الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني: الزوائد
المبحث الأول: الزيادات المقيسة: حروفها ومواضعها وأعراضها
…
المبحث الأوّل: الزِّياداتُ المَقِيْسَةُ: حروفُها ومواضعُها وأغراضُها
لتمييز الزّائد من الأصليّ شأن عظيم في العربيّة؛ فعلى الأصول مدار كثير من مسائل التّصريف؛ كالتّثنية والجمع والتّصغير والنّسب، وعليها –أيضاً-مدار المعجم العربيَّ في بنائه.
وإذا عُرفت الزَّوائد عُرفت الأصول، وفُكَّ ما بينها من تداخلٍ. ومن هنا قال ابن دُريد في مقدّمة معجمه:"واعلم أنَّه لا يستغني النّاظر في هذا الكتاب عن معرفة الزَّوائد؛ لأنَّها كثيرة الدّخول في الأبنية، قلَّ ما يمتنع منها الرّباعيّ والخماسيّ والملحق بالسُّداسيِّ من البناء؛ فإذا عُرِفت مواضع الزَّوائد في الأبنية كان ذلك حريّاً ألَاّ تشِذَّ على النَّاظر"1.
والزَّوائد هي: ما يضاف إلى أصول الكلمة؛ لغرضٍ معنويًّ أو لفظيًّ؛ ممَّا يسقط تحقيقاً أو تقديراً2.
فممَّا يسقط تحقيقاً: الميم والواو في (مَسْتُورٍ) وهمزةُ (أَكْرَمَ) وتاءُ (قَتَّلَ) . وممَّا يسقط تقديراً: واو (كوكب) ونون (غضنفر) .
1 الجمهرة1/47.
2 ينظر: شرح المرادي5/223،234،وتصريف الأفعال63،والمغني في تصريف الأفعال48.
وتشترك الأسماء المتمكّنة والأفعال المتصرّفة في قبولها الزَّوائد1.
وسمِّيت حروف الزَّوائد زوائدَ؛ لأنَّ الزِّيادة في الاسم أو الفعل لا تقع إلَاّ منها2.
والزِّيادة على ضربين: زيادةٌ لمعنىً؛ كألف (شاربٍ) لدلالته على الفاعلية، وميم (مَشْرُوب) لدلالته على المفعولية، وهمزة (أَكْرَمَ) لدلالتها على التَّعدية.
وهذا الضّرب من الزَّوائد ينقسم قسمين؛ أحدهما: ما يقع بحروف الزِّيادة العشرة، والآخر ما يقع بحروف الزِّيادة أو غيرها كراء (كرَّمَ) وباءِ (نَبّأ) ونحو ذلك من التضعيف؛ الَّذي يقع في جميع الحروف إلَاّ الألف.
والضّرب الثّاني: أن تكون الزِّيادة لغير معنىً ظاهر؛ بل لأغراضٍ أخرى كما يأتي.
وينقسم هذا الضّرب - أيضاً - قسمين: أوَّلهما: ما يقع بحروف الزِّيادة العشرة.
وثانيهما: ما يقع بغير حروف الزِّيادة أي بالتّضعيف (التّكرير) .
ومن النّوعين الأخيرين الإلحاق؛ فحروفه لا تفيد شيئاً من معنى الكلمة3 بل تأتي لإلحاق بناءٍ ببناء آخر؛ ليأخذ حكمه في التّصريف -
1 ينظر: شرح المفصل لابن الحاجب2/371.
2 ينظر: الجمل في النحو للزجاجي40.
3 ينظر: المقتصد في شرح التكملة2/723.
كما سيأتي تفصيله في المبحث الثاني - إن شاء الله.
ويوَضِّحُ الرّسمُ التالي تقسيم الزَّوائد.
الزِّيادة (صورة 7)
ويُمَيَّزُ الزائدُ بظهوره في الميزان الصرفيِّ، إن كان الزائد من حروف الزِّيادة؛ فوزنُ: أَكْرَمَ (أَفْعَلَ) واسْتَغْفَرَ (اسْتَفْعَلَ) وانْفَطَرَ (انْفَعَلَ) وهكذا. ويستثنى من ذلك المُبدَل من تاء الافتعال؛ فأنَّه بالتاء، فوزنُ: اصْطَفَى (افْتَعَلَ) وازْدَرَعَ (افْتَعَلَ) وأجاز الرَّضِيُّ1 أن يكونا (افْطَعَلَ) و (افْدَعَلَ) بالتعبير عن كلِّ زّائد مبدل منه بالبدل؛ لا المبدلِ منه. والمكرَّر، نحو: قَطَّعَ، وصَمَحْمَحٍ، ومَرْمَرِيْسٍ؛ فأنَّه (فَعَّلَ) و (فَعَلْعَل) و (فَعْفَعِيل) لا (فَعْطَلَ) و (فَعَلْمَحَ) و (فَعْمَرِيل) وأجاز ذلك عبد القاهر الجرجاني2.
والملحق بالتّكرير فأنَّه يوزن بتكرار الحرف في الميزان؛ فوزنُ:
1 ينظر: شرح الشافية1/18.
2 ينظر: المقتصد في شرح التكملة2/872.
جَلْبَبَ (فَعْلَلَ) لا (فَعْلَبَ) وذلك للتّنبيه -في الوزن - على أن الزّائد حصل من تكرار حرف أصليٍّ؛ سواء كان التّكرير للإلحاق كـ (جَلْبَبَ) أو لغيره كـ (كَسَّرَ)3. أما الملحق بغير التّكرير مثل (كَوْكَبٍ) و (سَيْطَرَ) فوزنهما (فَوْعَل) و (فَيْعَل) .
ويجوز في بعض الكلمات أن تُحمل الزِّيادة على التّكرير، وألَاّ تُحمل عليه؛ بشرط أن يكون الحرف من حروف الزِّيادة؛ وذلك نحو: حِلْتِيتٍ فأنَّه فِعْلِيلٌ للإلحاق بـ (قِنْدِيل) ويجوز أن يكون (فِعْلِيتاً) إن لم يقصد تكرير لامه؛ بل قُصد الزِّيادة؛ كما في (عِفْرِيتٍ)4.
واختلفوا في تعيين الحرف الزّائد في المكرَّر؛ نحو (كَسَّرَ) فجعل الخليل5 الأوَّل هو الزائدُ؛ لأن الواو والياء والألف يقَعْنَ ثواني في (فَوْعَل) و (فَيْعَل) و (فَاعِل) وكذلك في (فَعلّل) و (فِعَلّ) لأن الواو والياء والألف يقعنَ ثوالث؛ نحو (جَدْوَل) و (عِثْيَرٍ) و (شِمَالٍ) .
