمراسيل لأبي داود (في مواضع كثيرة) ، وتاريخ اليعقوبي 2/ 472، والمعرفة والتاريخ للفسوي (انظر فهرس الأعلام) 3/ 436، وتاريخ أبي زرعة الدمشقيّ 1/ 443، 444، 466، 483، 553، 556، 559، 560، 570، 615، 617، 618، 621، 649، 651، 656، 662، 676، 677، و 716، 718، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 45، 108، 109، 116، 297، 326، 333، 371، 373 و 2/ 7، 161، 189، 195، 212، 213، 215، 224، 274، 276، 279، 283، 287، 289،
_________
[ () ] 300، 307، 309، 313، 314، 316، 326، 380، 408، 423، 427 و 3/ انظر فهرس الأعلام 482، وتاريخ الطبري 2/ 292، 384، 390 و 8/ 637، 644، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 53، وتاريخ الثقات للعجلي 49 رقم 9، وتقدمة المعرفة لكتاب الجرح والتعديل 1/ 292- 313، والجرح والتعديل 2/ 68 رقم 126، والثقات لابن حبّان 8/ 18، 19، ومروج الذهب 2797، 2914، 2916، 3384، ورجال الطوسي 367 رقم 7، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 42، 43 رقم 25، ومن حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) 66، 67، 98، 107، ورجال صحيح مسلم لابن منجويه 1/ 30، 31 رقم 1، وتاريخ بغداد 4/ 412- 425 رقم 2317، وجمهرة أنساب العرب 300، وموضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 432، والسابق واللاحق 53 رقم 1، وتاريخ جرجان للسهمي 71، 83، 111، 115، 141، 147، 160، 203، 376، 389، 392، 405، 476، 536، 554، 556، 558، وطبقات الفقهاء للشيرازي 9، 13، 67، 72، 73، 82، 84، 85، 91، 92، 94، 97، 100، 147، 169- 171، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 5 رقم 1، والبدء والتاريخ للمقدسي 6/ 121، والإنباء في تاريخ الخلفاء لابن العمراني 12، 105، 118، والعيون والحدائق 1/ 360، 377، 384، 465، وتاريخ حلب للعظيميّ 229، 249، 257، والجليس الصالح للجريري 271، وتاريخ دمشق 7/ 218- 296 رقم 136، والمعجم المشتمل لابن عساكر 58 رقم 78، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 120، ونشوار المحاضرة، له 7/ 60، 61، 63، وذم الهوى لابن الجوزي 165، وأدب القاضي للماوردي (انظر فهرس الأعلام) 2/ 468، 469، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) 1/ 15، والإشارات إلى معرفة الزيارات للهروي 74، والحمقى والمغفّلين 65، وطبقات الحنابلة 1/ 4- 20 رقم 1، وحلية الأولياء 9/ 161- 232، والكامل في التاريخ 7/ 80 وانظر فهرس الأعلام 13/ 13، ومناقب الإمام أحمد لابن الجوزي، ووفيات الأعيان 1/ 63- 65 وانظر فهرس الأعلام 7/ 56، والروض المعطار للحميري 193، والإقتراح في بيان الاصطلاح لابن دقيق العيد 8، 97، 111، 392، والزهد الكبير للبيهقي رقم 73 و 725 و 897، وخلاصة الذهب المسبوك للإربلي 195، وملء الغيبة للفهري 2/ 269، 289، 350، وطبقات الشافعية الكبرى لابن السبكي 2/ 27- 37، وتهذيب الكمال 1/ 437- 470 رقم 96، والكاشف 1/ 26 رقم 77، والمعين في طبقات المحدّثين 82 رقم 887، ودول الإسلام 1/ 146، وسير أعلام النبلاء 11/ 177- 358 رقم 78، والعبر 1/ 435، وتذكرة الحفاظ 2/ 431، والفهرست لابن النديم 285، وتهذيب الأسماء واللغات 1/ 110- 112، والوافي بالوفيات 6/ 363- 369 رقم 2868، ومرآة الجنان 2/ 132- 134، والبداية والنهاية 10/ 325- 343، وغاية النهاية 1/ 112، والمختصر في أخبار البشر 2/ 39، وتاريخ ابن الوردي 1/ 226، وآثار البلاد وأخبار العباد 318، 319، 321، 322، 445، 511، وتاريخ الخميس 2/ 378، والنجوم الزاهرة 2/ 304- 306، وطبقات الحفاظ 186، وتهذيب التهذيب 1/ 72- 76 رقم 126، وتقريب التهذيب 1/ 24 رقم 110، وخلاصة تذهيب التهذيب 11، 12، وطبقات المفسّرين للداوديّ 1/ 70، وشذرات الذهب 2/ 96- 98، والكشكول 219، والرسالة المستطرفة 18، ومعجم المؤلّفين 2/ 96، والوفيات لابن قنفذ 189 رقم 241، ومشارع الأشواق للدمياطي (انظر فهرس الأعلام) 2/ 1142، وآثار الأول في ترتيب الدول للعباسي 249.
الإمام أبو عبد الله الشَّيْبانيّ. هكذا نسَبه ولده عبد الله واعتمده أبو بكر الخطيب [1] ، وغيره.
وقال ابن أبي حاتم: ثنا صالح بْن أَحْمَد قَالَ: وجدتُ في كتاب أَبِي نسبَهُ، فَسَاقه إلى مازن، ثم قال: ابن هُذَيْل بن شيبان بن ثعلبة بن عُكابة.
قلت: قال فيه هُذَيْل بن شَيْبان كما ترى، وهو غَلَط.
وقال البَغَويّ: نا صالح بن أحمد فقال فيه: ذُهْل، بدل: هُذَيْل.
وكذا نقل إبراهيم بن إسحاق الغَسيل، عن صالح. فدلَّ على أنّ الوهْم من ابن أبي حاتم.
وأما قَول عبّاس الدُّوريّ، وأبي بكر بن أبي داود أنّ الإمام أحمد كان من بني ذُهل بن شيبان، فغلَّطهما الخطيب وقال: إنّما كان من بني شيبان بن ذُهَل بن ثَعْلَبَة [2] .
قال: وذُهْل بن ثعلبة هو عمّ ذُهْل بن شيبان بن ثعلبة. فينبغي أن يقال فيه:
أحمد بن حنبل الذُّهْليّ على الإطلاق.
وقد نسبه البخاري [3] إليهما معًا فقال: الشَّيْبانيّ الذُّهْليّ.
وأمّا «ابن ماكولا» مع بَصَره بالأنساب فَوَهِم، وقال في سياق نَسَبه [4] :
مازن بن ذُهْل بن شَيْبان بن ذُهْل بن ثعلبة. ولم يتابَع عليه.
وقال صالح بن أحمد: قال لي أبي: وُلِدْتُ في ربيع الأول سنة أربع وستّين ومائة [5] .
قال صالح: وجيء بأبي حُمِل من مرو، فتوفّي أبوه محمد شابّا ابن ثلاثين
[1] في تاريخ بغداد 4/ 412 و 413.
[2]
تاريخ بغداد 4/ 413.
[3]
في تاريخه الكبير 2/ 5.
[4]
في: الإكمال 2/ 562، 563.
[5]
تاريخ بغداد 4/ 415.
سنة، فوليت أبي أمّه [1] .
قال أبي: وكانت قد ثقبت أذني، فكانت أمّي تصيّر فيهما لؤلؤتين. فلمّا ترعرعت نزعتهما، فكانتا عندها، فدفعتهما إليّ، فبعتهما بنحو من ثلاثين درهما [2] .
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، وأحمد بن أبي خيثمة إنّه ولد في ربيع الآخر.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: طلبتُ الحديث سنة تسعٍ وسبعين، وجاءنا رجل وأنا في مجلس هُشَيْم فقال: مات حمّاد بن زيد [3] .
فمن شيوخه: هُشَيْم، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وإبراهيم بن سعد، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى القطّان، والوليد بن مسلم، وإسماعيل بن عُلَية، وعليّ بن هاشم بن البريد، ومعتمر بن سليمان، وعمّار بن محمد ابن أخت الثَّوريّ، ويحيى بن سُلَيْم الطّائفيّ، وغُنْدر، وبِشْر بن المفضّل، وزياد البكّائيّ، وأبو بكر بن عيّاش، وأبو خالد الأحمر، وعبّاد بن عبّاد المُهَلّبيّ، وعَبّاد بن العوّام، وعبد العزيز بن عبد الصّمد العمِّيّ، وعمر بن عُبَيْد الطّنَافِسِيّ، والمطَّلِب بن زياد، ويحيى بن أبي زائدة، والقاضي أبو يوسف، ووَكِيع، وابن نُمَيْر، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ، وَيَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، وعبد الرّزَاق، والشافعيّ، وخلْق كثير.
وممّن روى عنه: خ. م. د.، ومَنْ بَقي بواسطة، وخ. د. أيضا بواسطة، وابناه صالح، وعبد الله، وشيوخه: عبد الرّزّاق، والحَسَن بن موسى الأشيب، والشّافعيّ لكنه قال: الثقة [4] . ولم يُسَمَّه.
وأقرانه: عليّ بن المَدِينيّ، ويحيى بن مَعِين، ودُحْيم الشّاميّ، وأحمد بن أبي الحواري، وأحمد بن صالح المصريّ.
[1] تاريخ بغداد 4/ 415، تاريخ دمشق 7/ 222.
[2]
حلية الأولياء 9/ 163.
[3]
تاريخ دمشق 7/ 228.
[4]
تاريخ دمشق 7/ 256.
ومن القدماء: محمد بن يحيى الذّهليّ، وأبوا زُرْعَة، وعبّاس الدُّوريّ، وأبو حاتم، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وإبراهيم الحربيّ، وأبو بكر الأثرم، وأبو بكر المّرْوَزيّ، وحرب الكِرمْانيّ، وموسى بن هارون، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم أبو القاسم البَغَويّ.
وقال أبو جعفر بن ذَرِيح العُكْبَريّ: طلبتُ أحمد بن حنبل لأسأله عن مسألة، فسلّمت عليه، وكان شيخًا مخضوبًا، طُوالا، أسمر شديد السُّمرة [1] .
وقال الخطيب [2] : وُلِد أبو عبد الله ببغداد ونشأ بها، وطلب العلم بها، ثمّ رحل إلى الكوفة، والبصْرة، ومكّة، والمدينة، واليمن، والشّام، والجزيرة.
وقال أحمد: مات هُشَيْمٍ سنة ثلاثٍ وثمانين، وخرجت إلى الكوفة في تلك الأيّام، ودخلت البصرة سنة ستٍّ وثمانين. ثمّ دخلتها سنة تسعين، وسمعت من عليّ بن هاشم سنة تسع وسبعين. ثمّ عدت إليه المجلسَ الآخر وقد مات.
وهي السنة الّتي مات فيها مالك [3] .
وقال: قدِمْنا مكة سنة سبْعٍ وثمانين، وقد مات الفُضَيْل، وفي سنة إحدى وتسعين، وفي سنة ستٍّ. وأقمتُ بمكة سنة سبُعٍ، وخرجنا سنة ثمانٍ. وأقمت سنة تسعٍ وتسعين عند عبد الرّزّاق، وحججت خمس حِجَج، منها ثلاث راجلا.
وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهمًا [4] . ولو كان عندي خمسون دِرْهمًا لخرجتُ إلى جرير بن عبد الحميد [5] .
وقال: رأيت ابن وهْب بمكّة، ولم أكتب عنه.
وقال محمد بن حاتم: ولي جدّ الإمام أحمد حنبل بن هلال: سَرْخَس، وكان من أبناء الدّعوة. فحُدّثت أنّه ضربه المسيب بن زُهير الضّبيّ ببخارى، لكونه شغّب الجند [6] .
[1] تاريخ دمشق 7/ 225.
[2]
في تاريخ بغداد 4/ 412.
[3]
تاريخ بغداد 4/ 416 وانظر: حلية الأولياء 9/ 162.
[4]
تقدمة المعرفة 304.
[5]
تاريخ دمشق 7/ 229، 230.
[6]
تاريخ بغداد 4/ 415، تاريخ دمشق 7/ 224.
وعن عبّاس النَّحْويّ قال: رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه، رَبْعَه، يَخْضِب بالحِنّاء خضابا ليس بالقاني. وفي لحيته شَعِرات سُود. ورأيت ثيابه غلاظا، إلا أنّها بِيض. ورأيتهُ مُعْتَمّا وعليه إزار [1] .
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبتُ لأسمع من ابن المبارك فلم أُدْرِكْه. وكان قد قدِم فخرج إلى الثَّغر، فلم أسمع منه ولا رأيته.
وقال عارم أبو النُّعْمان: وضع أحمد عندي نَفَقَتَه، فكان يجيء فيأخذ منها حاجته، فقلت له يومًا: يا أبا عبد الله بَلَغَني أنَّك من العرب.
فقال: يا أبا النُّعْمان نحن قوم مساكين.
فلم يزل يدافعني حتّى خرج ولم يقل لي شيئًا [2] .
وقال صالح: عزم أبي على الخروج إلى مكّة. ورافق يحيى بن مَعِين، فقال أبي: نحجُّ ونمضي إلى صنعاء إلى عبد الرّزّاق.
قال: فمضينا حتّى دخلنا مكّة، فإذا عبد الرّزّاق في الطَّواف، وكان يحيى يعرفه، فطفْنا، ثمّ جئنا إلى عبد الرّزّاق، فسلَّم عليه يحيى وقال: هذا أخوك أحمد بن حنبل.
فقال: حيّاه الله، إنّه لَيَبْلُغُني عنه كلام [3] أُسَرُّ بِهِ. ثبّته الله على ذلك.
ثمّ قام لينصرف، فقال يحيى: ألا نأخذ عليه الموعد.
فأبى أحمد وقال: لم أغير النية في رحلتي إليه. أو كما قال.
ثمّ سافر إلى اليمن لأجله، وسمع منه الكتب، وأكثر عنه [4] .
[1] تاريخ بغداد 4/ 416، تاريخ دمشق 7/ 225.
[2]
تاريخ دمشق 7/ 222، 223.
[3]
في المخطوط: «كلاما» .
[4]
تاريخ دمشق 7/ 230، 231.
فصل في إقباله على العلم واشتغاله وحِفْظه قال الخلال: أنا المَرُّوذِيّ أنّ أبا عبد الله قال له: ما تزوّجت إلا بعد الأربعين.
وعن أحمد الدَّوْرَقيّ، عن أبي عبد الله قال: نحن كتبنا الحديث من ستّة وُجوه وسبعة وُجوه، لم نضبطه، فكيف يضبطه من كتبه من وجهٍ واحد.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: سمعت أبا زُرْعَة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث.
فقيل له: وما يُدْريك؟
قال: ذاكَرْتُه فأخذت عليه الأبواب [1] .
وقال جُنَيْد: سمعتُ أبا عبد الله يقول: حفظت كلّ شيء سمعته من هُشَيْم، وهُشَيْم حيّ [2] .
وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم [3] : قال سعيد بن عَمْرو البَرْدَعيّ: يا أبا زُرْعَة، أنت أحفظ أَمّ أحمد بن حنبل؟
فقال: بل أحمد.
قلت: وكيف علمت؟
قال: وجدتُ كُتُبَه ليس في أوائل الأجزاء ترجمة أسماء المحدِّثين الذين سمع منهم. فكان يحفظ كلّ جزء ممّن سمعه، وأنا لا أقدر على هذا.
وعن أبي زُرْعة قال: حُزِر كُتُب أحمد يوم مات، فبلغت اثنى عشر حِملا وعِدْلا، ما كان على ظهر كتابٍ منها: حديث فلان، ولا: ثنا فلان.
وكلّ ذلك كان يحفظه عن ظهر قلبه.
[1] تاريخ بغداد 4/ 419، 420.
[2]
انظر: تقدمة المعرفة 595.
[3]
في تقدمة المعرفة 296.
وقال الحَسَن بن منبّه: سمعت أبا زُرْعة قال: أخرج إليَّ أبو عبد الله أجزاء كلّها: سُفيان، سُفيان، ليس على حديثٍ منها: ثنا فلان. فظننتها عن رجلٍ واحدٍ، فانتخبْتُ منها. فلمّا قرأ عليّ جعل يقول: ثنا وكيع، ويحيى، وثنا فلان.
فعجبت من ذلك، وجهدت أن أقدر على شيءٍ من هذا، فلم أقدر.
قال المَرُّوذيّ: سمعت أبا عبد الله يقول: كنت أذاكر وَكِيعًا بحديث الثَّوريّ، وكان إذا صلى العِشاء الآخرة خرج من المسجد إلى منزله. فكنت أُذَاكره، فربّما ذكر تسعة عشرة أحاديث، فأحفظها. فإذا دخل قال لي أصحاب الحديث: أَمْلِ علينا. فأُمْلِها عليهم.
وقال الخلال: ثنا أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت قُتَيْبة بن سعيد يقول:
كان وَكِيع إذا كانت العَتْمَة ينصرف معه أحمد بن حنبل، فيقف على الباب فيُذَاكره. فأخذ وَكِيع ليلةً بعضادتي الباب ثمّ قال: يا أبا عبد الله، أريد أن ألقي عليك حديث سُفْيان.
قال: هات.
قال: تحفظ عن سُفْيان، عن سَلَمَةَ بن كُهَيْل كذا؟
قال: نعم. ثنا يحيى.
فيقول: سَلَمَةُ كذا وكذا، فيقول: ثنا عبد الرحمن. فيقول: وعن سَلَمَةَ كذا وكذا. فيقول: أنت حدَّثتنا. حتّى يفرغ من سَلَمَةَ، فيقول أحمد: فتحفظ عن سَلَمَةَ كذا وكذا؟ فيقول وكيع: لا. ثمّ يأخذ في حديث شيخ، شيخ.
فلم يزل قائمًا حتّى جاءت الجارية فقالت: قد طلع الكوكب. أو قالت الزُّهْرة. وقال عبد الله: قال لي أبي: خُذْ أيَّ كتاب شئت من كُتُب وَكِيع. فإنْ شئت أن تسألني عن الكلام حتّى أخبرك بالإسناد، وإن شئت بالإسناد، حتّى أخبرك عن الكلام.
وقال الخلال: سمعتُ أبا القاسم بن الخُتَّليّ- وكفاك به- يقول: أكثر النّاس يظنّون أنّ أحمد إذا سُئِل كان عِلْم الدُّنيا بين عينيه.
وقال إبراهيم الحربيّ: رأيت أحمد كأنّ الله جمع له عِلْم الأوّلين والآخرين.
وعن أحمد بن سعيد الرّازيّ قال: ما رأيت أسود الرأس أحفَظَ لَحَدِيثُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ولا أعْلَم بِفقْهه ومعانيه من أحمد بن حنبل [1] .
وقال ابن أبي حاتم [2] : ثنا أحمد بن سَلَمَةَ: سمعت إسحاق بن راهَوَيْه يقول: كنت أجالس بالعراق أحمد بن حنبل، ويحيى بن مَعين، وأصحابَنَا. وكنا نتذاكر الحديث من طريقين وثلاثة. فيقول يحيى من بينهم: وطريق كذا.
فأقول: أليس قد صحّ هذا بإجماعٍ منّا؟ فيقولون: نعم.
فأقول: ما تفسيره؟ ما فِقْهُهُ؟
فيقفون كلّهم، إلا أحمد بن حنبل [3] .
وقال الخلال: كان أحمد قد كَتَبَ كُتُبَ الرَّأي وحفِظها، ثمّ لم يلتفت إليها.
وقال أحمد بن سِنان: ما رأيت يزيد بن هارون لأحدٍ أشدَّ تعظيمًا منه لأحمد بن حنبل. ولا رأيته أكْرَمَ أحدًا مثله. وكان يُقْعده إلى جَنْبه ويوقّره ولا يمازحه [4] .
وقال عبد الرّزّاق: ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع [5] .
وقال إبراهيم بن شماس: سمعت وَكِيعًا يقول: ما قدِم الكوفةَ مثل ذاك الفتى- يعني أحمد-، وسمعت حفص بن غيَاث يقول ذلك [6] .
وَعَنْ: عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ قَالَ: مَا نظرتُ إلى أحمد بن حنبل إلا تذكّرت به سُفْيان الثَّوريّ [7] .
وقال القواريريّ: قال لي يحيى القطّان: ما قدِم عليَّ مثل أحمد بن حنبل،
[1] تقدمة المعرفة 294، تاريخ بغداد 4/ 419، تاريخ دمشق 7/ 251.
[2]
في: تقدمة المعرفة 293.
[3]
تاريخ بغداد 4/ 419، تاريخ دمشق 7/ 255 وفيه:«فيبقون كلهم» .
[4]
تقدمة المعرفة 297.
[5]
تاريخ دمشق 7/ 233.
[6]
تاريخ دمشق 7/ 231.
[7]
حلية الأولياء 9/ 169، تاريخ دمشق 7/ 233 و 245 و 246.
ويحيى بن مَعِين [1] .
وقال أبو اليَمَان: كنت أشبّه أحمد بن حنبل بأرطأة بن المُنْذر [2] .
وقال الهيثم بن جميل: إنْ عاش هذا الفتى سيكون حُجَّة زمانه [3] ، يعني أحمد.
وقال قُتَيْبة: خير أهل زماننا ابن المبارك، ثمّ هذا الشّابّ، يعني أحمد بن حنبل.
وقال أبو داود: سمعتُ قُتَيْبة يقول: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة [4] .
وقال عبد الله بن أحمد بن شبويه، عن قُتَيْبة: لو أدرك أحمد عصر الثَّوريّ، والأوزاعيّ، ومالك، واللّيث، لكان هو المقدَّم.
فقلت: لقُتَيْبة: تضمُّ أحمدَ إلى التّابعين؟
فقال: إلى كبار التّابعين [5] .
وسمعت قُتَيْبة يقول: لولا الثَّوريّ لَمَاتَ الورع، ولولا أحمد بن حنبل لأحْدَثوا في الدّين [6] .
وقال أحمد بن سَلَمَةَ: سمعتُ قُتَيْبَة يقول: أحمد بن حنبل إمام الدّنيا [7] .
وقال العبّاس بن الوليد البَيْروتيّ: ثنا الحارث بن عبّاس قال: قلت لأبي مُسْهِر: هل تعرفُ أحدًا يحفظ على هذه الأمّة أمر دِينها؟
قال: لا أعلمه إلا شابّ في ناحية الشّرق، يعني أحمد بن حنبل [8] .
وقال المُزَنيّ: قال لي الشّافعيّ: رأيتُ ببغداد شابًا إذا قال: حدّثنا، قال
[1] حلية الأولياء 9/ 165.
[2]
تقدمة المعرفة 297.
[3]
تقدمة المعرفة 295، حلية الأولياء 9/ 167.
[4]
تقدمة المعرفة 308.
[5]
تقدمة المعرفة 293، الجرح والتعديل 2/ 69، تاريخ دمشق 7/ 238.
[6]
تاريخ بغداد 4/ 417.
[7]
تقدمة المعرفة 295، الجرح والتعديل 2/ 69، تاريخ بغداد 4/ 417، تاريخ دمشق 7/ 239.
[8]
تقدمة المعرفة 292، الجرح والتعديل 2/ 68، تاريخ دمشق 7/ 245.
النّاس كلّهم: صَدَق.
قلت: من هو؟
قال: أحمد بن حنبل.
وقال حَرْمَلَة: سمعت الشّافعيّ يقول: خرجت من بغداد، فما خلَّفت بها رجلا أفضل ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل [1] .
وقال الزَّعْفُرانيّ: قال لي الشافعي: ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل، وسليمان بن داود الهاشمي [2] .
وقال محمد بن إسحاق بن راهَوَيْه: سمعتُ أبي يقول: قال لي أحمد بن حنبل: تعالَ حتّى أُرِيكَ رجلا لم تَرَ مثله. فذهبَ بي إلى الشّافعيّ.
قال أبي: وما رأى الشّافعيّ مثل أحمد بن حنبل. ولولا أحمد وبذْل نفسِهِ لِمَا بذلَها له لذهب الإسلام [3] .
وعن إسحاق قال: أحمد حُجّة بين الله وبين خَلْقه [4] .
وقال محمد بن عَبْدَوَيْه: سمعت عليَّ بن المَدِينيّ وذكر أحمد بن حنبل فقال: هو أفضل عندي من سعيد بن جُبَيْر في زمانه. لأنّ سعيدًا كان له نُظرَاء، وإنّ هذا ليس له نظير. أو كما قال.
وقال عليّ بن المَدينيّ: إن الله أعَزَّ هذا الدين بأبي بكر الصِّدّيق يوم الرِّدَّةِ، وبأحمد بن حنبل يوم المِحْنَة [5] .
وقال أبو عُبَيْد: انتهى العِلم إلى أربعة: أحمد بن حنبل وهو أفقههم، وذكر الحكاية.
وقال محمد بن نصر الفرّاء: سمعت أبا عُبَيْد يقول: أحمد بن حنبل إمامنا،
[1] تاريخ دمشق 7/ 235.
[2]
تقدمة المعرفة 296، تاريخ دمشق 7/ 234، 235.
[3]
حلية الأولياء 9/ 171، تاريخ دمشق 7/ 240.
[4]
تاريخ بغداد 4/ 417، تاريخ دمشق 7/ 240.
[5]
تاريخ بغداد 4/ 418، تاريخ دمشق 7/ 240.
إنّي لأتزَّين بذِكره [1] .
وقال أبو بكر الأثرم، عن أبي عُبَيْد: ما رأيت رجلا أعلم بالسنة من أحمد.
وقال أحمد بن الحَسَن التِّرْمِذيّ: سمعت الحَسَن بن الربيع يقول: ما شبّهت أحمد بن حنبل إلّا بابن المبارك في سَمْتِه وهيئته [2] .
وقال الطَّبَرانيّ: ثنا محمد بن الحسين الأنماطيّ قال: كنّا في مجلسٍ فيه يحيى بن مَعِين، وأبو خيثمة، وجماعة، فجعلوا يُثْنُون على أحمد بن حنبل فقال رجل: لا تُكثِروا بعض هذا.
فقال يحيى بن مَعِين: وكَثْرة الثّناء على أحمد تُسْتَنْكَر [3] ؟ لو جلسنا مجالسنا بالثنّاء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها [4] .
وقال عبّاس، عن ابن مَعِين: ما رأيت مثل أحمد.
وقال أبو جعفر النُّفَيْليّ: كان أحمد من أعلام الدّين [5] .
وقال المَرُّوذيّ: حضرتُ أبا ثوْر سُئِل عن مسألة فقال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل شيخنا وإمامُنا فيها كذا وكذا.
وقال إبراهيم الحربيّ: قال ابن مَعِين: ما رأيتُ أحدًا يُحَدِّثُ للَّه إلا ثلاثة:
يَعْلَى بن عُبَيْد، والقَعْنَبيّ، وأحمد بن حنبل.
وقال عباس الدوري: سمعت ابن معين يقول: أرادوا أن أكون مثل أحمد، والله لا أكون مثله أبدًا.
وقال أبو خَيْثَمَة: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا أشدّ قلْبًا منه.
وقال عليّ بن خَشْرَم: سمعت بشْر بن الحارث، وَسُئِلَ عن أحمد بن حنبل فقال: أنا أُسْأل عن أحمد؟ إنّ أحمد أدخل الكير فخرج ذهبا أحمر [6] .
[1] تقدمة المعرفة 298.
[2]
تاريخ دمشق 7/ 237.
[3]
في الحلية: «يستكثر» ، وفي تاريخ بغداد:«يستنكر» ، وفي تاريخ دمشق:«تستكثر» .
[4]
حلية الأولياء 9/ 169، 170، تاريخ بغداد 4/ 421، تاريخ دمشق 7/ 242.
[5]
تقدمة المعرفة 295.
[6]
حلية الأولياء 9/ 170 وفيه: «فخرج ذهبة حمراء» ، وتاريخ دمشق 7/ 248 وفيه: «فخرج ذهبه
رواها جماعة، عن ابن خشرم.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قال أصحاب بِشْر بن الحارث حين ضُرب أحمد في المحنة: يا أبا نصر لو أنّك خرجتَ، فقلت: إنّي على قول أحمد بن حنبل.
فقال بِشْر: أتريدون أن أقومَ مقام الأنبياء؟ [1] .
رُوِيَتْ من وجهين عن بِشْر، وزاد أحدهما: قال بِشْر: حفظ الله أحمد من بين يديه ومِن خلفه [2] .
وقال القاسم بن محمد الصّايغ: سمعتُ المَرُّوذيّ يقول: دخلت على ذي النُّون السّجنَ ونحن بالعسكر، فقال: أيّ شيء حال سيّدنا؟، يعني أحمد بن حنبل. وقال إسحاق بن أحمد: سمعتُ أبا زُرْعة يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل في فنون العِلم. وما قام أحدٌ مثل ما قام أحمد به.
وقال ابن أبي حاتم [3] : قالوا لأبي زُرْعة: فإسحاق بن راهَوَيْه؟
قال: أحمد بن حنبل أكبر من إسحاق وأَفْقَه. قد رأيت الشيوخ، فما رأيتُ أحدًا أكمل منه. اجتمع فيه زُهْدٌ وفضلٌ وفقهٌ وأشياءٌ كثيرة.
وقال ابن أبي حاتم [4] : سألت أبي عن عليّ بن المَدِينيّ وأحمد بن حنبل أيُّهما أحفظ؟
فقال: كانا في الحِفْظ متقاربَيْن وكان أحمد أفقه.
وقال أبي: إذا رأيت الرجل يحبّ أحمد فاعلم أنّه صاحب سنة [5] .
وسمعت أبي يقول: رأيت قُتَيْبَة بمكة فقلت لأصحاب الحديث: كيف
[ () ] أحمر» .
[1]
حلية الأولياء 9/ 170.
[2]
تقدمة المعرفة 310، تاريخ دمشق 7/ 248 وفيه زيادة:«ومن فوقه ومن أسفل منه، وعن يمينه وعن شماله» .
[3]
في: تقدمة المعرفة 294.
[4]
في: تقدمة المعرفة 294.
[5]
تقدمة المعرفة 308.
تغفلون عنه وقد رأيت أحمد بن حنبل في مجلسه؟
فلمّا سمعوا هذا أخذوا نحوه وكتبوا عنه [1] .
وقال محمد بن حمّاد الطِّهْرانيّ: سمعتُ أبا ثَوْر يقول: أحمد بن حنبل أعلم أو أفقه من الثَّوريّ [2] .
وقال محمد بن يحيى الذُّهْليّ: جعلتُ أَحْمَد بْن حنبل إمامًا فيما بيني وبين الله.
وقال نصر بن عليّ الْجَهْضميّ: كان أحمد أفضل أهل زمانه [3] .
وقال عَمْرو النّاقد: إذا وافَقَني أحمد على حديثٍ لا أبالي مَن خالفني.
وقال محمد بن مِهران الجمّال وذُكِر له أحمد بن حنبل فقال: ما بقى غيره.
وقال الخلال: ثنا صالح بن عليّ الحلبيّ: سمعتُ أبا همّام السَّكُونيّ يقول: ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأي أحمد مثلَه [4] .
وقال محمد بن إسحاق بن خُزَيْمة: سمعت محمد بن سَخْتَوَيْه البَرْذَعيّ يقول: سمعتُ أبا عُمَيْر عيسى بن محمد الرمليّ، وذكر أحمد بن حنبل فقال:
رحمه الله، عن الدّنيا ما كان أمُره، وبالماضين ما كان أشبَههُ، وبالصّالحين ما كان أَلْحَقَه. عُرِضَت له الدَنيا فأباها، والبِدَع فنفاها [5] .
وقال أبو حاتم الرازيّ: كان أبو عُمَيْر بن النّحّاس الرمليّ من عُبّاد المسلمين، فقال لي: كتبتّ عن أحمد بن حنبل شيئًا؟
قلت: نعم.
قال: فأملّ عليّ.
فأمليت عليه شيئا [6] .
[1] تقدمة المعرفة 299.
[2]
تقدمة المعرفة 293.
[3]
تاريخ دمشق 7/ 249.
[4]
تاريخ دمشق 7/ 251.
[5]
تاريخ دمشق 7/ 252.
[6]
تقدمة المعرفة 298.
عن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما كنت أحبّ أن أُقتل في سبيل الله ولم أُصَلِّ على أحمد بن حنبل [1] .
وعنه قال: قبَّلتُ يومًا ما بين عينَيْ أحمد بن حنبل وقلت: يا أبا عبد الله بلغتَ مبلغ سُفيان، ومالِك، ولم أظنّ في نفسي أنّي بقيتْ [لي] غاية. فبلغَ والله في الإمامة أكثر من مبلغهما.
وعن حَجّاج بن الشّاعر قال: ما رأت عيناي روحًا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل [2] .
وعن محمد بن نصر المَرْوَزِيّ قال: اجتمعتُ بأحمد بن حنبل وسألته عن مسائل، وكان أكثر حديثًا من إسحاق بن راهَوَيْه وأفقه منه.
وعن محمد بن إبراهيم البُوسَنْجيّ قال: ما رأيت أجمع في كلّ شيءٍ من أحمد بن حنبل ولا أعقل.
وقال محمد بن مسلم بن وَارَةَ: كان أحمد صاحب فِقه، وصاحب حِفْظ، وصاحب معرفة.
وقال أبو عبد الرحمن النَّسائيّ: جمع أحمد بن حنبل المعرفة بالحديث، والفقه، والورع، والزُّهد، والصّبر.
وَقَالَ خَطَّابُ بْنُ بِشْرٍ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الْحَكَمِ الْوَرَّاقِ: لَمَّا قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ» . رَدَدْنَاهُ إِلَى أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ أَعْلَمَ أَهْلِ زَمَانِهِ [3] .
وقال أبو داود: كانت مجالس أحمد مجالس الآخرة، لا يُذكر فيها شيءٌ من أمر الدّنيا. ما رأيته ذكر الدّنيا قطّ [4] .
[1] حلية الأولياء 9/ 173، تاريخ دمشق 7/ 251.
[2]
تاريخ بغداد 5/ 21، تاريخ دمشق 7/ 251.
[3]
تاريخ بغداد 4/ 418، 419.
[4]
تاريخ دمشق 7/ 252.
وقال صالح جَزَرَة: أفقه من أدركت في الحديث أحمد بن حنبل.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ، وذُكِر الشّافعي عنده، فقال: ما استفادَ منّا أكثر ممّا استفدنا منه [1] .
قال عبد الله: كلّ شيء في كتاب الشّافعيّ: أنا الثقة، فهو عن أبي [2] .
وقال الخلال: ثنا أبو بكر المَرُّوذيّ قال: قدِم رجل من الزّهّاد، فأدخلته على أبي عبد الله، وعليه فرو خَلِقٌ، وخُرَيْقَة على رأسه، وهو حافٍ في بردٍ شديد، فسلَّم وقال: يا أبا عبد الله قد جئت من موضعٍ بعيد، وما أردتُ إلا السّلام عليك، وأريد عَبّادان، وأريد إنْ أنا رجعتُ أن أمرَّ بك وأسلّم عليك.
فقال: إن قُدِّر.
فقام الرجلُ وأبو عبد الله قاعد.
قال المَرُّوذيّ: ما رأيت أحدًا قطّ قام من عند أبي عبد الله حتّى يقوم أبو عبد الله له، إلا هذا الرجل.
فقال لي أبو عبد الله: ما ترى ما أشبَهه بالأبدال. أو قال: إنّي لأذكر به الأبدال.
فأخرج إليه أبو عبد الله أربعة أَرْغِفة مشطورة بكامِخ وقال: لو كان عندنا شيء لو اسيناك.
قال الخلال: وأنا المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: ما أكثر الدّاعي لك.
قال: أخاف أن يكون هذا استدراجًا بأيّ شيء هذا.
وقلت لأبي عبد الله: إنّ رجلا قدم من طَرَسُوس وقال لي: إنّا كنّا في بلاد الروم في الغزو، وإذا هدأ اللَّيْلُ ورفعوا أصواتهم بالدّعاء: ادعوا لأبي عبد الله، وكنّا نمدّ المنجنيق ونرمي عنه. ولقد رُمي عنه الحجر والعلج على الحصن مُتَتَرس بدَرَقَة، فذهبَ برأسه وبالدَّرَقَة. فَتَغَّير وجهه وقال: ليته لا يكون استدراجا.
[1] تاريخ دمشق 7/ 256.
[2]
تاريخ دمشق 7/ 257.
فقلتُ: كلا.
قال الخلال: وأخبرني أحمد بن حسين قال: سمعتُ رجلا من خُراسان يقول: عندنا أحمد بن حنبل، يرون أنّه لا يُشبه البَشَر، يظنّون أنّه من الملائكة.
وقال لي رجل: نظرةٌ عندنا من أحمد تَعْدِل عبادةَ سنة.
قال الخلال: وقال المَرُّوذيّ: رأيتُ بعض النّصارى الأطّباء قد خرج من عند أبي عبد الله ومعه راهب، فسمعت الطّبيب يقول: إنّه سألني أن يجيء معي حتّى ينظر إلى أبي عبد الله.
