المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث السادس: ما ثانيه نون - تداخل الأصول اللغوية وأثره في بناء المعجم - جـ ١

[عبد الرزاق بن فراج الصاعدي]

فهرس الكتاب

- ‌المجلد الأول

- ‌مقدمة

- ‌التمهيد

- ‌المبحث الأول: الأصول

- ‌المبحث الثاني: التَّداخُل

- ‌المبحث الثالث: المعجم

- ‌المبحث الرابع: مدرسة القافية

- ‌المبحث الخامس: سبب اختيار مدرسة القافية

- ‌الباب الأول: الأصول والزوائد

- ‌الفصل الأول: الأصول في عرف اللغويين

- ‌المبحث الأول: الأصول عند القدامى

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: الأصُولُ عِنْدَ المتأخِّرِينَ

- ‌الفصل الثاني: الزوائد

- ‌المبحث الأول: الزيادات المقيسة: حروفها ومواضعها وأعراضها

- ‌المَبْحَثُ الثَّانِي: الإِلْحَاقُ

- ‌المَبْحَثُ الثَّالِثُ: الزِّيادَاتُ غَيرُ المَقِيسَةِ

- ‌الفَصْلُ الثَّالثُ: مقاييس التَّفريقِ بينَ الأُصُولِ

- ‌الباب الثاني: التداخل في البناء الواحد (الثلاثي، الرباعي، الخماسي)

- ‌الفصل الأول: التداخل في الثلاثي

- ‌المبحث الأول: التداخل بين المعتل والمعتل

- ‌المبحث الثّاني: التّداخل بين المعتلّ والمهموز

- ‌المبحث الثّالث: التَّداخل بين المعتلّ والصَّحيح

- ‌المبحث الرّابع: التَّداخل بين الصَّحيح والصَّحيح

- ‌الفصل الثاني: التداخل في الرباعي والخماسي

- ‌مدخل

- ‌المبحث الأوَّلُ: التَّداخل بين الرّباعي والرّباعيّ

- ‌المبحثُ الثَّاني: التَّداخل بين الخماسيّ والخماسيّ

- ‌الباب الثالث: التداخل بين بناءين مختلفين

- ‌الفصل الأول:‌‌ التداخل بين الثلاني والرباعي

- ‌ التداخل بين الثلاني والرباعي

- ‌المبحث الأوّل: ما جاء على (فعْلل) المضاعف

- ‌المبحث الثاني: ما تقارب فيه الأصلان فتداخلا

- ‌المبحث الثّالث: ما في آخره ميمٌ

- ‌المبحثُ الرَّابعُ: ما في حَشْوِهِ ميمٌ

- ‌المبحَثُ السَّادسُ: ما ثَانِيه نُونٌ

- ‌المبحث السَّابعُ: ما تنَوَّعَ فيه التَّدَاخلُ

الفصل: ‌المبحث السادس: ما ثانيه نون

‌المبحَثُ السَّادسُ: ما ثَانِيه نُونٌ

القاعدة الّتي قرّرها العلماء هي أنّ النّون إذا كانت ثانية ساكنة فهي أصل حتّى يقوم الدّليل على زيادتها.

قال سيبويه: "فأمّا إذا كانت ثانية ساكنة فإنّها لا تزاد إلاّ بِثَبَتٍ. وذلك: حِنْزَقْرٌ 1، وحِنْبَتْرٌ 2، لقلّة الأسماء من هذا النَحو؛ لأنّك لا تجد أمّهات الزّوائد في هذا الموضع"3.

وعلى الرّغم من ذلك فإنّ النّون السّاكنة - هن ا- من المواضع الّتي يكثر التَّداخل فيها بين الثّلاثيّ والرّباعي؛ بخلاف النُّون الثّالثة السّاكنة المتوسّطة بين أربعة أحرف؛ كنون (عَقَنْقَلٍ) و (جَحَنْفَلٍ) فإنّها زائدة؛ لأنّ هذا موضع زيادتها مطلقاً. إلَاّ أمثلةً نوادرَ احتملت فيها الأصالة؛ كما تقدّم4.

فمن التَّداخل بين الثّلاثيّ والرّباعي؛ بسبب النُّون السّاكنة الثانية؛ ما وقع في قولهم: (القِنَّسْرُ والقِنَّسْرِيُّ) للكبير المُسِنِّ الّذي أتى عليه الدّهر؛ كقول العَجَّاج:

1 وهو القصير الدّميم، أو الحيّة. ينظر: القاموس (خنزقر)486.