وكذلك (عَدَبَّسٌ) 6 فالباء الأولى فيه بمنزلة واوِ (فَدَوْكَسٍ)
1 ينظر: شرح الشافية1/18.
2 ينظر: المقتصد في شرح التكملة2/872.
3 ينظر: شرح الشافية للرّضيّ1/13،14.
4 ينظر: شرح الشافية للرّضيّ1/15.
5 ينظر: الكتاب4/329.
6 العدبّس: الشديد أو الطويل أو سيّء الخلق من الرجال، وينظر: اللسان (عدبس) 6/134.
7 الفَدَوْكَسُ: الأسد، وينظر: اللسان (فدكس) 6/159.
وياء (عَمَيْثَلٍ)1.
وجعل يونس بن حبيب2 الأخيرَ هو الزائد؛ فقاس زيادة (كَسَّرَ) وأخواتها على زيادة (جدولٍ) و (عِثْيَرٍ) و (شِمَالٍ) . وقاس زيادة (مَهْدَدٍ) وأخواتها على ألف (مِعْزًى) وجعل الأخيرةَ في (خِدَبٍّ) بمنزلة النون في (خِلَفْنَةٍ) وجعل زيادة (عَدَبَّسٍ) بمنزلة واوِ (كَنَهْوَرٍ) .
وصوَّب سيبويه3 الوجهين. واختار ابنُ السَّرَّاج4 مذهبَ سيبويه. وليس لهذا الخلاف أثرٌ في تداخل الأصول؛ لأن الأصول لا تتغير في الرأيين.
1 العميثل: الضخم الشديد، وينظر: اللسان (عمثل) 11/478.
2 ينظر: الكتاب4/329، والهمع2/216.
3 ينظر: الكتاب4/329.
4 ينظر: الأصول3/243.
حروف الزِّيادة:
يكاد اللُّغويُّون1 يُجْمِعون على أن حروف الزِّيادة عشرة؛ وهي: الواو، والياء، والألف، والهمزة، والميم، والنون، والسين، والتاء، واللام، والهاء. وجمعوها في قولهم (أمانٌ وتسهيلٌ) أو (سألتمونيها) أو (اليومَتنساه) ونحو ذلك. ونقلوا عن المبرِّد أنَّه أخرج الهاء2 من حروف الزِّيادة؛ على الرغم من أنَّه نصَّ صراحةً في (المقتضب) 3 على أنَّ الهاء من حروف الزِّيادة؛ وهو يبطل ما نُسبَ إليه.
وكان ثعلبٌ يعدُّ الباءَ في (زَغْدَبٍ) من حروف الزِّيادة في قول العجَّاج:
1ينظر: الجمهرة1/47، واللَاّمات للزجاجي133، والواضح264، والمنصف1/48، والأفعال للسرقسطيّ1/56، والتبصرةوالتذكرة2/788، والفصول في العربيّة119، وشرح المفصل لابن يعيش9/141، والتسهيل297، وشرح الشافية للرَّضيّ2/330، والممتع1/201، والارتشاف1/94، والمبدع118.
2 ينظر: سرُّ الصّناعة1/62،563، وشرح المرادي5/235، والمساعد4/51، والممتع1/204، والمبدع122، وشرح الأشمونيّ4/69، والتَّصريح2/362، وتصريف الأفعال100، والخلاف بين المبرّد وسيبويه127.
3 1/56، 60، 3/169، ولعل سبب ذلك أنَّ للمبرّد قولاً في هذه المسالة في غير (المقتضب) موافقاً لما نقل عنه؛ ثم اشتهر ذلك، وخمل ما في (المقتضب) .
يَمُدُّ زَأراً وهَدِيراً زَغْدَباً1
…
وردَّ مذهبَه ابنُ جِنَّي2
ولم يقتصر أبو الحسن كُرَاعُ النمل في الزَّوائد على حروف الزِّيادة العشرة المُجْمَعِ عليها؛ فقد عقد باباً بعنوان (باب الزَّوائد من غير العشرةِ) 3 وأضاف فيه عشرة أحرفٍ أخرى وهي: الغين، والقاف، والحاء، والفاء، والرَّاء، والزَّاي، والطَّاء، والدّال، والجيم، والباء.
فالغين زائدةٌ في (دَغْفَقْتُ الماءَ) لأنَّه من دَفَقْتُهُ4.
والقاف في (العَسَلَّقِ) وهو الذئب؛ لأنَّه مشتق من العَسَلان5.
والحاء في (الصَّلَنْقَحِ) وهو الصياح، وأصله (الصَّلقُ)6.
والفاءُ في قولهم: مِخْشَفٌ ومِخَشٌّ، بمعنى: جريءٍ على الليل 7.
والرَّاءُ في قولهم: كَشَمْتُ أنفَه وكَشْمَرْتُهُ، أي: كَسَرْتُهُ، قال:"وإنما زيدت الرَّاء لقربها من اللام، واللَاّم من الزَّوائد"8.
والزَّايُ في قولهم: أَرَمَّ وأرْزَمَ، بمعنى: سكتَ، ويرى أنَّها زيدت؛
1 ينظر: ديوانه2/270، والمبهج154.
2 ينظر: الخصائص2/49.
3 ينظر: المنتخب2/700.
4 ينظر: المنتخب2/701.
5 ينظر: المنتخب2/701.
6 المنتخب 2/702.
7 المنتخب 2/702.
8 المنتخب 2/703.
لأنَّها أخت السين، والسينُ من الزَّوائد1.
والطَّاءُ في قولهم: فَرْشَطَ وفَرَشَ، بمعنى: بَرَكَ، ويرى أنَّها زيدت؛ لأنَّها أخت التاءِ2.
والدَّالُ في قولهم: رِخْوَدٌّ بمعنى رِخْوٍ؛ وهي - أيضاً - أخت التاء3.
والجيمُ في قولهم: دَحْرَجْتُه بمعنى: دَحَرْتُهُ4.
والباءُ في قولهم: شَبْرَقْتُ الثَّوبَ، بمعنى: شَرَّقْتُهُ، أي: مَدَدْتُهُ5.
وكلُّ هذا الَّذي ذكره كُراعٌ ليس من الزَّوائد؛ وإنما هي أصول تشابهت معانيها، وتقاربت ألفاظُها، وهو من المترادفات؛ كما يراه ابن جِنِّي في أمثالها6. ومَنْحَى كُراعٍ في الزَّوائد ليس غريباً؛ إذا عُرف أنَّه كوفيُّ المذهب7، وأهل الكوفة يجعلون ما زاد عن ثلاثة أحرفٍ مزيداً، كما تقدَّم8.
