المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المؤلف

- ‌1 - الإخلاص والمتابعة

- ‌أ - الإخلاص

- ‌بعض الآثار عن الإخلاص

- ‌فضل النيّة

- ‌ب - متابعة السنّة

- ‌2 - فضل العلم والعلماء

- ‌3 - أنواع القلوب وأقسامها

- ‌1 - القلب الصحيح:

- ‌2 - القلب الميت:

- ‌3 - القلب المريض:

- ‌‌‌علامات مرض القلبوصحته

- ‌علامات مرض القلب

- ‌علامات صحة القلب:

- ‌أسباب مرضُ القلبِ

- ‌4 - سموم القلب الأربعة

- ‌1 - فضول الكلام

- ‌2 - فضول النظر

- ‌3 - فضول الطعام

- ‌4 - فضول المخالطة

- ‌أحدهما:

- ‌القسم الثانى:

- ‌القسم الثالث:

- ‌القسم الرابع:

- ‌5 - أسباب حياة القلب وأغذيته النافعة

- ‌1 - ذكر الله وتلاوة القرآن

- ‌2 - الإستغفار

- ‌3 - الدعاء

- ‌آداب الدعاء

- ‌4 - الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم

- ‌5 - قيام الليل

- ‌6 - الزهد فى الدنيا وبيان حقارتها

- ‌درجات الزهد

- ‌أضرار حب الدنيا

- ‌7 - أحوال النفس ومحاسبتها

- ‌النفس المطمئنة:

- ‌النفس اللوامة

- ‌النفس الأمارة بالسوء:

- ‌محاسبة النفس

- ‌فوائد محاسبة النفس

- ‌8 - الصبر والشكر

- ‌أ - الصبر

- ‌فضائله:

- ‌معنى الصبر وحقيقتة

- ‌أقسام الصبر باعتبار متعلقه

- ‌الأخبار الواردة فى فضيلة الصبر

- ‌ب - الشكر

- ‌9 - التوكل

- ‌10 - محبة الله عز وجل

- ‌11 - الرضا بقضاء الله عز وجل

- ‌12 - الخوف والرجاء

- ‌أ - الرجاء

- ‌أخبار الرجاء

- ‌ب - الخوف

- ‌فضيلة الخوف

- ‌الأخبار فى الخوف

- ‌13 - التوبة

- ‌التوبة النصوح

- ‌أسرار التوبة ولطائفها

- ‌14 - فهرس المراجع

الفصل: ‌أسرار التوبة ولطائفها

‌أسرار التوبة ولطائفها

اعلم أن العبد العقال إذا صدرت منه الخطيئة فله نظر إلى أمور:

أحدها: أن ينظر إلى أمر الله ونهيه فيحدث له ذلك الاعتراف بكونها خطيئة والإقرار على نفسه بالذنب.

الثانى: أن ينظر إلى الوعد والوعيد فيحدث له ذلك خوفاً وخشية تحمله على التوبة.

الثالث: أن ينظر إلى تمكين الله له منها وتخليته بينه وبينها وتقديرها عليه وأنه لو شاء لعصمه منها فيحدث لك ذلك أنواعاً من المعرفة بالله واسمائه وصفاته وحكته ورحمته وحلمه وكرمه، وتوجب له عيودية بهذه الأسماء لا تحصل بدون لوازمها البتة، ويعلم ارتباط الخلق والأمر الوعيد بأسمائه وصفاته وأن ذلك موجب الأسماء والصفات وأثرها فى الوجود، وهذا المشهد يطلعه على رياض موفقة من المعارف والإيمان وأسرار القدر والحكمة يضيق عن التعبير عنها نطاق الكلم.

منها: أن يعرف العبد عزته فى قضائه، وهو أنه سبحانه العزيز الذى يقضى بما يشاء وأنه لكمال عزته حكم على العبد وقضى عليه بأن قلب قلبه وصرف إرادته عل مايشاء وحال بين العبد وقلبه.

