المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث: التداخل بين المعتل والصحيح - تداخل الأصول اللغوية وأثره في بناء المعجم - جـ ١

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: الأصول

- ‌المبحث الثاني: التَّداخُل

- ‌المبحث الثالث: المعجم

- ‌المبحث الرابع: مدرسة القافية

- ‌المبحث الخامس: سبب اختيار مدرسة القافية

- ‌الباب الأول: الأصول والزوائد

- ‌الفصل الأول: الأصول في عرف اللغويين

- ‌المبحث الأول: الأصول عند القدامى

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: الأصُولُ عِنْدَ المتأخِّرِينَ

- ‌الفصل الثاني: الزوائد

- ‌المبحث الأول: الزيادات المقيسة: حروفها ومواضعها وأعراضها

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: الإِلْحَاقُ

- ‌المَبْحَثُ الثَّالِثُ: الزِّيادَاتُ غَيرُ المَقِيسَةِ

- ‌الفَصْلُ الثَّالثُ: مقاييس التَّفريقِ بينَ الأُصُولِ

- ‌الباب الثاني: التداخل في البناء الواحد (الثلاثي، الرباعي، الخماسي)

- ‌الفصل الأول: التداخل في الثلاثي

- ‌المبحث الأول: التداخل بين المعتل والمعتل

- ‌المبحث الثّاني: التّداخل بين المعتلّ والمهموز

- ‌المبحث الثّالث: التَّداخل بين المعتلّ والصَّحيح

- ‌المبحث الرّابع: التَّداخل بين الصَّحيح والصَّحيح

- ‌الفصل الثاني: التداخل في الرباعي والخماسي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأوَّلُ: التَّداخل بين الرّباعي والرّباعيّ

- ‌المبحثُ الثَّاني: التَّداخل بين الخماسيّ والخماسيّ

- ‌الباب الثالث: التداخل بين بناءين مختلفين

- ‌الفصل الأول:‌‌ التداخل بين الثلاني والرباعي

- ‌ التداخل بين الثلاني والرباعي

- ‌المبحث الأوّل: ما جاء على (فعْلل) المضاعف

- ‌المبحث الثاني: ما تقارب فيه الأصلان فتداخلا

- ‌المبحث الثّالث: ما في آخره ميمٌ

- ‌المبحثُ الرَّابعُ: ما في حَشْوِهِ ميمٌ

- ‌المبحَثُ السَّادسُ: ما ثَانِيه نُونٌ

- ‌المبحث السَّابعُ: ما تنَوَّعَ فيه التَّدَاخلُ

الفصل: ‌المبحث الثالث: التداخل بين المعتل والصحيح

‌المبحث الثّالث: التَّداخل بين المعتلّ والصَّحيح

يكثر التّداخل بين المعتلّ والصّحيح في عمومه في الثُّلاثيّ. وقد تقدَّم تعريف المعتلّ. أمَّا الصَّحيح فهو مالم يكن أحد أصوله حرفاً من حروف العلّة الثّلاثة (الواو والياء والألف) نحو: كَتَبَ وأَخَذَ ورَدَّ والأسماء من ذلك ونحوه1.

ويعدّ المهموز من الصّحيح وليس المعتل؛ خلافاً لبعضهم ممَّن جعل الهمزة من حروف العلّة؛ فعدَّ المهموز من المعتلَاّت2. فكلّ مهموز3 صحيح، وليس العكس.

وينتج عن القسمة الجامعة للتّداخل في هذا النّوع؛ بالنّظر إلى المعتلاّت، أربعة أنواع؛ وهي:

أ- التّداخل بين المثال والصّحيح.

ب- التّداخل بين الأجوف والصّحيح.

ج- التّداخل بين النّاقص والصّحيح.

د- التّداخل بين اللّفيف والصّحيح.

1 ينظر: تصريف الأفعال 163، ودراسات في علم التّصريف 29.

2 ينظر: نزهة الطّرف للميدانيّ 12.

3 لا حجة للقول بأنّ ذلك مقيّد بألاّ يكون من بين حروفه معتلّ، وإلاّ فهو من المعتلّ.

ص: 433

وسيقف البحث بالتّفصيل على أنواع الثّلاثة الأولى؛ دون النّوع الرّابع؛ وهو اللّفيف؛ لأنّه ليس للتّداخل بينه وبين الصّحيح نصيب هنا؛ فلا يكاد يقع فيه، بل يتعذّر وقوعه.

وقد تدبّرت في ذلك طويلاً وبحثتُ عن أسبابه؛ فتوصّل البحث إلى نتيجةٍ مفادها أنّ تداخُل الأصول لا يقع بين اللّفيف والصّحيح في الثُّلاثيّ في اللُّغة العربيّة.

ويُعزَى ذلك إلى طبيعة النّوعين؛ فليس في العربيّة كلمةٌ ثلاثيّةٌ من الممكن أن يكون حرفان من حروف العلّة أصلين فيها، مع وجود ثلاثة أحرف صحيحة؛ لأنّ ذلك - لو وُجِدَ - يؤدِّي إلى تأصيل حرفين معتلّين، وزيادة حرفين صحيحين؛ ألا ترى أنّه ليس في العربيّة كلمةٌ ثلاثيّةٌ من اللّفيف؛ يكون فيها ثلاثة أحرف صحيحة؟ وأضرب لذلك مثلاً بكلمة (المَكْوَرَّى) وهو اللّئيم الفاحش المِكثار؛ فإن قيل: إنّ أصله (ور ى) أدّى ذلك إلى زيادة حرفين صحيحين؛ وهما الميم والكاف. وإن قيل: إنّه (ك وى) وجب القول بزيادة الميم والرّاء. وإن قيل: إنّه (م وى) كان الزّائد الكاف والرّاء؛ وكلّ ذلك لا يجوز؛ لأنّ الكاف والرّاء ليسا من حروف الزّيادة.

ص: 434

وعلى افتراض أنّهما كانا من حروف الزّيادة - في غير هذا المثال - تكون بزيادة أحرف العلّة أولى من غيرها، لكثرة ما تقع زائدةً في أكثر المواضع؛ لذلك سمّاها سيبويه (أمّهات الزّوائد)1.

فلا بدّ - في هذا المثال ونحوه - من أن يكون حرفان أصليّان - على أقلّ تقديرٍ - من حروفها الصّحيحة؛ فإن كان ذلك، فالتّدخل - حينئذٍ - بين معتلٍّ ومعتلٍّ؛ أحدهما لفيفٌ والآخر غير لفيفٍ، وليس بين لفيفٍ وصحيحٍ. ويدلّ على ذلك - أيضاً - أنّ جميع ما وقع من تداخل بين اللّفيف والمهموز - ممّا ذكرتُ في المبحث السّابق2، أو ممّا لم أذكره - كان في كلّ مهموز حرف علّة، ولم يأت مهموز فيه حرفان صحيحان خلا الهمزة؛ لأنّ الهمزة حرفٌ صحيحٌ؛ فلم يقعْ ذلك لما تقدّم من أنّه لا يكون تداخلٌ بين لفيفٍ وصحيحٍ البتَّة.

أ - التّداخل بين المثال والصّحيح:

لم يكثر التّداخل في هذا النّوع؛ بخلاف صاحبيه؛ وفيما يلي بيان بعض ما وقع فيه من تداخل:

فمنه تداخل (ورق) و (م ر ق) في (مَوْرَقٍ) اسم رجلٍ وهو ممّا جُهل اشتقاقه، ويحتمل الأصلين:

الأوّل: أنّه يجوز أن يكون أصله (ورق) فيكون على وزن (مَفْعَل) .

1 ينظر: الكتاب 4/318.

2 ينظر: ص: (427) من هذا البحث.

ص: 435

وحمله على هذا الأصل لا يخلو من شذوذٍ؛ ذلك أنّ ما فاؤه واوٌ لا يُبنى منه (مَفْعَل) بفتح العين؛ وإنّما يجئ بكسرها1؛ نحو (مَوضِع) و (مَوْرِد) و (مَوْقِع) و (مَوْعِد) وشذَّ في هذا البناء بعض كلماتٍ منها: (مَوْهَب) و (مَوظَب) وكذلك (مَورَق) .

والثّاني: أنّه يجوز أن يكون أصله (م ر ق) فيكون وزنه (فَوْعَلَا) .

وفيه أنّه ليس على قاعدة الدّخول في أوسع البابين؛ لأنّ (فَوْعَلَا) ليس بأغلب الوزنين؛ بل الأغلب زيادة الميم في (مَفْعَل) . على أنّ جعله في هذا الأصل لا يستلزم مخالفة القياس2، كما في الأصل السّابق.

وعلى هذا فإنّ الأصلين متقاربان، وليس أحدهما بأولى من صاحبه؛ ففي (ور ق) مخالفة القياس مع غلبة الوزن، وفي (م ر ق) قلّة الوزن، مع مجيئه على القياس.

على أنّ ابن جِنِّيّ3 رجّح (ور ق) لأنّ (مَوْرَقاً) علم، وقد يجوز في الأعلام ما لا يجوز في غيرها.

وعلى هذا الأصل معاجم القافية4.

ومن ذلك تداخل (ول ج) و (ت ل ج) في (تَولَج) وهو كِناس

1 ينظر: المبهج 22، وشرح الشّافية للرّضيّ 2/395.

2 ينظر: شرح الشّافية للرّضيّ 2/295.

3 ينظر: المبهج 22، 24.

4 ينظر: الصّحاح (ورق) 4/1566، واللّسان (ورق) 10/378، والقاموس (ورق) 1198، والتّاج (ورق) 7/8.

ص: 436

الظَّبْيِ أو الوحش، الّذي يلج فيه، وقد اختلفوا في أصله1:

فذهب الجمهور إلى أنّ أصله (ول ج) ولكنّهم اختلفوا في وزنه:

فمذهب البصريّين - وعلى رأسهم: الخليل وسيبويه - أنّه (فَوْعَلَ) من الولوج، وفعله: وَلَجَ يَلِجُ: وأصله - عندهم - (وَلَجَ) فأُبْدِلتِ الواو الأولى - وهي فاء الكلمة - تاءً؛ لاجتماع الواوين في أوّل الكلمة، ولو لم يفعلوا به ذلك لوجب إبدالها همزةً2؛ على حدّ (أَوَاصِل) جمع (وَاصِلة) وأصلها (وَوَاصِلُ) .

وذهب الكوفيّون3 والبغداديّون4 إلى أنّ التّاء زائدة، وأنّ وزنه (تَفْعَلُ) .

وما ذهب إليه البصريّون أقرب "لأنّك لا تكاد تجد في الكلام (تَفْعَلا) اسماً، و (فَوْعَل) كثير"5 وإذا كان كذلك حملْته على الأكثر؛ وهو الأوجه6.

وعلى المذهبين يكون الأصل (ول ج) .

1 ينظر: الكتاب 4/333، والمنصف 1/102، 236، وسرّ الصّناعة 1/146، وشرح المفصّل لابن يعيش 9/158، والارتشاف 1/105، والخلاف بين النّحويّين 292.

2 ينظر: سرّ الصّناعة 1/146.

3 ينظر: شرح الشّافية للرّضيّ 3/82، والارتشاف 1/105.

4 ينظر: سرّ الصّناعة 1/146، وشرح الملوكيّ لابن يعيش 297.

5 الكتاب 4/323.

6 ينظر: سرّ الصّناعة 1/146.

ص: 437

وحكى ابن سِيدَه1 عن كُراعٍ أنّه كان يرى أنّ تَوْلَجاً من (ت ل ج) وأنّ تاءه أصليّة، ووزنه (فَوْعَل) كوزنه عند البصريّين؛ مع اختلاف الأصل.

وإن صحّ ما حُكِي عنه2 فهو رأيٌ ضعيفٌ؛ فالاشتقاق يردّه؛ فليس في (ت ل ج) ما يدلّ على معناه البتَّة، ومعناه كلّه في (ول ج) إذ يقال: وَلَجَ يَلِجُ وُلُوجاً إذا دخل، وأَوْلَجَه: أدخله، قال عز وجل:{يُولِجُ اللَّيلَ في النَّهَارِ ويُوْلِجُ النَّهَارَ في اللَّيل} 3. والوَلَجَة - بالتّحريك - موضع أو كهف تستتر فيه المارّة من مطر وغيره، ومن ذلك (التّولج) وهو ما يلج فيه الظّبي أو الوحش.

ويقترب من ذلك (التّوْأَم) وهو المولود مع غيره في بطن من الاثنين فما فوق؛ ذكراً كان أو أنثى، وقد يستعار في جميع المزدوجات، فإنّه يحتمل الأصلين (وأ م) و (ت أم) وقد اختلفوا فيه:

فمنهم من ذهب إلى أنّ أصله (وأ م) واشتقّه من المواءمة والموافقة والمشاكلة.

1 ينظر: المحكم 7/249، واللّسان (تلج) 2/219.

2 ما في كتاب المجرّد لكراع (ص 351) يخالف ما حكي عنه فقد نصّ فيه على أنّ وزنه (تفعل) من ولجت.

3 سورة فاطر: الآية 13.

ص: 438

يقال: واءمه مواءمة ووِئاماً إذا وافقه وشاكله، وهو على هذا (فَوْعَل) وأصله (وَوْأَم) مثل (تَوْلَج) فأُبدلت الواو الأولى تاءً؛ لاجتماع الواوين في أوّل الكلمة.

وممّن كان يرى ذلك: الخليل1، والأزهرِيّ2، وابن برّيٍّ3، والصّغانيّ4 الّذي تعقّب الجوهرِيّ، وقال: إنّ حقّ التّوأم أن يذكر في (وأم) .

وذهب بعضهم إلى أنّ أصله (ت أم) وهو عندهم (فَوْعَل) أيضاً - ولكن ليس فيه إبدال.

ومن هؤلاء: ابن فارس؛ إذ قال: (التّاء والهمزة والميم كلمة واحدةٌ؛ وهي التّوأمان؛ الولدان في بطنٍ)5.

