الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس المصنفات التي كتبت في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الخصائص في اللغة هي الأمور التي إنفرد بها الشيء من دون غيره «1» ، ومن ثم فإن هذا المصطلح قد ركز في ذكر الأمور والمزايا التي أنفرد بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن باقي الناس.
لم تظهر في القرون الأولى اهتمامات ملحوظة من قبل المهتمين بسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في إفراد مصنف مستقل للحديث عن الخصائص التي إنفرد وامتاز بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن باقي البشر. وإن السبب الذي كان وراء هذا العزوف عن تصنيف مثل هذه الكتب، هو ان كتبا في علوم اخرى قد استأثرت به، كأبواب النكاح في كتب الفقه، «2» إذ بين العلامة الحلي الأسباب الموجبة إلى اختصاص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بمزايا لم تكن لأحد من البشر بقوله:" ولا شك أن الله تعالى قد شرف رسوله محمدا عليه افضل الصلاة والسلام وميزه عن سائر خلقه بأن خصه بأشياء فرضها عليه دون خلقه لما في أداء الفرائض من الثواب فإنه لم يتقرب المتقربون إلى الله بمثل أداء ما افترض عليه وأشياء خطرها على خلقه فأنقسم ما خص به عليه السلام إلى تخفيف وتغليظ والتغليظ إلى ايجاب وتحريم"«3» .
(1) ينظر، ابن منظور، لسان العرب، مادة (خصص) ، 7/ 24.
(2)
ينظر، الحلي، تذكرة الفقهاء، طبع حجر، إيران، 1282 هـ، (لم ترد في هذه الطبعة أرقاما لصفحات هذا الكتاب) .
(3)
المصدر نفسه.
شكل هذا النوع من التصنيف في المسائل بالجوانب الشخصية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم تطورا ملحوظا في كتابة سيرته، إذ نجد في هذه المصنفات التي كتبت عن خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم تجديدا تمثل بابتكار عنوانات وموضوعات جديدة لجوانب السيرة لم تتطرق لها المصنفات الأولى لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، أما التي تعرضت لها فكانت نتفا متفرقة فيها «4» .
كانت المصنفات التي كتبت عن خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم متأخرة نسبيا عن باقي المصنفات التي كتبت في القرون الأولى من تأريخ الإسلام، وكما أشار إلى ذلك أحد الباحثين حين أحصى هذه المصنفات «5» .
كان أقدم كتاب وصل إلينا من هذه المصنفات هو كتاب [نهاية السؤال في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم] لابن دحية الكلبي (ت 633 هـ) *، وقبل أن نستعرض هذا الكتاب وإسهامه في تطور كتابة السيرة، يجب أن نشير إلى مصنف هذا الكتاب كان صاحب أياد بيض على كتابة سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لوضعه مصنفات عديدة في جوانبها، إذ تشير قائمة مصنفاته إلى وجود مصنفات في جوانب لم يتطرق لها أحد من قبله «6» ، وهذه الجوانب هي:
(4) ينظر، ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، 1/ 142- 145، النووي، تهذيب السماء واللغات، 1/ 37- 44.
(5)
ينظر، المنجد، معجم ما ألف عن رسول الله، ص 188- 190.
(*) هو أبو الخطاب عمر بن حسن بن علي الأندلسي، كان يكنى نفسه بذي النسبين، وهو أحد العلماء المشهورين بكثرة المصنفات في مختلف العلوم المعروفة آنذاك وهي التفسير والحديث واللغة، ينظر، ابن خلكان، وفيات الأعيان، 3/ 121- 123، ابن تغري بردي، النجوم الزاهرة، 6/ 227- 230.
(6)
عن مصنفات ابن دحية الكلبي، ينظر، ابن خلكان، وفيات الأعيان، 3/ 113- 114.
1.
مولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك في كتاب أسماه (التنوير في مولد السراج المنير) ، إذ ذكر السندوبي أن ابن دحية هو أول من صنف في هذا الجانب من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «7» .
2.
دلائل النبوة التي ظهرت من أعضاء جسم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إذ صنف كتابا حوى هذه الدلائل أسماه (الايات البينات في ذكر أعضاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صاحب المعجزات)«8» .
3.
شرح أسماء النبي، وذلك بكتاب اسماه (المستوفي في أسماء النبي)«9» .
هذه هي الجوانب التي خصها ابن دحية الكلبي بالتصنيف، فضلا عن كتابته مصنفا مستقلا في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم كان أحد الكتب المتميزة في هذا الجانب، لأنه أمتاز بخصائص جعلته صاحب الريادة في هذا الجانب، وهذه الخصائص هي:
1.
