المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌خبر خالد بن سنان - تاريخ المدينة لابن شبة - جـ ٢

[ابن شبة]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ اللِّعَانِ

- ‌ذِكْرُ الظِّهَارِ

- ‌خَبَرُ ابْنِ صَائِدٍ

- ‌ذِكْرُ ابْنِ أُبَيْرِقٍ

- ‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ

- ‌ذِكْرُ سَرَايَا رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌الْوُفُودُ

- ‌خَبَرُ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ

- ‌وَفْدُ نَجْرَانَ

- ‌صِفَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَا رُوِيَ فِي خِضَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌أَسْمَاءُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْكُتُبِ

- ‌ذِكْرُ فَضْلِ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ قُرَيْشٍ وَقَبَائِلِ الْعَرَبِ

- ‌تَسْمِيَتُهُ بِالْفَارُوقِ

- ‌ذِكْرُ هِجْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَإِخَائِهِ رحمه الله

- ‌ذِكْرُ عَهْدِ أَبِي بَكْرٍ إِلَى عُمَرَ، وَاسْتِخْلَافِهِ إِيَّاهُ، وَوَصِيَّتِهِ إِيَّاهُ عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ قَالَ: أَوَّلُ مَنْ وَلَّى أَبُو بَكْرٍ شَيْئًا مِنْ أُمُورِ الْمُسْلِمِينَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَلَّاهُ الْقَضَاءَ، وَكَانَ أَوَّلَ قَاضٍ فِي الْإِسْلَامِ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ أَبُو بَكْرٍ وَاسْتَبَانَ لَهُ مِنْ نَفْسِهِ جَمَعَ النَّاسَ إِلَيْهِ

- ‌سِيَاقُ وَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ لِعُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ زَيْدٍ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لِعُمَرَ: إِنِّي مُوصِيكَ بِوَصِيَّةٍ إِنْ حَفِظْتَهَا: إِنَّ لِلَّهِ حَقًّا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ فِي اللَّيْلِ، وَلِلَّهِ حَقٌّ بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ فِي النَّهَارِ، وَإِنَّهَا لَا تُقْبَلُ نَافِلَةٌ حَتَّى تُؤَدَّى فَرِيضَةٌ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ

- ‌ذِكْرُ ابْتِدَاءِ خِلَافَتِهِ رضي الله عنه

- ‌أَوَّلُ مَنْ سَمَّى عُمَرَ رضي الله عنه أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ

- ‌هَيْبَةُ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌وِلَايَةُ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه الْقَضَاءَ

- ‌عَفَافُ عُمَرَ رضي الله عنه عَنِ الْمَالِ وَغِلَظُ مَطْعَمِهِ

- ‌مَا رُوِيَ عَنْهُ رضي الله عنه فِي جَمْعِ الْقُرْآنِ وَالْقَوْلِ فِيهِ

- ‌جَمْعُ عُمَرَ رضي الله عنه النَّاسَ عَلَى قِيَامِ رَمَضَانَ

- ‌تَحْرِيمُ عُمَرَ رضي الله عنه مُتْعَةَ النِّسَاءِ

- ‌ذِكْرُ مَنِ اسْتَمْتَعَ قَبْلَ تَحْرِيمِ عُمَرَ رضي الله عنه يُقَالُ: إِنَّ عَمْرَو بْنَ حُرَيْثٍ اسْتَمْتَعَ مِنَ امْرَأَةٍ مِنْ بَنِي سَعْدِ بْنِ بَكْرٍ، فَوَلَدَتْ فَجَحَدَ وَلَدَهَا. وَاسْتَمْتَعَ سَلَمَةُ بْنُ أُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ مِنْ سَلْمَى مَوْلَاةِ حَكِيمِ بْنِ أُمَيَّةَ بْنِ حَارِثَةَ بْنِ الْأَوْقَصِ السُّلَمِيِّ، فَوَلَدَتْ فَجَحَدَ وَلَدَهَا. وَاسْتَمْتَعَ سَعْدُ بْنُ أَبِي سَعْدِ بْنِ أَبِي

- ‌نَهْيُ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ

- ‌ضَرْبُ عُمَرَ رضي الله عنه فِي شُرْبِ الْخَمْرِ ثَمَانِينَ

- ‌جَمْعُ عُمَرَ رضي الله عنه النَّاسَ عَلَى التَّكْبِيرِ عَلَى الْجَنَائِزِ

- ‌أَمْرُ الرَّمَادَةِ وَمَا فَعَلَ عُمَرُ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ الْعَامِ