وقال المَرُّوذيّ: وأدخلت نصرانيًا على أبي عبد الله يعالجه فقال: يا أبا عبد الله إنّي لأشتهي أن أراك منذ ستّين سنة. ما بقاؤك صلاحُ الإسلام وحدهم، بل للخلْق جميعًا، وليس من أصحابنا أحد إلا وقد رضي بك.
قال المَرُّوذيّ: فقلت لأبي عبد الله: إنّي لأرجو أن يكون يُدعى لك في جميع الأمصار.
فقال: يا أبا بكر، إذا عرف الرجلُ نفسه فما ينفعه كلام النّاس.
وقال عبد الله بن أحمد: خرج أبي إلى طَرَسُوس ماشيًا، وحجّ حَجَّتين أو ثلاثًا ماشيًا، وكان أصبر النّاس على الوحدة. وبِشْر فيما كان فيه لم يكن يصبر على الوحدة، كان يخرج إلى ذا وإلى ذاك [1] .
وقال عبّاس الدُّوريّ: حدَّثني علي بن أبي فَزَارَة جارنا قال: كانت أميّ مُقْعَدَة من نحو عشرين سنة، فقالت لي يومًا: اذهب إلى أحمد بن حنبل، فَسَلْهُ أن يدعو لي.
فأتيتُ فدققت عليه وهو في دِهْليزه، فلم يفتح لي وقال: مَن هذا؟ قلت:
أنا رجلٌ سألتني أمّي، وهي مُقْعَدَة، أن أسألك أن تدعُوَ الله لها.
فسمعتُ كلامَهُ كلام رجل مُغْضَب فقال: نحن أحوج أن تدعُوَ الله لنا.
فوَّليْت منصرفًا، فخرجتْ عجوزٌ فقالت: إنّي قد تركته يدعو لها.
[1] حلية الأولياء 9/ 1183، تاريخ دمشق 7/ 258.
فجئت إلى بيتنا دققتُ الباب، فخرجت أميّ على رِجْلَيها تمشي وقالت:
قد وهبَ الله ليَ العافية [1] .
رواها ثقتان، عن عبّاس.
وقال عبد الله بن أحمد: كان أبي يُصلّي في كلّ يوم وليلة ثلاثمائة رَكْعة، فلمّا مرض من تلك الأسواط أضْعَفَتْه، فكان يصلّي كلّ يومٍ وليلة مائة وخمسين رَكْعة [2] .
وقال عبد الله بن أحمد: ثنا عليّ بن الْجَهْم قال: كان لنا جارٌ فأخرج إلينا كتابًا فقال: أتعرفون هذا الخطّ؟
قلنا: هذا خطّ أحمد بن حنبل، فكيف كتب لك؟
قال: كنّا بمكّة مقيمين عند سُفْيان بن عُيَيْنَة، ففقدْنا أحمد أيّامًا، ثمّ جِئنا لنسأل عنه، فإذا الباب مردودٌ عليه، وعليه خِلْقان. فقلت: ما خَبَرُك؟
قال: سُرِقت ثيابي.
فقلت له: معي دنانير، فإن شئت صِلةً، وإن شئت قَرْضًا.
فأبى. فقلت: تكتب لي بأجرة؟
قال: نعم.
فأخرجت دينارًا فقال: اشترِ لي ثوبًا واقطعه نصفَين، يعني إزارًا ورداء، وجئني ببقيّة الدينار.
ففعلتُ وجئت بورق، فكتب لي هذا [3] .
وقال عبد الرّزّاق: عرضت على أحمد بن حنبل دنانير، فلم يأخذها.
وقال إسحاق بن راهَوَيْه: كنت أنا وأحمد باليمن عند عبد الرّزّاق، وكنتُ أنا فوق الغرفة وهو أسفل. وكنتُ إذا جئت إلى موضع اشتريت جاريةً.
قال: فاطَلعتُ على أن نفقته فنَيت، فعرضت عليه، فامتنع فقلت: إن
[1] حلية الأولياء 9/ 186، تاريخ دمشق 7/ 259.
[2]
حلية الأولياء 9/ 179 و 181، تاريخ دمشق 7/ 260.
[3]
حلية الأولياء 9/ 177، تاريخ دمشق 7/ 261، 262.
شئت قَرْضًا، وإن شئت صِلَة.
فأبى. فنظرت فإذا هو ينسج التكّك ويبيعه ويُنْفِق.
رواها أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ، عنه [1] .
وعن أبي إسماعيل قال: أتى رجل بعشرة آلاف دِرهم من ربْح تجارته إلى أحمد، فأبى أن يقبلها [2] .
وقال عبد الله، عن أبيه قال: عرض عليّ يزيد بن هارون نحو خمسمائة درهم، فلم أقبلْها [3] .
وقيل إنَّ صَيْرفيًا وصل أحمد بخمسمائة دينار، فردَّها [4] .
وقال صالح: دخلت على أبي أيّام الواثق، والله يعلم كيف حالُنا، فإذا تحت لَبِده ورقة فيها: يا أبا عبد الله، بَلَغَني ما أنتَ فيه من الضِّيق، وقد وَجَّهْتُ إليك بأربعة آلاف دِرهم. فلمّا ردّ أبي من صلاته قلت: ما هذا؟ فاحمرّ وجهه وقال: رفعتها منك.
ثم قال: تذهب بجوابه.
فكتب إلى الرجل: وَصَل كتابك، ونحن في عافية. فأمّا الدَّيْن، فلرجلٍ لا يُرْهِقُنا، وأمّا العيال، فهم في نعمة الله.
فذهبت بالكتاب، فلمّا كان بعد حين، ورد كتاب الرجل بمثل ذلك، فامتنع. فلمّا مضى نحو سنة ذكرناها فقال: لو إنّا قبّلناها كانت قد ذَهَبَت [5] .
وقال جماعة: ثنا سَلَمَةُ بن شبيب قال: كنّا في أيّام المعتصم عند أحمد بن حنبل، فدخل رجلٌ فقال: مَن منكم أحمد بن حنبل؟ فسكتَنا، فقال أحمد: ها أنا ذا.
[1] تاريخ دمشق 7/ 263، 264.
[2]
تاريخ دمشق 7/ 264.
[3]
حلية الأولياء 9/ 177، تاريخ دمشق 7/ 265.
[4]
حلية الأولياء 9/ 176.
[5]
تقدمة المعرفة 299، 300، حلية الأولياء 9/ 178، تاريخ دمشق 7/ 266.
قال: جئت من أربعمائة فَرْسخ بَرّا وبحرًا. كنت ليلة جمعة نائمًا فأتاني آتٍ، فقال لي: تعرف أحمد بن حنبل؟ قلتُ: لا.
قال: فائْتِ بغداد وسَلْ عنه، فإذا رأيته فقل إنّ الخَضِر يقرئُكَ السّلام ويقول: إنّ ساكن السّماء الّذي على عرشه راضٍ عنك، والملائكة راضون عنك بما صبرت نفسك للَّه [1] .
فصل في آدابه قال عبد الله بن أحمد: رأيت أبي يأخذ شعرةٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه يُقبّلها، وأحسب أنّي رأيته يضعها على عينه ويغمسها في الماء ويشربه يستشفى به. ورأيته قد أخذ قَصْعَة النبيّ صلى الله عليه وسلم فغسّلها في جُبّ الماء، ثمّ شرب فيها. ورأيته يشرب ماء زمزم، يستشفي به، ويمسح به يديه ووجهه [2] .
وقال أحمد بن سعيد الدّارمِيّ: كتب إليِّ أحمد بن حنبل: لأبي جعفر أكرمه الله، من أحمد بن حنبل.
وعن سعيد بن يعقوب قال: كتب إليِّ أحمد: من أحمد بن محمد إلى سعيد بن يعقوب، أمّا بعد، فإنّ الّدنيا داء والسّلطان داء، والعالِم طبيب. فإذا رأيتَ الطبيب يجرُ الدّاء إلى نفسه فاحْذرْه، والسّلام عليك.
وقال عُبَيْد الله بْن عَبْد الرَّحْمَن الزُّهْريّ: حدَّثني أبي قال: مضى عمّي أبو إبراهيم أحمد بن سعْد إِلَى أَحْمَد بْن حنبل، فسلَّم عليه. فَلَمَّا رآه وثب قائمًا وأكرمه.
قال المَرُّوذِيُّ: قَالَ لِي أَحْمَدُ: مَا كَتَبْتُ حَدِيثًا إِلَّا وَقَدْ عَمِلْتُ بِهِ، حَتَّى مَرَّ بِي «أَنّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم احْتَجَمَ وَأَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ دِينَارًا» [3] ، فَأَعْطَيْتُ الْحَجَّامَ دِينَارًا حِينَ احتجمت.
[1] حلية الأولياء 9/ 188، تاريخ دمشق 7/ 274.
[2]
حلية الأولياء 9/ 183، 184.
[3]
أخرجه البخاري في البيوع 4/ 272 باب ذكر الحجام، وباب من أجرى أمر الأمصار على ما يتعارفون بينهم، وفي الإجازة، باب ضريبة العبد، وتعاهد ضرائب الإماء، وباب من كلّم موالي
وقال ابن أبي حاتم: ذكر عبد الله بن أبي عمر البكْريّ قال: سمعت عبد الملك الميمونيّ يقول: ما أعلم أنّي رأيت أحدًا أنظف ثوبًا ولا أشدّ تَعَاهُد لنفسه في شاربه وشَعر رأسه وشَعر بَدَنه، ولا أنقى ثوبًا وشدّة بياض من أحمد بن حنبل.
وقال الخلال: أخبرني محمد بن الْجُنَيْد أنّ المَرُّوذيّ حدَّثهم قال: كان أبو عبد الله لا يدخل الحمّام. وكان إذا احتاج إلى النَّورة تَنَوّر في البيت.
وأصلحت له غير مرّة النّورة، واشتريت له جلْدًا ليدِهِ يُدْخِل يَدَه فيه ويتنوَّر.
وقال حنبل: رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجُلَسائه: إذا شئتم.
وقال المَرُّوذيّ: رأيت أبا عبد الله قد ألقى لختَّانٍ دِرهَمين في الطّسْت.
وقال موسى بن هارون: سئل أحمد بن حنبل فقيل له: أين نطلب البُدَلاء؟
فسكت حتّى ظننّا أنّه لا يجيب، ثمّ قال: إنْ لم يكن من أصحاب الحديث فلا أدري.
وقال المَرُّوذيّ: كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقَتْه العبرة. وكان يقول: الخوف يمنعني أكْلَ الطّعام والشّراب.
وقال: إذا ذكرتُ الموت هان عليَّ كلُّ شيءٍ من أمرِ الدّنيا. وإنّما هو طعام دون طعام، ولباس دون لباس، وإنّها أيام قلائل. ما أعدِلُ بالفقر شيئًا.
وقال: لو وجدتُ السّبيل لخرجت حتّى لا يكون لي ذكر.
[ () ] العبد أن يخفّفوا من خراجه، وفي الطب: باب الحجامة من الداء. ومسلم في المساقاة (1577) باب حلّ أجرة الحجامة، ومالك في الموطّأ (2/ 974) في الاستئذان، باب ما جاء في الحجامة وأجرة الحجام، وكلهم من طرق عن حميد الطويل، عن أنس بن مالك، قال: حجم رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَبُو طيبة، فأمر له بصاع من تمر، وأمر أهله أن يخففوا عنه من خراجه.
ومثله عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجّام أجره، واستعط. أخرجه البخاري 4/ 337 في الإجازة باب خراج الحجام، وفي البيوع، باب ذكر الحجام.
ولمسلم قال: حجم الغبيّ عبد لبني بياضة فأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم أجره وكلّم سيّده، فخفّف عنه ضريبته، ولو كان سحتا لم يعطه النبي. (1202) في المساقاة باب حلّ أجرة الحجامة، ورواه أبو داود في البيوع (3423) باب في كسب الحجام، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (251) من طريق ابن سيرين، عن ابن عباس قال: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وآجره، ولو كان حراما لم يفعل.
وقال: أريد أن أكون في بعض تلك الشِّعاب بمكّة، حتى لا أُعْرَف. قد بُليت بالشُّهْرة. إنّي لأتمنّى الموت صباحًا ومساءً.
وقال المَرُّوذيّ: ذُكِر لأحمد أنّ رجلا يريد لقاءه، فقال: أليس قد كره بعضُهم اللّقاء. يتزيَّن لي وأتزيَّن له.
وقال: لقد استرحت. ما جاءني الفرح إلا منذ حلفت أن لا أُحَدِّث، وليتنا نُتْرَك.
الطّريق ما كان عليه بِشْرُ بن الحارث.
وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: إنّ فلانًا قال: لم يزهد أبو عبد الله في الدّراهم وحدها، قد زهد في النّاس.
فقال: ومَن أنا حتّى أزهد في النّاس؟ النّاسُ يريدون أن يزهدوا فيَّ.
وسمعت أبا عبد الله يكره للرجل أن ينام بعد العصر، يخاف على عقله.
وسمعته يقول: لا يفلح من تَعَاطى الكلام، ولا يخلو من أن يتجهَّم.
وَسُئِلَ عن القراءة، بالألحان فقال: هذه بدعةٌ لا تُسْمع.
وكان قد قارب الثمانين، رحمه الله.
فصل في قوله في أُصول الدين قَالَ أَبُو داود: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يقول: الإيمان قولٌ وعمل، يزيد وينقص [1] .
البر كله من الإيمان، والمعاصي تنقص من الإيمان.
وقال إسحاق بن إبراهيم البَغَويّ: سمعتُ أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عمّن يقول: القرآن مخلوق، فقال: كافر.
وقال سَلَمَةُ بن شبيب: سمعت أحمد يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.
[1] وهو قول الإمام الأوزاعي أيضا.
وقال أبو إسماعيل التِّرْمِذيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: من قال القرآن مخلوق فهو كافر.
وقال إسماعيل بن الحسن السّرّاج: سألت أحمد عمّن يقول: القرآن مخلوق.
فقال: كافر.
وعمن يقول: لفْظي بالقرآن مخلوق.
فقال: جَهْميّ.
وقال صالح بن أحمد: تناهى إلى أبي أنّ أبا طالب يحكي أنّه يقول:
لفظي بالقرآن غير مخلوق. فأخبرت أبي بذلك، فقال: مَن أخبرك؟ قلت:
فلان. فقال: ابعث إلى أبي طالب. فَوَجَّهْتُ إليه، فجاء وجاء فوزان، فقال له أبي: أنا قلت لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ وغضب وجعل يرعد، فقال: قرأت عليك قُلْ هُوَ الله أَحَدٌ 112: 1 [1] فقلت لي: ليس هذا بمخلوق.
فقال: فَلِمَ حكيت عنّي أنّي قلت لك: لفْظي بالقرآن غير مخلوق؟ وبَلَغَني أنّكَ وَضَعْتَ ذلك في كتاب، وكتبتَ به إلى قومٍ. فامْحه، واكتبْ إلى القوم أنّي لم أقُلْه لك. فجعل فَوْزان يعتذر إليه، وانصرف من عنده وهو مرعوب، فعاد أبو طالب، فذكر أنّه قد حَكَّ ذلك من كتابه، وأنّه كتب إلى القوم يخبرهم أنّه وهِمَ على أبي.
قلتُ: الَّذي استقرّ عليه قول أبي عبد الله: أنَّ مَن قال: لفظي بالقرآن مخلوق فهو جَهْميّ، ومَن قال: لفظي بالقرآن غير مخلوق، فهو مبتدع.
وقال أحمد بن زَنْجَوَيْه: سمعت أحمد بن حنبل يقول: اللّفظيّة شرٌّ من الْجَهْميّة.
وقال صالح بن أحمد: سمعت أبي يقول: افترقت الْجَهْميّة على ثلاث فرق:
فرقة قالوا: القرآن مخلوق.
[1] أول سورة الإخلاص.
وفرقة قالوا: القرآن كلام الله تعالى، وسكتوا.
وفرقة قالوا: لفْظُنا بالقرآن مخلوق.
وقال أبي: لا يُصلِّي خلف واقِفيّ، ولا خلْف لفْظيّ.
وقال المَرُّوذيّ: أخبرتُ أبا عبد الله أنّ أبا شُعيب السُّوسيّ الذي كان بالرَّقَّة فرَّق بين ابنته وزوجها لمّا وقف بالقرآن. فقال: أحسَن، عافاه الله. وَجَعَل يدعو له.
وقد كان أبو شُعيب شاور النُّفَيْليّ، فأمره أن يفرِّق بينهما.
قال المَرُّوذيّ: ولمّا أظهر يعقوب بن شيبة الوقف حذَّر أبو عبد الله عنه، وأمَرَ بهجرانه وهجران من كلّمه.
قلت: ولأبي عبد الله في مسألة اللَّفظ نصوصٌ متعددَة.
وأولَ مَن أظهر اللّفظ الحسين بن عليّ الكرابيسيّ [1] ، وذلك في سنة أربعٍ وثلاثين ومائتين.
وكان الكرابيسيّ من كبار الفُقَهاء.
وقال المَرُّوذيّ في كتاب «القَصَص» : عزم حَسن بن البزّاز، وأبو نصر بن عبد المجيد، وغيرهما على أن يجيئوا بكتاب «المدلّسين» الّذي وضعه الكرابيسيّ يطعن فيه على الأعمش، وسليمان التَّيْميّ. فمضيتُ إليه في سنة أربعٍ وثلاثينِ فقلت: إنّ كتابك يريدُ قومٌ أن يعرضوه على أبي عبد الله، فأظْهِر أنّك قد ندِمتَ عليه.
فقال: إنّ أبا عبد الله رجلٌ صالح، مثله يوفَّق لإصابة الحقّ. قد رضيتُ أن يُعرض عليه. لقد سألني أبو ثور أنْ أمحوَهُ، فأبيت.
فجيء بالكتاب إلى أبي عبد الله، وهو لا يعلم لمن هو، فعلَّموا على مُسْتَبْشَعات من الكتاب، وموضعٍ فيه وضْع على الأعمش، وفيه: إنْ زعمتم أنّ الحَسَن بن صالح كان يرى السّيف فهذا ابن الزّبير قد خرج.
[1] انظر ترجمة الكرابيسي في هذا الجزء، برقم (155) .
فقال أبو عبد الله: هذا أراد نُصْرة الحَسَن بن صالح، فوضع عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم. وقد جمع للرّوافض أحاديثَ في هذا الكتاب.
فقال أبو نصْر: إنّ فتياننا يختلفون إلى صاحب هذا الكتاب.
فقال: حذروا عنه.
ثم انكشف أمره، فبلغ الكرابيسيّ، فبلغني أنّه قال: سمعت حُسَيْنًا الصّايغ يقول: قال الكرابيسيّ: لأقولنَّ مقالة حتّى يقول أحمد بن حنبل بخلافها فيكفر، فقال: لفْظي بالقرآن مخلوق.
فقلت لأبي عبد الله: إنّ الكرابيسيّ قال: لفْظي بالقرآن مخلوق. وقال أيضًا: أقول: إنّ القرآن كلام الله غير مخلوق من كلّ الجهات، إلا أنّ لفظي بالقرآن مخلوق. ومن لم يقل إنّ لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر.
فقال أبو عبد الله: بل هو الكافر، قاتَلَه الله، وأيُّ شيءٍ قالت الْجَهْميّة إلا هذا؟ قالوا كلام الله، ثمّ قالوا: مخلوق. وما ينفعه وقد نقضَ كلامه إلا خيرُ كلامه الأوّل حين قال: لفظي بالقرآن مخلوق.
ثمّ قال أحمد: ما كان الله لَيدَعَه وهو يقصد إلى التّابعين مثل سليمان الأعمش، وغيره، يتكلَّم فيهم. ماتَ بشر المَرِيسيّ، وخَلفَه حُسين الكرابيسيّ.
ثم قال: أيش خبر أبي ثَوْر؟ وافقَه على هذا؟
قلت: قد هجره.
قال: قد أحسن.
قلت: إنّي سألت أبا ثَوْر عمن قال: لفْظي بالقرآن مخلوق، فقال: مبتدع.
فغضبَ أبو عبد الله وقال: أيْش مبتدِع؟! هذا كلام جَهْمٍ بعينه. ليس يُفْلح أصحاب الكلام.
وقال عبد الله بن حنبل: سُئِل أبي وأنا أسمع عن اللّفظيّة والواقفة فقال:
من كان منهم يُحسن الكلام فهو جَهْميّ.
وقال الحَكَم بن مَعْبَد: حدَّثني أحمد أبو عبد الله الدّوْرقيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: ما تقول في هؤلاء الذين يقولون: لفْظي بالقرآن مخلوق؟.
فرأيته استوى واجتمع وقال: هذا شرّ من قول الْجَهْميّة. مَن زعم هذا فقد زعم أنّ جبريل تكلَّم بمخلوق، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمخلوق.
وَقَالَ ابْنُ أبي حاتم: ثنا عبد الله بن محمد بْنِ الْفَضْلِ الأَسَدِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا طَالِبٍ أَحْمَدَ بْنَ حُمَيْدٍ قَالَ: قُلْتُ لأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: قَدْ جَاءَتْ جَهْمِيَّةٌ رَابِعَةٌ.
فَقَالَ: وَمَا هِيَ؟
قُلْتُ: قَالَ إِنْسَانٌ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ الْقُرْآنَ، فَقَدْ زَعَمَ أَنَّ فِي صَدْرِهِ من الإلهيّة شيء.
فقال: من قال هذا فقد قَالَ مِثْلَ قَوْلِ النَّصَارَى فِي عِيسَى أَنَّ كَلِمَةَ اللَّهِ فِيهِ. مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِ هَذَا قَطُّ.
قُلْتُ: أَهَذِهِ الْجَهْمِيَّةُ.
قَالَ: أَكْبَرُ مِنَ الْجَهْمِيَّةِ.
ثُمَّ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «يُنْزَعُ الْقُرْآنُ مِنْ صُدُورِكُمْ» . قلتُ: الملفوظ كلام الله، وهو غير مخلوق، والتّلفُّظ مخلوق لأنّ التُّلفُّظ من كسْب القارئ، وهو الحركة، والصّوت، وإخراج الحروف، فإنّ ذلك ممّا أحدثه القارئ، ولم يُحْدِث حروف القرآن ولا معانيه، وإنّما أحدث نُطْقُهُ به.
فاللّفظ قَدر مشتَرك بين هذا وهذا، ولذلك لم يجوّز الإمام أحمد: لفْظي بالقرآن مخلوق ولا غير مخلوق، إذ كلّ واحدٍ من الإطلاقيْن مُوهِمٌ. والله أعلم.
وقال أبو بكر الخلال: أخبرني أحمد بن محمد بن مَطَر، وزكريّا بن أبي يحيى، أنّ أبا طالب حدَّثهم أنّه قال لأبي عبد الله: جاءني كتاب من طرسوس أنّ سَرِيّا السَّقَطيّ قال: لمّا خلق الله الحروف سَجَدَتْ إلا الألِف فإنّه قال: لا أسجد حتّى أُومر.
فقال: هذا كُفْر.
فرحم الله الإمام أحمد ما عنده في الدّين محاباة.
قال الخلال: أنبأ محمد بن هارون أنّ إسحاق بن إبراهيم حدَّثهم قال:
حضرت رجلا سأل أبا عبد الله فقال: يا أبا عبد الله إجماع المسلمين على
الإيمان بالقَدَر خيره وشرّه؟
قال أبو عبد الله: نعم.
قال: ولا نكفّر أحدًا بذنب؟
فقال أبو عبد الله: أسكُتْ، من ترك الصّلاة فقد كفَر، ومَن قَالَ: القرآن مخلوق فهو كافر.
وَقَالَ الْخَلالُ: أَخْبَرَنِي محمد بْنُ سُلَيْمَانَ الْجَوْهَرِيُّ، ثنا عَبْدُوسُ بْنُ مَالِكٍ الْعَطَّارُ، سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: أُصُولُ السنة عِنْدَنَا التَّمَسُّكُ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ، وَتَرْكُ الْبِدَعِ، وَتَرْكُ الْخُصُومَاتِ، وَالْجُلُوسِ مَعَ أَصْحَابِ الأَهْوَاءِ، وَتَرْكُ الْمِرَاءَ وَالْجَدَلِ. وَلَيْسَ فِي السنة قِيَاسٌ، وَلا يُضْرَبُ لَهَا الأَمْثَالُ، وَلا تُدْرَكُ بِالْعُقُولِ، وَالْقُرْآَنُ كَلامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّهُ مِنَ اللَّهِ لَيْسَ بِبَائِنٍ مِنْهُ. وَإِيَّاكَ وَمُنَاظَرَةَ مَنْ أَحْدَثَ فِيهِ، وَمَنْ قَالَ بِاللَّفْظِ وَغَيْرِهِ، وَمَنْ وَقَفَ فِيهِ فَقَالَ: لا أَدْرِي، مَخْلُوقٌ أَوْ لَيْسَ مَخْلُوقٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَلامُ اللَّهِ، فَهُوَ صَاحِبُ بِدْعَةٍ. وَالإِيمَانُ بِالرُّؤْيَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ، فَإِنَّهُ مَأْثُورٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، رَوَاهُ قَتَادَةُ وَالْحَكَمُ بْنُ أَبَانٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَرَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَهْرَانَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَالْحَدِيثُ عِنْدَنَا عَلَى ظَاهِرِهِ عَلَى مَا جَاءَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَالْكَلامُ فِيهِ بِدْعَةٌ. وَلَكِنْ نُؤَمِّنُ عَلَى مَا جَاءَ عَلَى ظَاهِرِهِ. وَإِنَّ اللَّهَ يُكَلِّمُ الْعِبَادَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَيْسَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُ تَرْجُمَانُ.
قال حنبل بن إسحاق: قلت لأبي عبد الله: ما معنى قوله: وَهُوَ مَعَكُمْ 57: 4 وما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ 58: 7 [1] ؟.
قال: عِلمُه عِلمُه.
وسمعته يقول: ربُّنا تبارك وتعالى على العرش بلا حَدٍّ ولا صفة.
قلت: معنى قوله بلا صفة أي بلا كيفيّة ولا وصْف.
وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: حدَّثني محمد بن إبراهيم القيسيّ قال: قلت لأحمد بن حنبل: يُحكى عن ابن المبارك أنّه قيل له: كيف نعرف ربّنا؟
[1] سورة المجادلة، الآية 7.
قال: في السّماء السّابعة على عرشه.
قال أحمد: هكذا هو عندنا.
وقال صالح بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: من زعم أنّ أسماء الله مخلوقة فقد كفر.
وقال عبد الله بن أحمد في كتاب «الرّدّ على الْجَهْميّة» تأليفه: سألت أبي عن قومٍ يقولون: لمّا كلَّم الله موسى لم يتكلَّم بصوت.
فقال أبي: بلى تكلَّم- جلَّ ثناؤه- بصوت. هذه الأحاديث ترويها كما جاءت.
وقال أبي: حديث ابن مسعود: إذا تكلَّم الله سُمِع له صوت [1] كمرِّ السّلسلة على الصَّفْوان.
قال: وهذه الْجَهْميَّة تنكره، وهؤلاء كُفّار يريدون أن يموّهوا على النّاس.
ثُمَّ قَالَ: ثنا الْمُحَارِبِيُّ: عَنِ الأَعْمَشُ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: إِذَا تَكَلَّمَ الله بالوحي سمع صوته أهل السّماء فيخرّن سُجَّدًا.
وقال عبد الله: وجدت بخطّ أبي ممّا يُحْتَجّ به على الْجَهْميّة من القرآن:
إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ 36: 82 [2]، إِنَّ الله يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ 3: 45 [3]، إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ 4: 171 [4]، وَتَمَّتْ كَلِمَةُ [5] رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ 6: 115 [6]، يَا مُوسى إِنَّهُ أَنَا اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ 27: 9 [7]، أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ 7: 54 [8]، كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ 28: 88 [9] ،
[1] في الأصل: «صوتا» .
[2]
سورة يس، الآية 82.
[3]
سورة آل عمران، الآية 45.
[4]
سورة النساء، الآية 171.
[5]
في الأصل: «كلمات» وهو غلط.
[6]
سورة الأنعام، الآية 115.
[7]
سورة النمل، الآية 9.
[8]
سورة الأعراف، الآية 54.
[9]
سورة القصص، الآية 88.
وَيَبْقى وَجْهُ رَبِّكَ 55: 27 [1]، وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي 20: 39 [2]، وَكَلَّمَ الله مُوسى تَكْلِيماً 4: 164 [3]، يا مُوسى إِنِّي أَنَا رَبُّكَ 20: 11- 12 [4]، وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ 39: 67 [5] ، وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ، غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ، وَلُعِنُوا بِما قالُوا، بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ 5: 64 [6] .
قلت: وذكر آيات كثيرة في الصّفات، أنا تركت كتابتها هنا.
وقال يعقوب بن إسحاق المطّوّعيّ: سمعت أحمد بن حنبل، وَسُئِلَ عن التفضيل فقال: على حديث ابن عمر رضي الله عنهما: أبو بكر، وعمر، وعثمان.
وقال صالح بن أحمد: سُئِل أبي، وأنا شاهد، عمّن يُقَدّم عليًا على عثمان يُبَدَّع؟
فقال: هذا أهلٌ أن يُبَدّع. أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قدَّموا عثمان.
وقال عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْتُ لِأَبِي: مَنْ الرافضيّ؟
قال: الّذي يشتم رَجُلا مِنْ أَصْحَابِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أو يتعرَّض لهم ما أراه على الإسلام.
وقال أبو بكر المَرُّوذيّ: قيل لأبي عبد الله ونحن بالعسكر، وقد جاء بعض رسُل الخليفة فقال: يا أبا عبد الله ما تقول فيما كان بين عليّ ومعاوية؟
قال: ما أقول فيهم إلا الحُسنَى.
وكلام الإمام أحمد كثير طيّب في أصول الدّين، لا يتّسع هذا الباب لسياقه
[1] سورة الرحمن، الآية 27.
[2]
سورة طه، الآية 38.
[3]
سورة النساء، الآية 164.
[4]
سورة طه، الآيتان 11 و 12.
[5]
سورة الزمر، الآية 67.
[6]
سورة المائدة، الآية 64.
قد جمعه الخلّال في مصَّنفٍ سماه «كتاب السنة» عن أحمد بن حنبل في ثلاث مجلَّدات، فممّا فيه:
أنبا المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: مَن تعاطى الكلام لا يُفْلح، من تعاطى الكلام لم يَخْلُ من أن يتجهَّم.
وسمعتُ أبا عبد الله يقول: لست أتكلَّم إلا ما كان من كتاب أو سنة، أو عن الصّحابة والتّابعين. وأمّا غير ذلك فالكلام فيه غير محمود.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: مَن أحبّ الكلام لم يفلح، لا يؤول أمرُهم إلى خير.
وسمعته يقول: عليكم بالسنة والحديث وإيّاكم والخوض والجدال والمِراء، فإنّه لا يُفْلح من أحبّ الكلام.
وقال لي: لا تجالِسْهم، ولا تكلّم أحدًا منهم.
ثم قال: أدركنا الناس وما يعرفون هذا، ويجانبون أهلَ الكلام.
وسمعته يقول: ما رأيتُ أحدًا طلب الكلام واشتهاه فأفلح لأنه يخرجه إلى أمر عظيم. لقد تكلّموا يومئذٍ بكلام، واحْتَجّوا بشيءٍ ما يَقْوَى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه.
قال الخلال: أخبرني محمد بن أبي هارون، ثنا أبو الحارث: سمعت أبا عبد الله يقول: قال أيّوب: إذا تمرّق أحدكم لم يَعد.
وقال الخلال: أنا أحمد بن أصرم المُزَنيّ قال: حضرتُ أحمد بن حنبل قال له العبّاس الهَمْدانيّ: إنّي رُبّما رَدَدْت عليهم.
قال أحمد: لا ينبغي الجدال.
ودخل أحمد المسجد وصلّى، فلمّا انفتل قال: أنت عبّاس؟
قال: نعم.
قال: اتقِ الله، ولا ينبغي أن تَنْصب نفسك، وتشتهر بالكلام ولا بوضْع الكُتُب. لو كان هذا خيرًا لتقدَّمنا فيه الصّحابة. لم أرَ شيئًا من هذه في الكُتُب، وهذه كلّها بدعة.
قال: مقبولٌ منك يا أبا عبد الله، استغفر الله وأتوبُ إليه، إنّي لست أطلبهم، ولا أدُقُّ أبوابهم، لكنْ أسمعهم يتكلّمون بالكلام، وليس أحدٌ يردّ عليهم فأَغْتَمّ، ولا أصبر حتّى أرُدّ عليهم.
قال: إن جاءك مسترشدٌ فأرشِدْه. قالها مِرارًا.
قال الخلال: أنا محمد بن هارون، ومحمد بن جعفر، أنّ أبا الحارث حدَّثهم قال: سألت أبا عبد الله قلت: إنّ هاهنا مَن يُناظر الْجَهْميَّة يبين خطأهم، ويُدقّق عليهم المسائل، فما ترى؟
قال: لستُ أرى الكلام في شيء من هذه الأهواء، ولا أرى لأحد أن يُنَاظرهم. أليس قال معاوية بن قُرَّةَ: الخصومات تحبط الأعمال. والكلام رديء لا يدعو إلى خير. تجنَّبوا أهل الجدال والكلام، وعليك بالسُّنَن، وما كان عليه أهل العلم قبلكم، فإنّهم كانوا يكرهون الكلام والخوض مع أهل البِدَع. وإنّما السّلامة في تَرْك هذا. لم نؤمر بالجدال والخصومات.
وقال: إذا رأيتم من يحبّ الكلام فاحْذروه.
قال ابن أبي داود: ثنا موسى بن عمران الأصبهانيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: لا تجالس أصحاب الكلام، وإنْ ذَبُّوا عن السنة.
وَقَالَ الْمَيْمُونِيّ: سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ يَقُولُ: ما زال الكلام عند أهل الخير مذمومًا.
قلت: ذمّ الكلام وتعلّمه قد جاء من طُرُقٍ كثيرة عن الإمام أحمد، وغيره.
فصل في سيرته قال الخلال: قلت لزُهَير بن صالح بن أحمد: هل رأيت جدّك؟
قال: نعم، مات وقد دخلت في عشر سنْين. كنّا ندخل إليه كلّ يوم جمعة أنا وإخوتي، وكان بيننا وبينه باب. وكان يكتب لكلّ واحدٍ منا حبَّتين حبَّتين من فِضّةٍ في رقْعة إلى فاميّ [1] يعامله، فنأخذ منه الحبَّتين، وتأخذ الأخوات.
[1] الفاميّ: الصائغ.
وكان ربّما مررت به وهو قاعد في الشّمس، وظهره مكشوف، وأثر الضَّرْب بَيِّنٌ في ظهره.
وكان لي أخٌ أصغر منّي اسمه عليّ، فأراد أبي أن يختنه، فاتّخذ له طعامًا كثيرًا، ودعا قومًا، فلمّا أراد أن يختنه وجّه إليه جدّي فقال له: بَلَغَني ما أحدَثْته لهذا الأمر، وقد بلغني أنّك أسرفتُ، فابدأ بالفقراء والضُّعفاء فأطْعمْهم.
فلمّا كان من الغد، وحضر الحَجّام، وحضر أهلنا، فجاء جدّي حتّى جلس في الموضع الّذي فيه الصّبيّ، وأخرج صُرَيْرَة دفعها إلى الحَجّام، وصُرَيْرةً دفعها إلى الصبّيّ، وقام فدخل منزله. فنظر الحَجّام في الصُّرَيْرة فإذا درهم واحدٌ.
وكنّا قد رفعنا كثيرًا مما افْتُرِش، وكان الصبّيّ على مَصْطَبَة مرتفعة على شيء من الثّياب الملوّنة، فلم يُنْكِر ذلك.
وقدِم علينا من خُراسان ابن خالة جدّي، فنزل على أبي، وكان يُكنَّى بأبي أحمد، فدخلت معه إلى جدّي، فجاءت الجارية بطبق خلاف، وعليه خبز وبَقْل وخلّ وملْح. ثم جَاءت بغضارة فوضعتها بين أيدينا، فيها مَصلية، فيها لحم وسَلْق كثير، فجعلنا نأكل وهو يأكل معنا، ويسأل أبا أحمد عمّن بقي من أهلهم بخُراسان في خلال ما يأكل، فربّما استعجم الشّيء على أبي أحمد، فيكلّمه جدّي بالفارسيّة، ويضع القطعة اللّحم بين يديه وبين يديّ. ثمّ رفع الغِضارة بيده، فوضعها ناحيةً، ثمّ أخذ طَبَقًا إلى جنْبه، فوضعَه بين أيدينا، فإذا تمرٌ برّيّ، وجوز مُكَسَّر. وجعل يأكل، وفي خلال ذلك يناول أبا أحمد.
