الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذِكْرُ ابْنِ أُبَيْرِقٍ
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْيَمَامِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، عَنْ جُوَيْبِرٍ، عَنِ الضَّحَّاكِ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْيَهُودِ اسْتَوْدَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ دِرْعًا مِنْ حَدِيدٍ، فَتَرَكَهَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَتْرُكَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا، فَكَابَرَهُ بِهَا، فَخَوَّنَ الْيَهُودِيُّ الْأَنْصَارِيَّ، فَغَضِبَ لَهُ قَوْمُهُ فَمَضَوْا مَعَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ الْيَهُودِيَّ خَوَّنَ صَاحِبَنَا فَاعْذُرْهُ وَأَزْجِرْ عَنْهُ، فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ، فَعَذَرَهُ وَزَجَرَ عَنْهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل هَذِهِ الْآيَاتِ كُلَّهَا فِيهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، يَقُولُ: بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَأُوحِيَ إِلَيْكَ، قَوْلُهُ:{إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]، يَقُولُ: إِنْ تُبْتَ وَرَجَعْتَ مِنَ الشِّرْكِ إِلَى الْإِسْلَامِ تِيبَ عَلَيْكَ، فَأَبَى حَتَّى قُتِلَ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى لِنَبِيِّهِ وَمَنْ فَعَلَ مِثْلَ مَا فَعَلَ:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ} [النساء: 115]، يَقُولُ: يُعَادِي الرَّسُولَ، {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ
الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
حَدَّثَنَا فُلَيْحُ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حَاتِمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، أَنَّ ابْنَ أُبَيْرِقٍ الظَّفَرِيَّ، كَانَ سَرَقَ دِرْعًا مِنْ يَهُودِيٍّ، فَأَخَذَهُ الْيَهُودِيُّ بِهَا، فَرَمَى بِهِ غَيْرَهُ، فَأَغْضَبَهُمْ ذَلِكَ فَقَالُوا: أَرَادَ أَنْ يُعَيِّرَ أَحْسَابَنَا، فَكَلَّمُوا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَقُومَ بِعُذْرِهِ، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ فَأَخْبَرَهُ خَبَرَهُ:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107]، وَمَا ذُكِرَ فِيهَا مِنَ الشَّأْنِ قَالَ:{وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110]، {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 111] ، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] ، فَلَوْ أَنَّهُ مَاتَ قُبِلَ مِنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنَّهُ حَمَى أَنْفَهُ فَخَرَجَ إِلَى قُرَيْشٍ فَلَبِثَ فِيهِمْ. ثُمَّ عَثَرُوا عَلَيْهِ قَدْ سَرَقَ ثِيَابَ الْكَعْبَةِ، فَقَدَّمُوهُ فَقَتَلُوهُ "
حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَبِي شُعَيْبٍ السَّمَرْقَنْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ الْحَرَّانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ
⦗ص: 409⦘
، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ قَالَ: كَانَ أَهْلُ بَيْتٍ مِنَّا يُقَالُ لَهُمْ بَنُو أُبَيْرِقٍ: بَشِيرٌ وَبِشْرٌ وَمُبَشِّرٌ، وَكَانَ مُبَشِّرٌ رَجُلًا مُنَافِقًا، وَكَانَ يَقُولُ الشِّعْرَ يَهْجُو بِهِ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ يُنْحِلُهُ بَعْضَ الْعَرَبِ، ثُمَّ يَقُولُ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا، وَقَالَ فُلَانٌ كَذَا، فَإِذَا سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ الشِّعْرَ قَالُوا: وَاللَّهِ مَا يَقُولُ هَذَا الشِّعْرَ إِلَّا هَذَا الرَّجُلُ الْخَبِيثُ فَقَالَ:
[البحر الكامل]
أَوَكُلَّمَا قَالَ الرِّجَالُ قَصِيدَةً
…
أَضِمُوا وَقَالُوا: ابْنُ الْأُبَيْرِقِ قَالَهَا
قَالَ: وَكَانُوا أَهْلَ بَيْتِ فَاقَةٍ وَحَاجَةٍ فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ، وَكَانَ النَّاسُ إِنَّمَا طَعَامُهُمْ بِالْمَدِينَةِ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا
⦗ص: 410⦘