- ‌تَأْدِيبُ عُمَرَ رضي الله عنه الرَّعِيَّةَ فِي أَمْرِ دِينِهِمْ وَدُنْيَاهُمْ

- ‌كَرَامَاتُهُ وَمُكَاشَفَاتُهُ

- ‌تَقْدِيرُ الدِّيَةِ فِي عَهْدِ عُمَرَ رضي الله عنه

- ‌مَسْأَلَةُ عُمَرَ رضي الله عنه عَنْ نَفْسِهِ وَتَفَقُّدُهُ أُمُورَ رَعِيَّتِهِ

الفصل: ‌خبر خالد بن سنان

حَدَّثَنِي عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُثَنَّى، عَنْ ثُمَامَةَ، عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا سَلَّمَ عَلَى قَوْمٍ سَلَّمَ ثَلَاثًا، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا»

ص: 420

‌خَبَرُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ

ص: 420

حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَطِيَّةَ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا ثَابِتٌ، عَنْ

⦗ص: 421⦘

أَنَسٍ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُبَايِعُ النِّسَاءَ فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ تُبَايِعُهُ فَسَأَلَهَا:«بِنْتُ مَنْ أَنْتِ؟» فَقَالَتْ: أَنَا بِنْتُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «هَذِهِ بِنْتُ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ، أَمَرَهُمْ إِذَا هُمْ دَفَنُوهُ أَنْ يَنْبِشُوا عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ سَيَخْرُجُ حَيًّا، فَلَمْ يَفْعَلُوا، فَهَذِهِ ابْنَةُ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

ص: 420

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ سَالِمٍ الْأَفْطَسِ قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ يَقُولُ: جَاءَتْ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ الْعَبْسِيِّ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَرْحَبًا يَا ابْنَةَ أَخِي وَابْنَةَ نَبِيٍّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

ص: 421

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَيُّوبَ، صَاحِبُ الْبَصْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي يُونُسَ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي عَبْسٍ يُقَالُ لَهُ: خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ قَالَ لِقَوْمِهِ: أَنَا أُطْفِئُ عَنْكُمْ نَارَ الْحَدَثَانِ فَقَالَ لَهُ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ، رَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ: وَاللَّهِ مَا قُلْتَ لَنَا يَا خَالِدُ قَطُّ إِلَّا حَقًّا، فَمَا شَأْنُكَ وَشَأْنُ نَارِ الْحَدَثَانِ تَزْعُمُ أَنَّكَ تُطْفِئُهَا؟ قَالَ: فَانْطَلَقَ وَانْطَلَقَ مَعَهُ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ مَعَ نَاسٍ مِنْ قَوْمِهِ حَتَّى أَتَوْهَا وَهِيَ تَخْرُجُ مِنْ شَقِّ جَبَلٍ

⦗ص: 422⦘

مِنْ حَرَّةٍ يُقَالُ لَهَا: حَرَّةُ أَشْجَعَ قَالَ: فَخَطَّ لَهُمْ خُطَّةً فَأَجْلَسَهُمْ فِيهَا وَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَبْطَأْتُ عَنْكُمْ فَلَا تَدْعُونِي بِاسْمِي قَالَ: فَخَرَجَتْ كَأَنَّهَا خَيْلٌ شُقْرٌ يَتْبَعُ بَعْضُهَا بَعْضًا، فَاسْتَقْبَلَهَا خَالِدٌ فَجَعَلَ يَضْرِبُهَا بِعَصَاهُ وَيَقُولُ بَدَّا بَدَّا، كُلُّ هُدًى مُؤَدَّى. زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمِعْزَى أَنِّي لَا أَخْرُجُ مِنْهَا وَثِيَابِي تَنْدَى، حَتَّى دَخَلَ مَعَهَا الشِّعْبَ قَالَ: فَأَبْطَأَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ عُمَارَةُ بْنُ زِيَادٍ: وَاللَّهِ لَوْ كَانَ صَاحِبُكُمْ حَيًّا لَخَرَجَ إِلَيْكُمْ بَعْدُ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّهُ قَدْ نَهَانَا أَنْ نَدْعُوَهُ بِاسْمِهِ قَالَ: ادْعُوهُ بِاسْمِهِ، فَوَاللَّهِ لَوْ كَانَ صَاحِبُكُمْ حَيًّا لَقَدْ خَرَجَ إِلَيْكُمْ بَعْدُ قَالَ: فَدَعَوْهُ بِاسْمِهِ قَالَ: فَخَرَجَ وَهُوَ آخِذٌ بِرَأْسِهِ فَقَالَ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ أَنْ تَدْعُونِي بِاسْمِي؟ قَدْ وَاللَّهِ قَتَلْتُمُونِي، احْمِلُونِي وَادْفِنُونِي، فَإِنْ مَرَّتْ بِكُمُ الْحُمُرُ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ فَانْبِشُونِي، فَإِنَّكُمْ سَتَجِدُونِي حَيًّا، فَأُخْبِرُكُمْ بِمَا يَكُونُ قَالَ: فَدَفَنُوهُ، فَمَرَّتْ بِهِمُ الْحُمُرُ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ، فَقَالُوا: نَنْبِشُهُ

