المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث (في كتابة المصاحف قديما وحديثا) - تاريخ القرآن الكريم

[محمد طاهر الكردي]

فهرس الكتاب

- ‌الجدول الاول وفيه بعض الكلمات بحسب رسم المصحف العثماني

- ‌الباب الاول

- ‌(الفصل الاول * في تعريف القرآن وما يتضمنه)

- ‌الفصل الثاني (القرآن في اللوح المحفوظ)

- ‌الفصل الثالث (في انزال القرآن)

- ‌الباب الثاني

- ‌(الفصل الاول في جمع القرآن الكريم)

- ‌الفصل الثاني (في احتياط الصحابة في كتابة القرآن)

- ‌الفصل الثالث (في ضبط وتصحيح المصحف الكريم)

- ‌الفصل الرابع (في ترتيب آيات القرآن وسوره)

- ‌الفصل الخامس (في نزول القرآن على سبعة أحرف)

- ‌الباب الثالث

- ‌(الفصل الاول * في رسم المصحف العثماني وقواعده)

- ‌الفصل الثاني (في اختلاف رسم المصاحف العثمانية)

- ‌الفصل الثالث (في رسم القرآن الكريم هل هو توقيفي ام لا)

- ‌الفصل الرابع (في حكم اتباع رسم المصحف العثماني)

- ‌الفصل الخامس (في معرفة الصحابة لقواعد الاملاء والكتابة)

- ‌الباب الرابع

- ‌(الفصل الاول * فيما لو كتبنا القرآن الكريم بقواعد كتاباتنا)

- ‌الفصل الثاني (فيما لو اتبعنا رسم المصحف العثماني في كتاباتنا)

- ‌الباب الخامس (في ذكر شئ من مرسوم القرآن الكريم)

- ‌(الفصل الاول * في رسم الكلمات الآتية)

- ‌الفصل الثاني (في رسم البسملة، وهمزة نحو ائذا، وتبارك، وألف المد) (وألف التثنية، وما كتب بلام أو لامين وغيرها)

- ‌الفصل الثالث (في ألف التثنية * ورسم صيغ المبالغة، وصيغ المفرد والجمع) (ورسم صاحبكم، واسماء بعض الانبياء، وألف المد)

- ‌الفصل الرابع (في بعض غرائب رسم المصحف العثماني)

- ‌الباب السادس

- ‌(الفصل الاول * فيما ذكره العلماء من التعليلات لبعض مرسوم المصحف العثماني)

- ‌الفصل الثاني (في اختراع النقط والشكل)

- ‌الفصل الثالث (في كتابة المصاحف قديما وحديثا)

- ‌الفصل الرابع (في عدم جواز قراءة القرآن وكتابته بغير العربية)

- ‌الفصل الخامس (في عدد أجزاء القرآن وانصافه وسوره وآياته وحروفه)

الفصل: ‌الفصل الثالث (في كتابة المصاحف قديما وحديثا)

ومن اراد زيادة البحث في هذا الموضوع فعليه بمطالعة كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه فقد بسطنا القول فيه هناك.

والذى يغلب على ظننا والله اعلم بغيبه انه كما ادخل النقط والشكل

في المصاحف سيأتي على الناس زمان يدخلون فيها علامات الترقيم كعلامة الاستفهام والتنصيص والتأثر وقد ذكرناها مفصلا في كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه فراجعه.

والحقيقة لا نرى بأسا في ادخالها في المصاحف لانها من دواعى سرعة الفهم ومن محسنات الكتابة لا دخل لها في جوهر الحروف والكلمات ولا تغير اللفظ ولا المعنى فيكون ادخالها في المصاحف كادخال النقط والشكل ووضع علامات التجويد فوق الكلمات وعلامات الضبط فيها.

‌الفصل الثالث (في كتابة المصاحف قديما وحديثا)

روى عن على زين العابدين بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنه انه يقول كانت المصاحف لاتباع انما يأتي الرجل بورقة عند المنبر فيقوم الرجل المحتسب فيكتب له من اول البقرة ثم يجئ غيره حتى يتم المصحف.

ص: 182

هكذا كان في ابتداء الاسلام ثم صار كثير من الناس يتفرغون لكتابة المصاحف لعدم وجود المطابع في ذلك الزمن فكان يكتب بعضهم مائة مصحف وبعضهم مائتين وبعضهم أقل أو اكثر، ولئن كانت المطابع غير موجودة في زمنهم فقد كانت قلوبهم عامرة بالتقوى ممتلئة ايمانا ويقينا وكانوا اكثر تلاوة للقرآن واشد تمسكا بأحكامه واكثر رغبة وتنافسا في نسخه وكتابته واهدائه لبعضهم وجعله في المساجد ودور العلم والتدريس رجاء الاجر والثواب.