ومنهم: ابن جِنِّيّ6، وكان يستدلّ على زيادة الواو وأصالة التّاء بقولهم في الجمع:(تُؤَامٌ) وهو (فُعَال) ويستدلّ - أيضاً - على زيادة الواو بالحمل على أوسع البابين؛ وهو باب (فَوْعَلٍ) وترك باب (تَفْعَل) .

1 ينظر: الصّحاح (تأم) 5/1876.

2 ينظر: التهذيب 14/338.

3 ينظر: اللّسان (تأم) 12/62.

4 ينظر: التّكملة (وأم) 6/160.

5 المقاييس 1/362.

6 ينظر: المنصف 1/103.

ص: 439

ولا أدري ما الّذي منع ابن جِنِّيّ من جعله كـ (تَوْلَجٍ) ولو قال قائل: إنّ ابن جِنِّيّ لم يمنع ذلك، وإنّ قوله: إنّ التّاء أصلٌ يحمل على أنّها موضع الأصل؛ لأنّها مبدلةٌ من أصل - لقال قولاً حسناً في التّوجيه، ولكن ليس لنا إلاّ الظّاهر.

ويبدو أنّ ابن عصفورٍ1 حمل كلام ابن جِنِّيّ على ظاهره - كما حملتُهُ - وتابعه فيه؛ إذ ذكر أنّ التّاء في (التَّوْأَم) أصلٌ؛ ولم يشرْ إلى أنّها مبدلة؛ وهذا ما فهمه - أيضاً - ابن الطّيّب الفاسيّ2.

ومن نتائج هذا الاختلاف أنّ بعض معاجم القافية وضع (التّوْأَم) في الأصلين3. وأحدهما ضعيفٌ؛ وهو (ت أم) فالرّاجح - عندي - أنّ أصل (التّوأَم) (وأ م) لدلالة الاشتقاق عليه؛ خلافاً لـ (ت أم) وليس فيما استدلّ به ابن جِنِّيّ وابن عصفورٍ من جمعه على (تُؤَام) دليلٌ قاطعٌ؛ لجواز حمله على غلبة البدل - وهو التّاء - على المبدل منه؛ وهو الواو؛ فنسي الأصل لترك استعماله وكثرة استعمال البدل؛ وهو التّاء. ويرجّح الاشتقاق (وأ م) فيكون اشتقاق (التّوْأم) من المُواءمة؛ بمعنى: الموافقة؛ لأنّ التّوأَم يوافق تَوْأَمَه ويلائمه.

1 ينظر: الممتع 1/274.

2 ينظر: التّاج (وأم) 9/89.

3 ينظر: اللّسان (تأم) 12/61، و (وأم) 12/628، والقاموس (تأم) 1398، و (وأم) 1504، والتّاج (تأم) 8/20، 209، و (وأم) 9/88/89.

ص: 440

ومن التّداخل بين المثال والصّحيح ما وقع بين (ي ف ن) و (ف ن ن) في (اليَفَنِ) وهو الشّيخ الكبير؛ وهو يحتمل الأصلين. فيجوز أن يكون أصله (ي ف ن) وعلى هذا أكثر المعاجم1. ونصّ ابن عصفورٍ2 على أصالة الياء؛ ولم أقف لهذا الأصل على اشتقاق واضحٍ.

وذهب بعضهم إلى أنّ أصله (ف ن ن) وقد حكى ذلك ابن منظورٍ عن ابن برّيّ بقوله: "وقال بعضهم: هو على تقدير (يَفْعَلُ) لأنّ الدّهر فنَّه وأبلاه"3.

وما حكاه بعيدٌ؛ فلم يسمع - فيما أعلم - في (اليَفَن) تشديد النّون؛ حتّى يشتقّ من (الفَنَن) إلاّ أن يقال: إنّها خفّفت ثمّ نسي الأصل؛ فلم تُسمعْ مثقّلةً.

وثمّة أصلٌ - غير الأصلين المتقدّمين - وهو أن يكون (اليَفَن) مقلوباً من (ف ن ي) مشتقّاً من (الفِنَاء) واشتقاقه - حينئذٍ قريبٌ، ثمّ قدّمتِ الياء، فقالوا:(اليَفَن) فإن صحّ ما ذهبتُ إليه فإنّ وزن (اليَفَن)(لَفَعَ) .

1 ينظر: المقاييس 6/157، والصّحاح (يفن) 6/2219، والتّكملة (يفن) 6/329، واللّسان (يفن) 13/457، والقاموس (يفن) 1601، والتّاج (يفن) 9/370.

2 ينظر: اللّسان (يفن) 13/457.

3 ينظر: اللسان (يفن) 13/457.

ص: 441

وهناك احتمالٌ آخر؛ وهو أن تكون الياء ياء المضارع؛ كأن يكون في الأصل (يَفْنَى) كـ (يَشْكُر) و (يَزِيْدُ) ثمّ حُذِفَ حرف العلّة؛ فجعلوا الإعراب على النّون، وأدخلوا لام التّعريف عليه؛ فيكون وزنه - حينئذٍ - (اليَفَع) .

ومن التّداخل في هذا الباب: تداخل (ي هـ ر) و (هـ ر ر) في (اليّهْيَرِّ) وهو: اللّجاجة والتّمادي في الأمر؛ ويحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ي هـ ر) ويكون وزنه (فَيْعَلاً) .

وقد ضعّف الرّضيّ1 هذا الأصل مستدلاًّ بأنّه غير مستعملٍ.

غير أنّ الصّغانيّ2 وابن منظورٍ3 ذكراه في (ي هـ ر) فهو مستعمل عندهما. ويقوّيه قولهم: اسْتَيْهَرَ: إذا لجّ؛ فهو (اسْتَفْعَلَ) من (ي هـ ر) .

ويجوز أن يكون من (هـ ر ر) لتضعيف الرّاء؛ فهو - حينئذ - (يَفْيَعْلُ) وقد ذكر ذلك الرّضيّ4.

وثمّة أصلٌ ثالثٌ يرد على هذه الكلمة؛ وليس ممّا نحن فيه؛ وهو (هـ ي ر) وكان سيبويه5 يراه.

1 ينظر: شرح الشّافية 2/393.

2 ينظر: التّكملة (يهر) 3/242.

3 ينظر: اللّسان (يهر) 3/303.

4 ينظر: شرح الشّافية 2/393.

5 ينظر: الكتاب 4/313.

ص: 442

ب - التّداخل بين الأجوف والصّحيح:

وهذا النّوع ممّا يكثر فيه تداخل الأصول، ويمكن تصنيف ما فيه من تداخل إلى ثلاث مجموعات رئيسة؛ وهي:

الأولى: ما في أوّله ميم.

الثاّنية: ما في آخره نونٌ قبلها ألفٌ زائدةٌ.

الثاّلثة: ما لا رابط فيه.

وفيما يلي بيان ذلك:

أوّلاً: ما في أوّله ميم:

ويشترط في هذا الصّنف أن يكون بعد الميم ثلاثة أحرفٍ؛ قابلة لأن تكون أصولاً. وفي هذا الصّنف يتداخل عددٌ من الأوزان؛ من أهمّها:

مَفْعِل وفَعِيل.

مَفْعُول وفَعيل.

مُفْعَل وفُعَال.

مِفْعَل وفِعَال.

مَفْعَل وفَعَال.

1-

مَفْعِل وفَعيل:

ويكثر التّداخل بين هذين الوزنين فيما أوّله ميمٌ من الأجوف الثّلاثيّ اليائيّ العين؛ وهو اسم الزّمان أو المكان؛ مع فَعيلٍ "لأنّ اسم

ص: 443

الزّمان والمكان من مكسور العين في المضارع على مَفْعِل؛ فإن كانت عين الكلمة حرف علّة نقلت كسرتها إلى ما قبلها"1.

ومن ذلك تداخل (س ي ل) و (م س ل) في (مَسِيل) الوادي فإنّه يحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (س ي ل) من سَالَ يَسِيل؛ فيكون وزنه (مَفْعِل) وهو اسم مكانٍ لما يجري فيه السّيل. ومن قال في جمعه (أَمْسِلَة) و (مُسْلَان) فقد حمله على (باب الغَلَط) كما عبّر عنه ابن جِنِّيّ2؛ وهو يعني به باب توهّم أصالة الحرف الزّائد3.

ويحتمل أن يكون (م س ل) وهو الشقّ في الأرض، وإليه ذهب ابن جِنِّيّ4، وهو يُجرِي (أَمْسِلَة) و (مُسْلَان) مُجرى:(أَجْرِبَة) و (جُرْبَان) ولا يحمله على التوهّم.

واحتجّ بأنّه لو كانت (أَمْسِلَة) و (مُسْلَان) من السّيل لكان مثالهما (أَمْفِلَة) و (مُفْلَان) وهما غريبان.

وفيما ذهب إليه ابن جِنِّيّ نظرٌ، وأراه من الأصل الأوّل (س ي ل) فالاشتقاق من السّيل أقرب، وإلى ذلك ذهب الأزهرِيّ بقوله: "القياس في مسيل الماء: مسَايِل؛ غير مهموز، ومن جمعه: أَمْسِلَة ومُسُلاً ومُسْلَاناً

1 احتمال الصّورة اللّفظيّة لغير وزن 119.

2 ينظر: الخصائص 3/279.

3 ينظر: شرح الشاّفية للرّضيّ 2/226.

4 ينظر: الخصائص 3/279.

ص: 444

- فهو على توهّم أنّ الميم في المسيل أصليّة، وأنّه على وزن (فَعِيل) ولم يُرَد به (مَفْعِلاً) كما جمعوا مكاناً: أَمْكِنَةً، ولهما نظائر.

والمسيل (مَفْعِل) من سَالَ يَسِيل مَسِيلاً ومَسَالاً وسَيْلاً"1.

ومن ذلك تداخل (ح ي ض) و (م ح ض) في (مَحِيض) فإنّه يحتمل الوجهين:

فيجوز فيه أن يكون الأصل (ح ي ض) مشتقّاً من الحيض؛ فهو اسم زمانٍ أو مكانٍ، ووزنه (مَفْعِل)2.

ويجوز أن يكون أصله (م ح ض) فيكون على وزن (فَعِيل) .

ومن ذلك تداخل (م ص ر) و (ص ي ر) في المصير؛ وهو المِعْيُ واحد المُصْران؛ فيحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (م ص ر) فيكون وزنه - حينئذٍ (فَعِيْلاً) ودليل ذلك قولهم في جمعه (أَمْصِرَة) و (مُصْرَان) إلاّ أن تحمله على التّوهّم كما حملت (أَمْسِلَة) و (مُسْلان) .

ويجوز أن يكون أصله (ص ي ر) من صَارَ يَصِيْرُ؛ بمعنى: رَجَعَ، فيكون المصير بمعنى: المَرْجِع؛ لأن الطّعام - بعد استقراره في المَعِدَة - يصير إليه3، ووزنه على هذا الأصل (مَفْعِل) .

1 التّهذيب 13/71.

2 ينظر: احتمال الصّورة اللّفظيّة لغير وزن 119.

3 ينظر: الشّواهد على قاعدة توهّم أصالة الحرف 365.

ص: 445

ويُخَرَّجُ قولهم في جمعه: أَمْصِرَة ومُصْرَان، وتركهم مصايِرَ على توهّم أصالة الميم؛ كراء رغيف؛ إذ قالوا في جمعه: أَرْغِفَة ورُغْفَان؛ لأنّه (فَعِيْل) وهذا قياسه. ويجوز أن يلحق بذلك ما وقع في (المَدِينة) من تداخل (م د ن) و (د ي ن) وقد اختلفوا في أصلها1:

وذهب بعضهم إلى أنّ الأصل (م د ن) من قولهم: مَدَنَ بالمكان إذا أقام به2. وذكر ابن دريد3 أنّه فعل مُمَات، وعلى هذا المذهب فهي (فَعِيْلَة) .

واستدلّوا بقولهم في الجمع (مَدَائِن) على (فَعَائِلُ) كقولهم: قَبِيلَةٌ وقَبَائِل؛ وهو مذهب الفرَّاء والأخفش4، وكان ابن برّيّ5 يستدلّ على صحّة هذا الأصل بقولهم في الجمع (مُدُنٌ) كقولهم (صُحُفٌ) في صحيفةٍ.

1 ينظر: المنصف 1/311، والصّحاح (مدن) 6/2201، ورسالة الملائكة 177، وتذكرة النّحاة 693، والبحر المحيط 4/342، والدّرّ المصون 5/413.

2 ينظر: الصّحاح (مدن) 6/2201.

3 ينظر: الجمهرة 2/683.

4 ينظر: اللّسان (مدن) 1/402.

5 ينظر: اللسان (مدن) 13/402.

ص: 446

واستدلّ السّمين1 على صحّة هذا الأصل - كذلك - بإجماع القرّاء على همز (المَدَائِن) كصحيفةٍ وصَحَائِف وسفينة وسَفَائِن، فلو كانت (مَفْعِلَة) لم تهمز كـ (مَعِيْشَةٍ) و (مَعَايِشَ) .

وذهب فريق إلى أنّ أصلها (دي ن) من قولهم: دِيْنَ أي مُلِكَ2، فيكون وزنها - حينئذٍ (مَفْعِلَة) وهي في الأصل (مَدِيْنَة) فنُقِلت كسرة الياء إلى الدَّال3.

وعلى هذا الرّأي يكون من قال في الجمع: (مَدَائِن) و (مُدُن) حملها على توهّم أصالة الميم، فأجراها مُجرى (فَعِيلَة) كـ (صَحِيْفَة) و (صَحَائِف) و (صُحُف) . وقد أشار إليه ابن دريد4 والجوهرِيّ5.

وهي تحتمل - أيضاً - في هذا الأصل أن يكون وزنها (مَفْعُولَةٌ) من: دَانَ يَدِيْنُ، إذا اطاع، وأصلها قبل الإعلال:(مَدْيُونَة) نقلت ضمّة الياء إلى الساكن قبلها؛ فالتقى ساكنان الياء والواو؛ فحذفوا الواو وكسروا ما قبل الياء فصار اللّفظ إلى (مَدِيْنَة)6.

