المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مُسَارَقَةً. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ١

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة التحقيق

- ‌ترجمة الحافظ ابن كثير

- ‌كتاب تفسير القرآن العظيم

- ‌مُقَدِّمَةُ ابْنِ كَثِيرٍ

- ‌ الْفَاتِحَةُ

- ‌(1)

- ‌(2)

- ‌5]

- ‌(6)

- ‌(7) }

- ‌(1)

- ‌ الْبَقَرَةِ

- ‌(2) }

- ‌(3) }

- ‌(4) }

- ‌5]

- ‌(6) }

- ‌(7) }

- ‌(8)

- ‌(10) }

- ‌(11)

- ‌(13) }

- ‌(14)

- ‌(16) }

- ‌(17)

- ‌(19)

- ‌(21)

- ‌(23)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30) }

- ‌(31)

- ‌(34) }

- ‌(35) }

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(42)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(47) }

- ‌(48) }

- ‌(49)

- ‌(51)

- ‌(57) }

- ‌(58)

- ‌(60) }

- ‌(62) }

- ‌(63)

- ‌(65)

- ‌(67) }

- ‌(68)

- ‌(70) }

- ‌(72)

- ‌(74) }

- ‌(75)

- ‌(77) }

- ‌(78)

- ‌(80) }

- ‌(81)

- ‌(83) }

- ‌(84)

- ‌(87) }

- ‌(88) }

- ‌(89) }

- ‌(90) }

- ‌(91)

- ‌(93) }

- ‌(94)

- ‌(97)

- ‌(99)

- ‌(102)

- ‌(104)

- ‌(106)

- ‌(108) }

- ‌(109)

- ‌(111)

- ‌(113) }

- ‌(114) }

- ‌(115) }

- ‌(116)

- ‌(118) }

- ‌(119) }

- ‌(120)

- ‌(122)

- ‌(124) }

- ‌(125) }

- ‌(127)

- ‌(129) }

- ‌(130)

- ‌(133)

- ‌(135) }

- ‌(137)

- ‌(139)

- ‌(142)

- ‌(144) }

- ‌(145) }

- ‌(146)

- ‌(149)

- ‌(151)

- ‌(153) }

- ‌(154) }

- ‌(155)

- ‌(158) }

- ‌(159)

- ‌(163) }

- ‌(164) }

- ‌(165)

- ‌(168)

- ‌(170)

- ‌(174)

- ‌(177) }

- ‌(178)

- ‌(180)

- ‌(182) }

- ‌(183)

- ‌(185) }

- ‌(186) }

- ‌(187) }

- ‌(188) }

- ‌(190)

- ‌(194) }

- ‌(195) }

- ‌(196) }

- ‌(197) }

- ‌(198) }

- ‌(199) }

- ‌(200)

- ‌(203) }

- ‌(204)

- ‌(208)

- ‌(210) }

- ‌(211)

- ‌(213) }

- ‌(214) }

- ‌(215) }

- ‌(216) }

- ‌(217)

- ‌(219) }

- ‌(220) }

- ‌(221) }

- ‌(222)

- ‌(224) }

- ‌(225) }

- ‌(226)

- ‌(228) }

- ‌(229)

- ‌(231) }

- ‌(232) }

- ‌(233) }

- ‌(234) }

- ‌(235) }

- ‌(236) }

- ‌(237) }

- ‌(238)

- ‌(240)

- ‌(243)

- ‌(246) }

- ‌(247) }

- ‌(249) }

- ‌(250)

- ‌(253) }

- ‌(254) }

- ‌(255) }

- ‌(256) }

- ‌(257) }

- ‌(258) }

- ‌(259) }

- ‌(260) }

- ‌(261) }

- ‌(262)

- ‌(265) }

- ‌(266) }

- ‌(267)

- ‌(270)

- ‌(272)

- ‌(275) }

- ‌(276)

- ‌(278)

- ‌(282) }

- ‌(283) }

- ‌(284) }

- ‌(285)

الفصل: وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مُسَارَقَةً. قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي

وَقَالَ قَتَادَةُ: لَا يَدْخُلُونَ الْمَسَاجِدَ إِلَّا مُسَارَقَةً.

