الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
-
حرف الذال
-
180-
ذو النُّون المصريّ الزّاهد [1] ، رحمةُ الله عليه.
اسمه ثَوْبان بن إبراهيم، ويقال أبو الفيض بن أحمد، ويقال ابن إبراهيم أبو الفَيْض، ويقال أبو الفيّاض الإِخميميّ. وأبوه نوبيّ.
روى عن: مالك، واللَّيث، وابن لَهِيعة، وفضيل بن عياض، وسفيان بن عيينة، وسلم الخواص، وجماعة.
[1] انظر عن (ذي النون المصري) في:
طبقات الصوفية للسلمي 15- 26 رقم 2، وحلية الأولياء لأبي نعيم 9/ 331- 395 رقم 456 و 10/ 3، 4، وانظر فهرس أعلام الحلية- ص 570، والرسالة القشيرية 10، وتاريخ بغداد 8/ 393- 397 رقم 4497، والزهد الكبير للبيهقي، رقم 5 و 37 و 56 و 64 و 66 و 67 و 68 و 69 و 70 و 71 و 72 و 84 و 94 و 139 و 140 و 141 و 142 و 143 و 181 و 182 و 193 و 196 و 294 و 341 و 585 و 616 و 684 و 701 و 744 و 759 و 795 و 835 و 853 و 967 و 980 و 981 و 982، والإكمال لابن ماكولا 3/ 389، والأنساب لابن السمعاني 1/ 155، وتهذيب تاريخ دمشق 5/ 274- 291، والفرج بعد الشدّة للتنوخي 1/ 74، 129، ومروج الذهب 812، والإشارات إلى معرفة الزيارات 43، والإستبصار 58، 59، والأذكياء لابن الجوزي 84، 85، والمرصّع لابن الأثير 334، واللباب 1/ 35، والكامل في التاريخ 7/ 92، ووفيات الأعيان 1/ 315- 318 و 428، 429 و 2/ 429 و 6/ 59، وأخبار الحكماء للقفطي 185، والروض المعطار للحميري 17، وآثار البلاد وأخبار العباد للقزويني 140، 326، والإرشاد للخليلي (طبعة ستنسل) 2/ 12، 13، وميزان الاعتدال 2/ 33 رقم 2701، وتاريخ دمشق (مخطوطة التيمورية) 48/ 669، ودول الإسلام 1/ 148، وسير أعلام النبلاء 11/ 532- 536 رقم 153، والعبر 1/ 444، والبداية والنهاية 10/ 347، والمختصر في أخبار البشر 2/ 41، وتاريخ ابن الوردي 1/ 228، ومرآة الجنان 2/ 149- 151، وآثار البلاد وأخبار العباد 140، وصفة الصفوة 4/ 315- 321، والنجوم الزاهرة 2/ 320، 321، الطبقات الكبرى للشعراني 1/ 81- 84، ولسان الميزان 3/ 437، 438، رقم 1791، وشذرات الذهب 2/ 107، وبدائع الزهور لابن إياس ج 1 ق 1/ 153، وموسوعة علماء المسلمين في تاريخ لبنان الإسلامي 2/ 45- 50 رقم 365، ودرر الأبكار 122، 123، وطبقات الأولياء 218- 227 رقم 41، ونتائج الأفكار القدسية 1/ 73- 76.
وعنه: أحمد بن صبيح الفيومي، وربيعة بن محمد الطائي، ورضوان بن محيميد، ومقدام بن داود الرعيني، والحسن بن مصعب النخعي، والجنيد بن محمد، وغيرهم.
روى سليمان بن أحمد الملطي- وهو ضعيف- ثنا أبو قُضَاعة ربيعة بْن محمد، ثنا ثَوْبان بْن إبراهيم، نا اللَّيث بْن سعد، فذكر حديثًا.
وقال محمد بْن يوسف الكِنْديّ فِي كتاب «الموالي من أهل مصر» : ومنهم ذو النُّون بْن إبراهيم الإخميميّ مَوْلَى لقُريش. وكان أَبُوهُ نُوبيّا.
وقال الدّار الدّارَقُطْنيّ: رَوَى عن مالك أحاديث فيها نظر [1] ، وكان واعظًا [2] .
وقال ابن يونس: كان عالمًا فصيحًا حكيمًا، أصله من النُّوبة.
تُوَفّي فِي ذي القعدة سنة خمسٍ وأربعين.
وقال الُّسَلميّ [3] : حُمِل ذو النُّون إلى المتوكّل على البريد من مصر ليَعِظه سنة أربعٍ وأربعين. وكان إذا ذُكر بين يدي المتوكّل أهل الورع بكى.
وقال يوسف بْن أحمد البغداديّ: كان أهلُ ناحيته يسمّونه الزِّنْديق، فلمّا مات أظلّت الطَّيْرُ جنازته، فاحترموا بعد ذلك قبره.