1 المنتخب 2/703.
2 المنتخب 2/703.
3 المنتخب 2/704.
4 المنتخب 2/704.
5 المنتخب 2/705.
6 ينظر: الخصائص2/49.
7 ينظر: الفهرست91.
8 ينظر: ص (193) من هذا البحث.
ونحا ابنُ فارسٍ منحى كُراعٍ1، يؤكد ذلك تحليل ما زاد عن الثلاثة في معجمه (مقاييس اللُّغة) ففيه تسع وأربعون ومائتا كلمة رباعية أو خماسية؛ ممَّا جعله مزيداً بحرفٍ أو حرفين من غير حروف الزِّيادة العشرة. فقال بزيادة الرَّاء في خمسٍ وثلاثين كلمةً 2، وهي أكثر الحروف زيادةً عنده.
ويليها العين؛ في عشرين كلمة3.
فالباءُ؛ في تسع عشرة كلمة4.
فالدَّالُ؛ في إحدى عشرة كلمة5.
فالفاءُ؛ في ستِّ كلماتٍ6.
فالحاءُ؛ في خمسِ كلماتٍ7.
1 لم يذكر أحدٌ –فيما أعلم- أنَّ ابن فارس متأثر- في الزَّوائد - بكراع، وأراه أخذ أساس فكرته في (المقاييس) ممَّا جاء به كراع في (المنتخب) وقد سبقه كراع بنحو قرنٍ فقد كانت وفاته في سنة (310هـ) في حين توفي ابن فارس سنة (393هـ) .
2 ينظر: المقاييس1/332، 2/248، 3/272، 4/431، 5/194، 6/71.
3 ينظر: المقاييس1/510، 2/239، 3/352، 4/369.
4 المقاييس1/334، 2/509، 510، 3/410، 4/358.
5 المقاييس2/341، 3/401.
6 المقاييس2/337، 372، 3/350، 4/358، 4/514.
7 المقاييس2/144، 145، 341، 3/272،357.
فالجيمُ1؛ والقافُ2؛ والكافُ3؛ وكلٌّ منها في أربع كلماتٍ. فالشينُ؛ في ثلاثِ كلماتٍ4.
فالزَّايُ5؛ والطَّاءُ6؛ في كلمتين لكٍّ منهما.
فالخاءُ، والذَّال، والضَّاد، والغينُ؛ في كلمةٍ لكلٍّ منها7.
وهذا يعني أنَّ ابنَ فارسٍ يرى أنَّ حروف المعجم جميعها8 قابلة لأن تكون زائدةً؛ باستثناء ثلاثة منها؛ وهي: الثاء، والصاد، والظاء؛ اللائي لم يردن في معجمه زوائد؛ ولعله لا يمتنع عنده زيادتهن -أيضاً.
والَّذي يؤخذ به، وعليه المعوَّل في دراسة تداخل الأصول: مذهب الجمهور في الزَّوائد؛ وهو أنَّها لا تقع من غير العشرة؛ الَّتي يجمعها قولهم: (سألتمونيها) أمَّا ما جاء به كُراعٌ، وابنُ فارسٍ، ومن سار على نهجهما، من اللُّغويِّين المتأخرين في زماننا؛ فلا يُعَوّل عليه؛ لأنَّ ما زعموا أنَّه زائد ثبتت أصالته عند جمهور اللّغويّين والصّرفيّين والنّحاة من المتقدّمين
1 المقاييس1/511، 508، 2/248، 6/72.
2 المقاييس2/337، 3/52، 5/118، 5/484.
3 المقاييس2/144، 3/351، 3/401، 6/71.
4 المقاييس3/457، 4/359،363.
5 المقاييس1/509، 3/54.
6 المقاييس4/365، 4/513.
7 المقاييس ـ على الترتيب ـ 1/333، 3/2273، 4/362، 2/340.
8 وذلك بإضافة تلك الحروف إلى حروف الزِّيادة العشرة، ولا شكَّ في أنَّه يعتدّها من حروف الزِّيادة؛ وقد ذكرها مزيدةً في تسع وعشرين ومائة كلمة.
والمتأخرين؛ وهم السواد الأعظم من علماء العربيّة؛ وقد وضعوا قواعدهم على الكثير المستفيض من كلام العرب؛ الَّذي أدّاهم إلى نَوْطِ القواعدِ به.
مواضِعُ الزِّيادَاتِ المَقِيسَةِ: تنقسم الزَّوائد قسمين: مَقيسةٌ وغير مَقِيسَةٌ.
وأعرضُ فيما يلي للزّيادات المقيسة:
أوَّلاً- الهمزة:
تقع الهمزة أوّلاً وحشواً وآخراً، وتطّرد زيادتُها أوّلاً وآخراً، إلاّ أنَّها إذا وقعت آخراً بعد ألفٍ زائدةٍ نحو (حَمْرَاءَ) فأنَّها تكون مُبدلةً من ألف التأنيث. وفيما يلي بيان ذلك:
أ- إذا وقعت أوّلاً:
لا يخلو إن وقعت الهمزة في أوّل الكلمة أن يكون بعدها حرفان، أو أكثر، فإن كان بعدها حرفان فالهمزة أصل؛ نحو (أَكَلَ) و (أَمَرَ) إذ لا بدّ من الفاء والعين واللاّم1، وهي أقلّ الأصول.
وإن كان بعدها ثلاثة أحرفٍ أصولٍ فالهمزة زائدةٌ؛ سواء عُرف الاشتقاق في تلك الكلمة أو جُهِلَ 2؛ نحو (أَحْمَرَ) و (أَصْغَرَ) و (أَكْرَمَ) و (أَشْرَفَ) .
وإنّما حُكم عليها بالزِّيادة في هذه المواضع؛ لأنّ كلَّ ما عرف
1 ينظر: الممتع1/230.
2 ينظر: سرُّ الصناعة1/107.
اشتقاقه من ذلك فالهمزة فيه زائدة؛ فحُمل ما جُهِل اشتقاقه على ما عُلِمَ؛ فحُكِمَ بزيادة الهمزة فيه1. ويُعدّ هذا الموضع أكثرَ مواضع اطِّرادها زائدةً؛ إذ تزاد في سبعة وعشرين بناءً في الأسماء2.
وإن كان بعدها أربعةُ أحرفٍ، فما فوق، مقطوعٌ بأصالتهنّ، فهي أصل3؛ وذلك نحو (إِصْطَبْلٍ) و (إَبْرَيسَمٍ) .
