الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُسْتَعَانُ.
وَقَوْلُهُ: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} رَوَى ابنُ أَبِي حَاتِمٍ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هَذِهِ نَسَخَتْ مَا قَبْلَهَا.
وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: إِذَا ائْتَمَنَ بَعْضُكُمْ (1) بَعْضًا فَلَا بَأْسَ أَلَّا تَكْتُبُوا أَوْ لَا تُشهدوا.
وَقَوْلُهُ: {وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّه} يُعْنَى: المؤتَمن، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَهْلُ السُّنَنِ، مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنْ سَمُرة: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: "عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَهُ"(2) .
وَقَوْلُهُ: {وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَة} أَيْ: لَا تُخْفُوهَا وَتَغُلُّوهَا وَلَا تُظْهِرُوهَا. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ: شَهَادَةُ الزُّورِ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ، وَكِتْمَانُهَا كَذَلِكَ. وَلِهَذَا قَالَ:{وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} قَالَ السُّدِّيُّ: يَعْنِي: فَاجْرٌ قَلْبُهُ، وَهَذِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ} [الْمَائِدَةِ: 106]، وَقَالَ تَعَالَى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النِّسَاءِ: 135]، وَهَكَذَا قَالَ هَاهُنَا:{وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ}
{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ
(284) }
يُخْبِرُ تَعَالَى أَنَّ لَهُ مُلْكَ السموات وَالْأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَمَا بَيْنَهُنَّ، وَأَنَّهُ الْمُطَّلِعُ عَلَى مَا فِيهِنَّ، لَا تَخْفَى عَلَيْهِ الظَّوَاهِرُ وَلَا السَّرَائِرُ وَالضَّمَائِرُ، وَإِنْ دَقَّتْ وَخَفِيَتْ، وَأَخْبَرَ أَنَّهُ سَيُحاسب عِبَادَهُ عَلَى مَا فَعَلُوهُ وَمَا أَخْفَوْهُ فِي صُدُورِهِمْ كَمَا قَالَ:{قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [آلِ عِمْرَانَ: 29]، وَقَالَ:{يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى} [طَهَ: 7] ، وَالْآيَاتُ فِي ذَلِكَ (3) كَثِيرَةٌ جِدًّا، وَقَدْ أَخْبَرَ فِي هَذِهِ بِمَزِيدٍ عَلَى الْعِلْمِ، وَهُوَ: الْمُحَاسَبَةُ عَلَى ذَلِكَ، وَلِهَذَا لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى الصَّحَابَةِ، رضي الله عنهم، وَخَافُوا مِنْهَا، وَمِنْ مُحَاسَبَةِ اللَّهِ لَهُمْ عَلَى جَلِيلِ الْأَعْمَالِ وَحَقِيرِهَا، وَهَذَا مِنْ شِدَّةِ إِيمَانِهِمْ وَإِيقَانِهِمْ.
قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَفَّانُ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبُو (4) عَبْدِ الرَّحْمَنِ -
(1) في جـ: "بعضهم".
(2)
المسند (5/12) وسنن أبي داود برقم (3561) وسنن الترمذي برقم (1266) وسنن النسائي الكبرى برقم (5783) وسنن ابن ماجة برقم (2400) .
(3)
في جـ، أ:"في هذا".
(4)
في جـ، أ، و:"حدثني ابن".
يَعْنِي الْعَلَاءَ -عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: {لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} اشْتَدَّ ذَلِكَ عَلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ثم جَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كُلِّفْنَا مِنَ الْأَعْمَالِ مَا نُطيق: الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ وَالْجِهَادُ وَالصَّدَقَةُ، وَقَدْ أُنْزِلَ عَلَيْكَ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا نُطِيقُهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم "أَتُرِيدُونَ أَنْ تَقُولُوا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْكِتَابَيْنِ مِنْ قَبْلِكُمْ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا؟ بَلْ قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ". فَلَمَّا أقَر بِهَا (1) الْقَوْمُ وَذَلَّتْ بِهَا أَلْسِنَتُهُمْ، أَنْزَلَ اللَّهُ فِي أَثَرِهَا:{آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ نَسَخَهَا اللَّهُ فَأَنْزَلَ: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} إِلَى آخِرِهِ (2) .
وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مُنْفَرِدًا بِهِ، مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ، عَنْ رَوْحِ بْنِ الْقَاسِمِ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ (3) وَلَفْظُهُ: "فَلَمَّا فَعَلُوا [ذَلِكَ](4) نَسَخَهَا اللَّهُ، فَأَنْزَلَ:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: نَعَمْ، {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: نَعَمْ، {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: نَعَمْ، {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} قَالَ: نَعَمْ.
حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا وَكِيع، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ آدَمَ بْنِ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه} قَالَ: دَخَلَ قُلُوبَهُمْ مِنْهَا شَيْءٌ لَمْ يَدْخُلْ قُلُوبَهُمْ مِنْ شَيْءٍ، قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"قُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وسَلَّمنا". فَأَلْقَى اللَّهُ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِهِمْ، فَأَنْزَلَ الله. {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} إِلَى قَوْلِهِ:{فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ}
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَأَبِي كُريب، وَإِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ وَكِيعٍ، بِهِ (5) وَزَادَ:{رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ {رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا} قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ، {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ {وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا [فَانْصُرْنَا] (6) } قَالَ: قَدْ فَعَلْتُ.
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ حُمَيْدٍ الْأَعْرَجِ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى ابْنِ عَبَّاسٍ فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ، كنت عند ابن عمر فقرأ
(1) في أ، و:"فلما اقترأها".
(2)
المسند (2/412) .
(3)
صحيح مسلم برقم (125) .
(4)
زيادة من صحيح مسلم (125) .
(5)
المسند (1/233) وصحيح مسلم برقم (126) .
(6)
زيادة من جـ، أ، و.
هَذِهِ الْآيَةَ فَبَكَى. قَالَ: أيَّة آيَةٍ؟ قُلْتُ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، إِنَّ هَذِهِ الْآيَةَ حِينَ أُنْزِلَتْ (1) غَمَّت أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم غَمًّا شَدِيدًا، وَغَاظَتْهُمْ غَيْظًا شَدِيدًا، يَعْنِي، وَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلَكْنَا، إِنْ كُنَّا نُؤَاخَذُ بِمَا تَكَلَّمْنَا وَبِمَا نَعْمَلُ، فَأَمَّا قُلُوبُنَا فَلَيْسَتْ بِأَيْدِينَا، فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم:"قُولُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا". قَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا. قَالَ: فَنَسَخَتْهَا هَذِهِ الْآيَةُ: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ} إِلَى {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} فتَجوز لَهُمْ عَنْ حَدِيثِ النَّفْسِ وَأُخِذُوا بِالْأَعْمَالِ (2) .
طَرِيقٌ أُخْرَى عَنْهُ: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يُونُسُ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ مَرْجانة، سَمِعَهُ يُحَدِّثُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ} الْآيَةَ. فَقَالَ: وَاللَّهِ لَئِنْ وَاخَذَنَا اللَّهُ بِهَذَا لَنَهْلَكَنَّ، ثُمَّ بَكَى ابْنُ عُمَرَ حَتَّى سُمع نَشِيجُهُ. قَالَ ابْنُ مَرْجانة: فَقُمْتُ حَتَّى أَتَيْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَذَكَرْتُ لَهُ مَا قَالَ ابْنُ عُمَرَ، وَمَا فَعَلَ حِينَ تَلَاهَا، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ: يَغْفِرُ اللَّهُ لِأَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ. لَعَمْري لَقَدْ وَجَدَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهَا حِينَ أُنْزِلَتْ مِثْلَ مَا وَجَدَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهَا:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَكَانَتْ هَذِهِ الْوَسْوَسَةُ مِمَّا لَا طَاقَةَ لِلْمُسْلِمِينَ بِهَا، وَصَارَ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ قَضَى اللَّهُ، عز وجل، أَنَّ لِلنَّفْسِ مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ فِي الْقَوْلِ وَالْفِعْلِ (3) .
