المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وقَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ قَالَ: - تفسير ابن كثير - ت السلامة - جـ ٥

[ابن كثير]

فهرس الكتاب

- ‌(1)

- ‌ الْإِسْرَاءِ

- ‌(2)

- ‌(4)

- ‌(8) }

- ‌(9)

- ‌(11) }

- ‌(13)

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(20)

- ‌(22) }

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28) }

- ‌(29)

- ‌(31) }

- ‌(32) }

- ‌(33) }

- ‌(34)

- ‌(37)

- ‌(39) }

- ‌(41) }

- ‌45]

- ‌(47)

- ‌(49) }

- ‌(50)

- ‌(53) }

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(58) }

- ‌(59) }

- ‌(60) }

- ‌(61)

- ‌(66) }

- ‌(67) }

- ‌(68) }

- ‌(70) }

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(76)

- ‌(78)

- ‌(80)

- ‌(82) }

- ‌(83)

- ‌(86) }

- ‌(87)

- ‌(94)

- ‌(96) }

- ‌(97) }

- ‌(100) }

- ‌(105)

- ‌(110)

- ‌(1) [

- ‌ الْكَهْفِ

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(9)

- ‌(13)

- ‌(16) }

- ‌(17) }

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(21) }

- ‌(22) }

- ‌(23)

- ‌(25)

- ‌(27) }

- ‌(28) }

- ‌(29) }

- ‌(30)

- ‌(32)

- ‌(35)

- ‌(37)

- ‌(42)

- ‌(46) }

- ‌(47)

- ‌(50) }

- ‌(51) }

- ‌(54) }

- ‌(55)

- ‌(60)

- ‌(62)

- ‌(66)

- ‌(71)

- ‌(74) }

- ‌(75)

- ‌(79) }

- ‌(82) }

- ‌(83) }

- ‌(84) }

- ‌(85)

- ‌(89)

- ‌(92)

- ‌(97) }

- ‌(98)

- ‌(100)

- ‌(107)

- ‌(109) }

- ‌(110) }

- ‌ مَرْيَمَ [

- ‌(1)

- ‌(7) }

- ‌(10)

- ‌(12)

- ‌(16)

- ‌(22)

- ‌(24)

- ‌(26) }

- ‌(27)

- ‌(34)

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41)

- ‌(46)

- ‌(49)

- ‌(51) }

- ‌(52)

- ‌(54)

- ‌(56)

- ‌(58) }

- ‌(59)

- ‌(61)

- ‌(64) }

- ‌(65) }

- ‌(66)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75) }

- ‌(77)

- ‌(81)

- ‌(85)

- ‌(88)

- ‌(96)

- ‌ طه

- ‌(1)

- ‌(9)

- ‌(11)

- ‌(13)

- ‌(17)

- ‌(22)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(40)

- ‌(45)

- ‌(49)

- ‌(52) }

- ‌(53)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(65)

- ‌(71)

- ‌(74)

- ‌(77)

- ‌(80)

- ‌(83)

- ‌(88)

- ‌(90)

- ‌(95)

- ‌(99)

- ‌(105)

- ‌(109)

- ‌(113) }

- ‌(114) }

- ‌(115)

- ‌(123)

- ‌(126) }

- ‌(127) }

- ‌(128)

- ‌(131)

- ‌(133)

- ‌ الْأَنْبِيَاءِ

- ‌(1)

- ‌7]

- ‌ 10

- ‌(11)

- ‌(16)

- ‌(21)

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(34)

- ‌(36)

- ‌(38)

- ‌(41)

- ‌(44) }

- ‌(45)

- ‌(48)

- ‌(57) }

- ‌(58)

- ‌(64)

- ‌(68)

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(76)

- ‌(78)

- ‌(82) }

- ‌(83)

- ‌(85)

- ‌(87)

- ‌(89)

- ‌(91) }

- ‌(95)

- ‌(98)

- ‌(102)

- ‌(104) }

- ‌(105)

- ‌(108)

- ‌ الْحَجِّ

- ‌(1)

- ‌(3)

- ‌(5) }

- ‌(6)