وقال عبد الملك الميمونيّ: كثيرًا ما كنتُ أسال أبا عبد الله عن الشّيء فيقول: لبَّيْك لبَّيْك.
وعن المَرُّوذيّ قال: لم أر الفقير في مجلس أعزَّ منه في مجلس أبي عبد الله. كان مائلا اليهم، مُقْصِرًا عن أهل الدّنيا. وكان فيه حلمٌ، ولم يكن بالعَجُول. وكان كثير التّواضع، تَعْلوه السّكينة والوَقار. إذا جلس في مجلس بعد العصر لا يتكلّم حتى يُسأل. وإذا خرج إلى مسجده لم يتصدّر. يقعد حيث انتهى به المجلس.
وقال الطِّبَرانيّ: ثنا موسى بن هارون: سمعت إسحاق بن راهَوَيْه يقول:
لمّا خرج أحمد بن حنبل إلى عبد الرّزّاق انقطعت به النَّفَقَة، فأكرى نفسه من جمّالين إلى أن جاء صنعاء، وعرض عليه أصحابه المواساة، فلم يقبل.
قال الفقيه عليّ بن محمد بن عمر الرّازّي: سمعتُ أبا عمر غلام ثعلب:
سمعتُ أَبَا القاسم بْن بشّار الأنْماطيّ: سَمِعْتُ المُزَنيّ: سمعت الشّافعيّ يقول:
رأيت ببغداد ثلاث أُعجوبات: رأيت فيها نَبَطيّا يتنحّى [1] عليَّ حتّى كأنّه عربيّ.
ورأيت أعرابيًّا يَلْحن حتّى كأنه نَبَطيّ، ورأيت شابّا وخَطَه الشَّيْب، فإذا قال:
حدَّثنا. قال النّاس كلُّهم: صَدَق.
قال المُزَنيّ: فسألته، فقال: الأول الزَّعْفرانيّ، والثّاني أبو ثَوْر الكلبيّ وكان لحّانًا، وأمّا الشّابّ فأحمد بن حنبل.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: رأيت أبي حرّج على النَّمل أن يخرج النّمْل من داره. ثم رأيت النَّمْل قد خرجن بعد ذلك نَمْلا سودًا، فلم أرهم بعد ذلك.
رواها أحمد بن محمد اللّبنانيّ، عنه.
قال أبو الفَرَج بن الْجَوزيّ: لما وقع الغرق سنة أربع وخمسين وخمسمائة، غرقت كتبي، وسلِم لي مجلد، فيه ورقتان بخط الإمام أحمد.
ومن نهي أبي عبد الله عن الكلام، قال المَرُّوذيّ: أُخْبِرت قبل موت أبي عبد الله بسنتين أن رجلا كتب كتابًا إلى أبي عبد الله يشاوره في أن يضع كتابًا يشرح فيه الرّدّ على أهل البِدَع، فكتب إليه أبو عبد الله.
قال الخلال: وأخبرني عليّ بن عيسى أنّ حنبلا حدّثهم قال: كتب رجل إلى أبي عبد الله.
قال: وأخبرني محمد بن عليّ الورّاق ثنا صالح بن أحمد قال: كتب رجلٌ إلى أبي يسأله عن مناظرة أهل الكلام والْجُلُوس معهم، فأملى عليّ أبي جواب
[1] أي يتحدّث بالنّحو.
كتابه: أحسنَ الله عاقبتك، الّذي كنّا نسمع عليه من أدركنا أنّهم كانوا يكرهون الكلام والْجُلُوس مع أهل الزَّيْغ، وإنّما الأمر في التّسليم والانتهاء إلى ما في كتاب الله، لا تَعْدُ ذلك. ولم يزل النّاس يكرهون كلّ مُحْدَث، من وضْعِ كتابٍ، وجلوسٍ مع مبتدع، ليُورد عليه بعض ما يُلْبس عليه في دينه.
وقال المَرُّوذيّ: بَلَغَني أنّ أبا عبد الله أنكر علي وليد الكرابيسيّ مناظرته لأهلِ البِدَعِ.
وقال المَرُّوذيّ: قلت لأبي عبد الله: قد جاءوا بكلام فلان ليُعْرَض عليك.
وأعطيته الرقعة، فكان فيها: والإيمان يزيد وينقص فهو مخلوق، وإنّما قلت إنّه مخلوق على الحركة والفعل لا على القول، فمن قال: الإيمان مخلوق، وأراد القول، فهو كافر.
فلمّا قرأها أحمد وانتهى إلى قوله: الحركة والفعل، غضب، فرمى بها وقال: هذا مثل قول الكرابيسيّ، وإنّما أراد الحركات مخلوقة، إذا قال الإيمان مخلوق، وأيّ شيء بقى؟ ليس يُفلح أصحابُ الكلام.
قلت: إنّما حطّ عليه أحمد بن حنبل لكونه خاض وأفتى وقسَّم، وفي هذا عبرة وزاجر، والله أعلم. فقد زجر الإمام أحمد كما ترى في قصّة الرقعة التي في الإيمان، وهي والله بحثٌ صحيح، وتقسيمٌ مليح. وبعد هذا فقد ذَمّ من أطلق الخَلْق على الإيمان، باعتبار قول العبد لا باعتبار مَقُوله، لأنّ ذلك نوعٌ من الكلام، وهو كان يذمّ الكلام وأهله، وإنْ أصابوا، ونهى عن تدقيق النَّظر في أسماء الله وصفاته، مع أنّ محمد بن نصر المروزيّ قد سمع إسحاق بن رَاهوَيْه يقول: خلق الله الإيمان والكفر، والخيرَ والشّرّ.
فصل في زوجاته وأولاده قال زهير بن صالح بن أحمد: تزوّج جدي بأمّ أبي عبّاسة بنت الفضل من العرب من الرَّبَض، لم يولد له منها غير أبي. ثمّ ماتت.
قال المَرُّوذيّ: سمعتُ أبا عبد الله يقول: أقامت معي أمّ صالح ثلاثين سنة، فما اختلفتُ أنا وهي في كلمة.
وقال زهير: لمّا ماتت عبّاسة تزوّج جدّي بعدها امرأة من العرب، يقال لها رَيْحانة، فولدت له عبد الله وحده.
وقال أبو بكر الخلال: ثنا أحمد بن محمد بن خلف البراثيّ: أخبرني أحمد بن عَبْثَر قال: لمّا ماتت أمّ صالح قال أحمد لامرأة عندهم: اذهبي إلى فلانة ابنة عمّي فاخطبيها لي من نفسها.
قالت: فأتيتها فأجابته.
فلما رَجَعَتْ إليه قال: كانت أختها تسمع كلامك؟
قال: وكانت بعينٍ واحدة.
فقالت له: نعم.
قال: فاذهبي فاخطبي تلك التي بعينٍ واحدة.
فأتتها فأجابته. وهي أم عبد الله ابنه. فأقام معها سبعا ثمّ قالت له: كيف رأيت يا ابنَ عمّي؟ أنكرت شيئًا؟
قال: لا، إلا أَنَّ نَعْلِك هذه تصرّ.
فيما تقدّم وهْم من أن أحمد، رحمه الله، تزوّج بهذه بعد موت أم صالح، وذلك لا يستقيم، لأنّ عبد الله وُلد لأحمد، ولأحمد خمسون سنة غير أشهرُ، وكان صالح أكبر من عبد الله بسنوات، لأنّه سمع من عفّان، وأبي الوليد.
وذكر أبو يعقوب الهَرَويّ، وغيره أنّ صالحًا ولد سنة ثلاثٍ ومائتين، ولأبيه إذ ذاك تسعٌ وثلاثون سنة. فصالح أكبر من عبد الله بعشر سِنين والله أعلم.
وقال الخلال: حدَّثني محمد بن العبّاس: نا محمد بن عليّ: حدَّثني أبو بكر بن يحيى قال: قال أبو يوسف بن بْختان: لمّا أمرنا أبو عبد الله أن نشتري له الجارية مضيت أنا وفوزان، فتبِعني أبو عبد الله فقال لي: يا أبا يوسف، ويكون لها لحم.
قال زُهير بن صالح: لمّا تُوَفّيت أمّ عبد الله اشترى حُسْن، فولدت منه زينب، ثمّ الحسن، والحسين تَوْأمًا، وماتا بالقُرب من ولادتها، ثمّ ولدت الحسن، ومحمدا، فعاش، ثمّ حَتَّى صارا من السّنّ إلى نحوٍ من الأربعين سنة.
ثمّ ولدت بعدهما سعيدًا.
قال الخلال: وثنا محمد بن عليّ بن يحيى: سمعت حُسْن، أمّ ولد أبي عبد الله تقول:
قلت لمولاي: يا مولاي اصرفْ فَرْدَ خلْخالي.
قال: وتَطيب نفسك؟
قلت: نعم.
قال: الحمد للَّه الذي وفَّقك لهذا.
قالت: فأعطيته أبا الحسن بن صالح، فباعه بثمانية دنانير ونصف، وفرَّقها وقت حَمْلي. فلما ولدتُ حَسَنًا أعطى مولاتي كرّامة درهمًا، وهي امرأة كبيرة كانت تخدمهم، وقال لها: اذهبي إلى ابن شجاع القصّاب يشتري لك بهذا رأسًا. فاشتري لنا رأسا، وجاءت به، فأكلنا.
فقال لي: يا حُسْن، ما أملك غير هذا الدِّرهم، وما لكِ عندي غير هذا اليوم.
قالت: وكان إذا لم يكن عند مولاي شيء فرحَ يومَه ذلك. فدخل يومًا فقال لي: أريد أن أحتجم اليوم وليس معي شيء. فجئتُ إلى جَرّة لي فيها غزْل، فبعته بأربعة دراهم، فاشتريت لحمًا بنصف درهم، وأعطى الحجّام درهمًا، واشتريت طِيبًا بِدِرهم.
ولمّا خرج إلى سُرّ مَنْ رأى كنتُ قد غزلت غزْلا ليّنًا، وعملت ثوبًا حسنًا، فلمّا قدِم أخرجته إليه، قال: ما أريده.
فدفعته إلى فَوْزان، فباعه باثنتين وأربعين درهمًا، واشتريت منه قطنًا، فغزلته ثوبًا كبيرًا، فلمّا أعلمته قال: لا تقطعيه دعيه. فكان كفنه كفّن فيه.
وأخرجت الغليظ فقطعَه.
وعن أحمد بن جعفر بن المنادى أنّ أبا عبد الله اشترى جاريةً بثمنٍ يسير، سمّاها ريحانة ليسترّى بها. لم يُتَابع ابن المنادي على هذا.
قال حنبل: وُلد سعيد قبل موت أحمد بنحوٍ من خمسين يومًا.
وقال بعض النّاس: ولي سعيد قضاء الكوفة، ومات سنة ثلاث وثلاثمائة.
وهذا لا يصحّ. فإنّ سعيدًا ولد قبل موت أبيه، ومات قبل موت أخيه عبد الله بدهْر. لأنّ إبراهيم الحربيّ عَزّى عبد الله بأخيه سعيد.
وأمّا الحسن، ومحمد. قال ابن الْجَوْزيّ: فلا نعرف من أخبارهما شيئًا.
وأمّا زينب فكبرت وتزَّوجت. وله بنت اسمها فاطمة، إن صحّ ذلك.
ذِكْرُ المِحْنَة ما زال المسلمون على قانون السَّلَف من أنّ القرآن كلام الله تعالى ووحْيه وتنزيله غير مخلوق، حَتَّى نبغت المعتزلة والْجَهْميّة، فقالوا بخلق القرآن، متستّرين بذلك في دولة الرشيد. فروى أحمد بن إبراهيم الدَّورقيّ، عن محمد بن نوح، أنّ هارون الرشيد قال: بَلَغَني أنّ بِشْر بن غياث يقول: القرآن مخلوق. للَّه عليَّ إنْ أظفرني به لأقتلنّه.
قال الدَّورقيّ: وكان بِشْر مُتَواريًا أيّام الرشيد، فلمّا مات ظهر بِشْر ودعى إلى الضَّلالَةِ.
قلت: ثمّ إن المأمون نظر في الكلام، وباعث المعتزلة، وبقي يقدِّم رِجْلا ويؤخِّر أخرى في دعاء النَّاس إلى القول بخلق القرآن، إلى أنُ قوي عزمه على ذلك في السنة التي مات فيها، كما سُقْناه.
قال صالح بن أحمد بن حنبل: حُمِل أبي، ومحمد بن نوح مقَّيدين، فصرنا معهما إلى الأنبار، فسأل أبو بكر الأحول أبي فقال: يا أبا عبد الله، إن عُرِضت على السيف تجيب؟.
قال: لا.
ثمّ سُيِّرا، فسمعت أبي يقول: صرنا إلى الرّحْبَة ودخلنا فيها، وذلك في جوف اللّيل، فعَرَض لنا رجلٌ فقال: أيّكم أحمد بن حنبل؟
فقيل له: هذا.
فقال للجمّال: على رسْلك. ثمّ قال: يا هذا، ما عليك أن تقتل هاهنا وتدخل الجنّة. ثم قال: أسْتَوْدعُك الله، ومضى.
قال أبي: فسألت عنه، فقيل: هذا رجل من العرب من ربيعة يعمل الشِّعْر في البادية، يقال له جابر بن عامر، يُذكر بخير [1] .
وروى أحمد بن أبي الحواري: ثنا إبراهيم بن عبد الله قال: قال أحمد بن حنبل: ما سمعتُ كلمة منذ وقعت في هذا الأمر أقوى من كلمة أعرابيّ كلَّمني بها في رَحْبة طَوْق، قال: يا أحمد، إن يَقْتُلُكَ الحقُّ مُتَّ شَهِيدًا، وإن عشْت عشت حميدًا. فقوي قلبي.
قال صالح بن أحمد: قال أبي: صِرْنا إلى أذَنَة، ورحلنا منها في جوف اللّيل، وفتح لنا بابها، فإذا رجل قد دخل فقال: البشرى، قد مات الرجل، يعني المأمون.
قال أبي: وكنت أدعو الله أن لا أراه.
وقال محمد بن إبراهيم البُوَشْنجيّ: سمعت أحمد بن حنبل يقول: تبيّنت الإجابة في دعوتين: دعوتُ الله أن لا يجمع بيني وبين المأمون، ودعوته أن لا أرى المتوكّل. فلم أر المأمون ومات بالبَذَنْدُون [2] وهو نهر الرّوم، وأحمد محبوس بالرَّقَة حتى بويع المعتصم بالروم، ورجَع فردَّ أحمد إلى بغداد.
وأمّا المتوكّل فإنّه لمّا أحضر أحمد دار الخلافة ليحدِّث ولده، قَعَد لَهُ المتوكّل في خَوْخةٍ [3] حَتَّى نظر إلى أحمد، ولم يره أحمد.
قال صالح: لما صدر أبي ومحمد بن نوح إلى طرسوس رُدّا في أقيادهما، فلمّا صارا إلى الرّقّة حُملا في سفينة، فلمّا وصلا إلى عانات تُوَفّي محمد، فأطلق عنه قيده، وصلّى عليه أبي.
وقال حنبل: قال أبو عبد الله: ما رأيتُ أحدًا على حداثة سِنّهِ وقدر عِلْمه أَقْوَم بأمر الله من محمد بن نوح. وإنّي لأرجو أن يكون قد خُتِم له بخير. قال لي
[1] حلية الأولياء 9/ 196.
[2]
البذندون: بفتحتين وسكون النون، ودال مهملة، وواو ساكنة، ونون، قرية بينها وبين طرسوس يوم من بلاد الثغر. (معجم البلدان 1/ 361، 362) ووقع في: حلية الأولياء 9/ 196:
«البذيذون» ، وهو تحريف.
[3]
الخوخة: الباب الصغير.
ذات يوم: يا أبا عبد الله، الله، الله، إنّك لستَ مثلي، أنت رجل يُقْتَدى بك، قد مَدَّ الخلْق أعناقهم إليك لما يكون منك. فاتَّقِ الله واثْبت لأمرِ الله. أو نحو هذا.
فمات وصلَّيت عليه ودفنته. أظنّه قال: بعانة.
قال صالح: وصار أبي إلى بغداد مقيَّدًا، فمكث بالياسريّة أيّامًا، ثمّ حُبِس في دارٍ اكْتُرِيَتْ عند دار عُمارة. ثمّ نُقِل بعد ذلك إلى حبْس العامّة في درب المَوْصِليّة [1]، فقال أبي: كنتُ أصلّي بأهل السّجن وأنا مقيّد. فلمّا كان في رمضان سنة تسع عشرة حُوِّلْتُ إلى دار إسحاق بن إبراهيم.
وأمّا حنبل بن إسحاق فقال: حُبس أبو عبد الله في دار عُمارة ببغداد في إسطبلٍ لمحمد بن إبراهيم أخي إسحاق بن إبراهيم، وكان في حبْسٍ ضيّق، ومرِض في رمضان، فحُبِس في ذلك الحبْس قليلا، ثم حُوِّل إلى سجن العامّة، فمكث في السّجن نحوًا من ثلاثين شهرًا، فكنّا نأتيه. وقرأ عليَّ كتاب الإرجاء وغيره في الحبْس، فرأيته يصلّي بأهل الحبْس وعليه القيد، فكان يُخْرج رِجْله من حلقة القيد وقت الصّلاة والنّوم.
رَجَعْنَا إِلَى مَا حَكَاهُ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ، عَنْ أَبِيهِ: لَمَّا حُوِّلَ إِلَى دَارِ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ فَكَانَ يُوجَّهُ إِلَيَّ كُلَّ يَوْمٍ بِرَجُلَيْنِ، أَحَدُهُمَا يُقَالُ لَهُ أَحْمَدُ بْنُ رَبَاحٍ، وَالْآخَرُ أَبُو شُعَيْبٍ الْحَجَّامُ، فَلَا يَزَالانِ يُنَاظِرَانِي حَتَّى إِذَا أَرَادَا الانْصِرَافَ دُعِيَ بِقَيدٍ، فَزِيدَ فِي قُيُودِي.
قَالَ: فَصَارَ فِي رِجْلِهِ أَرْبَعَةُ أَقْيَادٍ.
قَالَ أَبِي: فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الثَّالِثُ دَخَلَ عَلَيَّ أَحَدُ الرَّجُلَيْنِ فَنَاظَرَنِي، فَقُلْتُ لَهُ: مَا تَقُولُ فِي عِلْمِ اللَّهِ؟
قَالَ: إِنَّهُ مَخْلُوقٌ.
فَقُلْتُ لَهُ: كَفَرْتَ.
فَقَالَ الرَّسُولُ الَّذِي كَانَ يَحْضُرُ مِنْ قِبَلِ إسحاق بن إبراهيم: إنّ هذا رسول
[1] حلية الأولياء 9/ 197.
أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ هَذَا قَدْ كَفَرَ [1] .
فَلَمَّا كَانَ فِي اللَّيْلَةِ الرَّابِعَةِ وَجَّهَ، يَعْنِي الْمُعْتَصَمِ، بِبُغَا الَّذِي كَانَ يُقَالُ لَهُ الْكَبِيرُ، إِلَى إِسْحَاقَ، فَأَمَرَهُ بِحَمْلِي إِلَيْهِ. فَأَدُخِلْتُ عَلَى إِسْحَاقَ فَقَالَ: يَا أَحَمْدُ، إِنَّهَا وَاللَّهِ نَفْسُكَ، إِنَّهُ لَا يَقْتُلُكَ بِالسَّيْفِ. إِنَّهُ قَدْ آلَى بِأَنْ لَمْ تُجِبْهُ أَنْ يَضْرِبَكَ ضَرْبًا بَعْدَ ضَرْبٍ، وَأَنْ يَقْتُلَكَ [2] فِي مَوْضِعٍ لَا يُرَى فِيهِ شَمْسٌ وَلَا قَمَرٌ. أَلَيْسَ قَدْ قال الله عز وجل: إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا 43: 3 [3] ، أَفَيَكُونُ مَجْعُولًا إِلَّا مَخْلُوقًا؟
فَقُلْتُ: قَدْ قَالَ الله تعالى: فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ 105: 5 [4] أَفَخَلَقَهُمْ؟
قَالَ: فَسَكَتَ. فَلَمَّا صِرْنَا إِلَى الْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِبَابِ الْبُسْتَانِ أُخْرِجْتُ وَجِيءَ بِدَابَّةٍ، فَحُمِلْتُ عَلَيْهَا وَعَلَيَّ الْأَقْيَادُ، مَا مَعِي أَحَدٌ يُمْسِكُنِي. فَكِدْتُ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ أَخِرَّ عَلَى وَجْهِي لِثِقَلِ الْقُيُودِ. فَجِيءَ بِي إِلَى دَارِ الْمُعْتَصِمِ، فَأُدْخِلْتُ حُجْرَةً، وَأُدْخِلْتُ إِلَى الْبَيْتِ، وَأُقْفِلَ الْبَابُ عَلَيَّ، وَذَلِكَ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلَيْسَ فِي الْبَيْتِ سِرَاجٌ. فَأَرَدْتُ أَنْ أَتَمَسَّحَ لِلصَّلَاةِ، فَمَدَدْتُ يَدَيَّ، فَإِذَا أَنَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٌ مَوْضُوعٌ، فَتَوَضَّأْتُ وَصَلَّيْتُ. فَلَمَّا كَانَ مِنَ الْغَدِ أخرجت تكنّى مِنْ سَرَاوِيلِي، وَشَدَدْتُ بِهَا الْأَقْيَادَ أَحْمِلُهَا، وَعَطَفْتُ سَرَاوِيلِي. فَجَاءَ رَسُولُ الْمُعْتَصَمِ فَقَالَ: أَجِبْ.
فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَدْخَلَنِي عَلَيْهِ، وَالتَّكَّةُ فِي يَدِي أَحْمِلُ بِهَا الْأَقْيَادَ. وَإِذَا هُوَ جَالِسٌ، وَابْنُ أَبِي دُؤَادٍ حَاضِرٌ، وَقَدْ جَمَعَ خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَصْحَابِهِ، فَقَالَ لِي، يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ: ادْنُهُ، ادْنُهُ. فَلَمْ يَزَلْ يُدْنِينِي حَتَّى قَرُبْتُ مِنْهُ، ثُمَّ قَالَ لِي:
اجْلِسْ. فَجَلَسْتُ وَقَدْ أَثْقَلَتْنِي الْأَقْيَادُ، فَمَكَثْتُ قَلِيلًا ثُمَّ قُلْتُ: أَتَأْذَنُ لِي فِي الكلام؟ فقال: تكلّم.
[1] في هامش الأصل: إنّما كفّره لأنّه إذا كان علمه مخلوقا لزم أن يكون في الأزل بغير علم حتّى خلقه. تعالى الله عمّا يقول الظّالمون....
[2]
في حلية الأولياء 9/ 197 «وأن يلقيك» .
[3]
سورة الزخرف، الآية 3.
[4]
سورة الفيل، الآية 5.
فَقُلْتُ: إِلَى مَا دَعَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ؟
فَسَكَتَ هُنَيَّةً ثُمَّ قَالَ: إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.
فَقُلْتُ: فَأَنَا أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. ثُمَّ قُلْتُ: إِنَّ جَدَّكَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ:
لَمَّا قَدِمَ وَفْدُ عَبْدِ الْقَيْسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلُوهُ عَنِ الْإِيمَانِ فَقَالَ: «أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ» ؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ.
قَالَ: «شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ محمدا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامَةَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاةِ، وَأَنْ تُعْطُوا الْخُمْسَ مِنَ الْمَغْنَمِ» [1] . قَالَ أَبِي: قَالَ- يَعْنِي الْمُعْتَصِمَ- لَوْلَا أَنِّي وَجَدْتُكَ فِي يَدِ مَنْ كَانَ قَبْلِي مَا عَرَضْتُ لَكَ.
ثُمَّ قَالَ: يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنَ إِسْحَاقَ، أَلَمْ آمُرْكَ بِرَفْعِ الْمِحْنَةِ؟
فَقُلْتُ: اللَّهُ أَكْبَرُ إِنَّ فِي هَذَا لَفَرَجًا لِلْمُسْلِمِينَ.
ثُمَّ قَالَ لَهُمْ: نَاظِرُوهُ، كَلِّمْهُ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ كَلِّمْهُ.
فَقَالَ لِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ: مَا تقول في القرآن؟
قلت له: ما تقول في عِلْمِ اللَّهِ؟
فَسَكَتَ.
فَقَالَ لِي بَعْضُهُمْ: أَلَيْسَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ 13: 16 [2] وَالْقُرْآنُ أَلَيْسَ هُوَ شَيْءٌ؟
فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ تعالى: تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها 46: 25 [3] فدمّرت إلّا ما أراد الله.
[1] أخرجه البخاري في الإيمان 1/ 120، 125 باب: أداء الخمس من الإيمان، وفي: العلم، باب تحريض النبيّ صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم، ويخبروا من وراءهم. وفي:
مواقيت الصلاة، باب: قول الله تعالى: مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ 30: 31. وفي: الزكاة، باب: وجوب الزكاة. وفي: الجهاد، باب: أداء الخمس من الدّين. وفي: الأنبياء، باب: نسبة اليمن إلى إسماعيل. وفي: المغازي: باب وفد عبد القيس. وفي: الأدب، باب: قول الرجل مرحبا.
وفي: خبر الواحد، باب: وصاة النبيّ صلى الله عليه وسلم وفود العرب أن يبلّغوا من وراءهم. وفي: التوحيد.
باب: قول الله تعالى: وَالله خَلَقَكُمْ وَما تَعْمَلُونَ 37: 96. وأخرجه مسلم في الإيمان (17) باب:
الأمر بالإيمان باللَّه تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم، وشرائع الدين، والدعاء إليه، والسؤال عنه.
[2]
سورة الرعد، الآية 16.
[3]
سورة الأحقاف، الآية 25.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ 21: 2 [1] أَفَيَكُونُ مُحْدَثٌ إِلَّا مَخْلُوقًا؟
فَقُلْتُ: قَالَ اللَّهُ: ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ 38: 1 [2] فَالذِّكْرُ هُوَ الْقُرْآنُ. وَتِلْكَ لَيْسَ فِيهَا أَلِفٌ وَلَامٌ.
وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ حَدِيثَ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ اللَّهَ عز وجل خَلَقَ الذِّكْرَ.
فَقُلْتُ: هَذَا خَطَأٌ، حَدَّثَنَا غَيْرُ وَاحِدٍ:«إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الذِّكْرَ» [3] . وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ: «مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ جَنَّةٍ وَلَا نَارٍ وَلَا سَمَاءٍ وَلَا أَرْضٍ أَعْظَمَ مِنْ آيَةِ الْكُرْسِيِّ» [4] . فَقُلْتُ: إِنَّمَا وَقَع الْخَلْقُ عَلَى الْجَنَّةِ وَالنَّارِ وَالسَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَقَعْ عَلَى الْقُرْآنِ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: حَدِيثُ خَبَّابٍ: يَا هَنَتَاهْ، تَقَرَّبَ إِلَى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ كَلَامِهِ.
قُلْتُ: هَكَذَا هُوَ.
قال صالح بن أحمد: فجعل أحمد بن أبي دُؤَاد ينظر إلى أبي كالمُغْضَب، قال أبي:
وكان يتكلَّم هذا، فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطع الرجل منهم اعترض ابن أبي دُؤاد فيقول: يا أمير المؤمنين هو والله ضالّ مُضِلّ مُبْتَدِع.
فيقول: كلّموه، ناظروه.
[1] سورة الأنبياء، الآية 2.
[2]
أول سورة ص.
[3]
هذا طرف من حديث أخرجه البخاري في أول بدء الخلق 6/ 205، 207، والتوحيد 13/ 345- 347 باب: وكان عرشه على الماء، عن عمران بن حصين، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وعقلت ناقتي بالباب، فإذا ناس من بني تميم، فقال: أقبلوا البشرى يا بني تميم، قالوا: قد بشّرتنا، فأعطنا مرتين. ثم دخل عليه ناس من اليمن، فقال: أقبلوا البشرى يا أهل اليمن، إذ لم يقبلها بنو تميم. قالوا: قبلنا، جئناك نتفقّه في الدّين، ونسألك عن أول هذا الأمر ما كان؟ قال: كان الله ولم يكن شيء غيره، وكان عرشه على الماء، وكتب في الذكر كل شيء، وخلق السموات والأرض.
[4]
أورده السيوطي في: الدرّ المنثور 1/ 323.
فيكلّمني هذا، فأّرد عليه، ويكلّمني هذا، فأردّ عليه، فإذا انقطعوا يقول لي المعتصم: ويْحك يا أحمد ما تقول؟
فأقول: يا أمير المؤمنين، أعطُوني شيئًا من كتاب الله أو سنّة رسول الله حتّى أقول به.
فيقول ابن أبي دؤاد: أنت لا تقول إلا ما في كتاب الله أو سنة رسول الله؟
فقلت له: تأوّلت تأويلا، فأنتَ أعلم، وما تأوّلتَ ما يُحْبَس عليه وما يُقَيَّد عليه [1] .
قال حنبل: قال أبو عبد الله: ولقد احتجّوا عليَّ بشيء ما يقوى قلبي ولا ينطلق لساني أنْ أحكيه. أنكروا الآثار، وما ظننتهم على هذا حتّى سمعتُ مقالتهم، وجعلوا يدعون [2]، يقول الخصم: وكذا وكذا. فاحتججت عليهم بالقرآن بقوله: يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً 19: 42 [3] فذمَّ إبراهيم أباه أنْ عبد ما لا يسمع ولا يُبَصر، أَفَهَذا مُنْكَرٌ عندكم؟
فقالوا: شبَّه يا أمير المؤمنين، شبَّه يا أمير المؤمنين.
وقال محمد بن إبراهيم البُوشنْجيّ: حَدَّثَنِي بعض أصحابنا أنّ ابن أبي دؤاد يقول: يا أمير المؤمنين، والله لئن أجابك لَهُو أحب إليَّ من مائة ألف دينار، ومائة ألف دينار، ويَعُدّ من ذلك ما شاء الله أن يَعُدّ [4] .
فقال المعتصم: والله لئن أجابني لأطلقنّ عنه بيدي، ولأركبنّ إليه بجُنْدي، ولأطأنّ عَقِبَه.
ثمّ قال: يا أحمد، والله إنّي عليك لشَفيق، وإنّي لأشفق عليك كشفقتي على هارون ابني. ما تقول؟
فأقول: أعطوني شيئا من كتاب الله أو سنة رسوله. فلمّا طال المجلس
[1] حلية الأولياء 9/ 197- 199.
[2]
في سير أعلام النبلاء 11/ 247: «يرغون» بالراء والغين المعجمة.
[3]
سورة مريم، الآية 42.
[4]
حلية الأولياء 9/ 201.
ضجر وقال: قوموا. وحبسني، يعني عنده، وعبد الرَّحْمَن بْن إسحاق يكلّمني.
فقال المعتصم: ويْحك أجِبْني. وقال: ما أعرفك، ألم تكن تأتينا؟
فقال له عبد الرَّحْمَن بْن إسحاق: يا أمير المؤمنين أعرفه منذ ثلاثين سنة يرى طاعتك والجهاد والحجّ معك.
قال: فيقول: والله إنّه لعالم، وإنّه لَفَقيه، وما يسوءني أن يكون معي يردّ عنّى أهل المِلَل [1] .
ثُمَّ قال لي: ما كنت تعرف صالحًا الرّشيديّ؟
قلت: قد سمعت باسمه.
قال: كان مؤدّبي، وكان فِي ذلك الموضع جالسًا، وأشار إلى ناحيةٍ من الدّار، فسألته عن القرآن فخالفني، فأمرت به فوطئ وسُحب.
ثُمَّ قال: يا أحمد أجِبْني إلى شيءٍ لك فِيه أدني مخرج [2] حتّى أطلق عنك بيدي.
قلت: أعطُوني شيئًا من كتاب اللَّه وسنة رسوله.
فطال المجلس وقام، ورُددت إلى الموضع الَّذِي كنتُ فِيهِ، فلمّا كان بعد المغرب وجّه إليّ رجلين من أصحاب ابن أبي دؤاد يبيتان عندي ويناظراني ويقيمان معي، حَتَّى إذا كان وقت الإفطار جيء بالطعام، ويجتهدان بي أن أُفِطر، فلا أفعل [3] .
ووجّه إليَّ المعتصم ابن أبي دؤاد فِي بعض اللّيالي فقال: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول؟
فأردّ عليه نحوًا مما كنت أردّ.
فقال ابن أبي دؤاد: والله لقد كتبت اسَمك فِي السَّبْعة، يحيى بْن مَعِين، وغيره، فمحوته. ولقد ساءني أخْذُهم إيّاك. ثُمَّ يقول: إنّ أمير المؤمنين قد
[1] في الحلية 9/ 199: «يردّ على أهل الملك» .
[2]
في الحلية 9/ 200: «أدنى فرج» .
[3]
حلية الأولياء 9/ 200.
حلف أن يضربك ضربًا بعد ضرب، وأن يُلْقيك فِي موضعٍ لا ترى فِيهِ الشّمس [1]، ويقول: إن أجابني جئت إليه حَتَّى أطلق عَنْهُ بيدي.
وانصرفت، فلمّا أصبح جاء رسوله فأخذ بيدي حَتَّى ذهب بي إليه، فقال لهم: ناظروه وكلَّموه.
فجعلوا يناظرونني، فأردّ عليهم، فإذا جاءوا بشيء من الكلام ممّا ليس فِي الكتاب والسنة قلت: ما أدري ما هذا.
قال: يقولون: يا أمير المؤمنين إذا توهُّمَتْ له الحُجّة علينا ثبت [2] . وإذا كلّمناه بشيءٍ يقول لا أدري ما هذا.
فقال: ناظروه.
فقال رَجُل: يا أحمد أراك تذكر الحديث وتنتحله.
قلت: فما تقول فِي يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ 4: 11 [3] ؟
قال: خصّ اللَّه بها المؤمنين.
قلت: ما تقول إن كان قاتلا أو عبدًا؟
فسكت. وإنّما احتججت عليهم بهذا لأنّهم كانوا يحتجّون بظاهر القرآن، وحيث قال لي: أراك تنتحل الحديث [4] احتججت بالقرآن، يعني. فلم يزالوا كذلك إلى قرب الزّوال فلمّا ضجر قال لهم: قوموا، وخلا بي وبعبد الرحمن بْن إسحاق. فلم يزل يكلّمني.
ثُمَّ قال أبي: فقام ودخل، ورُددت إلى الموضع [5] .
قال: فلمّا كان فِي اللّيلة الثالثة قلت: خليق أن يحدث غدا من أمري
[1] حلية الأولياء 9/ 201.
[2]
في الحلية 9/ 200: «وثب» بدل «ثبت» .
[3]
سورة النساء، الآية 11.
[4]
إلى هنا في حلية الأولياء 9/ 200، 201.
[5]
الحلية 9/ 200.
شيء، فقلت لبعض من كان معي الموكَّل بي: ارتَدْ [1] لي خيطًا. فجاءني بخيط، فشددتُ به الأقياد، ورددتُ التّكّة إلى سراويلي [2] مخافةَ أن يحدث من أمري شيء فأتعرّى [3] .
فلمّا كان من الغد فِي اليوم الثّالث وجَّه إليَّ، فأُدْخلت، فإذا الدَّار غاصّة، فجعلت أدخل من موضعٍ إلى موضع، وقوم معهم السّيوف، وقوم معهم السّياط، وغير ذلك. ولم يكن فِي اليومين الماضيين كبيرٌ أحدٍ من هؤلاء. فلمّا انتهيت إليه قال: اقعد. ثُمَّ قال: ناظروه، كلّموه [4] .
فجعلوا يناظرونني، ويتكلّم هذا فأردّ عليه، ويتكلَّم هذا فأردّ عليه، وجعل صوتي يعلو أصواتهم، فجعل بعض مَن على رأسه قائم يومئ إليَّ بيده، فلمّا طال المجلس نحّاني، ثُمَّ خلا بهم. ثُمَّ نحّاهم وردّني إلى عنده فقال: ويْحك يا أحمد، أجبني حَتَّى أطلق عنك بيدي. فرددت عليه نحوًا ممّا كنت يردّ، فقال لي: عليك، وذكر اللَّعْن.
وقال: خذوه واسْحبوه واخلعوه.
قال: فَسُحِبْتُ ثُمَّ خلعتُ [5] .
قال: وقد كان صار إليّ شعرٌ [6] مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي كُمّ قميصي، فوجّه إليّ إسحاق بْن إبراهيم: ما هذا المصرور فِي كُمّ قميصك؟
قلت: شَعرٌ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم.
قَالَ: وسعى بعض القوم إلى القميص ليخرّقه [7] عليّ، فقال لهم، يعني المعتصم: لا تخرقوه.
فنزع القميص عنّي.
[1] في الحلية 9/ 901: «أريد» .
[2]
في الأصل: «سراويلي» .
[3]
في الأصل: «فأتعر» .
[4]
حلية الأولياء 9/ 201.