قال ابنُ عصفور: "وإنّما قُطع بأصالة الهمزة في مثل هذا؛ لأنّ بنات الأربعة فصاعداً، لا تلحقها الزّيادات من أوّلها أصلاً، إلاّ الأفعال، نحو: تَدَحْرَجَ، والأسماءَ الجاريةَ عليها، نحو: مُدَحْرِجٍ"4.
وإن كان بعدها ثلاثةُ أحرفٍ، اثنان منها مقطوع بأصالتهما؛ فإمّا أن يكون الآخر مقطوعاً بزيادته، أو محتملاً للأصالة والزِّيادة؛ فالهمزة أصل فيما قُطع بزيادته؛ نحو:(آكِلٍ) و (آمِرٍ) لأنَّه لا بدّ من الفاء والعين واللاّم؛ فوزن ما تقدّم (فَاعِل) . وتكون الهمزة زائدة فيما احتمل الأصالة والزِّيادة؛ نحو: (أَبْيَنَ) اسم رجلٍ، و (أَفْعَى) فإنّ الياءَ في الكلمة الأولى والألفَ المقصورةَ في الثانية محتملتان للأصالة والزِّيادة، وقد قُضيَ على الهمزة في المثالين
1 ينظر: الممتع1/232.
2 ينظر: الاستدراك على سيبويه62.
3 ينظر: سر الصناعة1/107.
4 ينظر: الممتع1/231.
بالزِّيادة، وقُضِيَ على الحرفين بالأصالة "لأنّ جميع ما ورد من ذلك ممَّا له اشتقاقٌ الهمزة فيه زائدةٌ، وما عداها أصل، نحو: قولِه: أَغْوَى منه، وأَضْوَأُ منه، وأَيْدَعُ؛ لأنّ أغوى من الغَيِّ، وأضوأ من الضَّوء، ويقولون: يَدَّعْتُهُ"1 فـ (أَيْدَعُ) منه.
ويستثنى من ذلك ألفاظ قليلة شذّت من هذا النوع؛ كـ (الأَوْلَقِ) وهو الجنون، و (الأرْطَى) وهو نبات يدبغ به؛ فإنّ الهمزة فيهما أصل؛ لاشتقاق الأوّل من الأَلَقِ.
ولقولهم في الثاني: أَدِيمٌ مأْرُوْطٌ؛ أي: مدبوغ؛ ولذلك حمل ما ليس له اشتقاق؛ كـ (أَبْيَنَ) و (أَفْعَى) على الأكثر؛ فقُضِي بزيادة الهمزة. وتطّرد زيادة الهمزة أوّلاً في بعض الأفعال والمصادر؛ لسكون أوائلها؛ فيؤتى بالهمزة للتّوصّل إلى نطق الساكن؛ وهو ما يعرف بـ (همزة الوصل) وتقع في مزيد الماضي من الثُّلاثيّ أو الرّباعيّ؛ ممَّا جاء على خمسة أحرفٍ أو ستّةٍ؛ وهو ما يسمّى بـ (الخماسيّ) أو (السّداسيّ) بالزِّيادة2، نحو (اكْتَسَبَ) و (انْفَطَرَ) و (اقْشَعَرَّ) و (اعْشَوْشَبَ) و (اسْتَغْفَرَ) وما جرى عليه من المصادر.
وتطّرد - أيضاً - في الأمر من تلك الأفعال؛ كما تطّرد في أمر المضارع ساكِنِ الثّاني، ولم تُحذف منه همزةٌ؛ كـ (يُكْرِمُ) ولم يكن
1 الممتع1/233.
2 ينظر: الألفات لابن خالويه28،29، ورصف المباني 130، وبغية الآمال122-134.
مثل: أَخَذَ وأَكَل وأَمَرَ؛ وذلك نحو: اعْلَمْ، واضْرِبْ، واشْرُفْ.
ب- إذا وَقَعَتْ آخِراً:
تقاس زيادة الهمزة إذا وقعت في آخر الكلمة، وقبلها ألفٌ مسبوقةٌ بثلاثة أصولٍ فأكثرَ؛ نحو: خَضْرَاءَ، وصَحْرَاءَ، وعاشوراءَ1؛ إلاّ أنّ تلك الهمزة منقلبةٌ عن ألف التأنيث؛ فأصل صحراءَ: صحرأأ2، وكذلك الباقي.
ثانيا-ً التاءُ:
تزاد التّاء باطّرادٍ أوّلاً وحشواً وآخراً؛ على النحو التالي:
أ- زيادتُها أوّلاً:
تزاد أوّلاً في الأفعال والأسماء؛ فمن زيادتها في الأفعال: وقوعها في أوّل الماضي في صيغتي (تَفَعَّلَ) و (تَفَاعَلَ) 3 نحو (تَكَسَّرَ) و (تَغَافَلَ) وفي الأمر من تلك الصّيغ.
وتقع في مضارع المخاطب في نحو (تَكْتُبُ) و (تَسْتَبِينُ) أو المخاطبة نحو (تَكْتُبينَ) أو الغائبة في (تخرجُ هندٌ) و (تَسْتَبينُ) . وتقع في الأسماء في مصادر (تَفَاعَلَ) و (تَفَعَّلَ) كـ (التَّسابقِ) و (التَّقَطُّعِ) وفي المصادر المصوغة من الثُّلاثيّ على وزن (تَفْعَالٍ) كـ
1 ينظر: تصريف الأفعال84.
2 ينظر: سر الصناعة1/85.
3 ينظر: الممتع1/272.
(التَّرْدَادِ) و (التَّلْعَابِ)1.
ب- زيادتُها حشواً:
وتكون باطّراد في صيغتي (افْتَعَلَ) كـ (اعْتَصَرَ) و (اسْتَفْعَلَ) كـ (اسْتَغْفَرَ) وفي مصدريهما، واسمي الفاعلِ والمفعولِ، واسمي الزّمان والمكان2.
ج- زيادتُها آخِراً:
تزاد باطِّرادٍ في الماضي المسند إلى مؤنثٍ؛ نحو (قامتْ) وفي وَصْفِ المؤنث نحو (قائمةٍ) و (مضروبَةٍ) .
وفي عَلَمِ المؤنثِ نحو (فاطمة) و (خديجة) وفي بعض جموع التكسير؛ وهي عوضٌ عن الياء، نحو: زَنَادِقَةٍ؛ فهي عوض عن ياء (زَنَادِيقَ) وكذلك (أَزَارِقَةٌ) و (صَيَارِفَةٌ) وفي جمع المؤنث، نحو: هِنْداتٍ، وشَجَرِاتٍ3، وتاء المبالغة4 نحو: رجلٍ علَاّمَةٍ، وضُحَكَةٍ.