طَرِيقٌ أُخْرَى: قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ حُسَيْنٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ: أَنَّ أَبَاهُ قَرَأَ: {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} فَدَمَعَتْ عَيْنَاهُ، فَبَلَغَ صَنِيعُهُ ابْنَ عَبَّاسٍ، فَقَالَ: يَرْحَمُ اللَّهُ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، لَقَدْ صَنَعَ كَمَا صَنَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ أُنْزِلَتْ، فَنَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا:{لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} (4) .
فَهَذِهِ طُرُقٌ صَحِيحَةٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَدْ ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ كَمَا ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، حَدَّثَنَا رَوْحٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنْ مَرْوان الْأَصْفَرِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -أحسبُه ابْنَ عُمَرَ - {وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ} قَالَ: نَسَخَتْهَا الْآيَةُ الَّتِي بَعْدَهَا (5) .
وَهَكَذَا رُوي عَنْ عَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَكَعْبِ الْأَحْبَارِ، وَالشَّعْبِيِّ، والنخَعي، وَمُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ القُرَظي، وَعِكْرِمَةَ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَير، وَقَتَادَةَ: أَنَّهَا مَنْسُوخَةٌ بِالَّتِي بَعْدَهَا.
وَقَدْ ثَبَتَ بِمَا رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ فِي كُتُبِهِمُ السِّتَّةِ مِنْ طَرِيقِ قَتَادَةَ، عَنْ زُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللَّهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا حَدَّثَتْ بِهِ أَنْفُسَهَا، مَا لَمْ تكلَّم أَوْ
(1) في جـ: "نزلت".
(2)
المسند (1/332) .
(3)
تفسير الطبري (6/106) .
(4)
تفسير الطبري (6/108) .
(5)
صحيح البخاري برقم (4546) .
تَعْمَلْ (1) " (2) .
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ، مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَينة، عَنْ أَبِي الزِّنَادِ، عَنِ الْأَعْرَجِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: إِذَا هَم عَبْدِي بِسَيِّئَةٍ فَلَا تَكْتُبُوهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا سَيِّئَةً، وَإِذَا هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا فَاكْتُبُوهَا حسنَة، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا عَشْرًا". لَفْظُ مُسْلِمٍ (3) وَهُوَ فِي أَفْرَادِهِ مِنْ طَرِيقِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْعَلَاءِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"قَالَ اللَّهُ: إِذَا هَمَّ عَبْدِي بِحَسَنَةٍ وَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبَتُهَا لَهُ حَسَنَةً، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَإِذَا هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ أَكْتُبْهَا عَلَيْهِ، فَإِنْ عَمِلَهَا كَتَبْتُهَا سَيِّئَةً وَاحِدَةً"(4) .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَخْبَرَنَا مَعْمَر، عَنْ هَمام بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَ اللَّهُ: إِذَا تَحَدَّثَ عَبْدِي بِأَنْ يَعْمَلَ حَسَنَةً، فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ حَسَنَةً مَا لَمْ يَعْمَلْ، فَإِذَا عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَإِذَا تَحَدَّثَ بِأَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً فَأَنَا أَغْفِرُهَا لَهُ، مَا لَمْ يَعْمَلْهَا، فَإِنْ عَمِلَهَا فَأَنَا أَكْتُبُهَا لَهُ بِمِثْلِهَا". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ: رَبِّ، وَإِنَّ عَبْدَكَ يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ سَيِّئَةً -وَهُوَ أَبْصَرُ بِهِ -فَقَالَ: ارقُبوه، فَإِنْ عَمِلَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ بِمِثْلِهَا، وَإِنْ تَرْكَهَا فَاكْتُبُوهَا لَهُ حَسَنَةً، وَإِنَّمَا تَرَكَهَا مِنْ جَراي". وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "إذا أَحْسَنَ أَحَدٌ (5) إِسْلَامَهُ، فَكُلُّ (6) حَسَنَةٍ يَعْمَلُهَا تُكْتَبُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَكُلُّ سَيِّئَةٍ تُكْتَبُ بِمِثْلِهَا حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ عز وجل".
تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهَذَا السِّيَاقِ وَاللَّفْظِ (7) وَبَعْضُهُ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ.
وَقَالَ مُسْلِمٌ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ، عَنْ هِشَامٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كُتِبَتْ لَهُ حَسَنَةً، وَمَنْ هَمَّ بِحَسَنَةٍ فَعَمِلَهَا كُتِبَتْ لَهُ [عَشْرًا] (8) إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، وَمَنْ هَمَّ بِسَيِّئَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا لَمْ تُكْتَبْ، وَإِنْ عَمِلَهَا كُتِبَت". تَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الْكُتُبِ (9) .
[وَقَالَ مُسْلِمٌ](10) حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ فَرُّوخٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، عَنِ الجَعْد أَبِي عُثْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو رَجَاءٍ العُطَاردي، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ تَعَالَى قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ الْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ، ثُمَّ بَيَّنَ ذَلِكَ، فَمَنْ هَمّ بِحَسَنَةٍ فَلَمْ يَعْمَلْهَا كَتَبها اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ عَشْرَ حَسَنَاتٍ إِلَى سَبْعِمِائَةِ ضِعْفٍ، إِلَى أَضْعَافٍ كَثِيرَةٍ. وَإِنْ هَمَّ بسيئة فلم
(1) في أ، و:"تعمل به".
(2)
صحيح البخاري برقم (5269) وصحيح مسلم برقم (127) وسنن أبي داود برقم (2209) وسنن الترمذي برقم (1183) وسنن النسائي (6/156) وسنن ابن ماجة برقم (2040) .
(3)
صحيح مسلم برقم (128) ، ولم أقع عليه من هذا الطريق في صحيح البخاري.
(4)
صحيح مسلم برقم (128) .
(5)
في جـ، أ، و:"أحدكم".
(6)
في هـ، أ، و:"فإن له بكل" والمثبت من صحيح مسلم.
(7)
صحيح مسلم برقم (129) .
(8)
زيادة من صحيح مسلم (130) .
(9)
صحيح مسلم برقم (130) .
(10)
زيادة من و.
يَعْمَلْهَا كَتَبَهَا اللَّهُ عِنْدَهُ حَسَنَةً كَامِلَةً، وَإِنْ هَمَّ بِهَا فَعَمِلَهَا كَتَبَهَا اللَّهُ سَيِّئَةً وَاحِدَةً" (1) .
ثُمَّ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ سُلَيْمَانَ، عَنِ الْجَعْدِ أَبِي عُثْمَانَ فِي هَذَا الْإِسْنَادِ بِمَعْنَى حَدِيثِ عَبْدِ الْوَارِثِ (2) وَزَادَ:"وَمَحَاهَا اللَّهُ، وَلَا يَهلك عَلَى اللَّهِ إِلَّا هَالِكٌ".
وَفِي حَدِيثِ سُهَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: جَاءَ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَسَأَلُوهُ: إِنَّا نَجِدُ فِي أَنْفُسِنَا مَا يَتَعَاظَمُ أَحَدُنَا أَنْ يَتَكَلَّمَ بِهِ. قَالَ: "وَقَدْ وَجَدْتُمُوهُ؟ " قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: "ذَاكَ صَرِيحُ الْإِيمَانِ".