وقال أبو القاسم القُشَيْريّ: كان رجلا نحيفًا تعلوه حُمْرة [4] ، ليس بأبيض اللّحية.
وقيل كانت تعلوه صُفْرة [5] .
وعن أيّوب مؤذّن ذي النُّون قال: أتى أصحاب المطالب ذا النّون، فخرج معهم إلى قوص وهو شابّ، فحفروا قبرًا، فوجدوا فيه لوحًا فِيهِ اسم اللَّه الأعظم، فأخذه ذو النّون، وسلّم إليهم ما وجدوا.
[1] هكذا في الأصل. وفي تاريخ بغداد: «في أسانيدها نظر» .
[2]
تاريخ بغداد 8/ 393.
[3]
قول السلمي ليس في «طبقات الصوفية» ، وهو في: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 274.
[4]
في تهذيب تاريخ دمشق 5/ 275: «تعلوه صفرة» .
[5]
تهذيب تاريخ دمشق 5/ 275.
وقال يوسف بْن الْحُسَيْن الرّازيّ: حضرت مجلس ذي النّون فقيل: يا أَبَا الفَيْض ما كان سبب توبتك؟
قال: أردت الخروج إلى قرى مصر فنمت فِي الصحراء ففتحت عيني فإذا أَنَا بقُبَّرةٍ عَمياء معلّقة بمكان، فسقطت من وَكْرها، فانشقَّت الأرض، فخرج منها سُكُرُّجْتان ذهب وفضّة، في إحداهما: سمسم، وفي الأخرى ماء، فأكلت وشربت. فقلت: حَسْبي، قد تُبتُ. ولزِمتُ البابَ إلى أن قِبلني [1] .
وفي كتاب «المِحَن» للسُّلَميّ أن ذا النُّون أول من تكلَّم ببلدته فِي ترتيب الأحوال ومقامات أهل الولاية. أنكر عليه عبد الله بْن عَبْد الحَكَم، وكان رئيسَ مصر، وكان يذهب مذهب مالك، ولذلك هجره علماء مصر، حَتَّى شاع خبره، وأنّه أحْدَث عِلْمًا لم يتكلَّم فِيهِ السَّلَف. وهجروه حَتَّى رَمَوْه بالزَّنْدَقة.
قال: فدخل عليه أخوه فقال: إنّ أهل مصر يقولون أنتَ زِنْديق.
فأنشأ يقول:
وما لي سوى الإطراق والصَّمْت حيلةٌ
…
ووضْعي كفّي تحت خدّي وتذكاري [2]
قال: وقال محمد بْن يعقوب بْن الفَرَجيّ: كنت مع ذي النُّون فِي الزَّورق، فمرّ بنا زورقٌ آخر، فقيل لذي النُّون: إنّ هؤلاء يمرّون إلى السُلطان يشهدون عليك بالكُفْر.
فقال: اللَّهمّ إنْ كانوا كاذبين فغرّقهم. فانقلب الزَّورق وغرقوا.
فقلت له: احسب أن هؤلاء قد مضوا يكذبون، فما بال الملاح؟
قال: لِمَ حَمَلَهم وهو يعلم قصْدهم. ولأن يقفوا بين يدي اللَّه غَرْقَى خير لهم من أن يَقِفُوا شهود زُور. ثُمَّ انتفض وتغيّر وقال: وعِزَّتك لا أدعو على خلْقك بعد هذا.
ثُمَّ دعاه أمير مصر وساله عن اعتقاده، فتكلَّم، فرضيَ أمره، وكتب به إلى
[1] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 275.
[2]
البيت في جملة أبيات في: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 291.
المتوكّل، فأمر بإحضاره، فَحُمِل على البريد. فلمّا سمع كلامه ولَعَ به، وأحبّه وأكرمه، حتّى أنّه لو كان إذا ذكر العُّلماء يقول: إذا ذُكِر الصّالحون فحَيْ هَلا بذي النُّون [1] .
وقال عليّ بْن حاتم: سمعت ذا النّون يقول: القرآن كلام اللَّه غير مخلوق.
وقال يوسف بْن الْحُسَيْن: سمعت ذا النّون يقول: مهما تصوّر فِي وهْمك، فاللَّه بخلاف ذلك.
وقال: سمعت ذا النّون يقول: الاستغفار اسمٌ جامع لمَعانٍ كثيرة، أوّلهنّ:
الندم على ما مضى، والثّاني: العزْم على تَرْك الرجوع، والثالث: أداء كلّ فرضٍ ضيَّعْته فيما بينك وبين اللَّه، والرابع: ردّ المظالم فِي الأموال والأعراض والمصالحة عليها، والخامس: إذابة كلّ لحم ودم نَبَتَ على الحرام، والسّادس: إذاقة البَدَن ألَمَ الطّاعة كما وجدت حلاوة المعصية.
