الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
اسْتُخْلِفَ مُعَاوِيَةُ رضي الله عنه قَدِمَ عَلَيْهِ، فَأَقْعَدَهُ مَعَهُ عَلَى سَرِيرِهِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ مُضَرَ: مَنْ هَذَا الَّذِي أَقْعَدْتَ مَعَكَ عَلَى السَّرِيرِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: هَذَا رَجُلٌ مَا كَانَ يَرَانَا قَبْلَ الْيَوْمِ عَلَى جِلْسَةٍ، ثُمَّ أَنْشَأَ فِي خَبَرِهِ فَقَالَ وَائِلٌ: نَحْنُ السُّوقَةُ وَأَنْتَ الْيَوْمَ الْمَلِكُ. وَهَاجَرَ وَائِلٌ إِلَى الْكُوفَةِ. فَقَالَ ابْنُ لَهِيعَةَ: وَكَتَبَ لَهُ: «مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ لِوَائِلِ بْنِ حُجْرٍ وَبَنِي مَعْشَرٍ وَبَنِي ضَمْعَجٍ، أَنَّ لَهُمْ شَنُوءَةَ وَبَيْعَةَ وَحُجْرًا، وَاللَّهُ لَهُمْ نَاصِرٌ» وَشَنُوءَةُ وَبَيْعَةُ وَحُجْرٌ قُرًى
حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ قَالَ: أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَلْقَمَةَ بْنَ وَائِلٍ، يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَقْطَعَهُ أَرْضًا بِحَضْرَمَوْتَ "
حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَلِي شَعَفَةٌ - قَالَ: ذُؤَابَةٌ - فَذَهَبْتُ فَأَخَذْتُ مِنْ شَعَرِي ثُمَّ جِئْتُهُ فَقَالَ: " لِمَ أَخَذْتَ مِنْ شَعَرِكَ؟ فَقُلْتُ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ ذُؤَابَةً، فَظَنَنْتُ أَنَّكَ تَعْنِينِي فَقَالَ: «مَا عَنَيْتُكَ» ، وَهَكَذَا أَخْبَرَ "
وَفْدُ نَجْرَانَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْقُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفَزَارِيُّ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ فَقَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 581⦘
: " أَخْبِرْنَا عَنْ عِيسَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ» ، فَقَالُوا: مَا يَنْبَغِي لِعِيسَى أَنْ يَكُونَ فَوْقَ هَذَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ: {فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] "
حَدَّثَنَا قَالَ الْوَلِيدُ: قَالَ أَبُو عَمْرٍو: إِنَّهُ قَدِمَ وَفْدُ نَجْرَانَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِمُ السَّيِّدُ وَالْعَاقِبُ، فَخَاصَمُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خُصُومَةً لَمْ يُخَاصَمْ مِثْلَهَا قَطُّ، فَانْصَرَفَ أَحَدُهُمَا وَبَقِيَ الْآخَرُ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُلَاعَنَةِ، فَأَجَابَهُ إِلَيْهَا، فَلَمَّا وَلَّى قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِأَصْحَابِهِ: «وَالَّذِي
نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ لَاعَنُونِي لَا يَحُولُ حَوْلٌ وَبِنَجْرَانَ عَيْنٌ تَطْرِفُ» قَالَ: فَأَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَغَدَا حَسَنٌ وَحُسَيْنٌ وَفَاطِمَةُ وَنَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ، وَغَدَوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: مَا لِلْمُلَاعَنَةِ جِئْنَاكَ، وَلَكِنْ جِئْنَاكَ لِتَفْرِضَ عَلَيْنَا شَيْئًا نُؤَدِّيَهُ إِلَيْكَ، وَتَبْعَثَ مَعَنَا مَنْ يَهْدِينَا الطَّرِيقَ. ثُمَّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَاعَنْتُمُونِي مَا حَالَ الْحَوْلُ وَبِنَجْرَانَ عَيْنٌ تَطْرِفُ» قَالَ: فَفَرَضَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْمَلَاحِفَ النَّجْرَانِيَّةَ ثُمَّ قَالَ: «أَنَا بَاعِثٌ مَعَكُمْ أَمِينَ هَذِهِ الْأُمَّةِ» ، فَتَشَوَّفَ لَهَا أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ رضي الله عنهما وَغَيْرُهُمَا فَقَالَ:«قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: «أَنْشُدُكُمْ بِاللَّهِ وَمَا أَنْزَلَ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ إِنَّمَا اسْتَقْبَلْتُمُ الْمَشْرِقَ بَعْدَ رَفْعِ اللَّهِ عِيسَى؟» قَالُوا: اللَّهُمَّ نَعَمْ قَالَ: «فَأَنْشُدُكُمُ اللَّهَ وَمَا أَنْزَلَ عَلَى عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ، أَتَعْلَمُونَ أَنَّهُ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ نَزَلَ عَلَيْهِ سَخَطُ اللَّهِ حَتَّى يَبْلُغَ السَّمَاءَ؟» قَالُوا كُلُّهُمْ: نَعَمْ