كَانَ لَهُ يَسَارٌ فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ بِالدَّرْمَكِ ابْتَاعَ الرَّجُلُ مِنْهَا فَخَصَّ بِهِ نَفْسَهُ، فَأَمَّا الْعِيَالُ فَإِنَّمَا طَعَامُهُمُ التَّمْرُ وَالشَّعِيرُ، فَقَدِمَتْ ضَافِطَةٌ مِنَ الشَّامِ فَابْتَاعَ عَمِّي رِفَاعَةُ بْنُ زَيْدٍ حِمْلًا مِنَ الدَّرْمَكِ فَجَعَلَهُ فِي مَشْرُبَةٍ لَهُ، وَفِي الْمَشْرُبَةِ سِلَاحٌ لَهُ: دِرْعَانِ وَسَيْفَاهُمَا وَمَا يُصْلِحُهُمَا، فَعُدِيَ عَلَيْهِ مِنْ تَحْتِ اللَّيْلِ فَنُقِبَتِ الْمَشْرُبَةُ فَأُخِذَ الطَّعَامُ وَالسِّلَاحُ، فَلَمَّا أَتَانِي عَمِّي رِفَاعَةُ قَالَ: ابْنَ أَخِي، تَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ عُدِيَ عَلَيْنَا مِنْ لَيْلَتِنَا هَذِهِ، فَنُقِبَتْ مَشْرَبَتُنَا فَذُهِبَ بِطَعَامِنَا وَسِلَاحِنَا؟ قَالَ: فَتَحَسَّسْنَا فِي الدَّارِ وَسَأَلْنَا فَقَالُوا: قَدْ رَأَيْنَا بَنِي أُبَيْرِقٍ اسْتَوْقَدُوا فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ، وَلَا نَرَى فِيمَا نَرَى إِلَّا عَلَى بَعْضِ طَعَامِكُمْ قَالَ: وَقَدْ كَانَ بَنُو أُبَيْرِقٍ قَالُوا، وَنَحْنُ نَسْأَلُ فِي الدَّارِ: وَاللَّهِ مَا نَرَى صَاحِبَكُمْ إِلَّا لَبِيدَ بْنَ سَهْلٍ، رَجُلٌ مِنَّا
⦗ص: 411⦘
لَهُ صَلَاحٌ وَإِسْلَامٌ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ لَبِيدٌ اخْتَرَطَ سَيْفَهُ وَقَالَ: أَنَا أَسْرِقُ وَاللَّهِ لَيُخَالِطَنَّكُمْ هَذَا السَّيْفُ أَوْ لَتَبِينُ هَذِهِ السَّرِقَةُ، قَالُوا: إِلَيْكَ عَنَّا أَيُّهَا الرَّجُلُ، فَوَاللَّهِ مَا أَنْتَ بِصَاحِبِهَا، فَسَأَلْنَا فِي الدَّارِ حَتَّى لَمْ يُشَكَّ أَنَّهُمْ أَصْحَابُهَا فَقَالَ لِي عَمِّي: يَا ابْنَ أَخِي، لَوْ أَتَيْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتَ لَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْتُ ذَلِكَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ أَهْلَ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلُ جَفَاءٍ عَمَدُوا إِلَى عَمِّي رِفَاعَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَنَقَبُوا مَشْرُبَةً لَهُ فَأَخَذُوا سِلَاحَهُ وَطَعَامَهُ، فَلْيَرُدُّوا عَلَيْنَا سِلَاحَنَا، فَأَمَّا الطَّعَامُ فَلَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«سَأَنْظُرُ فِي ذَلِكَ» ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ بَنُو أُبَيْرِقٍ أَتَوْا رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ أُسَيْدُ بْنُ عُرْوَةَ فَكَلَّمُوهُ فِي ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ
⦗ص: 412⦘
أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ قَتَادَةَ بْنَ النُّعْمَانِ وَعَمَّهُ عَمَدُوا إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ مِنَّا أَهْلِ إِسْلَامٍ وَصَلَاحٍ يَرْمُونَهُمْ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَيْرِ بَيِّنَةٍ وَلَا ثَبْتٍ قَالَ قَتَادَةُ: فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: «عَمَدْتَ إِلَى أَهْلِ بَيْتٍ ذُكِرَ مِنْهُمْ إِسْلَامٌ وَصَلَاحٌ تَرْمِيهِمْ بِالسَّرِقَةِ عَنْ غَيْرِ ثَبْتٍ وَلَا بَيِّنَةٍ» قَالَ: فَرَجَعْتُ وَلَوَدِدْتُ أَنِّي خَرَجْتُ مِنْ بَعْضِ مَالِي وَلَمْ أُكَلِّمْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي ذَلِكَ، فَأَتَانِي عَمِّي فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، مَا صَنَعْتَ؟ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: اللَّهُ الْمُسْتَعَانُ. قَالَ: فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ نَزَلَ الْقُرْآنُ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] : بَنِي أُبَيْرِقٍ، {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ} [النساء: 106] : أَيْ مِمَّا قُلْتَ لِقَتَادَةَ، {إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 23] ، {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ} [النساء: 107] : أَيْ بَنِي أُبَيْرِقٍ، {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107] ، {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108] ، {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] : أَيْ لَوْ أَنَّهُمُ اسْتَغْفَرُوا
⦗ص: 413⦘