1 ينظر: الكتاب4/83، 84.
2 ينظر: سر الصناعة1/158، وتصريف الأفعال97.
3 ينظر: تصريف الأفعال97.
4 ينظر: رسالة في الحروف العربيّة167.
ثالثاً- السِّينُ:
تزاد السّين باطِّرادٍ في صيغةٍ واحدةٍ؛ وهي (اسْتَفْعَلَ) وما تصرّف منها؛ كالمضارعِ واسم الفاعلِ واسمِ المفعولِ والمصدرِ1. ولا تطَّرد زيادتُها في غير ذلك. ومثالها (سلقى) .
رابعاً- اللَاّم:
تزاد باطِّرادٍ في (ذلك) و (تلك) و (تالك) و (أولالكَ) و (هنالك) لقولهم فيها: (ذاك) و (تيك) و (أولاك) و (هناك)2. ولا تطَّرد زيادتُها في غير ما تقدّم.
خامساً- الميمُ:
تزاد الميم أوَّلاً وحشواً وآخراً. ولا تطَّرد زيادتها إلاّ أوَّلاً؛ وهي بمنزلة الهمزة 3؛ ومن هنا قال ابن مالكٍ:
وهَكذَا هَمْزٌ وميمٌ سَبَقَا
…
ثلاثةً، تأصِيْلُهَا تُحُقِّقَا 4
وتفصيل أحوالها أن يقال5: إنّ الميمَ إن وقعت أوَّلاً لا يخلو أن يكون بعدها حرفان أو أكثر.
1 ينظر: الممتع1/222.
2 ينظر: سر الصناعة1/321، والممتع1/213.
3 ينظر: الممتع1/246.
4 ينظر: شرح ابن الناظم829.
5 ينظر: الممتع1/246.
فإن كان بعدها حرفان؛ نحو (المَجْدِ) حُكِم على الميم بالأصالة؛ إذْ لا بدّ من الفاء والعين واللاّم.
وإن كان بعدها أكثر من حرفين فلا يخلو أن يقع بعدها ثلاثةٌ مقطوعٌ بأصالتها، أواثنان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته، أو محتملٌ للأصالة والزِّيادة.
فإن كان بعدها ثلاثةٌ مقطوعٌ بأصالتها حُكِمَ على الميم بالزِّيادة؛ لأنّ كلّ ما ورد من ذلك ممَّا يعرف له اشتقاقٌ جاءت الميم فيه زائدةً؛ وهذا موضع اطِّرادها زائدةً؛ كوقوعها في المصدر الميميّ: (مَفْعَل) كـ (مَطْلَع) و (مَفْعِل) كـ (مَوْعِد) واسمِ الزّمان (مَفْعَل) كـ (مَسْعَى) و (مَصِيفٍ) و (مُفْتَعَل) كـ (مُسْتَقَرٍ) ونحوه؛ ممَّا زاد على الثلاثة، واسمِ المكانِ (مَفْعَل) كـ (مأوَىَ) و (مَصْرِفٍ) و (مُفَعَّل) كـ (مُصَلَّى) ونحوه؛ ممَّا زاد على الثلاثة.؛ و (مَفْعَلَة) للمكان الَّذي تكثر فيه الأعيان؛ كـ (مأسَدَةٍ) و (مَسْبَعَةٍ) واسمِ الفاعل ممَّا زاد على الثلاثة (مُنْفَعِل) كـ (مُنْفَطِرِ) و (مُفْتَعِل) نحو (مُجْتَهِدٍ) و (مُسْتَفْعِل) نحو (مُسْتَخْرِجٍ) ، ونحو ذلك من صيغ ما زاد على الثلاثة؛ وهي كثيرة، واسمِ المفعول (مَفْعُول) نحو (مَكْتُوب) و (مُفَعَّل) نحو (مُرَكَّبٍ) ونحوه من أوزان ما زاد على الثلاثة وهي كثيرة، واسمِ الآلة (مِفْعَل) كـ (مِثْقَبٍ) و (مِفْعَال) كـ (مِفتَاح) و (مِفْعَلَة) كـ (مِسْطَرَةٍ) وفي نحو (مُفْعَل) كـ (مُصْحَفٍ) و (مُفْعُل) كـ (مُنْخُلٍ) و (مِفْعِل) كـ (مِنْتِنٍ) و (مُفْعُول) كـ (مُعْلُوقٍ) و (مَفْعَلٍّ) كـ (مَكْوِرٍّ) ونحو ذلك.
وإن كان بعد الميم أكثر من ثلاثة أصول في غير المشتقّ –حُكم على الميم بالأصالة؛ لأنّ الزِّيادة لا تلحق بنات الأربعة أو الخمسة من أوّلها؛ نحو (مَنْجَنُونٍ) و (مَنْجَنِيقٍ) و (مَرْدَقُوشٍ) وهو الزّعفران، ولعدم الاشتقاق فيه على الزِّيادة، ولكونه أعْجَمِيًّا1.
وإن كان بعدها حرفان مقطوع بأصالتهما، وما عداهما مقطوع بزيادته؛ نحو (ماسِحٍ) و (مَالِكٍ) حُكِمَ على الميم بالأصالة. وإن كان ما عدا الأصلين محتملَ الأصالة والزِّيادة –حُكم على الميم بالزِّيادة؛ كما هو الحال في الألف؛ في هذا الموضع، لأنّ كلّ ما عرف له اشتقاق من ذلك وُجدتِ الميمُ في أكثره زائدةً، فحمل ما لم يعرف له اشتقاق على ما عرف اشتقاقه؛ وذلك نحو (المَذْرَى) وهو جانب الألية.
هذه حال الميم أوَّلاً؛ وهو الموضع الوحيد؛ الَّذي تطرد زيادتها فيه.
سادساً- النُّونُ:
تُزادُ النّون باطِّرادٍ أوّلاً وحشواً وآخراً، وفيما يلي بيان ذلك:
أ- زيادتُها أوَّلاً:
تزاد النون أوَّلاً باطّراد في أول الفعل المضارع المسند للمتكلم المَشَارَكِ أو المعظّم نفسه؛ نحو (نكتب) و (نتكلَّم) .
1 ينظر: تصريف الأفعال88.
ب- زيادتُها حشواً:
إذا وقعت النّون حشواً؛ فإنَّها تطرد في مواضع كثيرة في الأفعال والأسماء؛ ومن الصِّيغ الَّتي تطّرد فيها1:
1-
(انفَعَلَ) وما تصرّف منه؛ كـ (انفَطَرَ انْفِطَاراً؛ فهو مُنْفَطِرٌ) .
