الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْ مُوسَى الْجُهَنِيِّ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ حَفْصٍ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِعَائِشَةَ حِينَ احْتُضِرَ: " يَا بُنَيَّةِ، إِنَّا وَلِينَا أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ فَلَمْ نَأْخُذْ لَهُمْ دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَكِنَّا أَكَلْنَا مِنْ جَرِيشِ طَعَامِهِمْ فِي بُطُونِنَا، وَلَبِسْنَا مِنْ خَشِنِ ثِيَابِهِمْ عَلَى ظُهُورِنَا، وَإِنَّهُ لَمْ يَبْقَ عِنْدَنَا مِنْ فَيْءِ الْمُسْلِمِينَ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ، إِلَّا هَذَا الْعَبْدُ الْحَبَشِيُّ، وَهَذَا الْبَعِيرُ النَّاضِحُ، وَجَرْدُ هَذِهِ الْقَطِيفَةِ، فَإِذَا مُتُّ فَابْعَثِي بِهِنَّ إِلَى عُمَرَ، فَجَاءَهُ الرَّسُولُ وَعِنْدَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ، فَبَكَى عُمَرُ حَتَّى سَالَتْ دُمُوعُهُ عَلَى الْأَرْضِ وَقَالَ: رَحِمَ اللَّهُ أَبَا بَكْرٍ، لَقَدْ أَتْعَبَ مَنْ بَعْدَهُ، ارْفَعْهُنَّ يَا غُلَامُ فَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، تَسْلُبُ عِيَالَ أَبِي بَكْرٍ عَبْدًا حَبَشِيًّا، وَبَعِيرًا نَاضِحًا، وَجَرْدَ قَطِيفَةٍ ثَمَنُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ؟ فَقَالَ: مَا تَأْمُرُ؟ قَالَ: آمُرُ بِرَدِّهِنَّ عَلَى عِيَالِهِ قَالَ: خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ عَنْهُنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَأَرُدُّهُنَّ أَنَا إِلَى عِيَالِهِ، لَا يَكُونُ ذَلِكَ وَاللَّهِ أَبَدًا، الْمَوْتُ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ "
سِيَاقُ وَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَلِلَّهِ حَقٌّ بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى فَرِيضَةٌ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْحَقَّ وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا، وَإِنَّمَا خَفَّتْ
مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمْ فِي الدُّنْيَا الْبَاطِلَ وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ، وَإِنَّ اللَّهَ عز وجل ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَصَالِحَ مَا عَمِلُوا، وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، وَذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَآيَةَ الْعَذَابِ؛ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا وَرَاهِبًا، فَلَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَلَا يُلْقِي بِيَدِهِ إِلَى الْمَهْلَكَةِ، فَإِنْ حَفِظْتَ قَوْلِي فَلَا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَا بُدَّ لَكَ مِنْهُ، وَإِنْ ضَيَّعْتَ وَصِيَّتِي فَلَا يَكُونَنَّ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تُعْجِزَهُ
عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَنْ زُبَيْدٍ الْيَامِيِّ قَالَ: لَمَّا حَضَرَتْ أَبَا بَكْرٍ الْوَفَاةُ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ يَسْتَخْلِفُهُ فَقَالَ النَّاسُ: اسْتَخْلَفَ عَلَيْنَا فَظًّا غَلِيظًا، لَوْ قَدْ مَلَكَنَا كَانَ أَفَظَّ وَأَغْلَظَ، فَمَاذَا تَقُولُ لِرَبِّكَ إِذَا لَقِيتَهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: " أَتُخَوِّفُونِي بِرَبِّي؟ أقُولُ: يَا رَبِّ، أَمَّرْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ. ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَقَالَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَلِلَّهِ حَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَإِنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا ثِقَلَهُ عَلَيْهِمْ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يُوضَعُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ
⦗ص: 672⦘
، إِنَّ اللَّهَ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ بِصَالِحِ أَعْمَالِهِمْ وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئَاتِهِمْ، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: لَا أَبْلُغُ هَؤُلَاءِ، وَذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ بِأَسْوَإِ مَا عَمِلُوا بِهِ، رَدَّ عَلَيْهِمْ صَالِحَ الَّذِينَ عَمِلُوا، فَيَقُولُ الْقَائِلُ: أَنَا أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ، وَذَكَرَ آيَةَ الرَّحْمَةِ وَآيَةَ الْعَذَابِ؛ لِيَكُونَ الْمُؤْمِنُ رَاغِبًا رَاهِبًا، لَا تَتَمَنَّ عَلَى اللَّهِ عز وجل غَيْرَ الْحَقِّ، وَلَا تُلْقِ بِيَدَيْكَ إِلَى التَّهْلُكَةِ، فَإِنْ حَفِظْتَ قَوْلِي هَذَا لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَحَبَّ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَابُدَّ لَكَ مِنْهُ، وَإِنْ أَنْتَ ضَيَّعْتَ قَوْلِي لَمْ يَكُنْ غَائِبٌ أَبْغَضَ إِلَيْكَ مِنَ الْمَوْتِ، وَلَنْ تُعْجِزَهُ "
عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ سَالِمٍ قَالَ: لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ أَوْصَى: " بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا عَهْدٌ مِنْ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ عِنْدَ آخِرِ عَهْدِهِ بِالدُّنْيَا خَارِجًا مِنْهَا، وَأَوَّلِ عَهْدِهِ بِالْآخِرَةِ دَاخِلًا فِيهَا، حَيْثُ يُؤْمِنُ الْكَافِرُ، وَيَتَّقِي الْفَاجِرُ، وَيَصْدُقُ الْكَاذِبُ، إِنِّي اسْتَخْلَفْتُ مِنْ بَعْدِي عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، فَإِنْ قَصَدَ وَعَدَلَ فَذَاكَ ظَنِّي بِهِ، وَإِنْ جَارَ وَبَدَّلَ فَالْخَيْرَ أَرَدْتُ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ، {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} [الشعراء: 227] . ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عُمَرَ فَدَعَاهُ فَقَالَ: يَا عُمَرُ، أَبْغَضَكَ مُبْغِضٌ، وَأَحَبَّكَ مُحِبٌّ، وَقَدْ مَا يُبْغَضُ الْخَيْرُ وَيُحَبُّ الشَّرُّ قَالَ عُمَرُ: فَلَا حَاجَةَ لِي فِيهَا قَالَ: لَكِنْ لَهَا بِكَ حَاجَةٌ، قَدْ رَأَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 673⦘
وَصُحْبَتَهُ، وَرَأَيْتَ أَثْرَتَهُ أَنْفُسَنَا عَلَى نَفْسِهِ، حَتَّى أَنْ كُنَّا لَنُهْدِيَ لِأَهْلِهِ فَضْلَ مَا يَأْتِينَا مِنْهُ، وَرَأَيْتَنِي وَصَحِبْتَنِي، وَإِنَّمَا اتَّبَعْتُ أَثَرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي، وَاللَّهِ مَا نِمْتُ فَحَلَمْتُ، وَلَا شَبَّهْتُ فَتَوَهَّمْتُ، وَإِنِّي عَلَى طَرِيقِي مَا زِغْتُ، تَعْلَمُ يَا عُمَرُ أَنَّ لِلَّهِ حَقًّا فِي اللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَحَقًّا فِي النَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا الْحَقُّ أَنْ يَثْقُلَ، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ، وَحَقَّ لِمِيزَانٍ لَا يَكُونُ فِيهِ إِلَّا الْبَاطِلُ أَنْ يَخِفَّ، إِنَّ أَوَّلَ مَنْ أُحَذِّرُكَ نَفْسُكَ، وَأُحَذِّرُكَ النَّاسَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ طَمَحَتْ أَبْصَارُهُمْ، وَانْتَفَخَتْ أَجْوَافُهُمْ، وَإِنَّ لَهُمْ لَحِيرَةٌ عَنْ ذِلَّةٍ تَكُونُ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَكُونَهُ، وَإِنَّهُمْ لَنْ يَزَالُوا خَائِفِينَ لَكَ فَرِقِينَ مِنْكَ مَا خِفْتَ مِنَ اللَّهِ وَفَرِقْتَهُ، وَهَذِهِ وَصِيَّتِي، وَأَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ "