الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سورة الأنعام
وقال الشيخ محمد أيضا رحمه الله تعالى:
وأما قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَاءَ وَتَنْسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ} 1 فيها من المسائل:
الأولى: أمره سبحانه وتعالى بمحاجتهم بهذه الحجة الواضحة للجاهل والبليد، لكن بشرط التفكر والتأمل، فيا سبحان الله ما أقطعها من حجة; وكيف يخالف من أقر بها؟
الثانية: إذا تحققت معنى هذا الكلام مع ذكر الله تعالى له في مواضع من كتابه، عرفت الشرك الأكبر وعبادة الأوثان. وقول بعض أئمة المشركين:"إن الذي يفعل في زماننا شرك لكنه شرك أصغر" في غاية الفساد، فلو نقدر أن في هذا أصغر أو أكبر لكان فعل أهل مكة مع "العزى" وفعل أهل الطائف مع "اللات" وفعل أهل المدينة مع 2
1 سورة الأنعام آية: 40 - 41.
2 العزى واللات ومناة: أصنام من حجارة كان المشركون يعبدونها ويزعمون أنها تشفع لهم عند الله، وقد ورد ذكرها في قوله تعالى:(أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) سورة النجم 19-20.
"مناة" هو الأصغر، وفعل هؤلاء هو الأكبر ولا يستريب في هذا عاقل إلا أن طبع الله على قلبه.
الثالثة: أن إجابة دعاء مثل هؤلاء وكشف الضر عنهم لا يدل على محبته لهم، ولا أن ذلك كرامة; وأنت تفهم لو يجري شيء من هذا في زماننا على يدي بعض الناس ما يظن فيه من أن ما يدعي العلم مع قراءتهم هذا ليلا ونهارا.
الرابعة: معرفة العلم النافع والعلم الذي لا ينفع، فمع معرفتهم أن ما يكشفه إلا الله، ومع معرفتهم بعجز معبوداتهم ونسيانهم إياها ذلك الوقت، يعادون الله هذه المعاداة، ويوالون آلهتهم تلك الموالاة، قال تعالى:{أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ} 1.
وأما قوله تعالى: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ} إلى قوله: {وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} 2 ففيها مسائل:
1 سورة النحل آية: 72.
2 قوله تعالى: (ولقد أرسلنا إلى أمم من قبلك فأخذناهم بالباساء والضراء لعلهم يتضرعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم وزين لهم الشيطان ما كانوا يعملون فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا والحمد لله رب العالمين) سورة الأنعام: الآيتان 42-45.
الأولى: ذكر سنته سبحانه في خلقه.
الثانية: أن ذلك تسليط البأساء وهو القحط والمجاعة، والضراء وهي الأمراض.
الثالثة: أن الله سبحانه أخبرنا بمراده أنه سلط ذلك عليهم ليتوبوا فيحصلون سعادة الدنيا والآخرة، وليس مراده تعذيبهم على عظم جهالتهم وعتوهم كيف لم يتضرعوا لما جاءهم ذلك، يعرفك أن هذا من أعظم الجهالة والعتو.
الرابعة: ذكر السبب الذي منعهم من ذلك مع اقتضاء العقل والطبع له، وهو قسوة القلب، وكون عدوهم زين لهم ما أغضب الله عليهم، فلم يعرفوا قبحها، بل استحسنوها.
الخامسة: أنهم لما فعلوا هذه العظيمة فتحت عليهم أبواب كل الدنيا. فيا لها من مسألة!
السادسة: أنهم استبشروا بعذابهم كما استبشر قوم لوط بمجيء أضيافه.
السابعة: أنه لم يأخذهم حتى وقع الفرح.
الثامنة: أن ذلك الأخذ بغتة.
التاسعة: أنهم بعد ذلك النعمة.
العاشرة: أنه سبحانه المحمود على إنعامه على أوليائه ونصرهم.
وأما قوله تعالى: {قُلْ لا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ} إلى قوله: {وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ} 1 ففيها مسائل:
الأولى: أمر الله سبحانه رسوله أن يخبرهم بأنه بريء ممن ادعى خزائن الله.
الثانية: إخبارهم البراءة ممن ادعى علم الغيب.
