الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنْهَا، وَلَمْ يَصْغَ (1) لَهَا، وَلَا أَلْقَى إِلَيْهَا بَالًا {وَنَسِيَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ} أَيْ: مِنَ الْأَعْمَالِ السَّيِّئَةِ وَالْأَفْعَالِ الْقَبِيحَةِ. {إِنَّا جَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ} أَيْ: قُلُوبِ هَؤُلَاءِ {أَكِنَّةً} أَيْ: أَغْطِيَةً وَغِشَاوَةً، {أَنْ يَفْقَهُوهُ} أَيْ: لِئَلَّا يَفْهَمُوا (2) هَذَا الْقُرْآنَ وَالْبَيَانَ، {وَفِي آذَانِهِمْ وَقْرًا} أَيْ: صَمَمٌ مَعْنَوِيٌّ عَنِ الرَّشَادِ، {وَإِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدَى فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذًا أَبَدًا} .
وَقَوْلُهُ: {وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ} أَيْ: رَبُّكَ (3) -يَا مُحَمَّدُ-غَفُورٌ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ، {لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} ، كَمَا قَالَ:{وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فَاطِرٍ:45]، وَقَالَ:{وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ وَإِنَّ رَبَّكَ لَشَدِيدُ الْعِقَابِ} [الرَّعْدِ:6] . وَالْآيَاتُ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ.
ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَحْلُمُ وَيَسْتُرُ وَيَغْفِرُ، وَرُبَّمَا هَدَى بَعْضَهُمْ مِنَ الْغَيِّ إِلَى الرَّشَادِ، وَمَنِ اسْتَمَرَّ مِنْهُمْ فَلَهُ يَوْمٌ يَشِيبُ فِيهِ الْوَلِيدُ، وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا؛ وَلِهَذَا قَالَ:{بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلا} أَيْ: لَيْسَ لَهُمْ عَنْهُ مَحِيدٌ وَلَا مَحِيصٌ وَلَا مَعْدِلٌ.
وَقَوْلُهُ: {وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} أَيْ: الْأُمَمُ السَّالِفَةُ وَالْقُرُونُ الْخَالِيَةُ أَهْلَكْنَاهُمْ بِسَبَبِ كُفْرِهِمْ وَعِنَادِهِمْ {وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا} أَيْ: جَعَلْنَاهُ إِلَى مُدَّةٍ مَعْلُومَةٍ وَوَقْتٍ [مَعْلُومٍ](4) مُعَيَّنٍ، لَا يَزِيدُ وَلَا يَنْقُصُ، أَيْ: وَكَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيُّهَا الْمُشْرِكُونَ، احْذَرُوا أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ، فَقَدْ كَذَّبْتُمْ أَشْرَفَ رَسُولٍ (5) وَأَعْظَمَ نَبِيٍّ، وَلَسْتُمْ بِأَعَزَّ عَلَيْنَا مِنْهُمْ، فَخَافُوا عَذَابِي وَنُذُرِ.
{وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِفَتَاهُ لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُبًا
(60)
فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَبًا (61) }
(1) في ت: "يضع".
(2)
في ت: "يفهم"، وفي ف، أ:"يفهموه".
(3)
في ف، أ:"وربك".
(4)
زيادة من ف، أ.
(5)
في ت: "رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم".
{فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَاهُ آتِنَا غَدَاءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِنْ سَفَرِنَا هَذَا نَصَبًا
(62)
قَالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنَا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَبًا (63) قَالَ ذَلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا (64) فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا (65) } .
سَبَبُ قَوْلِ مُوسَى [عليه السلام](1) لفتاه -وهو يُشوع بْنُ نُون-هَذَا الْكَلَامَ: أَنَّهُ ذَكَرَ لَهُ أَنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِ اللَّهِ بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، عِنْدَهُ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يُحِطْ بِهِ مُوسَى، فَأَحَبَّ الذَّهَابَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لِفَتَاهُ ذَلِكَ:{لَا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ} أَيْ لَا أَزَالُ سَائِرًا حَتَّى أَبْلُغَ هَذَا الْمَكَانَ الذي فيه مجمع البحرين، قال الفرزدق:
(1) زيادة من ف، أ.