1 ينظر: الدرّ المصون 5/412.

2 ينظر: الصّحاح (مدن) 6/2201.

3 ينظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال 245.

4 ينظر: الجمهرة 2/683.

5 ينظر: الصّحاح (مدن) 6/2001.

6 ينظر: أبنية الأسماء والمصادر 104ب.

ص: 447

وسواءٌ كانت (مَفْعِلَة) أو (مَفْعُولَة) فالأصل واحدٌ؛ وهو الأجوف، والميم زائدةٌ، وهو ما يشير إليه المنهج المقارَن بين العربيّة وأخواتها السّاميّات؛ إذ وُجِدت الكلمة بمعنًى قريبٍ من معناها العربيّ في بعض اللُّغات السّامية، كالعبريّة والآراميّة، وأصلها فيهما (دي ن) وقد تقدّم1 ذلك.

ويحتمل (مَكِيْنٌ) : (م ك ن) و (ك ون) و (مَخِيضٌ)(م خ ض) و (خ ي ض) و (مَجِيدٌ)(م ج د) و (ج ود) .

2-

مَفْعُول وفَعِيل:

وممّا يكثر فيه التّداخل في هذا النّوع ما يقع بين اسم المفعول من الثّلاثيّ اليائيّ العين و (فعيل) وهو قريبٌ ممّا تقدّم.

فمن ذلك تداخل (م ع ن) و (ع ي ن) في (مَعِين) من قولهم: ماءٌ مَعِين؛ وهو يحتمل الأصلين:

وقد ذهب ابن دريد2 إلى أنّ أصله (م ع ن) لقولهم: مَعُنَ الوادي؛ إذا كثر فيه الماء المعين؛ فالمعين عنده بمعنى الكثير؛ فيكون وزنه - حينئذٍ (فَعِيل) .

وجعله الفرّاء3 (فَعِيلاً) من (المَاعُون) وأصله (المَعْنُ) بمعنى: الاستقامة.

1 ينظر: ص (274) من هذا البحث.

2 ينظر: الجمهرة 2/953.

3 ينظر: معاني القرآن 2/227.

ص: 448

وذهب ثعلب - فيما رواه ابن منظورٍ1- إلى أنّ أصله (ع ي ن) لقولهم: عَانَ الماء يَعِيْنُ؛ إذا جرى طاهراً، وأنشد للأَخْطَل:

حَبَسُوا المَطِيَّ عَلَى قَديْمٍ عَهْدُهُ

طَامٍ يَعِيْنُ، وَمُظْلِمٌ مَسْدُومُ2

وأجاز الفرّاء3 هذا الوجه، وجعله (مَفْعُولاً) من العيون؛ وعلى هذا فأصله (مَعْيُون) فنقلت ضمّة الياء إلى العين، ثمّ حذفت الواو؛ لالتقاء السّاكنين؛ فصار (مَعُيْناً) ثمّ كسرت العين لمناسبة الياء4.

والاشتقاق من (ع ي ن) قريب؛ ألا تراهم يسمّون الماء الجاري (عَيْناً) ولم يسمّوه (مَعْناً) ؟.

ومن ذلك تداخل (م هـ ن) و (هـ ي ن) في قوله عز وجل {أَمْ أَنَا خَيْرٌ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ} 5 وهو يحتمل الوجهين:

1 ينظر: اللّسان (معن) 12/411.

2 ينظر: ديوانه 1/389.

3 ينظر: معاني القرآن 2/237.

4 ينظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال 200، والجدول في إعراب القرآن 9/167.

5 سورة الزخرف: الآية 52.

ص: 449

فقد ذهب العلماء1 إلى أنّ أصله (م هـ ن) من المَهَانَة؛ وهي الحقارة والصِّغَر والقلّة؛ فهي على هذا الاشتقاق (فَعِيل) .

وذهب الدّكتور أحمد الخرّاط مذهباً آخر؛ فجعل أصله (هـ ي ن) واشتقَّه من: هَانَ يَهِيْنُ؛ بمعنى الذّلّ والضّعف والحقارة؛ فوزنه (مَفْعُول) وأصله (مَهْيُون) نقلت الضّمّة إلى الهاء؛ فالتقى ساكنان؛ فحذفت الواو، ثمّ كسرت الهاء؛ منعاً لقلب الياء واواً2.

وما ذهب إليه وجهٌ في العربيّة.

3-

مُفْعَل وفُعَال:

ومن التّداخل بين (مُفْعَل) و (فُعَال) ما وقع بين (م د ر) و (ر ود) في (مُرَادٍ) وهو: اسم جدّ قبيلةٍ؛ وهو يحتمل الوجهين:

فيجوز أن يكون أصله (م ر د) من التّمرّد؛ فقد جاء في الخبر3 أنّ مرادًا تمرّدت؛ فسمّيت بذلك، واسمها يُحَابِر.

1 ينظر: معاني القرآن وإعرابه 5/205، والصّحاح (مهن) 6/2209، والنّهاية 4/376، وعمدة الحفّاظ (مهن) 554، واللّسان (مهن) 13/425، و (هون) 12/438.

2 ينظر: قراءة في تصريف لفظ مهين (ملحق التراث: جريدة المدينة) العدد 30 السّنة الخامسة عشرة) .

3 ينظر: أدب الكاتب 82.

ص: 450

وأجاز ابن السّيد البطليوسي هذا الوجه بقوله: "واشتقاق (مُرَادٍ) من التّمرّد ممكن، غير ممتنع؛ فتكون الميم على هذا أصلاً، ويكون وزن مُرَادٍ على هذا فُعَالاً"1.

ويجوز أن يكون الأصل (ر ود) من أَرَادَ يُرِيْد، ُ وهو قبل الإعلال:(مُرْوَد)، فيكون اسم مفعول على زِنة (مُفْعَل) بمنزلة: مُنَار؛ من: أَنَارَ.

وقد أجاز ذلك - أيضاً - ابن السِّيد بقوله: "وقد جاء في خبر لا أقف الآن على نصّه، ولا أعرف من حكاه أنّ مراداً اسم جدّهم، أو أبيهم، وأنّه لُقِّب بذلك؛ لأنّ رجلاً قال له: أنت مُرَادي"2.

ومن ذلك تداخل (م ط ر) و (ط ي ر) في (مُطَارٍ) وهو وادٍ بين الطّائف والسّراة؛ وهو يحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ط ي ر) فيكون وزنه (مُفْعَلاً) وقد أجاز ذلك ابن منظورٍ3.

ويجوز أن يكون أصله (م ط ر) فيكون وزنه (فُعَالاً) وأجاز هذا - أيضاً - ابن منظورٍ؛ فذكره في الأصلين4.

1 الاقتضاب 2/45.

2 الاقتضاب 2/46.

3 ينظر: اللّسان (طير) 4/514.

4 ينظر: اللسان (طير) 4/514.

ص: 451

4-

مِفْعَل وفِعَال:

ومن هذا تداخل (م ح ل) و (ح ول) في (المِحَال) من قوله عز وجل: {وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ} 1.

فذهب الجمهور إلى أنّ أصله (م ح ل) من (المَحْل) وهو القوّة والشِّدّة؛ يقال: مَحَلَ به؛ إذا غلبه، والمِحَال المُمَاحَلَة والمُكايَدة، ومنه تَمَحَّلَ لكذا، ومَحَلَ بفلانٍ؛ إذا كَادَه وسَعَى به إلى السُّلطان، ويقال: ماحَلْتُهُ مِحَالاً؛ إذا قاويته حتّى يتبيّن الأشدّ منّا؛ وبهذا فُسِّرت الآية الكريمة. والمِحَال عندهم مصدرٌ على (فِعَال)2.

وذهب ابن قتيبة إلى أنّ أصله (ح ول) والميم زائدة3، وأصل المِحَال: الحِيْلَة والحَوْل؛ فيكون وزنه - حينئذٍ (مِفْعَلاً) وأصله (مِحْوَل) فأُعِلّ بالنّقل والقلب؛ حيث نقلت حركة الواو إلى الحاء؛ فصار (مِحول) ثمّ قلبت الواو ألفاً؛ لتحرّكها في الأصل وانفتاح ما قبلها4.

1 سورة الرّعد: الآية 13.

2 ينظر: معاني القرآن وإعرابه 3/484، والبصريّات 1/644، والعضديّات 100، وتهذيب اللّغة 5/95، وتفسير غريب القرآن لابن عزيز السّجستاني 84، والكشّاف 2/519، وزاد المسير 4/316، والمفردات (محل) 464، والتّكملة للصّغانيّ (محل) 5/512، والبحر المحيط 5/375.

3 ينظر: تفسير غريب القرآن 236.

4 ينظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال 244.

ص: 452

وفي الحقّ أنّ ما ذهب إليه ابن قتيبة تأباه اللُّغة، ولهذا ردّوا عليه، وغلّطوه من وجهين:

الأوّل: ما ذكره الأزهرِيّ بقوله: "وقول القتيبيّ: أصل المِحال: الحِيْلَة: غلطٌ فاحشٌ، وأحسبه توهّم أنّ ميم المِحال ميم (مِفْعَل) وأنّها زائدة؛ وليس الأمر كما توهّمه؛ لأنّ (مِفْعلاً) إذا كان من بنات الثّلاثة - فإنّه يجيء بإظهار الواو والياء؛ مثل: المِزْوَد والمِرْوَد والمِجْوَل والمِحْوَر والمِزْيَل والمِعْيَر وما شاكلها، وإذا رأيتَ الحرف على مثال (فِعَال) أوّله ميمٌ مكسورةٌ فهي أصليّةٌ؛ مثل ميم: مِهَادٍ ومِلاكٍ ومِرَاسٍ ومِحَال، وما أشبهها"1.

والوجه الثّاني ما ذكره أبو عليّ2؛ وهو أنّ المصادر لا تكون على (مِفْعَل) .

وثمّة لغةٌ في المِحَال؛ وهي فتح الميم، وقد قُرِئ بها في الشّواذّ3؛ وعليها يَصِحّ ما ذهب إليه ابن قتيبة؛ فالمَحال في هذه القراءة (مَفْعَل) من الحِيلة؛ إذ يقال: ما له حيلة ولا محالة؛ فيكون تقديره: شديد الحيلة عليهم4.

1 التّهذيب 5/95، 96.

2 ينظر: البصريّات 1/644.

3 وهي قراءة الأعرج والضّحاك، ينظر: مختصر في شواذّ القرآن 66، والمحتسب 1/356، والكشّاف 2/519، والدرّ المصون 7/33.

4 ينظر: المحتسب 1/356.

ص: 453

ومن ذلك - أيضاً - تداخل (م ز ح) و (ز ي ح) في المِزاح؛ وهو بكسر الميم مصدر: مازحه، ويجوز الضّمّ فيه. قال ابن سِيدَه: "مَزَح يَمْزَح مَزْحاً ومِزَاحاً ومُزَاحاً

والاسم المُزَاح"1.

وهو يحتمل الأصلين:

فذهب بعضهم إلى أنّ أصله (ز ي ح) من: أَزَاحه عن موضعه، وهو مرويّ عن ابن دريدٍ فيما ذكره أبو حيّان التّوحيديّ بقوله:"سألت السّيرافيّ عن قول من قال: المِزَاح سمِّيَ مِزَاحاً؛ لأنّه أُزِيح عن الحقّ، فقال: هذا محكيّ عن ابن دريدٍ2؛ وهو باطلٌ، والميم من سِنْخ الكلمة في: مَزَحْت أَمْزَح، ومن أُزِيحَ تكون زائدةً"3.

ووزنه على الكسر (مِفْعَل) وهو ممّا نحن فيه؛ ووزنه على الضّمّ (مُفْعَل) اسم مفعول؛ وأصله (مُزْيَحٌ) ثمّ أُعلّ. والّذي عليه الجمهور أنّ أصله (م ز ح) وهو (فِعَال) بكسر الميم؛ مصدر: مَازَحَه، ويكوز فيه الضّمّ4.

1 المحكم 3/174.

2 وما في الجمهرة خلاف ما نسب إلى ابن دريد: إذ قال (1/529) : "والمِزاح مصدر مازحته ممازحة ومزاحاً، والاسم المزاح، ورجل مازح وممازح، وهو مصدر مزحت أمزح مَزْحاً".

3 البصائر والذّخائر 9/20.

4 ينظر: اللّسان (مزح) 2/593.

ص: 454

5-

مَفْعَل وفَعَال:

من ذلك تداخل (م ج ح) و (ج وح) في (مَجَاح) وهو اسم موضع من نواحي مكّة المكرّمة، ويحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ج وح) فيكون وزنه (مَفْعَل) وأصله (مَجْوَحٌ) ثمّ أُعلّ بالنّقل والتّسكين والقلب؛ فقالوا: مَجَاح.

ويجوز أن يكون أصله (م ج ح) فيكون - حينئذٍ (فَعَالاً) مثل (سَلَامٍ) و (كَلَامٍ) .

وقد أجاز ابن سِيدَه1 وابن منظورٍ2 الأصلين.

ومن ذلك - أيضاً - تداخل (ع ي ن) و (م ع ن) في (مَعَان) وهو موضع بالأردن3؛ ويحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (م ع ن) 4 على وزن (فَعَال) مثل (سَلَام) .

ويجوز أن يكون الأصل (ع ي ن) فيكون وزنه (مَفْعَلاً) وأصله (مَعِيْن) أُعِلّ بالنّقل والتّسكين والقلب؛ فقالوا: (مَعَان) .

وعلى هذا حمله ابن السِّيد5 في قول المعرِّي:

1 ينظر: المحكم (جوح) 3/355.

2 ينظر: اللّسان (جوح) 2/432.

3 ينظر: معجم ما ساتعجم 2/1242.

4 ينظر: اللّسان (معن) 13/411.

5 ينظر: شروح سقط الزند 1/172.