حَدَّثَنَا الْحِزَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ مَنْ، حَدَّثَهُ قَالَ:" جَاءَ رَاهِبَا نَجْرَانَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَعْرِضُ عَلَيْهِمَا الْإِسْلَامَ فَقَالَا: إِنَّا قَدْ أَسْلَمْنَا قَبْلَكَ فَقَالَ: " كَذَبْتُمَا، إِنَّهُ يَمْنَعُكُمَا مِنَ الْإِسْلَامِ ثَلَاثٌ: عِبَادَتُكُمَا الصَّلِيبَ، وَأَكْلُكُمَا الْخِنْزِيرَ، وَقَوْلُكُمَا لِلَّهِ وَلَدٌ ". فَقَالَ أَحَدُهُمَا: مَنْ أَبُو عِيسَى؟ فَسَكَتَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَكَانَ لَا يَعْجَلُ حَتَّى يَكُونَ رَبُّهُ هُوَ يَأْمُرُهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ:{إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرَابٍ} [آل عمران: 59] حَتَّى بَلَغَ {فَلَا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} [آل عمران: 60]، ثُمَّ قَالَ تَعَالَى فِيمَا قَالَ الْفَاسِقَانِ:{فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ} [آل عمران: 61] إِلَى قَوْلِهِ: {فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ} [آل عمران: 61] قَالَ: فَدَعَاهُمَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُبَاهَلَةِ، وَأَخَذَ بِيَدِ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ رضي الله عنهم فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِلْآخَرِ: قَدْ أَنْصَفَكَ الرَّجُلُ فَقَالَا: لَا نُبَاهِلُكَ، وَأَقَرَّا بِالْجِزْيَةِ وَكَرِهَا الْإِسْلَامَ "
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ صِلَةَ بْنِ زُفَرَ، عَنْ حُذَيْفَةَ رضي الله عنه، أَنَّ الْعَاقِبَ، وَالسَّيِّدَ صَاحِبَيْ نَجْرَانَ أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَرَادَا أَنْ يُلَاعِنَاهُ فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: لَا تُلَاعِنْهُ، فَوَاللَّهِ لَئِنْ كَانَ نَبِيًّا فَلَاعَنَّاهُ لَا نُفْلِحُ نَحْنُ وَلَا عَقِبُنَا مِنْ بَعْدِنَا فَقَالَا: لَا نُلَاعِنُكَ، وَلَكِنْ نُعْطِيكَ مَا سَأَلْتَ، فَابْعَثْ مَعَنَا رَجُلًا أَمِينًا، وَلَا تَبْعَثْ مَعَنَا إِلَّا أَمِينًا فَقَالَ:«لَأَبْعَثَنَّ مَعَكُمَا رَجُلًا أَمِينًا حَقَّ أَمِينٍ» ، فَاسْتَشْرَفَ لَهَا أَصْحَابُهُ فَقَالَ:«قُمْ يَا أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ» . فَلَمَّا قَامَ قَالَ: «هَذَا أَمِينُ هَذِهِ الْأُمَّةِ»
حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو عِيسَى بْنُ يُونُسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي حُمَيْدٍ، عَنْ أَبِي الْفَتْحِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم صَالَحَ أَهْلَ نَجْرَانَ، وَكَتَبَ لَهُمْ كِتَابًا: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ لِأَهْلِ نَجْرَانَ إِذَا كَانَ حُكْمُهُ عَلَيْهِمْ، أَنَّ فِي كُلِّ سَوْدَاءَ أَوْ بَيْضَاءَ وَصَفْرَاءَ وَتَمْرَةٍ وَرَقِيقٍ، وَأَفْضَلَ عَلَيْهِمْ وَتَرَكَ ذَلِكَ لَهُمْ عَلَى أَلْفَيْ حُلَّةٍ، فِي كُلِّ صَفَرٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، وَفِي كُلِّ رَجَبٍ أَلْفُ حُلَّةٍ، مَعَ كُلِّ
⦗ص: 585⦘
حُلَّةٍ أُوقِيَّةٌ، مَا زَادَتْ عَلَى الْخَرَاجِ أَوْ نَقَصَتْ عَلَى الْأَوَاقِي فَبِحِسَابٍ، وَمَا قَضَوْا مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ أَوْ عَرَضٍ أُخِذَ مِنْهُمْ بِحِسَابٍ، وَعَلَى نَجْرَانَ مَثْوَاةُ رُسُلِي وَمُتْعَتُهُمْ بِهَا عِشْرِينَ فَدُونَهُ، وَلَا يُحْبَسُ رَسُولٌ فَوْقَ شَهْرٍ، وَعَلَيْهِمْ عَارِيَةٌ ثَلَاثِينَ دِرْعًا، وَثَلَاثِينَ فَرَسًا، وَثَلَاثِينَ بَعِيرًا، إِذَا كَانَ كَيْدٌ بِالْيَمَنِ وَمَعْذِرَةٌ. وَمَا هَلَكَ مِمَّا أَعَارُوا رَسُولِي مِنْ دُرُوعٍ أَوْ خَيْلٍ أَوْ رِكَابٍ فَهُوَ ضَمَانٌ عَلَى رَسُولِي حَتَّى يُؤَدِّيَهُ إِلَيْهِمْ، وَلِنَجْرَانَ وَحَسَبِهَا جِوَارُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَمِلَّتِهِمْ وَأَرْضِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَغَائِبِهِمْ وَشَاهِدِهِمْ وَعَشِيرَتِهِمْ وَتَبَعِهِمْ، وَأَلَّا يُغَيَّرُوا مِمَّا كَانُوا عَلَيْهِ، وَلَا يُغَيَّرَ حَقٌّ مِنْ حُقُوقِهِمْ وَلَا مِلَّتِهِمْ، وَلَا يُغَيَّرَ أَسْقُفٌّ مِنْ أَسْقُفِّيَّتِهِ، وَلَا رَاهِبٌ مِنْ رَهْبَانِيَّتِهِ، وَلَا وَاقِهٌ مِنْ وَقْهِيَّتِهِ وَكُلِّ مَا تَحْتَ أَيْدِيهِمْ مِنْ قَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ، وَلَيْسَ عَلَيْهِمْ رُبِّيَّةٌ وَلَا دَمُ جَاهِلِيَّةٍ، وَلَا يُحْشَرُونَ وَلَا يُعْشَرُونَ، وَلَا يَطَأُ أَرْضَهُمْ جَيْشٌ، وَمَنْ سَأَلَ مِنْهُمْ حَقًّا فَبَيْنَهُمُ النَّصَفُ غَيْرُ ظَالِمِينَ وَلَا مَظْلُومِينَ، وَمَنْ