- ‌(8)

- ‌(11)

- ‌(14) }

- ‌(15) }

- ‌(16) }

- ‌(18) }

- ‌(19)

- ‌(23) }

- ‌(24) }

- ‌(25) }

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(30) }

- ‌(31) }

- ‌(32)

- ‌(34)

- ‌(36) }

- ‌(37) }

- ‌(38) }

- ‌(39)

- ‌(41) }

- ‌(42)

- ‌(47)

- ‌(49)

- ‌(55) }

- ‌(56)

- ‌(58)

- ‌(61)

- ‌(65)

- ‌(67)

- ‌(70) }

- ‌(71)

- ‌(73)

- ‌(75)

- ‌(77)

- ‌ الْمُؤْمِنُونَ

- ‌(1)

- ‌(12)

- ‌(17) }

- ‌(18)

- ‌(23)

- ‌(26)

- ‌(28)

- ‌(31)

- ‌(42) }

- ‌(43)

- ‌(50) }

- ‌(51)

- ‌(57)

- ‌(60)

- ‌(62)

- ‌(68)

- ‌(75) }

- ‌(76)

- ‌(84)

- ‌(90) }

- ‌(91)

- ‌(93)

- ‌(99)

- ‌(101)

- ‌(105)

- ‌(112)

- ‌(117)

الفصل: وقَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ قَالَ:

وقَتَادَةُ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ.

وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ حَارِثَةَ قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَجَاءَ رَجُلَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا وَلَمْ يُسَلِّمِ الْآخَرُ، فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قَالَ أَصْحَابُهُ: حَلَفَ أَلَّا يُكَلِّمَ النَّاسَ الْيَوْمَ. فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ: كلِّم النَّاسَ وَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ، فَإِنَّمَا تِلْكَ امْرَأَةٌ عَلِمَتْ أَنَّ أَحَدًا لَا يُصَدِّقُهَا أَنَّهَا حَمَلَتْ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ. يَعْنِي بِذَلِكَ مَرْيَمَ، عليها السلام؛ لِيَكُونَ عُذْرًا لَهَا إِذَا سُئِلَتْ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، رَحِمَهُمَا اللَّهُ.

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدٍ: لَمَّا قَالَ عِيسَى لِمَرْيَمَ: {أَلا تَحْزَنِي} قَالَتْ: وَكَيْفَ لَا أَحْزَنُ وَأَنْتَ مَعِي؟! لَا ذاتُ زَوْجٍ وَلَا مَمْلُوكَةٌ، أَيُّ شَيْءٍ عُذْرِي عِنْدَ النَّاسِ؟ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا، قَالَ لَهَا عِيسَى: أَنَا أَكْفِيكِ الْكَلَامَ: {فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} قَالَ: هَذَا كُلُّهُ مِنْ كَلَامِ عِيسَى لِأُمِّهِ. وَكَذَا قَالَ وَهْبٌ.

{فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا ‌

(27)

يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا (29) قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) } .

