الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس (في عدد أجزاء القرآن وانصافه وسوره وآياته وحروفه)
عدد سور القران مائة واربع عشرة سورة ومن عدها مائة وثلاث عشرة سورة يجعل الانفال وبراءة سورة واحدة وعدد اجزائه ثلاثون جزءا.
وأما أنصافه فقد قال بعض القراء: القرآن العظيم له أنصاف باعتبارات فنصفه بالحروف النون من " نكرا " في الكهف والكاف من النصف الثاني * ونصفه بالكلمات الدال من قوله " والجلود " في الحج
وقوله ولهم مقامع من النصف الثاني * ونصفه بالآيات ياء " يأفكون " من سورة الشعراء وقوله فألقى السحرة من النصف الثاني * ونصفه على عدد السور آخر الحديد والمجادلة من النصف الثاني * وهو عشره بالاحزاب، وقيل ان النصف بالحروف الكاف من " نكرا " وقيل الفاء من قوله " وليتطف ".
(وأما آياته) فعددها ستة الاف ومائتان وست وثلاثون آية وهذا على حسب المصحف الاميري الذى طبعته الحكومة المصرية عام 1342 قال الامام الدانى اجمعوا على ان عدد آيات القران ستة الاف
اية ثم اختلفوا فيما زاد على ذلك فمنهم من لم يزد ومنهم من قال ومائتا آية وأربع آيات وقيل واربع عشرة وقيل وتسع عشرة وقيل وخمس وعشرون وقيل وست وثلاثون اه.
وتختلف الاعداد التى يعدون بها في سائر الآفاق إلى ستة أو سبعة كالعدد الكوفى والعدد البصري والعدد المكى والعدد المدنى.
الخ ويعلم كل ذلك من كتب القراءات، وقد بين ذلك شيخ المقارئ المصرية سابقا الشيخ محمد بن على بن خلف الحداد رحمه الله تعالى في كتابه سعادة الدارين في بيان وعد آى معجز الثقلين فارجع إليه ان شئت فان معرفة الآيات ضرورية ولها جملة فوائد لم نتعرض لذكرها خوف التطويل.
قال السخاوى في جمال القراء (فان قيل) فما الموجب لاختلافهم في عدد آى القرآن (قلت) النقل والتوقيف (فان قيل) فلو كان ذلك توقيفيا لم يقع اختلاف (قلت) الامر في ذلك على نحو من اختلاف القراءات وكلها مع الاختلاف راجع للنقل..الخ
(واما عدد كلماته) فقيل سبع وسبعون ألف كلمة وتسعمائة وأربع وثلاثون كلمة وقيل وأربعمائة وسبع وثلاثون، قال للسيوطي وسبب هذا الاختلاف في عد الكلمات ان الكلمة لها حقيقة ومجاز ولفظ ورسم واعتبار * كل منها جائز وكل من العلماء اعتبر احد الجوائز.
(واما عدد حروفه) فقيل ثلاثمائة ألف حرف وثلاثة وعشرون ألف حرف وستمائة حرف وسبعون حرفا وقيل غير ذلك، قال السيوطي والاشتغال باستيعاب ذلك مما لا طائل تحته وقد استوعبه ابن الجوزي في فنون الافنان وعد الانصاف والاثلاث إلى الاعشار واوسع القول في ذلك فراجعه منه اه.
وذكر بعضهم ان في القرآن كذا وكذا من الالف وكذا وكذا من الباء وكذا وكذا من التاء وهلم جرا إلى آخر الحروف الهجائية وفي أول حاشية الجمل على تفسير الجلالين بيان عدد كل ذلك وقال فيه ان عدد جلالات القرآن ألفان وستمائة وأربعة وستون، وقد ذكر ايضا ابن كثير رحمه الله تعالى في أول تفسيره عدد آيات القرآن وكلماته وحروفه وقد ذكر بعضهم أن عدة النقط على حروفه ألف ألف وخمس وعشرن ألفا وثلاثون نقطة كما جاء ذلك في حاشية اسنى المطالب، والحقيقة ان عد كلمات القرآن وحروفه أمر لا يستهان به إذ يحتاج إلى صبر وجلد عظيمين وإلى انتباه تام فقل من يتصدى لذلك.