[5]
حلية الأولياء 9/ 201.
[6]
في الحلية 9/ 202: «صار إليّ شعرتان» .
[7]
في الحلية: «ليحرقه» .
قال: وظننت أنّه إنّما دُرِيء عن القميص الخرقَ بسبب الشَّعْر الَّذِي كان فِيهِ.
قال: وجلس المعتصم على كرسيّ ثُمَّ قال: العُقابين والسِّياط.
فجيء بالعقابين، فَمُدَّت يداي، فقال بعض من حضَر خلفي: خُذْ أي الخشبتين بيديك وشُدّ عليهما. فلم أفهم ما قال، فتخلّعت يداي [1] .
وقال محمد بْن إبراهيم البُوشَنْجيّ: ذكروا أنّ المعتصم لان فِي أمر أحمد لما عُلّق فِي العُقابين، ورأى ثُبوته وتصميمه وصلابته فِي أمره، حَتَّى أغراه ابن أبي دُؤاد وقال له: إن تركْتَه قيل إنّك تركت مذهبَ المأمون وسخطتَ قوله.
فهاجه ذلك على ضربه.
قال صالح: قال أبي: لمّا جيء بالسّياط نظرَ إليها المعتصم وقال: ائتوني بغيرها.
ثُمَّ قال للجلادين: تقدَّموا.
فجعل يتقدَّم إليَّ الرجل منهم فيضربني سوطين، فيقول له: شدّ، قطع اللَّه يدك.
ثُمَّ يتنحّى، فيقْدَم الآخر فيضربني سَوْطين وهو يقول فِي كلّ ذلك: شدّ، قطع اللَّه يدك.
فلمّا ضُربتُ تسع عشر سوطًا قام إليَّ، يعني المعتصم، وقال: يا أحمد، علامَ تقتل نفسك؟ إنّي والله عليك لَشَفيق.
قال: فجعل عُجَيْف [2] ينْخسني بقائمة سيفه وقال: أتريد أن تغلب هؤلاء كلَّهم.
وجعل بعضهم يقول: ويْلك، الخليفة على رأسك قائم.
وقال بعضهم: يا أميرَ المؤمنين دَمُهُ في عنقي [3] ، اقتله.
وجعلوا يقولون: يا أمير المؤمنين أنت صائم وأنت فِي الشّمس قائم.
فقال لي: ويْحك يا أحمد ما تقول؟
فأقول: أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أقول به.
فرجع وجلس، وقال للجلاد: تقدَّم وأوجع، قطع اللَّه يدك.
ثُمَّ قام الثانية فجعل يقول: ويْحك يا أحمد أجِبْني [1] .
فجعلوا يُقْبلون عليَّ ويقولون: يا أحمد إمامك على رأسك قائم.
وجعل عبد الرحمن يقول: مَن صنع مِن أصحابك فِي هذا الأمر ما تصنع؟
وجعل المعتصم يقول: ويحك أجنبي إلى شيءٍ لك فِيهِ أدنى فرج حَتَّى أطلق عنك بيدي.
فقلت: يا أمير المؤمنين، أعطوني شيئًا من كتاب اللَّه فيرجع.
وقال للجلادين: تقدَّموا.
فجعل الجلاد يتقدَّم ويضربني سَوْطين ويتنحّى، وهو في خلال ذلك يقول: شُدّ، قطع اللَّه يدك.
قال أبي: فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك، فإذا الأقياد قد أُطلقت عنّي.
وقال لي رَجُل ممّن حضر: إنّا كَبَبْناك على وجهك، وطرحنا على ظهرك بارية [2] ودُسْناك.
قال أبي: فما شعرت بذلك، وأتوني بسَوِيق فقالوا لي: اشرب وتقيأ.
فقلت: لا أُفْطر.
ثُمَّ جيء بي إلى إسحاق بْن إبراهيم، فحضرت صلاة الظُّهر، فتقدَّم ابن سماعة فصلّى، فلمّا انفتل من الصّلاة قال لي: صلّيتَ والدّم يسيل فِي ثوبك؟! [3] .
فقلت: قد صلّى عمر وجرحه يثعب دما.
قال صالح: ثُمَّ خلي عَنْهُ [1]، فصار إلى منزله. وكان مَكْثه فِي السّجن منذ أُخِذ وحُمِل إلى ضُرِب وخُلّي عَنْهُ ثمانية وعشرين شهرًا. ولقد أخبرني أحد الرجلين اللَّذَين كانا معه قال: يا ابن أخي، رحمة اللَّه على أَبِي عبد الله، والله ما رَأَيْت أحدا يُشْبهه. ولقد جعلت أقول له فِي وقت ما يوجّه إلينا بالطّعام: يا أَبَا عبد الله، أنت صائم وأنت فِي موضع تقيّة [2] .
ولقد عطش، فقال لصاحب الشّراب: ناوِلْني. فناوله قدحًا فِيهِ ماء وثلج، فأخذه ونظر إليه هُنيّة ثُمَّ رده ولم يشرب، فجعلت أعجب من صبره على الجوع والعطش وهو فيما هُوَ فِيهِ من الهَول [3] .
قال صالح: كنتُ ألتمس وأحتال أن أُوصِل إليه طعامًا أو رغيفًا فِي تلك الأيام، فلم أقدر. وأخبرني رَجُلٌ حضره أنّه تفقّده فِي هذه الأيام الثّلاثة وهم يناظرونه، فما لَحَن فِي كلمة [4] .
قال: وما ظننت أنّ أحدًا يكون فِي مثل شجاعته وشدّة قلبه [5] .
وَقَالَ حَنْبَلٌ: سَمِعْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: ذهبَ عقلي مرارًا، فكان إذا رُفِع عنّي الضَّرب رجعتُ إلى نفسي. وإذا استرخيت وسقطتُ رُفع الضَّرب. أصابني ذلك مرارا، ورأيته، يعني المعتصم، قاعدًا فِي الشمس بغير مِظَلّة، فسمعته وقد أَفَقْتُ يقول لابن أبي دؤاد: لقد ارتكبتَ فِي أمر هذا الرجل.
فقال: يا أمير المؤمنين إنّه والله كافر مشرك، قد أشرك من غير وجه. فلا يزال به حَتَّى يصرفه عمّا يريد. وقد كان أراد تخليتي بغير ضرب، فلم يدعْه ولا إسحاق بْن إبراهيم، وعزم حينئذٍ على ضرْبي.
قال حنبل: وبلغني أنّ المعتصم قال لابن أبي دؤاد بعد ما ضرب أبو
[1] إلى هنا في الحلية 9/ 203.
[2]
في الحلية 9/ 203: «في موضع مسغبة» ، وفي سير أعلام النبلاء 11/ 252 «موضع تفئة» ، والمثبت هنا يتفق مع: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 407.
[3]
الحلية 9/ 203.
[4]
الحلية 9/ 203.
[5]
الحلية 9/ 203.
عبد الله: كم ضُرِبَ؟
فقال ابن أبي دُؤاد: نيّف وثلاثين أو أربعة وثلاثين سوطًا.
وقال أبو عبد الله: قال لي إنسان ممّن كان: ثُمَّ ألقينا على صدرك بارية.
أكببناك على وجهك ودُسْناك [1] .
قال أبو الفضل عُبَيْد الله الزُّهْريّ: قال المَرُّوذيّ: قلت وأحمد بين الهنبادين: يا أستاذ، قال الله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ 4: 29 [2] .
قال: يا مَرُّوذيّ، أخرج انظُر.
فخرجت إلى رَحْبة دار الخليفة، فرأيت خَلْقًا لا يُحصيهم إلا الله تعالى، والصُّحُف في أيديهم، والأقلام والمحابر. فقال لهم المَرُّوذيّ: أيّ شيء تعملون؟
قالوا: ننتظر ما يقول أحمد فنكتبه.
فدخل إلى أحمد فأخبره، فقال: يا مَرُّوذيّ أضلّ هؤلاء كلُّهم؟
قلت: هذه حكاية منقطعة لا تصحّ [3] .
قال ابن أبي حاتم [4] : ثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي قال: لمّا حُمِل أحمد ليُضْرَب جاءوا إلى بِشْر بن الحارث فقالوا: قد حُمِل أحمد بن حنبل وحُمِلت السِّياط، وقد وَجَبَ عليك أن تتكلَّم.
فقال: تريدون منّي مقام الأنبياء؟ ليس ذا عندي. حفظ الله أحمد مِن بين يديه ومِن خلفه.
وقال الحسن بن محمد بن عثمان الفَسَويّ: حدَّثني داود بن عَرَفة: ثنا ميمون بن الأصْبغ قال: كنت ببغداد، فسمعتُ ضجّة، فقلت: ما هذا؟ قالوا:
أحمد يمتحن.
[1] الحلية 9/ 203.
[2]
سورة النساء، الآية 29.
[3]
ذكرها ابن الجوزي في مناقب الإمام أحمد 329، 330.
[4]
في تقدمة المعرفة 310، وحلية الأولياء 9/ 170.
فأخذت مالا له خطر، فذهبت به إلى من يُدْخلني إلى المجلس، فأدخلوني، وإذا بالسّيوف قد جُرِّدت، وبالرماح قد رُكِّزت، وبالتِّراس قد صُفِّفت، وبالسِّياط قد طُرِحت [1] ، فألبسوني قِباءً أسود ومنطقة وسيفًا، ووقّفوني حيث أسمع الكلام. فأتى أمير المؤمنين، فجلس على كرسيّ، وأُتِيَ بأحمد بن حنبل، فقال له: وقرابتي من رَسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم لأضربنّك بالسّياط، أو تقول كما أقول.
ثم التفت إلى جلاد فقال: خُذْهُ إليك. فأخذه، فلمّا ضُرِب سوطًا قال:
بسم الله. فلمّا ضُرِب الثّاني قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا باللَّه. فلمّا ضُرِب الثّالث قال: القرآن كلام الله غير مخلوق. فلما ضرب الرابع قال: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنا 9: 51 [2] .
فضربه تسعة وعشرين سوطًا. وكانت تكّة أحمد حاشية ثوب، فانقطعت، فنزل السّراويل إلى عانَتِه، فقلت: السّاعة ينهتك.
فرمى بطرْفه إلى السّماء، وحرّك شفتيه، فما كان بأسرع من أن بقي السّراويل لم ينزل. فدخلت عليه بعد سبعة أيّام، فقلت: يا أبا عبد الله رأيتك وقد انحلّ سراويلك، فرفعت رأسك أو أطرافك إلى السّماء، فما قلت؟ قال:
قلت: اللَّهمّ إنّي أسألك باسمَك الّذي ملأت به العرش إنْ كنت تعلم أنّي علي الصّواب، فلا تَهْتِكْ لي ستْرًا [3] .
وقال جعفر بن أحمد بن فارس الأصبهانيّ: ثنا أحمد بن أبي عُبَيْد الله قال: قال أحمد بن الفَرَج: حضرت أحمد بن حنبل لمّا ضُرِب، فتقدّم أبو الدَّنّ فضربه بضعة عشر سَوطًا، فأقبل الدّم من أكتافه، وكان عليه سراويل، فانقطع خيطه، فنزل السّراويل، فَلَحظْتُه وقد حرَّك شفتيه، فعاد السّراويل كما كان، فسألته عن ذلك فقال: قلت: إلهي وسيّدي، وقفتني هذا الموقف، فتهتكني
[1] في: سير أعلام النبلاء 11/ 254: «وضعت» .
[2]
سورة التوبة، الآية 51.
[3]
قال المؤلّف- رحمه الله: هذه حكاية منكرة، أخاف أن يكون داود وضعها. (سير أعلام النبلاء 11/ 255) .
على رءوس الخَلائِقِ [1] ! هذه حكاية لا تصحّ. ولقد ساق فيها أبو نُعَيْم الحافظ من الخُرافات والكذِب ما يُسْتحى [2] من ذكره.
وأضعف منها ما رواه أبو نُعَيْم في «الحلية» [3] : ثنا الحسين بن محمد، نا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم القاضي: حَدَّثَنِي أبو عبد الله الجوهري: حَدَّثَنِي يوسف بن يعقوب: سمعت عليّ بن محمد القُرَشيّ قال: لما قُدِّمَ أحمد ليُضْرب وجُرِّد وبقي في سراويله، فبينا هو يُضرب انحلّ سراويله، فجعل يحرّك شفتيه بشيءٍ، فرأيت يدين خرجتا من تحته وهو يُضرب، فشدَّتا السّراويل. فلمّا فرغوا من الضَّرب قلنا له: ما كنتَ تقول؟ قال: قلت: يا من لا يعلم العرش منه أين هو إلا هو، إن كنتُ على الحق فلا تُبْدِ عورتي.
قلت: هذه مكذوبة ذكرتها للمعرفة. ذكرها البيهقيّ، وما جسر على تضعيفها.
ثُمَّ روى بعدها حكاية في المحنة، عن أبي مسعود البَجَليّ إجازةً، عن ابن جَهْضَم، وهو كَذُوب، عن النّجّاد، عن ابن أبي العوّام الرّياحيّ، فيها من الرَّكاكة والخَرْط ما لا يروج إلا على الْجُهّال. وفيها أنّ مئزره اضطّرب، فحرَّك شفتيه، فما استتمّ الدّعاء حتى رأيت كفّا من ذهب قد خرج من تحت مئزره بقُدرة الله، فصاحت العامّة [4] .
وقال محمد بن إسماعيل بن أبي سمينة: سمعتُ شاباص التّائب يقول:
لقد ضربت أحمد بن حنبل ثمانين سوطًا، لو ضربتُه فيلا لَهَدَّتُه.
قال ابن أبي حاتم: نا أبي قال: قال إبراهيم بن الحارث العُباديّ: قال أبو محمد الطُّفاويّ لأحمد: يا أبا عبد الله، أَخْبِرْنِي عما صَنَعوا بك.
[1] حلية الأولياء 9/ 206.
[2]
في سير أعلام النبلاء 11/ 255: «ما يستحيا» .
[3]
ج 9/ 195، 196.
[4]
سير أعلام النبلاء 11/ 256.
قال: لمّا ضُرِبت جاء ذاك الطّويل اللّحية، يعني عُجَيفًا، فضربني بقائم سيفه فقلت: جاء الفَرَج، يُضرب عنقي وأستريح. فقال ابن سماعة: يا أمير المؤمنين اضرب عُنقه، ودَمُهُ في رقبتي.
قال ابن أبي دُؤاد: لا يا أمير المؤمنين، لا تفعل، فإنّه إن قُتِل أو مات في دارك قال النّاس: صبر حتّى قتل، واتّخذوه إمامًا، وثبتوا على ما هم عليه. ولكن أطِلْقه لساعة، فإنْ مات خارجًا من منزلك شكّ النّاس بأمره [1] .
قال ابن أبي حاتم [2] : وسمعت أبا زُرْعة يقول: دعي المعتصم بعمّ أحمد بن حنبل ثم قال للنّاس: تعرفونه؟
قالوا: نعم، وهو أحمد بن حنبل.
قال: فانظروا إليه أليس هو صحيح البدن؟
قالوا: نعم.
ولولا أنّه فعل ذلك لكنتُ أخاف أن يقع شيء [3] لا يُقام له.
قال: فلمّا قال: قد سلّمته إليكم صحيح البَدَن. هَدأ النّاس وسكنوا.
قال صالح: صار أبي إلى المنزل ووجّه إليه من السِّحَر من يُبْصر الضَّرْب والجراحات ويعالج منها. فنظر إليه وقال: أنا والله لقد رأيت مَن ضُرِب ألف سوط، ما رأيت ضربًا أشدّ من هذا. لقد جرّ عليه من خلفه ومن قُدّامه.
ثُمَّ أدخل ميلا في بعض تلك الجراحات وقال: لم ينضب. فجعل يأتيه ويعالجه، وكان قد أصاب وجهه غير ضربة، ثم مكث يعالجه ما شاء الله. ثم قال: إنّ هاهنا شيئًا أريد أن أقطعه. فجاء بحديدة، فجعل يعلق اللّحم بها ويقطعه بسكّين، وهو صابر بحمد الله، فبرأ. ولم يزل يتوجّع من مواضع منه.
وكان أثر الضرب بيّنا في ظهره إلى أن تُوُفّي.
وسمعت أبي يقول: والله لقد أعطيتُ المجهود من نفسي، وودِدْتُ أنّي أنجو مِنْ هَذَا الأَمْرِ كَفَافًا لا عَلَيَّ وَلا لي.
[1] سير أعلام النبلاء 11/ 259.
[2]
في تقدمة المعرفة 309.
[3]
في التقدمة «يقع شر» .
ودخلت على أبي يومًا فقلت له: بَلَغَني أنّ رجلا جاء إلى فضل الأنْماطيّ فقال له: اجعلني في حلّ إذ لم أقم بنُصْرتك.
فقال فضل: لا جعلت أحدًا في حِلّ.
فتبسّم أبي وسكت. فلمّا كان بعد أيّام قال: مررت بهذه الآية: فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى الله 42: 40 [1] فنظرت في تفسيرها، فإذا هو ما حَدَّثَنِي أبو النُّضْر: ثنا ابن فَضَالَةَ المبارك: حَدَّثَنِي من سمع الحَسَن يقول: إذا جَثَتِ الأُمم بين يدي ربّ العالمين نودوا: ليقُم من أجرُه على الله. فلا يقوم إلا من عفا في الدّنيا.
قال أبي: فجعلت الميت في حِلّ من ضربه إيايّ.
ثُمَّ جعل يقول: وما علي رجل ألا يعذّب الله بسببه أحدًا [2] .
وقال حنبل بن إسحاق: لمّا أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مُبطّنة وقميصًا وطيلسانًا وخُفًّا وقَلَنْسُوَة، فبينا نحن على باب الدّار والنّاس في الميدان والدُّرُوب وغيرها، وأُغلقت الأسواق، إذ خرج أبو عبد الله على دابّة من دار أبي إسحاق المعتصم، وعليه تلك الثّياب، وابن أبي دُؤاد عن يمينه، وإسحاق بن إبراهيم، يعني نائب بغداد، عن يساره، فلمّا صار في دِهْليز المعتصم قبل أن يخرج قال لهم ابن أبي دُؤاد: اكشفوا رأسه. فكشفوه، يعني الطَّيلسان فقط، وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبْس. فقال لهم إسحاق: خذوا به هاهنا، يريد دِجْلة. فَذُهب به إلى الزَّورق، وحُمِل إلى دار إسحاق، وأقام عنده إلى أن صُلِّيت الظُّهْر. وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المحالّ، فجُمِعوا وأدخِلوا عليه، فقال لهم: هذا أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يَعرفه، وإلا فلْيعرفه.
وقال ابن سماعة حين دخل للجماعة: هذا أحمد بن حنبل، فإنّ أمير المؤمنين ناظَرَه في أمره، وقد خلّي سبيله، وها هو ذا.
فأُخرج على دابّة لإسحاق بن إبراهيم عند غروب الشّمس، فصار إلى
[1] سورة الشورى، الآية 40.
[2]
سير أعلام النبلاء 11/ 257.
منزله ومعه السّلطان والنّاس، وهو منحني. فلمّا ذهب لينزل احتضنْتُه ولم أعلم، فوقعت يدي على موضع الضَّرْب فصاح، فنحّيت يدي، فنزل متوكِّئا عليّ، وأغلق الباب ودخلنا معه، ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر يتحرّك إلا بجهد، وخلع ما كان عليه، فأمر به فبِيع، وأخذ ثمنه فتصدَّق به. وكان المعتصم أمر إسحاق بن إبراهيم أن لا يقطع عنه خبره، وذلك أنّه تُرِك فيما حُكي لنا عند الإياس منه. وبَلَغَنا أن المعتصم ندم وأُسقط في يده حتّى صحّ. فكان صاحب خبر إسحاق يأتينا كل يوم يتعرّف خبره حتّى صحّ، وبقَيتْ إبهاماه متخلعَتين تضربان عليه في البرد حتّى يُسَخّن له الماء.
ولمّا أردنا علاجه خِفنا أن يدسّ ابن أبي دُؤاد سُمًّا إلى المعالج، فعملنا الدّواء والمراهم في منزلنا. وسمعته يقول: كلّ من ذكرني في حِلّ إلا مبتدع.
وقد جعلت أبا إسحاق، يعني المعتصم، في حِلّ. ورأيت الله تعالى يقول:
وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ 24: 22 [1] وَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَبَا بكر بالعفو في قصّة مِسْطح.
قال أبو عبد الله: العفو أفضل، وما ينفعك أن يعذّب أخوك المسلم في سبيلك.
فصل في محنته من الواثق قال حنبل: ولم يزل أبو عبد الله بعد أن بريء من مرضه يحضر الجمعة والجماعة ويفتي ويحدِّث حتّى مات المعتصم، وولى ابنه الواثق، فأظهر ما أظهر من المحنة والميل إلى ابن أبي دؤاد وأصحابه. فلما اشتد الأمر على أهل بغداد، وأظهرت القُضاة المحنة، وفُرّق بين فضل الأنماطيّ وامرأته، وبين أبي صالح وامرأته، كان أبو عبد الله يشهد الجمعة ويعيد الصّلاة إذا رجع ويقول: الجمعة تؤتي لفضلها، والصّلاة تُعاد خلف من قال بهذه المقالة.
وجاء نفر إلى أبي عبد الله وقالوا: هذا الأمر قد فشا وتفاقم، ونحن نخافه على أكثر من هذا. وذكروا أنّ ابن أبي دُؤاد أراد أن يأمر المعلّمين بتعليم
[1] سورة النور، الآية 22.
الصّبيان في الكتّاب مع القرآن القرآن كذا وكذا. فنحن لا نرضى بإمارته.
فمنعهم من ذلك وناظَرَهم. وحكى حنبل قصْده في مناظرتهم وأمرهم بالصَّبْر.
فبينا نحن في أيّام الواثق إذ جاء يعقوب ليلا برسالة إسحاق بن إبراهيم إلى أبي عبد الله: يقول لك الأمير إنّ أمير المؤمنين قد ذكرك، فلا يجتمعنّ إليك أحد، ولا تُسَاكنّي بأرضٍ ولا مدينة أنا فيها. فاذهب حيث شئت من أرض الله.
فاختفى أبو عبد الله بقيّة حياة الواثق. وكانت تلك الفتنة، وقُتل أحمد بن نصر، فلم يزل أبو عبد الله مختفيًا فِي غير منزله في القرب. ثمّ عاد إلى منزله بعد أشُهر أو سنة لمّا طغى خبره. ولم يزل في البيت مختفيًا لا يخرج إلى الصّلاة ولا غيرها حتّى هلك الواثق.
وعن إبراهيم بن هاني قال: اختفى أحمد بن حنبل عندي ثلاثة أيّام ثم قال: اطلبْ لي موضعا.
قلت: لا آمن عليك.
قال: افعل. فإذا فعلت أفدتك.
فطلبت له موضعًا، فلمّا خرج قال لي: اختفى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الغار ثلاثة أيّام، ثم تحوّل.
قلت: أنا أتعجَّب من الحافظ أبي القاسم كيف لم يَسُقِ المحنة ولا شيئًا منها في «تاريخ دمشق» مع فرط استقصائه، ومع صحّة أسانيدها، ولعلّ له نيّة في تَرْكها.
فصل في حال أبي عبد الله أيّام المتوكّل قال حنبل: ولي جعفر المتوكّل فأظهر الله السنة وفرّج عن النّاس، وكان أبو عبد الله يحدِّثنا ويحدِّث أصحابه في أيّام المتوكّل، وسمعته يقول: ما كان النّاس إلى الحديث والعلم أحوج منهم في زماننا.
ثمّ إنّ المتوكّل ذكره وكتب إلى إسحاق بن إبراهيم في إخراجه إليه. فجاء رسول إسحاق إلى أبي عبد الله يأمره بالحضور، فمضى أبو عبد الله ثم رجع فسأله
أبي عمّا دُعِيَ له فقال: قرأ عليَّ كتاب جعفر يأمرني بالخروج إلى العساكر.
قال: وقال لي إسحاق بن إبراهيم: ما تقول في القرآن؟
فقلت: إنّ أمير المؤمنين قد نهى عن هذا.
فقال: لا تُعِلْم أحدًا أنّي سألتك.
فقلت له: مسألة مسترشد أو مسألة متعنّت؟
قال: بل مسألة مسترشد.
فقلت له: القرآن كلام الله ليس بمخلوق، وقد نهى أمير المؤمنين عن هذا.
وخرج إسحاق إلى العساكر، وقدِم ابنه خليفةً له ببغداد، ولم يكن عند أبي عبد الله ما يتجمّل به وينفقه، وكانت عندي مائة درهم، فأتيتْ بها أبي، فذهب بها إليه، فأخذها وأصلح بها ما احتاج إليه، واكْتَرى منها، وخرج ولم يلق محمد بن إسحاق بن إبراهيم، ولا سلَّم عليه. فكتب بذلك محمد إلي أبيه، فحقدها إسحاق عليه، فقال للمتوكّل: يا أمير المؤمنين إنّ أحمد بن حنبل خرج من بغداد ولم يأت محمدا مولاك.
فقال المتوكّل: يردّ ولو وطئ بساطي.
وكان أبو عبد الله قد بلغ بُصْرَى، فوجّه إليه رسولا يأمره بالرجوع، فرجع وامتنع من الحديث إلا لولده ولنا. وربّما قرأ علينا في منزلنا.
ثمّ إنّ رافعًا رفع إلى المتوكّل أن أحمد بن حنبل رَبَّصَ علويّا في منزله، وأنّه يريد أن يُخرجه ويُبايع عليه، ولم يكن عندنا عِلْم، فبينا نحن ذات ليلة نيام في الصَّيف سمعنا الْجَلَبة، ورأينا النّيران في دار أبي عبد الله، فأسرعنا، وإذا أبو عبد الله قاعدٌ في إزار، ومظفَّر بن الكلبيّ صاحب الخبر وجماعة معهم. فقرأ صاحب الخبر كتاب المتوكل: وَرَدَ على أمير المؤمنين أنّ عندكم علويًا ربصته لتُبايع عليه وتُظهره. في كلامٍ طويل.
ثمّ قال له مظفَّر: ما تقول؟
قال: ما أعرف من هذا شيئًا، وإنّي لأرى له السَّمع والطّاعة في عُسْرِي
ومَنْشَطِي ومَكْرَهي، وآثره عليّ. وإني لأدعو الله له بالتّسديد والتّوفيق في اللّيل والنّهار. في كلامٍ كثير غير هذا.
وقال ابن الكلبيّ: قد أمرني أمير المؤمنين أن أُحَلِّفك.
قال: فاحلفه بالطّلاق ثلاثًا أن ما عنده طلْبه أمير المؤمنين.
قال: وفتَّشوا منزل أبي عبد الله والسَّرَب والغُرَف والسُّطُوح، وفتُشوا تابوت الكُتُب، وفتّشوا النّساء والمنازل، فلم يروا شيئًا ولم يحسّوا بشيء، وردّ الله الّذين كفروا بغيظهم.
فكتب بذلك إلى المتوكّل، فوقع منه موقعًا حسنًا وعلم أنّ أبا عبد الله مكذوبٌ عليه.
وكان الّذي دس عليه رجل من أهل البِدَع، ولم يَمُتْ حتّى بيَّن الله أمرَهُ للمسلمين، وهو ابن الثَّلجيّ. فلمّا كان بعد أيّام بينا نحن جلوسٌ بباب الدّار إذا يعقوب أحد حُجّاب المتوكّل قد جاء، فاستأذن على أبي عبد الله، فدخل ودخل أبي وأنا، ومع بعض غلمانه بدْرةٌ، على بغْلٍ، ومعه كتاب المتوكّل، فقرأه على أبي عبد الله: إنّه قد صحّ عند أمير المؤمنين برآءة ساحتك، وقد وجّه إليك بهذا المال تستعين به. فأبى أن يقبله وقال: ما لي إليه حاجة.
فقال: يا أبا عبد الله، اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإنّ هذا خير لك عنده، فاقبل ولا تردّه. فإنّك إنْ رددته خفت أن يظنّ بك ظَنّ سَوْء.
فحينئذ قبِلَها.
فلمّا خرج قال: يا أَبَا عليّ.
قلت: لبّيك.
قال: ارفع هذه الإجّانة وضعها، يعني البدْرة، تحتها.
فوضعتها وخرجنا. فلما كان اللَّيْلُ إذا أمّ ولد أبي عبد الله تدقّ علينا الحائط، فقلت لها: ما لكِ؟
قالت: مولاي يدعو عمَّه.
فأعلمت أبي، وخرجنا فدخلنا على أبي عبد الله، وذلك في جوف اللّيل.
فقال: يا عمّ، ما أخذني النّوم هذه اللّيلة.
فقال له أبي: ولِمَ؟
قال: لهذا المال.
وجعل يتوجّع لأخْذه، وجعل أبي يُسَكِّنه ويُسَهِّل عليه، وقال: حتّى تُصبح وترى فيه رأيك، فإنّ هذا ليل والنّاس في منازلهم.
فأمسك، وخرجنا. فلمّا كان في السِّحَر وجَّه إلى عَبْدُوس بن مالك، والحَسَن بن البزّار، فحضرا، وحضر جماعة منهم: هارون الحمّال، وأحمد بن مَنِيع، وابن الدَّوْرقيّ، وأنا، وأبي، وصالح، وعبد الله فجعلنا نكتب من يذكرونه من أهل السنة والصّلاح ببغداد والكوفة، فوجّه منها إلى أبي سعيد الأشجّ، والى أبي كُرَيْب، وإلى من ذُكِر أنّه من أهل العلم والسنة ممّن يعلمون أنّه محتاج.
ففرِّقها كلّها ما بين الخمسين إلى المائة والمائتين، فما بقي في الكيس دِرهم.
ثمّ تصدَّق بالكيس على مسكين.
فلما كان بعد ذلك مات إسحاق بن إبراهيم وابنه محمد، وولي بغداد عبد الله بن إسحاق، فجاء رسوله إلى أبي عبد الله، فذهب إليه، فقرأ عليه كتابَ المتوكّل فقال له: يأمرك بالخروج.
فقال: أنا شيخ ضعيف عليل.
فكتب عبد الله بما ردّ عليه، فورد جواب الكتاب بأنّ أمير المؤمنين يأمره بالخروج. فوجّه عبد الله جنوده، فباتوا على بابنا أيّاما حتّى تهيّأ أبو عبد الله للخروج، فخرج وخرج صالح، وعبد الله، وأبو رُمَيْلة.
قال صالح: كان حُمل أبي إلى المتوكّل سنة سبْعٍ وثلاثين ومائتين، ثم عاش إلى سنة إحدى وأربعين، فكان قلّ يوم يمضي إلا ورسول المتوكًل يأتيه.
قال حنبل في حديثه: وقال أبي ارجع. فرجعت، فأخبرني أبي قال: لما دخلنا إلى العساكر إذا نحن بموكب عظيم مقبل، فلمّا حاذى بنا قالوا: هذا وَصيف. واذا فارس قد أقبل، فقال لأحمد: الأمير وصيف يُقْرئك السلام، ويقول لك: إنّ الله قد أمكنك من عدوّك، يعني ابن أبي دُؤاد، وأمير المؤمنين
يقبل منك، فلا تدع شيئًا إلا تكلَّمت به.
فما رد عليه أبو عبد الله شيئًا. وجعلت أنا أدعو لأمير المؤمنين، ودعوتُ لوَصِيف، ومضينا، فأنزلنا في دار التّيّاح، ولم يعلم أبو عبد الله، فسأل بعد ذلك: لمن هذه الدار؟
قالوا: هذه دار التّيّاح.
فقال: حوّلوني، اكْتَروا لي.
فلم نزل حتّى اكترينا له دارًا. وكانت تأتينا في كل يوم مائدة فيها ألوان يأمر بها المتوكّل، والفاكهة والثّلج، وغير ذلك. فما نظر إليها أبو عبد الله، ولا ذاق منها شيئًا. وكانت نفقة المائدة كلّ يوم مائة وعشرين درهمًا.
وكان يحيى بن خاقان، وابنه عُبَيْد الله، وعليّ بن الْجَهْم يأتون أبا عبد الله ويختلفون إليه برسالة المتوكل.
ودامت العِلّةُ بأبي عبد الله وضعُف ضعفًا شديدًا. وكان يواصل، فمكث ثمانية أيّام ولا يأكل ولا يشرب. فلمّا كان في اليوم الثّامن دخلت عليه، وقد كاد أن يُطْفأ، فقلت: يا أبا عبد الله، ابْن الزُّبَيْر كان يواصل سبعة أيّام، وهذا لك اليوم ثمانية أيام.
قال: إنّي مُطِيق.
قلت: بحقّي عليك.
قال: فإنّي أفعل.
فأتيته بسَويق فشرب، ووجّه إليه المتوكّل بمالٍ عظيم فردَّه، فقال له عُبَيْد الله بن يحيى: فانّ أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك.
قال: هم مستعفون فردّها عليه.
فأخذها عُبَيْد الله فقسّمها على ولده وأهله.
ثُمَّ أجرى المتوكّل على أهله وولده أربعة آلاف في كلّ شهر، فبعث إليه أبو عبد الله: إنّهم في كفاية، وليست بهم حاجة.
فبعث إليه المتوكّل: إنّما هذا لولدك، ما لكَ ولهذا؟
فأمسك أبو عبد الله. فلم يزل يُجْري علينا حتّى مات المتوكّل.
وجرى بين أبي عبد الله وبين أبي في ذلك كلام كثير، وقال: يا عمُّ، ما بقي من أعمارنا؟ كأنّك بالأمر قد نزل بنا، فاللَّه الله فإنّ أولادنا إنّما يريدون يتأكّلون بنا، وإنّما هي أيام قلائل. لو كُشِفَ للعبد عمّا قد حُجِب عنه لعَرف ما هو عليه من خيرٍ أو شرّ، صبرٌ قليل وثوابٌ طويل، وإنّما هذه فتنة.
قال أبي: فقلت: أرجو أن يؤمنك الله ممّا تَحْذَر.
قال: فكيف وأنتم لا تتركون طعامهم ولا جوائزهم، لو تركتموها لتركوكم.
وقال: ما ننتظر؟ إنّما هو الموت، فإمّا إلى جنة وإمّا إلى نار، فطوبى لمن قدِم على خير.
قال أبي: فقلت له: أليس قد أمرت، ما جاءك من هذا المال من غير مسألة ولا إشراف نفس أن تأخذه.
قال: قد أخذت مرَّةً بلا إشراف نفسي فالثانية والثالثة، فما بال نفسك ألم تستشرف؟
فقلت: ألم يأخذ ابن عُمر وابن عبّاس؟
فقال: ما هذا وذاك؟
وقال: لو أعلم أنّ هذا المال يؤخذ من وجهه ولا يكون فيه ظُلم ولا حيف لم أُبَالِ.
قال حنبل: فلمّا طالت علّة أبي عبد الله كان المتوكّل يبعث بابن ماسَوَيْه المتطبّب فيصف له الأدوية، فلا يتعالج، ودخل المطبّب على المتوكّل فقال: يا أمير المؤمنين، أحمد ليست به عِلّة في بدنه، إنّما هو من قلّة الطّعام والصّيام والعبادة.
فسكت المتوكّل.
وبلغ أمَّ المتوكّل خبرُ أبي عبد الله، فقالت لابنها: أشتهي أن أرى هذا الرجل.
فوجّه المتوكّل إلى أبي عبد الله يسأله أن يدخل على ابنه المُعَتَزّ ويُسَلِّمَ
عليه ويدعو له ويجعله فِي حُجْره. فامتنع أبو عبد الله من ذلك، ثُمَّ أجابَ رجاء أن يُطْلق وينحدر إلى بغداد.
فوجّه إليه المتوكّل خلعة، وأتوه بدابّة يركبها إلى المعتزّ، فامتنع، وكانت عليها مثيرة نُمُور. فقُدِّم إليه بَغْل لرجل من التّجّار فركبه، وجلس المتوكّل مع أمّه فِي مجلسٍ من المكان، وعلى المجلس سَترٌ رقيق. فدخل أبو عبد الله على المعتزّ، ونظر إليه المتوكّل وأمّه، فلمّا رأته قَالَتْ: يا بُنيّ، اللَّه اللَّه فِي هذا الرجل، فليسَ هذا ممّن يريد ما عندكم، ولا المصلحة أن تحبسه عن منزله، فَأذَن له فليذْهب.
فدخل أبو عبد الله على المعتزّ فقال: السّلام عليكم، وجلسَ ولم يسلّم عليه بالإمرة.
قال: فسمعت أَبَا عبد الله بعد ذلك ببغداد يقول: لمّا دخلت عليه وجلست قال مؤدِّب الصّبيّ: أصلح اللَّه الأمير، هذا الَّذِي أمَره أميرُ المؤمنين يؤدِّبك ويعلّمك.
فردَّ عليه الغلام وقال: إن علَّمني شيئًا تعلَّمته.
قال أبو عبد الله: فعجبتُ من ذكائه وجوابه على صِغَره. وكان صغيرًا.