يَقُولُ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْ مَرْيَمَ حِينَ أُمِرَتْ أَنْ تَصُومَ يَوْمَهَا ذَلِكَ، وَأَلَّا تُكَلِّمَ أَحَدًا مِنَ الْبَشَرِ فَإِنَّهَا (1) سَتُكْفَى أَمْرَهَا وَيُقَامُ بِحُجَّتِهَا (2) فَسَلَّمَتْ لِأَمْرِ اللَّهِ، عز وجل، وَاسْتَسْلَمَتْ لِقَضَائِهِ، وَأَخَذَتْ وَلَدَهَا {فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ} فَلَمَّا رَأَوْهَا كَذَلِكَ، أَعْظَمُوا أَمْرَهَا وَاسْتَنْكَرُوهُ جِدًّا، وَقَالُوا:{يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} أَيْ: أَمْرًا عَظِيمًا. قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وقَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ، حَدَّثَنَا سَيَّار (3) حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ الجَوْني، عَنْ نَوْفٍ البِكَاليّ قَالَ: وَخَرَجَ قَوْمُهَا فِي طَلَبِهَا، وَكَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتِ نُبُوَّةٍ وَشَرَفٍ. فَلَمْ يُحِسُّوا (4) مِنْهَا شَيْئًا، فَرَأَوْا (5) رَاعِيَ بَقَرٍ فَقَالُوا: رَأَيْتَ فَتَاةً كَذَا وَكَذَا نَعْتُها؟ قَالَ: لَا وَلَكِنِّي رَأَيْتُ اللَّيْلَةَ مِنْ بَقَرِي مَا لَمْ أَرَهُ مِنْهَا قَطُّ. قَالُوا: وَمَا رَأَيْتَ؟ قَالَ: رَأَيْتُهَا (6) سُجَّدا نَحْوَ هَذَا الْوَادِي. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَبِي زِيَادٍ: وَأَحْفَظُ عَنْ سَيَّارٍ أَنَّهُ قَالَ: رَأَيْتُ نُورًا سَاطِعًا. فَتَوَجَّهُوا حَيْثُ قَالَ لَهُمْ، فَاسْتَقْبَلَتْهُمْ مَرْيَمُ، فَلَمَّا رَأَتْهُمْ قَعَدَتْ وَحَمَلَتِ ابْنَهَا فِي حِجْرِهَا، فَجَاءُوا حَتَّى قَامُوا عَلَيْهَا، {قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئًا فَرِيًّا} أَمْرًا عَظِيمًا. {يَا أُخْتَ هَارُونَ} أَيْ: يَا شَبِيهَةَ هَارُونَ فِي الْعِبَادَةِ {مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} أَيْ: أَنْتِ مِنْ بيت طيب طاهر، معروف بالصلاح

(1) في ف، أ:"فإنه".

(2)

في ف: "وتقام حجتها".

(3)

في ت: "سفيان"، وفي أ:"شيبان".

(4)

في ت: "يحسبوا".

(5)

في أ: "فلقوا".

(6)

في ف، أ:"رأيتها الليلة".

ص: 226

وَالْعِبَادَةِ وَالزَّهَادَةِ (1) ، فَكَيْفَ صَدَرَ هَذَا مِنْكِ؟

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ (2)، وَالسُّدِّيُّ: قِيلَ لَهَا: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} أَيْ: أَخِي مُوسَى، وَكَانَتْ مِنْ نَسْلِهِ (3) كَمَا يُقَالُ لِلتَّمِيمِيِّ: يَا أَخَا تَمِيمٍ، وَلِلْمُضَرِيِّ: يَا أَخَا مُضَرٍ.

وَقِيلَ: نُسِبَتْ إِلَى رَجُلٍ صَالِحٍ كَانَ فِيهِمُ اسْمُهُ هَارُونُ، فَكَانَتْ تُقَاسُ (4) بِهِ فِي الْعِبَادَةِ، وَالزَّهَادَةِ.

وَحَكَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ بَعْضِهِمْ: أَنَّهُمْ شَبَّهُوهَا بِرَجُلٍ فَاجِرٍ كَانَ فِيهِمْ. يُقَالُ لَهُ: هَارُونُ. وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ.

وَأَغْرَبُ مِنْ هَذَا كُلِّهِ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ.

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ الهِسِنْجَاني (5) حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، حَدَّثَنَا الْمُفَضَّلُ بْنُ فَضَالة، حَدَّثَنَا أَبُو صَخْرٍ، عَنِ القُرَظي فِي قَوْلِ اللَّهِ عز وجل:{يَا أُخْتَ هَارُونَ} قَالَ: هِيَ أُخْتُ هَارُونَ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ، وَهِيَ أُخْتُ مُوسَى أَخِي هَارُونَ الَّتِي قَصَّت أَثَرَ مُوسَى، {فَبَصُرَتْ بِهِ عَنْ جُنُبٍ وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ} [الْقَصَصِ: 11]