الخاتمة
(وفيها خمس فوائد)(الفائدة الاولى - في فضائل القرآن) اعلم ان حفظ القرآن في الصدور فرض كفاية على الامة وكذلك تعليمه، اما نسيانه فكبيرة كما صرح به النووي في الروضة وغيرها لحديث ابى داود وغيره عرضت على ذنوب امتى فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها، وفى الصحيحين تعاهدوا القرآن فو الذى نفس محمد بيده لهو أشد تفلتا من الابل في عقلها وفيهما ايضا مثل القرآن مثل الابل المعقلة إن عقلها صاحبها أمسكها وإن تركها ذهبت.
(اخرج) الشيخان لا حسد الا في اثنتين رجل علمه الله القرآن فهو يتلوه آناء الليل والنهار فسمعه جار له فقال ليتنى أوتيت ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل ورجل آتاه الله مالا فهو يهلكه في الحق فقال رجل ليتنى أوتيت مثل ما أوتى فلان فعملت مثل ما يعمل.
(واخرج) الشيخان ايضا وغيرهما الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة والذى يقرأ القرآن ويتعتع فيه وهو عليه شاق له اجران.
(واخرج) احمد والترمذي ما من مسلم يأخذ مضجعه فيقرأ سورة
من كتاب الله تعالى الا وكل الله به ملكا يحفظه فلا يقربه شئ يؤذيه حتى يهب متى هب.
(واخرج) احمد من حديث معاذ بن انس من قرأ القرآن في سبيل الله كتب مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (وأخرج) مسلم من حديث جابر بن عبد الله خير الحديث كتاب
الله الخ (وأخرج) البخاري عن عثمان بن عفان قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ان افضلكم من تعلم القرآن وعلمه (واخرج) النسائي وغيره من حديث أنس قال اهل القرآن هم اهل الله وخاصته (واخرج) الطبراني من حديث أنس جملة القرآن عرفاء اهل الجنة (واخرج) الطبراني من حديث انس ايضا من قرأ القرآن يقوم به آناء الليل والنهار يحل حلاله ويحرم حرامه حرم الله لحمه ودمه على النار وجعله مع السفرة الكرام البررة حتى إذا كان يوم القيمة كان القرآن حجة له (واخرج) مسلم اقرؤا القرآن فانه يأتي يوم القيمة شفيعا لاصحابه (واخرج) الحاكم من حديث عبد الله بن عمر الصيام والقرآن يشفعان للعبد (واخرج) الديلى من حديث على حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل الا ظله (واخرج) الحاكم من حديث ابى هريرة يجئ صاحب القرآن يوم القيمة فيقول القرآن يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب
زده يا رب ارض عنه فيرضى عنه ويقال له اقرأ وارق وبزاد له بكل آية حسنة (واخرج) البيهقى من حديث عائشة البيت الذى يقرأ فيه القرآن يتراءى لاهل السماء كما تتراءى النجوم لاهل الارض (واخرج) ابن ماجه وغيره من حديث ابن مسعود عليكم بالشفاءين العسل والقرآن (واخرج) ايضا من حديث على خير الدواء القرآن (واخرج) البيهقى في الشعب عن وائلة بن الاسقع ان رجلا شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجع حلقه قال عليك بقراءة القرآن (واخرج) الطبراني من حديث ابن عمر ثلاثة لا يهو لهم الفزع الاكبر ولا ينالهم الحساب هم على كثيب من مسك حتى يفرغ من حساب الخلائق، رجل قرأ القرآن ابتغاء وجه الله
وأم به قوما وهم به راضون الحديث (واخرج) الشيخان مثل الذى يقرأ القرآن كمثل الاترجة طعمها طيب وريحها طيب والذى لا يقرأ القرآن كالتمرة طعمها طيب ولا ريح لها ومثل الفاجر الذى يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب وطعمها طيب مر ومثل الفاجر الذى لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها (واخرج) مسلم ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم الا تنزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده (وقال) رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال لصاحب القرآن اقرأ وارق
ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فان منزلك عند آخر آية نقرؤها (وقال) عليه الصلاة والسلام يقول الله تعالى من شغله قراءة القرآن عن دعائي اعطيته افضل ثواب الشاكرين (وقال) صلى الله عليه وسلم ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين رواه مسلم (وعن أنس مرفوعا) سبع يجرى للعبد أجرهن بعد موته وهو في قبره من علم علما أو أجرى نهرا أو حفر بئرا أو غرس نخلا أو بنى مسجدا أو ترك ولدا يستغفر له من بعد موته أو ورث مصحفا رواه ابن ماجه وغيره.
(هذه نبذة) مما ورد في فضائل القرآن جملة وقد ورد كثير من الاحاديث في فضل سور بعينها لم نذكرها خوف التطويل.
(الفائدة الثانية في الاكثار من تلاوة القرآن الكريم) ذكر الآله للقلوب قوت * إذا انتفى فانها تموت يستحب الاكثار من تلاوة القرآن قال الله تعالى مثنيا على تاليه " يتلون آيات الله آناء الليل " وقال " ان قرآن الفجر كان مشهودا "
أي تشهده الملائكة وقال " ان الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله انه غفور شكور " وقال " كتاب انزلناه اليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الالباب " وقال " الله نزل
أحسن الحديث كتابا متشابها مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدى به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا القرآن فانه يأتي يوم القيمة شفيعا لاصحابه رواه مسلم في صحيحه (واخرج) البيهقى من حديث النعمان ابن بشير أفضل عبادة امتى قراءة القرآن (وفى الحديث) يقول الله تعالى من شغله قراءة القرآن عن دعائي اعطيته افضل ثواب الشاكرين (وفي البخاري) اقرؤا القرآن ما ائتلفت عليه قلوبكم فإذا اختلفتم فقوموا عنه.
وروى الامام احمد عن ابى سعيد الخدرى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اوصيك بتقوى الله تعالى فانه رأس كل شئ وعليك بالجهاد فانه رهبانية الاسلام وعليك بذكر الله تعالى وتلاوة القرآن فانه روحك (1) في السماء وذكرك في الارض.
قال الليث في البستان: ينبغى للقارئ ان يختم في السنة مرتين ان لم يقدر على الزيادة، وروى عن ابى حنيفة انه قال من قرأ القرآن في كل سنة مرتين فقد أدى حقه لان النبي صلى الله عليه وسلم عرض على جبريل
(1) قال العزيرى على الجامع الصغير روحك بفتح الراء اي راحتك (*)
في السنة التى قبض فيها مرتين * وقال غيره يكره تأخير ختمه اكثر من اربعين يوما بلا عذر نص عليه احمد لان عبد الله بن عمر سأل النبي صلى الله عليه وسلم في كم نختم القرآن قال في اربعين يوما رواه أبو داود واخرج الشيخان عن عبد الله بن عمرو قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ القرآن في شهر قلت انى اجد قوة قال اقرأه في عشر قلت انى اجد قوة قال اقرأه في سبع ولا تزد على ذلك.