⦗ص: 423⦘

، فَإِنَّهُ قَدْ أَمَرَنَا أَنْ نَنْبِشَهُ فَقَالَ عُمَارَةُ: لَا تَحَدَّثُ مُضَرُ أَنَّا نَنْبِشُ مَوْتَانَا، وَاللَّهِ لَا تَنْبِشُونَهُ أَبَدًا قَالَ: وَقَدْ كَانَ خَالِدٌ أَخْبَرَهُمْ أَنَّ فِي عِكْمِ امْرَأَتِهِ لَوْحَيْنِ فَإِذَا أَشْكَلَ عَلَيْكُمْ أَمْرٌ فَانْظُرُوا فِيهِمَا فَإِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ مَا تُسْأَلُونَ عَنْهُ قَالَ: وَلَا تَمَسَّهُمَا حَائِضٌ. فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى امْرَأَتِهِ سَأَلُوهَا عَنْهُمَا فَأَخْرَجَتْهُمَا وَهِيَ حَائِضٌ، فَذَهَبَ مَا كَانَ فِيهِمَا مِنْ عِلْمٍ. قَالَ أَبُو يُونُسَ: فَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: سُئِلَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «نَبِيٌّ أَضَاعَهُ قَوْمُهُ» قَالَ: وَقَالَ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ: إِنَّ ابْنَ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ، أَوْ بِنْتَ خَالِدٍ، أَتَى، أَوْ أَتَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ:«مَرْحَبًا بِابْنِ أَخِي، أَوِ ابْنَةِ أَخِي»

ص: 421

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الصَّبَّاحِ قَالَ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ: عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: قَدِمَتِ الْمُحَيَّاةُ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ سِنَانٍ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «مَرْحَبًا بِابْنَةِ أَخِي، نَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

ص: 423

حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي الزِّنَادِ، عَنْ أَبِيهِ، يَقُولُ: نَبِيٌّ فَرَّطَ فِيهِ قَوْمُهُ، سَالَتْ عَلَيْهِمْ نَارٌ مِنْ حَرَّةِ النَّارِ فِي نَاحِيَةِ خَيْبَرَ، وَالنَّاسُ فِي وَسَطِهَا، وَهِيَ تَأْتِي مِنْ نَاحِيَتَيْنِ جَمِيعًا، فَخَافَهَا النَّاسُ خَوْفًا شَدِيدًا فَقَالَ لَهُمُ الْعَبْسِيُّ: ابْعَثُوا مَعِي إِنْسَانًا حَتَّى أُطْفِئَهَا مِنْ أَصْلِهَا قَالَ: فَخَرَجَ مَعَهُ رَاعِي غَنَمٍ، هُوَ ابْنُ رَاعِيَةٍ، حَتَّى جَاءَ غَارًا تَخْرُجُ مِنْهُ النَّارُ، ثُمَّ قَالَ الْعَبْسِيُّ لِلرَّاعِي: أَمْسِكْ ثَوْبِي، ثُمَّ دَخَلَ فِي الْغَارِ فَقَالَ: هَدْيًا هَدْيًا، كُلُّ هَدْيٍ مُؤَدًّى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْغَنَمِ أَنِّي سَأَخْرُجُ وَثِيَابِي لَا تَنْدَى قَالَ وَهُوَ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ:

[البحر الرجز]

عُودِي بَدَا كُلُّ شَيْءٍ مُوَدَّى

لَأَخْرُجَنَّ مِنْهَا وَجَسَدِي يَنْدَى

حَتَّى إِذَا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ قَالَ لِقَوْمِهِ الْأَدْنَيْنَ مِنْهُ: إِذَا دَفَنْتُمُونِي فَمَرَّتْ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَإِنَّكُمْ سَتَنْظُرُونَ إِلَى حِمَارٍ يَأْتِي قَبْرِي فَيَبْحَثُ بِحَافِرِهِ وَجَحْفَلَتِهِ عَنِّي، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ فَانْبِشُونِي؛ فَإِنِّي سَأُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: اسْمُهُ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ "

ص: 424

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُجَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ، عَنِ الشَّعْبِيِّ أَنَّ رَجُلًا مِنْ عَبْسٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ، دَعَا قَوْمَهُ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَأَنْ يُقِرُّوا لَهُ بِالنُّبُوَّةِ، فَأَبَوْا، وَكَانَتْ نَارٌ تُسْتَوْقَدُ فِي أَرْضٍ قَرِيبٍ مِنْ أَرْضِ بَنِي عَبْسٍ فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ أَطْفَأْتُ لَكُمْ هَذِهِ النَّارَ أَتَشْهَدُونَ أَنِّي نَبِيٌّ؟ قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: فَأَخَذَ عَسِيبًا مِنْ نَخْلٍ رَطِبٍ فَدَخَلَ النَّارَ وَهُوَ يَضْرِبُهَا بِالْقَضِيبِ وَهُوَ يَقُولُ: بِاسْمِ رَبِّ الْأَعْلَى، كُلُّ هَدَّى مُوَدَّى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَّةِ الْمِعْزَى، أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنْهَا وَثِيَابِي تَنْدَى. فَمَا مِنْ شَيْءٍ كَانَ أَصَابَهُ ذَلِكَ الْعَسِيبُ إِلَّا انْطَفَأَ، فَأَطْفَأَهَا، وَدَعَاهُمْ فَأَبَوْا فَكَذَّبُوهُ ثَانِيَةً فَقَالَ لَهُمْ: إِنِّي لَبِثْتُ أَيْ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا، فَإِذَا دَفَنْتُمُونِي وَأَتَى عَلَيَّ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَأْتُوا قَبْرِي، فَإِذَا عَرَضَتْ لَكُمْ عَانَةٌ مِنْ حُمُرِ وَحْشٍ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِيرٌ تَتْبَعُهُ فَانْبِشُونِي؛ فَإِنِّي أَقُومُ فَأُخْبِرُكُمْ مَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَأَتَوَا الْقَبْرَ بَعْدَ ثَلَاثٍ، وَسَنَحَتْ لَهُمُ الْحُمُرُ وَبَيْنَ يَدَيْهَا عِيرٌ تَتْبَعُهُ، فَقَامَ قَوْمُهُ مِنْ أَهْلِ

ص: 425

بَيْتِهِ وَبَنِي عَمِّهِ فَقَالُوا: لَا نَدَعُكُمْ تَنْبِشُونَ صَاحِبَنَا فَنُعَيَّرُ. فَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِنَّ رَجُلًا مِنْ وَلَدِهِ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «نَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ»

ص: 426

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عِمْرَانَ، عَنْ هِلَالٍ، وَالْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَمْرٍو الْأَوْزَاعِيِّ قَالَ: قَدِمَتْ بِنْتُ خَالِدِ بْنِ سِنَانِ بْنِ جَابِرِ بْنِ مُرَيْطَةَ بْنِ قَطِيعَةَ بْنِ عَبْسٍ، فَسَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَأَسْمَعُ كَلَامًا كُنْتُ أَسْمَعُهُ مِنْ أَبِي قَالَ:«إِنَّ أَبَاكِ كَانَ نَبِيًّا أَضَاعَهُ قَوْمُهُ، فَمَا أَوْصَاكُمْ بِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ؟» قَالَتْ: قَالَ لَنَا: إِنَّكُمْ إِذَا دَفَنْتُمُونِي أَقْبَلَ عِيرٌ أَشْهَبُ يَقُودُ عَانَةً مِنَ الْحُمُرِ حَتَّى يَتَمَعَّكَ عِنْدَ قَبْرِي، فَإِذَا رَأَيْتُمْ ذَلِكَ أَنْحِتُونِي أُخْبِرْكُمْ بِمَا مَضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَمَا بَقِيَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَلَمَّا دَفَنَّاهُ جَاءَ ذَلِكَ الْعِيرُ فِي تِلْكَ الْحَمِيرِ فَتَمَعَّكَ عِنْدَ قَبْرِهِ، فَهَمَّ بَعْضُنَا بِنَحْتِهِ فَقَالَ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ: إِذًا تَكُونُ سُبَّةً عَلَيْنَا فَاتْرُكُوهُ، فَتَرَكْنَاهُ "