ذكر ابن خلكان عند ترجمة اسحاق بن مرامر الشيباني النحوي اللغوى قال ولده عمرو لما رجع (1) أبى اشعار العرب ودونها كانت نيفا وثمانين قبيلة وكان كلما عمل منها قبيلة واخرجها إلى الناس كتب مصحفا وجعله بمسجد الكوفة حتى كتب نيفا وثمانين مصحفا بخطه اه فكم مثل اسحق من كتب عدة مصاحف يقصد بها وجه الله تعالى ونفع المسلمين ولقد ذكرنا في كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه طائفة ممن كتبوا القرآن الكريم عدة مرات فراجعه هناك ولم نذكرهم هنا حتى لا نخرج عن الموضوع.

فقارن رحمك الله بين ايامنا وايامهم ورجالنا ورجالهم فلا حول

(1) قال في المصباح المنير ورجعت الكلام وغيره أي رددته وبها جاء القرآن قال تعالى (فان رجعك الله) ..اه المراد منه (*)

ص: 183

ولا قوة الا بالله اللهم تداركنا برحمتك ولطفك وبرك واحسانك انك على كل شئ قدير.

هذا ولما ظهرت المطابع في زماننا قل اشتغال الناس بكتابة المصاحف ونسخها لكن لا يزال الملوك والامراء والاثرياء المثقفون إلى يومنا هذا يفتخرون باقتناء المصاحف الخطية القيمة ويسندون نسخها وكتابتها إلى من اشتهر بحسن الخط ويصرفون على ذلك المبالغ الطائلة بسخاء وكرم فيكون المصحف المعتنى بنسخه وكتابته قيما جميلا جديرا بالمحافظة عليه ليبقى اثرا خالدا.

والمصاحف في العهد الاول كانت تكتب بأنواع متعددة بالخط الكوفى إلى القرن الخامس تقريبا، ثم لما تنوعت الخطوط صاروا

يكتبونها بخط الثلث إلى القرن الثامن أو التاسع، ولما ظهر خط النسخ الذي هو من اجمل الخطوط صاروا يكتبونها به إلى عصرنا الحاضر (1) والحق يقال ان جمال المصاحف لا يظهر الا إذا كتبت بخط النسخ فقط اما بقية انواع الخطوط فلا يستحسن كتاباتها بها كخط الرقعة والديوانى والفارسي وسياقت وشكسته لان قاعدة هذه الخطوط

(1) يوجد في دار الكتب العربية بمصر كثير من المصاحف القيمة الاثربة المكتوبة بخطوط متنوعة من القرن الاول للهجرة إلى عصرنا الحاضر وقد ذكرنا شيئا منها في كتابنا تاريخ الخط العربي فراجعه (*)

ص: 184

عدم تشكيلها والمصاحف يجب تشكيلها صيانة للقارئ من اللحن.

بل قد يحرم كتابتها ببعض هذه الخطوط كخط سياقت وشكسته فان هذين الخطين لا يعرفهما احد في جميع البلدان العربية ويندر جدا من يعرفهما في بلاد الترك والعجم وقد وضعنا صورتهما وتكلمنا عنهما في كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه فراجعه.

فكتابة المصاحف بالخطين المذكورين يؤدى إلى الخلل والتحريف وهذا لا يجوز، فان عم انتشارهما في البلاد الاسلامية ارتفع المحظور ولم يبق للتحريم وجه وقد بسطنا القول في هذا الموضوع في أول كتابنا تاريخ الخط المذكور عند شرح الاحاديث الواردة في الخط والكتابة فراجعه ان شئت.

ص: 185

ظهور المطابع كان أول اختراع المطابع في ألمانيا سنة 1431 ميلادية وبالضرورة

مضت مدة طويلة حتى أتقنت صناعتها وظهرت صلاحيتها، فدخلت اولا في بلاد ايطاليا ثم فرنسا ثم في انجلترا ثم انتشرت في جميع البلدان.

وفي عصرنا الحاضر تقدمت صناعة المطابع وادخل فيها من التحسينات الفنية ما لم يكن في الحسبان - وان أول مصحف طبع بالخط العربي كان في همبرج بألمانيا سنة 1113 هجرية ويوجد من هده الطبعة مصحف بدار الكتب العربية بمصر القاهرة، كما يوجد بها مزامير داود عليه السلام بأربع لغات مع تفسير لاتيني طبعت في جنوة بايطاليا سنة 935 هجرية، وبعد سنة 1516 ميلادية طبع المصحف ايضا في البندقية بايطاليا وسبب طبع المصحف الكريم في همبرج والبندقية وجود المطابع فيهما دون البلاد الاسلامية كما هو ظاهر.

ومن العجيب انه عند اول ظهور المطبعة في ايطاليا طعن علماؤهم فيها طعنا جارحا حتى قالوا انها بدعة همجية ألمانية ونادى كهنتهم لنهدم كيان الطباعة أو تهدم هي كياننا * وفى ابتداء ظهور الكتب المطبوعة لم يقبل الناس على شرائها.