وَهَذَا الْقَوْلُ خَطَأٌ مَحْضٌ، فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ ذَكَرَ فِي كِتَابِهِ أَنَّهُ قفَّى بِعِيسَى بَعْدَ الرُّسُلِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ آخِرُ الْأَنْبِيَاءِ بَعْثًا وَلَيْسَ بَعْدَهُ إِلَّا مُحَمَّدٌ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ (6) ؛ وَلِهَذَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ (7) صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ؛ إِلَّا أَنَّهُ (8) لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ" وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، لَمْ يَكُنْ مُتَأَخِّرًا عَنِ الرُّسُلِ سوى محمد. ولكان قبل سليمان و (9) داود؛ فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَ أَنَّ دَاوُدَ بَعْدَ مُوسَى، عليهما السلام فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسِيتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَالَنَا أَلا نُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الْبَقَرَةِ: 246] فَذَكَرَ الْقِصَّةَ إِلَى أَنْ قَالَ: {وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ} الْآيَةَ [الْبَقَرَةِ: 251] ، وَالَّذِي جَرَّأَ الْقُرَظِيَّ عَلَى هَذِهِ الْمَقَالَةِ مَا فِي التَّوْرَاةِ بَعْدَ خُرُوجِ مُوسَى وَبَنِي إِسْرَائِيلَ مِنَ الْبَحْرِ، وَإِغْرَاقِ فِرْعَوْنَ وَقَوْمِهِ، قَالَ: وَكَانَتْ مَرْيَمُ بِنْتُ عِمْرَانَ أُخْتُ مُوسَى وَهَارُونَ النَّبِيَّيْنِ، تَضْرِبُ بِالدُّفِّ هِيَ وَالنِّسَاءُ مَعَهَا يُسَبِّحْنَ اللَّهَ وَيَشْكُرْنَهُ عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَاعْتَقَدَ الْقُرَظِيُّ أَنَّ هَذِهِ هِيَ أَمُّ عِيسَى. وَهِيَ (10) هَفْوَةٌ وَغَلْطَةٌ شَدِيدَةٌ، بَلْ هِيَ بَاسِمِ هَذِهِ، وَقَدْ كَانُوا يُسَمُّوْنَ بِأَسْمَاءِ (11) أَنْبِيَائِهِمْ وَصَالِحِيهِمْ، كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:

حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ، سَمِعَتْ أَبِي يَذْكُرُهُ (12) عَنْ سِمَاك، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَائِلٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: بَعَثَنِي رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى نَجْرَانَ، فَقَالُوا: أَرَأَيْتَ مَا تَقْرَءُونَ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ}

(1) في ت: "والزهاد".

(2)

في أ: "طالب".

(3)

في ت: "قبيلته".

(4)

في ت، ف:"+تقاسي".

(5)

في +: "الححستاني".

(6)

في ف: عليه وسلامه".

(7)

في ف، أ:"عن رسول الله".

(8)

في أ: "إن أولى الناس بابن مريم لأنا إن".

(9)

في أ: "بن".

(10)

في ف، أ:"وهذه".

(11)

في ف، أ:"باسم".

(12)

في أ: "يذكر".

ص: 227

، وَمُوسَى قَبْلَ عِيسَى بِكَذَا وَكَذَا؟ قَالَ: فَرَجَعْتُ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "أَلَا أَخْبَرْتَهُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَسَمّون (1) بِالْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ قَبْلَهُمْ؟ ".