2-
(افْعَنلَلَ) وما تصرَّف منه؛ كـ (احْرَنْجَمَ احرنْجَاماً؛ فهو مُحْرَنجِمٌ) .
3-
النون الثالثة السَّاكنة غير المدغمة في مثلها؛ في كلمة على خمسة أحرفٍ؛ نحو (فَعَنعَل) كـ (عَقَنقَلٍ) و (فَعَنلَل) كـ (جَحَنفَلٍ) ونحوهما؛ فالأولى من (ع ق ل) والثانية من (ج ح ف ل) .
وهي مطَّردة في هذا الموضع؛ لأنَّ كلّ ما ورد منه ممَّا عرف اشتقاقه وُجدتِ النّون فيه زائدة؛ فحمل ما ليس له اشتقاق ولا تصريف؛ نحو (عَبَنقَسٍ) وهو السيء الخُلُق- على ذلك،؛ فحكم على نونه بالزِّيادة2.
أمّا النون المضعّفة في نحو (عَجَنَّسٍ) فأصلٌ عند سيبويه3 ومن تبعه4 ووزنُهُ (فَعَلَّل) "لأنَّها إذ ذاك تشَبَّثُ بالحركة، والنَّون إذا تحرّكت كانت من الفم، وضعُفتِ الغنَّة فيها؛ ولذلك لم تزد ثالثةً ساكنةً قبل حرف الحلق؛ لأنَّها إذ ذلك تكون من الفم وتضعف فيها الغنَّة؛ فلا تشبه
1 ينظر: الممتع1/257.
2 ينظر: الممتع1/263، 264.
3 ينظر: الكتاب4/298.
4 ينظر: مختصر شرح أمثلة سيبويه140، وشرح المرادي5/257.
حرف العلّة. ولو ورد في الكلام مثل (جَحَنْعَل) مثلاً- لجُعلت النّون فيه أصليّةً كما جُعلت في (عَجَنَّسٍ) كذلك؛ لمفارقتها إذ ذاك الغُنّة؛ الَّتي أشبهت بها حرف العلّة"1.
وجعلها بعضهم زائدةً؛ قياساً على القاعدة في هذا الموضع؛ فيكون وزنها حينئذٍ (فعَنْللا) .
وذهب أبو حَيَّان2 إلى أنّ النُّونين زائدتان؛ فوزنُ الكلمة عنده (فَعَنَّل) وعند سيبويه (فَعَلَّل) .
ج- زيادتُها آخِراً:
تُزاد النُّون آخراً باطِّرادٍ في بعض الصِّيغ والمواضع؛ على النحو التالي:
1-
نون التثنية؛ نحو (كِتَابَانِ) .
2-
نون الجمع؛ سواء كان جمعَ سلامة نحو (مُسْلِمِينَ) أو جمعَ تكسيرٍ على صيغة (فَعْلان) أو (فِعْلان) كـ (قُضْبان) و (غِرْبان) لعدم وجود (فُعْلال) في أبنية الجموع 3.
3-
نون الرّفع اللاّحقةُ بالأفعال الخمسة؛ نحو (تَفْعَلونَ) و (يَفْعَلون) و (تَفْعَلانِ) و (يَفْعَلان) و (تَفْعَلِينَ) .
4-
نون التّوكيد الشديدةُ أو الخفيفةُ؛ كقوله عز وجل: {لَيُسْجَنَنَّ
1 الممتع1/265.
2 ينظر: شرح المراديّ5/257.
3 ينظر: النّون وأحوالها في لغة العرب255.
وَلِيَكُوناً مِنَ الصَّاغِرِينَ} 1.
5-
نون التَّنوين؛ نحو رجلٍ وقومٍ.
6-
النُّون الواقعة في بعض المصادر على صيغة (فَعَلان) كـ (الغَلَيانِ) و (فِعْلان) كـ (الحِرْمَان) و (فُعْلان) كـ (الغُفْران) .
وتكثر آخراً بما يقرب من الاطِّراد؛ إذا كان قبلها ألف؛ نحو (عُثْمان) و (سَلْمَان) و (غَطَفَان) و (ظَمَآن) .
ويشترط في ذلك شرطان؛ أحدهما: أن تُسبَقَ الألفُ بأكثر من أصلين؛ إذ لو كان قبلها حرفان فحسب لوجب الحكم بأصالة النّون؛ نحو (سِنَانٍ) و (عِنَانٍ) لأنَّه لا بدّ من الفاء والعين واللام.
والآخر: ألَاّ تكون الكلمة من باب (جَنجَانٍ) 2 فإنّ النّون فيه أصليّة؛ إذ لو كانت نونه زائدةً لأدّى ذلك إلى أن تكون الكلمة ثلاثيّةً من باب (سَلِسٍ) و (قَلِقٍ) أعني: ممَّا فاؤه ولامه من جنسٍ واحدٍ؛ وذلك قليل. وعدّ النّون أصليّةً يجعل الكلمة من باب الرّباعيّ المضاعف؛ نحو (زَلْزَلَ) و (كَبْكَبَ) وهو بابٌ واسعٌ. وزاد بعضهم شرطاً ثالثاً3، وهو ألَاّ يكون ما قبل الألف مضاعفاً فيما كان قبل الألف ثلاثة حروفٍ؛ نحو (رُمَّانٍ) لاحتمال أن تكون
1 سورة يوسف: الآية32.
2 ينظر: المنصف1/134، والممتع1/258، وفي المساعد4/65:(باب جيحان) وهو تصحيف.
3 ينظر: الممتع1/259.
النّون زائدةً؛ فتكون الكلمة من (ر م م) ووزنها (فُعْلَان) أو أصليّةً؛ فتكون الكلمة من (ر م ن) فيكون وزنها (فُعَّالا) .
ورجّح ابنُ عُصفُورٍ1 أن تكون النّون زائدةً؛ لكثرة زيادتها في هذا الموضع؛ حتَّى يأتي دليل على أصالتها.
سابعاً- الهاءُ:
تطّرد زيادة الهاء في ثلاثة مواضع:
أحدها: في فعل الأمر الوارد على حرفٍ لبيان الحركة؛ نحو (فِهْ) و (عِهْ) أو حرفين؛ نحو (ارْمِه) و (اغْزهِ)2.
وثانيها: في الوقف على ما الاستفهاميّة، إن جُرّتْ بحرفٍ؛ نحو (لِمَهْ) .
وثالثها: في النُّدْبَةِ والاستغَاثَةِ عند الوقف؛ نحو (وا زيداه) و (وا مَنْ حَفَرَ بِئرَ زَمْزَمَاه) و (وا مُعْتَصِمَاه) .
