الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحثُ الثَّاني: التَّداخل بين الخماسيّ والخماسيّ
تقدَّم أن التَّداخل بين الخماسيّ والخماسي نادر الوقوع للأسباب الّتي ذكرت ثَمَّ.
وممّا جاء منه تداخل (ز ب ر ج د) و (ز ب ر د ج) في (الزَّبَرْجَدِ) وهو الزُّمُرُّدُ؛ فيحتمل الأصلين:
يجوز أن يكون أصله (ز ب ر د ج) على ظاهر لفظه؛ كما وضعه ابن منظور1، وتابعه الفيروزآباديّ2.
ويجوز أن يكون الأصل فيه (ز ب ر ج د) فيكون (زَبَرْدَجٌ) مقلوباً من (زَبَرْجَدٍ) .
وإلى هذا ذهب ابن جنّي، وذكر أنَّه جاء مقلوباً في ضرورة الشّعر؛ وهو مخصوص بالقافية.
والعلّة عنده في جعله مقصوراً على الضّرورة؛ أنَّ العرب لا تقلب الخماسيّ؛ لاستكراههم هذا البناء؛ لإفراط طوله3.
ومن ذلك تداخل الأصلين (ق ر ط ع ب) و (ق ر ع ط ب) في قولهم: ما لفلان قُرُطْعُبَة، أي ماله قليل ولا كثير. قال الرّاجز:
فَمَا عَلَيهِ مِنْ لِبَاسٍ طِحْرِبَهْ
1 ينظر: اللّسان (زبردج) 2/285.
2 ينظر: القاموس (زبردج)244.
3 ينظر: الخصائص1/62، والمحكم7/414.
وَمَالَهُ مِنْ نَشَبٍ قُرُطْعُبهْ1
وقال: رواها أبو زيد فيما حكاه ابن دُريد: قُرُعْطُبة2، وعدّها السّيوطيّ من القلب3.
وليس لدينا دليل قاطع لتمييز الأصل من المقلوب في هذه الكلمة، ويمكن أن يفهم من كلام أكثر الأئمّة أنّ الأصل (ق ر ط ع ب) بتقديم الطّاء؛ فقد ذكرها فيه كلٌّ من الجوهريّ4، والصّغانيّ5، وابن منظور6، والفيروزآباديّ7، والزَّبِيديّ8، ولم يحكوا فيه القلب، أو يذكروه في الأصل الآخر.
ومن ذلك تداخل الأصلين (ق ن ع ص ر) و (ق ن ص ع ر) في (قِنْصَعْرٍ) على رواية كُراعٍ، وقد فسَّره بأنَّه القصير الظّهر والعنق من
1 ينظر: الجمهرة2/1223، والإبدال لأبي الطّيب1/49، واللسان (قر طعب) 1/671، وقُرُطعبة في البيت بضمّ الرّاء على رواية الجمهرة، وبفتحها في اللّسان. وقد روى الفيروزآبادي الكلمة في غير البيت على ثلاث صور من الضّبط؛ وهي: قِرْطَعبة كجردحلة، وقُرُطعُبَة ككُذُبْذُبة، وقُرَطعَبَة كذُرَحْرَح. ينظر: القاموس (قرطعب)159.
2 ينظر: الجمهرة2/1223. ووزن (فُعُلّل) من أوزان الخماسيّ المختلف فيها.
3 ينظر: المزهر1/479.
4 ينظر: الصِّحاح (قرطعب) 1/201.
5 ينظر: التكملة (قرطعب) 1/239.
6 ينظر: اللسان (قرطعب) 1/671.
7 ينظر: القاموس (قرطعب)159.
8 ينظر: التَّاج (قرطعب) 1/427.
الرِّجال1.
و (القِنْصَعْرُ) مقلوب من (قِنْعَصْرٍ) أو العكس؛ فإنَّ معناهما واحد. على أنّ كُراعاً خالف اللّغوييّن في روايته بتقديم العين على الصّاد؛ فلم أجد من يوافقه على ذلك؛ فجمهور اللّغويين مجمعون على أنّه من الأصل الثَّاني، أعني:(ق ن ص ع ر)2.
غير أنَّ الأزهري رواه بتقديم العين على النّون - أيضاً - قال -بعد أن ذكر ما يوافق الجمهور: "وضَرَبْتُهُ حَتَّى اقْعَنْصَرَ؛ أي: تقاصر إلى الأرض؛ وهو مُقْعَنْصِرٌ؛ قدّم العين على النّون حتّى يحسن إخفاؤها؛ فإنّها لو كانت بجنب القاف ظهرت؛ وهكذا يفعلوان في (افْعَنلَلَ) يقلبون البناء حتَّى لا تكون النّون قبل الحروف الحلقيّة"3.
ولا يخفى أنّ قياس البناء في (اقْعَنصَرَ) يقتضي زيادة النّون؛ لتوسّطها ساكنة؛ كنون (احْرَنْجَمَ) فتكون الكلمة رباعيّة، فتخرج - حينئذ - ممَّا نحن فيه، أو تكونا من باب: سَبِطٍ وسِبَطْرٍ.
ويظهر ممَّا تقدَّم أنَّ الإبدال أو القلب من أهمِّ أسباب التَّداخل بين الرُّباعيّ والرّباعيّ أو الخماسيّ والخماسيّ.
1 ينظر: المنتخب1/168.
2 ينظر: العين2/288، والجمهر ة3/1228، والتهذيب 3/279، واللسان (قنصعر) 5/118، والقاموس (قنصعر) 599، والتَّاج (قنصعر) 3/509.
3 التهذيب3/279.