الثالثة: إخبارهم بالبراءة من دعوى أنه ملك; وأنت ترى من ينتسب إلى العلم كيف اعتقاده في هذه المسائل المعاكسة.
الرابعة: اقتصاره على ما يوحى إليه، واليوم العلم عند أكثر الناس هو هو.
الخامسة: أن الذي يقتصر على الوحي هو البصير، وضده الأعمى،
1 قوله تعالى: (قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب ولا أقول لكم إني ملك إن أتبع إلا ما يوحى إلي قل هل يستوي الأعمى والبصير أفلا تتفكرون وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع لعلهم يتقون ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء فتطردهم فتكون من الظالمين وكذلك فتنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلاء من الله عليهم من بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءا بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فأنه غفور رحيم وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) سورة الأنعام 50-55.
ومن يدعي العلم بالعكس في هذه المسألة والتي قبلها، ولست أعني العمل بل عقيدة القلب.
السادسة: حثه سبحانه على التفكر الذي هو باب العلم كما حث عليه سبحانه في غير موضع.
السابعة: الإنذار الخاص لهذه الطائفة المنعوتة بهذين الوصفين.
الثامنة: أن من فقدهما لم تنفعه النذارة.
التاسعة: فائدة الإنذار وثمرته، واحتياج هذه الطائفة له.
العاشرة: النهي عن طرد المتصفين بما ذكر.
الحادية عشرة: عظم شأن صلاة العصر والصبح.
الثانية عشرة: عظمة الإخلاص.
الثالثة عشرة: كون الأمر اليسير كثيرا كبيرا مع الإخلاص.
الرابعة عشرة: ذكر القاعدة الكلية المأخوذة منها هذه الجزئية وهي: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} 1.
الخامسة عشرة: أن طردهم يخاف أن يوصل الرجل الصالح إلى درجة الظالمين، ففيه التحذير من إيذاء الصالحين.
السادسة عشرة: حسن النية في ذلك ليس عذرا.
1سورة الأنعام آية: 164، والإسراء 15، وفاطر: 18، والزمر: 7، والنجم:38.
السابعة عشرة: أن منعهم الجلوس مع العظماء في مجلس العلم هو الطرد المذكور.
الثامنة عشرة: ذكر فتنته سبحانه بعض خلقه ببعض.
التاسعة عشرة: ذكر بعض الحكمة في ذلك.
العشرون: أن من ذلك رفعة من لا يظن الناس فيه ذلك.
الحادية والعشرون: أن الدين إن صح فهو المنة العظيمة التي لا تساويها منن الدنيا.
الثانية والعشرون: أن من الفتنة حرمانه سبحانه من لا يظن الناس أنه يحرمه.
الثالثة والعشرون: المسألة العظيمة الكبيرة، وهي الاستدلال بصفات الله على ما أشكل عليك من القدرة، لأنه سبحانه رد عليهم ما وقع في أنفسهم من استبعاد كون الله حرمهم، وخص هؤلاء بالكرامة.
الرابعة والعشرون: جلالة هذه المسألة، وهي مسألة علم الله لأنه سبحانه رد بها على الملائكة لما قالوا:{أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ} 1 الآية، ورد بها على الكفار الجهال في هذه الآية كما ترى.
الخامسة والعشرون: أنه متقرر عند الكفار عبدة الأوثان منكري البعث أن الله سبحانه حكيم يضع الأشياء في مواضعها، والأشعرية يزعمون أنه لا يفعل شيئا لشيء.
1سورة البقرة آية: 30.
وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُون َوَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} - إلى قوله - {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} 1 فيه 2 مسائل تجاوب بها من أشار عليك بشيء تصير به مرتدا.
الأولى: {أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} 3 يعني كيف كيف تدبر عن هذا، وتقبل على هذا؟
الثانية: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} 4 كيف إذا تصور التائه في المَهامِهِ التي تهلك إذا هُدِيَ إلى الطريق ورأى بلده، ينحرف على أثره في المهلكة؟
1قوله تعالى: (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق ويوم يقول كن فيكون قوله الحق وله الملك يوم ينفخ في الصور عالم الغيب والشهادة وهو الحكيم الخبير) سورة الأنعام: 70- 73.