2 وهي الشّدّة. ينظر: القاموس (حنبتر)486.

3 الكتاب4/323.

4 ينظر: ص (211) من هذا البحث.

ص: 581

أَطَرَباً وأَنْتَ قِنَّسْرِيٌّ

والدَّهْرُ بالإنْسَانِ دَوَّارِيٌّ 1

وهو يحتمل الأصليين:

فذهب الجوهريّ إلى أنّه ثلاثيٌ من (ق س ر) بزيادة النُّون2؛ فوزنه - حينئذٍ - (فِنَّعْلِيٌّ) .

وذهب ابن دريد إلى أنّه رباعيٌّ من (ق ن س ر) بأصالة النُّون3، وتابعه الصّغانيّ فذكره في الرّباعي، وردّ على الجوهريّ بقوله: "وذكر الجوهريّ القِنَّسرِيَّ في (ق س ر) ظنّاً منه أنّ النُّون زائدة؛ واشتقاق: تَقَنْسَرَ منه يدفع ذلك، وموضع ذكره في هذا الموضع [يعني: ق ن س ر] وقد ذكره ابن دريد والأزهريّ4في الرّباعي) 5. وما ذهبوا إليه -هنا- هو الأقرب؛ لقولهم: (تَقَنْسَرَ الإنسَانُ) إذا شَاخَ، وتَقَبَّضَ. قال الشَّاعر:

1 ينظر: ديوانه (بتحقيق د. عبد الحفيظ السّطلي) 1/480.

2 ينظر: الصِّحاح (قسر) 2/791.

3 ينظر: الجمهرة2/1151.

4 ينظر: التهذيب9/394.

5 التكملة (قنسر) 3/178.

ص: 582

وَقَنْسَرَتْه أُمُورُ فاقْسَأَنَّ لَهَا

وقَدْ حَنَى ظَهْرَه دَهْرٌ وقَدْ كَبِرَا1

ويحتمل (شِنْظِيرٌ) وهو السَّخيف العقل، والفاحش البذيء من الرّجال - الأصلين الثّلاثيّ والرّباعي:

فذهب الأصمعيّ إلى أنّه ثلاثيّ من (ش ظ ر) بزيادة النُّون2، وإلى هذا ذهب أبو حَيَّان3.

ومذهب سيبويه أنّه رباعيّ من (ش ن ظ ر) على وزن (فِعْليل) 4 وهو مذهب الجمهور5.

وما ذهب إليه الأصمعيّ لا دليل عليه، ومذهب الجمهور أقرب؛ لأنّ النُّون - في هذا الموضع - أصليّة حتّى تقوم الدّلالة بزيادتها.

ومن ذلك (عِنْفِصٌ) وهي: المرأة البذيئة القليلة الحياء، واللّفظ يحتمل الأصلين:

فذهب سيبويه إلى أنّه رباعيّ، على وزن (فِعْلِل) 6 وهو مذهب

1 ينظر: الجمهرة2/1151،والمخصص1/44،واللسان (قنسر) 5/117.

2 ينظر: اللّسان (شطر) 4/409.

3 ينظر: الارتشاف1/100.

4 ينظر: الكتاب4/293.

5 ينظر: مختصر شرح أمثلة سيبويه112، والممتع1/149.

6 ينظر: الكتاب4/289.

ص: 583

الجمهور1.

وذهب الجوهريّ2 إلى أنّه ثلاثيّ من (ع ف ص) وأنّ النُّون زائدة، ولا دليل لمذهبه.

ويتداخل ثلاثة أصول: (م ج ن) و (ج ن ن) و (م ن ج ن) في (المَنْجَنُونِ) وهي الدُّولاب الَّتي يستقى عليها. قال الشّاعر:

اعْجَلْ بِغَرْبٍ مِثْلِ غَرْبِ طَارِقِ

وَمَنْجَنُونٍ كَالأَتَانِ الفَارِقِ3

وهي تحتمل الأصول الثّلاثة4:

فذهب بعضهم إلى أنّها ثلاثيّة، ويجوز فيها أصلان:

أحدهما: (م ج ن) فيكون وزنها (فَنْعَلُولاً) بزيادة النُّون الأولى وتكرير النُّون الآخرة؛ وهو مذهب سيبويه في أحد قوليه5.

1 ينظر: مختصر شرح أمثلة سيبويه136،وسفر السّعادة1/389، والممتع1/66.

2 ينظر: الصِّحاح (عفص) 3/1045.

3 ينظر: اللّسان (منجنون) 13/423.