ص: 455

مَعَانٌ من أَحِبَّتِنَا مَعَانُ1

تُجِيْبُ الصَّاهِلَاتِ بِهِ القِيَانُ2

وكان يرى أنّ المَعَانَ هو المكان المعمور، واشتقاقه من: المُعَايَنَة لأن الناس يكثرون فيه، فيعاين بعضهم بعضاً، وهو (مَفْعَل) من عَانَه يَعِينُه؛ إذا نظر إليه؛ لأنّ (مَفْعَلاً) لا يشتقّ إلاّ من الفعل الثّلاثيّ.

ومن ذلك تداخل (ذود) و (م ذد) في (المَذَاد) وهو وادٍ في المدينة بين سَلْعٍ والخندق؛ وهو يحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ذود) فيكون على وزن (مَفْعَل) وأصله (مَذْوَد) ثمّ أُعلّ بالنّقل والتّسكين والقلب.

ويجوز أن يكون أصله (م ذ د) فيكون وزنه (فَعَالاً) مثل (سَلامٍ) .

وقد أجاز ابن منظورٍ الأصلين؛ إذ وضعه فيهما3.

1 معان الأول موضع بعينه في الأردن، والمقصود من الثّاني معنى اللّفظ، يريد: هذا الموضع معمور بأحبتنا، كقول الشّاعر:

فليت مَعَاناً كَانَ ممَن نُحِبّثهُ

مَعَاناً ولَيْتَ اللهَ حمَ التَّلاقِيَا

(ينظر: شروح سقط الزّند 1/172، 173) .

2 ينظر: سقط الزّند 64.

3 ينظر: اللّسان (ذود) 3/169، و (مذد) 3/400.

ص: 456

ثانياً- ما في آخره نونٌ قبلها ألفٌ زائدةٌ:

وهو الصّنف الثّاني في التّداخل بين الأجوف والصّحيح؛ وهو كثير لكثرة زيادة النّون آخراً بعد الألف الزّائدة؛ فتقارَبَ - في حكم الزّيادة أو الأصالة - حرفُ العلّة في وسط الكلمة والنّون؛ فمن ثَمَّ يكثر التّداخل لتقاربهما في الحكم.

وهو يشيع في ثمانية أوزان؛ وهي:

فَعْلَان وفَيْعَال.

فَعْلَان وفَاعَال.

فُعْلَان وفُوعَال.

فَعْلُون وفَيْعُول.

وفيما يلي بيان ما بين تلك الأوزان من تداخلٍ:

1-

فَعْلَان وفَيْعَال.

وهو أكثر هذه الأنواع تداخلاً، وشواهده كثيرةٌ، فمنه تداخل (ف ي ن) و (ف ن ن) في (فَيْنَان) في قولهم: رجل فَيْنَان الشّعْر طويلُه؛ وهو يحتمل الأصلين:

فقد ذهب الجوهرِيّ1 إلى أنّ أصله (ف ي ن) ونصّ على أنّ وزنه (فَعْلان) وإذا سمِّي به مُنِع من الصّرف.

1 ينظر: الصّحاح (فين) 6/2179.

ص: 457

وذهب الخليل وسيبويه1 إلى أنّ أصله (ف ن ن) واشتقاقه من الفَنَن؛ أي: لشعره فنونٌ كأفنان الشّجر، فهو (فَيْعَال) وهو مصروف في العَلَمِيّة وغيرها.

والرّاجح هو هذا الأصل؛ فإنّ فيه غَالِبَين مُتساويين: الياء والنّون، فرجّح الاشتقاق زيادة الياء وأصالة النّون؛ لأنّ الفَنَن الغُصْن والشّعر كالغُصن. وذكره ابن منظورٍ في الأصلين2.

ويتداخل (د ي ح) و (د ح ن) في (الدَّيْحَان) وهو الجراد؛ فيحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (د ي ح) ووزنه - حينئذٍ (فَيْعَال) وهو مذهب كُرَاعٍ فيما حكاه ابن سِيدَه3.

ويتداخل (خ ي ف) و (خ ف ن) في (الخَيْفَان) وهو: الجراد أوّل ما يطير، ومنه: جرادة خَيْفَانةٌ: أشبُّ ما تكون، وكذلك النَّاقة السّريعة؛ وهو يحتمل الأصلين:

فقد جعله الخليل من (خ ف ن) من (الخَفْن) 4 فهو عنده (فَيْعَال) .

1 ينظر: الكتاب 3/218.

2 ينظر: اللّسان (فنن) 13/328، و (فين) 13/329.

3 ينظر: اللسان 3/330.

4 ينظر: العين 4/275، 276.

ص: 458

وجعله الأزهرِيّ من (خ ي ف) ورد على صاحب (العين) بقوله: (قلت: جعل خَيْفَاناً (فَيْعَالاً) من الخَفْن، وليس كذلك؛ وإنّما: الخَيْفَان من: الجراد؛ الّذي صار فيه خطوطٌ مختلفةٌ، وأصله من الأَخْيَف، والنّون في: خَيْفَانٍ نون (فَعْلان) والياء أصليّةٌ) 1.

وإلى ذلك ذهب الصَّغانيّ2. وجعله ابن منظورٍ من الأصلين3.

ومن ذلك تداخل (ش ي ط) و (ش ط ن) في (الشَّيْطَان) وهو يحتمل الوجهين:4

فمذهب الجمهور أنّ أصله (ش ط ن) وهو (فَيْعَال) عندهم، واشتقاقه من (الشّطْن) من قولهم: شَطَنَ يَشْطُنُ؛ أي: أَبْعَد؛ لأنّه بعيدٌ من رحمة الله تعالى، وعلى هذا المعنى قول النّابغة:

نَأتْ بسُعَادَ عَنْكَ نَوًى شَطُوْنُ

فَبَانَتْ والفُؤَادُ بِهَا رَهِيْنُ5

1 التّهذيب 7/437.

2 ينظر: العباب (خيف)181.

3 ينظر: اللّسان (خيف) 9/102، و (خفن) 13/142.

4 ينظر: الكتاب 4/260، 340، والمقتضب 4/13، والأصول 3/240، والمنصف 1/109، 135، ورسالة الملائكة 249، واللّسان (شطن) 13/238، و (شيط) 7/338، والدّرّ المصون 1/10، وبصائر ذوي التّمييز 3/320.

5 ينظر: ديوانه 218.

ص: 459

واستدلّوا على ذلك الأصل - أيضاً - باشتقاقهم فِعْلاً من لفظه؛ في قولهم: (تَشَيْطَنَ) وهو ممّا يدلّ على أصالة النّون فيه.

وإلى هذا ذهب سيبويه في أحد قَوْلَيْه1، وابن السّرّاج2، وابن جِنِّيّ3.

ويؤيّد مذهبهم هذا أمران:

أحدهما: قولهم: شَيْطَانَةٌ في قول الشَّاعر:

هِيَ البَازِلُ الكَوْمَاءُ لَا شَيْءَ غَيره

وَشَيْطَانَةٌ قَدْ جُنَّ مِنْهَا جُنُونُهَا4

لأنّ تاء التّأنيث قلّما تدخل على (فَعْلان)5.

وثانيهما: قولهم في الجمع (شَيَاطِيْن) وهو يدلّ على أنّ شيطاناً (فَيْعَال) ؛ لأنّهم لا يكسِّرون (فَعْلَان) على (فَعَالِين)6.

وذهب بعضهم إلى أنّ أصله (ش ي ط) وأنّ وزنه (فَعلَان) من شَاطَ يَشِيط؛ إذا هَاجَ والتَهَبَ الغَضَبُ؛ وهذا المعنى موجودٌ في (الشّيْطَان)

1 ينظر: الكتاب 4/321.

2 ينظر: الأصول 3/340.

3 ينظر: المنصف 1/109.

4 ينظر: رسالة الملائكة 251.

5 ينظر: رسالة الملائكة 250، 251.

6 رسالة الملائكة 251.

ص: 460

لأنّ الالتهاب في الغضب يشبه الجنون والتّخبُّط، وعليه قوله عز وجل:{كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ} 1.

وكان سيبويه يجيز هذا الأصل في أحد قوليْه2.

وثَمَّة ما يضعف هذا المذهب؛ وهو أنّه لم يسمع في تصاريفه إلاّ بثبوت النّون3.

ولو قال قائلٌ منتصراً لهذا المذهب: إنّ لزوم النّون لتصاريفه إنّما كان ذلك لتوهّمهم أصالة النّون؛ على قاعدة توهّم أصالة الحرف الزّائد - لذهب مذهباً حسناً.

وتظهر ثمرة هذا الخلاف في الصّرف ومنعه؛ فإن أُخِذ من (ش ط ن) فهو مصروفٌ، وإن أُخِذ من (ش ي ط) فهو ممنوعٌ من الصّرف4. ومثل هذا التّداخل كثيرٌ5.

1 سورة البقرة: الآية 275.

2 ينظر: الكتاب 4/260.

3 ينظر: الدّرّ المصون 1/10.

4 ينظر: المقتضب 4/13.

5 ومن ذلك – أيضاً تداخل (ع ود) و (ع دن) في العيدان وهو الطّويل من النّخل.

و (ض ي ط) و (ض ط ن) في الضّيطان وهو كثير اللّحم الرّخو.

و (ف ي ح) و (ف ح ن) في الفيحان وهو اسم موضع.

و (م ي د) و (م د ن) في الميدان وهي محلة ببغداد.

و (ع ي ر) و (ع ر ن) في العيرانة وهي النّجيبة من الإبل.

و (غ ي س) و (غ س ن) في الغيسان وهو حدة الشّباب.

و (ش ي ح) و (ش ح ن) في الشيحان وهو الطّويل.

و (ص ي د) و (ص د ن) في الصيدان وهو الحصى الصّغار.

و (ر ي ع) و (ر ع ن) في ريعان وهو اسم رجل.

و (ب ي د) و (ب د ن) في البيدانة وهي الأتان.

و (هـ ي د) و (هـ د ن) في الهَيْدَان وهو الثقيل الجبان.

ص: 461

2-

فَعْلان وفَاعَال:

ومنه تداخل (ع ي هـ) و (ع هـ ن) في (عَاهَان) وهو اسم رجلٍ؛ ويحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ع ي هـ) فيكون وزنه - حينئذٍ (فعلان) .

ويجوز أن يكون أصله (ع هـ ن) فيكون وزنه (فَاعَالاً) .

وأجاز ابن سِيدَه الأصلين1، وتابعه في ذلك ابن منظورٍ2.

ومنه تداخل (روذ) و (رذن) في (رَاذَان) وهو موضعٌ بالسّواد3 في قول الشّاعر:

وَقَدْ عَلِمَتْ خَيْلٌ بِرَاذَانَ أَنَّنِي

شَدَدْتُ وَلَمْ يَشْدُدْ مِنَ القَوْمِ فَارِسُ4

وهو يحتمل الأصلين:

1 ينظر: المحكم 2/193.

2 ينظر: اللّسان (عهن) 13/298، و (عيه) 13/520.

3 ينظر: معجم ما استعجم 1/626.

4 ينظر: اللّسان (رذن) 13/178.

ص: 462

فيجوز أن يكون أصله (ر ي ذ) فيكون وزنه (فَعْلَان) وعلى ذلك جاء في الشِّعر غير مصروفٍ.

ويجوز أن يكون أصله (رذن) فيكون وزنه (فَاعَالاً) .

وأجاز ذلك ابن سِيدَه بقوله: (فإن قلت: كيف تكون نونه أصلاً؛ وهو في الشِّعر الّذي أنشدته غير مصروفٍ؟ قيل: قد يجوز أن يعني به البقعة، فلا يصرفه، وقد يجوز أن تكون نونه زائدةً؛ فإن كان ذلك فهو من باب (ر وذ) أو (ر ي ذ) إمّا (فَعَلاناً) أو (فَعْلاناً) رَوَذان أو رَوْذان، ثمّ اعتلَّ اعتلالاً شاذًّا) 1.

3-

فُعْلَان وفُوْعال:

منه تداخل (ش ور) و (ش ر ن) في (الشُّورَان) وهو القِرْطِن أو العُصْفُر، ويحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصله (ش ور) فوزنه - حينئذٍ (فُعْلَان) .

ويجوز أن يكون من (ش ر ن) فهو - حينئذٍ (فُوْعَال) .

وقد أجاز الصّغانيّ2 الأصلين، وذكره ابن منظورٍ3، والفيروزاباديّ4 في (ش ر ن) على أنّه (فُوَْال) وهو الرّاجح؛ لأنّ

1 اللسان (رذن) 13/178، 179.

2 ينظر: التكملة (شرن) 6/257.

3 ينظر: اللّسان (شرن) شرن) 13/236.

4 ينظر: القاموس (شرن)1560.

ص: 463

(فُوْعَالاً) مخصوصٌ بالأسماء1.

ويتداخل (خ وذ) و (خ ذ ن) في (خُوذَان) وهو: الخامل؛ إذا تأخَّر عن أهل الفضل، ويحتمل الأصلين:

أن يكون من (خ وذ) على زنة (فُعْلَان) .

أو من (خ ذ ن) على وزن (فُوْعَال) .

وكان أبو حَيّان2 يجيز الوجهين. والرّاجح أنّه (فُعْلَان) لأنّه صفةٌ، و (فُعْلَان) يغلب على الصِّفات3، كـ (خُمْصَان) وهو: الخالي البطن الضّامره، و (القُرْحَان) وهو الّذي لم يصبه الجُدَريّ.

وذكر الأزهرِيّ4 والزّبيديّ5 (الخَوْذَان) بالفتح؛ فلعلّ هذا ممّا جاء بالوجهين: الفتح والضّمّ.

ويتداخل (س وب) و (س ب ن) في (السُّوبَان) وهو: الرّجل الحسن الرّعاية للإبل؛ وهو يحتمل أن يكون أصله (س وب) ووزنه (فُعْلَان) .

ويحتمل أن يكون أصله (س ب ن) فيكون على وزن (فُوْعَال) .

1 ينظر: شرح الكافية الشّافية 4/2063.