2 في المخطوطة 516-86 "ففيه أربعة عشر جوابا لمن أشار عليك بموافقة السواد الأعظم على الباطل لما فيه مصالح الدنيا والهرب من مضارها، ولكن ينبغي أن تعرف أولا أن الكلام مأمور به مؤمن فقيه". وفيها أيضا بعض الاختلاف في هذه الأجوبة. وسنوردها بعد الانتهاء مما ورد في المخطوطة الأخرى.
3سورة الأنعام آية: 71.
4سورة الأنعام آية: 71.
الثالثة: مشابهة من استجاب إلى الغيلان إذا دعته مع علمه بأنها ستهلكه.
الرابعة: إذا زعم الداعي أنه ناصح مرشد للهدى مع علمك أنه مضاد لهدى الله قولك: {إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} 1
الخامسة: إجابتك إياه أني مأمور بالإسلام لرب العالمين، كيف أوافقك على التبرؤ من ذلك؟
السادسة: أني مأمور بإقام الصلاة، ولا يمكنني إقامتها فيما تدعوني إليه.
السابعة: أني مأمور بمخافة الله واتقائه، وأنت تدعوني إلى ترك ذلك.
الثامنة: أنك تأمرني بمقاطعة ومعاداة من ليس لي عنه ملاذ.
التاسعة: أن المسألة التي تدعوني إلى تركها هي التي لأجل فعلها خلقت السموات والأرض.
العاشرة: أن الذي تدعوني إلى التهاون بأمره والاستهزاء به لا بد من يوم يقول له فيه: كن فيكون، مع عظم شأن ذلك اليوم.
الحادية عشرة: أن {قَوْلُهُ الْحَقُّ} لا خلاف فيه، وقد قال فيما تأمرني به من الوعيد ما قال، وفيما تنهاني عنه من الوعد ما قال.
الثانية عشرة: إن الملك كله له يوم ينفخ في الصور، فكيف تؤثر عليه مالا أو حالا أو جاها أو غير ذلك.
الثالثة عشرة: أنه عالم السر وأخفى، فكيف لي بفعل ما تأمرني به وهو لا يخفى عليه.
1 سورة البقرة آية: 120.
الرابعة عشرة: أنه الحكيم الخبير، فلا يتصور أنه يشتبه عليه من يعصيه بمن يطيعه، ولا يتصور أنه يجعل من أطاعه كمن عصاه، لأنه الحكيم الخبير يضع الأشياء في مواضعها، والله أعلم.
ونقل 1 عنه أيضا: وأما قوله تعالى: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} - إلى قوله- {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} 2 ففيه أربعة عشر جوابا لمن أشار عليك بموافقة السواد الأعظم على الباطل، لما فيه من مصالح الدنيا والهرب من مضارها، ولكن ينبغي أن تعرف أولا أن الكلام مأمور به مؤمن فقيه.
فالأول: أن تجيبه بقوله: {قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا} 3، وهذا تصوره كاف في فساده.
الثاني: {وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ} 4، وهذا أيضا كذلك.
الثالث: هذا المثل الذي هو أبلغ ما يرغبك في الثبات، ويبغض إليك موافقته.
الرابع: قولك له: إذا زعم أن الهدى في موافقة فلان وفلان بدليل الأكثر فتجيبه بقولك: {قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى} 5.
الخامس: أن تجيبه بقوله: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} 6، فإذا أمرتني بالإسلام لفلان فالله أمرني بما لا أحسن منه.
السادس: أن تقول: "وأمرنا بإقامة الصلوات"، وهذه خصلة مسلمة لا جدال فيها، ولا يقيمها إلا الذي أمرتني بتركهم، والذين أمرتني بموافقتهم لا يقيمونها.
1 هذا نص ما ورد في المخطوطة 516-. 86 وما ورد في صلب التفسير قبل ذلك في تفسير هذه الآيات هو ما جاء في المخطوطة س.
2سورة الأنعام آية: 70- 73.
3سورة الأنعام آية: 71.
4سورة الأنعام آية: 71.
5سورة البقرة آية: 120.
6سورة الأنعام آية: 71.
السابع: أنا مأمورون بتقوى الله، وأنت تأمرني بتقوى الناس.
الثامن: أن هذا الذي أمرتني بترك أمره {وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ} 1 كما قالوا لفرعون لما دعاهم إلى ذلك: {إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقلِبُونَ} 2.
