الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
له ان رسم المصاحف العثمانية سر من الاسرار التى لم تهتد إلى حله فحول العلماء ونوابغ العقلاء كما سنتكلم عنه فما علينا غير الاتباع والتسليم.
الفصل الثالث (في رسم القرآن الكريم هل هو توقيفي ام لا)
اختلف العلماء في رسم المصحف العثماني فبعضهم يقول انه من اصطلاح الصحابة وبعضهم يقول انه توقيفي ويستدلون عليه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الذى يملى زيد بن ثابت القران من تلقين جبريل عليه السلام كما يشهد بذلك اطباق القراء على قوله تعالى واخشوني في البقرة باثبات الياء وفي المائدة بحذفها في الموضعين ونظائر ذلك كثيرة مما يدل على ان هجاء القرآن وكتابته بالتوقيف وانه ليس من الرسم الموضوع وقد كتب القرآن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن غير مجموع في موضع واحد ولا مرتب السور.
والذى يظهر لنا والله تعالى اعلم ان رسم المصحف العثماني غير توقيفي ونستدل على قولنا هذا بخمسة امور.
(الامر الاول) ان من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم كونه أميا لا يكتب ولا يقرأ كتابا كما قال تعالى " وما كنت تتلوا من قبله
من كتاب ولا تخطه بيمينك إذا لارتاب المبطلون (1) " فكيف يملى عليه الصلاة والسلام زيد بن ثابت على حسب قواعد الكتابة والاملاء من نحو الزيادة والنقص والوصل والفصل.
فهل كان يقول صلى الله عليه وسلم لكاتب الوحى اكتب كلمة " ابراهيم " في سورة البقرة كلها بغير ياء واكتبها في بقية القرآن بالياء واكتب كلمة " بأييد (2) " بياءين.
واكتب كلمة " وجائ يومئذ بجهنم " بزيادة ألف بعد الجيم.
واكتب كلمة " لشائ (3) " بزيادة ألف بعد الشين واكتب كلمة " أفإين مات (4) " بزيادة ياء قبل النون.
واكتب كلمة " الله يبدؤا الخلق " بهمزة فوق الواو وألف بعدها.
واكتب هذه الكلمات " جاءو.
فاءو.
باءو.
تبوءو " بغير ألف فيها بعد واو الجماعة وفيما عدا هذه الكلمات أثبت الالف بعدها.
واكتب كلمة " مائة " بالالف واكتب كلمة " فئة " بغير ألف.
واكتب كلمة
(1) فالامية في حقه عليه الصلاة والسلام كمال وفي حق غيره نقص وذلك لو كان متعلما الكتابة والقراءة لقالوا ان هذا القرآن ليس من عند الله وانما وضعه من نفسه بقوة علمه ومعرفته (2) من آية والسماء بنيناها بأييد
(3)
من آية ولا تقولن لشئ انى فاعل ذلك غدا الا ان يشاء الله (4) من آية افان مات أو قتل (*)
" سعوا " التى بالحج بالالف بعد الواو.
واحذفها من " سعو " التى بسبأ.
واكتب كلمة " واخشوني " بالياء في البقرة واحذفها منها في التى بالمائدة واحذف اللام الثانية من كلمة " اليل " وأثبتها في كلمة " اللؤلؤ " واكتب الكلمات " الصلوة.
الزكوة.
الربوا " بالواو واكتب " قرت عين لى " بالتاء واكتب " قرة اعين " بالهاء وافصل كى عن لا في " كى لا يكون دولة " وأوصلها في " لكيلا تأسوا " وهكذا في جميع القرآن.
فان كان املاء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن لكاتب الوحى بهذه الصفة فالرسم توقيفي بلا جدال لكن لم نر منقولا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يملى كاتب الوحى بهذه الصفة والكيفية، فلو كان كذلك لتواتر عنه صلى الله عليه وسلم وما كان ذلك خافيا على احد، ولو كان كذلك ايضا لكان عليه الصلاة والسلام عارفا باصول الكتابة وقواعد الاملاء وكيف وهو النبي الامي
(الامر الثاني) لما اختلف زيد بن ثابت ومن معه في كلمة " التابوت " أيكتبونه بالتاء ام بالهاء رفعوا الامر إلى عثمان رضى الله عنه فأمرهم ان يكتبوها بالتاء.
فلو كان الرسم توقيفيا باملاء النبي صلى الله عليه وسلم بالكيفية التى ذكرناها لقال لهم زيد إن النبي صلى الله عليه وسلم امرني بكتابتها بالتاء ولقال عثمان لزيد كاتب الوحى اكتبها بالكيفية التى املاك بها رسول الله صلى الله عليه وسلم
(الامر الثالث) لو كان الرسم توقيفيا لما اختلف الرسم
في المصاحف التى ارسلها عثمان رضى الله عنه إلى المدن والامصار كما سبق بيانه قبل هذا الفصل.
(الامر الرابع) لو كان الرسم توقيفيا لصرح بذلك الامام مالك ولما جوز كتابة الصحف والالواح للصغار المتعلمين بغير الرسم العثماني ولصرح بذلك ايضا جميع الائمة.
(الامر الخامس) لو كان الرسم توقيفيا لنعتوه (بالرسم التوقيفى) أو (بالرسم النبوى) وما كانوا نعتوه (بالرسم العثماني) نسبة لعثمان بن عفان فاستدلالهم بأن زيد بن ثابت كتب كلمة (واخشوني) بالبقرة باثبات الياء وكتبها في المائدة بحذفها في غير محله، لان ثبوت الياء أو حذفها يعلم من وقوف القارئ على الكلمة، فان وقف بالسكون على نون واخشوني كتبت بالنون فقط وان وقف على الياء كتبت بالياء قال بعضهم ان مدار الرسم والكتابة * معتبر بالوقف والبداءه فزيد بن ثابت عرف ذلك من وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الكلمة، فعلم مما ذكرناه ان رسم المصحف ليس توقيفيا وانما هو من وضع الصحابة واصطلاحهم لحكمة لم ندركها