قال النووي في الاذكار المختار ان ذلك يختلف باختلاف الاشخاص فمن كان يظهر له بدقيق الفكر لطائف ومعارف فليقتصر على قدر يحصل له معه كمال فهم ما يقرأ وكذلك من كان مشغولا بنشر العلم أو فصل الحكومات أو غير ذلك من مهمات الدين والمصالح العامة فليقتصر على قدر لا يحصل بسببه اخلال بما هو مرصد له ولا فوات كماله وان لم يكن من هؤلاء المذكورين فليكثر ما امكنه من غير خروج الا حد الملل أو الهذرمة في القراءة اه وقد كره غير واحد من السلف قراءة القرآن في اقل من ثلاث لقوله صلى الله عليه وسلم من قرأ القرآن في اقل من ثلاث لم يفقه ونهى عليه الصلاة والسلام عن الهذرمة بالقرآن (1)
(1) هذر في منطقة خلط والهذر بفتحتين الهذيان.
(*)
وعن ابى حمزة قال قلت لابن عباس انى سريع القراءة وانى اقرأ القرآن في ثلاث فقال لان أقرأ البقرة في ليلة فادبرها وأرتلها احب إلى من أن أقرأكما تقول (وفي تفسير ابن كثير) قال الاعمش عن أبى
وائل عن ابن مسعود قال كان الرجل منا إذا تعلم عشر آيات لم يجاوزهن حتى يعرف معانيهن والعمل بهن وقال أبو عبد الرحمن السلمى حدثنا الذين كانوا يقرئوننا انهم كانوا يستقرئون من النبي صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا تعلموا عشر آيات لم يخلفوها حتى يعملوا بما فيها من العمل فتعلمنا القرآن والعمل جميعا اه.
الفائدة الثالثة (في تجويد القرآن العظيم) قال في عنوان البيان فرض الله تعالى على الامة ضبط القرآن وتعلمه وروايته على الوجه الذى نزل به بمعنى انه يجب ان يكون في كل عصر طائفة من الامة تبلغ حد التواتر يقومون بتحمله وروايته باللغة التى نزل بها ويحفظونه من التحريف والتغيير والتبديل وان يكون فيهم من يعرف اوجه القراءات والطرق والكيفيات المتلقاة من افواه المشايخ طبقة عن طبقة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال وقد اجمعوا على ان النقص في كيفية القرآن وهيئته كالنقص في ذاته ومادته فترك المد
والغنة والتفخيم والترقيق كترك حروفه وكلماته ومن هنا وجب تجويد القرآن كما قال ابن الجزرى.
والاخذ بالتجويد حتم لازم * من لم يجود القرآن آثم لانه به الاله انزلا * وهكذا منه الينا وصلا والتجويد هو اعطاء الحروف حقها وترتيلها ورد كل حرف إلى مخرجه واصله وتلطيف النطق به على كمال هيئته من غير اسراف ولا تعسف ولا افراط ولا تكلف، قال ابن الجزرى ولا اعلم لبلوغ النهاية في التجويد مثل رياضة الالسنة والتكرار على اللفظ المتلقى من فم
المحسن، ثم قال واهل الصدر الاول ما كانوا يقرءون القرآن ولا يعلمونه الاطفال الا مرتلا مجودا حتى لا يخرج الصبى من المكتب الا على رياضة تامة ومعرفة بتلاوة القرآن وترتيله لا ينقصه الا معرفة الاحكام والاصطلاحات الفنية التى يسمونها الآن علم التجويد.
الفائدة الرابعة (في آداب تلاوة القرآن)(يستحب) الترتيل في القراءة قال الله تعالى " ورتل القرآن ترتيلا " لانه أقرب إلى الاجلال والتوقير وأشد تأثيرا في القلب
قال ابن مسعود لا تنثروه نثر الدقل (1) ولا تهذوه هذ الشعر (2) قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب ولا يكون هم احدكم آخر السورة قال الشيخ الاخضري رحمه الله تعالى وانما يتلى بالارعواء * والحزن والخشوع والبكاء فواجب تقديس ذكر الله * عن فعل كل عابث ولاه اخرج البيهقى من حديث ابن عمر مرفوعا من قرأ القرآن فأعربه كان له بكل حرف عشرون حسنة ومن قرأه بغير اعراب كان له بكل حرف عشر حسنات، والمراد باعرابه معرفة معاني ألفاظه.
