الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنِ ابْنِ مَاهَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ"(1) . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَوْلُهُ: {وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} أَيْ: فِي إِرْسَالِهِ الرَّسُولَ بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ إِلَيْكُمْ {وَمَا أَنزلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ} أَيِ: السُّنَّةُ {يَعِظُكُمْ بِهِ} أَيْ: يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ وَيَتَوَعَّدُكُمْ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ {وَاتَّقُوا اللَّهَ} أَيْ: فِيمَا تَأْتُونَ وَفِيمَا تَذَرُونَ {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} أَيْ: فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِكُمُ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ، وَسَيُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ
(232) }
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا (2) وَأَنْ يُرَاجِعَهَا، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا. وَكَذَا (3) رَوَى الْعَوْفِيُّ، عَنْهُ، وَكَذَا قَالَ مَسْرُوقٌ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالزُّهْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ إِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ. وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ظَاهِرٌ مِنَ الْآيَةِ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا (4) مِنْ وَلِيٍّ، كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: لَا تُزَوِّجُ المرأةُ المرأةَ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا (5) . وَفِي الْأَثَرِ الْآخَرِ: لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ. وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مُحَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ، وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ "الْأَحْكَامُ"، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ وَأُخْتِهِ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ، رحمه الله، فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ:
حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ -قَالَ الْبُخَارِيُّ: وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ الْحَسَنِ: حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ. وَحَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَر، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ، حَدَّثَنَا يُونُسُ، عَنِ الْحَسَنِ: أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا، فَخَطَبَهَا، فأبى معقل،
(1) سنن أبي داود برقم (2194) وسنن الترمذي برقم (1184) وسنن ابن ماجة برقم (2039) .
(2)
في جـ: "ثم يبدو له تزويجها".
(3)
في جـ: "وكذلك".
(4)
في جـ، أ:"في النكاح".
(5)
رواه ابن ماجة في السنن برقم (1882) من طريق محمد بن مروان عَنْ هِشَامِ بْنِ حَسَّانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مرفوعا به، وقال البوصيري في الزوائد (2/84) :"هذا إسناد مختلف فيه".