4 ينظر: الكتاب4/292، والأصول3/216،217،والتكملة للفارسي238، والمنصف1/145، والصحاح (جنن) 5/2095، وشرح أبنية سيبويه155، وشرح الملوكي156، وشرح المفصل لابن يعيش9/152، وشرح الشَّافية للرضي2/353، والارتشاف1/23.

5 ينظر: الكتاب4/292.

ص: 584

وإلى ذلك مال جماعة من العلماء، وقد قضوا بأنّ نون خَنْدَرِيسٍ زائدة؛ لئلاّ يؤدّي القول بأصالتها إلى ما ليس من أبنيتهم، والنون الأولى في مَنْجَنُون كنون خَنْدَرِيسٍ، وقد قيل: مَنْجَنِينٌ كخَنْدَرِيسٍ؛ فوجب - على رأيهم - الحكم بزيادة نون مَنْجَنِينٍ؛ وإذا وجب هذا وجب الحكم بزيادتها في مَنْجَنُونٍ1.وهو وجه مقبول لولا الجمع -كما سيأتي.

والآخر: ما ذهب إليه الجوهريّ من أنّها من (ج ن ن) بزيادة الميم والنّون في أوّل الكلمة 2، فوزنها على مذهبه:(مَنْفَعُول) وهو بعيد -كما سيأتي.

ومذهب الجمهور وعلى رأسهم سيبويه - في أحد قوليه3 - أنّها رباعيّة من (م ن ج ن) ووزنها عندهم (فَعْلَلُول) .

ولا يجوز أن تكون الميم زائدة عند الجمهور؛ لأنّه لا يعلم في الكلام (مَفْعَلُول) ولا يجوز أن تكون الميم والنون زائدتين؛ على نحو ما ذهب إليه

1 ينظر: الإيضاح في شرح المفصل2/382.

2 ينظر: الصِّحاح (جنن) 5/2095.

3 ينظر: الكتاب4/292، ويتضح الرأيان في قوله: ويكون على مثال (فَعْلَلوَل) وهو قليل، قالوا: منجنون؛ وهو اسم، وحندقوق وهو صفة.

ولا نعلم في بنات الأربعة فَعْليولاً، ولا شيئاً من هذا النحو لم نذكره، ولكن (فَنْعَلَول) وهو اسم، قالوا: منجنون؛ وهو اسم.

على أنَّ سيبويه رحمه الله ذكر في موضع آخر أنّ منجنوناً رباعي، بمنزلة: عرطليل (الكتاب4/309) ولعلّه كان يميل إلى الأصل الرُّباعيّ.

ص: 585

الجوهريّ لوجهين:

أحدهما: أنّ ذلك يؤدّي إلى أن تجتمع في أوّل الكلمة زيادتان؛ وليست الكلمة جاريةً على فعلٍ؛ نحو: مُنْطَلِقٍ ومُسْتَخْرِجٍ؛ وذلك لايكون في اللّغة إلاّ على سبيل النّدرة؛ كـ (إنْقَحْلٍ) على زنة (إنْفَعْلٍ) .

والآخر: أنَّه لا يعلم في الكلام (مَنْفَعُول) فتُحمل هذه عليه.

وحملُها على الأصل الثّلاثيّ (م ج ن) بزيادة النُّون كما في خَنْدَرِيسٍ وجهٌ مقبول لولا ثبوت النُّون في الجمع في قولهم: مَنَاجِينَ؛ وهو حجّة سيبويه1؛ فلو كانت زائدة لقيل: مَجَانِينَ، إلاّ أن يكون قولهم في الجمع: مَنَاجِينَ على توهّم أصالة النُّون؛ كقولهم: تَمَسْكَنَ وتَمَدْرَعَ؛ فيضعُف الدّليل؛ غير أنّ حملها على الظّاهر هو الأولى؛ لأنّه الأكثر؛ ولانعدام الدّليل على أنّها جمعت على توهّم أصالة النُّون.

ولمّا انتفت زيادة الميم، ورجَحت أصالة النُّون، ولم يجز زيادتهما معاً، لم يبقَ إلَاّ أن يكونا أصلين؛ على وزن (فَعْلَلُول) بتكرير اللاّم؛ كما في حَنْدَقُوقٍ؛ وهو ضربٌ من النّبات، وهما ملحقان بعَضْرَفُوطٍ2.

1 ينظر: الكتاب4/309.

2 ينظر: المنصف1/146، والإيضاح في شرح المفصل2/382.

ص: 586