(ويستحب) تحسين الصوت بالقراءة لقوله صلى الله عليه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم رواه ابن ماجه، وروى مسلم عن ابى موسى الاشعري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا ابا موسى لو رأيتنى وانا استمع لقراءتك البارحة فقال اما والله لو اعلم انك تستمع قراءتى لحبرتها لك تحبيرا وقال الزهري عن أبى سلمة كان عمر إذا رآى أبا موسى قال ذكرنا ربنا يا أبا موسى
فيقرأ عنده، وقال النبي صلى الله عليه وسلم فيه لقد أوتى مزمارا من مزامير آل داود
(1) الدقل بفتحتين أردأ التمر (2) هذ قراءته هذا أسرع فيها وهو بالذال المعجمة (*)
وقال عثمان النهدي كان ابو موسى يصلى بنا فلو قلت انى لم اسمع صوت صنج قط ولا بربط قط (1) ولا شيئا قط أحسن من صوته.
والحقيقة ان قراءة القرآن بالصوت الحسن تهيج الارواح وتحرك القلوب وتوقظ النفس عن غفلتها وتطرد الملل والسآمة عن الفؤاد، هذا إذا كان في حدود التوقير والتعظيم، اما ما كان في قالب الطرب والغناء فهو المنهى عنه، قال ابن كثير في كتاب فضائل القرآن فأما الاصوات بالنغمات المحدثة المركبة على الاوزان والاوضاع الملهية والقانون الموسيقائى فالقرآن ينزه عن هذا ويجل ويعظم أن يسلك في أدائه هذا المذهب وقد جاءت السنة بالزجر عن ذلك اه قال بعضهم: واحذر من التطريب كالغناء * واحذر من التحزين للرياء واحذر من الترعيد والتحريف * فان ذا من سائر التحريف قال الرافعى في كتابه اعجاز القرآن: التطريب هو أن يترنم بالقرآن ويتنغم به فيمد في غير مواضع المد ويزيد في المد إن اصاب موضعه - والتحزين هو أن يأتي بالقراءة على وجه حزين يكاد يبكى مع خشوع وخضوع (2) - والترعيد هو أن يرعد القارئ صوته
(1) الصنج والبربط آلتان من آلات اللهو (2) القراءة بالحزن والخشوع بنية صادقة لا تكره وانما تكره للرياء كما هو صريح في البيتين (*)
كأنه يرعد من البرد أو الالم اه وقال ايضا رحمه الله فيه: أول ما ظهرت القراءة بألحان الغناء كان في المائة الثانية وكان ممن يقرأ بهذه الالحان الهيثم وأبان وابن أعين ومحمد بن سعيد وهذا من أهل المائة الثالثة اه (ويسن) الاستماع لقراءة القرآن وترك اللغط والحديث لقوله تعالى " فإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون "(ويسن) أن يستاك عند القراءة فقد ورد " أن افواهكم طرق للقرآن فطيبوها بالسواك " وأن يجلس مستقبل القبلة بسكينة ووقار، وأن تكون القراءة في مكان لائق والمسجد افضل لانه مكان العبادة (ويسن) التعوذ قبل القراءة لقوله تعالى " فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم " وصفة التعوذ اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، وكان جماعة من السلف يزيدون السميع العليم أي يقولون اعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم - وبعد التعوذ يأتي بالبسملة اول كل سورة غير براءة (ويسن) التكبير من خاتمة والضحى إلى خاتمة قل اعوذ برب الناس وصفة التكببر أن يقف القارئ بعد كل سورة وقفة لطيفة ويقول الله اكبر وقيل لا اله الا الله والله اكبر.
