المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الفصل الرابع التصنيف المستقل لجوانب السيرة ومفرداتها   ‌ ‌مدخل: أفرزت نتاجات المسلمين الفكرية - تطور كتابة السيرة النبوية

[عمار عبودى محمد حسين نصار]

فهرس الكتاب

- ‌الإهداء

- ‌تصدير بقلم: الاستاذ الدكتور صالح احمد العلي

- ‌المقدمة

- ‌الفصل الأول السيرة النبوية ومصادرها الأولى حتى ظهور السيرة الشاملة

- ‌المبحث الأول تطور المدلول اللفظي للسيرة عند اللغويين والمؤرخين

- ‌المبحث الثاني المصادر الأولية لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قبل تصنيفها وتبويبها

- ‌الفصل الثاني كتابة السيرة الشاملة والمستقلة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتطورها

- ‌توطئة:

- ‌المبحث الأول السيرة النبوية المسهبة والمستقلة ومصنفوها:

- ‌المبحث الثاني السيرة النبوية المختصرة المستقلة ومصنفوها

- ‌الفصل الثالث السيرة النبوية المدمجة ضمن المصنفات التأريخية

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول السيرة النبوية المدمجة ضمن كتب التأريخ العام

- ‌المبحث الثاني السيرة النبوية المدمجة ضمن كتب الطبقات والتراجم

- ‌مدخل:

- ‌الفصل الرابع التصنيف المستقل لجوانب السيرة ومفرداتها

- ‌مدخل:

- ‌المبحث الأول المصنفات التي كتبت في حادثة مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌المبحث الثاني المصنفات التي كتبت في أرحام الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته وأزواجه

- ‌المبحث الثالث المصنفات التي كتبت في شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأخلاقه

- ‌المبحث الرابع المصنفات التي كتبت في المغازي النبوية

- ‌المبحث الخامس المصنفات التي كتبت في أعلام ودلائل نبوة الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌المبحث السادس المصنفات التي كتبت في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌الخاتمة

- ‌المحتويات

الفصل: ‌ ‌الفصل الرابع التصنيف المستقل لجوانب السيرة ومفرداتها   ‌ ‌مدخل: أفرزت نتاجات المسلمين الفكرية

‌الفصل الرابع التصنيف المستقل لجوانب السيرة ومفرداتها

‌مدخل:

أفرزت نتاجات المسلمين الفكرية بعامة، وكتابات السيرة منها بخاصة ظاهرة جديدة في التصنيف وهي كتابة مصنفات مستقلة تتناول في حديثها جانبا واحدا من جوانب السيرة، إذ لم يكتف المهتمون بسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعرضها على نسق شمولي بمصنفات تتناول حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذكر نسبه الشريف مرورا بمولده الميمون وانتهاء بانتقاله إلى الرفيق الأعلى، وذكر متعلقات حياته في جوانبه الشخصية وأموره المعاشية، بل تعدى ذلك إلى تخصيص مصنفات تتسم بالعرض المستقل لجانب واحد من جوانب حياته الشريفة، مثل ذكر مولده أو أعلام نبوته أو أخلاقه أو صفاته أو أسمائه

الخ من جوانب السيرة التي عرضها بعض المؤرخين بشمولية عند ذكرهم لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

كانت وراء هذا التطور المستجد في كتابة السيرة عوامل عدة ظهرت في وقت واحد ومتقارب مع العوامل التي ساعدت على كتابة وتصنيف سير متكاملة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم سواء أكانت مستقلة أم مندمجة مع المصنفات الأخرى «1» ، وهذه العوامل هي:

(1) ينظر، ص 50- 103، 53 من هذه الدراسة.

ص: 291

1.

الخروج من دائرة الاختصار والاقتضاب باستعراض حوادث السيرة والجوانب الشخصية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ضمن كتب السيرة الشاملة والمندمجة مع المصنفات الأخرى، إذ لم تذكر هذه المصنفات كل ما وصل إليها من روايات تخص هذه الحوادث والجوانب، وذلك لأنها لو ذكرت تلك الجوانب كلها لبلغت مصنفاتها من الاتساع حدا لا يستطع أحد الإحاطة به، ولأجل ذلك شرع بعض المؤرخين في إخراج وكتابة مصنفات مستقلة لهذه الحوادث والجوانب من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ مصنفها الحرية المطلقة في إثبات كل ما وصل إليه من روايات تبين تلك الوقائع والحوادث والجوانب الشخصية التي يروم الكتابة فيها.

2.

استمرار مدرسة الإخباريين في كتابة وقائع الحوادث الانعزالية عن المجريات العامة للحوادث التأريخية عند المسلمين «2» ، وينتهي بعض الباحثين إلى عدّ هذا المنحى في كتابة حوادث وجوانب السيرة بانعزالية استمرارا للنهج الذي سارت عليه مدرسة الإخباريين التاريخية ولا سيما القرن الثالث الهجري الذي تنامى فيه هذا المنحى في الكتابة والتصنيف «3» .

3.

تنامي رغبة المحدثين في كتابة مصنفات ومنتخبات من كتبهم في الحديث يتناولون فيها جوانب متعددة من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يطبقون فيها مناهجهم في رواية وكتابة الحديث النبوي، إذ تركزت هذه الجوانب في كتابة المغازي والشمائل النبوية وصفات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأعلام نبوته وطريقة عيشه، لأن هذه

(2) ينظر، فهد، بدري محمد، شيخ الإخباريين أبو الحسن المدائني، مطبعة القضاء، النجف، 1975، ص 9- 16.