اللَّهَ لَغَفَرَ لَهُمْ، {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 111] ، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا} [النساء: 112] : قَوْلُهُمْ لِلَبِيدٍ، {فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] ، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ} [النساء: 113] : يَعْنِي أُسَيْدًا وَأَصْحَابَهُ، {وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] ، {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ أُتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسِّلَاحِ فَرَدَّهُ إِلَى رِفَاعَةَ قَالَ قَتَادَةُ: فَلَمَّا أَتَيْتُ عَمِّي بِالسِّلَاحِ، وَكَانَ شَيْخًا قَدْ عَسَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكُنْتُ أَرَى أَنَّ إِسْلَامَهُ مَدْخُولًا قَالَ: يَا ابْنَ أَخِي هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، فَعَرَفْتُ أَنَّ إِسْلَامَهُ كَانَ صَحِيحًا قَالَ: فَلَمَّا نَزَلَ الْقُرْآنُ لَحِقَ بَشِيرٌ بِالْمُشْرِكِينَ، فَنَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ بِنْتِ سَعْدِ بْنِ شَهِيدٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ {وَمَنْ يُشَاقِقِ
⦗ص: 414⦘
الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]، {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116] ، فَلَمَّا نَزَلَ عَلَى سُلَافَةَ رَمَاهَا حَسَّانُ بِأَبْيَاتِ شِعْرٍ، فَأَخَذَتْ رَحْلَهُ فَوَضَعَتْهُ عَلَى رَأْسِهَا ثُمَّ خَرَجَتْ فَرَمَتْ بِهِ فِي الْأَبْطَحِ، ثُمَّ قَالَتْ: أَهْدَيْتَ إِلَيَّ شِعْرَ حَسَّانَ قَالَتْ: وَاللَّهِ لَا يَثْبُتُ فِي صَدْرِي، قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ لَمْ تَأْتِنِي بِخَيْرٍ، (أو قالت) أهديت إليّ هجاء حسان فأخذت رحّله فألقته في البطحاء، فَخَرَجَ يَسِيرُ إِلَى الطَّائِفِ، فَذَهَبَ يَنْقُبُ بَيْتًا فَانْهَدَمَ عَلَيْهِ فَمَاتَ فَقَالَ أَهْلُ مَكَّةَ: مَا كَانَ لِيُفَارِقَ مُحَمَّدًا رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ فِيهِ خَيْرٌ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ ثَابِتٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَازِعُ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، وَأُمِّ الْوَلِيدِ قَالَا: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَاةٍ فَسُرِقَتْ دِرْعٌ لِرَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ، سَرَقَهَا رَجُلٌ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ: ثَعْلَبَةُ بْنُ أُبَيْرِقٍ، فَظَهَرُوا عَلَى صَاحِبِ الدِّرْعِ، فَجَاءَ أَهْلُهُ فَقَالُوا: اعْذُرْ صَاحِبَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَتَجَاوَزْ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ إِنْ لَمْ يُدْرِكْهُ اللَّهُ بِكَ هَلَكَ، فَأَرَادَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَدْفَعَ عَنْهُ وَيَتَجَاوَزَ عَنْهُ، فَأَبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُبْدِيَ عَلَيْهِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] إِلَى قَوْلِهِ: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107] إِلَى قَوْلِهِ: {وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُ دِرْعٌ حَدِيدٌ فَسَرَقَهَا ابْنُ أَخٍ لَهُ، فَاتَّهَمَهُ فِيهَا وَطَلَبَهَا مِنْهُ، فَجَحَدَهَا
وَزَعَمَ أَنَّهُ بَرِيءٌ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَطْلُبَهَا مِنْهُ، وَرَفَعَ ذَلِكَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ، وَاسْتَعَانَ الْفَتَى نَاسًا لِيَعْذِرُوهُ وَيَتَكَلَّمُوا دُونَهُ، فَلَمَّا أَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُ بِرَدِّ الدِّرْعِ عَلَى عَمِّهِ، فَجَحَدَهُ وَأَبَى أَنْ يُقِرَّ بِهَا، فَعَذَرَهُ الْقَوْمُ وَتَكَلَّمُوا دُونَهُ حَتَّى كَادَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَأْخُذَ فِيهِ بَعْضَ مَا سَمِعَ مِنْهُمْ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105]، {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106] ، {وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107] ، {يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيَّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا} [النساء: 108] ، {هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] . قَالَ الْحَسَنُ: فَأَقَالَ اللَّهُ عَثْرَتَهُ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ وَذَهَبَ بِالدِّرْعِ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ صَائِغٍ فَدَفَعَهَا إِلَيْهِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: لِمَ تَرْمُونَنِي بِالدِّرْعِ وَهِيَ تِلْكَ عِنْدَ فُلَانٍ الْيَهُودِيِّ، فَأَتَوَا الْيَهُودِيَّ فَقَالَ: هُوَ أَتَانِي بِهَا فَدَفَعَهَا إِلَيَّ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 111]، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] ، {وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ
أَنْ يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا} [النساء: 113] ، {لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا} ، فَلَمَّا رَأَى الْفَتَى أَنَّهُ قَدِ افْتُضِحَ ذَهَبَ مُرَاغَمًا حَتَّى لَحِقَ بِقَوْمٍ كُفَّارٍ، فَنَقَبَ عَلَى قَوْمٍ بَيْتًا لِيَسْرِقَهُمْ فَسَقَطَ عَلَيْهِ الْحَائِطُ فَقَتَلَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى} [النساء: 115] إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 116] ، وَقَرَأَ الْآيَةَ "
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شَيْبَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ قَتَادَةَ، فِي قَوْلِهِ:{إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلَا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِي طُعْمَةَ بْنِ أُبَيْرِقٍ، وَفِي مَا هَمَّ بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ مِنْ عُذْرِهِ، فَقَصَّ اللَّهُ شَأْنَ طُعْمَةَ وَوَعَظَ نَبِيَّهُ، وَكَانَ طُعْمَةُ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ ثُمَّ أَحَدَ بَنِي ظَفَرٍ، سَرَقَ دِرْعًا لِعَمِّهِ كَانَتْ لَهُ وَدِيعَةً عِنْدَهُ، ثُمَّ قَدِمَهَا عَلَى يَهُودِيٍّ كَانَ
⦗ص: 418⦘
يَغْشَاهُمْ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ لَهُ: زَيْدُ بْنُ السَّمِيرِ، فَجَاءَ الْيَهُودِيُّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهَتَفَ بِهِ، فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ قَوْمُهُ بَنُو ظَفَرٍ جَاءُوا إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِيَعْذِرُوا صَاحِبَهُمْ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّهُمْ بِعُذْرِهِ حَتَّى أَنْزَلَ اللَّهُ فِي شَأْنِهِ مَا أَنْزَلَ فَقَالَ:{وَلَا تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا} [النساء: 107]، ثُمَّ قَالَ لِقَوْمِهِ وَعَشِيرَتِهِ:{هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا} ، {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 110] ، {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا} [النساء: 111] ، {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا} [النساء: 112] ، فَكَانَ طُعْمَةُ قَذَفَ بِهَا بَرِيئًا، فَلَمَّا بَيَّنَ اللَّهُ شَأْنَهُ عِنْدَهُ شَاقَّ وَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: 115]
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ قَيْسٍ الْأَعْرَجُ، عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: " كَانَ
⦗ص: 419⦘
جِمَاعُ بُطُونِ الْأَنْصَارِ هَذَيْنِ الْبَطْنَيْنِ: الْأَوْسِ وَالْخَزْرَجِ، وَكَانَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ حَرْبٌ وَقِتَالٌ وَبَلَاءٌ شَدِيدٌ حَتَّى جَاءَ اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَاصْطَلَحُوا وَسَكَتُوا، فَكَانَ يَوْمًا رَجُلٌ مِنَ الْأَوْسِ وَرَجُلٌ مِنَ الْخَزْرَجِ جَالِسَيْنِ مَعَهُمَا يَهُودِيٌّ، فَجَعَلَ يُذَكِّرُهُمَا أَيَّامَهُمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ فِي الْحَرْبِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَهُمْ حَتَّى اسْتَبَّا وَاقْتَتَلَا وَدَعَا هَذَا قَوْمَهُ وَهَذَا قَوْمَهُ، فَخَرَجَتِ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ فِي السِّلَاحِ، وَصَفَّ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَاءَ حَتَّى وَقَفَ بَيْنَهُمْ فَجَعَلَ يَعِظُ بَعْضَ هَؤُلَاءِ وَبَعْضَ هَؤُلَاءِ حَتَّى رَجَعُوا وَوَضَعُوا السِّلَاحَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ الْقُرْآنَ:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ} [آل عمران: 100]، فَقَرَأَ حَتَّى بَلَغَ {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105] . قَالَ: فَأُنْزِلَتْ هَذِي الْآيَاتُ فِي الْأَنْصَارِيَّيْنِ وَالْيَهُودِيِّ " حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا جَعْفَرٌ، عَنْ حُمَيْدٍ
⦗ص: 420⦘
، عَنْ مُجَاهِدٍ، مِثْلَهُ قَالَ: فَقَرَأَ إِلَى قَوْلِهِ: {إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ} [آل عمران: 103] قَالَ: فَذَكَّرَهُمْ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ الْبَلَاءِ وَالْحَرْبِ، ثُمَّ قَالَ:{أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 105]