ص: 426

قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بْنِ الْفُرَاتِ بْنِ سَالِمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي ابْنُ الْقَعْقَاعِ بْنِ خُلَيْدٍ الْعَبْسِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: بَعَثَ اللَّهُ خَالِدَ بْنَ سِنَانٍ نَبِيًّا إِلَى بَنِي عَبْسٍ، فَدَعَاهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَقَالَ لَهُ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ: إِنْ دَعَوْتَ فَأَسَلْتَ هَذِهِ الْحَرَّةَ عَلَيْنَا نَارًا -

ص: 426

فَإِنَّكَ إِنَّمَا تُخَوِّفُنَا بِالنَّارِ - اتَّبَعْنَاكَ ، وَإِنْ لَمْ تُسِلْ نَارًا كَذَّبْنَاكَ ، قَالَ: فَذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ، قَالُوا نَعَمْ قَالَ: فَتَوَضَّأَ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّ قَوْمِي كَذَّبُونِي وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِرِسَالَتِي إِلَّا بِأَنْ تُسِيلَ عَلَيْهِمْ هَذِهِ الْحَرَّةُ نَارًا، فَأَسِلْهَا عَلَيْهِمْ نَارًا قَالَ: فَطَلَعَ مِثْلُ رَأْسِ الْحَرِيشِ، ثُمَّ عَظُمَتْ حَتَّى عَرَّصَتْ أَكْثَرَ مِنْ مِيلٍ، فَسَالَتْ عَلَيْهِمْ، فَقَالُوا: يَا خَالِدُ، ارْدُدْهَا؛ فَإِنَّا مُؤْمِنُونَ بِكَ، فَتَنَاوَلَ عَصًا ثُمَّ اسْتَقْبَلَهَا بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ، فَدَخَلَ فِيهَا فَضَرَبَهَا بِالْعَصَا وَيَقُولُ: هَدَّا هَدَّا كُلُّ خَرْجٍ مُؤَدَّى، زَعَمَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمِعْزَى أَنْ لَا أَخْرُجَ مِنْهَا وَجَبِينِي يَنْدَى، فَلَمْ يَزَلْ يَضْرِبُهَا حَتَّى رَجَعَتْ. قَالَ: فَرَأَيْتُنَا نُعَشِّي الْإِبِلَ عَلَى ضَوْءِ نَارِهَا ضِلْعَا الرَّبَذَةِ، وَبَيْنَ ذَلِكَ ثَلَاثُ لَيَالٍ "

ص: 427

حَدَّثَنِي أَبُو غَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مَنْظُورِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَ بْنِ يَسَارٍ الْفَزَارِيِّ قَالَ: أَخْبَرَنِي مَشْيَخَةٌ، مِنْ قَوْمِي فِيهِمْ أَبِي قَالُوا: قَالَ خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ: يَا بَنِي عَبْسٍ، إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ أَنْ تَغْلِبُوا الْعَرَبَ وَلَا تَغْلِبَنَّكُمْ فَخُذُوا

ص: 427

هَذِهِ الصَّخْرَةَ فَاحْمِلُوهَا، فَإِذَا لَقِيتُمْ عَدُوًّا فَاطْرَحُوهَا بَيْنَكُمْ، فَإِنَّكُمْ لَا تَزَالُونَ غَالِبِينَ مَا كَانَتِ الصَّخْرَةُ مَعَكُمْ، وَاسْمُ الصَّخْرَةِ: رِمَاسُ، فَحَمَلَتْهَا بَنُو عَبْسٍ يَتَعَاقَبُونهَاَ، فَإِذَا كَانَتِ الْحَرْبُ سَعَى بِهَا الْغُلَامُ الشَّابُّ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ حَرْبٌ كَانَ جَهْدُهَا أَنْ يُقِلَّهَا أَرْبَعُونَ رَجُلًا قَالَ: فَدَارَ حَمْلُهَا يَوْمًا عَلَى بَنِي بِجَادٍ مِنْ بَنِي عَبْسٍ فَقَالَ لَهُمْ قَيْسُ بْنُ زُهَيْرٍ: يَا بَنِي عَبْسٍ، أَمَا تَعْرِفُنَا الْعَرَبُ إِلَّا بِصَخْرَةٍ وَرَّثَنَاهَا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ؟ أَلْقُوهَا فَلَا تَحْمِلُوهَا، فَحَفَرُوا لَهَا حَفِيرًا مِنَ الْأَرْضِ فَدَفَنُوهَا، فَلَقِيَتْهُمْ بَنُو فَزَارَةَ فَقَتَلُوهُمْ، فَكَرُّوا يُطَلِّعُونَ الصَّخْرَةَ، فَلَمَّا حَفَرُوا عَنْهَا صَارَتْ عَلَيْهِمْ نَارًا، فَتَرَكُوهَا فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهَا فَقَالَ الْحُطَيْئَةُ يَهْجُوهُمْ:

[البحر الكامل]

لَعَنَ الْإِلَهُ بَنِي بِجَادٍ إِنَّهُمْ

لَا يُصْلِحُونَ وَمَا اسْتَطَاعُوا أَفْسَدُوا

بُرُدُ الْحَمِيَّةِ وَاحِدٌ مَوْلَاهُمُ

جُمُدٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ فِيهِ مُجْمَدُ "

ص: 428

قَالَ أَبُو غَسَّانَ: وَحَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ قَالَ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ أُسَيْدٍ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَعَنْ شُعَيْبٍ الْجُبَّائِيِّ

⦗ص: 429⦘

قَالَ: " قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَافِدٌ مِنْ عَبْسٍ قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَأَخْبَرَنِي مَنْظُورُ بْنُ طَلْحَةَ، أَنَّهُ الْحَارِثُ بْنُ جُزَيٍّ الْعَبْسِيُّ، ثُمَّ رَفَعَ الْحَدِيثَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُسْلِمٌ: فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «كَيْفَ لِي بِقَوْمِكَ؟» قَالَ: أَنَا لَكَ بِهِمْ، وَهَذِهِ فَرَسِي رَهْنٌ حَتَّى آتِيَ بِهِمْ قَالَ: فَخَرَجَ حَتَّى نَزَلَ عَلَى قَوْمِهِ: فَنَزَلَ بِضَلِيعٍ فَدَعَاهُمْ، فَأَبَوْا عَلَيْهِ، فَنَاشَدَهُمْ فَأَبَوْا فَقَالَ:

[البحر الوافر]

خُذُوا مَا قَالَ صَاحِبُكُمْ فَإِنِّي

لِمَا فَعَلَتْ بَنُو عَبْسٍ بَصِيرُ

فَهُمْ دَفَنُوا الرِّمَاسَ فَأَعْقَبَتْهُمْ

مَخَازِي مَا تَعِبُّ وَلَا تَطِيرُ

فَلَمَّا غَابَ غَيُّهُمْ تَنَاهَوْا

وَقَدْ بَانَتْ لِمُبْصِرِهَا الْأُمُورُ

فَكَرُّوا نَادِمِينَ يَنْحِتُوهَا

فَفَاجَأَهُمْ لَهَا لَهَبٌ سَعِيرُ

ص: 428

حَدَّثَنِي زُرَيْقُ بْنُ حُسَيْنِ بْنِ مُخَارِقٍ، رَئِيسُ بَنِي عَبْسٍ سَنَةَ عَشْرٍ وَمِائَتَيْنِ قَالَ: سَمِعْتُ أَصْحَابَنَا مِنْ بَنِي عَبْسٍ انْتَجَعُوا عَيْنًا حَتَّى نَظَرُوا إِلَى مَوَاقِفَ وَضَعُوهَا فِي جُدُرِهَا وَقَالُوا: امْضُوا فَتَمَكَّنُوا فِي الرَّتْعِ قَالَ: ثُمَّ رَجَعُوا فَلَمْ يَجِدُوهَا، فَأَتَاهُمْ رَجُلٌ مِنْ بَنِي عَبْسٍ يُقَالُ لَهُ: نِيَارُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ مَخْزُومٍ، فَأَذَاعَ أَنَّهُ تَنَبَّأَ كَذَلِكَ وَقَالَ: أَنَا أُخْرِجُهَا لَكُمْ، وَقَالَ: هِيَ رِمَاسُ، وَأَنْ

⦗ص: 430⦘

لَا يُزَاغَ إِلَّا بِأَطْرَافِ الْقِيَاسِ، فَلَمْ يَظْفُرُوا بِهَا، فَأُخْبِرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَسُئِلَ عَنْهَا فَقَالَ:«أَمَّا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ فَنَبِيٌّ ضَيَّعَهُ قَوْمُهُ، وَأَمَّا نِيَارٌ فَكَاذِبٌ لَعَنَهُ اللَّهُ» فَقَالَ فِي ذَلِكَ مِنْجَابٌ أَحَدِ بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ مَخْزُومٍ فِي الْإِسْلَامِ، وَكَانَ يُلَقَّبُ مِنْقَارًا:

[البحر البسيط]