ومن معرفة عزته فى قضائه أن يعرف أنه مدبر مقهور ناصيته بيد غيره، لا عصمة له إلا بعصمته ولا توفيق له إلا بمعونته فهو ذليل حقير فى قبضة عزيز حميد، ومن شهود عزته فى قضائه أن يشهد أن الكمال والحمد والعزة

ص: 122

كلها لله وأن العبد نفسه أولى بالتقصير والذم والعيب والظلم والحاجة، ـ وكلما ازداد شهوده لذله ونقصه وعيبه وفقره ازداد شهوداً لعزة الله وكماله -وحده -غناه.

ومنها: أن يعلم بره - سبحانه -فى ستره عليه حال ارتكاب المعصية مع كمال رؤيته له ولو شاء لفضحه بين خلقه، ومنها مشاهد حلم الله عز وجل فى إمهال راكب الخطيئة ولو شاء لعاجله بالعقوبة فيحدث له معرفة ربه - سبحانه -باسمه " الحليم ".

ومنها: معرفة فضل الله فى مغفرته فإن المغفرة فضل من الله وإلا فلو أخذك بمحض حقه كان عادلا محموداً وإنماعفوه بفضله لا باستحقاقك فيوجب له ذلك شكراً ومحبة وإنابة ومعرفة باسمه " الغفار ".

ومنها: أن يكمل لعبده مراتب الذل والخضوع والانكسار والافتقار وهى أربعة مراتب:

المرتبة الأولى: ذل الحاجة والفقر، وهذه عامة فى جميعالخلق.

المرتبة الثانية: ذل الطاعة والعبودية، وهو خاص لأهل طاعته.

المرتبة الثالثة: ذل المحبة فالمحب ذليل بالذات وعلى قدرمحبته يكون ذله.

المرتبة الرابعة: ذل المعصية والجناية وحقيقة ذلك هو الفقر.

فإذا اجتمعت هذه المراتب الأربع كان الذل لله والخضوع له أكمل وأتم.

ومنها: أن اسم " الرزّاق " يقتضى مرزوقاً، و " السميع البصير" يقتضى مسموعاً ومبصرا، كذلك أسماء " الغفور، العفو، التواب" يقتضى من يغفر له ويتوب عليه ويعفو عنه، ويستحيل تعطيل هذه الأسماء والصفات.

وقد أشار إلى هذا أعلم الخلق بالله صلى الله عليه وسلم حيث

ص: 123

يقول: " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون ثم يستغفرون فيغفر لهم "(1)

ومن أسرارها: ما ورد فى الصحيحين من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته أرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع فى ظلها قد أيس من راحلته فبينما هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ يخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدى، وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح "(2).

فما الظن بمحبوب لك تحبه حباً شديداً وأسره عدوك وحال بينك وبينه وأن تتعلم أن العدو سيسومه سوء العذاب ويعرضه لأنواع الهلاك وأنت أولى به منه وهو غرسك وتربيتك ثم إنه انفلت من عدوه ووافاك على غير ميعاد فلم يفاجئك إلا وهوعلى بابك يتملقك ويترضاك ويمرغ خديه على تراب أعتابك فكيف يكون فرحك به وقد اختصصته لنفسك ورضيته لقربك وآثرته على ما سواه، هذا ولست الذى أوجدته وخلقته وأسبغت عليه نعمك والله عز وجل هوالذى أوجد عبده وخلقه وأسبغ عليه نعمته وهو يحب أن يتمها عليه.

وإلى هننا انتهى ما تيسر لنا جمعه وترتيبه، والله نسأل أن يكون القبول نصيبه وأن يرزقنا يوم القيامة بره وذخره إنه على ما يشاء قدير وبالإبجابة جدير وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

(1) رواه مسلم (17/ 46) التوبة، والترمذى (9/ 523) الدعوات وهذالفظ مسلم وانظر طرق الحديث فى الصحيحة رقم 970.

(2)

رواه مسلم (17/ 63) التوبة واللفظ له، والبخارى مختصرا (11/ 102) الدعوات. ورواه مطولاً من حديث عبد الله بن مسعود (11/ 102) الدعوات.

ص: 124