(3)

الدوري، بحث في نشأة علم التأريخ عند العرب، ص 33، جب، دراسات في حضارة الإسلام، ص 153.

ص: 292

الجوانب قد كانت ضمن أبواب كتب الحديث «4» ، إذ تمثل عملهم هذا باجتزاء هذه الأبواب من تلك المصنفات التي تضمنت روايات لم تكن فيها أحكام تشريعية بالدرجة الأولى، وبتخصيص مصنفات مستقلة لها، بعبارة أدق، فصل روايات الأحكام والتشريع عن روايات السنن والأفعال التي هي غير واجبة التنفيذ على العباد.

إن هذه الرغبة قد تولدت لدى هؤلاء المحدثين لتعاظم النظرة التي يكنها المسلمون لشخصية نبيهم الكريم محمد صلى الله عليه وآله وسلم من جانب، ومحاولة تلبية حاجات المجتمع بتقديم القدوة والمثال لهم وهي شخصية النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بعدما اتسعت الهوة بين أفراد المجتمع وانسلخ قسم كبير منهم عن تعاليم الإسلام وانغمس بالملذات الدنيوية من جانب آخر «5» ، فكانت هذه المصنفات التي تناولت تلك الجوانب من حياة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم دعوات صارخة تنادي بالرجوع إلى ما اختطه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من مسار للمسلمين وما سار عليه خلفاؤه الراشدون (رض) وصحابته النجباء.

وصف أحد الباحثين هذه الحالة والنتائج التي تمخضت عنها بالقول: " وقد دبجت بحوث كبيرة تتناول وظيفة الحديث من الناحية القانونية واللاهوتية حتى كادت نواحي الحديث الشخصية والدينية تهمل وتنسى

إن الحاجة الماسة إلى إيجاد ينبوع مشروع ليتمم تعاليم القرآن القانونية والأخلاقية هي التي دفعت إلى

(4) ينظر، عبد الرزاق، المصنف، 5/ 313- 339، البخاري، الصحيح، 2/ 175- 235، 3/ 2- 65، مسلم الصحيح، 15/ 26- 118، الترمذي، الصحيح، 13/ 94- 124.

(5)

ينظر، الأطرقجي، رمزية، الحياة الاجتماعية في بغداد، جامعة بغداد، ط 1، 1982، ص 71- 81، 75- 85.

ص: 293

البحث عن أمثلة سنها محمد صلى الله عليه وسلم خلال حياته وفعاله اليومية

ولولا الحديث لغدا محمد صلى الله عليه وسلم خلال العصور صورة إن لم تكن باهتة فعلى الأقل مختزلة سيميائية لا تغادر قاع دينهم وتأريخهم" «6» ، وينتهي الى القول: " وقد ابتكرت التقوى الإسلامية فيما بعد وسائل أخرى من وسائل التعبير تتمتع بقدر من الحرية أعظم التي كانت خاصة بالحديث، والحديث كان مقيدا بشروط مدرسية قاسية ففي المجال الأدبي المحض نجد ذلك جليا في السير

التي تتناول الدلائل على صدق دعوة محمد صلى الله عليه وسلم ورسالته كما تتناول أخرى شخصيته (الشمائل) وهناك غير ذلك من الكتب الكثيرة نثرا وشعرا" «7» .

5.

تعاظم الأفكار الإلحادية والهدامة في المجتمع الإسلامي، حين أنكر بعض الجماعات وجود الخالق أو الأنبياء والتشكيك بهم «8» ، فكان معظم هذه المصنفات هي جوانب ضمنية لما أثارته هذه الأفكار من حجج وآراء تدحض فكرة النبوة أو تنكرها لشخص الرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم، «9» ولأجل ذلك اتجهت هذه الكتب إلى منحيين:

المنحى الأول: معنوي، تمثل بإبراز الجوانب السامية في شخص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من حيث إن هذه التصرفات التي تصدر من هذا الشخص ليست تصرفات شخص عادي، وقد اختصت بهذا الجانب كتب الشمائل والأخلاق والصفات.

(6) جب، بنية الفكر الديني في الإسلام، ترجمة عادل العوا، مطبعة جامعة دمشق، ط 2، 1964، ص 94.

(7)

جب، المصدر نفسه، ص 95.

(8)

ينظر، بدوي، عبد الرحمن، من تأريخ الإلحاد في الإسلام، د، م، د. ت، ص 23- 32، 75- 88.

(9)

ينظر، متن الحضارة الاسلامية، في القرن الرابع الهجري، 1/ 327- 331.

ص: 294

المنحى الثاني: مادي، تمثل بالمحاججة العقلية والنقلية للروايات في إثبات صحة النبوة، وقد اختصت بهذا الجانب الكتب التي صنفت لإثبات الأعلام والدلائل التي صدرت من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع كون هذه المصنفات متممة لسابقتها التي عنيت بإبراز الجوانب الأخلاقية في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

هذه هي العوامل والحوافز التي أدت إلى ظهور هذه المصنفات ضمن هيكل السيرة النبوية التي كانت بمجملها تطورا كبيرا يضاف إلى الحلقات التطورية الأخرى لكتابة السيرة النبوية، مع إسهام كل مصنّف من مصنفي هذه الكتب بمنهج وطريقة خاصة بعرض مضامين كتابه ثم تأثير هذا الكتاب في المصنفات التي لحقته والتي اعتمدت عليه بنقل نصوص منه أو سلكت طريقته في عرض رواياته.

ص: 295