استظهار بواطن معاني الايات التي تتضمن ذكرا لخاصية من خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غير بارزة أول وهلة للمتتبع «10» ، فمن هذه الايات التي استظهر ابن دحية معانيها آية: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ «11» ، إذ استدل بهذه الاية وغيرها على أن الله سبحانه وتعالى قد
(7) ينظر، تاريخ الاحتفال بالمولد النبوي، ص 123.
(8)
ينظر، ابن خلكان، وفيات الأعيان، 3/ 113.
(9)
ينظر، المصدر نفسه، 3/ 113.
(10)
ينظر، نهاية السؤال في خصائص الرسول، تحقيق عبد الله الفادني، وزارة الأوقاف، قطر، ط 1، 1995، ص 58، 59، 63، 65، 67، 72، 74- 75.
(11)
سورة المائدة، آية 67.
نادى حبيبه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بالنبوة والرسالة «12» ، ونادى سبحانه وتعالى بقية الأنبياء بأسمائهم، إذ قال مخاطبا نبيه داود عليه السلام : يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ «13» ، ونادى أيضا نبيه زكريا عليه السلام :
يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا «14» ، واستدل ابن دحية بخاصية أخرى غير هذه في تلك الايات، إذ خاطب الله سبحانه وتعالى نبيه محمدا صلى الله عليه وآله وسلم بصيغة الجمع (يا أيها) ، وذلك إن الكناية عن الأسم غاية التعظيم للمخاطب المبجل المكرم والمدعو المرفع المعظم «15» .
لم يكن هذا الاستظهار لمعاني الايات القرآنية بهذه الشاكلة والصورة والتوسع والمصادر التي سبقت ابن دحية، وذلك لأن جهده في هذا الأمر كان على محورين: الأول: جمع النصوص المتناثرة في كتب التفسير واللغة والحديث وإدخالها في مصنفه هذا الذي كان يشير فيه إلى تلك الكتب وأسمائها «16» والمحور الثاني: تمثل بإكمال ما بدأه سابقوه من مفسري القرآن الكريم بإضافة الايات القرآنية التي لم يذكروها على أن فيها ذكرا لخاصية أمتاز بها الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عن باقي الأنبياء والبشر «17» ، فقدم لنا ابن دحية في ذلك نتاجا
(12) ينظر، نهاية السؤال، ص 39- 42.
(13)
سورة ص، آية 26.
(14)
سورة مريم، آية 7.
(15)
نهاية السؤال، ص 42- 58.
(16)
ينظر، نهاية السؤال، ص 38، 39، 53، 57، 69، 77، 97، 121، 152، 162، 217، 250.
(17)
ينظر، المصدر نفسه، ص 42- 52، 58، 59، 63، 65- 66.
جاهزا جمع فيه ما تناثر من ذكر لخصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في المصنفات التي سبقته فضلا عن إثباته لخصائص أخرى لم تلتفت إليها المصنفات التي سبقته.
تطلب هذا الأمر من ابن دحية أن يسبر أغوار العربية وقواعدها، وان يحيط بألفاظها ومدلولات هذه الألفاظ من المعاني، فلولا تضلعه من هذه الأمور لما نهج هذا النهج والطريقة في كتابة خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ورصد الايات القرآنية التي استنبطها منها.
2.
إعتماده في مواطن كثيرة من كتابه هذا على الروايات المسندة، على الرغم من طول سلسلة السند التي تبلغ اكثر من سبعة شيوخ «18» .
نهج ابن دحية هذا المسلك لأنه أراد أن يذكر الروايات التي تتعلق بخصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والتي يثبتها السابقون له في مصنفاتهم أو لم تكن بهذه الصورة من العرض، إذ أوضح هذا الأمر في مقدمة كتابه التي قال فيها: " فإني ذاكر في هذا الكتاب بإذن الله الذي لا تسقط ورقة إلا بعلمه.. ما يسر لي حفظه وعلمه وقدر لي شرحه وفهمه من خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم التي لم تجتمع لمخلوق وما أوجب الله عز وجل له على جميع خلقه من الحقوق
…
" «19»
3.
الإحالة إلى مصنفاته أو مصنفات من سبقه، إذ أحال إلى كتابه (التنوير في مولد السراج المنير) عند اختصاره للرواية التي ذكرت صفة حوض الكوثر وسقي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الماء لأمته يوم المحشر «20» ، وأحال أيضا إلى كتابه
(18) ينظر، المصدر نفسه، ص 57، 154، 340- 342، 390- 392، 411- 413، 425، 463- 464.