2 ينظر: الارتشاف 1/112، وفيه أنّه خودان بالدّال المهملة، واللّسان (خوذ) 3/490.

3 ينظر: شرح الكافية الشّافية 4/2063.

4 ينظر: التّهذيب 7/523.

5 ينظر: التّاج (خوذ) 2/562.

ص: 464

وقد رجّح ابن مالكٍ1 الأصل الأوّل؛ لأنّه صفةٌ، و (فُعْلَان) يكثر في الصّفات؛ كـ (خُمْصَان) وهو: خالي البطن.

4-

فَعْلُون وفَيْعُول:

فمن التّداخل بين هذين الوزنين ما وقع بين (ز ي ت) و (ز ت ن) في (الزَّيْتُون) وهو الثّمر المعروف؛ وهو يحتمل الأصلين، وقد اختلفوا فيه2:

فذهب أكثرهم3 إلى أنّه من (ز ي ت) مشتقًّا من (الزَّيْت) ووزنه عندهم (فَعْلُون) .

وكان على ذلك جماعة من العلماء؛ كابن السَّرَّاج4، والسِّيرافيّ5، وابن جِنِّيّ6، والجوهرِيّ7، والزَّمخشريّ8، والفيروزاباديّ9.

1 ينظر: شرح الكافية الشّافية 4/2063.

2 ينظر: الخصائص 3/203، والبصائر والذخائر 5/218، ورسالة الملائكة 255، وسفر السعادة 1/295، والارتشاف 1/102، والدر المصون 5/78.

3 ينظر: شرح الكافية الشّفية 1/199.

4 ينظر: الأصول 3/255.

5 ينظر: البصائر والذخائر 5/218.

6 ينظر: الخصائص 3/203.

7 ينظر: الصّحاح (زيت) 1/250.

8 ينظر: أساس البلاغة (زيت)198.

9 ينظر: القاموس (زيت)195.

ص: 465

وهو من الأبنية التي فاتت سيبويه، وكان ابن جِنِّيّ1 يعجب كيف يفوت سيبويه وهو في القرآن الكريم. وذهب قوم إلى أنه جمع لـ (زَيْت) كما تقول: زيدٌ وزيدون، وإلى ذلك ذهب الزَّجّاج2.

وذهب بعضهم إلى أنّ أصله (ز ت ن) واشتقّوه من (الزَّتْن) وهو أصل مُمَات3، ووزنه عندهم (فَيْعُول) كـ (قَيْصُوم) .

وكان ابن كيسان وابن دريد على هذا المذهب4، ورجّحه ابن مالك؛ مستدلاًّ بسقوط الياء في الاشتقاق في قولهم: أرضٌ زَتِنَةٌ؛ إذا كانت كثيرة الزّيتون5.

وبه استدلّ ابن عصفورٍ6 - أيضاً - وأضاف دليلاً آخر على صحّة مذهبهم، وهو أن (فَعْلُونا) بناء لم يستقرّ في كلامهم.0

واختاره السَّمين، وعضَّد أدلّتهم بقوله: "ولا يُتَوَهَّم أنّ ياءه7 أصليّةٌ، ونونه مزيدةٌ بدلالة الزّيت؛ فإنّهما مادّتان متغايرتان؛ وإن كان

1 ينظر: الخصائص 3/203.

2 ينظر: رسالة الملائكة 255.

3 ينظر: الخصائص 3/203.

4 ينظر: الخصائص 3/203.

5 ينظر: شرح الكافية الشافية 1/199.

6 ينظر: الممتع 1/125.

7 في الأصل: تاءه وهو تصحيف.

ص: 466

الزّيت معتصراً منه، ويقال: زَاتَ طعامه: أي: جعل فيه زيتاً، وزَاتَ رأسه؛ أي: دَهَنَه به"1.

وأرى أنّ الصّواب مع الجمهور؛ وهو أنّ الأصل هو (ز ي ت) ووزنه (فَعْلُون) كما قال ابن جِنِّيّ2. أما استدلال ابن مالك بقولهم: (أرضٌ زَتِنَةٌ) فيمكن حمله على توهّم أصالة النّون. وأمَّا استدلال ابن عصفورٍ بأنّ (فَعْلُوناً) أصلٌ مهملٌ فهو استدلال في غير محلّه؛ ألا ترى أن الجمهور أثبتوه وعدّوه ممّا فات سيبويه؟ وإذا ثبت ذلك بطل ما ذهب إليه السّمين بجعله (الزّيت) و (الزَّيْتُون) مادّتين متغايرتين، كأنه حمله على باب: سَبْطٍ وسِبَطْرٍ؛ فليس ثمّة موجبٌ لحمله على هذا الباب؛ لأن النّون من حروف الزّيادة؛ وهي واقعةٌ في موضعٍ تُزَاد فيه، وهو الطّرف.

ويتداخل (م ي س) و (م س ن) في (مَيْسُون) وهو اسم امرأةٍ؛ ويحتمل الوجهين:

فيجوز أن يكون الأصل (م ي س) فيكون على وزن (فَعْلُون) مثل (زَيْتُون) على مذهب من جعل النّون زائدةً.

1 الدرّ المصون 5/78.

ص: 467

وإلى هذا ذهب ابن جِنِّيّ1؛ وهو مذهب قويٌّ؛ لأن المَيَّاسة من النِّساء هي الّتي تميس في مشيتها؛ أي: تختال؛ وقد يقال للغلام الحسن الوجه والقدّ: مَيْسُون2.

ويجوز أن يكون أصله (م س ن) على وزن (فَيْعُول) وهو قياس مذهب مَن جعل النّون أصلاً في (زَيْتُون) . وقد ذكره ابن منظورٍ في الأصلين3:

ومن ذلك (قَيْعُونٌ) فهو يحتمل الأصلين (ق ي ع) و (ق ع ن) فيكون على الأوّل (فَعْلُوناً) وعلى الثّاني (فَيْعُولاً) . وأجاز ابن منطورٍ الأصلين4.

1 ينظر: الخصائص 3/203.

2 ينظر: اللسان (ميس) 6/224.

3 ينظر: اللسان (ميس) 6/224، و (مسن) 13/408.

4 ينظر: اللسان (قعن) 13/345، 346.

ص: 468

ثالثاً- ما لا رابط فيه:

وهو الصِّنف الثّالث؛ ويختلف عن سابقيه بأنّ التّداخل فيه متنوّعٌ، ولا رابط بين أمثلته، سوى الرّابط العامّ الّذي ينتظم الأصناف أو المجموعات الثّلاث؛ وهو التّداخل بين الأجوف والصّحيح.

فمن ذلك تداخل (ن ور) و (ت ن ر) في (التَّنُّور) وهو: نوعٌ من الكوانين يخبز فيه؛ وقد اختلفوا في أصله1:

فذهب ثعلبٌ - فيما نُسِبَ إليه2- إلى أنّ أصله (ن ور) ومنه النّار والنّور؛ ووزنه على هذا الأصل (تَفْعُول) وهو في الأصل: (تَنْوُورٌ) فقلبوا الواو الأولى همزةً لانضمامها، ثمّ حذفوها تخفيفاً، ثم شدّدوا النّون كالعوض من المحذوف3.

على أنّ ما في (الفَصِيح) 4 خلاف ما نُسِب إلى ثعلب؛ وهو موافقٌ لرأي الجمهور.

1 ينظر: معاني القرآن وإعرابه 3/51، والخصائص 3/285، وشرح الفصيح للجبّان 210، والممتع 1/30، وغرائب التّفسير 1/55، والدّرّ المصور 6/323.

2 ينظر: الخصائص 3/285، واللّسان (تنر) 4/95، والدّرّ المصون 6/323.

3 ينظر: معجم مفردات الإعلال والإبدال 65.

4 ينظر: 292.

ص: 469

وذهب أبو عليٍّ الفارسيّ1 - وتابعه ابن جِنِّيّ - 2 إلى أنّ أصله (ت ن ر) ووزنه (فَعُّول) .

ولم يكن ابن جِنِّيّ يرتضي ما ذهب إليه ثعلب، وكان يتّهمه بعدم التّوفيق، ويقول: "ولو كان (تَفْعُولاً) من النّار - لوجب أن يقال فيه تَنْوُور، كما أنّك لو بنيْتَه من القول لكان؛ تَقْوُولاً، ومن العَوْد: تَعْوُوداً

وإنّما تَنُّورٌ: (فَعُّول) من لفظ (ت ن ر) وهو أصلٌ لم يستعمل إلاّ في هذا الحرف، وبالزّيادة كما ترى"3.

وأجاز ابن جِنِّيّ - أيضاً - أن يكون (فَعْنُولا) وذكر أنَّ التنور لفظ اشترك فيه جميع اللُّغات من العرب وغيرهم.

وعلى هذا المذهب أكثر العلماء؛ كالجوهرِيّ4، وابن سِيدَه5، وابن عصفورٍ6، وابن منظورٍ7.

غير أنَّ في المنهج المقارَن، في هذه المادَّة، ما يؤيِّد مذهب ثعلبٍ - فيما نُسِبَ إليه - وهو اشتقاقها من النَّار أو النُّور، فقد ذكر طه باقر أنَّ

1 ينظر: الخصائص 3/285، والممتع 1/30، والدّرّ المصون 6/323.

2 ينظر: الخصائص 3/285.

3 الخصائص 3/285.

4 ينظر: الصّحاح (تنر) 2/602.

5 ينظر: اللّسان (تنر) 4/95.

6 ينظر: الممتع 1/30.

7 ينظر: اللّسان (تنر) 4/95.

ص: 470

كلمة (تَنُّور) وردت في اللُّغة الأَكَدِيَّة، بصيغة مضاهيةٍ للعربيَّة بهيئة (تَنُّور)(tinuru) وذكر أنَّ المعاجم الأكادِيَّة الحديثة اشتقّتها من المادَّة الأَكَدِيَّة (نَار) أو (نور) الموافقتين - في معناهما - للعربيَّة، وأشار إلى أنَّ زيادة التّاء في أوَّل الجذر أسلوبٌ مألوفٌ في اللُّغة الأَكَدِيَّة1.

ويؤيِّد مذهب ثعلبٍ - أيضاً - أنَّ (ت ن ر) أصلٌ مهملٌ، كما أشار إلى ذلك الأزهرِيّ2.

ومن التَّداخل بين الأجوف والصَّحيح: تداخل (ك ون) أو (ك ي ن) و (س ك ن) في قولهم: استكان ومستكين ويستكين، وقد اختلفوا في ذلك3:

فذهب الجمهور إلى أنَّ الأصل الأجوف؛ ولكنَّهم اختلفوا فيه:

فذهب بعضهم4 إلى أنَّه (ك ون) وهو (اسْتَفْعَل) من (الكَوْن) أي انتقل من كونٍ إلى كونٍ؛ كما قيل: استحال؛ إذا انتقل من حالٍ إلى حالٍ؛ كأنّه شيءٌ قد كان؛ أي: ذهب ومضى.

وأصله - حينئذٍ (اسْتَكْوَنَ) فأُعِلَّ بالنَّقل والقلب.

1 ينظر: من تراثنا اللغوي القديم 67.

2 ينظر: التهذيب 14/270.

3 ينظر: الحلبيّات 115، والتّهذيب 11/68، 375، والخصائص 3/324، ورسالة الملائكة 215، والأفعال لابن القطّاع 2/176، والكشّاف 3/197، وشرح الشافية للرّضيّ 1/69، والبحر المحيط 3/75، ومعجم مفردات الإبدال والإعلال 459.

4 ينظر: الحلبيّات 115، ورسالة الملائكة 216، والكشّاف 3/197.

ص: 471

وذهب بعضهم1 إلى أنَّه (ك ي ن) مأخوذٌ من (الكَيْنِ) وهو: لحم باطن الفرج؛ لذلّ ذلك الموضع ومهانته.

وعلى هذا فأصله (استَكْيَنَ) فأُعِلَّ بالنَّقل والقلب كسابقه.

وذهب بعضهم - فيما حكى المَعَرِّيّ2 - إلى أنَّ أصله (س ك ن) من السُّكون؛ بمعنى: الخضوع والذّلة، ووزنه على هذا الأصل (افْتَعَالَ) لأنَّه في الأصل (اسْتَكَنَ) على (افْتَعَلَ) ثم أُشْبِعَت فتحة الكاف؛ فقالوا:(اسْتَكَانَ) . وإلى مثل ذلك ذهب ابن سِيدَه3.

و (يَسْتَكِينُ) و (مُسْتَكِينٌ) على هذا الأصل (يَفْتَعِيلُ) و (مُفْتَعِيل) وهي أبنيةٌ مستنكَرَةٌ يأباها قياس العربيَّة؛ فلا يجوز أن يذهب إلى مثلها غير مضطرٍّ - كما قال المَعَرِّيّ؛ لأنَّه لم تجر عادتهم بمثل ذلك، في منثور الكلام وسَعَته؛ وإنّما يستعمل مثلها في ضرورات الشِّعر4؛ كقول ابن هَرْمَةَ حينما اضطرَّه الوزن:

وَأَنْتَ مِنَ الغَوَائِلِ حِيْنَ تَرْمِي

وَعَنْ شَتْمِ الرِّجَالِ بِمُنْتَزَاحِ5

1 ينظر: رسالة الملائكة 216، والأفعال لابن القطّاع 2/176.

2 ينظر: رسالة الملائكة 215، 216.

3 ينظر: اللّسان (سكن) 13/218.

4 ينظر: رسالة الملائكة 215، 216.

5 ينظر: ديوانه 92، والمحتسب 1/340، وأسرار العربية 45، وأمالي ابن شجري 1/122.

ص: 472

يريد (بمُتْنَزَح) فهو (مُفْتَعَال) ولا ضرورة في قولهم: استكان يستكين.