⦗ص: 586⦘
أَكَلَ رِبًا مِنْ ذِي قَبْلُ فَذِمَّتِي مِنْهُ بَرِيئَةٌ، وَلَا يُؤْخَذُ رَجُلٌ مِنْهُمْ بِظُلْمِ آخَرَ، وَعَلَى مَا فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ جِوَارُ اللَّهِ وَذِمَّةُ مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ مَا نَصَحُوا وَأَصْلَحُوا فِيمَا عَلَيْهِمْ غَيْرَ مُنْقَلِبِينَ بِظُلْمٍ»
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أَبِي، حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْعَصَرِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا شِهَابُ بْنُ عَبَّادٍ، أَنَّهُ سَمِعَ مِنْ، بَعْضِ وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ وَهُمْ يَقُولُونَ: " قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاشْتَدَّ فَرَحُهُمْ بِنَا، فَلَمَّا انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ أَوْسَعُوا لَنَا فَقَعَدْنَا، فَرَحَّبَ بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَدَعَا لَنَا، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيْنَا فَقَالَ:«مَنْ سَيِّدُكُمْ وَزَعِيمُكُمْ؟» فَأَشَرْنَا بِأَجْمَعِنَا إِلَى الْمُنْذِرِ بْنِ عَائِذٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَهَذَا الْأَشَجُّ» ، فَكَانَ أَوَّلَ
⦗ص: 587⦘
يَوْمٍ وُضِعَ عَلَيْهِ هَذَا الِاسْمُ بِضَرْبَةٍ لِوَجْهِهِ بِحَافِرِ حِمَارٍ، فَقُلْنَا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَتَخَلَّفَ بَعْدَ الْقَوْمِ فَعَقَلَ رَوَاحِلَهُمْ، وَضَمَّ مَتَاعَهُمْ، ثُمَّ أَخْرَجَ عَيْبَتَهُ فَأَلْقَى عَنْهُ ثِيَابَ السَّفَرِ، وَلَبِسَ مِنْ صَالِحِ ثِيَابِهِ ثُمَّ أَقْبَلَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَقَدْ بَسَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رِجْلَهُ وَاتَّكَأَ، فَلَمَّا دَنَا مِنْهُ الْأَشَجُّ أَوْسَعَ الْقَوْمُ لَهُ وَقَالُوا: هَا هُنَا يَا أَشَجُّ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَوَى قَاعِدًا وَقَبَضَ رِجْلَهُ: «هَا هُنَا يَا أَشَجُّ» ، فَقَعَدَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَرَحَّبَ بِهِ وَأَلْطَفَهُ وَعَرَفَ فَضْلَهُ عَلَيْهِمْ، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُونَهُ وَيُخْبِرُهُمْ، حَتَّى إِذَا كَانَ بِعَقِبِ الْحَدِيثِ قَالَ:«أَمَعَكُمْ مِنْ أَزْوَادِكُمْ شَيْءٌ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَقَامُوا سِرَاعًا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ إِلَى ثَقَلِهِ، فَجَاءُوا بِصَبِرِ التَّمْرِ، فَوُضِعَتْ
⦗ص: 588⦘
عَلَى نِطَعٍ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَبِيَدِهِ جَرِيدَةٌ دُونَ الذِّرَاعَيْنِ وَفَوْقَ الذِّرَاعِ، كَانَ يَخْتَصِرُ بِهَا، قَلَّمَا يُفَارِقُهَا، فَأَوْمَأَ بِهَا إِلَى صَبِرَةٍ مِنْ ذَلِكَ التَّمْرِ فَقَالَ:«أَتُسَمُّونَهَا التَّعْضُوضَ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «وَتُسَمُّونَ هَذَا الصَّرَفَانَ؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «وَتُسَمُّونَ هَذَا الْبَرْنِيَّ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «هُوَ خَيْرُ تَمْرِكُمْ وَأَنْفَعُهُ لَكُمْ» ، وَقَالَ بَعْضُ شُيُوخِ الْحَيِّ: وَأَعْظَمُهُ بَرَكَةً، فَأَقْبَلْنَا عَنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ وَإِنَّمَا كَانَتْ عِنْدَنَا خَصْبَةٌ نَعْلِفُهَا إِبِلَنَا وَحَمِيرَنَا، فَلَمَّا رَجَعْنَا مِنْ وِفَادَتِنَا تِلْكَ عَظُمَتْ رَغْبَتُنَا فِيهَا، وَنَسَلْنَاهَا حَتَّى تَحَوَّلَتْ ثِمَارُنَا فِيهَا وَرَأَيْنَا الْبَرَكَةَ فِيهَا "
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ غِيَاثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَوِيلٌ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا النُّعْمَانُ بْنُ خُبْرَانَ الشَّيْبَانِيُّ، عَنْ صَهْبَاءَ بِنْتِ خُلَيْدٍ الْعَصَرِيِّ، عَنْ بَعْضِ، وَفْدِ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: وَفَدْنَا
⦗ص: 589⦘
عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَهْدَيْنَا لَهُ أَنْوَاعًا مِنَ التَّمْرِ، فَجَعَلَ يُقَلِّبُ الْبَرْنِيَّ فَقَالَ:«هَذَا مِنْ أَمْثَلِ تَمْرِكُمْ فِيهِ الْبَرَكَةُ»
حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَشَجُّ عَبْدِ الْقَيْسِ قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ فِيكَ لَخُلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ: الْحِلْمَ وَالْحَيَاءَ " قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَقَدِيمًا كَانَ ذَلِكَ أَوْ حَدِيثًا؟ قَالَ:«لَا، بَلْ قَدِيمًا» فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي عَلَى خَلَّتَيْنِ يُحِبُّهُمَا "
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبَانُ بْنُ أَبِي عَيَّاشٍ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ حَيَّانَ الْمُحَارِبِيِّ، وَكَانَ، مِنَ الْوَفْدِ الَّذِي وَفَدُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ عَبْدِ قَيْسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ قَالَ إِذَا أَصْبَحَ أَوْ مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ إِذَا أَصْبَحَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، رَبِّيَ اللَّهُ الَّذِي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، ثَلَاثَ مِرَارٍ، إِلَّا ظَلَّ يُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ شَيْءٌ بِشَيْءٍ، وَإِذَا قَالَهَا إِذَا أَمْسَى إِلَّا بَاتَ يُغْفَرُ لَهُ ذُنُوبُهُ حَتَّى يُصْبِحَ»
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَبِي هَاشِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: جَاءَنِي أَهْلُ بَيْتٍ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِكِتَابٍ، زَعَمُوا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَهُ لَهُمْ، فَانْتَسَخْتُ بِهِجَائِهِ، فَإِذَا فِيهِ: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ لِسُفْيَانَ بْنِ هَمَّامٍ
⦗ص: 590⦘
عَلَى بَنِي رَبِيعَةَ بْنِ قَحْطَانَ وَبَنِي زُفَرَ بْنِ زُفَرَ، وَبَنِي الشَّحْرِ، لِمَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمْ وَأَعْطَى الزَّكَاةَ، وَأَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَاجْتَنَبَ الْمُشْرِكِينَ، وَأَعْطَى مِنَ الْمَغْنَمِ خُمُسَ اللَّهِ وَصَفِيَّهُ، وَسَهْمَ النَّبِيِّ وَصَفِيَّهُ، فَإِنَّهُ أَمَرَ بِأَمْرِ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ، وَمَنْ خَالَفَ أَوْ نَكَثَ فَإِنَّ ذِمَّةَ اللَّهِ وَمُحَمَّدٍ بَرِيئَةٌ، وَإِنَّ لَهُمْ خَطْبَهُمْ مِنَ الصُّلْصُلِ وَمِنَ الْأَكْرَمِ وَدَارِ وَرِكٍ وَصَمْعَرَ وَسُلَّانَ وَمَوْرٍ، فَكُلٌّ إِتَاوَةٌ لَهُمْ»
حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ ابْنِ أَبِي جَمْرَةَ، أَنَّهُ سَمِعَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما يَقُولُ: " إِنَّ وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ لَمَّا قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنِ الْقَوْمُ، أَوْ مِمَّنِ الْوَفْدُ؟» قَالُوا: مِنْ رَبِيعَةَ قَالَ: «مَرْحَبًا بِالْقَوْمِ غَيْرِ الْخَزَايَا وَلَا النَّادِمِينَ» ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ إِتْيَانَكَ
⦗ص: 591⦘
إِلَّا فِي شَهْرٍ حَرَامٍ، وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ، فَأَخْبِرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ نُخْبِرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا وَنَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ قَالَ: فَأَمَرَهُمْ بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ، أَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ وَحْدَهُ، وَقَالَ:«أَتَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللَّهِ وَحْدَهُ؟» قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: «شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامُ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصِيَامُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُعْطُوا مِنَ الْمَغْنَمِ الْخُمُسَ» ، وَنَهَاهُمْ عَنِ الْحَنْتَمِ وَالدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ قَالَ: وَرُبَّمَا قَالَ الْمُقَيَّرَ وَالْمُزَفَّتَ قَالَ: «احْفَظُوهُنَّ وَخَبِّرُوا بِهِنَّ مَنْ وَرَاءَكُمْ»
حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ شَرِيكٍ النُّمَيْرِيُّ قَالَ: زَعَمَ عَائِذُ بْنُ رَبِيعَةَ بْنِ قَيْسٍ، وَكَانَ قَدْ لَقِيَ الْوَفْدَ الَّذِي قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ: لَمَّا أَرَادَتْ بَنُو نُمَيْرٍ أَنْ تُسْلِمَ قَالَ لَهُمْ مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ: يَا بَنِي نُمَيْرٍ، لَا تُسْلِمُوا حَتَّى أُصِيبَ مَالًا فَأُسْلِمَ عَلَيْهِ قَالَ: وَإِنَّهُ انْطَلَقَ زَيْدُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْقُرَيْعِيُّ - قُرَيْعُ نُمَيْرٍ - وَبَنُو أَخِيهِ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَالْحَجَّاجُ بْنُ نُبَيْرَةَ، حَتَّى قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
فَوَجَدُوا عِنْدَهُ الضَّحَّاكَ بْنَ سُفْيَانَ الْكِلَابِيَّ وَلَقِيطَ بْنَ الْمُنْتَفِقِ الْعُقَيْلِيَّ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَنْتُمْ؟» قَالُوا: نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ: «أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا؟» فَقَالَ زَيْدٌ: لَا، وَقَالَ قُرَّةُ: أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَجِئْتُ إِلَيْكَ أُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِي، أَيْ دِيَةُ أَبِي عِنْدَ هَذَا، يَعْنِي زَيْدًا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:«يَا زَيْدُ، مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ؟» قَالَ: صَدَقَ قَالَ: «فَادْفَعْ إِلَيْهِ دِيَةَ أَبِيهِ» فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِأُمٍّ مِنْ مِيرَاثِ ابْنِهَا حَقٌّ؟ قَالَ:«نَعَمْ» قَالَ: سَأُعْطِيهَا حَقَّهَا، وَقَالَ الْحَجَّاجُ: أَمَّا أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَتَيْتُكَ بِمُجَاهِدَتَيْنِ قَالَ: «قَدْ قَبِلْنَاهُمَا، ادْفَعْهُمَا إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ، وَإِلَى لَقِيطِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ» قَالَ: فَرَجَعُوا إِلَى قَوْمِهِمْ فَقَالُوا: يَا قَوْمُ، قَدْ جِئْنَاكُمْ مِنْ عِنْدِ خَيْرِ النَّاسِ قَالَ: فَقَالَتْ بَنُو نُمَيْرٍ لِزَيْدٍ: مَا يَقُولُ هَذَا الْغُلَامُ؟ فَقَالَ: صَدَقَ، وَلَوْلَا مُضَرِّسُ بْنُ جَنَابٍ لَأَمَرْتُكُمْ أَنْ تَأْتُوهُ قَالَ: فَاجْتَمَعَ نَفَرٌ، مِنْهُمْ أَبُو زُهَيْرٍ، وَعِدَّةٌ مِنْ بَنِي جَعْوَنَةَ بْنِ الْحَارِثِ، وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ أَحَدُ بَنِي عَبْدِ اللَّهِ وَقُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ، فَتَوَجَّهُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا
قَدِمُوا عَلَيْهِ تَقَدَّمَ الْأَشْيَاخُ الْجَعْوِيُّونَ، وَتَخَلَّفَ قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ وَشُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فِي الرِّكَابِ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَنْتُمْ؟» قَالُوا: نَحْنُ بَنُو نُمَيْرٍ قَالَ: «فَمَا جَاءَ بِكُمْ أَجِئْتُمْ لِتُسْلِمُوا؟» قَالُوا: نَعَمْ قَالَ: «فَلِمَنْ تَأْخُذُونَ؟» قَالُوا: نَأْخُذُ لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: «أَفَلَا تَأْخُذُونَ لِلْعَمْرِيِّينَ؟» قَالُوا: لَا. قَالَ: فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِبَنِي الْحَارِثِ، ثُمَّ انْصَرَفُوا إِلَى رِكَابِهِمْ فَقَالَ لَهُمْ شُرَيْحٌ: مَا صَنَعْتُمْ؟ قَالُوا: صَنَعْنَا خَيْرًا وَأَخَذْنَا لِبَنِي الْحَارِثِ بْنِ نُمَيْرٍ قَالَ: مَا صَنَعْتُمْ شَيْئًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى قُرَّةَ بْنِ دَعْمُوصٍ فَقَالَ لَهُ: أَلَسْتَ تَعْرِفُهُ؟ قَالَ: بَلَى قَالَ: فَانْطَلِقْ. قَالَ: فَلَبِسَا ثِيَابَهُمَا، ثُمَّ انْطَلَقَا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا تَقَدَّمَا إِلَيْهِ عَرَفَ قُرَّةَ فَقَالَ:«أَلَسْتَ الْغُلَامَ النُّمَيْرِيَّ الَّذِي أَتَانَا يُخَاصِمُ فِي دِيَةِ أَبِيهِ؟» قَالَ: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «فَمَا جَاءَ بِكُمَا؟» قَالَ: جِئْنَا لِنُسْلِمَ وَتَدْعُوَ اللَّهَ لَنَا فَقَالَ لِقُرَّةَ: «ادْنُهْ» ، فَدَنَا مِنْهُ، فَمَسَحَ صَدْرَهُ وَدَعَا لَهُ بِخَيْرٍ، ثُمَّ دَنَا مِنْهُ شُرَيْحُ بْنُ الْحَارِثِ فَأَسْلَمَ وَقَالَ: آخُذُ لِقَوْمِي قَالَ: «لِمَنْ تَأْخُذُ؟» قَالَ آخُذُ لِنُمَيْرٍ كُلِّهَا قَالَ: «وَلِلْعَمْرِيِّينَ؟» قَالَ: وَلِلْعَمْرِيِّينَ قَالَ: «إِنِّي قَدْ بَعَثْتُ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ سَيْفَ اللَّهِ وَعُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنٍ الْفَزَارِيَّ إِلَى أَهْلِكُمْ، وَهَذِهِ بَرَاءَتُكُمْ» قَالَ: فَكَتَبَ لَهُمَا كِتَابًا: «إِذَا أَتَاكَ كِتَابِي هَذَا فَانْصَرِفْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ مِنْ أَهْلِ الْيَمَامَةِ، فَإِنَّ بَنِي نُمَيْرٍ قَدْ أَتَوْنِي فَأَسْلَمُوا وَأَخَذُوا لِقَوْمِهِمْ» ، فَرَجَعَا إِلَى رِحَالِهِمَا. قَالَ: فَتَخَلَّفَ الْأَشْيَاخُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَانْطَلَقَ
شُرَيْحٌ وَقُرَّةُ إِلَى خَالِدٍ حَتَّى قَدِمَا عَلَيْهِ وَهُوَ مُنِيخٌ هُوَ وَصَاحِبُهُ فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ: مَا تَرَى؟ قَالَ: أَرَى أَنَّ نُنِيخَ إِلَى الْفُسْطَاطِ فَتَدْفَعَ إِلَيْهِمَا كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَمْهِلْ حَتَّى يَنْهَضَا مِنْ مَنْزِلِهِمَا. فَلَمَّا نَهَضَا أَتَيَاهُمَا فَقَالَ خَالِدٌ: مَنْ أَنْتُمَا؟ قَالَا: رَجُلَانِ مِنْ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ خَالِدٌ: كَيْفَ تَرَيَانِ هَذِهِ الْخَيْلَ وَأَنَّهَا تَأْتِيكُمَا غَدًا؟ قَالَا: فَلَا تَأْتِنَا قَالَ: بَلَى وَاللَّهِ قَالَا: لَا وَاللَّهِ. وَدَفَعَا إِلَيْهِ كِتَابَ رَسُولِ اللَّهِ عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ فَقَالَ خَالِدٌ: أَمَا وَاللَّهِ حَتَّى تَتَلَقَّوْنِي بِالْأَذَانِ فَلَا فَقَالَ شُرَيْحٌ لِقُرَّةَ: ارْكَبْ يَا قُرَّةُ هَذِهِ وَتَوَجَّهْ إِلَى قَوْمِكَ، وَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَشُقَّ بَطْنَكَ فَضْلًا عَنْ ثِيَابِكَ فَافْعَلْ، اصْرُخْ فِيهِمْ وَمُرْهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ، فَتَوَجَّهَ إِلَيْهِمْ وَأَمَامَهُ شُرَيْحٌ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ: فَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ شُرَيْحًا أَنْشَأَ يَقُولُ:
[البحر البسيط]
لَقَدْ حَمَلْتَ عَلَى ذَوُوهَا نَاحِبَةً
…
مُشَمِّرَ الْأَمْرِ لَا غَسًّا وَلَا دُونَا
إِنْ مُزِّقَ الثَّوْبُ فَاهْتِفْ فِي وُجُوهِهِمُ
…
حَتَّى يَخَالَكَ مَنْ لَاقَى مَجْنُونَا
ثُمَّ رَجَعَ إِلَى حَدِيثِ عَائِذٍ قَالَ: فَأَتَاهُمْ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَتَلَقَّوْهُ بِالْأَذَانِ، فَفَعَلُوا، فَانْصَرَفَ عَنْهُمْ إِلَى أَهْلِ الْعَمْقِ فَوَقَعَ بِهِمْ فَقَتَلَهُمْ حَتَّى سَالَ وَادِيَهُمْ دَمًا فَقَالَ شُرَيْحٌ حِينَ رَأَى الْوَقْعَةَ وَتِلْكَ الدِّمَاءَ:
اللَّهُ مَنَّ عَلَى مَعَاشِرَ جِئْتَهُمْ
…
بِالْعَمْقِ مِمَّا قَدْ رَأَيْتُ
عَشِيَّةَ الْقَوْمِ عَلَى مَا مُثِلَ
…
وَابِلًا حِلُّهُ وَاتَّلَيْتُ
قَالَ: وَانْصَرَفَا حَتَّى قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ لَهُ جُلَسَاؤُهُ: وَهَذَانِ الرَّجُلَانِ النُّمَيْرِيَّانِ قَالَ: «وَأَدْرَكَا خَالِدًا؟» قَالُوا
: نَعَمْ قَالَ: «أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا، أَبَى اللَّهُ لِبَنِي نُمَيْرٍ إِلَّا خَيْرًا» ، ثُمَّ دَعَا شُرَيْحًا وَاسْتَعْمَلَهُ عَلَى قَوْمِهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُصَدِّقَهُمْ وَيُزَكِّيَهُمْ وَيَعْمَلَ فِيهِمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِمْ. فَلَمَّا انْصَرَفُوا قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا تَأْمُرُنَا أَنْ نَعْمَلَ؟ قَالَ:«آمُرُكُمْ أَنْ لَا تُشْرِكُوا بِاللَّهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَحُجُّوا الْبَيْتَ، وَتَصُومُوا رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ فِيهِ لَيْلَةً قِيَامُهَا وَصِيَامُهَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى نَبْتَغِيهَا؟ قَالَ:«ابْتَغُوهَا فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ» . ثُمَّ انْصَرَفُوا، فَلَمَّا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ أَتَوْهُ فَصَادَفُوهُ فِي الْمَسْجِدِ الَّذِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَإِذَا هُوَ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَقُولُ فِي كَلَامِهِ:«الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، يَرُدُّ عَلَيْهِ مِنَ السَّلَامِ مِثْلَ مَا حَيَّاهُ أَوْ أَحْسَنَ مِنْ ذَلِكَ، فَإِذَا اسْتَنْعَتَ قَصْدَ السَّبِيلِ نَعَتَ لَهُ وَيَسَّرَهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَرَهُ عَلَى الْعَدُوِّ نَصَرَهُ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْمُسْلِمِ لَمْ يُعِرْهُ، وَإِذَا اسْتَعَارَهُ الْمُسْلِمُ الْحَدَّ عَلَى الْعَدُوِّ أَعَارَهُ، وَلَمْ يَمْنَعُهُ الْمَاعُونَ» ، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْمَاعُونُ؟ قَالَ:«الْمَاعُونُ فِي الْمَاءِ وَالْحِجَارَةِ وَالْحَدِيدِ» ، قِيلَ: أَيُّ الْحَدِيدِ؟ قَالَ: «قِدْرُ النَّحَّاسِ، وَحَدِيدُ النَّاسِ الَّذِينَ يَمْتَهِنُونَ بِهِ» قَالَ: وَلَمْ يَزَلْ شُرَيْحٌ عَامِلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَوْمِهِ، وَعَامِلَ أَبِي بَكْرٍ، فَلَمَّا قَامَ عُمَرُ رضي الله عنه أَتَاهُ بِكِتَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَهُ فَوَضَعَهُ تَحْتَ قَدَمِهِ وَقَالَ: لَا، مَا هُوَ إِلَّا مَلِكٌ، انْصَرِفْ "
أَخْبَرَنِي أَبُو مُعَاوِيَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو الرَّبِيعِ، أَنَّ وَفْدَ بَنِي نُمَيْرٍ قَالَ، وَهُمْ مُتَوَجِّهُونَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:
[البحر الوافر]
أَكَلْنَا بِالسَّرَى كَدَرَ الْمَطَايَا
…
وَلَمْ نُوقِدْ لِكِذْبَتِهِنَّ نَارَا
⦗ص: 597⦘
وَهَاجِرَةٌ تَوَقَّدُ كُلَّ يَوْمٍ
…
مِنَ الْجَوْزَاءِ يُلْزِمُهَا الْمَحَارَا
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بِسْطَامٍ قَالَ: حَدَّثَنِي دَلْهَمُ بْنُ دَهْثَمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَائِدُ بْنُ رَبِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي قُرَّةُ بْنُ دَعْمُوصٍ النُّمَيْرِيُّ، " أَنَّهُمْ وَفَدُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَنَّهُ أَمَرَهُمْ أَنْ يَصُومُوا رَمَضَانَ؛ فَإِنَّ فِيهِ لَيْلَةً خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فِي أَيِّ لَيْلَةٍ نَبْتَغِيهَا؟ قَالَ:«فِي اللَّيَالِي الْبِيضِ» قَالَ: «وَلَا تَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ» ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَمَا الْمَاعُونُ؟ قَالَ:«فِي الْحَجَرِ وَالْحَدِيدِ وَفِي الْمَاءِ» ، قَالُوا: وَأَيُّ الْحَدِيدِ؟ قَالَ: «قِدْرُ النَّحَّاسِ، وَحَدِيدُ النَّاسِ الَّذِي يَمْتَهِنُونَهُ» قَالَ: فَمَا الْحَجَرُ؟ قَالَ: «قِدْرُكُمُ الْحِجَارَةُ»
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ مَشْيَخَةِ بَنِي عَامِرٍ، أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ بَنِي كِلَابٍ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ رَجُلًا مِنْ بَنِي جَعْفَرٍ وَبَنِي أَبِي بَكْرٍ وَغَيْرِهِمْ مِنْ بُطُونِ بَنِي كِلَابٍ، فِيهِمْ عَامِرُ بْنُ مَالِكِ بْنِ جَعْفَرٍ، وَأَنَّهُ نَظَرَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ: قَدِ
⦗ص: 598⦘
اسْتَعْمَلْتُ عَلَيْكُمْ هَذَا وَأَشَارَ إِلَى الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ فَقَالَ لَهُ عَامِرُ بْنُ مَالِكٍ: أَفَتُخْرِجُنِي مِنَ الْأَمْرِ؟ قَالَ: «فَأَنْتَ عَلَى بَنِي جَعْفَرٍ» ، ثُمَّ أَوْصَى بِهِ الضَّحَّاكَ. قَالَ: وَكَانَ الضَّحَّاكُ فَاضِلًا شَرِيفًا، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ:«يَا بَنِي عَامِرٍ، إِيَّاكُمْ وَالْخُيَلَاءَ؛ فَإِنَّهُ مَنِ اخْتَالَ أَذَلَّهُ اللَّهُ، يَا بَنِي عَامِرٍ أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَنْسَى مَنْ ذَكَرَهُ، وَلَا يَخْذُلُ مَنْ نَصَرَهُ» . قَالَ: فَلَمْ يَزَلِ الضَّحَّاكُ عَلَيْهِمْ إِلَى زَمَنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصِمٍ، حَدَّثَنَا الْجُرَيْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ الْعُقَيْلِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِلضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ: «يَا ضَحَّاكُ، ائْتِ قَوْمَكَ فَادْعُهُمْ إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ» قَالَ: نَعَمْ، فَبَلَغَ ذَلِكَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَخَافُ عَلَى الضَّحَّاكِ أَهْلَ نَجْدٍ أَنْ يَقْتُلُوهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«صَدَقَ عُمَرُ، اقْطَعُوا مَعَ الضَّحَّاكِ بَعْثًا» ، فَبَلَغَ ذَلِكَ الضَّحَّاكَ، فَجَاءَ وَهُوَ مُغْضَبٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، بَلَغَنِي أَنَّكَ أَمَرْتَ أَنْ يُقْطَعَ مَعِي بَعْثٌ قَالَ:«نَعَمْ يَا ضَحَّاكُ، إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ أَهْلَ نَجْدٍ أَنْ يَقْتُلُوكَ كَمَا فَعَلَتْ ثَقِيفٌ بِصَاحِبِهِمْ» قَالَ: فَغَضِبَ الضَّحَّاكُ وَقَالَ: إِنَّ ذَلِكَ لَيُقَالُ لَكَ، وَأَنَا أَعْلَمُ بِقَوْمِي، إِنَّ قَوْمِي لَمْ يَكُونُوا لِيَبْلُغُوا ذَلِكَ مِنِّي قَالَ:«يَا ضَحَّاكُ أَفَعَلْتَهَا؟ لَقَدْ قُلْتُ مَا قُلْتُ، وَمَا كُنْتُ أَحْسِبُ بِالْمَدِينَةِ أَرْبَعَةً مِثْلَكَ» ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَدَقَ الضَّحَّاكُ