(19)
المصدر نفسه، ص 34.
(20)
ينظر، المصدر نفسه، ص 162- 166.
[الابتهاج في أحاديث المعراج] عند عرضه لتناقض الروايات واختلاف الروايات في حادثة الإسراء والمعراج «21» ، فضلا عن وجود إحالات أخرى لمصنفاته في هذا الكتاب «22» ، هذا بالنسبة الى مصنفاته التي أحال إليها، أما بالنسبة الى مصنفات غيره، فقد أسهم في إعطاء وصف لهذه المصنفات وطريقة حصوله عليها عن طريق الوجادة أم الرواية «23» ، فمن المصنفات التي أحلل إليها كثيرا في كتابه هذا كتاب (البرهان في علوم القرآن) لأبي الحسن علي بن إبراهيم الحوفي «24» ، إذ يقول في إحدى إحالته على هذا الكتاب:
" فحكى أبو الحسن علي بن إبراهيم الحوفي في كتابه البرهان في علوم القرآن وهو عندي في ثلاثين مجلدا وحدثني به جماعة من أشياخ إجازة إذ لم يدخل هذا الكتاب قط كامل فلم يروها إلا إجازة وسماعا منهم"«25» .
4.
الزهو والإعجاب والتفاخر بما طرحه في هذا الكتاب من موضوعات لا يستطيع أحد برأيه أن يأتي بمثلها لأنه لا يوجد في زمانه من هو أعلم منه بهذه الأمور، وهذا ما أوضحته مقالته التي مفادها: " فليفتخر بهذا الكتاب من يأخذه عني إذ لا أعلم أحدا أعلم بالصحيح من السقيم مني فهو بحر تلتطم بالكتاب والسنة امواجه وتتقاذف بدرر الاداب أثباجه تنقل منه الاثار الصحيحة وتروى وتسقى من حياضه النيرة الشفاه الظامئة فتروى، فتتنافس فيه البلدان وتتعاطاه
(21) ينظر، المصدر نفسه، ص 328.
(22)
ينظر، المصدر نفسه، ص 402- 403.
(23)
ينظر، نهاية السؤال، ص 74، 121- 122، 154، 160، 454- 455، 495.
(24)
ينظر، المصدر نفسه، ص 38، 39، 152، 162، 217، 250.
(25)
المصدر نفسه، ص 53.
خراسان وبغدان وتصغي إليه القلوب وتسمع إليه الاذان وتردده الألسن استطابة كأنها الاذان" «26» .
شكل اعتداد ابن دحية بنفسه وبكتابه الذي صنفه سابقة خطيرة لم تعهدها المصنفات التي سبقته، إذ كان أغلب المصنفين الذين استعرضنا كتبهم في هذه الدراسة قد بالغوا في التقليل من قيمة ما كتبوه والاعتذار من قراء كتبهم هذه، إن بدر منهم أي زلل فيه لأنه بحسب اعتقادهم لم يولوا مصنفاتهم تلك عناية تامة، ولم يبذلوا فيها جهدا يستحق المفاخرة، مع العلم أنهم كانوا خلاف ما كانت عليه مصنفاتهم من الهشاشة والاسترسال «27» .
بين تفاخر ابن دحية بنفسه صدق المقالة التي وصفه بها أحد المترجمين له والتي مفادها: " كان أبو الخطاب يدعي أشياء لا حقيقة لها"«28» .
5.
توظيف معظم جوانب السيرة المتفرقة والتقاط ما يمكن التقاطه من خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إذ وظف معجزات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقارنها بمعجزات من سبقه من الأنبياء «29» صلى الله عليه وآله وسلم، فضلا عن علاقته مع زوجاته «29» ، كذلك وظف العقائد التي دعا الإسلام إلى الإيمان بها، ولا سيما الشفاعة من قبل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لمذنبي أمته، إذ جعلها ابن دحية من ضمن خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «30» .
(26) المصدر نفسه، ص 34- 35.
(27)
عن وصف بعض العلماء لكتبهم، ينظر، الطبري، تاريخ الرسل والملوك، 1/ 8، المسعودي، مروج الذهب، 1/ 10، البيهقي، دلائل النبوة ومعرفة احوال صاحب الشريعة، 1/ 64.
(28)
الدجلي، أحمد بن علي (ت 812 هـ) الفلاكة والمفلوكون، مطبعة الشعب، مصر، 1322 هـ، ص 88.
(29)
ينظر، نهاية السؤال، ص 242- 236.
(30)
ينظر، المصدر نفسه، 216- 236.