التاسع: أنه {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ} 3، وهذا مقتضى ما نهيتني عنه، والذي أمرتنى به يقتضي أنه خلقها باطلا.
العاشر: أن هذا الذي تأمرني بترك أمره حشر هذا الخلق العظيم ما دونه إلا قوله: {كُنْ فَيَكُونُ} .
الحادي عشر: أن هذا الذي أمرتني بترك أمره {قَوْلُهُ الْحَقُّ} ، وقد قال ما لا يخفى عليك; ووعد عليه بالخلود في النعيم، ونهى عما أمرتني به، وتوعد عليه بالخلود في الجحيم، وهو لا يقول إلا الحق؛ فكيف مع هذا أطيعك؟
الثاني عشر: أن {وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ} ، فإذا أقررت بذلك اليوم وأن عذابه ونعيمه دائمان، فما ترجوه من الشفاعات كلها باطلة ذلك اليوم. وقد بين تعالى معنى ملكه لذلك اليوم في آخر 4 الانفطار.
الثالث عشر: أنه {عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ} فلا يمكن التلبيس عليه، بخلاف المخلوق ولو أنه نبي.
الرابع عشر: أنه {وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ} فلا يجعل من اتبع أمره ولو فارق الناس، كمن ضيع أمره موافقة للناس، حاشاه من ذلك، ولهذا يقول الموحدون
1سورة الأنعام آية: 72.
2سورة الأعراف آية: 125.
3سورة الأنعام آية: 73.
4 قوله تعالى: ((يوم لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله)) .
يوم القيامة: قد ذهب الناس فارقناهم في الدنيا أحوج ما كنا إليهم. والله أعلم.
وقال الشيخ محمد رحمه الله ومن قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ} إلى قوله- {إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ} 1.
1 قوله تعالى: (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم ووهبنا له إسحاق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسألكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين) الأنعام: 74-90.
الأولى: قوله: {أَتَتَّخِذُ أَصْنَاماً آلِهَةً} 1: السؤال عن معنى الآلهة فإنها جمع إله، وهو أعلى الغايات عند المسلم والكافر، فكيف يتخذ جمادا؟ وهذا أعجب وأبعد عن العقل من جعل الحمار قاضيا، لأن الحيوان أكمل من الجماد؛ فإذ كان هذا من خشب أو حجر لم يعص الله، فكيف بمن اتخذ فاسقا إلها مثل نمرود وفرعون، فإن كان اتخذه بعد موته فأعجب وأعجب.
الثانية: القدح في حجتهم، لأن السواد الأعظم ليس لهم حجة إلا هي، فيدل على الرسوخ في مخالفتهم بالأدلة اليقينية لقوله:{إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} 2.
الثالثة: قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} 3 فإن ذلك من أعظم الأدلة على المسألة ببديهة العقل، لأن من رأى نخلا كثيرا لا يتخالجه شك أن المدبر له ليس نخلة واحدة منه. فكيف بملكوت السموات والأرض؟
الرابعة: أن هذا النفي إنما نفي لأجل الإثبات.
الخامسة: {وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ} 4 فلم يكمل غيره حتى كمل.
السادسة: عظم مرتبة اليقين عند الله لجعله التعليم علة لإيصاله إليه.
السابعة: براءته من شركهم نفى أولا كونها لا تستحق، ونفى ثانيا عن نفسه الالتفات إليها.
الثامنة: نفي النقائص عن ربه.
1سورة الأنعام آية: 74. التفسير هنا أخذ على وجه الخصوص من المخطوطة رقم 516- 86 لأن في المخطوطة س بعض الخطأ في الكتابة في هذا الموضع.
2سورة الأنعام آية: 74.
3سورة الأنعام آية: 75.
4سورة الأنعام آية: 75.
التاسعة: ذكر توجهه الذي هو العمل.
العاشرة: ذكر الدليل الذي دله على النفي والإثبات.
الحادية عشرة: تحقيقه ذلك بكونه حنيفا، وهذه المسألة التي قال الله في ضدها:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ} 1.
الثانية عشرة: تصريحه لهم بما ذكر، ولم يدار مع كثرتهم ووحدته.
الثالثة عشرة: تصريحه بالبراءة منهم بقوله: {وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ} 2.