قال: ودامت عِلّةُ أبي عبد الله وبلغ الخليفة ما هُوَ فِيهِ، وكلَّمه يحيى بْن خاقان أيضًا وأخبره أنّه رَجُل لا يريد الدّنيا. فأذِن له بالانصراف. فجاء عُبَيْد اللَّه ابن يحيى وقت العصر فقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وأمرَ أن تُفرش لك حَرّاقة تنحدر فيها.
فقال أبو عبد الله: اطلبوا لي زَوْرقًا فأنحدر فِيهِ السّاعة.
فطلبوا له زورقًا فانحدرَ فِيهِ من ساعتِه.
قال حنبل: فما عِلمْنا بقدومه حَتَّى قيل لي إنّه قد وافى، فاستقبلته بناحية القطيعة، وقد خرج من الزَّورق، فمشيت معه فقال لي: تقدَّم لا يراك النّاس فيعرفوني.
فتقدَّمت بين يديه حَتَّى وصل إلى المنزل، فلمّا دخل ألقى نفسه على قفاه
من التعب والعياء. وكان فِي حياته ربما استعار الشّيء من منزلنا ومنزل ولده.
فلمّا صار إلينا من مال السّلطان ما صار امتنع من ذلك، حَتَّى لقد وُصف له فِي عِلّته قَرْعةٌ تُشْوَى ويؤخذ ماؤها. فلمّا جاءوا بالقَرْعة قال بعض من حضر:
اجعلوها فِي تنّور، يعني فِي دار صالح، فإنّهم قد خبزوا. فقال بيده: لا. ومثل هذا كثير.
وقد ذكر صالح بْن أحمد قصّة خروج أَبِيهِ إلى العساكر ورجوعه، وتفتيش بيوتهم على العلويّ، ثُمَّ ورود يعقوب قَرْقَرَة ومعه العشرة آلاف، وأنّ بعضها كان مائتي دينار والباقي دراهم.
قال: فجئت بأجّانة خضراء، فأكببتها [1] على البدْرة، فلمّا كان عند المغرب قال: يا صالح خذ هذا صيّرْه عندك.
فصيّرته عند رأسي فوق البيت. فلمّا كان سَحَر إذا هُوَ ينادي: يا صالح.
فقمت وصعدت إليه، فقال: ما نمت. قلت: لِمَ يا أبه؟
فجعل يبكي وقال: سِلمتُ من هؤلاء، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. وقد عزمتُ عليك أن تفرّق هذا الشيء إذا أصبحت.
فقلت: ذاك إليك.
فلما أصبح جاءه الْحَسَن [2] بْن البزّار فقال: جئني يا صالح بميزان. وجِّهوا إلى أبناء المهاجرين والأنصار. ثُمَّ وجِّهْ إلى فلانٍ حَتَّى يفرّق فِي ناحيته، وإلى فلان، حَتَّى فرّقها كلّها، ونحن فِي حالةٍ اللَّه بها عليم.
فجاءني ابنٌ لي فقال: يا أبَه أعطني درهمًا.
فأخرجت قطعةً فأعطيته.
وكتب صاحب البريد إنّه تصدّق بالدّراهم فِي يومه، حَتَّى تصدَّق بالكيس.
قال عليّ بْن الْجَهْم: فقلت: يا أمير المؤمنين قد تصدَّق بها. وعلم النّاس أنّه قد قبل منك.
[1] في الحلية 9/ 207 «كفأتها» .
[2]
في الحلية 9/ 207: «الحسين» .
ما يصنع أحمد بالمال وإنّما قُوتُه رغيف؟! قال: فقال لي: صدقت يا عليّ [1] .
قال صالح: ثم أخرج أبي ليلا، ومعنا حُرّاس معهم النّفّاطات، فلمّا أصبح وأضاء الفجر قال لي: صالحُ معك دراهم؟ قلت: نعم.
قال: أَعْطِهم.
فلمّا أصبحنا جعل يعقوب يسير معه، فقال له: يا أَبَا عبد الله [2] ، ابن الثّلجي بَلَغَني أنّه كان يذكرك.
فقال له: يا أَبَا يوسف سلِ اللَّه العافية.
فقال له: يا أَبَا عبد الله تريد أن نؤدّي عنك رسالةً إلى أمير المؤمنين؟
فسكت.
فقال: إنّ عبد الله بْن إسحاق أخبرني أنّ الوابصيّ قال له إنّي أشهد عليه أنّه قال: إنّ أحمد يعبُد ماني.
فقال: يا أَبَا يوسف يكفي اللَّه.
فغضب يعقوب والتفتَ إليَّ فقال: ما رَأَيْت أعجب ممّا نَحْنُ فِيهِ، أسأله أن يطلق لي كلمةً أخبر أمير المؤمنين، فلا يفعل.
قال: ووجّه يعقوب إلى المتوكّل بما عمل، ودخلنا العسكر وأبي منكِّس الرأس، ورأسه مُغَطّى، فقال له يعقوب: اكشف رأسك يا أَبَا عبد الله، فكشفه.
ثُمَّ جاء وصيف يريد الدّار، ووجّه إليه بعد ما جاز بيحيى بْن هَرْثَمَة فقال: يُقرئك أمير المؤمنين السّلام ويقول: الحمد للَّه الَّذِي لم يُشْمت بك أهل البِدَع. قد علمتَ ما كان من حال ابن أبي دُؤاد، فينبغي أن تتكلَّم بما يحبّ اللَّه [3] . ومضى يحيى وأنزل أبي دار إيتاخ. فجاء عليّ بْن الْجَهْم وقال: قد أمرَ لكم أمير المؤمنين بعشرة آلاف مكان تلك الّتي فرَّقتها، وأمرَ أن لا يعلم شيخكم بذلك
فيغتَمّ. ثُمَّ جاءه محمد بْن معاوية فقال: إنّ أمير المؤمنين يُكثر من ذِكْرِك ويقول:
يقيم هاهنا يُحَدِّث.
فقال: أَنَا ضعيف [1] .
ثُمَّ صار إليه يحيى بْن خاقان فقال: يا أَبَا عبد الله قد أمر أمير المؤمنين أن أصير إليك لتركب إلى ابنه أبي عبد الله، يعني المعتزّ.
ثُمَّ قال لي: قد أمرني أمير المؤمنين [أن] يُجْرى عليك وعلى قراباتك أربعة آلاف درهم، ففرِّقها عليهم [2] .
ثُمَّ عاد يحيى من الغد فقال: يا أَبَا عبد الله تركب؟
فقال: ذاك إليكم.
ولبس إزاره وخُفّه. وكان خفه له عنده نحو من خمسة عشر عامًا، قد رُقّع برقاع عدّة. فأشار يحيى أن يلبس قَلَنْسُوَة.
قلت: ما له قَلَنْسُوَة.
إلى أن قال: فدخل دار المعتزّ، وكان قاعدًا على دُكّان فِي الدّار، فلمّا صعِد الدُّكّان قعد فقال له يحيى: يا أَبَا عبد الله إنّ أمير المؤمنين جاء بك ليُسرّ بقربك، ويُصيّر أَبَا عبد الله ابنه فِي حُجْرك. فأخبرني بعضُ الخدم أنّ المتوكّل كان قاعدًا وراء سترٍ. فلمّا دخل أبي الدّار قال لأمه: يا أمَه قد نارت الدّار.
ثُمَّ جاء خادم بمنديل، فأخذ يحيى المنديل، وذكر قصّةً فِي إلباسه القميص والطَّيْلسان والقَلَنْسُوَة وهو لا يحرّك يده. ثُمَّ انصرف. وكانوا قد تحدّثوا أنّه يخلع عليه سوادًا. فلمّا صار إلى الدّار نزع الثّياب، ثُمَّ جعل يبكي وقال:
سلمت من هؤلاء منذ ستّين سنة، حَتَّى إذا كان فِي آخر عمري بُليتُ بهم. ما أحسبني سلمتُ من دخولي على هذا الغلام، فكيف بمن يجب عليَّ نُصْحه من وقت تقع عيني عليه، إلى أن أخرج من عنده. يا صالح وجّه بهذه الثّياب إلى بغداد تباع ويُتصدَّق بثمنها، ولا يشتري أحد منكم منها شيئا.
[1] حلية الأولياء 9/ 208.
[2]
الحلية 9/ 209.
فوجَهتُ بها إلى يعقوب بْن بُخْتان [1] ، فباعها وصرف ثمنها، وبقيت عندي القَلَنْسُوة [2] . قال: ومكث خمسة عشر يومًا يُفْطر فِي كلّ ثلاثةٍ على تمر سَويق، ثُمَّ جعل بعد ذلك يُفطر ليلةً على رغيف، وليلة لا يُفْطر. وكان إذا جيء بالمائدة توضع بالدِّهْليز لئلا يراها، فيأكل مَن حَضَر. فكان إذا أجهده الحَرُّ بَلَّ خرقةً فيضعها على صدره. وفي كلّ يوم يوجّه إليه بابن ماسَوَيْه فينظر إليه ويقول: يا أَبَا عبد الله أَنَا أميل إليك وإلى أصحابك، وما بك علّة إلا الضُّعف وقلّة الزّاد [3] .
إلى أن قال: وجعل يعقوب وغِياث يصيران إليه ويقولان له: يقول لك أمير المؤمنين: ما تقول فِي ابن أبي دُؤاد وفي حاله؟
فلا يجيب فِي ذلك بشيء.
وجعل يعقوب ويحيى يخبراه بما يحدث فِي أمر ابن أبي دُؤاد فِي كلّ يوم، ثُمَّ أحْدِر إلى بغداد بعد ما أشهد عليه ببيع ضياعه [4] .
وكان ربّما صار إليه يحيى بْن خاقان وهو يصلّي، فيجلس فِي الدِّهْليز حَتَّى يفرغ.
وأمر المتوكّل أن يشترى لنا دار فقال: أَبَا صالح. قلت: لبَّيْك. قال: لئن أقررت لهم بشراء دار لتكوننّ القطيعة بيني وبينكم. إنّما يريدون أن يصيّروا هذا البلد لي مأوى ومسكنًا.
فلم نزل ندفع بشراء الدّار حتّى اندفع [5] .
وجَعَلَتْ رُسُل المتوكّل تأتيه يسألونه عَنْ خبره، ويصيرون إليه فيقولون: هُوَ ضعيف. وفي خلال ذلك يقولون: يا أَبَا عبد الله لا بدّ من أن يراك [6] .
وجاءه يعقوب فقال: يا أَبَا عبد الله، أمير المؤمنين مشتاق إليك ويقول:
[1] في الحلية 9/ 210: «التختكان» .
[2]
حلية الأولياء 9/ 209، 210.
[3]
في الحلية 9/ 210 «وقلّة البر» .
[4]
حلية الأولياء 9/ 210.
[5]
الحلية 9/ 210، 211.
[6]
الحلية 9/ 211.
أنظر يومًا تصير فِيهِ أيّ يوم هُوَ حَتَّى أعرفه.
فقال: ذاك إليكم.
فقال: يوم الأربعاء يوم خال.
وخرج يعقوب، فلمّا كان من الغد جاء يعقوب فقال: البُشْرَى يا أَبَا عبد الله، أميرُ المؤمنين يقرأ عليك السّلام ويقول: قد أعفيتك عن لبس السّواد والرُّكُوب إلى وُلاة العهود وإلى الدّار. فإنْ شئت فالْبس القُطْن، وإن شئت فالْبس الصّوف.
فجعل يحمد اللَّه على ذلك [1] .
ثُمَّ قال يعقوب: إنّ لي ابنًا وأنا به مُعْجَب، وإنّ له من قلبي موقعًا، فأحبّ أن تحدّثه بأحاديث.
فسكت، فلمّا خرج قال: أتراه لا يرى ما أَنَا فِيهِ؟! وكان يختم من جمعة إلى جمعة. فإذا ختم دعا فيدعو ونُؤَمِّن، فلمّا كان غداة الجمعة وجَّه إليَّ والى أخي، فلما ختم جعل يدعو ونحن نُؤَمِّن، فلمّا فرغ جعل يقول: أستخير اللَّه مرّات. فجعلت أقول ما يريد. ثُمَّ قال: إنّي أعطي اللَّه عهدًا، إنّ عهده كان مسئولا. وقال الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ 5: 1 [2] إنّي لا أحدّث حديث تمامٍ أبدًا حَتَّى ألقى اللَّه، ولا أستثني منكم أحدًا.
فخرجنا وجاء عليّ بْن الْجَهْم، فأخبرناه فقال: إنّا للَّه وإنّا إليه راجعون.
وأخبر المتوكّل بذلك وقال: إنّما يريدون أن أُحدِّث ويكون هذا البلد حبْسي. وإنما كان سبب الَّذِين أقاموا بهذا البلد لما أُعطوا فقبلوا وأُمِروا فحدَّثوا [3] .
وجعل أبي يقول: والله لقد تمنّيت الموت في الأمر الّذي كان، وإنّي
[1] حلية الأولياء 9/ 211.
[2]
أول سورة المائدة.
[3]
حلية الأولياء 9/ 211.
لأتمنّى الموت فِي هذا، وذلك أنّ هذا فتنة الدّنيا، وذاك كان فتنة الدّين.
ثُمَّ جعل يضمّ أصابعه ويقول: لو كان نفسي فِي يدي لأرسلتها. ثُمَّ يفتح أصابعه [1] .
وكان المتوكّل كلّ يوم يوجّه فِي كلّ وقت يسأله عن حاله، وكان فِي خلال ذلك يأمر لنا بالمال ويقول: يوصل إليهم، ولا يُعلم شيخهم فيغتمّ. ما يريد منهم إن كان هُوَ لا يريد الدّنيا، فلِمَ يمنعهم [2] ؟
وقالوا للمتوكّل: إنّه لا يأكل من طعامك، ولا يجلس على فراشك، ويحرّم الَّذِي تشرب. فقال لهم: لو نشر المعتصم وقال فِيهِ شيئًا لم أقبلْ منه [3] .
قال صالح: ثُمَّ انحدرتُ إلى بغداد، وخلَّفتُ عبد الله عنده، فإذا عبد الله قد قدِم، وجاء بثيابي الّتي كانت عنده. فقلت: ما جاء بك؟
فقال: قال لي: انحدرْ، وقُلْ لصالح لا يخرج، فأنتم كنتم آفتي. والله، لَوِ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا أخرجت واحدا منكم معي. لولاكم لمن كانت توضع هذه المائدة؟ ولمن كان تُفرش هذه الفُرُش ويجري [هذا] الإجراء؟
فكتبت إليه أُعْلِمُه ما قال لي عبد الله، فكتب إليَّ بخطه: أحسنَ اللَّه عاقبتك، ودفع عنك كلّ مكروه ومحذور، الَّذِي حملني على الكتاب إليك الَّذِي قلت لعبد اللَّه: لا يأتيني منكم أحدٌ رجاء أن ينقطع ذِكْري ويَخْمُل. إذا كنتم هنا فشا [4] ذِكْري. وكان يجتمع إليكم قوم ينقلون أخبارنا، ولم يكن إلا خيرًا [5] . فإن أقمتَ فلم تأتني أنتَ ولا أخوك فهو رضائي، ولا تجعل فِي نفسك إلا خيرًا، والسّلام عليك ورحمة اللَّه.
قال: ولمّا خرجنا من العساكر رُفعت المائدة والفرش وكلّ ما أقيم لنا.
[1] الحلية 9/ 211.
[2]
في الحلية 9/ 212: «فما يمنعهم» .
[3]
الحلية 9/ 212.
[4]
في الأصل: «فشى» .
[5]
في الأصل: «خير» ، والتحرير من: الحلية 9/ 212.
ثُمَّ ذكر صالح كتاب وصيّته ثُمَّ قال: وبعث إليه المتوكّل بألف دينار ليقسمها، فجاء عليّ بْن الْجَهْم فِي جوف اللّيل، فأخبره أنه يهيّئ له حرّاقة لينحدر فيها. ثُمَّ جاء عُبَيْد اللَّه ومعه ألف دينار وقال: إنّ أمير المؤمنين قد أذِن لك، وقد أمر لك بهذه.
قال: قد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره، فردّها.
وقال: أَنَا رقيق على البرد، والظّهر [1] أرفق بي. فكتب له جواز، وكتب إلى محمد بْن عبد الله فِي برِّه وتَعَاهُده، فقدِم علينا.
ثُمَّ قال بعد قليل: يا صالح. قلت: لبَّيْك.
قال: أحبّ أن تدع هذا الرزق، فإنّما تأخذونه بسببي.
فسكتُّ، فقال: ما لك؟
قلت: أكره أن أعطيك بلساني وأخالف إلى غيره، وليس في القوم أكثر عيالا منّي ولا أعذر. وقد كنت أشكو إليك وتقول. أمرك منعقد بأمري، ولعلّ اللَّه أن يحلّ عنّي هذه العُقْدة. وقد كنت تدعو لي. فأرجو أن يكون اللَّه قد استجاب لك.
فقال: والله لا تفعل.
فقلت: لا.
فقال: لِمَ فعل اللَّه بك وفعل [2] ؟
ثُمَّ ذكر قصّة فِي دخول عبد الله، وقوله له وجوابه له، ثُمَّ دخول عمّه عليه وإنكاره الأخذ، إلى أن قال: فهجَرنا وسدَّ الباب بيننا وبينه، وتحامي منازلنا أن يدخل منّا إلى منزله شيء. ثُمَّ أُخْبِرَ بأخذ عمّه فقال: نافقني، وكذَبَني. ثُمَّ هجره وترك الصّلاة فِي المسجدٍ، وخرج إلى مسجد خارج يصلّي فِيهِ [3] .
ثُمَّ ذكر قصّة دعائه صالحًا ومعاقبته فِي ذِكْره، ثُمَّ فِي كتابته إلى يحيى بن
[1] في الأصل، وحلية الأولياء 9/ 213 «والطهر» بالطاء المهملة، وما أثبتناه يتفق مع: سير أعلام النبلاء 11/ 278.
[2]
حلية الأولياء 9/ 213.
[3]
الحلية 9/ 214.
خاقان ليترك معاوية وأولاده. وبلغ الخبر إلى المتوكّل، فأمر بحمل ما اجتمع لهم فِي عشرة أشهر، وهو أربعون ألف درهم إليهم. وإنه أُخْبِر بذلك، فسكت قليلا وضرب بذقنه على صدره، ثُمَّ رفع رأسه فقال: ما حيلتي إن أردت أمرًا وأراد اللَّه أمرا؟! [1] .
قال أبو الفضل صالح: وكان رسول المتوكّل يأتي أبي يبلّغه السّلام، ويسأله عن حاله، فتأخذه نفضة حَتَّى نُدَثّره، ثُمَّ يقول: والله، لو أنّ نفْسي بيدي لأرسلتها. وجاء رسول المتوكّل إلى أبي يقول: لو سلم أحد من النّاس سلمتَ.
رَفَع رَجُلٌ إليَّ أن علويّا قدِم من خُراسان، وأنّك وجَّهت إليه من يلقاه، وقد حبست الرجل وأردتُ ضربه فكرهتُ أن تغتمّ فَمُرْ فِيهِ.
قال: هذا باطل، يُخْلى سبيله [2] .
ثُمَّ ذكر قصّة فِي قُدوم المتوكّل بغداد، وإشارته على صالح بأن لا يذهب إليهم، ثُمَّ فِي مجيء يحيى بْن خاقان من عند المتوكّل، وما كان من احترامه ومجيئه بألف دينار ليفرّقها، وقوله: قد أعفاني أمير المؤمنين من كلّ ما أكره.
وفي توجيه محمد بْن عبد الله بْن طاهر ليحضره وامتناعه من حضوره وقوله: أَنَا رَجُل لم أخالط السلطان، وقد أعفاني أمير المؤمنين ممّا أكره. وهذا ممّا أكره.
قال: وكان قد أدمن الصّوم لما قدم، وجعل لا يأكل الدَّسِم. وكان قبل ذلك يُشْتَري له الشحم بدرهم، فيأكل منه شهرًا، فترك أكل الشَّحم وأدمنَ الصوم والعمل، فتوهّمت أنّه قد كان جعل على نفسه إن سلم أن يفعل ذلك.
وقال الخلال أبو بكر: حَدَّثَنِي محمد بْن الْحُسَيْن أن أَبَا بَكْر المَرُّوذيّ حَدَّثَهم: كان أبو عبد الله بالعساكر يقول: أنظر هَلْ تجد لي ماء الباقِلاء.
فكنت ربّما بللت خبزه بالماء فيأكله بالملح. وربّما أنّه منذ دخلنا العساكر إلى أن خرجنا ما ذاق طبخًا ولا دَسَمًا.
[1] حلية الأولياء 9/ 215.
[2]
الحلية 9/ 215.
وعن المَرُّوذيّ قال: أنبهني أبو عبد الله ذات ليلة وكان قد واصل، فإذا هُوَ قاعد فقال: هُوَ ذا يُدَارُ بي من الجوع، فأطعمني شيئًا، فجئته بأقلّ من رغيف، فأكله وقال: لولا أنّي أخاف العون على نفسي ما أكلت.
وكان يقوم من فراشه إلى المخرج، فيقعد يستريح من الضَّعف من الجوع حَتَّى أنْ كنت لأبلّ الخرقة فيلقِها على وجهه لترجع إليه نَفْسُه، حَتَّى وأوصى من الضعف من غير مرض، فسمعته يقول عند وصيّته ونحن بالعساكر، وأشهد على وصيّته:
هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد، أوصى أنه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله، وذكر ما يأتي.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: مكث أبي بالعساكر عند الخليفة ستّة عشر يومًا، ما ذاق شيئًا إلا مقدار رُبع سَوِيق، ورأيت ما في عينيه قد دخلا فِي حَدَقتيه [1] .
وقال صالح بْن أحمد: وأوصى أبي بالعساكر هذه الوصيّة:
بِسْمِ اللَّه الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1 هذا ما أوصى به أحمد بْن محمد بْن حنبل:
أوصي أنه يشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ له، وأنّ محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودِين الحقّ ليظهره على الدّين كلّه ولو كره المشركون.
وأوصى مَن أطاعه من أهله وقرابته أن يعبدوا اللَّه فِي العابدين، ويحمدوه فِي الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين. وأوصي أنّي قد رضيتُ باللَّه ربّا وبالإسلام دينًا وبمحمد نبيّا. وأوصي أن لعبد اللَّه بْن محمد المعروف بفوزان عليّ نحوًا من خمسين دينارا، وهو مصدّق فيما قال، فَيُقْضَى ما له عليَّ مِن غلّة الدّار إن شاء اللَّه، فإذا استوفى أُعطِيَ ولدُ صالح وعبد اللَّه ابني أحمد بْن محمد بْن حنبل، كلَّ ذَكَرٍ وأنثى عشرة دراهم بعد وفاء مال أبي محمد.
شهد أبو يوسف، وصالح، وعبد الله بن أحمد.
[1] حلية الأولياء 9/ 179 وفيه: «ورأيت موقيه دخلتا في حدقتيه» .
أُنْبِئْتُ عَمَّنْ سَمِعَ أَبَا عَلِيٍّ الْحَدَّادَ، أنا أَبُو نُعَيْمٍ فِي «الْحِلْيَةِ» [1] ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ قَالَ: كَتَبَ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ يَحْيَى إِلَى أَبِي يُخْبِرُهُ أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَمَرَنِي أَنْ أَكْتُبَ إِلَيْكَ فَأَسْأَلُكَ عَنْ أَمْرِ الْقُرْآنِ، لَا مَسْأَلَةَ امْتِحَانٍ، وَلَكِنْ مَسْأَلَةَ مَعْرِفَةٍ وَتَبْصِرَةٍ.
فَأَمْلَى عَلَيَّ أَبِي رحمه الله إِلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ يَحْيَى وَحْدِي مَا مَعِي أَحَدٌ:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ 1: 1، أَحْسَنَ اللَّهُ عَاقِبَتَكَ أَبَا الْحَسَنِ فِي الأُمُورِ كُلِّهَا، وَدَفَعَ عَنْكَ مَكَارِهَ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ بِرَحْمَتِهِ. قَدْ كَتَبْتُ إِلَيْكَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ بِالَّذِي سَأَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ بِأَمْرِ الْقُرْآنِ بِمَا حَضَرَنِي. وَإِنِّي أَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ يُدِيمَ تَوْفِيقَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَدْ كَانَ النَّاسُ فِي خَوْضٍ مِنَ الْبَاطِلِ وَاخْتِلافٍ شَدِيدٍ يَنْغَمِسُونَ فِيهِ، حَتَّى أَفْضَتِ الْخِلافَةُ إِلَى أَمِيرِ المؤمنين، فنفى الله بأمير الْمُؤْمِنِينَ كُلَّ بِدْعَةٍ، وَانْجَلَى عَنِ النَّاسِ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الذُّلِّ وَضِيقِ الْمَجَالِسِ، فَصَرَفَ اللَّهُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَذَهَبَ بِهِ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، وَوَقَعَ ذَلِكَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَوْقِعًا عَظِيمًا، وَدَعُوا اللَّهَ لأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْ يَزِيدَ فِي نِيَّتِهِ، وَأَنْ يُعِينَهُ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ. فَقَدْ ذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: لا تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُوقِعُ الشَّكَّ فِي قُلُوبِكُمْ.
وَذُكِرَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ نَفَرًا كَانُوا جُلُوسًا بِبَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ كَذَا؟
فَسَمِعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَخَرَجَ كأنّما فقئ في وجهه حَبُّ الرُّمَّانِ وَقَالَ:
«أَبِهَذَا أُمِرْتُمْ أَنْ تَضْرِبُوا كِتَابَ اللَّهِ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ؟ إِنَّمَا ضَلَّتِ الأُمَمُ قَبْلَكُمْ فِي مِثْلِ هَذَا. إِنَّكُمْ لَسْتُمْ مِمَّا هاهنا في شيء. انظروا الّذي أمرتم فَاعْمَلُوا بِهِ، وَانْظُرُوا الَّذِي نُهِيتُمْ عَنْهُ، فَانْتَهُوا عَنْهُ» [2] . وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مِرَاءٌ فِي القرآن كفر» [3] .
[1] ج 9/ 216- 219.
[2]
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند 2/ 118 و 195 و 196، وابن ماجة 5 (85) .
[3]
أخرجه أحمد في المسند 2/ 286 و 300 و 424 و 475 و 503 و 528، وأبو داود في السّنّة
وَرُوِيَ عَنْ أَبِي جَهْمٍ، رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا تُمَارُوا فِي الْقُرْآنِ، فَإِنَّ مِرَاءً فِيهِ كُفرٌ» [1] . وقال ابن عَبَّاس: قدِم على عُمَر بْن الخطاب رجل، فجعل عُمَر يسأله عن النّاس، فقال: يا أمير المؤمنين قد قرأ القرآن منهم كذا وكذا.
فقال ابن عَبَّاس: فقلتُ: والله ما أحبّ أن يتسارعوا يومهم هذا فِي القرآن هذه المسارعة.
قال: فَزَبَرَني عُمَر وقال: مَهْ.
فانطلقت إلى منزلي مكتئبًا حزينًا، فبينا أَنَا كذلك إذ أتاني رَجُل فقال:
أجِبْ أمير المؤمنين. فخرجت فإذا هُوَ بالباب ينتظرني، فأخذ بيدي، فخلا بي وقال: ما الَّذِي كرهت؟
قلت: يا أمير المؤمنين متى يتسارعوا هذه المسارعة يحتقُوا [2] ، ومتى ما يحتقوا يختصموا، ومتى ما يختصموا يختلفوا، ومتى ما يختلفوا يقتتلوا.
قال: للَّه أبوك، والله إن كنتُ لأكتُمها النّاس حَتَّى جئتَ بها.
وَرُوِيَ عَنْ جَابِرٍ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ بِالْمَوْقِفِ فَيَقُولُ: «هَلْ مِنْ رَجُلٍ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» [3] . وَرُوِيَ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّكُمْ لَنْ تَرْجِعُوا إِلَى اللَّهِ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ، يَعْنِي القرآن» [4] .
[ () ](4603) باب: النهي عن الجدال في القرآن، والحاكم في المستدرك 2/ 223 وقد صحّحه، ووافقه الذهبي في تلخيصه.
[1]
أخرجه أحمد في المسند 4/ 170.
[2]
في الحلية 9/ 217: «يختلفوا» ، والمثبت يتّفق مع: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 217، وسير أعلام النبلاء 11/ 283، والمعنى أن يقول أحدهم: الحقّ معي.
[3]
أخرجه أبو داود في السّنّة (4734 باب: في القرآن، والترمذي في ثواب القرآن (2926) باب:
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تبليغ القرآن، وابن ماجة في المقدّمة (201) باب: فيما أنكرت الجهمية.
وقال الترمذي: هذا حديث غريب صحيح.
[4]
أخرجه الترمذي (2912) .
وَرُوِيَ عن ابن مَسْعُود أنّه قال: جرّدوا القرآن ولا تكتبوا فِيهِ شيئًا إلا كلام اللَّه عز وجل.
وَرُوِيَ عن عُمَر بْن الخطّاب أنّه قال: إنّ هذا القرآن كلام اللَّه، فضعوه مواضعه.
وقال رَجُل لحَسَن الْبَصْرِيّ: يا أَبَا سَعِيد، إنّي إذا قرأت كتاب اللَّه وتدبّرته كدت أن آيس، وينقطع رجائي.
فقال: إنّ القرآن كلام اللَّه، وأعمال ابن آدم إلى الضَّعف والتّقصير، فاعمل وأَبْشِر.
وقال فَرْوة بْن نَوْفل الأشجعيّ: كنتُ جارا لخَبّاب، وهو مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فخرجتُ معه يومًا من المسجد وهو آخذ بيدي فقال: يا هَنَاه، تقرَّب إلى الله بما استطعت، فإنك لن تتقرب إليه بشيء أحبُّ إليه من كلامه.
وقال رَجُل للحَكَم بْن عُتَيْبَةَ [1] : ما يحمل أهل الأهواء على هذا؟
قال: الخصومات.
وقال معاوية بْن قُرَّةَ- وكان أَبُوهُ ممّن أتى النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم: إيّاكم وهذه الخصومات فإنّما تُحبط الأعمال.
وقال أبو قِلابة- وكان قد أدرك غيرَ واحدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لَا تُجالسوا أهل الأهواء، وقال: أصحاب الخصومات، فَإِنِّي لا آمَنُ أَنْ يَغْمِسُوكُمْ فِي ضَلالَتِهِمْ، ويُلْبِسوا عليكم بعضَ ما تعرفون.
ودخل رجلان من أصحاب الأهواء على محمد بْن سِيرِينَ فقالا: يا أَبَا بَكْر نحدّثك بحديث؟
قال: لا.
قالا: فنقرأ عليك آية؟
قال: لا، لَتَقومان عنّي أو لأقومنّه. فقاما.
[1] في الحلية 9/ 217 «عتبة» .
فقال بعض القوم: يا أَبَا بَكْر، وما عليك أن يقرءا عليك آية؟
قال: إنّي خشيت أن يقرءا عليّ آية فَيُحَرِّفانها، فيقرّ ذلك فِي قلبي، ولو أعلم أنّي أكون مثلي [1] السّاعة لتركتهما.
وقال رَجُل من أهل البِدَع لأيوب السّختيانيّ: يا أَبَا بَكْر أسألك عن كلمةٍ، فولى وهو يقول بيده: ولا نصف كلمة.
وقال ابن طاووس لابن له يكلمه رَجُل من أهل البدع: يا بني، أدخل إصبعيك فِي أذنيك حَتَّى لا تسمع ما يقول. ثُمَّ قال: اشدد اشدد.
وقال عمر بْن عبد العزيز: من جعل دينه غرضا للخصومات أكثر التنقل.
وقال إبراهيم النخعي: إن القوم لم يدخر [2] عَنْهُمْ شيء خبيء لكم لفضل عندكم.
وكان الْحَسَن رحمه الله يقول: شر داء خالط قلبا، يعني: الأهواء.
وقال حذيفة بْن اليمان: اتقوا اللَّه، وخذوا طريق من كان قبلكم، والله لئن استقمتم لقد سبقتم سبقا بعيدا، ولئن تركتموه يمينا وشمالا فقد ضللتم ضلالا بعيدا، أو قال: مبينا.
قال أبي: وإنما تركت ذكر الأسانيد لما تقدم من اليمين الّتي قد حلفت بها مما قد علمه أمير المؤمنين. لولا ذاك ذكرتها بأسانيدها. وقد قال اللَّه تعالى:
وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلامَ الله 9: 6 [3] .
وقال: أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ 7: 54 [4] ، فأخبر بالخلق.
ثم قال: وَالْأَمْرُ 7: 54 فأخبر أنّ الأمر غير الخلق.
[1] في الحلية 9/ 218: «متبلى» . وهذه الجملة الأخيرة لم يثبتها المؤلّف- رحمه الله في: سير أعلام النبلاء 11/ 285.
[2]
في الحلية 9/ 218: «لم يدخل» .
[3]
سورة التوبة، الآية 6.
[4]
سورة الأعراف، الآية 54.
وقال عز وجل: الرَّحْمنُ، عَلَّمَ الْقُرْآنَ، خَلَقَ الْإِنْسانَ، عَلَّمَهُ الْبَيانَ 55: 1- 4 [1] فأخبر أن القرآن من علمه.
وقال تعالى: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ، قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ 2: 120 [2] .
وقال: وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَا تَبِعُوا قِبْلَتَكَ، وَما أَنْتَ بِتابِعٍ قِبْلَتَهُمْ، وَما بَعْضُهُمْ بِتابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ مِنْ بَعْدِ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ 2: 145 [3] .
وقال تعالى: وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ مَا جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ 13: 37 [4] . فالقرآن من علم اللَّه. وفي هذه الآيات دليل على أن الَّذِي جاءه هُوَ القرآن، لقوله: وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ 2: 120 [5] .
وقد رُوِيَ عن غيرِ واحد ممّن مضى من سَلَفنا أنّهم كانوا يقولون: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق. وهو الَّذِي أذهب إليه. لستُ بصاحب كلام، ولا أرى الكلام فِي شيء من هذا، إلا ما كان فِي كتاب اللَّه، أو فِي حَدِيثٌ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، أو عن أصحابه، أو عن التابعين. فأما غير ذلك فإن الكلام فيه غير محمود [6] .
قلت: رُواة هذه الرسالة عن أحمد أئمة أثبات، أشهدُ باللَّه أنّه أملاها على ولده. وأمّا غيرها من الرسائل المنسوبة إليه كرسالة الإصْطَخريّ [7] ففيها نَظَر. والله أعلم.
[1] أول سورة الرحمن.
[2]
سورة البقرة، الآية 120.
[3]
سورة البقرة، الآية 145.
[4]
سورة الرعد، الآية 37.
[5]
سورة البقرة، الآية 145.
[6]
إلى هنا عن: حلية الأولياء 9/ 219، والخبر في: مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي 9/ 216- 219، وسير أعلام النبلاء 11/ 281- 286.
[7]
هو: أحمد بن جعفر بن يعقوب الفارسيّ، ورسالته في: طبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 24- 36.
ذكر مرضه رحمه الله قال ابنه عبد الله: سَمِعتُ أبي يقول: استكملت سَبْعا وسبعين سنة، فَحُمَّ من ليلته، ومات يوم العاشر.
وقال صالح: لمّا كان فِي أوّل يوم من ربيع الأوّل من سنة إحدى وأربعين ومائتين. حُمَّ أبي ليلة الأربعاء [1] ، وبات وهو محموم يتنفّس نَفَسًا شديدًا، وكنتُ قد عرفتُ علته. وكنتُ أمرّضُه إذا اعتلّ. فقلت له: يا أبه، على ما أفطرتَ البارحة؟
قال: على ماء باقلاء.
ثُمَّ أراد القيام فقال: خُذْ بيدي. فأخذت بيده، فلمّا صار إلى الخلاء ضعفت رِجلاه حَتَّى توكّأ علي. وكان يختلف إليه غير متطبب، كلهم مسلمون، فوصف له متطبّب قَرْعة تُشْوى ويُسقى ماؤها، وهذا يوم الثلاثاء وتُوُفّي يوم الجمعة، فقال: يا صالح. قلت: لَبَّيْك.
قال: لا تُشْوى فِي منزلك ولا فِي منزل أخيك.
وصار الفتح بْن سهل إلى الباب ليَعُوده فحجبه، وأتى ابن علي بْن الجعد فحجبه، وكثُر النّاس، فقال: أي شيء ترى؟
قلت: تأذن لهم فيدعون لك.
قال: أستخير الله تعالى.
فجعلوا يدخون عليه أفواجًا حَتَّى تمتلئ الدّار، فيسألونه ويدعون له ثُمَّ يخرجون، ويدخل فوج آخر. وكثُر النّاس، فامتلأ الشّارع، وأغلقنا باب الزقاق، وجاء رَجُل من جيراننا قد خضب، فقال أبي: إني لأرى الرجل يحيى شيئا من السنة فأفرح به.
