الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(ومنها) صلاة من عليه عمامة غصب أو حرير أو في يده خاتم ذهب وفي ذلك كله وجهان واختيار أبي بكر عدم الصحة).
وقد رجح ابن قدامة في "المغنى"(1/ 56) قول الأكثرين بصحة الطهارة منها فقال: (يفارق هذا الصلاة في الدار المغصوبة؛ لأن أفعال الصلاة من القيام والقعود والركوع والسجود، في الدار المغصوبة؛ محرم؛ لكونه تصرفا في ملك غيره بغير إذنه، وشغلا له، وأفعال الوضوء؛ من الغسل، والمسح، ليس بمحرم، إذ ليس هو استعمالا للإناء، ولا تصرفا فيه، وإنما يقع ذلك بعد رفع الماء من الإناء، وفصله عنه، فأشبه ما لو غرف بآنية الفضة في إناء غيره، ثم توضأ به؛ ولأن المكان شرط للصلاة، إذ لا يمكن وجودها في غير مكان، والإناء ليس بشرط، فأشبه ما لو صلى وفي يده خاتم ذهب).
التضبيب:
قال الماتن: (ويباح إناء ضبب بضبة يسيرة من الفضة لغير زينة).
تعريف المضبب:
المقصود بالإناء المضبب هنا هو ما أصابه شَّق أو كسر ونحوه فيذاب في شَّقه شيء من الذهب أو الفضة أو يربط كسره بسلك منهما، أو يوضع عليه صفيحة (1) تضمه وتحفظه (2).
الأدلة والمناقشة:
بداية نلاحظ تداخلا بين مسألة الإناء المموه، وما في معناه، وبين الإناء المضبب وهناك قدرا مشتركا بينهما وهو استعمال الفضة إلا أن المضبب فيه أنه استعمله للحاجة إليه في إصلاح الإناء بخلاف المموه ونحوه فاستعماله يكون للزينة. وسوف أسوق الأدلة المشتركة بين المسألتين ثم أتكلم عن التفريق بين الضبة
الكثيرة واليسيرة بإذن الله.
(1) أي لَوح عريض.
(2)
انظر بحث: حكم الأواني الذهبية والفضية لصالح البقمي.
أدلة من قال بالجواز:
روى البخاري في "صحيحه"(4/ 83) حديث رقم (3109) من حديث أنس رضي الله عنه «أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر، فاتخذ مكان الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِنْ فِضَّة» .
والضمير في قوله: "فاتخذ" يحتمل أن يعود للنبي صلى الله عليه وسلم، أو
لأنس- رضي الله عنه والظاهر من بعض الروايات الأخرى أن الفاعل هو أنس، ولكن الأمر لا يعدو الاحتمال فلا يستدل به على أحد الاحتمالين دون الآخر.
ومن ذلك ما رواه البخاري في "صحيحه"(7/ 113) حديث رقم (5638) عن عاصم الأَحْوَل، قال: رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس بن مالك وكان قد انصدع فَسَلْسَلَهُ بِفِضَّة، قال: وهو قدح جيد عريض من نُضَار، قال: قال أنس: «لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا القدح أكثر من كذا وكذا» قال: وقال ابن سيرين: إنه كان فيه حلقة من حديد، فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب أو فضة، فقال له أبو طلحة: لا تغيرن شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركه).
فقول أبو طلحة مراده الحلقة دون التضبيب لأنه يكون للحفاظ على القدح.
وروى البيهقي في "الكبرى"(1/ 47) من طريق عاصم بن سليمان، عن ابن سيرين، عن أنس:(أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انصدع فجعلتُ مكان الشعب سلسلة).
قال ابن حجر في "الفتح"(10/ 100): (لم يتعين من هذه الرواية من قال هذا وهو جعلت بضم التاء على أنه ضمير القائل وهو أنس بل يجوز أن يكون جعلت بضم أوله على البناء للمجهول فتساوي الرواية التي في الصحيح).
- روى الطبراني في "الكبير"(25/ 68) حديث رقم (167) من طريق عمر بن يحيى الْأُبُلِّيُّ (1)، ثنا معاوية بن عبد الكريم الضال، ثنا محمد بن سيرين، عن أخته،
(1) نسبة (الْأُبُلِّيُّ) إلى (أُبَلَّةَ) بلدة على شاطئ دجلة (البصرة).
عن أم عطية، قالت:«نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب وتفضيض الأقداح، فكلمه النساء في لبس الذهب فأبى علينا، ورخص لنا في تفضيض الأقداح» والإناء المُفَضَّضٌ: هو المُمَوَّه بِالْفِضَّةِ أَو المُرَصَّعٌ بِالْفِضَّةِ.
وإسناده ضعيف، قال الهيثمي في "المجمع" (5/ 149):(فيه عمر بن يحيى الْأُبُلِّيُّ ولم أعرفه).
- روى ابن أبي شيبة في " مصنفه"(5/ 104) أثر رقم (24145) من طريق عبدالرحمن بن مهدي، عن عمران أبي العوام القطان، عن قتادة، أن عمران بن حصين، وأنس بن مالك:«كانا يشربان في الإناء المفضض»
وهذا الأثر حسن عن أنس - فيه عمران قال عنه ابن حجر: "صدوق يهم" فمثله حسن الحديث إلا إذا تبين أن الحديث مما وهم فيه، وقتادة مشهور بالتدليس، وقد سمع من أنس ولم يسمع من عمران بن حصين، فعاد الحديث إلى فعل أنس وحده كما في حديث أنس السابق.
أدلة من ذهب إلى التحريم:
روى الفاكهي في "فوائد"(ص/270) حديث رقم (100)، وعنه الدارقطني في "سننه"(1/ 55) حديث رقم (96)، وغيره من طريق يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ الْجَارِيُّ، عن زَكَرِيَّاءُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُطِيعٍ عن أبيه عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا:(من شرب في إناء ذهب أو فضة أو إناء فيه شيء من ذلك فإنما يجرجر في بطنه نار جهنم).
وهذا إسناد ضعيف وزيادة (أو إناء فيه شيء من ذلك) زيادة منكرة، والحديث قال عنه الذهبي في "الميزان":"منكر"، وأعله ابن حجر في "الفتح"(10/ 101) بجهالة حال إبراهيم بن عبد الله بن مطيع وولده.
- ما رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(5/ 104) أثر رقم (24151) من طريق عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر:«أنه كان لا يشرب من قدح فيه حلقة فضة، ولا ضَّبَّة فضة»
رواته ثقات وإسناده صحيح، وهو فعل صحابي معارض بفعل أنس كما سبق.