قُلْتُ: وَهَذَا لَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا في معنى عموم الآية فإن النصارى ما ظَلَمُوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ، بِامْتِهَانِ الصَّخْرَةِ التِي كَانَتْ يُصَلِّي (1) إِلَيْهَا الْيَهُودُ، عُوقِبُوا شَرْعًا وقَدَرا بِالذِّلَّةِ فِيهِ، إِلَّا فِي أَحْيَانٍ مِنَ الدَّهْرِ امْتُحِنَ (2) بِهِمْ بَيْتُ الْمَقْدِسِ وَكَذَلِكَ اليهودُ لَمَّا عَصَوا اللَّهَ فِيهِ أَيْضًا أَعْظَمَ مِنْ عِصْيَانِ النَّصَارَى كَانَتْ عُقُوبَتُهُمْ أَعْظَمَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفَسَّرَ هَؤُلَاءِ الْخِزْيَ مِنَ الدُّنْيَا، بِخُرُوجِ الْمُهْدِيِّ عِنْدَ السُّدِّيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَوَائِلِ بْنِ دَاوُدَ. وَفَسَّرَهُ قَتَادَةُ بِأَدَاءِ الْجِزْيَةِ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ.

وَالصَّحِيحُ أَنَّ الْخِزْيَ فِي الدُّنْيَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَقَدْ وَرَدَ الْحَدِيثُ بِالِاسْتِعَاذَةِ مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَيُّوبَ بْنِ مَيْسَرَةَ بْنِ حَلبس (3) سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ بُسْر (4) بْنِ أَرْطَاةَ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو: "اللَّهُمَّ أَحْسِنْ عَاقِبَتَنَا فِي الْأُمُورِ كُلِّهَا، وَأَجِرْنَا مِنْ خِزْيِ الدُّنْيَا وَعَذَابِ الْآخِرَةِ"(5) .

وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْكُتُبِ السِّتَّةِ، وَلَيْسَ لِصَحَابِيِّهِ وَهُوَ بُسْرُ (6) بْنُ أَرْطَاةَ -وَيُقَالُ: ابْنُ أَبِي أَرْطَاةَ-حَدِيثٌ سِوَاهُ، وَسِوَى [حَدِيثِ](7)"لَا تُقْطَعُ الْأَيْدِي فِي الْغَزْوِ".

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ‌

(115) }

وَهَذَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-فِيهِ تَسْلِيَةٌ لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ

الَّذِينَ أُخْرِجُوا (8) مِنْ مَكَّةَ وَفَارَقُوا مَسْجِدَهُمْ ومُصَلاهم، وَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي بمكةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ والكعبةُ بَيْنَ يَدَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وُجه إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، ثُمَّ صَرَفَهُ اللَّهُ إِلَى الْكَعْبَةِ بعدُ، وَلِهَذَا يَقُولُ (9) تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ، فِي كِتَابِ النَّاسِخِ وَالْمَنْسُوخِ: أَخْبَرَنَا حَجَّاجُ بْنُ مُحَمَّدٍ، أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ وَعُثْمَانُ بْنُ عَطَاءٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: أَوَّلُ مَا نُسِخَ مِنَ الْقُرْآنِ فِيمَا ذُكِرَ لَنَا -وَاللَّهُ أَعْلَمُ-شأنُ الْقِبْلَةِ: قَالَ (10) تَعَالَى: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} فاستقبل

(1) في جـ، ب، و:"كانت تصلى"، وفي أ:"كانت تصل".

(2)

في أ: "سخر".

(3)

في جـ، ط، ب:"بن حابس".

(4)

في أ: "عن بشر".

(5)

المسند (4/181) .

(6)

في أ: "وهو بشر".

(7)

زيادة من جـ، ط، ب، أ، و.

(8)

في أ: "الذين خرجوا".

(9)

في جـ: "يقول الله".

(10)

في جـ، ب، و:"قال الله".

ص: 390

رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَتَرَكَ الْبَيْتَ الْعَتِيقَ، ثُمَّ صَرَفَهُ إِلَى بَيْتِهِ (1) الْعَتِيقِ وَنَسَخَهَا، فَقَالَ:{وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} (2) .

وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عباس قال: كان أول ما نسخ من القرآن القبلة. وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ -وَكَانَ أهلُها اليهودَ-أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ. فَفَرِحَتِ الْيَهُودُ فَاسْتَقْبَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِضْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُحِبُّ قِبْلَةَ إِبْرَاهِيمَ، فَكَانَ يَدْعُو وَيَنْظُرُ إِلَى السَّمَاءِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ [فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا] } (3) إِلَى قَوْلِهِ: {فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ} فَارْتَابَ مِنْ ذَلِكَ الْيَهُودُ، وَقَالُوا: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيْهَا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ [يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ] } (4) وَقَالَ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} قَالَ: قِبْلَةُ اللَّهِ أَيْنَمَا تَوَجَّهْتَ شَرْقًا أَوْ غَرْبًا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} [قَالَ: قِبْلَةُ اللَّهِ](5) حَيْثُمَا كُنْتُمْ فَلَكُمْ قِبْلَةٌ تَسْتَقْبِلُونَهَا: الْكَعْبَةُ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ بَعْدَ رِوَايَتِهِ الْأَثَرَ الْمُتَقَدِّمَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي نَسْخِ الْقِبْلَةِ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْهُ: وَرُوِيَ عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، وَالْحَسَنِ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ، وَعِكْرِمَةَ، وَقَتَادَةَ، وَالسُّدِّيِّ، وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، نَحْوَ ذَلِكَ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ قَبْلَ أَنْ يَفْرِضَ التَّوَجُّهَ إِلَى الْكَعْبَةِ، وَإِنَّمَا أَنْزَلَهَا (6) تَعَالَى لِيُعْلِمَ نَبِيَّهُ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابَهُ أَنَّ لَهُمُ التَّوَجُّهَ بِوُجُوهِهِمْ للصلاة، حيث شاؤوا مِنْ نَوَاحِي الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يُوَجِّهُونَ وُجُوهَهُمْ وَجْهًا مِنْ ذَلِكَ وَنَاحِيَةً إِلَّا كَانَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِي ذَلِكَ الْوَجْهِ (7) وَتِلْكَ النَّاحِيَةِ؛ لِأَنَّ لَهُ تَعَالَى الْمَشَارِقَ وَالْمَغَارِبَ، وَأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَلا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} [الْمُجَادَلَةِ: 7] قَالُوا: ثُمَّ نَسَخَ ذَلِكَ بِالْفَرْضِ الذِي فَرَضَ عَلَيْهِمُ التوجُّهَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.

هَكَذَا قَالَ، وَفِي قَوْلِهِ:"وَإِنَّهُ تَعَالَى لَا يَخْلُو مِنْهُ مَكَانٌ": إِنْ أَرَادَ عِلْمَهُ تَعَالَى فَصَحِيحٌ؛ فَإِنَّ عِلْمَهُ تَعَالَى مُحِيطٌ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ، وَأَمَّا ذَاتُهُ تَعَالَى فَلَا تَكُونُ مَحْصُورَةً فِي شَيْءٍ مِنْ خَلْقِهِ، تَعَالَى الله

(1) في جـ، أ، و:"البيت".

(2)

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي تَفْسِيرِهِ (1/346) مِنْ طريق حجاج بن محمد به، ورواه الحاكم في المستدرك (2/267) من طريق ابن جريج عن عطاء بِهِ وَقَالَ:"هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يخرجاه بهذا السياق".

(3)

زيادة من جـ.

(4)

زيادة من جـ، ط.

(5)

زيادة من جـ.

(6)

في جـ: "أنزلها الله".

(7)

في أ: "التوجيه".

ص: 391

عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذْنًا مِنَ اللَّهِ أَنْ يُصَلِّيَ التَّطَوُّعَ حَيْثُ تَوَجَّهَ مِنْ شَرْقٍ أَوْ غَرْبٍ، فِي مَسِيرِهِ فِي سَفَرِهِ، وَفِي حَالِ الْمُسَايَفَةِ وَشَدَّةِ الْخَوْفِ.

حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْب، حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، حَدَّثَنَا عبد الملك -هو ابن أبي سليمان-عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي حَيْثُ تَوَجَّهَتْ بِهِ رَاحِلَتُهُ. وَيَذْكُرُ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ، وَيَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مَرْدُوَيه، مِنْ طُرُقٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، بِهِ (1) . وَأَصْلُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَعَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْآيَةِ.

وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: أَنَّهُ كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ صَلَاةِ الْخَوْفِ وَصَفَهَا. ثُمَّ قَالَ: فَإِنْ كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ، وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبَلِي الْقِبْلَةَ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا.

قَالَ نَافِعٌ: وَلَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (2) .