أَمَّا نِيَارٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَلْعَنُهُ

وَكُلُّ مَنْ يَلْعَنُ الرَّحْمَنُ فِي النَّارِ

ص: 429

قَالَ زُرَيْقُ بْنُ حُسَيْنٍ: وَسَمِعْتُ أَصْحَابَنَا مِنْهُمْ أَبِي يُحَدِّثُنِي عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ نَارَ الْحَدَثَانِ خَرَجَتْ بِالْحَرَّةِ الَّتِي يُقَالُ لَهَا: حَرَّةُ النَّارِ، حَتَّى كَانَتِ الْإِبِلُ تَغْشَاهُ بَعْدَهَا بِقَدْرِ مَسِيرَةِ إِحْدَى عَشْرَةَ لَيْلَةً، وَأَنَّ خَالِدَ بْنَ سِنَانٍ خَرَجَ إِلَيْهَا يَضْرِبُهَا بِسَوْطِهِ حَتَّى رَجَعَتْ مِنَ الشَّقِّ الَّذِي خَرَجَتْ مِنْهُ، وَثِيَابَهُ تَنْدَى، لَمْ يُصِبْهُ وَلَا ثِيَابَهُ مِنْهَا شَيْءٌ، وَهُوَ يَقُولُ لِرَجُلٍ زَجَرَهُ عَنْهَا: كَذَبْتَ ابْنَ رَاعِيَةِ الْمِعْزَى، لَأَخْرُجَنَّ مِنْهَا وَثِيَابِي تَنْدَى "

ص: 430

حَدَّثَنِي مَنْ، أُصَدِّقُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ عُمَارَةَ بْنِ مَالِكِ بْنِ جَزْءِ بْنِ شَيْطَانِ بْنِ حُذَيْمِ بْنِ جُزَيْمَةَ بْنِ رَوَاحِلَ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ مَازِنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ قَطِيعَةَ بْنِ عَبْسٍ الْعَبْسِيِّ قَالَ: كَانَتْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ نَارٌ يُقَالُ لَهَا: نَارُ الْحَدَثَانِ

ص: 430

حَرَّةٌ بِأَرْضِ بَنِي عَبْسٍ، تَعْشَى الْإِبِلُ بِضَوْئِهَا مِنْ مَسِيرَةِ ثَمَانِ لَيَالٍ، وَرُبَّمَا خَرَجَ مِنْهَا الْعُنُقُ فَذَهَبَ فِي الْأَرْضِ فَلَا يُبْقِي شَيْئًا إِلَّا أَكَلَهُ، ثُمَّ يَرْجِعُ حَتَّى يَعُودَ إِلَى مَكَانِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَ إِلَيْهَا خَالِدَ بْنَ سِنَانِ بْنِ غَيْثِ بْنِ مُرَيْطَةَ بْنِ مَخْزُومِ بْنِ مَالِكِ بْنِ غَالِبِ بْنِ قَطِيعَةَ بْنِ عَبْسٍ فَقَالَ لِقَوْمِهِ: يَا قَوْمِ، إِنَّ اللَّهَ أَمَرَنِي أَنْ أُطْفِئَ هَذِهِ النَّارَ الَّتِي قَدْ أَضَرَّتْ بِكُمْ، فَلْيَقُمْ مَعِي مِنْ كُلِّ بَطْنٍ رَجُلٌ قَالَ أُبَيٌّ: فَكَانَ ابْنُ عُمَارَةَ الَّذِي قَامَ مَعَهُ مِنْ جُزَيْمَةَ قَالَ: فَخَرَجَ بِنَا حَتَّى انْتَهَى إِلَى النَّارِ فَخَطَّ خَطًّا عَلَى مَنْ مَعَهُ ثُمَّ قَالَ: إِيَّاكُمْ أَنْ يَخْرُجَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنْ هَذَا الْخَطِّ فَيَحْتَرِقَ، وَلَا يُنَوِّهَنَّ بِاسْمِي فَأَهْلِكَ قَالَ: فَخَرَجَ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ فَأَحْدَقَ بِنَا حَتَّى جَعَلَنَا فِي مِثْلِ كِفَّةِ الْمِيزَانِ، وَجَعَلَ يَدْنُو مِنَّا حَتَّى كَادَ يَأْخُذُ بِأَفْوَاهِنَا، فَقُلْتُ: يَا خَالِدَ، أَهْلَكْتَنَا آخِرَ الدَّهْرِ فَقَالَ: كَلَّا، وَجَعَلَ يَضْرِبُهَا وَيَقُولُ: بَدَّا بَدَّا، كُلُّ هُدًى لِلَّهِ مُؤَدَّى، حَتَّى عَادَتْ مِنْ حَيْثُ جَاءَتْ، وَخَرَجَ يَتَّبِعُهَا حَتَّى أَلْجَأَهَا فِي بِئْرٍ فِي وَسَطِ الْحَرَّةِ مِنْهَا تَخْرُجُ النَّارُ، فَانْحَدَرَ فِيهَا خَالِدٌ وَفِي يَدِهِ دِرَّةٌ فَإِذَا هُوَ بِكِلَابٍ تَحْتَهَا فَرَضَّهُنَّ بِالْحِجَارَةِ، وَضَرَبَ النَّارَ حَتَّى أَطْفَأَهَا اللَّهُ عَلَى يَدِهِ. وَمَعَهُمُ ابْنُ عَمٍّ لَهُ يُقَالُ لَهُ