انْفَرَدَ بِإِخْرَاجِهِ مُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وَالنَّسَائِيُّ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِدْرِيسَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَمَّاكٍ، بِهِ (2)، وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ إِدْرِيسَ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّة، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي صَدَقَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ قَالَ نُبِّئت أَنَّ كَعْبًا قَالَ: إِنَّ قَوْلَهُ: {يَا أُخْتَ هَارُونَ} : لَيْسَ بِهَارُونَ أَخِي مُوسَى. قَالَ: فَقَالَتْ لَهُ عَائِشَةُ: كَذَبْتَ، قَالَ (3) يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، إِنْ كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَهُ، فَهُوَ أَعْلَمُ وَأَخْبَرُ، وَإِلَّا فَإِنِّي أَجِدُ بَيْنَهُمَا سِتَّمِائَةِ سَنَةٍ. قَالَ: فَسَكَتَتْ (4) وَفِي هَذَا التَّارِيخِ نَظَرٌ.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا: حَدَّثَنَا بِشْرٌ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ قَوْلُهُ:{يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} قَالَ: كَانَتْ مِنْ أَهْلِ بَيْتٍ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ، وَلَا يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ، [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْرَفُونَ بِالصَّلَاحِ وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ، وَآخَرُونَ يُعْرَفُونَ بِالْفَسَادِ](5) وَيَتَوَالَدُونَ بِهِ. وَكَانَ هَارُونُ مُصْلِحًا مُحَبَّبًا، فِي عَشِيرَتِهِ، وَلَيْسَ بِهَارُونَ أَخِي (6) مُوسَى، وَلَكِنَّهُ هَارُونُ آخَرُ، قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ شَيَّعَ جِنَازَتَهُ يَوْمَ مَاتَ أَرْبَعُونَ أَلْفًا، كُلُّهُمْ يُسَمَّى هَارُونَ، مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

وَقَوْلُهُ: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أَيْ: إِنَّهُمْ لَمَّا اسْتَرَابُوا فِي أَمْرِهَا وَاسْتَنْكَرُوا قَضِيَّتَهَا (7) ، وَقَالُوا لَهَا مَا قَالُوا مُعَرِّضِينَ بِقَذْفِهَا وَرَمْيِهَا بالفرْية، وَقَدْ كَانَتْ يَوْمَهَا ذَلِكَ صَائِمَةً، صَامِتَةً فَأَحَالَتِ الْكَلَامَ عَلَيْهِ، وَأَشَارَتْ لَهُمْ إِلَى خِطَابِهِ وَكَلَامِهِ، فَقَالُوا مُتَهَكِّمِينَ بِهَا، ظَانِّينَ أَنَّهَا تَزْدَرِي بِهِمْ وَتَلْعَبُ بِهِمْ:{كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} ؟

قَالَ مَيْمُونُ بْنُ مِهْران: {فَأَشَارَتْ [إِلَيْهِ] } (8)، قَالَتْ: كَلِّمُوهُ. فَقَالُوا: عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ مِنَ الدَّاهِيَةِ تَأْمُرُنَا أَنْ نُكَلِّمَ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا!

وَقَالَ السُّدِّيُّ: لَمَّا أَشَارَتْ إِلَيْهِ غَضِبُوا، وَقَالُوا: لَسُخْريَتُها (9) بِنَا حِينَ تَأْمُرُنَا أَنَّ نُكَلِّمَ هَذَا الصَّبِيَّ أَشُدُّ عَلَيْنَا مِنْ زِنَاهَا.

{قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} أَيْ: مَنْ هُوَ مَوْجُودٌ فِي مَهْدِهِ فِي حَالِ صِبَاهُ وَصِغَرِهِ، كَيْفَ يَتَكَلَّمُ؟ قَالَ:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ} أَوَّلُ شَيْءٍ تَكَلَّمَ بِهِ أَنْ نَزَّهَ جَنَابَ رَبِّهِ تَعَالَى (10) وَبَرَّأَ اللَّهَ عَنِ الْوَلَدِ، وَأَثْبَتَ لِنَفْسِهِ الْعُبُودِيَّةَ لِرَبِّهِ.

وَقَوْلُهُ: {آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} : تَبْرِئَةٌ لِأُمِّهِ مِمَّا نُسِبَتْ إِلَيْهِ مِنَ الْفَاحِشَةِ.

(1) في ف، أ:"يسمون".

(2)

المسند (4/252) وصحيح مسلم برقم (2135) وسنن الترمذي برقم (3155) وسنن النسائي الكبرى برقم (11315) .

(3)

في ف، أ:"فقال".

(4)

تفسير الطبري (16/58) .

(5)

زيادة من ف، أ، والطبري.

(6)

في أ: "وليس أخي بهارون".

(7)

في ف، أ:"قصتها".

(8)

زيادة من ف، أ.

(9)

في أ: "لسخرتها".

(10)

في ف، أ:"عز وجل".