، لَا تَقْطَعُوا مَعَ الضَّحَّاكِ بَعْثًا؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِقَوْمِهِ» ، فَأَتَى الضَّحَّاكُ قَوْمَهُ، فَأَجَابُوهُ فَدَخَلُوا فِي الْإِسْلَامِ جَمِيعًا "
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ: أَتَتِ امْرَأَةٌ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه " تَطْلُبُ مِيرَاثَهَا مِنْ زَوْجِهَا فَقَالَ عُمَرُ رضي الله عنه: مَا أَعْلَمُ لَكِ شَيْئًا، إِنَّمَا الدِّيَةُ لِلْعَصَبِ الَّذِينَ يَعْقِلُونَ عَنْهُ فَقَالَ الضَّحَّاكُ بْنُ سُفْيَانَ: كَتَبَ إِلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ أُوَرِّثَ امْرَأَةَ أَشْيَمَ الضِّبَابِيِّ مِنْ عَقْلِ زَوْجِهَا أَشْيَمَ. فَوَرَّثَهَا عُمَرُ رضي الله عنه "
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْمُلْتَزِمُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَدْرٍ، عَنْ قَيْسِ بْنِ طَلْقٍ، عَنْ أَبِيهِ طَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ قَالَ: " خَرَجْنَا وَفْدًا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 600⦘
، وَكَانَ فِي الْوَفْدِ طَلْقُ بْنُ عَلِيٍّ، وَسَلْمُ بْنُ حَنْظَلَةَ، وَعَلِيُّ بْنُ شَيْبَانَ، وَالْأَقْعَسُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَحُمْرَانُ بْنُ جَابِرٍ، وَجَارٌ لَهُمْ مِنْ ضُبَيْعَةَ
⦗ص: 601⦘
يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ عَبْدِ عَمْرٍو، فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا مَعَهُ، وَأَخْبَرْنَاهُ أَنَّ بِأَرْضِنَا بَيْعَةً لَنَا، وَاسْتَوْهَبْنَاهُ مِنْ فَضْلِ طَهُورِهِ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ مِنْهُ وَتَمَضْمَضَ، ثُمَّ صَبَّ لَنَا فِي إِدَاوَةٍ ثُمَّ قَالَ:«عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْمَاءِ، فَإِذَا قَدِمْتُمْ بَلَدَكُمْ فَاكْسِرُوا بِيعَتَكُمْ، وَانْضَحُوا مَكَانَهَا مِنْ هَذَا الْمَاءِ، وَاتَّخِذُوا مَكَانَهَا مَسْجِدًا» ، قُلْنَا: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، الْبَلَدُ بَعِيدٌ، وَالْمَاءُ يَنْشَفُ قَالَ:«فَمِدُّوهُ مِنَ الْمَاءِ؛ فَإِنَّهُ لَا يَزِيدُهُ إِلَّا طِيبًا» . قَالَ: فَخَرَجْنَا وَتَشَاحَحْنَا عَلَى حَمْلِ الْإِدَاوَةِ أَيُّنَا يَحْمِلُهَا، فَجَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَنَا نُوَبًا، فَخَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا بَلَدَنَا، وَفَعَلْنَا الَّذِي أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَرَاهِبُنَا ذَلِكَ الْيَوْمِ رَجُلٌ مِنْ طَيِّئٍ قَارِئًا، فَلَمَّا سَمِعَ الرَّاهِبُ الْأَذَانَ قَالَ: دَعْوَةُ حَقٍّ، ثُمَّ هَرَبَ فَلَمْ يُرَ بَعْدُ "
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الْجُرَشِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْبَجَلِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشَجِّ قَالَ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَبِي رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو رَافِعٍ، " أَنَّهُ أَقْبَلَ بِكِتَابٍ مِنْ قُرَيْشٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: فَلَمَّا رَأَيْتُهُ أَلْقَى فِي قَلْبِيَ الْإِسْلَامَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي لَا أَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَالَ:«إِنَّا لَا نَخِيسُ بِالْعَهْدِ، وَلَا نَحْبِسُ الْبُرُدَ، وَلَكِنِ ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَإِنْ كَانَ فِي قَلْبِكَ الَّذِي قَلَبَكَ فَارْجِعْ» قَالَ: فَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَقْبَلْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَسْلَمْتُ "
⦗ص: 602⦘
قَالَ: وَأَخْبَرَنِي الْحَسَنُ أَنَّ أَبَا رَافِعٍ كَانَ قِبْطِيًّا