ويتداخل (ت وب) و (ت ب ت) في (التَّابوت) وهو الصُّندوق؛ وهذا يحتمل الأصلين:

فذهب الجوهرِيّ إلى أنَّه من (ت وب) وأنَّ وزنه (فَعْلُوهُ) وأصله (تَابُوَة) مثل (تَرْقُوَة) فلما سُكِّنت الواو انقلبت هاءُ التَّأْنيث تاء. قال: "لم تختلف لغة قريشٍ والأنصار في شيءٍ من القرآن إلَاّ في التّابوت؛ فلغة قريشٍ بالتَّاء، ولغة الأنصار بالهاء"1.

وقيل: إنّه (فَعَلُوت) كـ (مَلَكُوت) من: تَابَ يَتُوب، والتَّوب: الرُّجوع؛ لأنَّ التَّابوت هو: الصُّندوق الَّذي توضع فيه الأشياء؛ فيرجع إليه صاحبه2.

وذهب ابن برِّيّ إلى أنَّه من (ت ب ت) ووزنه (فَاعُول) مثل (حَاطُومٍ) و (عَاقُولٍ) وأنَّ من وقف عليه بالهاء فإنّما أبدلها من التاء؛ كما أبدلها في (الفُرَات) وليست فيه بتاء تأنيث؛ وإنّما هي أصليَّة من الكلمة نفسها، وكذلك في (تَابُوت)3.

1 الصّحاح (توب) 1/92.

2 ينظر: الدرّ المصون 2/522.

3 ينظر: التّنبيه والإيضاح 1/45.

ص: 473

وإلى مثل ذلك ذهب العُكْبَرِيُّ، وحمله على أنَّه ممَّا لا يُعْرَف له اشتقاق في لغة العرب1.

ويتداخل (ن وف) و (ت ن ف) في (تَنُوفَ) أو (تَنُوفَى) وهي موضِعٌ ببلاد طيّئ2 بحائل في قول امرئ القيس:

كأنَّ دِثَاراً حلّقتْ بِلَبُوْنِهِ

عُقَابُ تَنُوفَى لَا عُقَابُ القَوَاعِلِ3.

ورواية ابن جِنِّيّ4:

عُقَابُ تَنُوفَ لَا عُقَابُ القَوَاعِلِ

والوجهان صحيحان في اسم الموضع، كما ذكره أبو عبيد البكريّ5؛ وهما يحتملان الأصلين:

فذهب أبو عبيدٍ البكريّ6 إلى أنَّ الأصل (ت ن ف) فوزن تَنُوفَ (فَعُول) ووزن (تَنُوفَى)(فَعُولَى) .

1 ينظر: التبيان 1/198.

2 ينظر: معجم ما استعجم 1/322، 2/1101.

3 ينظر: ديوانه 94، ودِثار: اسم راعي امرئ القيس، والقواعل: جبل من جبال سلمى، دون تَنُوفَى.

4 ينظر: الخصائص 3/191.

5 ينظر: معجم ما استعجم 1/222.

6 ينظر: معجم ما استعجم 1/222.

ص: 474

وذهب ابن جِنِّيّ إلى أنَّ الأصل (ن وف) من النَّوف؛ وهو: الارتفاع، بقوله: "وأنا أرى أنَّ (تَنُوفَ) ليست (فَعُولاً) بل هي (تَفْعُل) من النَّوف؛ وهو: الارتفاع؛ سمِّيت بذلك لعُلُوِّها.

ومنه: أنَافَ على الشَّيء؛ إذا ارتفع عليه، والنَّيِّف في العدد من هذا

فتَنُوفُ -في أنَّه علم- على (تَفْعُل) بمنزلة يَشْكُر ويَعْصُر"1.

وما ذهب إليه أبو الفتح قريبٌ لدلالة الاشتقاق.

ومثل تَنُوفَ (تَحُوطُ) وهو: اسم للقحط والسّنة الشّديدة؛ فيحتمل الأصلين:

فيجوز أن يكون أصلها (ح وط) فيكون وزنها (تَفْعُلُ) منقولةً من الفعل المضارع؛ وأصلها (تَحْوُطُ) ثم أُعلَّت بالنّقل؛ مثل (تَقْوُل) و (تَقُول) وأشار إلى ذلك الأزهرِيّ2.

ويجوز أن يكون أصلها (ت ح ط) فيكون وزنها (فَعُولاً) .

والأوَّل أقرب؛ فلعلّ اشتقاقه من: الإحاطة؛ وهو: الاكتناف؛ فكأنّها أحاطتهم بالقحط والشّدّة.

ولأنَّ الثّاني أصلٌ مهملٌ؛ فلا يكاد يتصرّف منه كلامٌ. وقد ذكرها ابن منظورٍ في الأصلين3.

1 ينظر: الخصائص 3/192.

2 ينظر: التهذيب 4/380.

3 ينظر: اللّسان (تحط) 7/266، و (حوط) 7/280.

ص: 475

ويتداخل (هـ ي ق) و (هـ ق ل) في (الهَيْقَل) وهو ذكر النّعام؛ ويحتمل الأصلين1:

فيجوز أن يكون من (هـ ي ق) مشتقّاً من (الهَيْقِ) وهو: الطُّول قال الأزهرِيّ: "ولذلك سمِّي الظَّليم هَيْقاً، ورجلٌ هَيْقٌ، يُشَبّه بالظَّليم؛ لنفاره وجُبنه"2.

وعلى هذا الأصل فاللَاّم زائدةٌ في (الهَيْقَل) ووزنه (فَعْلَل) .

ويجوز أن يكون (هـ ق ل) لقولهم لذكر النَّعام (الهِقْل) والأنثى (الهِقْلَةُ)3.

وعلى هذا الاشتقاق يكون من قال (الهَيْقَل) قد زاد الياء، ويكون وزنه - حينئذٍ (فَيْعلاً) بمنزلة (البَيْطَر) و (الحَيْدَر) .

والحقّ أنَّ الأصلين متساويين من ناحية الاشتقاق، وكلّ واحدٍ منهما كثر استعماله؛ بحيث حمل بعض علماء اللُّغة على أن يقولوا: إنّ كلاًّ منهما أصلٌ مستقلٌّ برأسه؛ وأنَّهما من باب التّرادف.

1 ينظر: اللامات للزجاجي 134، والتهذيب 5/401، 6/343، وسر الصناعة 1/323، وشرح المفصّل لابن يعيش 10/7، والإيضاح في شرح المفصّل 2/391، والممتع 1/215، والارتشاف 1/108.

2 التّهذيب 6/343.

3 ينظر: اللامات للزجاجي 134، والتهذيب 5/401، والمقاييس 6/58.

ص: 476

وممن أجاز ذلك ابن جِنِّيّ1؛ وهو اختيار ابن عصفورٍ2؛ وهو رأيٌ قريبٌ، وأقرب منه - عندي - أن يكون الأصل (هـ ي ق) فيكون وزن الهَيْقَل (فَعْلَلاً) ثُلَاثِيّاً؛ ألا تراهم زادوا الميم في (الهَيْقَم) كما نصّ الجوهرِيّ3؛ وابن يَعِيشَ4؛ وهو بمعنى (الهَيْقَل) والميم فيها بمثابة ميم شَدْقَمٍ وزُرْقُمٍ، وكذلك اللَاّم في (الهَيْقَل) زائدةٌ؛ وهي بمثابة اللَاّم في: زَيْدَلٍ وعَبْدَلٍ، والإجماع شبه معقودٍ على زيادة اللَاّم فيهما5.

ومثل الهَيْقَل في تداخل الأصلين (الطَّيْسَلُ) وهو الكثير من كلّ شيءٍ؛ لقولهم في معناه: (الطَّيْسُ) فهو يحتمل (ط ي س) و (ط س ل) وكذلك (الفَيْش) و (الفَيْشَلَة) رأس العضو المذكَّر - فإنّه يحتمل (ف ي ش) و (ف ش ل)6.

وحملها على (ط ي س) و (ف ي ش) كحمل (الهَيْقَل) على (هـ ي ق) إلاّ أنَّه لم يسمع فيهما الميم مكان اللَاّم. ولو حملا على (ط س ل) و (ف ش ل) لكان ذلك وجهاً؛ لأنَّ زيادة الياء ثانية - أكثر من زيادة اللَاّم آخراً.

1 ينظر: سرّ الصّناعة 1/322، 323.

2 ينظر: الممتع 1/215.

3 ينظر: الصّحاح (هيق) 4/1570.

4 ينظر: شرح المفصّل 10/7.

5 ينظر: سرّ الصّناعة 1/321، والممتع 1/213.

6 ينظر: الممتع 1/214، 215.

ص: 477

ج - التَّداخل بين النّاقص والصَّحيح:

هذا هو النوع الثالث في هذا المبحث، والتداخل فيه كثير؛ كسابقه الأجوف.

ويمكن تصنيف ما فيه من التداخل إلى أربع مجموعات؛ وهي:

1-

ما في أوله ميم.

2-

مُضَعَّف العين في المعتل.

3-

ما يحتمل (فَعَوْلَى) و (فَعَوْعَلا) و (فَعَلْعَلا) .

4-

ما لا رابط فيه.

أوّلاً- ما في أوّله ميمٌ:

يتداخل - من هذا النّوع (ل ط ي) و (م ل ط) في (المِلْطَى) وهي الأرض السّهلة؛ فتحتمل الأصلين:

يجوز أن تكون من (ل ط ي) فتكون على وزن (مِفْعَل) مقصورةً من (مِلْطاء) وهي (مِفْعَال) .

ويجوز أن يكون أصلها (م ل ط) ووزنها (فِعْلَى) مقصورة؛ وأصلها (فِعْلاء) .

وإلى هذا ذهب أبو عليٍّ الفارسيّ؛ كما حكمى ابن منظورٍ1.

ومثلها (المِلْطى) في قولهم: شَجَّه حتّى رأيت المِلْطَى؛ وروى الأزهريّ2 عن ابن الأعرابيّ أنّه ذكر الشِّجاج؛ فذكر المِلطَى؛ وهي التي

1 ينظر: اللّسان (ملط) 7/409.

2 ينظر: التّهذيب 13/360.

ص: 478

تخرق اللّحم حتّى تدنو من العظم، وكان الأزهريّ قد ذكرها في (م ل ط) فقال:"وقول ابن الأعرابيّ يدلّ على أنّ الميم من المِلْطَى ميم (مِفْعَل) وأنّها ليست بأصليّة؛ كأنّها من: لَطَيْتُ بالشّيء؛ إذا لَصِقْتُ به"1.

ومن ذلك تداخل (ع ك و) في (المِعْكاء) 2 وهي الإبل الغلاظ السمان، في قول أَوْسِ بن حَجَر:

الوَاهِبُ المِائَةَ المِعْكاءَ يَشْفَعُهَا يَوْمُ النِّضَالِ بأُخْرَى غَيْرُ مَجْهُودِ3

وفي قول النابغة:

الوَاهِبُ المِائَةَ المِعْكاءَ زَيَّنَهَا

سَعْدَانُ تَوْضِحَ فِي أَوْبَارِهَا اللِّبَدِ4

وهي تحتمل الأصلين:

ذهب ابن السكيت - فيما حكاه ابن منظور5 - إلى أن أصلها (ع ك و) ووزنها (مِفْعَال) .

ويجوز أن تكون الميم أصلية؛ فيكون أصلها (م ع ك) ووزنها (فِعْلاء) .

1 التّهذيب 13/360.

2 رواها ابن منظور في اللسان (معك) 10/490 بفتح الميم، ورواها في (عكا) 15/82 بكسرها.

3 ينظر: ديوانه 25.

4 ينظر: ديوانه 22.

5 ينظر: اللّسان (عكا) 15/82.

ص: 479

وقد ذكرها ابن منظور في الأصلين1.

ومن ذلك تداخل (د ر ي) و (م د ر) في (المَدْرِيَّةِ) وهي رِماح كانت تُرَكَّبُ فيها القرون المُحَّدَدة مكان الأَسِنَّة، ومنه قول لبيد بن ربيعة يصف البقرة الوحشية والكلاب:

فَلَحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَهَا مَدْرِيَّةٌ

كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّها وتَمَامُهَا2

وهي تحتمل الأصلين:

ذهب الجوهريّ3 إلى أنَّ أصلها (م د ر) وهي (فَعْلِيّة) وتابعه ابن منظور4.

وذهب الصغاني إلى أنها من (د ر ي) وأن الميم زائدة5؛ فوزنها على الأصل (مَفْعِلَة) .

وما ذهب إليه الصغاني هو الصواب؛ لدلالة الاشتقاق؛ فقد ذكر ابن فارس أن الدال والراء والمعتل أصلان:

1 ينظر: اللسان (معك) 10/490، و (عكا) 15/82.

2 ينظر: ديوانه 312، وفيه مَدَرِيَّة بفتح الدّال؛ وهي ساكنة في شرح القصائد السّبع الطّوال 568، وشرح القصائد المشهورات 1/157، وشرح المعلقات العشر للشّنقيطيّ 130، والصّحاح (مدر) 2/812، ونقل الصّغانيّ (التّكملة (مدر) 3/195) رواية الفتح، ونصّ على أنّ التّسكين هو الصّواب.

3 ينظر: الصّحاح (مدر) 2/812) .

4 ينظر: اللّسان (مدر) 5/163.

5 ينظر: التّكملة (مدر) 3/195.

ص: 480

أحدهما: قصد الشيء، واعتماده طلبا.

والآخر: حدة تكون في الشيء1؛ ولا تكاد تخرج (المِدْرِيَّة) وهي الرماح - عن تلك المعاني؛ فبان بالاشتقاق صِحَّة ما ذهب إليه الصَّغاني.

ويحتمل (المَدْعِيُّ) وهو المتهم في نفسه (د ع و) و (م د ع) وقد ذكره الأزهري2 في (م د ع) ورجّح أن ميمه زائدة. وتابعه الصغاني3 وأشار إلى رأي الأزهري.

ثانيا- مُضَعّف العين في المعتل:

تضعيف العين في المعتلّ يؤدّي إلى تداخل الأصول؛ إذ يحتمل التّضعيف في العين أن يكون من باب إدغام العين في اللام؛ أي يكون من باب (فعل) ويحتمل أن يكون من باب تضعيف العين؛ نحو (فعّل) فيقع التداخل.