(ويسن) إذا فرغ من الختمة أن يشرع في أخرى عقب الختم
لحديث الترمذي وغيره " أحب الاعمال إلى الله الحال المرتحل الذى يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل " واخرج الدارمي بسند حسن عن ابن عباس عن أبى بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ
قل أعوذ برب الناس افتتح من الحمد ثم قرأ من البقرة إلى وأولئك هم المفلحون ثم دعا بدعاء الختمة ثم قام (والدعاء) عند الختم مستجاب وعنده تنزل الرحمة، قال الامام النووي يستحب الدعاء بعد قراءة القرآن استحبابا ويتأكد تأكيدا شديدا وقد نص الامام أحمد على استحبابه ايضا، أخرج الطبراني عن العرباض بن سارية مرفوعا من ختم القرآن فله دعوة مستجابة، وأخرج أيضا عن أنس أنه كان إذا ختم القرآن جمع أهله ودعا - لذلك كانوا يجتمعون عند ختمه (والافضل) ختم القرآن أول النهار أو أول الليل لما رواه الدارمي بسند حسن عن سعد بن أبى وقاص قال إذا وافق ختم القرآن أول الليل صلت عليه الملائكة حتى يصبح وان وافق ختمه أول النهار صلت عليه الملائكة حتى يمسى
دعاء ختم القرآن (نأتى هنا بدعاء جامع اقتبسناه من جملة أدعية مأثورة وهو:) اللهم ارحمنى بالقرآن واجعله لى إماما ونورا وهدى ورحمة * اللهم ذكرني منه ما نسيت وعلمني منه ما جهلت وارزقني تلاوته آناء الليل وأطراف النهار واجعله لى حجة يا رب العالمين * اللهم أصلح لى دينى الذى هو عصمة أمرى وأصلح لى دنياى التى فيها معاشى وأصلح لى آخرتي التى فيها معادى واجعل الحياة زيادة لى في كل خير واجعل الموت راحة لى من كل شر * اللهم اجعل خير عمرى آخره وخير عملي خواتمه وخير أيامى يوم ألقاك فيه * اللهم إنى أسألك عيشة هنية وميتة
سوية ومردا غير مخزي ولا فاضح * اللهم انى أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات وثبتنى وثقل موازيني وحقق إيمانى وارفع درجتي وتقبل صلاتي واغفر خطيئاتي وأسألك العلا من الجنة * اللهم انى أسألك أن ترفع ذكرى وتضع وزرى وتصلح أمرى وتطهر قلبى وتحصن فرجى وتنور قلبى وتغفر ذنبي * اللهم أحسن عاقبتنا في الامور كلها وأجرنا من خزى الدنيا وعذاب الاخرة * اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا
وبين معصيتك ومن طاعتك ما تبلغنا بها جنتك ومن اليقين ما تهون به علينا مصائب الدنيا ومتعنا بأسماعنا وأبصارنا وقوتنا ما أحييتنا واجعله الوارث منا واجعل ثأرنا على من ظلمنا وانصرنا على من عادانا ولا تجعل مصيبتنا في ديننا ولا تجعل الدنيا أكبر همنا ولا مبلغ علمنا ولا تسلط علينا من لا يرحمنا * اللهم انى أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والسلامة من كل إثم والغنيمة من كل بر والفوز بالجنة والنجاة من النار * اللهم لا تدع لنا ذنبا الا غفرته ولا هما الا فرجته دينا الا قضيته ولا حاجة من حوائج الدنيا والآخرة الا قضيتها يا ارحم الرحمين * اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا (آمين) الفائدة الخامسة (في آداب كتابة القرآن) لكتابة القرآن الكريم اداب كثيرة - منها - أن يكون الكاتب على وضوء بل هذا واجب على البالغ العاقل - ومنها - أن يكون على
نظافة في الثوب والبدن والمكان - ومنها - أن يحسن خطه فقد ورد " من كتب بسم الله الرحمن الرحيم مجودة غفر له " وورد أنه صلى الله عليه وسلم قال لكاتبه " ألق الدواة وحرف القلم وأنصب الباء وفرق السين
ولا تعور الميم وحسن الله ومد الرحمن وجود الرحيم " وقد شرحنا هذين الحديثين وغيرهما في أول كتابنا تاريخ الخط العربي وآدابه المطبوع بمصر شرحا دقيقا فنيا لم يطرقه قبلنا احد فانظره فيه فانه مبحث نفيس ومنها - أن يكتبه بحسب الرسم العثماني فاتباع رسمه واجب كما سبق بيان ذلك في هذا الكتاب - ومنها - أن يكتبه بحروف بحيث يقرآ بالبصر الصحيح من غير مشقة في تلاوته.