ثامناً- الواوُ:
تُعدُّ الواو والياء والألف أُمَّاتِ الزَّوائد في العربيّة، فلا تكاد تخلو كلمة مزيدة من أحدهنّ3.
والواو لا تُزاد أوَّلاً؛ إذ لو زيدت أوَّلاً لم تكن إلَاّ متحرّكةً؛ لأنَّه لا يبتدأ بساكن، وحينئذٍ فإمَّا أن تكون مفتوحةً أو مضمومةً أو مكسورةً.
1 ينظر: الممتع1/259.
2 ينظر: جواهر الأدب160.
3 ينظر: الكتاب4/318، والمنصف1/153.
فإن كانت مضمومة ساغ قلبها همزةً، واطَّردَ 1 ذلك فيها؛ كقولهم:(أُقِّتَتْ) في (وُقِّتَتْ) و (أُجُوهٌ) في (وُجُوهٍ) . وكذلك إن كانت مكسورة؛ كـ (وِسَادةٍ) و (إِسَادةٍ) و (وِشَاحٍ) و (إِشَاحٍ) إلَاّ أنّ القلب في المضمومة أكثر.
وإن كانت مفتوحةً وجب ضمُّها في بعض الحالات؛ كالتّصغير في الأسماء، والبناء للمجهول في الأفعال؛ فيتطرّق إليها الهمز.
قال ابن يعيش: "فلمَّا كان زيادتها أوَّلاً تؤدّي إلى قلبها همزةً، وقلبها همزةً ربّما أوقعَ لَبْساً، وأحدثَ شكّاً في أنّ الهمزة أصلٌ، أو منقلبةٌ؛ مع أنّ زيادة الحرف إنّما المطلوب منه نفسه، فإذا لم يَسْلم لفظه لم يحصل الغرض"2. ومن هنا لم تُزَد الواو أوَّلاً. وتطّرد زيادتها في حشو الكلمة إذا توفَّر فيها شرطان3:
الأول: أن تصحب أكثر من أصلين؛ فإن صحبت أصلين فحسب فهي أصل، مثل:(هَوَى) و (القَوْمِ) .
الثّاني: ألَاّ تكون الكلمة الَّتي فيها الواو من باب (سِمْسِمٍ) أي: من باب مضاعف الرّباعيّ؛ فهي - حينئذٍ -أصلٌ؛ نحو (وَزْوَزَ) بمعنى وَثَبَ، و (الوَكْوَاكِ) وهو الجَبَانُ، و (ضَوْضَيْتُ) لقلّة (فَعْوَلَ)
1 ينظر: الكتاب4/331.
2 شرح لمفصل9/150، وينظر: الفصول المفيدة40، 41.
3 ينظر: التصريح2/364، وبلوغ الأرب53.
و (فَعْوَالٍ) و (فَعْلَيْتُ) فحُمل على أوسع البابين؛ وهو الرّباعيّ المضاعف.
فكثرَ زيادتُها –مستوفاةً للشّرطين- في المواضع التّالية:
1-
أن تكون ثانيةً؛ نحو (عَوْسَجٍ) وهو شجر له شوك، و (نَوْفَل) و (كَوْثَرٍ) .
2-
أن تكون ثالثةً؛ نحو (عَجُوزٍ) و (جَدْوَلٍ) .
3-
أن تكون رابعةً؛ نحو (عُنفُوَانٍ) و (اغْدَوْدَنَ) الشَّعْرُ، وتطّرد -أيضاً- في هذا الموضع في اسم المفعول من الثُّلاثيّ؛ نحو (مَكْتُوبٍ) و (مَعْلُومٍ) .
4-
أن تكون خامسة؛ نحو (عَضْرَفُوطٍ) وهو ذَكَرُ العِضَاءِ من الزَّواحف، و (قَلَنْسُوَةٍ) وهي ما يلبس على الرّأس.
5-
أن تكون سادسة في نحو (أَرْبُعَاوَى) وهو قِعْدة المتَرَبِّع. وهذا الموضع أقلُّ ممَّا سبق.
تاسعاً- الألفُ:
لا تكون الألف أصلاً - البتَّة - في الأسماء أو الأفعال؛ فهي إمّا زائدةٌ، وإمّا منقلِبةٌ عن واوٍ أو ياءٍ، ويقال - حينئذٍ - أنَّها أصلٌ 1 مجازاً؛ أي: منقلبة عن أصلٍ، وعلى هذا يجري استعمالها في هذا البحث.
ولا تُزاد الألف أوّلاً، البتَّة؛ لسكونها.
وتُزاد حشواً وآخِراً بشرطين2:
1 ينظر: المنصف1/118، والممتع1/279.
2 ينظر: تصريف الأفعال78.
الأوَّل: أن تصحَبَ أكثرَ من أصلين؛ نحو (سَاجِدٍ) و (مُقَاتِلٍ) فإن صحبت أصلين؛ نحو (دارٍ) و (قَالَ) و (فَتَى) فهي أصل، أي: منقلِبةٌ عن أصل.
الثَّاني: ألَاّ تكون الكلمة من مضاعف الرّباعيّ؛ نحو (عَاعَى) لحكاية زجر الضأن؛ فالكلمة -حينئذٍ- رباعيّةٌ، والألفان منقلِبان عن أصلٍ؛ وهو الواو؛ فأصلها (عَوْعَوَ) ثم (عَوْعَى) فصارت (عَاعَى) لغير موجبٍ. وتكثر زيادة الألف –مستوفاةً للشّروط- في المواضع التالية:
1-
أن تكون ثانيةً؛ في نحو (كَاتِبٍ) و (سَامَحَ) .
2-
أو ثالثةً؛ في نحو (كِتَابٍ) و (غَزَالٍ) .
3-
أو رابعةً،؛ في نحو (جِلْبَابٍ) و (صَحْرَاءَ) .
4-
أو خامسة؛ في نحو (انْطِلَاقٍ) و (احْتِكَامٍ) .
5-
أو سادسةً؛ في نحو (اغْرَنْدَى) بمعنى علاه بالشتم والضّرب، أو تسلّط عليه.
6-
أو سابعةً؛ في نحو (أَرْبُعَاوَى) .
وتقع زائدةً –أيضاً- لبعض المعاني أو الأغراض، فيما يلي 1:
1-
أن تكون علامةَ تأنيثٍ؛ كـ (حُبْلَى) و (قَرْقَرَى) للضّحك.
2-
أو علامةً للاثنين؛ كما في قولهم: (الرَّجُلانِ) و (المرْأتانِ) .