وكان له فِي خُرَيْقة قُطَيْعات، فإذا أراد الشّيء أعطينا مَن يشتري له.
وقال لي يوم الثّلاثاء: أنظر فِي خُرَيقتي شيء.
فنظرت، فإذ فيها درهم، فقال: وجّه اقتضِ بعض السُّكّان.
[1] حلية الأولياء 9/ 220.
فوجّهتُ فأعطيت شيئًا، فقال وجّه فاشتر تمرًا وكفّر عنّي كفّارة يمين، وبقي ثلاثة دراهم أو نحو ذلك، فأخبرته فقال: الحمد للَّه [1] . وقال: اقرأ عليّ الوصيّة.
فقرأتها عليه فأقَرَّها. وكنتُ أنام إلى جنْبه، فإذا أراد حاجة حرّكني فأناوله.
وجعل يحرّك لسانَه ولم يئن إلا فِي اللّيلة التي تُوُفّي فيها. ولم يزل يصلّي قائمًا، أَمْسكه فيركع ويسجد، وأرفعه فِي ركوعه.
واجتَمَعَتْ عليه أوجاع الحصْر [2] وغير ذلك، ولم يزل عقله ثابتًا، فلمّا كان يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلةً خَلَت من ربيع الأوّل لساعتين من النّهار تُوُفّي [3] .
وقال المَرُّوذيّ: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خَلَتا من ربيع الأول، مرض تسعة أيّام، وكان رُبّما أذن للنّاس، فيدخلون عليه أفواجًا يُسلّمون عليه، ويردّ عليهم بيده.
وتَسَامَعَ الناس وكثروا، وسمع السلطان بكثرة الناس، فوكل السّلطان ببابه وبباب الزُّقاق الرابطة وأصحاب الأخبار. ثُمَّ أغلق باب الزقاق، فكان النّاس فِي الشّوارع والمساجد، حَتَّى تعطل بعض الباعة، وحيل بينهم وبين الباعة والشراء [4] .
وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه ربّما دخل من بعض الدُّور وطُرُز الحاكة، وربّما تسلّق.
وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب.
وجاءه حاجب ابن طاهر فقال: إنّ الأمير يُقرئك السّلام وهو يشتهي أن يراك. فقال: هذا ممّا أكره، وأمير المؤمنين أعفاني ممّا أكره [5] .
[1] حلية الأولياء 9/ 220.
[2]
في الحلية 9/ 220: «أوجاع الخصر» بالخاء، وما أثبتناه يتفق مع: سير أعلام النبلاء 11/ 335.
[3]
الحلية 9/ 220.
[4]
سير أعلام النبلاء 11/ 336.
[5]
السير 11/ 336.
وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العساكر، والبُرُدُ [1] تختلف كلّ يوم.
وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون عليه، وجاء قوم من القضاة وغيرهم، فلم يؤذن لهم.
ودخل عليه شيخ فقال: أذكُرْ وقوفك بين يدي اللَّه. فشهق أبو عبد الله وسالت دموعه على خديه.
فلمّا كان قبل وفاته بيوم أو بيومين قال: ادعوا لي الصّبيان، بلسانٍ ثقيل.
فجعلوا ينضمّون إليه، وجعل يشمّهم ويمسح بيده على رءوسهم وعينه تدمع.
وأدخلت الطّسْت تحته، فرأيت بَوْلَهُ دمًا عبيطًا ليس فِيهِ بول، فقلت للطّبيب فقال: هذا رَجُل قد فتَّت الحُزْن والغَمُّ جَوْفَه.
واشتدّت علته يوم الخميس [ووضّأته [2]] فقال: خلال [3] الأصابع. فلما كانت ليلة الجمعة، ثقل، وقبض صدرا، فصاح الناس، وعلت الأصوات بالبكاء، حَتَّى كأن الدنيا قد ارتجت، وامتلأت السكك والشوارع [4] .
وقال أبو بَكْر الخلال: أخبرني عصمة بْن عصام: ثنا حنبل قال: أعطى ولد الفضل بْن إبراهيم أَبَا عبد الله وهو فِي الحبس ثلاث شعرات وقال: هذه مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فأوصى عند موته أن يجعل على كل عين شعرة، وشعرة على لسانه.
ففعل به ذلك عند موته [5] .
وقال حنبل: تُوُفّي يوم الجمعة في ربيع الأوّل.
وقال مُطّيَّن: في ثاني عشر ربيع الأوّل.
وكذلك قال عبد الله بن أحمد، وعبّاس الدُّوريّ.
وقال البخاريّ: مرض أحمد بن حنبل لليلتين خَلَتَا من ربيع الأوّل، ومات
[1] البرد: مفردها: بريد.
[2]
في الأصل بياض، استدركته من: سير أعلام النبلاء 11/ 337.
[3]
في السير: فقال: خلّل.
[4]
السير 11/ 337.
[5]
السير 11/ 337.
يوم الجمعة لاثنتي عشرة خَلَت من ربيع الأوّل [1] .
قلت: غلِط ابنُ قانع، وغيره، فقالوا في ربيع الآخر، فلُيعرف ذلك.
وقال الخلال: ثنا المَرُّوذيّ قال: أُخرجت الجنازة بعد منصرف النّاس من الجمعة.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ فِي «مُسْنَدِهِ» [2] : ثنا أَبُو عَامِرٍ، ثنا هشام بْنُ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ سَيْفٍ، عَنْ عَبْد اللَّه بْن عَمْرو، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَمُوتُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ إِلا وَقَاهُ اللَّهُ فِتْنَةَ الْقَبْرِ» [3] . وقال صالح: وجّه ابن طاهر، يعني نائب بغداد، بحاجبه مظفّر، ومَعه غلامين معهما مناديل، فيها ثياب وطيب فقالوا: الأمير يُقرئك السّلام ويقول: قد فعلتُ ما لو كان أمير المؤمنين حاضره كان يفعل ذلك.
فقلت: أقرِئ الأمير السّلام وقل له: إنّ أمير المؤمنين قد كان أعفاه فِي حياته مِمَّا كان يكره، ولا أحبّ أن أُتْبعه بعد موته بما كان يكره فِي حياته. فعاد وقال: يكون شعاره، فأعدت عليه مثل ذلك [4] .
وقد كان غَزَلت له الجارية ثوبًا عشاريًا قُوّم بثمانية وعشرين درهمًا ليقطع منه قميصين، فقطعنا له لفافتين، وأخذ منه فوزان لُفافَة أخرى، فأدرجناه فِي ثلاث لفائف، واشترينا له حَنُوطًا، وفُرغ من غسله، وكفّناه. وحضر نحوَ مائةٍ من بني هاشم ونحن نكفّنه، وجعلوا يقبّلون جبهته حَتَّى رفعناه على السّرير [5] .
وقال عبد الله بْن أحمد: صلّى على أَبِي محمد بْنُ عبد الله بْن طاهر، غَلبنا على الصّلاة عليه. وقد كُنَّا صلّينا عليه نحن والهاشميّون في الدّار [6] .
[1] السير 11/ 337.
[2]
ج 2/ 169.
[3]
وأخرجه الترمذي (1074) من طريق عبد الرحمن بن مهدي، وأبي عامر العقدي، عن هشام بن سعد.
[4]
السير 11/ 338.
[5]
مناقب الإمام أحمد 412.
[6]
سير أعلام النبلاء 11/ 338.
وقال صالح: وجّه ابن طاهر: مَن يصلّي عليه؟ قلت: أَنَا.
فلمّا صرنا إلى الصّحراء إذا ابن طاهر واقف، فخطا إلينا خطوات وعزَّانا ووضع السّرير. فلمّا انتظرت هُنَيَّةً تقدّمتُ وجعلتُ أسوّى صفوفَ النّاس، فجاءني ابن طاهر فقبض هذا على يدي، ومحمد بْن نصر على يدي وقالوا:
الأمير.
فمانَعْتُهُم فَنَحِّيَاني وصلّى، ولم يعلم النّاسُ بذلك. فلمّا كان من الغد علم النّاسُ، فجعلوا يجيئون ويصلُّون على القبر. ومكث النّاسُ ما شاء اللَّه يأتون فيصلُّون على القبر [1] .
وقال عُبَيْد اللَّه بْن يحيى بْن خاقان: سمعت المتوكل يقول لمحمد بْن عبد الله: طوبى لك يا محمد، صليت على أحمد بْن حنبل، رحمة اللَّه عليه [2] .
وقال أبو بَكْر الخلال: سمعتُ عَبْد الوهّاب الورّاق يقول: ما بَلَغَنَا أن جَمْعًا فِي الجاهليّة والإسلام مثله، حَتَّى بَلَغَنَا أنّ الموضع مُسح وحُزِر على الصّحيح، فإذا هُوَ نحوٌ من ألف ألف، وحزرنا على القُبُور نحوًا من ستّين ألف امْرَأَة.
وفتح النّاسُ أبواب المنازل فِي الشّوارع والدُّرُوب ينادون: مَن أراد الوضوء؟ [3] .
وروي عبد الله بْن إسحاق البَغَويّ أَنْ بنَان بْن أحمد القَصَبانيّ أخبره أنّه حضر جنازة أحمد، فكانت الصُّفوف من الميدان إلى قنطرة باب [4] القطيعة، وحُزِر من حضرها من الرجال ثمانمائة ألف، ومن النّساء ستّين ألف امْرَأَة [5] .
ونظروا فيمن صلّى العصر فِي مسجد الرُّصافة فكانوا نيّفًا وعشرين ألفًا [6] .
وقال مُوسَى بْن هارون الحافظ: يقال إنّ أحمد لما مات، مُسِحت الأمكنة
[1] تقدمة المعرفة 312.
[2]
السير 11/ 339.
[3]
السير 11/ 339.
[4]
في تاريخ بغداد: «قنطرة ربع القطيعة» .
[5]
تاريخ بغداد 4/ 422.
[6]
السير 11/ 339.
المبسوطة الّتي وقف النّاسُ للصّلاة عليها، فحُزر مقادير النّاس بالمساحة على التقدير ستّمائة ألف وأكثر، سوى ما كان فِي الأطراف والحوالي والسُّطُوح والمواضع المتفرّقة أكثر من ألف ألف [1] .
وقال جَعْفَر بْن محمد بْن الْحُسَيْن النَّيْسابوريّ: حَدَّثَنِي فتح بْن الحَجّاج قال: سمعتُ فِي دار الأمير محمد بْن عَبْد الله بْن طاهر أنّ الأمير بعث عشرين رجلا يحزروا كم صلّى على أحمد بْن حنبل، فحُزروا فبلغ ألف ألف وثمانين ألفًا، سوى من كان فِي السُّفُن فِي الماء [2] .
ورواها خشنام بن سعيد فقال: بلغوا ألف ألف وثلاثمائة ألف.
وقال ابن أبي حاتم [3] : سمعتُ أَبَا زُرْعة يقول: بَلَغَني أنّ المتوكّل أمَر أن يُمسح الموضع الَّذِي وقف عليه الناس حيث صَلَّى على أحمد، فبلغ مقام ألفي ألف وخمسمائة [ألف] .
وقال البيهقيّ: بَلَغَني عن البَغَوَيّ أنّ محمد بْن عبد الله بْن طاهر أمر أن تُحْزَر الخلق الَّذِي فِي جنازة أحمد، فاتّفقوا على سبعمائة ألف.
وقال أبو هَمّام الوليد بْن شجاع: حضرت جنازة شَرِيك، وجنازة أبي بَكْر بْن عيّاش، ورأيت حضور النّاس، فما رَأَيْتُ جمعًا قطّ يشبه هذا. يعني في جنازة أحمد.
وقال أبو عبد الرحمن السُّلَميّ: حضرت جنازة أبي [الفتح القوّاس][4] مع الدّار الدّارّقُطْنيّ، فلمّا نظر إلى الْجَمْع قال: سمعتُ أَبَا سهل بْن زياد: سمعتُ عبد الله بن أحمد بن حنبل: سمعت أبي يقول: قولوا لأهل البِدَع: بيننا وبينكم الجنائز.
وقال ابن أبي حاتم [5] : حَدَّثَنِي أبو بَكْر محمد بن العبّاس المكّيّ: سمعت
[1] السير 11/ 339.
[2]
حلية الأولياء 9/ 180 وفيه: «السفر» بدل، والسفن» .
[3]
في تقدمة المعرفة 312 والزيادة منه.
[4]
في الأصل بياض، استدركته من نسخة أياصوفيا.
[5]
في تقدمة المعرفة 313.
الوَرْكانيّ جار أحمد بْن حنبل يقول: يوم مات أحمد بْن حنبل وقع المأتم والنَّوْح فِي أربعة أصناف: المسلمين واليهود والنّصارى والمجوس. وأسَلَمَ يوم مات عشرون ألفًا من اليهود والنّصارى والمجوس [1] .
وفي لفظٍ عن ابن أبي حاتم: عشرة آلاف [2] .
وهي حكاية مُنْكَرَة لا أعلم رواها أحد إلا هذا الوَرْكانيّ، ولا عَنْهُ إلا محمد بْن الْعَبَّاس، [تفرّد بها ابن أبي حاتم، والعقل يحيل أن يقع مثل][3] هذا الحادث فِي بغداد ولا يرويه جماعة تتوفّر هِمَمُهُم، ودَوَاعيهم على نقل ما هُوَ دون ذلك بكثير. وكيف يقع مثل هذا الأمر الكبير ولا يذكره المَرُّوذيّ، ولا صالح بْن أحمد، ولا عبد الله بْن أحمد بْن حنبل الّذين حكوا من أخبار أبي عبد الله جزئيات كثيرة لا حاجة إلى ذكرها. فو الله لو أسلم يوم موته عشرة أَنَفسٍ لكان عظيمًا، ولكان ينبغي أن يرويه نحو من عشرة أنفس.
وقد تركت كثيرًا من الحكايات، إمّا لضَعْفها، وإمّا لعدم الحاجة إليها، وإما لطولها.
ثُمَّ انكشف لي كذب الحكاية بأنّ أَبَا زُرعة قال: كان الوَرْكانيّ، يعني محمد بْن جَعْفَر، جار أحمد بْن حنبل وكان يرضاه.
وقال ابنُ سعد، وعبد اللَّه بْن أحمد، وموسى بْن هارون، مات الوَرْكانيّ فِي رمضان سنة ثمانٍ وعشرين ومائتين. فظهر لك بهذا أنّه مات قبل أحمد بدهرٍ، وكيف يحكى يوم جنازة أحمد، رحمه الله؟
قال صالح بْن أحمد: جاء كتاب المتوكّل بعد أيّام من موت أَبِي إلى ابن طاهر يأمره بتعزيتنا، ويأمر بحمل الكُتُب. فحملتها وقلتُ: إنّها لنا سماع، فتكون فِي أيدينا وتُنَسَخ عندنا.
فقال: أقول لأمير المؤمنين.
[1] حلية الأولياء 9/ 180، تاريخ بغداد 4/ 423.
[2]
حلية الأولياء 9/ 180.
[3]
في الأصل بياض، والإستدراك من نسخة أياصوفيا.
فلم نزل ندافع الأمير، ولم تخرج عن أيدينا، والحمد للَّه [1] .
وقد جمع مناقب أبي عبد الله غير واحد، منهم أبو بَكْر البَيْهقيّ فِي مجلّد، ومنهم أبو إسماعيل الْأَنْصَارِيّ فِي مُجَيْلد، ومنهم أبو الفَرَج بْن الْجَوْزيّ فِي مجلّد، والله تعالى يرضى عَنْهُ ويرحمه.
36-
أحمد بن الزُّبَيْر الأطرابُلُسيّ [2] .
عَنْ: زيد بْن يحيى بْن عُبّيْد، ومؤمّل بن إسماعيل.
وعنه: ابن زياد النَّيْسابوريّ، ومحمد أخو خَيْثَمَة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم وقال: صدوق.
37-
أحمد بن عبد الله بن عبد الصّمد بن عليّ الهاشميّ العبّاسيّ.
أبو العَبَر الشاعر المُفْلِق.... [3] .
قيل إنّه هجا آل أبي طالب فقتله رجل كوفيّ بكلام استحلّ به دمه.
وله شِعْر فائق من عهد الأمين وإلى أَيام المتوكّل. ثمّ أخذ في الحمق والمجون. وكان من أذكياء العالم، حتّى قيل: لم يكن في الدّنيا صناعة إلا وهو يعلمها ويعملها بيده.
قُتِل سنة خمسين.
38-
أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن القاسم بن نافع بن أبي بزّة [4] .
[1] سير أعلام النبلاء 11/ 343، 344.
[2]
انظر عن (أحمد بن الزبير) في:
من حديث خيثمة الأطرابلسي (بتحقيقنا) 12، 16، 19، 36، والإكمال لابن ماكولا 4/ 311، 313، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 3/ 308 و 15/ 7623 و (طبعة المجمع العلمي بدمشق) 7/ 301- 303 رقم 142، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 50، 81، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي (تأليفنا) 1/ 394، 395 رقم 212.
وهو: «أحمد بن محمد بن الزبير بن عبد السلام، أبو علي المعروف بابن شقير» . وذكره ابن ماكولا فقدّم شقيرا على الزبير.
[3]
في الأصل بياض.
[4]
انظر عن (أحمد بن محمد المخزومي) في:
المعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 703، 704، والضعفاء الكبير للعقيليّ 1/ 127 رقم 155، والجرح والتعديل 2/ 71 رقم 129، والأنساب لابن السمعاني 2/ 202، واللباب لابن الأثير
أبو الحسن المخزوميّ مولاهم البَزّي المكّيّ المقرئ. مؤذن المسجد الحرام أربعين سنة.
والبزّة: بالشَّدّة.
قال الْبُخَارِيّ: اسم أبي بَزّة بشّار مَوْلَى عبد الله بْن السّائب المخزوميّ، أصله من همدان. أسلم على يد السّائب بن صَيْفيّ.
قلت: وُلد سنة سبعين ومائة، وقرأ على: عِكْرمة بْن سُلَيْمَان مَوْلَى بني شَيبة، وأبي الإخريط [وهُب بْن واضح] [1] : وأحمد مَوْلَى عبد العزيز بْن أبي (
…
) [2] ، وعبد اللَّه بْن زياد مَوْلَى [عُبَيْد بْن عُمَير][3] الَّليْثيّ، عن أحدهم، عن إسماعيل القِسط، وغيره، عن ابن كثير إمام أهل مكّة نفسِه، قرأ عليه بعد أن أتقن القرآن على صاحبَيْه شِبْل بْن عَبّاد، ومعروف بْن مِشْكان. كذا رُوِيَ عَنْهُ أبو الإخريط.
قرأ عليه: أبو ربيعة محمد بْن إسحاق الرَّبعيّ، وإسحاق بْن أحمد الخزاعي، وأحمد بْن فَرَج، والحَسَن بْن الْحُبَابِ، وغيرهم.
وكان شيخ الحرم وقارئه فِي زمانه، مع الدّين والورع والعبادة. وقد تفرَّد بحديثٍ مسَلَسَلٍ في التّكبير من وَالضُّحى 93:1. رَوَاهُ عَنْهُ: الحسن بْن مَخْلَد، ومحمد بْن يوسف بْن مُوسَى، والحسن بْن الْعَبَّاس الرّازيّ، ويحيى بْن محمد بْن صاعد، وجماعة.
وقع لي عاليا، وهو حديث منكر.
[ () ] 1/ 149، والمغني في الضعفاء 1/ 55 رقم 428، ودول الإسلام 1/ 150، وسير أعلام النبلاء 12/ 50، 51 رقم 10، ومعرفة القراء الكبار 1/ 173- 178 رقم 77، والمشتبه في أسماء الرجال 1/ 763 وميزان الاعتدال 1/ 144، 145، والعبر 1/ 455، ومرآة الجنان 2/ 156، وتاريخ الخميس 2/ 379، والوفيات لابن قنفذ 174، 175، وغاية النهاية 1/ 119، 120، والبداية والنهاية 11/ 76 والعقد الثمين 3/ 142، 143، وتوضيح المشتبه 1/ 442، ولسان الميزان 1/ 283، 284 رقم 8043، وشذرات الذهب 2/ 120، 121.
[1]
في الأصل بياض، استدركته من: معرفة القراء 1/ 174.
[2]
في الأصل بياض.
[3]
في الأصل بياض، استدركته من: معرفة القراء 1/ 174.
قال أبو حاتم [1] : لا أُحَدِّث عَنْهُ، فإنّه روى عن عُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ حديثًا منكرًا، وهو ضعيف الحديث. قلت: وذكره أبو جَعْفَر العُقَيْليّ فِي كتاب «الضّعفاء» [2] فقال: مُنْكر الحديث، يوصل الأحاديث.
ثنا خَالِدُ بْنُ مَنْصُورٍ: نا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَزَّةَ: ثنا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ:
ثنا الربيع بْنُ صَبِيحٍ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ أَنَسٍ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «الدِّيكُ الأَبْيَضُ الأَفْرَقُ حَبِيبِي وَحَبِيبُ حَبِيبِي جِبْرِيلُ، يَحْرُسُ سِتَّةَ عَشَرَ بَيْتًا» [3] . قُلْتُ: مَا هَذَا الْحَدِيثُ بِبَعِيدٍ عَنِ الْوَضْعِ.
وعاش ثمانين سنة. وتُوُفّي بمكّة سنة خمسين ومائتين.
وقد روى عَنْهُ الْبُخَارِيّ فِي «تاريخه» ، وآخرون.
سمع من: مالك بْن سَعِيد، ومؤمّل بْن إسماعيل، وسليمان بْن حرب، وأبي عبد الرحمن المقرئ، وعُبَيْد اللَّه بْن مُوسَى.
39-
أحمد بن محمد بن علقمة بن رافع بن عمر بن صبح بن عون [4] .
أبو الحَسَن المكّيّ المقرئ النّبّال القوّاس.
سمع من: مسلم بن خالد الزَّنْجيّ، وغيره.
وقرأ القرآن على أبي الإخريط وهْب بن واضح [5] .
قرأ عليه: قُنْبُل، وأحمد بن يزيد الحُلْوانيّ، وغير واحد.
وحدَّث عنه: بَقِيّ بن مَخْلَد، ومحمد بن عليّ الصّائغ، ومُطَيَّن، وعليّ بن أحمد بن بسطام، وغيرهم.
[1] الجرح والتعديل 2/ 71.
[2]
ج 2/ 127 رقم 155.
[3]
الحديث بأطول من هذا في: الضعفاء الكبير للعقيليّ.
[4]
انظر عن (أحمد بن محمد النبال) في:
تهذيب الكمال 1/ 482، 483 رقم 105، ومعرفة القراء الكبار 1/ 178، 179 رقم 78، والعقد الثمين 3/ 159، 160، وغاية النهاية 1/ 123، 124 رقم 570، وتهذيب التهذيب 1/ 79، 80 رقم 135، وتقريب التهذيب 1/ 25 رقم 119.
[5]
في الأصل: «نافع» وهو وهم.
تُوُفّي سنة خمسٍ وأربعين بمكة [1] .
قال ابن مجاهد: قال لي قَنْبَل: قال لي القوّاس: إِلْقَ هذا الرجل البَزّيّ [2] فَقُلْ له: ليس هذا الحرف من قراءتنا، يعني وَما هُوَ بِمَيِّتٍ 14: 17 [3] مخفَّفًا.
قال: فلقيته فأخبرته فقال: قد رجعت. ثُمَّ أتى إليه من الغد.
قال قنبل: سمعت القواس يقول: نَحْنُ نقف حيث انقطع البعض، إلّا في ثلاث نتعمّد الوقف عليها: وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا الله 3: 7 [4]، وَما يُشْعِرُكُمْ 6: 109 في الأنعام [5]، وإِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ 16: 103 [6] .
قال الدّانيّ: تُوُفّي القُواس سنة أربعين ومائتين، فُيحَرَّر.
40-
أحمد بن محمد بن عيسى [7] .
أبو جعفر السَّكُونيّ البغداديّ.
عن: أبي بكر بن عيّاش، وأبي يوسف القاضي.
روى عنه: محمد بن مَخْلَد، وغيره.
وهو من الضُّعَفاء.
41-
أحمد بن محمد بن نيزك [8]- ت. -
[1] وقيل: سنة أربعين. وقيل: سنة ست وأربعين.
[2]
أي: أحمد بن محمد بن أبي بزّيّ، الّذي تقدّمت ترجمته قبله.
[3]
سورة إبراهيم، الآية 17.
[4]
سورة آل عمران، الآية 7.
[5]
الآية 109.
[6]
سورة النحل، الآية 103.
[7]
انظر عن (أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى) فِي:
تَارِيخِ بغداد 5/ 59، 60 رقم 2429، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 88 رقم 252، والمغني في الضعفاء 1/ 56 رقم 439، وميزان الاعتدال 1/ 148 رقم 578، ولسان الميزان 1/ 288، 289 رقم 853.
[8]
انظر عن (أحمد بن محمد بن نيزك) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 47، وتاريخ بغداد 5/ 108، 109 رقم 2517، والمعجم المشتمل 59 رقم 82، وتهذيب الكمال 1/ 475 رقم 101، والمغني في الضعفاء 1/ 57 رقم 449، وميزان الاعتدال 1/ 151 رقم 592، والكاشف 1/ 27 رقم 81، وتهذيب التهذيب 1/ 77، 78 رقم
أبو جعفر البغداديّ المعروف بالطّوسيّ.
عن: رَوْح بن عُبادة، والأسود شاذان، وغيرهما.
وعنه: ت.، وأَبُو بَكْر بْن أَبِي الدُّنيا، وأبو حامد الحضرمي.
توفي سنة ثمان وأربعين [1] .
42-
أحمد بْن محمد بْن يحيى بْن الْمُبَارَك [2] .
أبو جعفر العدوي اليزيدي النحوي المقرئ.
من كبار ندماء المأمون وشعرائه.
سمع: أبا زيد الأنصاري صاحب العربيّة، وأباه.
وقرأ على جدّه فيما أظنّ.
روى عنه: أخواه الفضل وعُبَيد الله، وابن أخيه محمد بن العبّاس، وعَوْن بن محمد الكِنْديّ، ومحمد بن عبد الملك الزّيّات.
له ذِكْرٌ في «تاريخ دمشق» .
43-
أحمد بن مُصَرِّف بن عَمْرو الياميّ [3]- ن. - كوفيّ محدّث.
روى عن: أبي أُسامة، ومحمد بن بشير، وزيد بن الحُباب، وطبقتهم.
وعنه: ن. في «السُّنَن» ، والحكيم التِّرْمِذيّ محمد بن عليّ، ومحمد بن عمر بن يوسف النّسائيّ، وغيرهم.
[ () ] 131، وتقريب التهذيب 1/ 25 رقم 115 وفيه «نيزك» بكسر النون، وخلاصة تذهيب التهذيب 12.
[1]
المعجم المشتمل.
[2]
انظر عن (أحمد بن محمد اليزيدي) في:
تاريخ بغداد 5/ 117 رقم 2529، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 82، 83، والفهرست لابن النديم 50، ومعجم الأدباء 4/ 139، وطبقات النحويين للزبيدي 86، وإنباه الرواة 1/ 126، والوافي بالوفيات 7/ 388- 390 رقم 3384، وغاية النهاية 1/ 133، وبغية الوعاة 1/ 169.
[3]
انظر عن (أحمد بن مصرف) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 33، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 485 رقم 107، والكاشف 1/ 28 رقم 785 وتهذيب التهذيب 1/ 80 رقم 137، وتقريب التهذيب 1/ 25 رقم 121، وخلاصة تذهيب التهذيب 12.
قال ابن حِبّان في كتاب «الثّقات» [1] : مستقيم الحديث.
44-
أحمد بن منيع بن عبد الرحمن [2]- ع. - أبو جعفر البغويّ الحافظ الأصمّ المرورّوذيّ الأصل نزيل بغداد، وصاحب المُسْنَد المشهور.
سمع: هُشَيْما، وعَبّاد بن العوّام، وابن عُيَيْنَة، ومروان بن شجاع، وعبد العزيز بن أبي حازم، وعبد الله بن المبارك، وطبقتهم.
وعنه: الجماعة، لكن خ. بواسطة، وسِبْطه أبو القاسم البَغَويّ، وعبد الله بن ناجية، وابن صاعد، وخلق.
قال البَغَويّ: أُخْبِرتُ عن أحمد بْن منيع أنّه قال: أَنَا من نحو أربعين سنة أختم فِي كل ثلاث.
قال صالح جَزَرَة، وغيره [3] : ثقة.
[1] ج 8/ 33.
[2]
انظر عن (أحمد بن منيع) في:
التاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 6 رقم 1508، والتاريخ الصغير، له 235، والمراسيل لأبي داود، رقم 149 و 420، والمعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 515، 519، 542 و 2/ 22 و 3/ 82، وعمل اليوم والليلة للنسائي 425 رقم 685، وأخبار القضاة لوكيع 3/ 16، 56، والجرح والتعديل 2/ 77 رقم 166، والثقات لابن حبّان 8/ 22، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ 43، 44 رقم 26، وتاريخ بغداد 5/ 160، 161 رقم 2606 وتاريخ جرجان للسهمي 542، والأنساب لابن السمعاني 2/ 255، والجمع بين رجال الصحيحين لابن القيسراني 1/ 7 رقم 8، والأنساب لابن السمعاني 2/ 254، والمعجم المشتمل لابن عساكر 61 رقم 88، وأدب القاضي للماوردي 1/ 152، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 76، 77 رقم 65، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 495- 497 رقم 114، والكاشف 1/ 29 رقم 91، والمعين في طبقات المحدّثين 82 رقم 889، ودول الإسلام 1/ 147، وسير أعلام النبلاء 11/ 483، 484 رقم 127، والعبر 1/ 442، وتذكرة الحفاظ 2/ 481، والوافي بالوفيات رقم 3627، 8/ 192، والبداية والنهاية 10/ 346، وغاية النهاية لابن الجزري 1/ 139، وتوضيح المشتبه لابن ناصر الدين 1/ 566، وتهذيب التهذيب 1/ 84، 85 رقم 144، وتقريب التهذيب 1/ 27 رقم 128، والنجوم الزاهرة 2/ 319، وطبقات الحفاظ 208، 209، وخلاصة تذهيب التهذيب 13، والرسالة المستطرفة 65، وشذرات الذهب 2/ 105.
[3]
قال النسائي: ثقة. (المعجم المشتمل) .
وقال البَغَويّ: تُوُفّي جدّي في شَوَّال سنة أربعٍ وأربعينٍ [1] ، وكان مولده هُوَ وأبو خَيْثَمة سنة ستّين ومائة.
45-
أحمد بن ناصح [2]- ن. - أبو عبد الله، نزيل الثَّغْر.
عن: عبد العزيز الدَّراوَرْديّ، وأبي بكر بن عيّاش.
وعنه: ن.، ومحمد بن سُفْيان المُصِّيصيّ الصفار، وغيره.
لم يذكره ابن أبي حاتم [3] .
46-
أحمد بن نصر بن زياد [4] .
أبو عبد الله القرشي النيسابوري المقرئ الزاهد.
عن: عبد الله بن نمير، وابن أبي فديك، وأبي أسامة، والنضر بن شميل، وجماعة.
سمع منه: أبو نعيم أحد شيوخه.
[1] التاريخ الصغير للبخاريّ، وثقات ابن حبّان، والأنساب لابن السمعاني، والمعجم المشتمل، وقيل فيه: سنة 243 هـ.
[2]
انظر عن (أحمد بن ناصح) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 46 وفيه: «أحمد بن ناصح مولى بني هاشم، يروي عن: أبي عاصم. ثنا عنه: عبد الرحمن بن محمد بن حمّاد الطّهْراني» .
قال محقّقه: إن لم يكن أحمد بن ناصح المصيصي الّذي ذكره ابن حجر في التهذيب 1/ 85 فلم ندر من هو؟.
ويقول خادم العلم محقّق هذا الكتاب «عمر عبد السلام تدمري» : هو: أحمد بن ناصح المصّيصي، فقد ذكره ابن عساكر في: المعجم المشتمل 61 رقم 90، والحافظ المزّي في:
تهذيب الكمال 1/ 498 رقم 116، والذهبي في: الكاشف 1/ 29 رقم 92، وابن حجر في:
تهذيب التهذيب 1/ 85 رقم 147، وتقريب التهذيب 1/ 27 رقم 131.
[3]
وقال النسائي: صالح. وفي موضع آخر: ليس به بأس. (المعجم المشتمل) .
[4]
انظر عن (أحمد بن نصر) في:
التاريخ الكبير للبخاريّ 2/ 6 رقم 1507، والجرح والتعديل 2/ 79 رقم 173، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 104، 105، والمعجم المشتمل 61 رقم 91، وتهذيب الكمال 1/ 498- 503 رقم 117، والكاشف 1/ 29 رقم 93، وسير أعلام النبلاء 12/ 239 رقم 82، وتذكرة الحفاظ 2/ 540، 541، والبداية والنهاية 10/ 346، وغاية النهاية 1/ 145 رقم 675، وتهذيب التهذيب 1/ 85، 86 رقم 148، وتقريب التهذيب 1/ 27 رقم 132، وطبقات الحفاظ 237، وخلاصة تذهيب التهذيب 13.
وحدث عنه: ت. ن. [1] ، وسلمة بن شَبِيب، وابن خزيمة، وأبو عروبة الحرّانيّ، وخلق.
وكان كثير الرحلة إلى الشّام، والعراق، ومصر.
ورحل إلى [أبي عبيد على كبر السن متفقها، فأخذ عنه، وكان يفتي][2] على مذهبه، وعليه تفقه ابن خزيمة قبل أن يرحل. وكان ثقة نبيلا مأمونا صَاحب سنة.
تُوُفّي سنة خمس وأربعين [3] .
قال الحاكم: كان فقيه أهل الحديث في عصره، كثير الحديث والرحلة، رحمه الله.
47-
أحمد بن نصر [4] .
أبو بكر العتكي السَّمَرْقَنْديّ.
ذكره ابن حِبّان في «الثقات» وقال: كان رجلا صالحا مجتهدا في العبادة، قمع أهلَ البِدَع في أيّام المحنة، وقام بما ينبغي [5] .
يروى عن: ابن عُيَيْنَة، وأبي ضمرة.
وعنه: عبد الله بن عبد الرحمن الدَّارِميّ، وأهل سَمَرْقَنْد.
تُوُفّي سنة خمس وأربعين [6] .
48-
أحمد بن هشام بن بهرام المدائنيّ [7] .
[1] وقال: ثقة. (المعجم المشتمل) .
[2]
في الأصل بياض، استدركته من: سير أعلام النبلاء 12/ 239.
[3]
المعجم المشتمل.
[4]
انظر عن (أحمد بن نصر السمرقندي) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 22، والأنساب لابن السمعاني 8/ 390، وسير أعلام النبلاء 12/ 240 رقم 83.
[5]
انظر: الثقات 8/ 22.
[6]
الثقات.
[7]
انظر عن (أحمد بن هشام) في:
أنساب الأشراف للبلاذري ج 4 ق 1/ 489، 494، 495، 560، 573، 594، وتاريخ بغداد
عن: أبي معاوية، ووَكِيع.
وعنه: ابن صاعد، وأبو بَكْر بْن أَبِي داود.
وكان ثقة، قاله الخطيب [1] .
49-
أحمد بن يحيى بن إسحاق [2] .
أبو الحسين الرَّاوَنْديّ.
قال المسعوديّ: تُوُفّي سنة خمسين ومائتين، عن أربعين سنة.
قال: وله من الكُتُب مائة وأربعة عشر كتابا.
قلت: غلط المسعوديّ، بل بقي إلى قريب الثّلاثمائة.
50-
أحمد بن يحيى بن وزير بن سليمان بن مهاجر [3]- ن. - أبو عبد الله التّجيبيّ، مولاهم المصريّ الحافظ النَّحْويّ، أحد الأئمّة.
روى عن: عَبْد الله بْن وهْب، وشُعَيب بْن اللَّيْث، وأَصْبَغ بن الفَرجَ، وخلْق سواهم.
وعنه: ن. وقال ثقة، والحسين بن يعقوب المصريّ، وأبو بكر بن أبي داود، وآخرون.
وُلِد سنة إحدى وسبعين ومائة.
قال أبو عمر الكِنْديّ: كان فقيها من أصحاب ابن وهْب. كان أعلم أهل زمانه بالشِّعْر والغريب وأيّام النّاس. وكان يتقبّل، فانكسر عليه خَراجٌ، فسجنه
[ () ] 5/ 197، 198 رقم 2665، والمنتظم 6/ 99، ورسالة الغفران 461، ومقالات الإسلاميين (انظر فهرس الأعلام) 633، ووفيات الأعيان 1/ 78 رقم 34، والوافي بالوفيات 8/ 232- 238 رقم 3673.
[1]
في تاريخه 5/ 197.
[2]
ستأتي ترجمته في الجزء المتضمّن لحوادث ووفيات (291- 300 هـ.) .