ص: 431

: عُرْوَةُ بْنُ سِنَانِ بْنِ غَيْثٍ، وَأُمُّهُ رَقَاشُ بِنْتُ صَبَاحٍ مِنْ بَنِي ضَبَّةَ، فَجَعَلَ يَقُولُ: هَلَكَ خَالِدٌ، فَخَرَجَ وَعَلَيْهِ بُرْدَانِ يَنْطِفَانِ مَاءً مِنَ الْعَرَقِ، وَهُوَ يَقُولُ: بَدَّا بَدَّا، كُلُّ هُدًى لِلَّهِ مُؤَدَّى، أَنَا عَبْدُ اللَّهِ، أَنَا خَالِدُ بْنُ سِنَانٍ، كَذَبَ ابْنُ رَاعِيَةِ الْمِعْزَى، لَأَخْرُجَنَّ مِنْهَا وَجِلْدِي يَنْدَى، فَسُمِّيَ بَنُو عُرْوَةَ بِبَنِي رَاعِيَةِ الْمِعْزَى، فَهُوَ اسْمُهُمْ إِلَى الْيَوْمِ، ثُمَّ إِنَّ خَالِدًا جَمَعَ عَبْسًا فَقَالَ: يَا عَشِيرَتَاهُ، احْفِرُوا بِهَذَا الْقَاعِ، فَحَفَرُوا فَاسْتَخْرَجُوا حَجَرًا فِيهِ خَطٌّ دَقِيقٌ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: 2] السُّورَةُ كُلُّهَا فَقَالَ: احْفَظُوا هَذَا الْحَجَرَ؛ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ سَنَةٌ أَوْ قَحِطْتُمْ فَأَخْمِرُوهُ بِثَوْبٍ ثُمَّ أَخْرِجُوهُ؛ فَإِنَّكُمْ تُسْقَوْنَ مَادَامَ مُخَمَّرًا. فَكَانُوا إِذَا قَحِطُوا أَخْرَجُوهُ فَخَمَّرُوهُ بِثَوْبٍ، فَلَمْ يَزَالُوا يُمْطَرُونَ مَادَامَ مُخَمَّرًا، فَإِذَا كَشَفُوهُ أَقْلَعَتِ السَّمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ صَاحِبَتِي هَذِهِ حُبْلَى فِي كَذَا وَكَذَا، تَلِدُ فِي كَذَا وَكَذَا، فِي شَهْرِ كَذَا وَكَذَا، وَقَدْ سَمِيَتْ مِنْ نِعَمِ الْمَوْلُودِ، فَاسْتَوْصُوا بِهِ خَيْرًا؛ فَإِنَّهُ سَيَشْهَدُ مَشَاهِدَ أَوْلَدَتْ مُجَاهِدًا، وَهُوَ أُحَيْمِرُ كَالدُّرَةِ، نَفَعَ مَوْلَاهُ مِنَ الْمَضَرَّةِ، نِعْمَ فَارِسُ الْكَرَّةِ، وَلَا تُصِيبَنَّكُمْ جَائِحَةٌ مِنْ عَدُوٍّ وَلَا سَنَةٍ مَا كَانَ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ. فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ قَالَ: احْفِرُوا لِي عَلَى هَذِهِ الْأَكَمَةِ، ثُمَّ ادْفِنُونِي ثُمَّ ارْقُبُونِي ثَلَاثًا، فَإِذَا مَرَّتْ بِكُمْ عَانَةٌ فِيهَا حِمَارٌ أَبْتَرُ فَاسْتَافَ الْقَبْرَ فَأَطَافَ بِهِ فَانْبِشُونِي تَجِدُونِي حَيًّا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَكُونُ إِلَى آخِرِ الدَّهْرِ، فَمَاتَ فَدَفَنُوهُ حَيْثُ قَالَ لَهُمْ، ثُمَّ مَكَثُوا أَيَّامًا ثَلَاثَةً فَإِذَا

ص: 432