وعن عَمْرو السّرّاج قال: قلت لذي النّون كيف خلصتَ من المتوكّل وقد أمر بقتلك؟
قال: لمّا أوصلني الغلام إلى السّتر رَفعه ثُمَّ قال لي: ادخُل.
فنظرت فإذا المتوكّل فِي غُلالةٍ مكشوفَ الرأس، وعبيد الله قائم على رأسه متّكئ على السّيف. فعرفتُ فِي وجوه القوم الشّرّ. فَفُتِح لي باب، فقلت فِي نفسي: يا من ليس في السّماوات قطرات ولا فِي البحار قَطَرات، ولا فِي ديلج الّرياح دلجات، ولا فِي الأرض خبيئات، ولا فِي قلوب الخلائق خَطَرات إلا وهي عليك دليلات، ولك شاهدات، وبربوبيّتك معترفات، وفي قُدْرَتِك متحّيرات. فبالقُدرة التي تُجير بها من في الأرض والسّماوات إلا صلّيت على محمد وآل محمد، وأخذتَ قلبه منّي. فقام إليَّ المتوكّل يخطو، حتّى اعتنقني وقال: أتْعَبْناك يا أَبَا الفَيْض. إن تشأ تقيم عندنا فأقم، وإن تشأ أن تنصرف فانصرف.
فاخترت الانصراف [2] .
[1] تهذيب تاريخ دمشق 5/ 274.
[2]
تهذيب تاريخ دمشق 5/ 277.
وقال يوسف بْن الْحُسَيْن، حضرتُ مع ذي النّون مجلس المتوكّل، وكان مولعا به يفضّله على العُبّاد والزُّهّاد، فقال: يا أَبَا الفيض صِف لي أولياء اللَّه.
قال: يا أمير المؤمنين هُمْ قوم أَلْبَسهم اللَّه النّورَ السّاطع من محبّته، وجلّلهم بالبهاء من أرْدية كرامته، ووضع مَفَارقهم تيجان مَسَرَّته، ونشر لهم المحبّة فِي قلوب خليقته، ثمّ أخرجهم وقد ودع القلوب ذخائر الغيوب، فهي معلَّمة بمواصلة المحبوب، فقلوبهم إليه سائرة، وأَعْيُنُهم إلى عظيم جلاله ناظِرة. ثُمَّ أجلسهم بعد أن أحسنَ إليهم على كراسي طلب المعرفة بالدّواء، وعرَّفهم منابت الأدواء، وجعل تلاميذهم أهل الورع والتُّقَى، وضمِن لهم الإجابة عند الدّعاء، وقال: يا أوليائي لو أتاكم عليلٌ من فَرَقي فداووه، أو مريض من إرادتي فعالجوه، أو مجروح بِتَرْكي إياه فلاطِفُوه، أو فارٌّ منّي فرغِّبوه، أو خائف منّي فأمِّنوه [1] ، أو مستوصف نحوي فأرشدوه، أو مسيء فعاتبوه. أو استغاث بكم ملهوف فأغيثوه.
فِي فَصْلٍ طويل [2] .
ولذي النون ترجمة طويلة فِي «تاريخ دمشق» [3] ، وأخرى فِي «حِلْية الأولياء» [4] .
وما أحسن قوله: العارف لا يلتزم حالةً واحدة، ولكنْ يلتزم أمرّ ربّه فِي الحالات كلّها [5] .
قد تقدَّمت وفاته في سنة خمس. وكذا ورّخه عُبَيْد الله بن سعيد بن عُفَيْر.
وأمّا حيّان بن أحمد السَّهْميّ فقال: مات بالجيزة وعُدّيَ به إلى مصر في مركبٍ خوفا من زحمة النّاس على الجسْر لليلتين خَلَتا من ذي القعدة سنة ستّ وأربعين [6] .
[1] هنا زيادة: «أو قصد نحوي فآووه، أو جبان من متاجرتي، فجدوه، أو آيس من فضلي فعدوه، أو راج لإحساني فبشّروه، أو حسّن الظنّ بي فباسطوه، أو محبّ لي فواصلوه، أو معظّم لقدري فعظّموه» . (تهذيب تاريخ دمشق 5/ 278) .
[2]
انظر: تهذيب تاريخ دمشق 5/ 278.
[3]
تهذيبه 5/ 274- 291.
[4]
ج 9/ 331- 395.
[5]
طبقات الصوفية للسلمي 26، الزهد الكبير للبيهقي 298، 299 رقم 795.
[6]
تاريخ بغداد 8/ 397، صفة الصفوة 4/ 321.
وقال آخر: سنة ثمانٍ وأربعين [1] . والأوّل أصحّ. وقد قارب السّبعين أو جازها.
[1] وقيل: سنة خمس وأربعين ومائتين. (تاريخ بغداد) .