[3]
انظر عن (أحمد بن يحيى التجيبي) في:
المعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 536 و 2/ 625، والثقات لابن حبّان 8/ 24، والولاة والقضاة للكندي (انظر فهرس الأعلام) 620، والمعجم المشتمل لابن عساكر 62، 63 رقم 97، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 519، 520 رقم 126، والكاشف 1/ 30 رقم 97، والوافي بالوفيات 8/ 247، 248 رقم 3682، ومعجم الأدباء 5/ 149، وبغية الوعاة 1/ 174، وتهذيب التهذيب 1/ 89، 90 رقم 157، وتقريب التهذيب 1/ 28 رقم 141، وخلاصة تذهيب التهذيب 14.
أحمد بن محمد بن مدبّر، فمات في حبّسه في شوّال سنة خمسين [1] ، رحمه الله [2] .
51-
أحمد بن يعقوب بن صالح البلْخيّ [3] .
عن: أبي مقاتل حفص بن سَلْم.
تُوُفيّ في رمضان سنة سْبعٍ وأربعين [4] .
52-
أحمد بن أبي بكر القاسم بن الحارث بن زُرَارَةُ بْنُ مُصْعَبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ [5]- ع. - الفقيه أبو مصعب الزّهريّ العوفيّ، قاضي المدينة.
وُلِد سنة خمسين ومائة، ولزِم مالكا وتفقَّه عليه، وسمع منه «الموطّأ» .
وسمع من: العُطّاف بن خالد، ويوسف بن الماجشون، وإبراهيم بن سعد، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، ومحمد بن إبراهيم بن دينار، وطائفة.
وعنه: الجماعة، لكن ن. بواسطة، وبَقِيّ بن مَخْلَد، وأبو زُرْعة الرّازيّ، ومُطَيَّن، وخلْق آخرهم موتا إبراهيم بن عبد الصَّمد الهاشميّ.
ذكره الزُّبَير بن بكّار فقال: هو فقيه أهل المدينة غير مدافع [6] .
[1] المعجم المشتمل. وفي تهذيب التهذيب: مات سنة خمس وستين ومائتين. وفي الثقات قال ابن حبّان: قديم الموت.
[2]
قال النسائي: ثقة. (المعجم المشتمل) .
[3]
انظر عن (أحمد بن يعقوب) في:
الثقات لابن حبّان 8/ 43، والمغني في الضعفاء 1/ 63 رقم 490، ولسان الميزان 1/ 327 رقم 996.
[4]
قال في المغني: له مناكير وموضوعات.
[5]
انظر عن (أحمد بن أبي بكر القاسم) في:
نسب قريش للمصعب الزبيري 272، والجرح والتعديل 2/ 43 رقم 16، والمعجم المشتمل 40 رقم 12، وتهذيب الكمال 1/ 278- 281 رقم 17، وسير أعلام النبلاء 11/ 436- 440 رقم 100، وتذكرة الحفاظ 2/ 60- 62، والعبر 1/ 436، والوافي بالوفيات 6/ 269، وتهذيب التهذيب 1/ 20، 21 رقم 21، وتقريب التهذيب 1/ 12 رقم 18، والديباج المذهب 30، وطبقات الحفاظ 209، وخلاصة تذهيب التهذيب 4.
[6]
نسب قريش 272.
تُوُفّي في رمضان سنة اثنتين وأربعين على القضاء، وله اثنتان وتسعون سنة.
قال عبد الرحمن بْن أبي حاتم: ثنا عبد الله بْن محمد بْن الفضل الصَّيْداويّ قال: أتى قوم أَبَا مُصْعَب الزُّهْرِيّ فقالوا: إنّ قِبَلَنا ببغداد رَجُلٌ يقول: لفظه بالقرآن مخلوق. فقال: هذا كلامُ خبيثٍ نبَطَيّ.
وقال أبو محمد بْن حزم: آخر ما رُوِيَ عن مالك «موطأ أبي مُصْعَب» و «موطأ أبي حُذافة» . وفي هذين الموطّأين على سائر الموطّآت نحوٌ من مائة حديث زائدة، وهي آخر ما روى عن مالك. فهذا دليل على أنه كان يزيد فِي «الموطأ» أحاديث بلغته فيما بعد، أو كان أغفلها ثُمَّ أَثْبَتَها. وهكذا تكون العُلماء رحمهم الله.
قلت: أمّا أبو حُذافة فهو أحمد بْن إسماعيل السَّهْميّ الْمَدَنِيّ، سيأتي فِي الطبقة الآتية. وقد سمعتُ «مُوَطّأ أبي مُصَعَب» على ابن عساكر، بإجازته من المؤيد، وبين المؤَيَّد، وبين أبي مُصْعَب أربعةُ أنفس، وهذا فِي غاية العُلُوّ، وللَّه الحمد.
قال الدّار الدارقطني: أبو مصعب ثقة فِي «الموطأ» . وقدمه علي يحيى بْن بكير.
وقال أبو عُمَر بْن عَبْد البَرّ: قال الزُّبَيْر بْن بكار: كان أبو مُصْعَب على شَرِطة عُبَيْد اللَّه بْن الْحَسَن بْن عبد الله الهاشميّ عامل المأمون على المدينة، وولي القضاء. ومات وهو فقيه أهل المدينة غير مدافَع.
قال أبو زُرْعة، وأبو حاتم: صدوق [1] .
قال ابن عَبْد البَرّ: مات سنة إحدى وأربعين ومائتين.
قلت: ما علمتُ فِيهِ جرحةً، ولا ذكر إلا فِي «الثّقات» .
لكنْ قال أحمد بْن أبي خَيْثَمَة: لا تكتُب عن أبي مُصْعَب، واكتب عمّن شئت.
[1] الجرح والتعديل 2/ 43.
قال ابن الذَّهَبيّ: أراه نهاه عن الأخْذ عَنْهُ، لكونه على القضاء، والله أعلم.
وقد ذكره ابن عساكر فِي «النُّبْل» [1] فقال فِيهِ: أحمد بن أبي بكر زرارة.
فقد أَخْبَرَنَا ابْنُ عَسَاكِرَ، عَنْ أَبِي رَوْح: أَنَا زاهر، أَنَا الكَنْجَروديّ، أَنَا أبو أحمد الحاكم، أَنَا أَبُو عَبْد اللَّه محمد بْن إِبْرَاهِيم بْن زياد الطَّيَالِسِيُّ: ثنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزّاهريّ، وسألناه عن اسم أبيه فقال: لا نعرف له اسمًا [2] .
53-
أحمد بن أبي سُرَيج الصّبّاح النّهشليّ [3]- خ. د. ن. - وقيل أحمد بن عمر بن الصّبّاح، أبو جعفر الرّازيّ البغداديّ.
قرأ القرآن على أبي الحَسَن الكِسائيّ، وأقرأه.
وسمع: شُعَيب بن حرب، وأبا معاوية الضّرير، وابن عُلَيّة، ووَكِيعا، وجماعة.
وعنه: خ. د. ن.، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الرِّيّ.
وقرأ عليه: العبّاس بن الفضل الرّازيّ.
وقال النَّسائيّ: ثقة [4] .
وروى عنه أيضا: أبو زرعة، وأبو حاتم.
[1] المعجم المشتمل 40 رقم 12.
[2]
في الأصل: «اسم» .
[3]
انظر عن (أحمد بن أبي سريج) في:
الجرح والتعديل 2/ 56 رقم 75، والثقات لابن حبان 8/ 38، ورجال صحيح البخاري للكلاباذي 1/ رقم 14، وتاريخ جرجان للسهمي 410، 543، وتاريخ بغداد 4/ 205، 206 رقم 1894، والجمع بين رجال الصحيحين 1/ 10 رقم 20 وفيه «شريح» ، والمعجم المشتمل 55 رقم 68، وتهذيب الكمال 1/ 355- 357 رقم 51، والكاشف 1/ 20 رقم 41، ومعرفة القراء الكبار 1/ 219 رقم 117، وطبقات الشافعية الكبرى للسبكي 1/ 199 وفيه «سرح» ، وغاية النهاية 1/ 63 رقم 269، وتهذيب التهذيب 1/ 44 رقم 72، وتقريب التهذيب 1/ 17 رقم 60، وخلاصة تذهيب التهذيب 7.
[4]
المعجم المشتمل 55.
وقال أبو حاتم [1] : صدوق [2] .
54-
أحمد بن أبي عبيد الله السّليمي البصريّ الورّاق [3]- ت. ن. - اسم أبيه بِشْر.
عن: يزيد بن زريع، وسلم بن قتيبة، وعمر المقدمي.
وعنه: ت. ن.، وقال: ن. ثقة [4] ، والحسن بن عُلَيْل.
55-
إبراهيم بن الحارث الأنصاريّ [5] .
أبو إسحاق العُباديّ. ومن ولد عُباده بن الصّامت.
بغداديُّ جليل نزل طَرَسُوس مُرابِطا.
كان الإمام أحمد بن حنبل يحترمه ويعظّمه، وكان هو يُفْتي بحضرة أبي عبد الله فيُعجبه ويقول: جزاك الله يا أبا إسحاق خيرا.
روى عن: مُصْعَب الزُّبَيْريّ، وجماعة.
وأكبر شيخ له عليّ بن عاصم.
روى عنه: أبو بكر الأثرم، وحرب بْن إِسْمَاعِيل الكرماني، وأبو بَكْر بْن أبي داود [6] .
56-
إبراهيم بن الحسين بن خالد [7] .
[1] الجرح والتعديل 2/ 56.
[2]
وذكره ابن حبّان في الثقات، وقال:«يغرب على استقامة فيه» .
[3]
انظر عن (أحمد بن عبيد الله السليمي) في:
المعجم المشتمل لابن عساكر 54 رقم 63، وتهذيب الكمال للمزّي 1/ 402 رقم 78، وتهذيب التهذيب 1/ 60 رقم 102، وتقريب التهذيب 1/ 21 رقم 88، وخلاصة تذهيب التهذيب 9.
[4]
وقال أيضا: لا بأس به.
[5]
انظر عن (إبراهيم بن الحارث) في:
تاريخ بغداد 6/ 55، 56 رقم 3082، والأنساب 8/ 338، 339، وتهذيب الكمال 2/ 66، 67 رقم 159، وذيل الكاشف للعراقي 33، 34 رقم 15، وتهذيب التهذيب 1/ 113 رقم 197، وتقريب التهذيب 1/ 33 رقم 183، وخلاصة تذهيب التهذيب 16.
[6]
وقال: كتبنا عنه بطرسوس. (تاريخ بغداد 6/ 55) .
[7]
انظر عن (إبراهيم بن الحسين) في:
تاريخ علماء الأندلس لابن الفرضيّ 1/ 8 رقم 1، وجذوة المقتبس للحميدي 153 رقم 270، وبغية الملتمس للضبي 215 رقم 496.
الفقيه أبو إسحاق الأندلسيّ القُرْطُبيّ المالكيّ.
رحل وحجّ ولقي مُطَرِّف بن عبد الله، وعليّ بن مَعْبَد، وعبد الله بن هشام، وغيرهم.
وصنَّف تفسيرا للقرآن، وكان بصيرا بالفقه.
ولي أحكام الشرطة ببلده.
ومات في رمضان سنة تسعٍ وأربعين.
57-
إبراهيم بن حمزة الرَّمْليّ البّزاز [1]- د. - عن: ضمرة بن ربيعة، وزيد بن أبي الزّرقاء.
وعنه: د.، وعَبْدان الأهوازيّ، وأبو بكر بن أبي داود.
58-
إبراهيم بن خالد المروزي الجرميهني [2] .
الحافظ المعروف بالبطيطي [3] .
بلغنا عن بُنْدار أنه قال: حُفّاظ الدّنيا أربعة، وكلُّهم غلماني: إبراهيم الْجُرْمِيهَنيّ، وأبو زُرْعة، والبخاريّ، والدّارميّ [4] .
[1] انظر عن (إبراهيم بن حمزة) في:
المعجم المشتمل 65 رقم 104، وتهذيب الكمال 2/ 76 رقم 165. والكاشف 1/ 35 رقم 129، وتهذيب التهذيب 1/ 116 رقم 206، وتقريب التهذيب 1/ 34 رقم 191، وخلاصة تذهيب التهذيب 17.
[2]
انظر عن (إبراهيم بن خالد) في:
الجرح والتعديل 2/ 97 رقم 265، والأنساب لابن السمعاني 3/ 232، واللباب لابن الأثير 1/ 273، وسير أعلام النبلاء 12/ 76 رقم 20، والوافي بالوفيات 5/ 345 رقم 2420.
و «الجرميهنيّ» : بضم الجيم وسكون الراء وكسر الميم بعدها الياء والساكنة المنقوطة باثنتين من تحتها بعدها الهاء وفي آخرها النون. هذه النسبة إلى جرميهن وهي قرية من قرى مرو بأعالي البلد. (الأنساب) .
[3]
في الأصل: «ببلطيطي» ، والتصحيح من: الجرح والتعديل، والأنساب، والسير.
[4]
وقال ابن السمعاني: الحافظ إمام الدنيا في عصره، وكان يشبّه بإمامي العصر أبي زرعة عبيد الله بن عبد الكريم الرازيّ، وأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري في الحفظ والإتقان
…
وكان أحمد بن سيّار يقول: حفّاظ زماننا أربعة: أبو زرعة بالري، وإبراهيم بن خالد الجرميهني بمرو، ومحمد بن إسماعيل ببخارا، وعبد الله بن أبي عرابة بالشاش
…
وكان من حفظه أنه كتب مع رفيق له في الرحلة ووقع سماع إبراهيم في كتب ذلك الرفيق، وتوفي ذلك الرجل ودفنت كتبه، فقدم إبراهيم بن خالد فطلب الرجل فصادفه ميتا وكتبه مدفونة، فقعد ونسخ
مات سنة خمسين.
59-
إبراهيم بن زياد البغداديّ الصّائغ [1] .
عن: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وابن عُلَيَّة.
وعنه: أبو حاتم الرازيّ، وابن صاعد، وداود بن سليمان، وغيرهم.
وكان ثقة.
60-
أمّا إبراهيم بن زياد البغداديّ الخيّاط [2] .
عن شَرِيك، وجماعة، فشيخٌ أقدم من هذا. كتب عنه أبو حاتم أيضا.
61-
إبراهيم بن سعيد الجوهريّ [3]- د. ت. ن. ق. -
[ () ] تلك الكتب كلها من حفظه، واشترى كتب ابن عون بعد موته، وكان يلقّب إبراهيم بالبطيطي، واشتهر بالعراق بهذا اللقب.
[1]
انظر عن (إبراهيم بن زياد الصائغ) في:
الجرح والتعديل 2/ 100، 101 رقم 278.
[2]
انظر عن (إبراهيم بن زياد الخياط) في:
الجرح والتعديل 2/ 101 رقم 279، والثقات لابن حبّان 8/ 72، وتاريخ بغداد 6/ 76 رقم 383.
[3]
انظر عن (إبراهيم بن سعيد الجوهري) في:
المعرفة والتاريخ للفسوي 1/ 504، وعمل اليوم والليلة للنسائي 221 رقم 180، ورقم 194، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 160، 353 و 3/ 20، 62، 90، وتاريخ الطبري 1/ 135 و 2/ 236، 293، 393 و 3/ 27، 217، والجرح والتعديل 2/ 104 رقم 294، والثقات لابن حبّان 8/ 83، وتاريخ بغداد 6/ 93- 95 رقم 3127، وموضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 389- 391، وتاريخ جرجان للسهمي 174، 542، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 213، 214، والأنساب لابن السمعاني 9/ 428، ومعجم البلدان 1/ 254، والمعجم المشتمل لابن عساكر 66 رقم 109، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 145، 264، وفتوح البلدان 176، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 94 رقم 93، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 95- 98 رقم 176، وميزان الاعتدال 1/ 35، 36 رقم 99، والكاشف 1/ 37 رقم 139، ودول الإسلام 1/ 148، وسير أعلام النبلاء 12/ 149- 151 رقم 53، وتذكرة الحفاظ 2/ 515، 516، والعبر 1/ 448، ومرآة الجنان 2/ 154، والوافي بالوفيات رقم 2431، 5/ 354، وغاية النهاية 1/ 15، وتهذيب التهذيب 1/ 123- 125 رقم 27، وتقريب التهذيب 1/ 35 رقم 204، وطبقات الحفاظ 225، وخلاصة تذهيب التهذيب 17، وشذرات الذهب 2/ 113.
أبو إسحاق البغداديّ. طبريّ الأصل، صاحب حديث.
سمع: سُفْيان بن عُيَيْنَة، وعبد الوهّاب الثّقفيّ، وابن فُضَيْل، ووَكِيعا، وأبا ضَمْرة، وأبا أُسامة، وأبا معاوية، وطائفة.
وعنه: الجماعة سوى البخاريّ، وأبو الْجَهْم المَشْغَرانيّ، وابن جَوْصا، وأبو طاهر الحسن بن فِيل، وأبو عَرُوبة الحَرَّانيّ، ومحمد بن عليّ الحكيم التِّرْمِذيّ، ويحيى بن صاعد، وخلق.
وروى النَّسائيّ في كتاب، خصائص علي رضي الله عنه، عن زكريّا السِّجْزِيّ، عنه، وقال: هو ثقة [1] .
وقال عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر بْن خاقان السُّلَميّ: سَأَلت إبراهيم بْن سَعِيد الْجُوهريّ، عن حديثٍ لأبي بَكْر الصِّدّيق فقال: فقال لجاريته: أخرجي لي الجزء الثالث والعشرين من مُسْنَد أبي بَكْر.
فقلت له: لا يصحّ لأبي بَكْر خمسون حديثًا، من أَيْنَ ثلاثة وعشرون جزءًا؟
فقال: كلّ حديث لا يكون عندي من مائة وجهٍ، فأنا فِيهِ يتيم [2] .
قال الخطيب [3] : كان مكثرًا ثقة ثبتًا، صنَّف «المُسْنَد» .
وقال إبراهيم الهَرَويّ: كان أبوه ثقة محتشمًا نبيلا، حجّ مرةً، فحجّ معه أربعمائة نفس، منهم هُشَيْمٌ، وإسماعيل بْن عيّاش، وكنتُ أنا منهم [4] .
اختلف في موت إبراهيم، فقيل: سنة أربع، وقيل سنة سبْعٍ، وقيل: سنة تسعٍ وأربعين، وقيل: سنة ثلاثٍ وخمسين [5] .
مات بعَيْن زَرْبَة مُرابَطا، رحمه الله. وكان حَجّاج بن الشّاعر يليّنه بلا حُجّة.
[1] تاريخ بغداد 6/ 95، تهذيب الكمال 2/ 97.
[2]
تاريخ بغداد 6/ 94، تهذيب الكمال 2/ 97.
[3]
في تاريخه 6/ 93.
[4]
تاريخ بغداد 6/ 94.
[5]
المعجم المشتمل، تاريخ بغداد، وفي ثقات ابن حبّان: مات بعد سنة خمسين ومائتين.
62-
إبراهيم بن سفيان الزّياديّ [1] .
اللُّغَويّ النَّحْويّ، أحد أئمّة العربيّة بالعراق.
أخذ عن: الأصمعيّ، وغيره.
وهو من ولد زياد بن أبيه أمير الكوفة. ذكره يعقوب بن السكّيت فقال: هو نسيج وحده [2] .
قلت: وقد ذكره الوزير ابن القفطي في «تاريخ النُّحاة» [3] .
63-
إبراهيم بْن سلام [4] .
أبو إسحاق الْمَكِّيّ، مَوْلَى بْني هاشم.
روى عن: الدَّرَاوَرْديّ، والفُضَيل، وسعيد بن سالم القدّاح، ويحيى بن سليم.
وعنه: أبو الأحوص العكبري، وابن صاعد، وابن خزيمة.
قال أبو أحمد الحاكم: ربما روى ما لا أصل له.
64-
إبراهيم بن العبّاس بن محمد بن صول [5] .
[1] انظر عن (إبراهيم بن سفيان) في:
وفيات الأعيان 3/ 42 و 7/ 54، وطبقات النحويين واللغويين للزبيدي 769 وأخبار النحويين للسيرافي 88، 89، ومراتب النحويين 122، ونزهة الألبّاء 269، وإنباه الرواة 1/ 166، 167 رقم 97، ومعجم الأدباء 1/ 158- 161، والفهرست 58، والأنساب لابن السمعاني 283 أ، وتلخيص ابن مكتوم 29، واللباب 1/ 515، وطبقات النحويين لابن قاضي شهبة 1/ 169، 170، والمزهر 2/ 408، وبغية الوعاة 181، وكشف الظنون 501، 1427، 1467.
[2]
إنباه الرواة 1/ 166، وذكر ياقوت أن وفاته كانت سنة 249 هـ.
[3]
هو: إنباه الرواة على أنباه النحاة 22، حقّقه محمد أبو الفضل إبراهيم، وصدر عن دار الكتب المصرية في أربعة أجزاء 1369 هـ. / 1950 م.
[4]
انظر عن (إبراهيم بن سلام) في:
المغني في الضعفاء 1/ 16 رقم 91، وميزان الاعتدال 1/ 36 رقم 102، ولسان الميزان 1/ 64 رقم 160.
[5]
انظر عن (إبراهيم بن العباس) في:
تاريخ الطبري 7/ 511، وتاريخ بغداد 6/ 117، 118 رقم 3147، والأنساب لابن السمعاني 8/ 112، وذم الهوى لابن الجوزي 83، والكامل في التاريخ 7/ 83، ومرآة الجنان 2/ 143، 144، والبداية والنهاية 10/ 344، 345، والمختصر في أخبار البشر 2/ 40، وتاريخ ابن الوردي 1/ 227، والوافي بالوفيات 6/ 24 رقم 2456.
مولى يزيد بن المهلَّب بن أبي صُفْرة، أبو إسحاق الصُّوليّ البغداديّ الأديب، أحد الشّعراء المشهورين والكُتّاب المذكورين.
له ديوان مشهور، وكان جدّه صول المجوسيّ ملك جُرْجان، فأسلم على يد يزيد [1] .
سمع الصُّوليّ من: عليّ بن موسى الرضا.
روى عنه: أبو العبّاس ثعلب، وغيره.
وكان موصوفا بالبلاغة والبراعة والنَّظْم والشِّعْر.
قال دِعْبِل الخُزاعيّ: لو تكسّب إبراهيم بْن الْعَبَّاس بالشِّعْر لَتَرَكَنَا فِي غير شيء.
ومن نثْره عن الخليفة: أمّا بعد، فإنّ أمير المؤمنين.
أناةً فإنْ لم تُغْن أعقَب بعدها
…
وعبدًا فإن لم يُغْن أغنت عزائمه
والسلام.
تُوُفّي في شَعْبان سنة ثلاث وأربعين بسامَرّاء.
65-
إبراهيم بن عبد الله المَرْوَزِيّ الخلال [2]- ن. - عن: عبد الله بن المبارك.
وعنه: ن.، والحَسَن بْن سُفْيان، وعبد اللَّه بْن محمد المَرْوَزيّ.
وثقة ابن حبان [3] .
وتوفي سنة إحدى وأربعين.
66-
إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهرويّ [4]- ت. ق. -
[1] أي: يزيد بن المهلّب، كما في: تاريخ بغداد 6/ 117.
[2]
انظر عن (إبراهيم بن عبد الله المروزي) في:
أخبار القضاة لوكيع 2/ 220، 379، 424، والثقات لابن حبّان 8/ 75، والمعجم المشتمل 66/ 110، وتهذيب الكمال 2/ 119 رقم 189، والكاشف 1/ 39 رقم 150، وتهذيب التهذيب 1/ 132 رقم 234، وتقريب التهذيب 1/ 37 رقم 218، وخلاصة تذهيب التهذيب 18.
[3]
بذكره في ثقاته.
[4]
انظر عن (إبراهيم بن عبد الله الهروي) في:
أبو إسحاق الحافظ، نزيل بغداد.
سمع: إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي الزِّناد، وهُشَيما، وعبد العزيز الدَّرَاوَرْديّ، وطبقتهم.
وعنه: ت. ق.، وابن أَبِي الدُّنيا، وجعفر الفريابي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن فرج المقرئ، وأحمد بن الحسين الصوفي، وموسى بن هارون، وخلق سواهم.
وكان صالحا زاهدا متعففا دائم الصيام، إلا أن يدعوه أحد فيُفْطِر [1] .
وكان من أعلم النّاس بحديث هُشَيْم، وأثبتهم فيه.
قَالَ الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ: نا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نا إِسْمَاعِيلُ، عَنِ الْعَلاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لا عَدْوَى وَلا هَامَةَ وَلا نَوَّ وَلا صَفَرَ» [2] نَوٌّ: مِنَ الأَنْوَاءِ.
قال صالح جَزَرَة عَنْهُ: ما مِن حديث هُشَيْمٌ إلا وقد سمعه عشرين مرّة وأكثر، وكنت أُوقفه. كنت سمعت منه مع سَعِيد الجوهريّ والد إبراهيم [3] .
قال صالح: أعلم الناس بحديث هُشَيْمٌ: عَمْرو بْن عون، وإبراهيم بن عبد الله الهَرَويّ [4] .
وقال ابن مَعِين: أصحاب هشيم محمد بن الصّبّاح الدّولابيّ، وإبراهيم
[ () ] معرفة الرجال برواية ابن محرز 1/ رقم 353 و 2/ رقم 580، وأخبار القضاة لوكيع 1/ 186، والجرح والتعديل 2/ 109 رقم 320، والثقات لابن حبّان 8/ 78، وتاريخ بغداد 6/ 118- 120 رقم 3148، والمعجم المشتمل لابن عساكر 66، 67 رقم 111، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 119- 123 رقم 190، وميزان الاعتدال 1/ 39 رقم 121، والكاشف 1/ 39 رقم 151، والوافي بالوفيات 6/ 28 رقم 2457، وتهذيب التهذيب 1/ 132، 133 رقم 235، وتقريب التهذيب 1/ 37 رقم 219 وفيه:«ابن أبي حاتم» ، وخلاصة تذهيب التهذيب 18.
[1]
تاريخ بغداد 6/ 120 وزاد: «وكان أكولا» ، وكان يأكل حملا وحده» .
[2]
تاريخ بغداد 6/ 118.
[3]
تاريخ بغداد 6/ 118.
[4]
تاريخ بغداد 6/ 118.
الهَرَويّ، وإبراهيم أحسنهما [1] .
وقال أبو دَاوُد: إبراهيم بْن عبد الله الهَرَويّ ضعيف [2] .
وقال النَّسائيّ: لَيْسَ بالقويّ [3] .
تُوُفّي فِي رمضان سنة أربعٍ وأربعين، عن بضع وتسعين سنة [4] .
67-
إبراهيم بن عبد الله بن خالد المِصِّيصيّ [5] .
عن: وَكِيع بن الجرّاح، والحارث بن عطيّة، وحَجّاج الأعور.
وعنه: عُبَيْد بن الهيثم الحلبيّ، وعلي بن موسى الرَّبعيّ.
ضعّفه ابن حِبّان [6] ، وغيره [7] . وله عجائب.
[1] تاريخ بغداد 6/ 119.
[2]
تاريخ بغداد 6/ 119.
[3]
تاريخ بغداد 6/ 119.
[4]
وكان مولده سنة 148 هـ. (الثقات لابن حبّان، المعجم المشتمل) .
وسئل ابن معين عن إبراهيم بن حاتم الهروي، فقال: لا بأس به. (معرفة الرجال برواية ابن محرز 1/ 92 رقم 353 و 2/ 177 رقم 580.
وقيل لابن معين: عمّن نكتب حديث هشيم؟ قال: عن إبراهيم الهروي وسريج بن يونس.
وقال عليّ بن الحسين بن حِبّان: وجدتُ في كتاب أبي بخط يده: سألت أبا زكريا- وهو يحيى بن معين- قلت: اختلف محمد بن الصباح والهروي في حديث عن هشيم، لمن يقضى منهما؟
قال: حتى يجيء ثالث. قلت: ليس ثالث. قال: ينظر في الحديث إن كان حدّث به غير هشيم إنسان فكان الصواب في يد أحدهما كان القول قوله. قلت: فإن كان لم يحدّث به أحد غير هشيم؟ قال: كان الهروي أكيسهما وأيقظهما، ومحمد بن الصبّاح ثقة.
وقال أبو علي صالح بن محمد: صدوق.
وقال إبراهيم بن إسحاق الحربي: كان إبراهيم الهروي حافظا متقنا تقيّا، ما كان هاهنا أحد مثله. (تاريخ بغداد) .
[5]
انظر عن (إبراهيم بن عبد الله المصّيصي) في:
المجروحين والضعفاء لابن حبّان 1/ 116، 117، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 40 رقم 80، وميزان الاعتدال 1/ 40 رقم 117، والمغني في الضعفاء 1/ 18 رقم 109، والكشف الحثيث 41، 42 رقم 13، ولسان الميزان 1/ 71، 72 رقم 192.
[6]
فقال: «يسوّي الحديث ويسرقه ويروي عن الثقات ما ليس من أحاديثهم، يقلب حديث الزبيدي عن الزهري، على الأوزاعي، وحديث الأوزاعي عن مالك، وحديث زياد بن سعد على يعقوب بن عطاء، وما يشبه هذا (المجروحون 1/ 116) .
[7]
وقال الذهبي: متروك متّهم. (المغني في الضعفاء) .
68-
إبراهيم بن عبد الله بن صَفْوان النَّصْريّ الدّمشقيّ الحمّاد [1] .
عمّ الحافظ أبي زُرْعة.
روى عن: ابن وهْب، وضَمْرة بن ربيعة، والهيثم بن عِمران.
روى عنه: أبو زُرْعة، وولده محمود بن أبي زُرْعة، وسليمان بن محمد الخُزاعيّ، وآخرون.
69-
إبراهيم بن عبد الله بن المُنذر الباهليّ الصَّنْعانيّ [2]- ت. - روى عن: وَكِيع، وَيَعْلَى بن عُبَيْد، والمقرئ، وعبد الرّزّاق.
وعنه: ت.، ومحمد بن إسماعيل السّلميّ الترمذي.
70-
إبراهيم بن عبد الرحمن بن أبي الفياض [3] .
أبو إسحاق البرقي الفقيه.
يروى عن: ابن وهْب، وأشهب.
أخذ النّاس عنه بمصر.
ومات سنة خمس وأربعين.
قال ابن يونس: له مناكير.
71-
إبراهيم بن عَوْن بن راشد [4] .
أبو إسحاق السّعديّ الأصبهانيّ المدينيّ.
[1] انظر عن (إبراهيم بن عبد الله بن صفوان) في:
تهذيب تاريخ دمشق 2/ 226.
[2]
انظر عن (إبراهيم بن عبد الله بن المنذر) في:
المعجم المشتمل لابن عساكر 67 رقم 113، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 130، 131 رقم 199، والكاشف 1/ 41 رقم 160، وتهذيب التهذيب 1/ 137 رقم 244، وتقريب التهذيب 1/ 38 رقم 228، وخلاصة تذهيب التهذيب 19.
[3]
انظر عن (إبراهيم بن عبد الرحمن) في:
الإكمال لابن ماكولا 1/ 481، والأنساب لابن السمعاني 2/ 159، ولسان الميزان 1/ 76 رقم 206 و 1/ 92 رقم 263.
[4]
انظر عن (إبراهيم بن عون) في:
ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم 1/ 173، 174، وطبقات المحدّثين بأصبهان لأبي الشيخ 2/ 277- 279 رقم 173.
سمع: ابن عُيَيْنَة، وَوَكِيعا، وعُبَيْد الله بن موسى.
وعنه: محمد بن أحمد الأبْهَريّ، ومحمد بن أحمد بن يزيد.
قال أبو نُعَيْم الحافظ [1] : كان من خيار النّاس [2] .
72-
إبراهيم بن عيسى الأصبهانيّ الزّاهد [3] .
صاحب معروف الكَرْخيّ.
روى عن: شَبّابة بن سَوّار، وأبي داود الطَّيالِسيّ.
وعنه: أحمد بن محمد البزّاز.
قال أبو الشّيخ [4] : كان [خيرا] عابدا فاضلا، لم يكن بإصبهان في زمانه مثله [5] .
ومن دعائه: اللَّهمّ إن كنت مدخلي النّار فعظّم خلقي [6] فيها حتّى لا يكون لأمّة محمد صلى الله عليه وسلم فيها موضعًا [7] .
ومن الرُّواة عَنْهُ: النَّضْر بْن هشام.
تُوُفّي سنة سبعٍ وأربعين [8] .
وقيل: إن أَبَا الْعَبَّاس بْن مسروق رَأَى هذا يمشى على الماء [9] .
73-
إبراهيم بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب التّميميّ [10] .
[1] وزاد: توفي بعد سنة أربع وأربعين ومائتين.
[2]
وقال أبو الشيخ: كان فاضلا خيّرا، ولم يخرّج له كثير حديث.
[3]
انظر عن (إبراهيم بن عيسى) في:
الجرح والتعديل 2/ 117، وحلية الأولياء لأبي نعيم 10/ 393، 672، وذكر أخبار أصبهان، له 1/ 180، وطبقات المحدّثين بأصبهان لأبي الشيخ 2/ 341- 349 رقم 207، ولسان الميزان 1/ 88 رقم 252.
[4]
في طبقات المحدّثين 2/ 341 والزيادة منه.
[5]
وزاد أبو الشيخ: «لم يخرّج حديثه، وما رأينا أحدا حدّث عنه إلّا أبو العباس البزّار أحاديث يسيرة» .
[6]
هكذا في الأصل وطبقات المحدّثين. وفي حلية الأولياء: «خلقتي» .
[7]
حلية الأولياء 10/ 393، طبقات المحدّثين 2/ 341، 342.
[8]
ورّخه أبو نعيم في: ذكر أخبار أصبهان 1/ 180، وأبو الشيخ في طبقات المحدّثين 1/ 341.
[9]
وقال أبو نعيم: «كان من العبّاد والفضلاء لم يخرّج حديثه لإقباله على التعبّد» .
[10]
انظر عن (إبراهيم بن محمد بن الأغلب) في:
أمير القيروان، وابن أمرائها، أبو أحمد.
كان حسن السّيرة، كثير العطاء، ميمون الطَّلْعة.
بنى بإفريقيّة حصونا كثيرة منيعة، واشترى العبيد والسّلاح. وأمِنت البلاد في أيّامه.
مات في ذي القعدة سنة تسعٍ وأربعين. وبعده ولي زيادة الله ابنه.
74-
إبراهيم بن محمد بن عبد الله [1]- د. ن. - أبو إسحاق التّيميّ المعمريّ. قاضي البصْرة.
ثقة.
عن: ابن عُيَيْنَة، ويحيى القطّان، وابن داود الخُرَيْبيّ.
وعنه: د. ن. [2] ، وأبو حامد الحضرميّ، وابن دُرَيْد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ.
تُوُفّي في ذي الحجّة سنة خمسين.
وكان من كبار العلماء.
75-
إبراهيم بن محمد بن يوسف بن سرج الفريابي [3]- ق. - نزيل القدس. ما هو بابن صاحب الثَّوريّ.
سمع: الوليد بن مسلم، وضّمرة بن ربيعة، وأيّوب بن سُوَيْد.
وعنه: ق.، وأبو بكر بن أبي عاصم، والفِرْيابيّ، وابن قُتَيْبة العسقلانيّ، وبِقَيّ بن مخلد، وخلق.
[ () ] الوافي بالوفيات 6/ 104 رقم 2535.
[1]
انظر عن (إبراهيم بن محمد بن عبد الله) في:
الجرح والتعديل 2/ 131 رقم 413، والمعجم المشتمل لابن عساكر 68 رقم 118، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 176- 178 رقم 232، وتهذيب التهذيب 1/ 155 رقم 278، وتقريب التهذيب 1/ 42 رقم 263، وخلاصة تذهيب التهذيب 21.
[2]
المعجم المشتمل.
[3]
انظر عن (إبراهيم بن محمد بن يوسف) في:
الجرح والتعديل 2/ 131 رقم 412، والثقات لابن حبّان 8/ 77، وتاريخ جرجان للسهمي 33، والأنساب لابن السمعاني 9/ 293، والمعجم المشتمل لابن عساكر 69 رقم 120، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 191- 193 رقم 237، والكاشف 1/ 47 رقم 197، وتهذيب التهذيب 1/ 161 رقم 285، وتقريب التهذيب 1/ 42 رقم 27 وفيه:«سريج» ، وخلاصة تذهيب التهذيب 21 وفيه:«سريج» .
قال أبو حاتم [1] : صدوق.
76-
إبراهيم بن المستمرّ [2] .
أبو إسحاق البصْريّ العُرُوقيّ.
عن: أبيه، وأبي داود، وأبي عامر العقديّ، وجماعة.
وعنه: د. ن. [3] ق.، وأبو عيسى التِّرْمِذيّ في «الشّمائل» ، وأبو بكر بن خُزَيْمة، وخلق كثير.
وكان أحد الثّقات [4] .
77-
إبراهيم بن مكتوم المَصَاحِفيّ [5] .
