الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي كونه لا يرفع الحدث ويزيل الخبث خلاف في المذهب كما سيأتي - بإذن الله -.
مسألة - الخلاف في اشتراط إباحة الماء لرفع الحدث:
قال البهوتي في "المنح الشافيات بشرح مفردات الإمام أحمد"(1/ 134): (لا يصح الوضوء بالماء المغصوب، كالصلاة في الثوب المغصوب، وكالوضوء الغسل ومثل المغصوب: المسروق والمنهوب ونحوه، على قياسه الماء المسبل للشرب وماء آبار ديار ثمود غير بئر الناقة لحديث (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) لكن قياس ما يأتي في الصلاة في المغصوب إذا كان عالما ذاكرا لا جاهلا وناسيا
…
).
قال المرداوي في "الإنصاف"(1/ 28 - 29): (وأما الوضوء بالماء المغصوب: فالصحيح من المذهب: أن الطهارة لا تصح به. وهو من مفردات المذهب. وعنه: تصح وتكره ، واختاره ابن عبدوس في تذكرته).
قال ابن رجب في "القواعد"(ص/12): ((القاعدة التاسعة): في العبادات الواقعة على وجه محرم ، إن كان التحريم عائدا إلى ذات العبادة على وجه يختص بها لم يصح ، وإن كان عائدا إلى شرطها فإن كان على وجه يختص بها فكذلك أيضا ، وإن كان - أي الشرط - لا يختص بها ففي الصحة روايتان أشهرهما عدمها ، وإن عاد إلى ما ليس بشرط فيها ففي الصحة وجهان واختار أبو بكر عدم الصحة وخالفه الأكثرون فللأول أمثلة كثيرة:(منها) صوم يوم العيد فلا يصح بحال على المذهب
…
وللثاني أمثلة كثيرة: (منها) الصلاة بالنجاسة وبغير سترة وأشباه ذلك وللثالث أمثلة كثيرة: (منها) الوضوء بالماء المغصوب (ومنها) الصلاة في الثوب المغصوب والحرير وفي الصحة روايتان ، وعلى رواية عدم الصحة فهل المبطل ارتكاب النهي في شرط العبادة ، أم ترك الإتيان بالشرط المأمور به. للأصحاب فيه مأخذان ينبني عليهما لو لم يجد إلا ثوبا مغصوبا فصلى فيه فإن عللنا بارتكاب النهي لم تصح صلاته ، وإن عللنا بترك المأمور صحت لأنه غير واجد لسترة يؤمر بها ، وأما من لم يجد إلا ثوب حرير فتصح صلاته فيه بغير خلاف على أصح الطريقين لإباحة لبسه في هذه الحال
…
).
وقول ابن رجب: (وإن كان - أي الشرط - لا يختص بها ففي الصحة روايتان أشهرهما عدمها)
والقول بالبطلان في هذه الحالة هو الصحيح من مذهب أحمد إلا أن الأقوى أنه يقتضي الفساد لا البطلان، وهذا هو ما اختاره الطوفي وغيره، قال الطوفي في مختصره بعد أن استعرض الأقوال في المسألة:(والمختار أن النهي عن الشيء لذاته، أو وصف لازم له مبطل، ولخارج عنه غير مبطل، وفيه لوصف غير لازم تردد، والأولى الصحة). وانتصر لذلك في شرحه فقال (2/ 440): (- وإن كان النهي عن الفعل لوصف له، لكنه غير لازم؛ ففيه تردد، إذ بالنظر إلى كونه وصفًا للفعل يقتضي البطلان، كما لو نهي عنه لذاته، أو لوصف لازم، وبالنظر إلى كونه غير لازم لا يقتضي البطلان، كما لو نهي عنه لأمر خارج، وهو أولى تغليبًا لجانب العرضية على جانب الوصفية، إذ بكونه عارضًا يضعف كونه وصفًا؛ فلا يلحق بالوصف اللازم؛ لأن لزومه يؤكد وصفيته ويقويها.
ومما يصلح مثالًا لهذا القسم النهي عن البيع وما في معناه من العقود وقت النداء، وإنما نهي عنه، لكونه بالجملة متصفًا بكونه مفوتًا للجمعة، أو مفضيًا إلى التفويت بالتشاغل بالبيع، لكن هذا الوصف غير لازم للبيع لجواز أن يعقد مائة عقد ما بين النداء إلى الصلاة، ثم يدركها؛ فلا تفوت؛ فالأولى في هذا العقد الصحة لوجوه:
أحدها: ضعف المانع لصحته، وهو هذا الوصف الضعيف العرضي.
الثاني: معارضته بأن الأصل صحة تصرفات المكلفين، خصوصًا في معاملاتهم التي راعى الشرع مصالحهم فيها؛ فلا يترك هذا الأصل إلا لدليل قوي سالم عن معارض
…
الثالث: أن ضعف المانع، وقوة المعارض المذكورين، تعاضدا على تخصيص النص المقتضي للمنع، وهو قوله عز وجل:{إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9]، إذ ذلك يدل على أن المنهي عنه بيع خاص، وهو المفوت للصلاة، مثل أن يشرع في مساومة بيع تتطاول مدته عند تكبير الإمام للجمعة، أو قريبًا منه، وصحة البيع عند النداء تكره ولا تفسد عند أبي