وقد نظم آداب كتابة القرآن الشيخ محمد العاقب الشنقيطى رحمه الله تعالى في قوله: مما به يهتم كل مسلم * ضبط كتابة الكتاب المحكم فاستقر ما لها من الآداب * واعمل به تسلم من العتاب قبل الشروع ألق الدواة * بصوفة وحرف الاداة وإن أردت كتبه في رق * أو غيره فاكتبه دون مشق وحسن الخط ولا تحرفا * نقط الحروف والحروف جوفا كى لا تجى أسطره مخلطة * ولا تري حروفه مقرمطه وكتبه في الصحف الصغار * يكره كالكتب على الجدار وكتبه على محل يوطأ * أو محوه فيه فذاك خطأ ومن يعظم حرمات الله * فان ذاك من تقى الاله قوله فاكتبه دون مشق أي لا تسرع في الكتابة.
(تنبيه) كثير من الخطاطين إذا أرادوا أن يكتبوا شيئا من القرآن على ورق أو لوح أو نحوهما يركبون الكلمات بعضها فوق بعض مباعدين حروفها بحيث تصعب قراءتها على من لم يحفظ القرآن وهذا كما لا يخفى لا يجوز لحصول اللبس والاشتباه في القراءة، والسبب في كتابتهم بهذه الصورة انهم ينظرون إلى جمال التركيب الخطى فقط غير ناظرين إلى تفرقة أجزاء الكلمات القرآنية وهذا خطأ فاحش نلفت نظرهم إليه على أن قليلا من العناية والتأمل يهديهم إلى جمال التركيب مع عدم تفرقة الحروف والله الموفق للصواب.
(وانى) استغفر الله العظيم من هفوة القلم، وزلة القدم فانه غفور رحيم، وليكن ختام الكتاب بأربع أبيات من نظمى إقرارا بوحدانية الله راجيا منه تعالى أن يثبتني بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة بفضله ورحمته وهى:(الامر لله ليس الامر للفلك * ولا لزيد ولا عمرو ولا ملك)(ما شاء كان وما لم لم يكن أبدا * فما هنالك مخلوق بمشترك)(تنزه الله عن أهل وعن ولد * وعن شريك فما في الامر من شكك)(إليه وجهت وجهى دائما أبدا * له صلاتي وصومي مخلصا نسكى)
(نسأل الله الحى القيوم لذى لا يموت * أن يعاملنا بما هو أهله)(وأن يسترنا في الدارين ويجعلنا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)(ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفى الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلنا)(الجنة مع الابرار امين وصلى الله على نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين)
(سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين)(والحمد لله رب العالمين)(ولقد كان طبعه على نفقة الفاضل الشيخ مصطفى محمد يغمور بمكة)(ومن عجيب الاتفاق ان تمام طبع هذا الكتاب كان في يوم سفر مؤلفه)(من جدة إلى مصر وكردستان للزيارة وهو يوم الجمعة الموافق)(عشرين شعبان عام ألف وثلاثمائة وخمس وستين من)(الهجرة النبوية * وان طبعه بهذا الرونق)(الجميل وظهوره بهذا الشكل البديع)(كان في مطبعة الفتح الوطنية)(لصاحبها المحترم الشيخ)(عبد الرحيم عبد الفتاح)(بجدة بالحجاز)
