الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
نفاس) لحل وطء زوجها المسلم لأن هذا الغسل لا يسلب الماء طهوريته لعدم أهليتها للنية).
وقد علل ابن ضويان كراهة استعمال الماء المستعمل في غسل كافر بقوله: (أو في غسل كافر خروجا من خلاف من قال يسلبه الطهورية) وقد سبق ذكر أن الخلاف ليس من الأدلة الشرعية حتى تعلل به الكراهة.
وقال الشيخ ابن جبرين في "شفاء العليل"(ص/94): (وأما التعليل بالخلاف فهو غير سديد لأنه يندر أن نجد ميألة لم يختلف فيها العلماء أو يخالف فيها بعضهم أو أحدهم، فالواجب النظر في هذا الخلاف فإن كان له حظ من النظر ساغ الخروج منه حينئذ، وأما ما عدا ذلك فلا، ولهذا قالوا:
وليس كل خلاف جاء معتبرا
…
إلا خلافا له حظ من النظر).
ومما يستدل به على طهارة هذا الماء ما رواه أبو داود (1/ 32)(130) عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده) حسنه ابن حجر، والماء المتبقي في يده صلى الله عليه وسلم يحتمل أنه يكون بعد الغسلة الأولى لليد، فيكون مسح الرأس بماء استعمل في رفع حدث، فيدل على مسألتنا بالأولى، ويحتمل أن يكون بعد الغسلة الثانية أو الثالثة فيكون على هذا الاحتمال دليلا في مسألتنا.
وعليه فالراجح عدم كراهة هذا الماء، قال الشيخ ابن جبرين:(لأنه ماء طاهر قد لاقى محلا طاهرا فبقي طاهرا غير مكروه بوجه من الوجوه، ولا دليل لمن قال بكراهته).
6 - ماء تغير بملح مائي:
قال: (أو تغير بملح مائي).
الملح المائي هو الملح المنعقد من الماء، ويمكن الحصول عليه من الملاحات البحرية التي تتكون من تبخر الماء.
والملح المائي هو الملح المستخدم في الطعام، وهو يمازج الماء ويذوب فيه فيكسبه طعما مالحا.
وقيده بالمائي: احترازاً من الملح المعدني، وهو ما يستخرج من باطن الأرض فهذا يسمى ملحاً معدنياً، أو حجريا، والملح المعدني في المذهب إذا خالط الماء فإن يسلبه الطهورية، ويجعله طاهرا.
قال المرداوي في "الإنصاف"(1/ 23): (قوله: "أو ما أصله الماء كالملح البحري" صرح بطهوريته مطلقا وهو المذهب وعليه جمهور الأصحاب وجمهورهم جزم به منهم صاحب المذهب والمستوعب والمغني والكافي والشرح والمحرر والرعايتين والنظم وبن تميم وبن رزين وبن منجا في شرحه وبن عبدوس في تذكرته والوجيز والحاويين والفائق وغيرهم وقدمه في الفروع وقيل يسلبه إذا وضع قصدا وخرجه في الرعايتين على التراب إذا وضع قصدا وصرح أيضا أنه غير مكروه الاستعمال وهو المذهب جزم به بن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وبن عبيدان ومجمع البحرين وقيل يكره جزم به في الرعايتين.
تنبيه: مفهوم قوله أو ما أصله الماء كالملح البحري أنه إذا تغير بالملح المعدني أنه يسلبه الطهورية وهو الصحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب وقيل حكمه حكم الملح البحري اختاره الشيخ تقي الدين) (1).
الترجيح:
الشرع لا يفرق بين المتماثلات فهذا الماء الذي وضع فيه ملح مائي هو من ناحية النتيجة كماء البحر، وقد نص النبي صلى الله عليه وسلم على طهورية ماء البحر والحكم على الأول بالكراهة دون الثاني وتعليل ذلك بالخلاف لا يصح كما تقدم مرارا، فالراجح أن هذا الماء طهور ولا كراهة في استعماله في رفع الحدث.
فائدة: قول المرداوي: (صرح أيضا أنه غير مكروه الاستعمال وهو المذهب جزم به بن منجا في شرحه وهو ظاهر ما جزم به في الشرح وبن عبيدان ومجمع البحرين وقيل يكره جزم به في الرعايتين) يدل على أن المذهب عدم كراهة الماء المتغير بالملح المائي على خلاف ما اختاره الشيخ مرعي، ولعله راعى الخلاف.
(1) انظر المغني (1/ 25).