فمن ذلك تداخل (ق ر ى) و (ق ر ر) في (القِرِّيّة) وهي الحوصلة؛ فتحتمل الوجهين:

يجوز أن يكون أصلها (ق ر ي) فيكون وزنها (فِعَّيلة) وفي هذا الأصل ذكرها ابن سيده4.

1 ينظر: المقاييس 2/271.

2 ينظر: التّهذيب (2/261.

3 ينظر: التّكملة (مدع) 4/375.

4 ينظر: المحكم 6/309.

ص: 481

ويجوز أن يكون أصلها (ق ر ر) فيكون وزنها (فِعِّيلة) وأجاز ابن سيده هذا الأصل - أيضا -؛ حين أتى على (قِرِِّيّة) فقال: "وهذان قد يكونان ثُنائيين، فلا يكون بابهما"1 وهو يريد بقوله: (ثُنَائيين) أنهما من الثلاثي المضعّف.

ومن تداخل (ق ض و) و (ق ض ض) في (القَضَّاء) من الإبل؛ وهو يحتمل الأصلين:

ذهب الأزهري إلى أن أصله (ق ض ض) 2 فوزنه - عنده (فَعْلاء) .

وذهب ابن بري إلى أن أصله (ق ض ي) مشتقا من: قضى يقضي؛ لأنه يُقضى بها الحقوق3.

وقريب من هذا اختلافهم في قولهم: درع قَضَّاء، أي: فُرِغَ من عملها؛ وهي تحتمل الأصلين:

يجوز أن يكون أصلها (ق ض ي) فتكون على وزن (فَعَّال) ويمكن أن يُستدلّ بقولهم: قَضَيْتُ الدِّرْعَ؛ أي: أحكمت صنعها، وعلى هذا قول أبي ذؤيب الهذلي:

1 المحكم 6/309.

2 ينظر: التّهذيب 8/252.

3 ينظر: اللّسان (قضض) 7/223.

ص: 482

وتَعَاوَرَا مُسْرُودَتَيْنِ قَضَاهُما

دَاودُ أو صَنَعُ السَّوَابِغِ تُبَّعُ1

وجعل الأزهري (قَضَّاء)(فعلاء) غير منصرف2، وأصلها (ق ض ض) واشتقاقها من (القَضِّ) وهو: خشونة ملمسها لجدّتها، إذ لم تنسحق3.

ويبدو هذا الأصل أقرب من غيره؛ فلو كانت من (قَضَّيْتُهَا) أي: أحكمتها لقيل: (قَضْيَاء)4.

ومن أمثلة التداخل في هذا الباب: تداخل (ص ل ي) و (ص ل ل) في (الصِّلِّيان) وهو نبت له سنمة عظيمة؛ كأنها رأس القصبة؛ وهو يحتمل الأصلين:

يجوز أن يكون أصله (ص ل ي) أو (ص ل و) ووزنه - حينئذ (فِعّلان) وعلى هذا الأصل قالوا: (أرضٌ مصلاة) إذا كثر فيها هذا النبات.

ويجوز أن يكون أصله (ص ل ل) ووزنه - حينئذ (فِعْلِيان) وهو

1 ينظر: شرح أشعار الهذليين 1/39، والتّهذيب 8/251، مع اختلاف لا يضر بالشاهد.

2 ينظر: التّهذيب 8/851.

3 ينظر: اللّسان (قضض) 7/221.

4 ينظر: المحكم 6/64.

ص: 483

يشاكل (الحِرْصِيانة) من الحَرْص1، وهذا مذهب سيبويه2 والجوهري3.

وأجاز الخليل الأصلين؛ فقال: "والصِّلّيان: نبت على (فِعّلان) 4 ويقال: (فِعْليان)

فمن قال (فِعْليان) قال [هذه] 5 أرض مَصْلاة"6 أي: يكثر فيها هذا النّبات.

وفي قوله: "فمن قال (فِعْليان) قال [هذه] أرض مصلاة" تحريف واضح، والظاهر أنَّ صوابه أن يقال: "فمن قال (فِعّلان)

إلخ" لأن (فِعْليان) من (ص ل ل) فلا يقال منه: أرض مصلاة؛ لأن (مَصْلاة) من (ص ل ي) وأصلها (مَصْليَة) فأعِلَّت بالقلب لتحرّك الياء وانفتاح ما قبلها؛ ووزنها (مَفْعَلَة) وهو يصاغ من أسماء الأعيان للمكان الذي تكثر فيه؛ كقولهم: (أرض مَأْسَدَة) و (مَذْأَبَة) و (مَوْعَلَة) إذا كثرت فيها الأسُود أو الذِّئاب أو الوُعُول.

ولو كانت من (فِعْليان) لقالوا: (أرض مَصَلَّة) كقولهم: (أرض مَخَزَّة) أي كثيرة الخُزَز؛ وهو ذكر الأرانب.

1 ينظر: التّاج (صلل) 7/406.

2 ينظر: الكتاب 4/262.

3 ينظر: الصّحاح (صلل) 5/1745.

4 وضعت في الأصل شدة على اللام هكذا (فِعلاّن) وهو سهو.

5 زيادة من التّهذيب 12/239 لتوضيح المعنى.

6 العين 7/155.

ص: 484

وأصل (مَصَلَّة) : (مَصْلَلَة) على وزن (مَفْعَلَة) فسُكّنت اللام الأولى - وهي عين الكلمة - من أجل الإدغام.

وقد حكى بعض العلماء هذا القول - على ما فيه - وتناولوه دون توقّف عند ألفاظه؛ كالأزهري1 وابن منظور2.

ومما يرجح هذا ما نقله ابن منظور3 عن ابن سيده في جعله (الصّلّيانة)(فِعْليانة) من (الصَّلْي) ونقله الزبيدي4. فالسهو فيه في غاية الوضوح؛ لأن (الصِّلّيانة) إن كانت مشتقة من (الصَّلْي) فإنها لا تكون على وزن (فِعْليانة) بل (فِعّلانة) فإن كانت مشتقة من (الصَّلّ) فإنها - حينئذ (فِعْلِيانة) لا غير.

وللإبدال نصيب في التدخل في مضعّف العين في المعتل؛ كقولهم: (لَبَّى) في: لَبَّبَ، و (تَمَطَّى) في: تَمَطَّط، و (تَظَنَّيْتُ) في: تَظَنَّنْتُ، ونحوه.

فمن ذلك تداخل (س ر و) و (س ر ر) في (السُّرِّيّة) وهي الجارية المتخذة للملك والجماع؛ يقال فيها: تسرَّرْتُ جارية وتسرَّيتها؛ وهي تحتمل الأصلين:

1 ينظر: التّهذيب 12/239.

2 ينظر: اللّسان (صلى) 14/469.

3 ينظر: اللسان (صلل) 11/385.

4 ينظر: التاّج (صلل) 7/406.

ص: 485

يجوز أن يكون أصلها (س ر و) من (السَّرو) وهو الارتفاع؛ لأنها تركب سراتها1، وقلبت الواو ياء طلبا للخفة، ثم أدغمت الياء في الياء، ثم حولت الضمة كسرة لمجاورة الياء.

ويجوز أن يكون أصلها (س ر ي) من (السَّرِيّ) أي: المختار؛ لأنها مختارة على سائر الجواري.

وعلى هذين القولين فوزن (السُّرِّيَة)(فُعِّيلة) كـ (مُرِّيق) وهو العُصْفُر.

ويجوز أن يكون أصلها (س ر ر) من (السِّرّ) وهو: الجماع، للفرق بين الحرة والأمة التي توطأ؛ فيقال للحُرَّة إذا نكحت سرًّا، أو كانت فاجرة:(سِرِّيّة) ويقال للمملوكة يتسرَّاها صاحبها: (سُرِّيَّة) مخافة اللبس2 كما قالوا في النسب إلى الدهر: (دُهْرِيٌّ) يريدون به الشيخ الكبير، وقد ضموا أوله للتفريق بينه وبين (الدَّهْرِيّ) المُلْحد3.

ويجوز أن يكون من: السّرّ؛ بمعنى: الخفية؛ لأن صاحبها يَسُرُّها ويستر أمرها عن حُرَّته؛ وهو اختيار ابن السّرّاج4.

وكان الأخفش يشتقّها من السرور؛ لأنها موضع سرور الرجل5.

1 ينظر: شرح الشافية للرضي 2/349.

2 ينظر: اللّسان (سرر) 4/358.

3 ينظر: شواذ النسب 89، 94.

4 ينظر: الأصول 3/342.

5 ينظر: شرح الشافية للرضي 2/349.

ص: 486

وهي على هذا الأصل - أعني (س ر ر) - (فُعْلِيَّة) والياء فيها للنسب.

ومن ذلك تداخل (د س ي) و (د س س) في قوله عز وجل: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} 1 أي أخفاها؛ وهو يحتمل الوجهين، على اختلاف بينهم.

فمذهب الجمهور2 أن الأصل (د س س) وأن الألف في (دَسَّاها) مبدلة من سين؛ كراهية اجتماع ثلاث سينات في (دسسها) كما قالوا: تَظَنَّيْتُ من: الظّنّ، وتقضّينا أي: تقضّضنا من (تَقَضَّض البازي) إذا أسرع في طيرانه، وهوى منقضا على فرسيته، والأصل:(دَسَّيَهَا) بالإبدال ياء، ثم قلبت الياء ألفاً؛ لتحرّكها وانفتاح ما قبلها.

وذهب الخليل إلى أنّ أصله (د س و) من (دَسَا يَدْسُو دُسُوًّا ودَسْوَةً، وهو نقيض زكا يزكو زكاء وزكاة؛ وهو داسٍ لا زاك)3. وبهذا فَسَّره أبو جعفر النّحّاس4.

ورُوِي عن ابن الأعرابيّ5 أنه قال: دَسَا: إذا استخفى.

1 سورة الشّمس الآية 10.

2 ينظر: معاني القرآن للفراء 3/267، ومجاز القرآن 2/300، ومعاني القرآن وإعرابه 5/332، والتّهذيب 13/41، وإعراب ثلاثين سورة 102، والتّبيان 2/1290، وعمدة الحفّاظ 175.

3 العين 7/283.

4 ينظر: إعراب القرآن 5/237.

5 ينظر: التّهذيب 13/41.

ص: 487

قال الأزهريّ: "وهذا يقرُبُ ممّا قاله الليث

وقد بيّنتُ في مضاعف السين أنَّ دَسَّاها في الأصل؛ دَسَّسَها، وأن السّينات توالت؛ فقلبت إحداهن ياء، وأمَّا دَسَا غيُر محولٍ عن المضعف من باب الدس؛ فلا أعرفه ولم أسمعه؛ وهو مع ذلك غير بعيد من الصواب"1.

ومن ذلك تداخل (م ط و) و (م ط ط) في قوله عز وجل: {ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى} 2 أي: يتبختر؛ وهو يحتمل الأصلين:

ذهب الفراء إلى أنّ أصله (م ط و) مشتقًّا من (المَطَا) وهو الظهر؛ فكأنّه يلوي ظهره تبخترا3.

والأصل فيه (يَتَمَطَّوُ) فقلبت الواو ياء؛ لوقوعها لاما فوق الثالثة؛ فصارت (يَتَمَطَّيُ) فقلبت الياء ألفا؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها، ووزنه (يَتَفَعَّلُ)4.

وذهب الزمخشري إلى أن أصله (م ط ط) من (المَطِّ) وأصله (يَتَمَطَّطُ) فقلبت الطاء الأخيرة ياء؛ لتوالي ثلاث طاءات؛ فصارت (يَتَمَطَّى) فقلبت الياء ألفاً؛ لتحركها وانفتاح ما قبلها5.

1 التّهذيب 13/41.

2 سورة القيامة: الآية 33.

3 ينظر: معاني القرآن 3/212.

4 ينظر: معجم مفردات الإبدال والإعلال 470.

5 ينظر: الكشاف 4/664.

ص: 488

ويؤيد ما ذهب إليه الزمخشري قولهم: مَطّ حاجبيه مَطًّا؛ أي: مدّهما وتكبّر. ولعلّ المعنى أنه ذهب إلى أهله يمدّ خطاه، ويمدّ حاجبيه تبخترًا.

ثالثا- ما يحتمل فَعَوْلَى وفَعَوْعَلا وفَعَلْعَلا:

هذا صنف يقع التداخل فيه بين الناقص والصحيح في الثلاثي؛ وهو ما يحتمل أن يكون وزنه (فَعَوْلَى) أو (فَعَوْعَلا) أو (فَعَلْعَلا) كـ (الخَجَوجَى) وهو الطويل الرجلين، و (الشَّجَوْجَى) المفرط الطول، و (الذَّلَولَى) الحسن الخلق أو السريع، و (القَطَوْطَى) وهو من يقارب الخطو.

وقد اختلفوا في أصول تلك الكلمات:

ذهب فريق إلى أنها من الثلاثي المضعّف، وأصولها (خ ج ج) و (ش ج ج) و (ذ ل ل) و (ق ط ط) ووزنها (فعولى) .

وذهب إلى ذلك: أبو حيّان1، والفيروزابادي2، والسّيوطي3، والزَّبيدي4.

1 ينظر: الارتشاف 1/22.

2 ينظر: القاموس (حجج) 237، و (شجج) 249، و (قطط) 882، و (ذلل)1295.

3 ينظر: المزهر 2/8.

4 ينظر: التّاج (خجج) 2/27، و (شجج) 2/63، و (قطط) 5/210، و (ذلل) 7/330.

ص: 489

وذهب الجمهور إلى أنها من المعتلّ الناقص؛ وأصولها: (خ ج ي) و (ش ج و) و (ق ط و) و (ذ ل ي) . وكان يرى ذلك سيبويه1، والمبرّد2 وابن السّراج 3 وابن عصفور4 وغيرهم.