مَسْأَلَةٌ: وَلَمْ يُفَرِّقِ الشَّافِعِيُّ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، بَيْنَ سَفَرِ الْمَسَافَةِ وَسَفَرِ الْعَدْوَى، فَالْجَمِيعُ عَنْهُ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ فِيهِ عَلَى الرَّاحِلَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ خِلَافًا لِمَالِكٍ وَجَمَاعَتِهِ، وَاخْتَارَ أَبُو يُوسُفَ وَأَبُو سَعِيدٍ الْإِصْطَخْرِيُّ، التَّطَوُّعَ عَلَى الدَّابَّةِ فِي الْمِصْرِ، وَحَكَاهُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، وَاخْتَارَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّبَرِيُّ، حَتَّى لِلْمَاشِي أَيْضًا.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي قَوْمٍ عُمِّيتْ عَلَيْهِمُ الْقِبْلَةُ، فَلَمْ يَعْرِفُوا شَطرها، فَصَلَّوْا عَلَى أَنْحَاءَ مُخْتَلِفَةٍ، فَقَالَ اللَّهُ (3) لِيَ الْمَشَارِقُ وَالْمَغَارِبُ فَأَيْنَ وَلَّيْتُمْ وُجُوهَكُمْ فَهُنَالِكَ وَجْهِي، وَهُوَ قِبْلَتُكُمْ فَيُعْلِمُكُمْ بِذَلِكَ أَنَّ صَلَاتَكُمْ مَاضِيَةٌ.

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْأَهْوَازِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الزُّبَيْرِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو الرَّبِيعِ السَّمَّانُ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي لَيْلَةٍ سَوْدَاءَ مُظْلِمَةٍ، فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا فَجَعَلَ الرَّجل يأخذُ الأحجارَ فَيَعْمَلُ مَسْجِدًا يُصَلِّي فِيهِ. فَلَمَّا [أَنْ] (4) أَصْبَحْنَا إِذَا نَحْنُ قَدْ صَلَّيْنَا عَلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَقَدْ صَلَّيْنَا لَيْلَتَنَا هَذِهِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} الآية.

(1) تفسير الطبري (2/530) وصحيح مسلم برقم (700) وسنن الترمذي برقم (2958) وسنن النسائي (1/244) وتفسير ابن أبي حاتم (1/344) .

(2)

صحيح البخاري برقم (4535) .

(3)

في أ: "فقال الله لهم".

(4)

زيادة من ط.

ص: 392

ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ وَكِيع، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ، بِنَحْوِهِ (1) .

وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ غَيْلَانَ، عَنْ وَكِيع. وَابْنِ مَاجَهْ، عَنْ يَحْيَى بْنِ حَكِيمٍ، عَنْ أَبِي دَاوُدَ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ (2) .

وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الصَّبَّاحِ، عَنْ سَعِيدِ (3) بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الرَّبِيعِ السَّمَّانِ (4) -وَاسْمُهُ أَشْعَثُ بْنُ سَعِيدٍ الْبَصْرِيُّ-وَهُوَ ضَعِيفُ الْحَدِيثِ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ. لَيْسَ إِسْنَادُهُ بِذَاكَ، وَلَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَشْعَثَ السَّمَّانِ، وَأَشْعَثُ يُضَعَّف فِي الْحَدِيثِ.

قُلْتُ: وَشَيْخُهُ عَاصِمٌ أَيْضًا ضَعِيفٌ (5) .

قَالَ الْبُخَارِيُّ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ. وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: ضَعِيفٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: مَتْرُوكٌ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى، عَنْ جَابِرٍ.

وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويه فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَبِيبٍ، حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ (6) بْنِ الْحَسَنِ، قَالَ: وَجَدْتُ فِي كِتَابِ أَبِي: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ الْعَرْزَمِيُّ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: بَعَث رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَرِيَّة كُنْتُ فِيهَا، فَأَصَابَتْنَا ظُلْمَةٌ فَلَمْ نَعْرِفِ الْقِبْلَةَ، فَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنَّا: قَدْ عَرَفْنَا الْقِبْلَةَ، هِيَ هَاهُنَا قِبَلَ السِّمَاكِ (7) . فصلُّوا وخطُّوا خُطُوطًا، فَلَمَّا أَصْبَحُوا وَطَلَعَتِ الشَّمْسُ أَصْبَحَتْ تِلْكَ الْخُطُوطُ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. فَلَمَّا قَفَلْنَا مِنْ سَفَرِنَا (8) سَأَلْنَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَسَكَتَ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ العَرْزَمي، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، بِهِ (9) .

وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: قُرِئَ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ -وَأَنَا أَسْمَعُ-حَدَّثَكُمْ دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ (10) الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرٍ، قال: كنا مع رسول الله

(1) تفسير الطبري (2/ 531، 532) .

(2)

سنن الترمذي برقم (345) وسنن ابن ماجة برقم (1020) .

(3)

في و: "عن سعد".

(4)

تفسير ابن أبي حاتم (1/344) .

(5)

في أ: "ضعيف الحديث".

(6)

في هـ: "عبد الله".

(7)

في جـ، ط، ب، أ، و:"قبل الشمال".

(8)

في أ: "سيرنا".

(9)

ورواه الدارقطني في السنن (1/271) من طريق إسماعيل بن علي عن الحسن بن علي بن شبيب به، ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/12) من طريق محمد بن الحارث عن أحمد بن عبيد الله قال: وجدت في كتاب أبي فذكر مثله، ورواه أيضا (2/10) من طريق مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ عَنْ عطاء به.

(10)

في جـ: "بن زيد".

ص: 393

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَسِيرٍ فَأَصَابَنَا غَيْمٌ، فَتَحَيَّرْنَا فَاخْتَلَفْنَا فِي الْقِبْلَةِ، فَصَلَّى كُلٌّ (1) مِنَّا عَلَى حِدَةِ، وَجَعَلَ أَحَدُنَا يَخُطُّ بَيْنَ يَدَيْهِ لَنَعْلَمَ أَمْكِنَتَنَا، فَذَكَرْنَا ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يَأْمُرْنَا بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَ:"قَدْ أَجَزَّأَتْ صَلَاتُكُمْ".

ثُمَّ قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ: كَذَا قَالَ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَالِمٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْعَرْزَمِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ، وَهُمَا ضَعِيفَانِ (2) .

ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدُويه أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ الْكَلْبِيِّ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ سرِيَّة فَأَخَذَتْهُمْ ضَبَابَةٌ، فَلَمْ يَهْتَدُوا إِلَى الْقِبْلَةِ، فَصَلَّوْا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ. ثُمَّ اسْتَبَانَ لَهُمْ بَعْدَ طُلُوعِ (3) الشَّمْسِ أَنَّهُمْ صلوا لغير القبلة. فلما جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حدَّثُوه، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عز وجل، هَذِهِ الْآيَةَ:{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

وَهَذِهِ الْأَسَانِيدُ فِيهَا ضَعْفٌ، وَلَعَلَّهُ يَشُدُّ بَعْضُهَا بَعْضًا. وَأَمَّا إِعَادَةُ الصَّلَاةِ لِمَنْ تَبَيَّنَ لَهُ خَطَؤُهُ فَفِيهَا قَوْلَانِ لِلْعُلَمَاءِ، وَهَذِهِ دَلَائِلُ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي سَبَبِ النَّجَاشِيِّ، كَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُعَاذٍ (4) حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ قَتَادَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنْ أَخًا لَكُمْ قَدْ مَاتَ فَصَلُّوا عَلَيْهِ". قَالُوا: نُصَلِّي عَلَى رَجُلٍ لَيْسَ بِمُسْلِمٍ؟ قَالَ: فَنَزَلَتْ: {وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزلَ إِلَيْكُمْ وَمَا أُنزلَ إِلَيْهِمْ خَاشِعِينَ لِلَّهِ} [آلِ عِمْرَانَ: 199] قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالُوا: فَإِنَّهُ كَانَ لَا يُصَلِّي إِلَى الْقِبْلَةِ. فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} (5) .