لَفْظُ مُسْلِمٍ (3) وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ أَيْضًا مِنْ طَرِيقِ الْأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، بِهِ. وَرَوَى مُسْلِمٌ [أَيْضًا](4) مِنْ حَدِيثِ مُغِيرَةَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْوَسْوَسَةِ، قَالَ:"تِلْكَ صَرِيحُ (5) الْإِيمَانِ"(6) . وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّه} فَإِنَّهَا لَمْ تُنْسَخ، وَلَكِنَّ اللَّهَ إِذَا جَمَعَ الْخَلَائِقَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقُولُ: إِنِّي أُخْبِرُكُمْ بِمَا أَخْفَيْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ، مِمَّا لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَلَائِكَتِي، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُونَ فَيُخْبِرُهُمْ وَيَغْفِرُ لَهُمْ مَا حَدَّثُوا بِهِ أَنْفُسَهُمْ، وَهُوَ قَوْلُهُ:{يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ} يَقُولُ: يُخْبِرُكُمْ، وَأَمَّا أَهْلُ الشَّكِّ وَالرَّيْبِ فَيُخْبِرُهُمْ بِمَا أَخْفَوْا مِنَ التَّكْذِيبِ وَهُوَ قَوْلُهُ:{فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاء} وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ} [الْبَقَرَةِ: 225] أَيْ: مِنَ الشَّكِّ وَالنِّفَاقِ. وَقَدْ رَوَى الْعَوْفِيُّ وَالضَّحَّاكُ عَنْهُ قَرِيبًا مِنْ هَذَا.
وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ وَالضَّحَّاكِ، نَحْوَهُ. وَعَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهُ قَالَ: هِيَ مُحْكمة لَمْ تُنْسَخْ. وَاخْتَارَ ابْنُ جَرِيرٍ ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الْمُحَاسِبَةِ الْمُعَاقِبَةَ، وَأَنَّهُ تَعَالَى (7) قَدْ يُحَاسِبُ وَيَغْفِرُ، وَقَدْ يُحَاسِبُ وَيُعَاقِبُ بِالْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، قَائِلًا حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ، عَنْ سَعِيدٍ وَهِشَامٍ، (ح) وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، قَالَا جَمِيعًا فِي حَدِيثِهِمَا: عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ مُحْرز، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ نَطُوفُ بِالْبَيْتِ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، وَهُوَ يَطُوفُ، إِذْ عَرَضَ لَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا ابْنَ عُمَرَ، مَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يقول فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ (8) صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "يَدْنُو الْمُؤْمِنُ مِنْ رَبِّهِ، عز وجل، حَتَّى يَضَعَ عَلَيْهِ كَنَفَه، فَيُقَرِّرُهُ بِذُنُوبِهِ فَيَقُولُ: هَلْ تَعْرِفُ كَذَا؟ فَيَقُولُ: رَبِّ أعْرف -مَرَّتَيْنِ -حَتَّى إِذَا بَلَغَ بِهِ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَبْلُغَ قَالَ: فَإِنِّي قَدْ سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ الْيَوْمَ". قَالَ: "فَيُعْطَى صَحِيفَةُ حَسَنَاتِهِ -أَوْ كِتَابُهُ -بِيَمِينِهِ، وَأَمَّا الْكُفَّارُ وَالْمُنَافِقُونَ فَيُنَادَى بِهِمْ عَلَى رُؤُوسِ الْأَشْهَادِ:{هَؤُلاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} (9)[هُودٍ: 18] .
(1) صحيح مسلم برقم (131) .
(2)
صحيح مسلم برقم (131) .
(3)
صحيح مسلم برقم (132) .
(4)
زيادة من و.
(5)
في أ، و:"تلك محض".
(6)
صحيح مسلم برقم (133) .
(7)
في جـ: "وأنه سبحانه وتعالى".
(8)
في جـ: "سمعت رسول الله".
(9)
تفسير الطبري (6/119، 120) .