ص: 228

قَالَ نَوْفٌ الْبِكَالِيُّ: لَمَّا قَالُوا لِأُمِّهِ مَا قَالُوا، كَانَ يَرْتَضِعُ ثَدْيَهُ، فَنَزَعَ الثَّدْيَ مِنْ فَمِهِ، وَاتَّكَأَ عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْسَرِ، وَقَالَ:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} إِلَى قَوْلِهِ: {مَا دُمْتُ حَيًّا}

وَقَالَ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ البُنَاني: رَفَعَ إِصْبَعَهُ السَّبَّابَةَ فَوْقَ مَنْكِبِهِ، وَهُوَ يَقُولُ:{إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} الْآيَةَ.

وَقَالَ عِكْرِمَةُ: {آتَانِيَ الْكِتَابَ} أَيْ: قَضَى أَنَّهُ (1) يُؤْتِينِي الْكِتَابَ فِيمَا قَضَى.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُصَفَّى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ (2) عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، رضي الله عنه، قَالَ: كَانَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَدْ دَرَسَ الْإِنْجِيلَ وَأَحْكَمَهُ (3) فِي بَطْنِ أُمِّهِ فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا} .

يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْعَطَّارُ الْحِمْصِيُّ: مَتْرُوكٌ.

وَقَوْلُهُ: {وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} قَالَ مُجَاهِدٌ، وَعَمْرُو بْنُ قَيْسٍ، وَالثَّوْرِيُّ: وَجَعَلَنِي مُعَلِّمًا لِلْخَيْرِ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: نَفَّاعًا.

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ (4) بْنِ خُنَيْس الْمَخْزُومِيُّ، سَمِعْتُ وُهَيْب بْنَ الْوَرْدِ مَوْلَى بَنِي مَخْزُومٍ قَالَ: لَقِيَ عَالِمٌ عَالِمًا هُوَ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ، فَقَالَ لَهُ: يَرْحَمُكَ اللَّهُ، مَا الَّذِي أُعْلِنُ مِنْ عَمَلِي؟ قَالَ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ؛ فَإِنَّهُ دِينُ اللَّهِ الَّذِي بَعَثَ بِهِ أَنْبِيَاءَهُ إِلَى عِبَادِهِ، وَقَدْ أَجْمَعَ الْفُقَهَاءُ عَلَى قَوْلِ اللَّهِ:{وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ} ، وَقِيلَ: مَا بَرَكَتُهُ؟ قَالَ: الْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ، أَيْنَمَا كَانَ.

وَقَوْلُهُ: {وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} كَقَوْلِهِ تَعَالَى لِمُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} [الْحِجْرِ: 99] .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ فِي قَوْلِهِ:{وَأَوْصَانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا} قَالَ: أَخْبَرَهُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ مِنْ أَمْرِهِ إِلَى أَنْ يَمُوتَ (5) ، مَا أَثْبَتَهَا لِأَهْلِ الْقَدَرِ.

وَقَوْلُهُ: {وَبَرًّا بِوَالِدَتِي} أَيْ: وَأَمَرَنِي بِبِرِّ وَالِدَتِي، ذَكَرَهُ بَعْدَ طَاعَةِ اللَّهِ رَبِّهِ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كَثِيرًا مَا يُقْرِنُ (6) بَيْنَ الْأَمْرِ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَةِ الْوَالِدَيْنِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الْإِسْرَاءِ: 23] وَقَالَ {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لُقْمَانَ: 14] .

وَقَوْلُهُ: {وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا} أَيْ: وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا مُسْتَكْبِرًا عَنْ عِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ وَبِرِّ وَالِدَتِي، فَأَشْقَى بِذَلِكَ.

قَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: الْجَبَّارُ الشقي: الذي يقبل (7) على الغضب.

(1) في ف، أ:"أن".

(2)

في أ: "يحيى بن سعيد العطار".

(3)

في أ: "وأحكمها".

(4)

في أ: "زيد".

(5)

في أ: "أمره حتى يموت".

(6)

في أ: "قرن كثيرا".

(7)

في ف: "يقتل".

ص: 229