(قال محمد طاهر الكردى المكى الخطاط)(مؤلف هذا الكتاب في الحكم والامثال) حركات المرء تدل على عقله * حفظ المعروف من المروءة * لا تهد شيئا لمن لا يقدره * تقدير الاعمال يزيد نشاط العمال * مراعاة احساس الاصدقاء تقوى حبل الصداقة * العزيز إذا افتقر هان * دوام العزلة يميت النشاط والهمة * الاعتراف بالاحسان من كمال الانسان * إذا افتقر العاقل تعرض للزلل * الاستبداد والقسوة يورثان البلادة والجفو * ة هضم الحقوق موجب للعقوق * لا ينهض المرء بفقره * الكريم إذا ضاقت به الاحوال لم يختلط بالناس * المال اساس النجاح * الكريم
بلا مال كالشجاع بلا سلاح * المال يستر العيوب * الاحمق واللئيم يضيع فيهما المعروف * كثرة الخضوع نفاق * لا يشقى من حالفه الحظ * لا تحتقر ضعيف اليوم فقد يصبح غدا عظيما * لا تتودد إلى من لا يعتبرك * الفوضى عاقبتها الفشل * الصبور إذا انتقم بطش * الانهماك في العمل يؤدى إلى الملل * من احترم غيره فقد احترم نفسه (ومن نظمه غفر الله له) كم عاقل فاضل تلقاه مضطربا * وجاهل خامل تلقى به طربا هذا له الحظ في الدنيا وذاك له * عز من الله في أخراه قد وجبا
(ومن نظمه ايضا) لقد استراح من الحياة وكدها * ومن الهموم ورؤية الاهوال من مات أو من جن أو متبتل * لزم القناعة صادق الاحوال (ومن نظمه ايضا) دع الامر تحت القضا والقدر * فما ينفع العقل لا والحذر فمن رام سخطا على ما جرى * فذاك الكفور وشر البشر ومن سلم الامر نال المنى * وما يبتغيه ونال الظفر فصبرا جميلا على ما قضا * هـ الاله عساه يزيل الضرر ولا تتركن الدعا والطلب * فان اللطيف به قد أمر ولا تركبن بحار الهوى * فان المعاصي قرين الخطر (ومن نظمه ايضا متضرعا إلى الله تعالى) زدنى بفرط الابتلاء تصبرا * والطف بما قدرته فيما جرى يا من له عنت الوجوه جميعها * رحماك فالعبد الذليل تحيرا
كم عاقل فاضل تلقاه مضطربا * وجاهل خامل تلقى به طربا هذا له الحظ في الدنيا وذاك له * عز من الله في أخراه قد وجبا
(ومن نظمه ايضا) لقد استراح من الحياة وكدها * ومن الهموم ورؤية الاهوال من مات أو من جن أو متبتل * لزم القناعة صادق الاحوال (ومن نظمه ايضا) دع الامر تحت القضا والقدر * فما ينفع العقل لا والحذر فمن رام سخطا على ما جرى * فذاك الكفور وشر البشر ومن سلم الامر نال المنى * وما يبتغيه ونال الظفر فصبرا جميلا على ما قضا * هـ الاله عساه يزيل الضرر ولا تتركن الدعا والطلب * فان اللطيف به قد أمر ولا تركبن بحار الهوى * فان المعاصي قرين الخطر (ومن نظمه ايضا متضرعا إلى الله تعالى) زدنى بفرط الابتلاء تصبرا * والطف بما قدرته فيما جرى يا من له عنت الوجوه جميعها * رحماك فالعبد الذليل تحيرا إن لم يكن لى منك لطف شامل * أو فضل احسان على مكررا فمن الذى أرجو لكشف بليتي * أو من إليه أميل من بين الورى والكل مفتقر اليك وسائل * من فيض جودك نقطه أن تقطرا لا أرتجى أحدا سواك وأنت لى * نعم الملاذ ومن رجاك استبشرا إنى سألتك والهموم تراكمت * والدهر عاند والزمان تنكرا حاشا تخيب من رجاك مؤملا * مهما جنى أو كان فيك مقصرا