ص: 186

ولما دخلت المطبعة إلى تركيا في زمن السلطان احمد الثالث أفتت مشيخة الاسلام بجواز استعمالها الا انه بقى طبع المصحف ممنوعا ثم عادت الدولة العثمانية فمنعت المطبعة ثم جاء السلطان عبد الحميد الاول فأعادها وجاء السلطان محمود الاول فاهتم بها اكثر * واول كتاب طبع بالاستانة " صحاح الجوهرى " قيل انه في سنة 1129 هجرية أفتى شيخ الاسلام بالاستانة عبد الله افندي بجواز طبع الكتب غير الدينية (1) وفيما بعد سنة 1141 هـ طبعت كتب هامة في اللغة والادب والتاريخ بالعربية

والتركية والفارسية ثم استصدروا الفتوى بطبع كتب الدين وتجليد القرآن الكريم * ومن اشهر مطابع الاستانة القديمة مطبعة الجوائب واول من ادخلها إلى الديار التونسية محمد باشا باى الذى تولى امارة تونس عام 1271 هجرية * واول مطبعة ظهرت في حلب كان سنة 1698 ميلادية * ومن اقدم المطابع في لبنان مطبعه قزحيا وكانت احرفها سريانية ثم صارت عربية ومطبعة الشوير وطبع فيها المزامير سنة 1733 ميلادية * واقدم المطابع في بيروت مطبعة القديس جاورجيوس

(1) وقيل كانت فتوى شيخ الاسلام المذكور بجواز الطباعة في سنة 1103 هجرية وبالرجوع إلى المصادر التركية تظهر الحقيقة.

(*)

ص: 187

فانها انشئت سنة 1753 ميلادية * وبعدها المطبعة الامريكية انشئت في مالطة سنة 1822 ميلادية ثم نقلت إلى بيروت سنة 1834 ميلادية وبعدها المطبعة الكاثوليكية للآباء اليسوعيين تأسست عام 1848 ميلادي وكانت تطبع على الحجر ثم صارت تطبع على الحروف سنة 1854 ميلادية وهى أكبر المطابع وفيها حروف عربية وافرنجية ويونانية وسريانية وعبرانية وارمنية.

وأول مطبعة ظهرت بمصر مطبعة الحملة الفرنساوية جاء بها بونابرت معه سنة 1798 ميلادية لطبع المنشورات والاوامر باللغة العربية وقد سميت بالمطبعة الاهلية وكانت بالقاهرة إلى يونيو سنة 1801 ميلادية حين انسحاب الفرنساويين من مصر وبعد ذلك ظلت مصر نحو عشرين عاما بغير مطبعة حتى استقر الامر لمحمد على باشا فأنشأ المطبعة الاهلية سنة 1821 ميلادية وتعرف بمطبعة بولاق لانها وضعت اخيرا في بولاق واول ما طبع فيها قاموس ايطالى عربي سنة 1822 ميلادية وقد

اشتغلت هذه المطبعة اكثر من تسعين عاما وكانت اكبر مطبعة عربية في العالم وهى التى تسمى بالمطبعة الاميرية * ثم كثرت المطابع الآن بمصر على مختلف انواعها كما ادخلت عليها تحسينات عظيمة حسب التطور الحديث

ص: 188

ومن اراد التوسع في البحث عن تاريخ الطباعة العربية فليراجع الجزء الرابع من كتاب تاريخ آداب اللغة العربية لجورجي زيدان ومجلة الهلال لسنتي 9 و 22، ومجلة المشرق لسنتي 3 و 4، والمقتطف لسنة 7، وتاريخ جودت الجزء الاول.

واول مطبعة ظهرت بمكة المشرفة هي المطبعة الاميرية التى سميت فيما بعد (بمطبعة ام القرى) وهى التى اطلق عليها الآن (مطبعة الحكومة) والذي استحضرها عثمان باشا نوري الذى كان واليا على الحجاز في عهد الاتراك أتى بها في سنة 1303 هجرية تقريبا وجعلها في المكان الذى هي فيه الآن بأجياد وكانت بادئ امرها صغيرة الحجم لكن في وقتنا الحاضر اهتمت الحكومة السعودية بها وجلبت لها كثيرا من ادوات الطباعة وآلاتها الحديثة.

وفى عام 1327 هـ تقريبا استحضر الشيخ محمد ماجد الكردى رحمه الله تعالى مطبعة على حسابه الخاص سماها (المطبعة الماجدية) وجعلها في داره الكائنة بحارة القرراة وقد طبع بها كثير من الكتب ثم استحضر الشيخ محمد صالح نصيف مطبعة في عام 1345 هـ تقريبا سماها (المطبعة السلفيه) وهى معطلة الآن لا تستلمل وللشركة العربية للطبع والنشر مطبعة تسمى (المطبعة العربية) ومحلها بالشامية.

ص: 189