حصل هذا الكتاب على ثقة العلماء الذين تناولوا سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، لقناعتهم بقيمته ومنهجه في عرض رواياته، إذ اعتمد عليه الصالحي وجعله في طليعة مصادر السيرة التي كتبها للرسول صلى الله عليه وآله وسلم «31» .
حفز هذا الكتاب على ظهور مصنفات أخرى في خصائص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم ولكنها تأخرت عن مدة الدراسة (بعد العصر العباسي) ، إذ عدد أحد الباحثين هذه المصنفات وأجملها مع ذكر أماكن وجودها، وذلك لبقاء معظمها مخطوطا حتى الان «32» ، وهذا ما يفسر لنا أن الاهتمام بالجوانب الشخصية للرسول قد حصل في مراحل متأخرة من تاريخنا الإسلامي، إذ وصف أحد الباحثين هذا الأمر بالقول: " وقد اضفت الكتب المتأخرة نوعا من التقديس على شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يلمح في المصادر الأولى ويظهر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في أكثر الرواية مبكرا كما صوره القرآن الكريم
…
ولم تبق شخصية الرسول على وجه التقريب لما صورته السير الأولى إلا عند المتمسكين بالحديث فإنهم على شعورهم بعظمته ظلوا ينظرون إليه من خلال ما صح من الأحاديث" «33» .
هذه هي المصنفات المستقلة لجوانب السيرة المتعددة، مع العلم أن هذا الاستعراض لم يكن حاويا كل الجوانب، وذلك لوجود جوانب أخرى من شخصية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أفرد لها مؤرخو السيرة مصنفات عدة، فقسم من هذه المصنفات ضاع مع ما ضاع من تراثنا، وقسم وصل إلينا مخطوطا ولم يطبع بعد،
(31) ينظر، سبل الهدى والرشاد (السيرة الشامية) ، 1/ 3.
(32)
ينظر، المنجد، معجم ما ألف عن رسول الله، ص 187- 190.
(33)
عباس، فن السيرة، ص 17- 18.
ولكن هذا المخطوط من هذا التراث لم نستطع الحصول عليه لعدم توفر الوسائل والامكانات التي تساعدنا على الوصول إليه، وقد كفانا أحد الباحثين مؤونة إحصاء تلك المصنفات، وجوانب سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، إذ أجمل كل واحد منها على حدة، وأدخله في الحقل الذي ينتمي إليه في سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم «34» .
هذه هي المصنفات التي كتبت باستقلالية عن جوانب متعددة من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع ذكر المحاور التي تناولتها، والتي شكلت بمجملها تطور جذريا في كتابة السيرة النبوية، مع الإشارة ضمنا إلى أن هذا التطور الذي اوجدته هذه المصنفات لكتابة السيرة هو تطور أفقي، وذلك لكثرة الجوانب التي تناولتها هذه المصنفات من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم والاقتصار في الحديث عن هذه الجوانب بمصنف واحد أو مصنفين أو أكثر في حالات نادرة، وإن وجد فهو تكرار لما سبق من مصنفات كتبت في الموضوع نفسه، وهذا ما أدى إلى انحسار التطور العمودي الذي ظهر في جوانب قليلة من هذه المصنفات ولا سيما كتب الشمائل والدلائل.
كان هذا التطور في كتابة السيرة النبوية بتخصيص مصنفات مستقلة تتناول جوانب مجتزئة من سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بالإشباع والاستقصاء من أخريات بل خاتمة التطورات التي حصلت في كتابة السيرة النبوية، وذلك لأن المصنفات التي كتبت بعد المدة قيد الدراسة قد انحصر فيها التطور والتجديد واقتصرت على تكرار ما ذكرته المصنفات السابقة، باستثناء ظهور نمط جديد بعد هذا العصر
(34) ينظر، المنجد معجم ما ألف عن رسول الله، ص 37- 40، 44- 45، 236- 237، 292- 293، 198- 200.
تمثل بكتابة السيرة على هيأة أراجيز وشروح لهذه الأراجيز، التي كانت على حد تعبير بعض الباحثين لغايات تعليمية ظهرت في القرون المتأخرة «35» ، وقد أشار السخاوي إلى هذه الأراجيز التي كتبت عن سيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وجوانبها المختلفة «36» .
من هذا كله نرى أن التطور في كتابة السيرة قد أكمل حلقاته في العصر العباسي، أما ما جاء بعد هذا العصر فكان مجرد تكرار لما صنف في السيرة وجوانبها من قبل الأقدمين ليس إلا.
(35) ينظر، روز نثال، علم التاريخ عند المسلمين، ص 240- 255.
(36)
ينظر، الإعلان بالتوبيخ لمن ذم التاريخ، ص 258.