الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 - فضل العلم والعلماء
والعلم هو ما قام عليه الدليل ويقصد به علم الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة رضى الله عنهم.
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بلتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الرسول وبين قول فقيه
فضائله فى القرآن كثيرة، منها قوله عز وجل:{يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (المجادلة من الآية: 11).
وقوله عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} (الزمر من الآية: 9).
وأما الأخبار، فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من يرد الله به خيراً يفقهه فى الدين (1)، وقوله صلى الله عليه وسلم: " من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " (2).
وسلوك الطريق لالتماس العلم يدخل فيه سلوك الطريق الحقيقى وهو المشي
(1) رواه البخارى (1/ 164) العلم، ومسلم (13/ 67) الإمارة، ورواه الترمذى (10/ 114) عن ابن عباس وقال: حديث حسن صحيح.
قال ابن الأثير: الفقه: الفهم والدراية والعلم فى الأصل وقد جعله العرف خاصاً بعلم الشريعة.
(2)
رواه مسلم (17/ 21، 22) الذكر والدعاء، والترمذى (10/ 115) وأبواب العلم، وقال: هذا حديث حسن، وأبو داود (10/ 73) العلم، وابن ماجه (225) المقدمة.
بالأقدام إلى مجالس العلماء، ويدخل فيه سلوك الطريق المعنوية المؤدية إلى حصول العلم مثلُ حفظهِ ومدارسته.
وقوله صلى الله عليه وسلم: " سهل الله له به طريقاً إلى الجنة " قد يراد بذلك أن الله يسهل له العلم الذى طلبه وسلك طريقه، وييسره عليه، فإن العلم طريقٌ يوصل إلى الجنة، كما قال بعض السلف:" هل من طالب علمٍ فيعان عليه"، وقد يراد به طريق الجنة يوم القيامة وهو الصراط وما قبله وما بعده.
والعلم أيضاً يدل على الله تعالى من أقرب طريق، فمن سلك طريقه وصل إلى الله تعالى وإلى الجنة من أقرب طريق، والعلم أيضا يهتدى به فى ظلمات الجهل والشبه والشكوك، ولهذا سمى الله كتابه نوراً، وعن عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال:" إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من صدور الناس ولكن يقبضه بقبض العلماء، فإذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوساً جُهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا "(1).
وسُئل عبادة بنُ الصامت عن هذا الحديث فقال: " لو شئت لأخبرتك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع ".
وإنما قال عبادة رضي الله عنه هذا لأن العلم قسمان: أحدهما ما كان ثمرته فى قلب الإنسان، هو العلم بالله تعالى، وأسمائه، وصفاته، وأفعاله المقتضى لخشيته، ومهابته، وإجلاله، ومحبته، ورجائه، والتوكل عليه، فهذا هو العلم النافع كما قال ابن مسعود: " إن أقواماً يقرؤون القرآن لا
(1) رواه البخارى (1/ 234) العلم، ومسلم (16/ 223، 224) العلم.
وقال الحافظ: " لايقبض العلم انتزاعاً: أى محواً من الصدور، وكان تحديث النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فى حجة الوداع.
وقال ابن المنيّر: محو العلم من الصدور جائز فى القدرة: إلا أن هذا الحديث دل على عدم وقوعه.
يجاوز تراقيهم، ولكن إذا وقع فى القلب فرسَخ فيه نفع"، وقال الحسن: " العلم علمان: علم اللسان فذاك حجة على ابن آدم، كما فى الحديث " القرآن حجة لك أو عليك"(1)، وعلم فى القلب فذاك العلم النافع، فأول ما يرفع من العلم العلمُ النافع، وهو العلم الباطن الذى يخالط القلوب ويصلحها، ويبقى علم اللسان فيتهاون الناس به ولا يعملون بمقتضاه، لا حملته ولا غيرهم، ثم يذهب هذا العلم بذهاب حملته وتقوم الساعة على شرار الخلق ".
ومن الأدلة على فضل العلم وأهله كذلك:
قوله صلى الله عليه وسلم: " لا حسد إلا فى اثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته فى الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضى بها ويعلمها "(2).
وقوله صلى الله عليه وسلم: " إنما الدنيا لأربعة نفر: عبد رزقه الله مالا وعلماً فهو يتقى فى ماله ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله فيه حقاً فهذا بأحسن المنازل عند الله، ورجل آتاه الله علماً ولم يؤته مالاً فهو يقول: لو أن لى مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته وهما فى الأجر سواء، ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علماً فهو يخبط فى ماله لا يتقى فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقاً فهذا بأسوأ المنازل عند الله، ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علما فهو يقول: لو أن لى مالاً لعملت بعمل فلان فهو بنيته وهما فى الوزر سواء"(3).
(1) رواه مسلم (3/ 99، 100) الطهارة، وقال النووى: فمعناه ظاهر أى تنتفع به إن تلوته وعملت به وإلا فهو حجة عليك.
(2)
رواه البخارى (1/ 165) العلم، ومسلم (6/ 97، 98) صلاة المسافرين، وقال الحافظ: قوله: " لا حسد ": أى لا رخصة فى الحسد إلا فى خصلتين: أو لا يحسن الحسد إن حسن، أو أطلق الحسد مبالغة فى الحث على تحصيل الخصلتين.
(3)
رواه الترمذى (9/ 199، 200) أبواب الزهد، وقال: حسن صحيح، ورواه أحمد (4/ 230،231)، وابن ماجه (4228) الزهد، وصححه الألبانى.
فعادت السعادة بحملتها على العلم وموجبه والشقاوة بجملتها على الجهل وثمرته.
قال الإمام أحمد: الناس محتاجون إلى العلم أكثر من حاجتهم إلى الطعام والشراب لأن الطعام والشراب يحتاج إليه فى اليوم مرة أو مرتين والعلم يحتاج إليه بعدد الأنفاس.
وقال سفيان بن عيينة: أرفع الناس منزلة من كان بين الله وبين عباده وهم الأنبياء والعلماء.
ما الفخر إلا لأهل العلم إنهم
…
على الهدى لم استهدى أدلاء
وقدر كل أمرىء ما كان يحسنه
…
والجاهلون لأهل العلم أعداء
ففز بعلمٍ تعش حياً به أبدا ً
…
الناس موتى وأهل العلم أحياء