حدَّث بالبصرة في هذا الوقت عن: أبي داود الطَّيالِسيّ، وعبد الصّمد بْن عَبْد الوارث.
وعنه: ابن صاعد، وأبو رَوْق الهِزّانيّ.
وكان صدوقا.
78-
إبراهيم بن هارون البلخي العابد [6]- ن. - عن: حامد بن إسماعيل، وداود بن الجّراح.
[1] الجرح والتعديل 2/ 131.
[2]
انظر عن (إبراهيم بن المستمر) في:
عمل اليوم والليلة للنسائي 288 رقم 340، والجرح والتعديل 2/ 140 رقم 455، والثقات لابن حبّان 8/ 81، والمعجم المشتمل لابن عساكر 70 رقم 125، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 201- 203 رقم 247، والكاشف 1/ 48 رقم 206، وتهذيب التهذيب 1/ 164 رقم 295، وتقريب التهذيب 1/ 43 رقم 279، وخلاصة تذهيب التهذيب 22.
[3]
وقال: صدوق، وقال أيضا: صويلح. (المعجم المشتمل) .
[4]
ذكره ابن حبان في الثقات وقال: «ربما أغرب» .
[5]
انظر عن (إبراهيم بن مكتوم) في:
الجرح والتعديل 2/ 139 رقم 452، والثقات لابن حبّان 8/ 84.
[6]
انظر عن (إبراهيم بن هارون) في:
المعجم المشتمل لابن عساكر 71 رقم 130، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 230 رقم 262، والكاشف 1/ 50 رقم 217، وتهذيب التهذيب 1/ 176 رقم 321، وتقريب التهذيب 1/ 45 رقم 298، وخلاصة تذهيب التهذيب 23.
وعنه: ن. [1] ، والتِّرْمِذيّ في «شمائله» ، ومحمد بن عليّ التِّرْمِذيّ الحكيم، ومحمد بن عليّ بن طرْخان.
79-
إبراهيم بن هاشم بن عُبَيْد الله.
أبو إسحاق بن أبي صالح الثَّقفيّ المَرْوَزيّ، قاضي نَيْسابور.
عن: النَّضْر بن شُمَيْل، ورَوْح بن عُبادة.
وكان قَدَريّا.
روى عنه جماعة.
مات سنة ستِّ وأربعين.
80-
إبراهيم بن الإمام يحيى بن المبارك اليَزِيديّ [2] .
العلامة أبو إسحاق. بصْريّ نزل بغداد. وكان رأسا في الأدب.
سمع من: الأنصاريّ، والأصمعيّ.
وله مصنَّف يَفتخر به اليزيديّون، وهو «ما اختلف مَعْناه واتّفق لفظه» ، نحو من سبعمائة ورقة [3] .
يرويه عنه: عبد الرحمن بن عبد المؤمن، وجماعة.
81-
إبراهيم بن يوسف الحضْرميّ الكِنْديّ الكوفيّ الصَّيْرفيّ [4] .
عن: حفص بن غِياث، وأبي بكر بن عيّاش.
وعنه: ابن صاعد، وقاسم المطرّز، وعليّ التّابعيّ.
[1] وقال: ثقة. (المعجم المشتمل) .
[2]
انظر عن (إبراهيم بن الإمام يحيى) في:
الأغاني 18/ 87، وتاريخ بغداد 6/ 209، 210 رقم 3264، ومعجم الأدباء 2/ 97، وتهذيب تاريخ دمشق 2/ 308، ونور القبس 89، وإنباه الرواة 1/ 189، ونزهة الألبّاء 103، والوافي بالوفيات 6/ 165، 166 رقم 2616، وغاية النهاية 1/ 29، وبغية الوعاة 189.
[3]
تاريخ بغداد 6/ 209.
[4]
انظر عن (إبراهيم بن يوسف الحضرميّ) في:
الجرح والتعديل 2/ 148 رقم 489، والثقات لابن حبّان 8/ 75، والمعجم المشتمل 71 رقم 133، وتهذيب الكمال 2/ 255، 256 رقم 272، وميزان الاعتدال 1/ 76، 77 رقم 260، وذيل الكاشف 36، 37 رقم 35، وتهذيب التهذيب 1/ 185 رقم 336، وتقريب التهذيب 1/ 47 رقم 307، وخلاصة تذهيب التهذيب 24.
وثّقة ابن حِبّان [1] .
مات سنة تسعٍ وأربعين [2] .
82-
أزهر بن مروان الرّقاشيّ البصريّ النّواء [3]- ت. ق. - يلقّب فريخ.
عن: حمّاد بن زيد، وعبد الوارث، والحارث بن نبهان، ومحمد بن سواء.
وعنه: ت. ق.، وعبدان، وأبو بكر بن أبي عاصم، وموسى بن هارون.
تُوُفّي سنة ثلاثٍ وأربعين [4] .
83-
إسحاق بن أبي إسرائيل إبراهيم بن كامَجْر المَرْوَزِيّ [5]- د. ن. - نزيل بغداد أبو يعقوب الحافظ.
عن: شَرِيك، وحمّاد بن زيد، وكثير بن عبد الله الأيْليّ، وخلْق.
ورأى زائدة.
[1] في ثقاته 8/ 75.
[2]
الثقات، المعجم المشتمل.
[3]
انظر عن (أزهر بن مروان) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 68، والجرح والتعديل 2/ 315 رقم 1190، والثقات لابن حبّان 8/ 132، وموضح أوهام الجمع والتفريق 1/ 466، والمعجم المشتمل لابن عساكر 72 رقم 137، وتهذيب الكمال للمزّي 2/ 330 رقم 312، والكاشف 1/ 56 رقم 258، وتهذيب التهذيب 1/ 205، 206 رقم 287، وتقريب التهذيب 1/ 52 رقم 353، وخلاصة تذهيب التهذيب.
[4]
ذكره ابن حِبان في الثقات وقال: مستقيم الحديث.
[5]
انظر عن (إسحاق بن أبي إسرائيل) في:
الطبقات الكبرى لابن سعد 7/ 353، والمحبّر لابن حبيب 478، والتاريخ الكبير للبخاريّ 1/ 380، والتاريخ الصغير، له 2/ 381، والأدب المفرد، رقم 1229، وتاريخ الطبري 1/ 343 و 5/ 501 و 622 و 8/ 637، 645 و 9/ 213، والكنى والأسماء للدولابي 2/ 158، والجرح والتعديل 2/ 210 رقم 715، والثقات لابن حبّان 8/ 116، 117، وتاريخ أسماء الثقات لابن شاهين 63 رقم 762 وتاريخ بغداد 6/ 356- 365 رقم 3383، وموضح أوهام الجمع 1/ 425- 428، وتاريخ جرجان للسهمي 358، 359، 519، والمعجم المشتمل 74 رقم 142، والكامل في التاريخ 7/ 88، وتهذيب الكمال 2/ 398- 407 رقم 338، والعبر 1/ 444، وميزان الاعتدال 1/ 182، رقم 732 وفيه «كامجرا» ، والمعين في طبقات المحدّثين 83 رقم 897، ودول الإسلام 1/ 148، وسير أعلام النبلاء 11/ 476- 478 رقم 124، وتذكرة الحفاظ 2/ 484- 486، والبداية والنهاية 10/ 346، وتهذيب التهذيب 1/ 223، 224 رقم 415، وتقريب التهذيب 1/ 55 رقم 3810، وخلاصة تذهيب التهذيب 27.
وعنه: د.، ون. بواسطة، وهارون الحمّال، والبخاريّ في كتاب الأدب، وابن ناجية، وأبو بكر أحمد بن علي المروزي، وأبو يعلى الموصلي، وأحمد بن القاسم أخو أبي اللّيث الفرائضيّ، وأبو العبّاس السّرّاج، وخلْق.
وروى قراءة عليّ بن ضمرة الكِسائيّ، عنه. وقرأه ابن عامر، عن الوليد بن مَسْلَمَة، عن الذّماريّ، عنه.
قَالَ أحمد بن زُهير، عن ابن مَعِين: ثقة [1] .
وقال عثمان الدّارِميّ، عن ابن مَعِين: ثقة [2] .
ثُمَّ قال عثمان: لم يكن عثمان أظهر الوقف حين سَأَلت ابن مَعِين عَنْهُ [3] .
وقال أبو القاسم البَغَويّ: كان ثقة مأمونًا، إلا أنّه كان قليل العقل [4] .
وقال صالح جَزَرَة: صدوق، إلا أنّه كان يقول: القرآن كلام اللَّه، ويقف [5] .
وقال السّرّاج: سمعتُ إسحاق بْن أَبِي إسرائيل يقول: هؤلاء الصِّبيان يقولون: كلام اللَّه غير مخلوق. ألا قَالُوا كلام اللَّه وسكتوا. ويشير إلى دار أحمد بْن حنبل [6] .
قال إسحاق بْن دَاوُد: قال أحمد بْن حنبل: تجَّهمَ ابن أبي إسرائيل بعد تسعين سنة. فقال محمد بْن يحيى الْمَكِّيّ: ذكرتُ لأبي عبد الله إسحاقَ بْنَ أبي إسرائيل فقال: ذاك أحمق.
وقال إسحاق بْن إبراهيم بْن هانئ: سمعتُ أَبَا عبد الله أحمد بْن حنبل، ذَكَر ابن أبي إسرائيل فقال: بعد طلبه للحديث وَكَثْرة سماعه شكَّ، فصار ضالّا شكّاكا.
[1] تاريخ أسماء الثقات 63 رقم 62، تاريخ بغداد 6/ 358.
[2]
تاريخ بغداد 6/ 359.
[3]
تاريخ بغداد 6/ 359 وزاد: وهذه الأشياء التي ظهرت عليه بعد، ويوم كتبنا عنه كان مستورا.
[4]
تاريخ بغداد 6/ 361.
[5]
تاريخ بغداد 6/ 360.
[6]
تاريخ بغداد 6/ 360.
وقال أبو حاتم الرّازّي [1] : كتبتُ عَنْهُ فوقفَ فِي القرآن، فوقفنا عَنْ حديثه.
وقد تركه النّاس حَتَّى كنت أمُرُّ بمسجده وهو وحيد لا يقربه أحد، بعد أن كان النّاس إليه عُنقًا واحدا.
قال شاهين بْن السَّمِيدَع العَبْديّ: سمعت أحمد بْن حنبل يقول:
إسحاق بن أبي إسرائيل واقفيّ مشئوم، إلا أنّه صاحب حديثٍ كيس [2] .
وقال زكريا السّاجيّ: وتركوا إسحاق بن أبي إسرائيل لموضع الوقف، وكان صدوقًا [3] /.
وقال الْحُسَيْن بْن إسماعيل الفارسيّ: سَأَلت عَبْدُوس بْن عبد الله النَّيسابوريّ عن إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: كان حافظًا جدًا ولم يكن مثله فِي الحفظ والورع.
فقلت: كان يُتَّهم بالوقف؟
قال: نعم [4] .
وقال أحمد بْن أبي خيثمة: قال لي مُصْعَب الزُّبَيريّ: نَاظَرَني إسحاق بْن أبي إسرائيل فقال: لا أقول كذا ولا أقول غير ذا، يعني فِي القرآن. فناظَرْتُه فقال: لم أقل فِي الشّك ولكنّي أسكت كما سكت القومُ قبلي [5] .
وقال مُوسَى بْن هارون: مولده سنة خمسين ومائة.
وقال الْبُخَارِيّ، وأحمد بْن عُبَيْد اللَّه الثقفي، وابن قانع: مات سنة خمسٍ وأربعين ومائتين [6] .
زاد ابن قانع: في شعبان [7] .
[1] الجرح والتعديل 2/ 210.
[2]
تاريخ بغداد 6/ 359، 360.
[3]
تاريخ بغداد 6/ 360.
[4]
وزاد: اتّهم ولم يكن بمتّهم. (تاريخ بغداد 6/ 360) .
[5]
تاريخ بغداد 6/ 361.
[6]
الثقات 8/ 117، المعجم المشتمل.
[7]
تاريخ بغداد 6/ 362.
وقال البَغَويّ، وعليّ بن أحمد بن النَّضْر: مات سنة ست [1] .
زاد البَغَويّ: في شَعْبان بسامرّاء.
وقع لي من عوالي ابن أبي إسرائيل.
84-
إسحاق بن إبراهيم بن داود البصْريّ السَّوّاق [2]- ق. - عن: يحيى القطّان، وعبد الرحمن بن مهديّ، وأبي عاصم.
وعنه: ق.، والفضل بن الحسن الأهوازيّ، وعبد الرَّحْمَن بْن محمد بْن حمّاد الطّهْرانيّ.
85-
إسحاق بن الأخيل الحلبي [3] .
عن: مبشر بْنُ إِسْمَاعِيلَ، وَعُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الطَّرَائِفِيُّ، وجماعة.
وعنه: أبو بكر بن أبي داود.
86-
إسحاق بْن مُوسَى بْن عَبْد اللَّه بْن مُوسَى بْن عَبْد الله بن يزيد الأنصاريّ الخطميّ [4]- د. ت. ن. ق. - أبو موسى المدنيّ الفقيه، نزيل سامرّاء. ثمّ قاضي نيسابور.
[1] تاريخ بغداد، وقيل 242 هـ. (المعجم المشتمل) .
[2]
انظر عن (إسحاق بن إبراهيم) في:
المعجم المشتمل 73 رقم 139، وتهذيب الكمال 2/ 363 رقم 325، وتهذيب التهذيب 1/ 213 رقم 400، وتقريب التهذيب 1/ 53 رقم 366، وخلاصة تذهيب التهذيب 26.
[3]
انظر عن (إسحاق بن الأخيل) في:
الجرح والتعديل 2/ 213 رقم 731 وفيه: «الأحبلي» بدل «الأخيل» ، وقال محقّقه في الحاشية رقم (3) :«كذا، ولم أجد هذا الرجل» .
[4]
انظر عن (إسحاق بن موسى) في:
أخبار القضاة لوكيع 1/ 177، 267 و 2/ 314، والجرح والتعديل 2/ 235 رقم 828، والثقات لابن حبّان 8/ 116، وتاريخ بغداد 6/ 355، 356 رقم 3382، والسابق واللاحق 266، والمعجم المشتمل 77 رقم 158، والكامل في التاريخ 7/ 86، وتهذيب الكمال 2/ 480- 483 رقم 385، والكاشف 1/ 65 رقم 323، وتذكرة الحفاظ 2/ 513، والمعين في طبقات المحدّثين 83 رقم 899، وسير أعلام النبلاء 11/ 554، 555 رقم 167، والعبر 1/ 442، والبداية والنهاية 10/ 346، والوافي بالوفيات 8/ 437 رقم 3899، وغاية النهاية 1/ 158، وتهذيب التهذيب 1/ 251 رقم 474، وتقريب التهذيب 1/ 61 رقم 438، وطبقات الحفاظ 223، 224، وخلاصة تذهيب التهذيب 30، وشذرات الذهب 2/ 105.
سمع: ابن عُيَيْنَة، وعبد السّلام بن حرب، ومعن بن عيسى، وجماعة.
وكان فاضلا صاحب سنة.
ذكره أبو حاتم الرازيّ وأطنبَ في الثّناء عليه [1] وروى عنه، وبَقِيّ بن مَخْلَد، والفِرْيابيّ، وابن خُزَيْمة، وابنه موسى بن إسحاق الخطْميّ.
قيل: إنّه تُوُفيّ بجوسية مِن أعمال حمص سنة أربع وأربعين [2] .
وثّقه النَّسائيّ [3] .
وكثيرًا ما يقول التِّرْمِذيّ: ثنا الْأَنْصَارِيّ. وهو هذا.
وقد تفرّد بحديث رواه عنه النّسائيّ، وابن ناجية، وطائفة. قال: ثنا معن، نا مالك، عن عبد الله بْن إدريس، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أبيه:
قال: بعث عُمَر إلى عبد الله بْن مَسْعُود، وإلى أبي الدَّرْداء، وإلى أبي مَسْعُود فقال: ما هذا الحديث الَّذِي تُكْثِرون عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ فحبسهم فِي المدينة حَتَّى استُشْهِد.
87-
إسحاق بن يوسف الْجُرْجانيّ الدَّيْلَمانيّ [4] .
سمع: ابن عُيَيْنَة، وحفص بن عمر العَدَنيّ.
وعنه: ابنه عبد الله، وعقيل بن يحيى.
وثّقة أبو نُعَيْم الأصبهانيّ.
ومات سنة خمسٍ وأربعين.
88-
إسماعيل بن بَهْرام الوشّاء الخزّاز الخِبْذَعِيّ الكوفيّ [5] .
[1] في صدقه وإتقانه. (الجرح والتعديل 2/ 235) .
[2]
الثقات 8/ 116، المعجم المشتمل.
[3]
فقال: لا بأس به. (المعجم المشتمل) .
[4]
انظر عن (إسحاق بن يوسف) في:
ذكر أخبار أصبهان لأبي نعيم 1/ 216.
ولم يذكره السهمي في تاريخ جرجان.
[5]
انظر عن (إسماعيل بن بهرام) في:
الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 416، والجرح والتعديل 2/ 161 رقم 540، والثقات لابن حبّان 8/ 100، وتاريخ جرجان للسهمي 367، 368، والسابق واللاحق للخطيب 344 رقم 1956،
سمع: عبد العزيز الدراوَرْديّ، ومعلَّى بن هلال، وعبيد الله الأشجعي.
وعنه: ق.، وبقيّ بن مَخْلَد، وأبو داود السجستاني، ومطَيَّن، والحسن بن سفيان.
قال أبو حاتم [1] : صدوق.
وقال غيره: مات سنة إحدى وأربعين [2] .
89-
إسماعيل بن تَوْبة الثَّقَفيّ الرّازيّ [3] .
نزيل قزوين، أحد الثِّقات الرّحّالة.
سمع: فُضَيْل بن عِياض، وإسماعيل بن جعفر، وخلف بن خليفة، وهشيم بن بشير.
وعنه: ق.، وَالحُسَيْن بن إِسْحَاق التُّسْتَريّ، وعبد الله بن وهب الدينوري، وأهل قزوين.
قال أبو حاتم [4] : صدوق [5] .
توفي سنة سبع وأربعين.
90-
إسماعيل بن حفص [6] .
[ () ] والإكمال لابن ماكولا 2/ 192، 193، والمعجم المشتمل 79 رقم 167، واللباب 1/ 418، وتهذيب الكمال 1/ 79 رقم 642، وميزان الاعتدال 1/ 224 رقم 859، والكاشف 1/ 71 رقم 363، وتقريب التهذيب 1/ 67 رقم 491، وخلاصة تذهيب التهذيب 33.
[1]
الجرح والتعديل 2/ 161.
[2]
السابق واللاحق 344، المعجم المشتمل 79.
[3]
انظر عن (إسماعيل بن توبة) في:
الجرح والتعديل 2/ 162 رقم 543، والثقات لابن حبّان 8/ 102، وتاريخ جرجان للسهمي 386، 510، والتدوين في أخبار قزوين للرافعي 2/ 290، 291، والمعجم المشتمل لابن عساكر 79 رقم 168، وتهذيب الكمال للمزّي 3/ 54- 56 رقم 431، والكاشف 1/ 71 رقم 364، وتهذيب التهذيب 1/ 286 رقم 530، وتقريب التهذيب 1/ 67 رقم 492، وخلاصة تذهيب التهذيب.
[4]
الجرح والتعديل 2/ 162.
[5]
وقال ابن حبّان: «مستقيم الحديث» .
[6]
انظر عن (إسماعيل بن حفص) في:
الجرح والتعديل 2/ 165، 166 رقم 556، والثقات لابن حبّان 8/ 102، والمعجم المشتمل 80 رقم 169، وتهذيب الكمال 3/ 62، 63 رقم 436، وميزان الاعتدال 1/ 227 رقم 864،
أبو بكر الأبلي البصري القطان [1] .
سمع: معتمر بن سليمان، وأبا بكر بن عياش، وطبقتهما.
وعنه: ن. ق.، وأبو بكر بن عاصم، وعَبْدان، وابن خُزَيْمَة، وجماعة.
91-
إسماعيل بن خزيمة بن المغيرة السلمي النيسابوري.
سمع من: عبد الرزاق، وغيره.
وعنه: ابن أخيه أبو بكر بن إسحاق، ومحمد بن ياسين بن النضر.
وكان ثقة.
92-
إسماعيل بن زياد البلخي الأزدي [2] .
عن: ضمرة بن ربيعة، وغيره.
مات سنة ست وأربعين [3] .
93-
إسماعيل بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ [4] .
أبو عبد الله، وأبو الحسن القرشي العبدري الرقي الفقيه المعروف بالسكري. قاضي دمشق.
[ () ] وتهذيب التهذيب 1/ 288، 289 رقم 538، وتقريب التهذيب 1/ 68 رقم 499، وخلاصة تذهيب التهذيب 33.
[1]
قال ابن حبّان: وهو الّذي يقال له: إسماعيل بن حفص بن عمرو بن ميمون. مات سنة ست وخمسين ومائتين أو قبلها أو بعدها بقليل. (الثقات 8/ 102) .
[2]
انظر عن (إسماعيل بن زياد) في:
التاريخ الكبير 1/ 355، والجرح والتعديل 2/ 170 رقم 572، والثقات لابن حبّان 8/ 105، والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 113 رقم 375، وميزان الاعتدال 1/ 231 رقم 853، ولسان الميزان 1/ 406 رقم 1282.
[3]
قال أبو حاتم: مجهول.
وقال ابن الجوزي: وجملة من يجيء في الحديث (إسماعيل بن زياد) سبعة، لا نعلم أنه طعن في غير هذين. فذكر البلخي، وإسماعيل بن زياد السكونيّ. (الضعفاء والمتروكين 1/ 113) .
[4]
انظر عن (إسماعيل بن عبد الله) في:
الجرح والتعديل 2/ 181 رقم 7614، والثقات لابن حبّان 8/ 109، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 26، وتهذيب الكمال 3/ 114- 119 رقم 456، وميزان الاعتدال 1/ 136 رقم 902، والكاشف 1/ 74 رقم 389، وتهذيب التهذيب 1/ 307، 308 رقم 564، وتقريب التهذيب 1/ 71 رقم 523، وخلاصة تذهيب التهذيب 34.
روى عن: عُبَيْد الله بن عَمْرو، وأبي المَلِيح الحَسَن بن عمر، وَيَعْلَى بن الأشدق، وابن المبارك، وأبي إسحاق الفزاريّ، وبقيّة، وعيسى بن يونس، وجماعة.
وعنه: ق.، وأبو يَعْلَى المَوْصِليّ، ومحمد بن هشام بن ملاس، ومحمد بن محمد الباغَنْديّ، وآخرون.
وثقة الدّار الدَّارَقُطْنيّ [1] .
وقال أبو حاتم [2] : صدوق.
قال ابن الفَيْض الدّمشقيّ: ولّي أحمد بْن أبي دؤاد على قضاء دمشق إسماعيل بْن عبد الله السّكّريّ في سنة ثلاث وثلاثين، فأقام قاضيا إلى أن وَلِيَ القضاء للمتوكّل يحيى بْن أكثم، فعزل إسماعيل محمد بْن هاشم بْن ميسرة [3] .
قلت: لم يذكره ابن عساكر فِي «شيوخ النُّبْل» ، وذكر بدله سميّه:
(إسماعيل بْن عبد الله بْن زرارة الرقي)[4]، وقال: رُوِيَ عَنْهُ ق.، وروي ن. عن رجلٍ، عَنْهُ.
قال لنا الحافظ أبو الحجاج: رُوِيَ ق. خمسة أحاديث قال فيها: ثنا إسماعيل بْن عبد الله الرقي، وإنما هُوَ السكري لا ابن زرارة. لأن ابن زرارة مات سنة تسع وعشرين، وإنما رحل بعد الثلاثين [5] .
قال إبراهيم بْن أيّوب الحَوْرانيّ: قلت لإسماعيل بْن عبد الله القاضي:
بَلَغَني أنّك كنت صوفيّا، مَن أَكَلَ من جُرابك كِسْرةً افتخر بها.
فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل [6] .
[1] تهذيب تاريخ دمشق 3/ 26.
[2]
الجرح والتعديل 2/ 181.
[3]
تهذيب الكمال 3/ 116.
[4]
المعجم المشتمل على ذكر أسماء شيوخ الأئمة النبل- ص 80، 81 رقم 173.
[5]
أي السّكّري، كما في: تهذيب الكمال 3/ 119.
[6]
تهذيب تاريخ دمشق 3/ 26.
وقال أبو الحَسَن عليّ بن الحسن بن علان الحرّانيّ [1] : مات إسماعيل بن عبد الله السُّكّريّ بعد الأربعين، وكان يُرمَى بالتّجهُّم [2] .
94-
إسماعيل بن عَمرو.
أبو محمد المصريّ الفقيه، صاحب أشهب.
يروى عن: ابن وهْب، وعبد الملك بن الماجِشُون، وغيرهما.
وروى عنه جماعة آخرهم عبد الحَكَم بن أحمد الصّدَفيّ.
تُوُفّي في رجب سنة ثمان وأربعين، قاله ابن يونس.
95-
إسماعيل بن الفضل [3] .
أبو إبراهيم الشّالَنْجيّ، قاضي جُرْجان.
روى عن: إسماعيل بن جعفر، وسُفْيان بن عُيَيْنَة، وجماعة.
وعنه: أحمد بن مُعَاذ السُّلَميّ، وابن مُجَاشِع السّخْتيانيّ، وأهل جُرجان.
تُوُفّي سنة ست وأربعين.
96-
إسماعيل بن مسعود [4]- ن. - أخو الصَّلْت بن مسعود الْجَحْدَرِيّ البصْريّ.
عن: يزيد بن زُرَيْع، ومعتمر بن سليمان التَّيْميّ، وبشْر بن المفضّل.
وعنه: ن.، والفِرْيابيّ، ومحمد بن جرير، وجماعة.
قال النّسائيّ: ثقة [5] .
[1] في الأصل «وقال الحسن بن علي علّان الحراني» ، والتصحيح من: تهذيب تاريخ دمشق 3/ 26، وتهذيب الكمال 3/ 116.
[2]
نسبة إلى: الجهم بن صفوان صاحب فرقة الجهميّة المنسوبة إليه.
[3]
انظر عن (إسماعيل بن الفضل) في:
تاريخ جرجان للسهمي 143 رقم 161، والأنساب لابن السمعاني 7/ 260.
[4]
انظر عن (إسماعيل بن مسعود) في:
الجرح والتعديل 2/ 200 رقم 675، والثقات لابن حبّان 8/ 102، 103، والمعجم المشتمل لابن عساكر 82 رقم 180، وتهذيب الكمال للمزّي 3/ 195، 196 رقم 7481 والكاشف 1/ 78 رقم 410، وتهذيب التهذيب 1/ 331 رقم 596، وتقريب التهذيب 1/ 74 رقم 549، وخلاصة تذهيب التهذيب 36.
[5]
المعجم المشتمل 82، وكتب عنه أبو حاتم الرازيّ، وسئل عنه فقال: صدوق. (الجرح والتعديل 2/ 200) .
وتُوُفّي سنة ثمانٍ وأربعين.
97-
إسماعيل بن موسى الفَزَاريّ [1]- د. ت. ق. - ابنُ ابنةِ إسماعيل السُّدّيّ [2] . أبو محمد، وقيل: أبو إسحاق.
كوفيّ، ثقة، شيعيّ متوال [3] .
سمع: عمر بن شاكر، ومالك بن أنس، وشَرِيك بن عَبْد الله، وعبد الرَّحْمَن بن أَبِي الزّناد، وجماعة.
وعنه: د. ت. ق.، وأبو عَرُوبة الحرّانيّ، وابن خُزَيْمَة، وطائفة كبيرة.
وأما ابن أبي حاتم فقال [4] : سمعتُ أبي يقول: سَأَلْتُهُ عن قرابته من السُّدّيّ، فأنكر أن يكون ابن ابنته، وإذا قرابته منه بعيدة.
قال أبو حاتم: صدوق [5] . سمعته يقول: سمَّتني أمّي باسم السُّديّ.
قلت: توفي سنة خمس وأربعين [6]، وشيخه عُمَر بْن شاكر يروي عن أنس بْن مالك. وقيل: إنّه كان يغلو ويسُبّ.
قال عَبْدان الأهوازيّ: أنكر علينا أبو بَكْر بْن أبي شَيبة أو هنّاد ذهابنا إلى
[1] انظر عن (إسماعيل بن موسى) في:
الطبقات الكبرى لابن سعد 6/ 412، والتاريخ الصغير للبخاريّ 235، وتاريخ الطبري 4/ 456 و 5/ 156، والجرح والتعديل 2/ 196 رقم 666، والثقات لابن حبّان 8/ 104، 105، والكامل في ضعفاء الرجال لابن عديّ 1/ 318، 319، وسنن الدار الدّارقطنيّ 1/ 87 رقم 2، وتاريخ جرجان للسهمي 407، 523، 542، والأنساب لابن السمعاني 7/ 763 والضعفاء والمتروكين لابن الجوزي 1/ 122 رقم 4200، والمعجم المشتمل 82 رقم 181، وتهذيب الكمال للمزّي 3/ 211- 212 رقم 491، والمغني في الضعفاء 1/ 88 رقم 725، وميزان الاعتدال 1/ 251، 252 رقم 958، والكاشف 1/ 78 رقم 414، وتهذيب التهذيب 1/ 335، 336 رقم 606، وتقريب التهذيب 1/ 75 رقم 561، وخلاصة تذهيب التهذيب 36.
[2]
انظر قول أبي حاتم في ذلك، وسيأتي.
[3]
المتوالي: الّذي له الولاء لآل البيت وعلي رضي الله عنه، وهذا اللفظ لا يزال يستخدمه العوام في إطلاقه على الشيعة عموما.
[4]
في الجرح والتعديل 2/ 196.
[5]
الجرح والتعديل.
[6]
التاريخ الصغير 235 وفيه: يوم السبت لأربع خلت من شعبان، وثقات ابن حبان، والمعجم المشتمل.
إسماعيل بن موسى. وقال: أيش عملتم [1] عند هذا الفاسق الَّذِي يشتم السَّلَف؟
رواها ابن عديّ [2] عَنْهُ وقال: أوصَلَ عن مالك حديثين، وتفرَّد عن شَريك بأحاديث. وإنَّما أنكر غُلُوَّه فِي التَّشَيُّع [3] .
وقال عليّ بْن محمد بْن كاس الحنفيّ القاضي، وهو ثقة: ثنا عليّ بْن جَعْفَر الرُّمانيّ، نا إسماعيل ابن بِنْت السُّدّيّ قال: كنتُ فِي مجلس مالك، فَسُئِلَ عن فريضةٍ، فأجاب بقول زيد. فقلت: ما قال فيها عليّ وابن مَسْعُود.
فأومأ إلى الحجبة، فلما هموا بي عدوت وأعجزتهم، فقالوا: ما نصنع بكتبه ومحبرته؟
قال: اطلبوه برفق.
فجاءوا إلي، فجئت معهم، فقال مالك: من أين أنت؟
قلت: كوفي.
قال: فأين خلفت الأدب؟
قلت: إنما ذاكرتك لأستفيد.
فقال: إن عليا وعبد الله لا يُنْكَر فضلُهُما، وأهل بلدنا على قول زَيْدُ بْن ثابت. وإذا كنتَ بين قومٍ فلا تبدأهم بما لا يعرفون، فيبدو لك منهم ما تركه [4] .
98-
إسماعيل بن يوسف [5] .
أبو عليّ الدَّيْلميّ الزّاهد الحافظ.
روى شيئا عن: مجاهد بن موسى.
[1] في الكامل لابن عديّ 1/ 319: «أيش علّمتم» .
[2]
في الكامل 1/ 319.
[3]
زاد ابن عديّ: «وأمّا في الروايات فقد احتمله الناس ورووا عنه» .
[4]
وقال محمد بن عبد الله الحضرميّ: كان صدوقا.
وقال النسائي: ليس به بأس. (تهذيب الكمال 3/ 211) .
(وذكره ابن حبّان في الثقات وقال: كان يخطئ.
[5]
انظر عن (إسماعيل بن يوسف الديلميّ) في:
تاريخ بغداد 6/ 274- 276 رقم 3305، وطبقات الحنابلة لابن أبي يعلى 1/ 107، 108 رقم 120، والوافي بالوفيات 9/ 245 رقم 4152.
وأخذ عن: أحمد بن حنبل.
وكان شابا يتوقَّد ذكاءً، لم يشتهر لموته صغيرا.
قال الدّار الدّارَقُطْنيّ: هو بغداديّ، زاهد ورِع، فاضل، ثقة [1] .
قلت: وكان يسهر في طاحون بثلاث دراهم [2] .
كتب عَنْهُ: الْحَسَن بْن أبي العنبر، والعبّاس بْن يوسف الشَّكليّ.
قال أبو الحُسَين بن المنادي: ذُكِر لي أنّه كان يحفظ أربعين ألف حديث، وكان مشهورا بالزُّهد. وكان مَكْسَبُه من المُساهَرَة في الأَرْحاء [3] ، رحمه الله.
وقد رآه محمد بن مخلد العطار.
99-
أصْبَغُ بنُ دِحْية الصَّدفيّ المصريّ [4] .
عن: رِشْدين بن سعد، وعبد الله بن وهْب.
وعنه: ابنه جَرْوَل.
تُوُفّي سنة خمس وأربعين ومائتين [5] .
100-
أيّوب بن محمد بن أيّوب الهاشميّ البصْريّ [6]- ق. - المعروف بالقلب.
عن: عبد الواحد بن زياد، وعبد القاهر بن السَّرِيّ، وأبي عَوَانة.
وعنه: ق.، وابن أبي الدُّنيا، والحسن بن سفيان، وزكريا الساجي،
[1] تاريخ بغداد 6/ 276.
[2]
قاله الخطيب في تاريخه.
[3]
الأرحاء: مفردها رحى، وهو حجر الطحن، ويطلق على المطحنة ككلّ.
والخبر في تاريخ بغداد 6/ 275.
[4]
انظر عن (أصبغ بن دحية) في:
المغني في الضعفاء 1/ 92 رقم 767، وميزان الاعتدال 1/ 270 رقم 1009، ولسان الميزان 1/ 459 رقم 1417.
[5]
قال الذهبي في «المغني» 1/ 92: خبر منكر لكن رشدين واه.
[6]
انظر عن (أيوب بن محمد) في:
المعجم المشتمل 84 رقم 188، وتهذيب الكمال 3/ 489 رقم 622، والكاشف 1/ 94 رقم 7529 وتهذيب التهذيب 1/ 410، 411 رقم 751، وتقريب التهذيب 1/ 91 رقم 705، وخلاصة تذهيب التهذيب 43.
وعلي بن سعيد بن بشير الرازي.
101-
أيوب بن عافية بن أيوب البصري.
يروي عن: ابن وهْب، ووالده عافية.
تُوُفّي في شَعْبان سنة ستٍ وأربعين. قاله ابن يونس.
102-
أيّوب بن عليّ بن الهيصم بن أيّوب بن مسلم [1] .
الكِنانيّ الفلسطينيّ.
سمع: زياد بن سيّار.
وعنه: سليمان بن محمد بن الفضل، وأبو بكر بن أبي داود، وأحمد بن جوصا، وآخرون.
قال أبو حاتم: شيخ.
وجده الأعلى مُسْلِم هُوَ أخو أبي قُرْصافة من أبيه.
103-
أيّوب بن محمد بن زياد بن فرّوخ [2]- د. ن. - أبو سليمان الرّقّيّ الوزّان. مولى بني هاشم.
سمع: أبا إسحاق الفَزَاريّ، ومعّمر بن سليمان، ومروان بن معاوية، وابن عُلَيَّة.
وعنه: د. ن.، وأبو عَرُوبة، وأبو بكر بن أبي داود، وأهل الجزيرة.
وكان يزن القطن [3] .
[1] انظر عن (أيوب بن علي) في:
الجرح والتعديل 2/ 252 رقم 905.
[2]
انظر عن (أيوب بن محمد الرقّيّ) في:
المعرفة والتاريخ للفسوي 2/ 457، والجرح والتعديل 2/ 258 رقم 921، والثقات لابن حبّان 8/ 127، والأنساب لابن السمعاني 12/ 255، 256، وتهذيب تاريخ دمشق 3/ 213، والمعجم المشتمل لابن عساكر 84 رقم 189، ومروج الذهب 3067، واللباب لابن الأثير 3/ 363، وتهذيب الكمال للمزّي 3/ 489- 492 رقم 623، والكاشف 1/ 94 رقم 530، وتذكرة الحفاظ 2/ 534، وتهذيب التهذيب 1/ 411 رقم 7752 وتقريب التهذيب 1/ 91 رقم 706، وخلاصة تذهيب التهذيب 43.
[3]
الثقات 8/ 127.
وثقة النسائي [1] ، وغيره.
ومات في ذي القعدة سنة تسع وأربعين ومائتين [2] .
[1] المعجم المشتمل 84.
[2]
الثقات، المعجم المشتمل.