1 ينظر: رصف المباني108-122، والجنى الداني175-180، واللسان15/427.
3-
أو علامةً للوقف؛ في غير المُنَوَّن المنصوب؛ كقولهم في الوقف على (حَيَّهَلَ) : (حَيَّهَلا) ومعناه: أَقْبِلْ.
4-
أو للفصل بين نوني التّوكيد، ونون ضمير الجمع المؤنّث في نحو (اضْرِبْنَانِّ زيداً) .
5-
أو دالَّةً على النُّدبةِ في المنادى؛ نحو (يا زَيْدَاه) و (يا عُمَرَاه) .
6-
أو إطلاقاً للقوافي؛ كقول امرئ القيس:
أَلِمَّا عَلى الرَّبْعِ القَدِيمِ بعَسْعسَا
…
كَأَنِّي أُنَادِيْ، أو أُكَلِّمُ أَخْرَسَا 1
7-
أو لتكثير أحرف الكلمة؛ كألف (كُمَّثْرَى) و (بَاقِلَّى) بدليل (كُمَثَّرَاة) و (باقِلَاّة) إذا لا يجتمع في اللفظ علامتا تأنيث.
8-
أو للإلحاق؛ كألف (مِعْزَى) و (أرْطَى) فهما للإلحاق بـ (ضِفْدَعٍ) و (جَعْفَرٍ) .
9-
أو للجمعِ؛ مثل (مَسَاجِدَ) و (جِبَالٍ) و (فُرْسَانٍ) .
1 ديوانه105.
عاشراً- الياءُ:
تُزاد الياء إذا استوفت ثلاثة شروط؛ وهي1:
الأوَّل: أن تصْحَبَ أكثر من أصلين؛ فإن كانت مع أصلين؛ نحو (سَيْفٍ) و (ظَبْيٍ) و (هَدْيٍ) فهي أصلٌ.
الثَّاني: ألَاّ تكون الكلمة، الَّتي فيها الياء، من مضاعف الرّباعيّ؛ نحو (يُؤْيُؤْ) لطائر ذي مخلبٍ، و (صِيصِيَةٍ) وهو الحِصْنُ؛ فأنَّها أصليّةٌ، والعلة ما قيل في مثلها من الواو.
الثَّالث: ألَاّ تتصدَّر قبل أربعة أحرفٍ في غير مضارعٍ؛ فإن تصدّرت قبل أربعة أصولٍ؛ نحو (يَسْتَعُورٍ) اسم موضعٍ؛ فهي أصلٌ، ووزنها (فَعْلَلُول)2.
وتكثر زيادتها -مستوفاةً للشّروط- في مواضع؛ منها 3:
1-
في أوّل الكلمة؛ نحو (اليَلْمَعِ) وهو السّراب، و (اليَرْبُوعِ) وهو دُويّبة صغيرة كالفأر، و (يَثْرِبَ) اسم مدينة الرّسول صلى الله عليه وسلم أو في أوّل المضارع؛ سواء كان بعدها ثلاثة أصول أو أكثر؛ نحو (يَكْتُبُ) و (يُدَحْرِجُ) .
1 ينظر: شرح المرادي5/246،247، وتصريف الأفعال79.
2 ينظر: الكتاب3/368، والمنصف1/145، وشرح الملوكيّ143، وشرح الكافية الشافية4/2039، والارتشاف1/50،107.
3 ينظر: المحلى (وجوه النصب) 304-307، وجواهر الأدب175-178، وتصريف الأفعال79،80.
2-
في ثاني الكلمة؛ نحو (زَيْنَبَ) و (جَيْأَلَ) وهو من أسماء الضَّبُع، و (القَيْصُومِ) وهو ضرب من النّبات.
3-
في ثالث الكلمة؛ نحو (الجَمِيْلِ) و (الطَّرِيْمِ) وهو الطّويل.
4-
في رابع الكلمة،؛ نحو (الحِلْتِيتِ) و (العِفْرِيْتِ) و (الصِّنْدِيدِ) وهو الشّريف، و (الشِّمْلِيلِ) وهو الخفيف من الإبل.
5-
في خامس الكلمة؛ نحو (الخَنشَلِيلِ) وهو الماضي من الرّجال في أموره، و (الخَنفَقِيقُ) وهي الدّاهية.
أغراض الزِّيادةِ:
يمكن ردّ الأغراض؛ الَّتي تؤدّيها حروف الزّيادة العشرة، وبعضُ الزّوائد من غير العشرة؛ كتضعيف حرف ليس من الزّوائد إلى سبعةٍ؛ على النحو التالي 1:
1-
الدِّلالة على المعنى؛ وهو أقوى الزّوائد؛ كحروف المضارعة، وزوائد (أَفْعَلَ) و (فَعَّلَ) و (انْفَعَلَ) و (افْتَعَلَ) و (تَفَاعَلَ) و (اسْتَفْعَلَ) و (فَاعَلَ) و (فَاعلٍ) و (مَفْعولٍ) .
2-
مَدُّ الصّوت؛ نحو واوِ (عجوزٍ) وألفِ (رسالةٍ) وياءِ (قَضِيبٍ) .
3-
إلحاقُ بناءٍ ببناءٍ آخر؛ كإلحاق (جَوْرَبٍ) بـ جَعْفَرٍ، و (شَرْيَفَ) بـ دَحْرَجَ.
4-
إمكان النّطق؛ كهمزة الوصل في (اسْمٍ) و (اسْتَخْرَجَ) و (انْفَطَرَ) .
5-
بيان الحركة أو الحرف؛ في قولهم: (سلطانية) و (يا زيداه) .
6-
التَّعويض؛ كتاء التأنيث في (عِدَةٍ) فأنَّها عوض عن الفاء، وتاءِ (اسْتِبانةٍ) وهي عوض عن عين الكلمة، وكالتاء الأخيرة في (تَسْميةٍ) فهي عوض عن لام الكلمة على مذهب البصرييّين؛ وهي الواو، وكتاءِ (زَنَادِقَةٍ) فَإِنَّها عوض عن ياءِ زناديق؛ ولذلك لا يجتمعان.
1 ينظر: نظم الفرائد277، والفصول الخمسون262، وشرح المراديّ5/235، والمساعد4/71، والأشباه والنظائر2/332، والهمع2/216، والتّصريح2/360.
7-
تكثير البناء؛ كألف (قَبَعْثَرَى) ونون (كَنَهْبُلٍ) ضرب من النّبات.
8-
الوقف على الكلمة الَّتي بقي منها حرف أو حرفين، مثل: قِهْ، وارْمِهْ.