الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِبَاحَةَ ذَلِكَ. وَلَكِنْ فِي الْأَسَانِيدِ ضَعْفٌ شَدِيدٌ، وَقَدِ اسْتَقْصَاهَا شَيْخُنَا الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ فِي جُزْءٍ جَمَعَهُ فِي ذَلِكَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: حَكَى لَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ أَنَّهُ سَمِعَ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ: مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي تَحْلِيلِهِ وَلَا تَحْرِيمِهِ شَيْءٌ. وَالْقِيَاسُ أَنَّهُ حَلَالٌ. وَقَدْ رَوَى ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الصَّيْرَفِيِّ، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ الْأَصَمِّ، سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ، سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ يَقُولُ
…
فَذَكَرَ. قَالَ أَبُو نَصْرٍ الصَّبَّاغُ: كَانَ الرَّبِيعُ يَحْلِفُ بِالْلَّهِ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ: لَقَدْ كَذَبَ -يَعْنِي ابْنَ عَبْدِ الْحَكَمِ -عَلَى الشَّافِعِيِّ فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الشَّافِعِيَّ نَصَّ عَلَى تَحْرِيمِهِ فِي سِتَّةِ (1) كُتُبٍ مِنْ كُتُبِهِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ: وَمِمَّنْ يُنْسَبُ إِلَيْهِ هَذَا الْقَوْلُ -وَهُوَ إِبَاحَةُ وَطْءِ المرأة في دبرها -سعيد ابن الْمُسَيِّبِ وَنَافِعٌ وَابْنُ عُمَرَ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ الْمَاجِشُونِ. وَهَذَا الْقَوْلُ فِي الْعُتْبِيَّةِ. وَحَكَى ذَلِكَ عَنْ مَالِكٍ فِي كِتَابٍ لَهُ أَسْمَاهُ كِتَابُ السِّرِّ، وَحُذَّاقُ أَصْحَابِ مَالِكٍ وَمَشَايِخُهُمْ يُنْكِرُونَ ذَلِكَ الْكِتَابَ، وَمَالِكٌ أَجَلُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَهُ كِتَابُ السِّرِّ وَوَقَعَ هَذَا الْقَوْلُ فِي الْعُتْبِيَّةِ، وَذَكَرَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ أَنَّ ابْنَ شَعْبَانَ أَسْنَدَ هَذَا الْقَوْلَ إِلَى زُمْرَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَإِلَى مَالِكٍ مِنْ رِوَايَةٍ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِ جِمَاعِ النِّسْوَانِ وَأَحْكَامِ الْقُرْآنِ هَذَا لَفْظُهُ قَالَ: وَحَكَى الْكَيَا الْهَرَّاسِيُّ الطَّبَرِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ* وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ} الشُّعَرَاءِ: [165، 166] .
يَعْنِي مِثْلَهُ مِنَ الْمُبَاحِ ثُمَّ رَدَّهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِذَلِكَ مِنْ خَلْقِ اللَّهِ لَهُمْ مِنْ فُرُوجِ النِّسَاءِ لَا أَدْبَارِهِنَّ قُلْتُ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ وَمَا قَالَهُ الْقُرَظِيُّ إِنْ كَانَ صَحِيحًا إِلَيْهِ فَخَطَأٌ. وَقَدْ صَنَّفَ النَّاسُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُصَنَّفَاتٍ مِنْهُمْ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وسمى كتابه إطهار إِدْبَارِ مَنْ أَجَازَ الْوَطْءَ فِي الْأَدْبَارِ.
وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ} أَيْ: مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، مَعَ امْتِثَالِ مَا نَهَاكُمْ عَنْهُ مِنْ تَرْكِ الْمُحَرَّمَاتِ؛ وَلِهَذَا قَالَ:{وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ} أَيْ: فَيُحَاسِبُكُمْ عَلَى أَعْمَالِكُمْ جَمِيعًا.
{وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} أَيِ: الْمُطِيعِينَ لِلَّهِ فِيمَا أَمَرَهُمْ، التَّارِكِينَ مَا عَنْهُ (2) زَجَرَهُمْ.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ وَاقِدٍ، عَنْ عَطَاءٍ -قَالَ: أَرَاهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ -: {وَقَدِّمُوا لأنْفُسِكُمْ} قَالَ: يَقُولُ: " بِاسْمِ اللَّهِ"، التَّسْمِيَةُ عِنْدَ الْجِمَاعِ.
وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ قَالَ: بِاسْمِ اللَّهِ، اللَّهُمَّ جَنِّبنا الشَّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقَتْنَا، فَإِنَّهُ إِنْ يُقَدَّرْ بَيْنَهُمَا وَلَدٌ فِي ذَلِكَ لَمْ يَضُرَّهُ الشَّيْطَانُ أَبَدًا"(3) .
{وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لأيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(224) }
(1) في جـ: "في ست".
(2)
في أ: "ما عنهم".
(3)
صحيح البخاري برقم (141) .
{لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ
(225) }