الرابعة عشرة: قوله: {وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ} 3 ولم يذكر حجتهم، لأن كلامه كاف عن كل ما يقولونه.
الخامسة عشرة: أنهم لما خصموا رجعوا إلى التخويف كفعل أمثالهم، فذكر أنه لا يخاف إلا الله، لتفرده بالضر والنفع بخلاف آلهتهم فذكر النفي والإثبات.
السادسة عشرة: سعة العلم وما قبله سعة القدرة; وهاتان هما اللتان خلق العالم العلوي والسفلي لأجل معرفتنا لهما.
السابعة عشرة: أن من ادعى معرفتهما وأشكل عليه التوحيد فعجب، ولذلك قال:{أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ} 4.
الثامنة عشرة: قوله: {وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ} 5 إلى آخره يدل على أنها حجة عقلية تعرفها عقولهم.
1 سورة يوسف آية: 106.
2سورة الأنعام آية: 79.
3سورة الأنعام آية: 80.
4سورة الأنعام آية: 80.
5سورة اية: 81.
التاسعة عشرة: قوله: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} 1 يدل على أن من أشكلت عليه هذه الحجة فليس له علم.
العشرون: البشارة العظيمة، والخوف الكثير في فصل الله هذه الخصومة، إذا عرف ما جرى للصحابة، وما فسرها لهم به النبي صلى الله عليه وسلم:
الحادية والعشرون: تعظيمه سبحانه هذه الحجة بإضافتها إلى نفسه، وأنه الذي أعطاها إبراهيم عليه السلام عليهم.
الثانية والعشرون: أن العلم بدلائل التوحيد وبطلان الشبه فيه يرفع الله به المؤمن درجات.
الثالثة والعشرون: معرفة أن الرب تبارك وتعالى حكيم يضع الأشياء في مواضعها.
الرابعة والعشرون: كونه عليماً بمن هو أهل لها كما قال تعالى: {وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا} 2.
الخامسة والعشرون: ذكر نعمته على إبراهيم بذريته التي أنعم عليهم بالهداية.
السادسة والعشرون: أن العلم والهداية أفضل النعم لقوله: {وَنُوحاً هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ} 3.
السابعة والعشرون: هداية المذكورين أصولهم وفروعهم ومن في درجتهم.
1سورة اية: 81.
2سورة الفتح آية: 26.
3سورة الأنعام آية: 84.
الثامنة والعشرون: ذكره الذي هداهم الله إليه. وهو الصراط المستقيم، وهو المقصود من القصة.
التاسعة والعشرون: التنبيه على الاستقامة.
الثلاثون: القاعدة الكلية أن هذا الطريق هو هدى الله يهدي به من يشاء من عباده، ليس للجنة طريق إلا هو.
الحادية والثلاثون: التنبيه على أن الهداية إليه بمشيئته ليظهر العجب وتشكر النعمة.
الثانية والثلاثون: العظيمة التي لم يعرفها أكثر من يدعي الدين، وهي مسألة تكفير من أشرك وحبوط عمله; ولو كان من أعبد الناس وأزهدهم.
الثالثة والثلاثون: ذكره أنه أعطاهم ثلاثة أشياء: الكتاب، والحكم، والنبوة، فلا يرغب عن طريقهم إلا من سفه نفسه.
الرابعة والثلاثون: ما في قوله: {فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاءِ} 1 إلى آخره من العبر والتحريض على الحرص على طلب العلم من طريقهم، وما فيه من النفور من الجهل وتقسيمه.
الخامسة والثلاثون: قوله: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ} 2 أن دينهم واحد، وأن شرعهم شرع لنا.
السادسة والثلاثون: النهي عن البدع، فإن في التحريض عليه نهي عن ضده.
1سورة الأنعام آية: 89.
2سورة الأنعام آية: 90.
السابعة والثلاثون: كون النذير البشير مع مقاساة الشدائد في ذلك لم يطلب منا أجرا عليه.
الثامنة والثلاثون: كونه ذكرى، ففيه الرد على من يقرأ بلا تدبر.
التاسعة والثلاثون: قوله: {لِلْعَالَمِينَ} فيه تكذيب من قال: لا يعرفه إلا المجتهد.
الأربعون: الحصر فيما ذكر. والله سبحانه أعلم.