وعلى رأي هؤلاء فهي تحتمل وزنين؛ وهما (فَعَوْعَل) و (فَعَلْعَل) :

فذهب سيبويه - في أحد قوليه - إلى الأوّل حين قال: "وأمَّا قَطَوْطَى فَمْبنيّة5 أنها (فَعَوْعَل) لأنّك تقول: قَطَوان، فتشتقّ منه ما يذهب الواو، ويثبت ما الألف بدل منه، وكذلك: ذَلَوْلى؛ لأنك تقول: اذْلَوْلَيْتُ، وإنما هي (افْعَوْعَلْتُ) وكذلك (شَجَوْجًى) وإن لم يشتق منه؛ لأنه ليس في الكلام (فَعَوْلى) وفيه (فَعَوْعَل) فتحمله على القياس؛ فهذا ثبت"6.

1 ينظر: الكتاب 4/311.

2 ينظر: شرح الشافية للرضي 1/253، ولم أقف على رأي المبرد في المقتضب أو غيره من كتبه.

3 ينظر: الأصول 3/234.

4 ينظر: الممتع 1/282-284.

5 هكذا في طبعتي الكتاب؛ ولعل الصواب ((فَمُبينة)) من الإبانة؛ وهو أقرب إلى سياق كلامه، والله أعلم.

6 الكتاب 4/311.

ص: 490

ولم يحمله ابن السّرّاج1 على (فَعَلْعَل) لأنّ باب (فَعَوْعَل) عنده - أولى به؛ لكثرته وقلة باب (صَمَحْمَح) و (دَمَكْمَك) وهما على وزن (فَعَلْعَل) .

أما الوزن الثاني - أعني (فَعَلْعَلا) فقد ذهب إليه سيبويه2 في رأيه الآخر في المسألة، واحتجّ بأنه أكثر من باب (فَعَوْعَل) خلافا لما حكم به ابن السّرّاج. وكان المبرّد على هذا الرّأي، ويحتج -أيضا- بكثرة (فَعَلْعَل) بالقياس على (فَعَوْعَل) 3 أيضا.

وتابعهما ابن عصفور4 في الاختيار، وفصّل في المسألة تفصيلا جميلا، وكان يحتجّ لأصالة الألف الأخيرة بأنها لو جعلت زائدة لكان وزنها (فَعَوْلَى) وهو بناء غير موجود.

أما الواو المتوسّطة فلو جعلت أصلية؛ فنحن - عندئذ - أمام أمرين:

أحدهما: أن يجعل المضعّفان أصلين.

وثانيهما: أن يجعل أحدهما أصلا والآخر زائدًا.

1 ينظر: الأصول 3/234.

2 ينظر: الكتاب 4/394.

3 ينظر: شرح الشافية للرضي 1/253.

4 ينظر: الممتع 1/282، 283.

ص: 491

فلو جعلا أصلين لما جاز ذلك؛ لأنه يؤدّي إلى أن تكون الواو أصلا في بنات الأربعة؛ وهو مرفوض إلَاّ في نحو (ضَوْضَيْت) و (قَوْقَيْتَ) من بنات الأربعة.

ولو جعل أحدهما أصلا والآخر لأدّى ذلك إلى أن يكون الوزن (فَعَلْعَلا) وهو بناء موجود في العربية. فثبت بذلك أن الألف بدل من أصل.

وابن عصفور يريد - هنا - أن أصولها قبل الإبدال: (خَجَوْجَو) و (شَجَوجَو) و (قَطَوطَو) و (ذَلَوْلَو) فيحتمل (قَطَوطَو) وأخواتها الأصلين؛ فإما أن تجعل الواو الأخيرة أصلا، أو تجعلها تكريرا لأصل.

فإن جعلتها أصلا وجب أن تكون الواو الوسطى زائدة؛ فيكون وزنه (فَعَوْعَلا) مثل (عَثَوْثَل) وهو: الشيخ الثقيل.

وإن كانت تلك اللام تكريرا لأصل، كما أن الطاء الثانية في (قَطَوطَو) تكرير للأولى؛ وهي العين، وجب - حينئذ - أن تكون الواو الأولى أصلية؛ فيكون وزنها (فَعَلْعَلا) من باب (صَمَحْمَح) و (دَمَكْمَك) .

ولم يجز السّيرافيّ1 (فَعَلْعَلا) والصواب - عنده - أن تكون (فَعَوْعَلا) لقولهم فيه: (اقْطَوْطَى) وهو (افْعَوْعَلَ) لا غير؛ لأنه ليس في الأفعال (افْعَلْعَلَ) وكذلك قالوا في (ذَلَوْلَى) : (اذْلَوْلَى) .

1 ينظر: اللّسان (قطا) 15/190.

ص: 492

غير أن ابن عصفور خطَّأ السّيرافيّ؛ وإن لم ينصّ على اسمه صراحة؛ وجعل رأيه مما لا يلتفت إليه؛ إذ ليس (قَطَوْطَو) -على رأي ابن عصفور - باسم "جارٍ على: اقْطَوْطَى؛ فيلزم أن تكون الواو الزائدة فيه من غير لفظ اللام؛ كما هي في: اقْطَوْطَى، بل لا يلزم من كونهم قد اشتقّوا: اقْطَوْطَى، من لفظ: قَطَوْطى - أكثر من أن تكون أصولها واحدة، وذلك موجود فيهما؛ لأن: قَطَوْطى - إذا كان وزنه (فَعَلْعَلا) كانت إحدى العينين وإحدى اللامين زائدتين؛ فتكون حروفه الأصول: القاف والطاء والواو؛ وكذلك: اقْطَوْطَى؛ الواو وإحدى الطائين زائدتان، وحروفه الأصول: القاف والطاء والواو التي انقلبت ألفاً"1.

وما ذهب إليه ابن عصفور لإبطال رأي السيرافي بعيد؛ ألا ترى أنه يترتب عليه فساد مقياس من أهم مقاييس التفريق بين الأصول وتمييزها؛ وهو الاشتقاق الذي يعتد به العلماء، ويفزعون إليه في كثير من المسائل الصرفية، ولا يُترك الأخذ به إلا بثبت، كالتوهم ونحوه، ولا حاجة إلى حمل (اقْطَوْطَى) على التوهم. والقول - هنا - ما قاله السّيرافيّ، والأدلة تُؤيّده، فإن موضع الواو الوسطى في (قَطَوْطَى) وأخواتها؛ من المواضع التي تكثر فيها حروف الزيادة؛ كالألف والياء والواو والنون؛ نحو (عُلابِط) و (تُمَاضِر) و (عَمَيْثَل) وهو: الضَّخم الثقيل، و (سَمَيدَع) وهو: السَّيِّد، و (فَدَوكَس)

1 الممتع 1/284.

ص: 493

وهو: الأسد، و (سَرَومَطَ) وهو: الطويل، بل إن النون لا تأتي زائدة باطّراد مستمرّ إلا في هذا الموضع؛ نحو (فَلَنْقَس) وهو: البخيل، وشَرَنْبَث؛ وهو: غليظ الكفّين.

ويدلّ على قوة مذهب السّيرافيّ _ أيضا - أنهم اعتادوا الفصل بين العينين بالمعتلّ؛ كقولهم: (عَثَوثَل) و (خَفَيفَد) وهو: الخفيف من الظّلمان، وفصلوا بينهما - أيضا - بالنّون: كقولهم (عَقَنْقَل) وهو: الكثيب الهائل.

فإذا كثر ذلك كان حمل (قَطَوْطى) وأخواتها على (فَعَوْعَل) هو الوجه الأقرب. ولو كان من سبيل إلى حمل (صَمَحْمَح) ونحوه على هذا الباب لفعلوه، والذي يمنعهم أن الحرف الأوسط ليس من حروف الزيادة.

رابعا- ما لا رابط فيه:

وهو ما جاء من أمثلة متفرّقة لا جامع بينها سوى أنها من باب التّداخل بين النّاقص والصّحيح.

ومن ذلك تداخل (ط غ و) أو (ط غ ي) و (ط غ ت) في (الطَّاغوت) وهو بناء مبالغة؛ كالجبروت والمَلَكُوت، وقد اختلفوا في أصله1:

1 ينظر: الكتاب 3/240، ومعاني القرآن للزجاج 1/340، والمحتسب 1/132، ومشكل إعراب القرآن 1/107، والتبيان 1/205، والمخصص 11/25، والبحر المحيط 2/272، والدر المصون 2/548، واللسان (طغي) 15/9، ومعجم مفردات الإبدال والإعلال 172.

ص: 494

فذهب الجمهور إلى أن أصله المعتل الناقص، واختلفوا في لامه أهي واو أو ياء:

فذهب بعضهم1 إلى أنه (ط غ ي) من: طغيتَ تَطْغَى؛ بدلالة قوله عز وجل: {فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} 2 والتاء فيه زائدة؛ وأصله (طَغَيُوت) على (فَعَلُوت) ثم حدث فيه قلب بتقديم اللَاّم موضع العين؛ فصار - بعد القلب - (طيغوتا) ووزنه (فلعوت) فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا؛ فقالوا: (طاغوت)3.

ويجوز أن يكون الأصل (ط غ و) من: طغا يطغو؛ فقد روى ابن جني4 عن قطرب وغيره: طَغَا يَطْغُو طُغُوًّا وطُغْوَانا. وحكى الواو - أيضا - أبو عليّ الفارسيّ5.

وعلى هذا فإنَّ أصله (طَغَوُوتا) ثم حدث فيه ما ذكر آنفا.

ويجوز أن يكون أصله (ط غ ت) فتكون تاؤه أصلية؛ ووزنه (فاعول) وقد حكى ذلك السمين الحلبي6.

1 ينظر: المحتسب 1/132، والتبيان 1/205.

2 سورة البقرة الآية 15.

3 ينظر: المحتسب 1/132.

4 ينظر: المحتسب 1/132، 133.

5 ينظر: التكملة 269.

6 ينظر: الدر المصون 2/548.

ص: 495

والأول - وهو رأي الجمهور - أقوى؛ لقرب الاشتقاق.

ويتداخل (ر ق ي) و (ت ر ق) في (ترقوة) وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق؛ وقد اختلفوا في أصلها:

فذهب الجمهور1 إلى أنها من (ت ر ق) وصَحَّت الواو فيها؛ لأنهم أجروا الهاء فيها مُجرى الراء في منصور والطاء في عَضْرَفُوط، ولولا ذلك لقلبت ياء؛ فيقال فيها: تَرْقِيَةٌ2، ومثلها في ذلك قَمَحْدُوَةٌ؛ وهي عظمة بارزة؛ في مؤخرة الرأس.

وذكر أبو حيان أن بعضهم يرى أن أصلها (ر ق ي) وأن التاء زائدة، وهي مشتقة من (رَقَى) 3 فيكون وزنها (تَفْعُلَة) .

ولعل من ذهب إلى هذا رأى أن جعل التاء فيها أصلا يؤدّي إلى وزن نادر؛ وهو (فَعْلُوَةٌ) ورأى - أيضا - أن زيادة التاء أولا أكثر من زيادة الواو آخرًا.

ومن أمثلة هذا النوع: تداخل (خ ر ي) و (خ رت) في قولهم: (الخَراتان) لنجمين سُمّيا بذلك؛ لنفوذهما إلى جوف الأسد، ولا يعرف إلَاّ على التثنية؛ وهما يحتملان الأصلين:

يجوز أن يكون أصلها (خ ر ي) والواحدة (خراة) فتكون التاء في الخراتين تاء التأنيث، وليست لاما.

1 ينظر: الكتاب 3/443، والجمهرة 3/1240، والمنتخب 2/564، والممتع 1/91.

2 ينظر: سر الصناعة 2/616.

3 ينظر: الارتشاف 1/105.

ص: 496

والأصل (خَرْيَتَان) فأُعِلَّت الياء بالتسكين والقلب، ونقل الحركة؛ والوزن على هذا (فَعْلَتَان) .

ويجوز أن يكون المعتل واوا؛ فيكون أصلها (خروتان) ثم أعلت الواو كإعلال الياء، والوزن واحد.

ويجوز أن تكون العين متحركة في الأصل فالوزن (فَعَلَتَان) والإعلال - حينئذ - بالتسكين والقلب فحسب.

وقد حكاهما - أعني: الواو والياء - كراع1.

ويحتمل أصلها أن يكون من (خ ر ت) واشتقاقها من (الَخْرت) وهو: الثقب؛ فكأنهما نفذا من ثقب إلى جوف الأسد؛ فتكون التاء أصلية؛ فوزنهما - حينئذ - (فَعَالان) .

وقد أجاز ابن سيده الأصلين2، وتابعه ابن منظور؛ فذكرها في الموضعين3.

ومن ذلك تداخل (ع ظ و) و (ع ن ظ) في قولهم: رجل عُنْظُوان؛ أي: بَذِيء فَحَّاش؛ وهو - أيضا - نبت تأكله الإبل؛ فلا تستطيع أن تَجْتَرَّه، ولا أن تَبْعَره؛ فتحبط بطونها؛ وهو يحتمل الأصلين:

ذهب الجوهري4 إلى أن أصله (ع ن ظ) ووزنه (فُعْلُوَان) .

1 ينظر: المحكم 5/154.

2 ينظر: المحكم 5/92، 154.

3 ينظر: اللّسان (خرت) 2/29، و (خرا) 14/236.

4 ينظر: الصحاح (عنظ) 3/1174.

ص: 497

وذهب الأزهري1 إلى أن أصله (ع ظ و) والنون زائدة فوزنه - حينئذ - (فُنْعُلان) وهو كذلك؛ لدلالة الاشتقاق؛ فهم يقولون: (عظاه) إذا تناوله بلسانه2، وعَظَا فُلانا يعظوه؛ إذا قطعه بالغِيبة.

ويقولون في معناه الآخر: عَظِيَ الجمل يَعْظَى عَظًى شديدا؛ فهو عَظٍ3.

أما مذهب الجوهري في أنه من (ع ن ظ) فضعيف؛ ولا مستند له من دليل.

1 ينظر: التهذيب 2/300.

2 ينظر: المحكم 2/240.

3 ينظر: التهذيب 3/146.

ص: 498