وَهَذَا غَرِيبٌ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ كَانَ يُصَلِّي إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَهُ النَّاسِخَ إِلَى الْكَعْبَةِ، كَمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيُّ عَنْ قَتَادَةَ، وَذَكَرَ الْقُرْطُبِيُّ أَنَّهُ لَمَّا مَاتَ صَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَخَذَ بِذَلِكَ مِنْ ذَهَبَ إِلَى الصَّلَاةِ عَلَى الْغَائِبِ، قَالَ: وَهَذَا خَاصٌّ عِنْدَ أَصْحَابِنَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحُدُهَا: أَنَّهُ عليه السلام، شَاهَدَهُ حِينَ صَلَّى عَلَيْهِ طُوِيَتْ لَهُ الْأَرْضُ. الثَّانِي: أَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ صَلَّى عَلَيْهِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: وَيَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مَلِكٌ مُسْلِمٌ لَيْسَ عِنْدَهُ أَحَدٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى دِينِهِ، وَقَدْ أَجَابَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ عَنْ هَذَا لَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ شَرْعِيَّةُ الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ. وَهَذَا جَوَابٌ جَيِّدٌ. الثَّالِثُ: أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام إِنَّمَا صَلَّى عَلَيْهِ لِيَكُونَ ذَلِكَ كَالتَّأْلِيفِ لِبَقِيَّةِ الْمُلُوكِ، وَاللَّهُ أعلم.

(1) في جـ، ط، ب، أ، و:"كل رجل".

(2)

سنن الدارقطني (1/271) ورواه الحاكم في المستدرك (1/206) من طريق داود بن عمرو به، وقال:"هذا حديث صحيح رواته كلهم ثقات غير محمد بن سالم فإني لا أعرفه بعدالة ولا جرح". قال الذهبي: قلت: "هو أبو سهل واه".

(3)

في جـ، ط، ب، أ، و:"بعدما طلعت".

(4)

في جـ، ط، ب، أ:"معاذ بن هشام".

(5)

تفسير الطبري (2/532) .

ص: 394

وَقَدْ أَوْرَدَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدُويه فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قبْلَة لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَهْلِ الشَّامِ وَأَهْلِ الْعِرَاقِ".

وَلَهُ مُنَاسَبَةٌ هَاهُنَا، وَقَدْ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ، وَاسْمُهُ (1) نَجِيح بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ السَّندي الْمَدَنِيُّ، بِهِ (2)"مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ".

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَتَكَلَّمَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي أَبِي مَعْشَرٍ مِنْ قِبَلِ حِفْظِهِ، ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدَّثَنِي الْحَسَنُ بْنُ [أَبِي](3) بَكْرٍ الْمَرْوَزِيُّ، حَدَّثَنَا الْمُعَلَى بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الْمَخْزُومِيُّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ، عَنْ سَعِيدٍ (4) الْمُقْبِرِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ"(5) .

ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَحَكَى عَنِ الْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذَا أَقْوَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي مَعْشَرٍ وَأَصَحُّ. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَقَدْ رُوِيَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ: مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ -مِنْهُمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ عَبَّاسٍ.

وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: إِذَا جَعَلْتَ الْمَغْرِبَ عَنْ يَمِينِكَ وَالْمَشْرِقَ عَنْ يَسَارِكَ، فَمَا بَيْنَهُمَا قِبْلَةٌ، إِذَا اسْتُقْبِلَتِ الْقِبْلَةُ.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَرْدُويه: حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ يُونُسَ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ، حَدَّثَنَا شُعَيْبُ بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ نُمَيْرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ قِبْلَةٌ".

وَقَدْ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ (6) وَقَالَ الْمَشْهُورُ: عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَوْلُهُ.

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَيُحْتَمَلُ: فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ فِي دُعَائِكُمْ لِي فَهُنَالِكَ وَجْهِي أَسْتَجِيبُ لَكُمْ دُعَاءَكُمْ، كَمَا حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ، حَدَّثَنِي حَجَّاجٌ، قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيج: قَالَ مُجَاهِدٌ: لَمَّا نَزَلَتْ: {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غَافِرٍ: 60] قَالُوا: إِلَى أَيْنَ؟ فَنَزَلَتْ: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}

(1) في و: "وابن".

(2)

سنن الترمذي برقم (342) وسنن ابن ماجة برقم (1011) .

(3)

زيادة من جـ.

(4)

في أ: "عن شعبة".

(5)

سنن الترمذي برقم (344) .

(6)

سنن الدارقطني (1/270) وسنن البيهقي (2/9) وهو معلول والصواب وقفه. قال ابن أبي حاتم في العلل (1/184) : "سئل أبو زرعة عن حديث رواه يزيد بن هارون، عن محمد بن عبد الرحمن، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ والمغرب قبلة" قال أبو زرعة: "هذا وهم، الحديث حديث ابن عمر موقوف".

ص: 395