الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الْفَزَارِيُّ، أَنْبَأَنَا سُفْيَانُ بْنُ زِيَادٍ، عَنْ فَاتِكِ بْنِ فَضَالَةَ، عَنْ أَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ قَالَ: قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا فَقَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ، عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ إِشْرَاكًا بِاللَّهِ" ثَلَاثًا، ثُمَّ قَرَأَ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}
وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مَنِيعٍ، عَنْ مَرْوَانَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، بِهِ (1) ثُمَّ قَالَ:"غَرِيبٌ، إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ سُفْيَانَ بْنِ زِيَادٍ. وَقَدِ اخْتَلَفَ عَنْهُ فِي رِوَايَةِ هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا نَعْرِفُ لِأَيْمَنَ بْنِ خُرَيْمٍ سَمَاعًا مِنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم".
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا سفيان العُصْفُرِيّ، عن أبيه، عن حبيب ابن النُّعْمَانِ الْأَسَدِيِّ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فَاتَكٍ (2) الْأَسَدِيِّ قَالَ: صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصُّبْحَ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَامَ قَائِمًا فَقَالَ:"عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الْإِشْرَاكَ بِاللَّهِ، عز وجل"، ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ:{فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الأوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (3) .
وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ، عَنْ وَائِلِ بْنِ رَبِيعَةَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: تَعْدِلُ شَهَادَةُ الزُّورِ بِالشِّرْكِ بِاللَّهِ، ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ (4) .
وَقَوْلُهُ: {حُنَفَاءَ لِلَّهِ} أَيْ: مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، مُنْحَرِفِينَ عَنِ الْبَاطِلِ قَصْدًا إِلَى الْحَقِّ؛ وَلِهَذَا قَالَ {غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ}
ثُمَّ ضَرَبَ لِلْمُشْرِكِ مَثَلًا فِي ضَلَالِهِ وَهَلَاكِهِ وَبُعْدِهِ عَنِ الْهُدَى فَقَالَ: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ} أَيْ: سَقَطَ مِنْهَا، {فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ} ، أَيْ: تَقْطَعُهُ الطُّيُورُ فِي الْهَوَاءِ، {أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} أَيْ: بَعِيدٍ مُهْلِكٍ لِمَنْ هَوَى فِيهِ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي حَدِيثِ الْبَرَاءِ: "إِنَّ الْكَافِرَ إِذَا تَوَفَّتْهُ مَلَائِكَةُ الْمَوْتِ، وَصَعِدُوا بِرُوحِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَلَا تُفْتَحُ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ، بَلْ تُطْرَحُ رُوحُهُ طَرْحًا مِنْ هُنَاكَ". ثُمَّ قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ فِي سُورَةِ "إِبْرَاهِيمَ"(5) بِحُرُوفِهِ وَأَلْفَاظِهِ وَطُرُقِهِ.
وَقَدْ ضَرَبَ [اللَّهُ](6) تَعَالَى لِلْمُشْرِكِ مَثَلًا آخَرَ فِي سُورَةِ "الْأَنْعَامِ"، وَهُوَ قَوْلِهِ:{قُلْ أَنَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُنَا وَلا يَضُرُّنَا وَنُرَدُّ عَلَى أَعْقَابِنَا بَعْدَ إِذْ هَدَانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّيَاطِينُ فِي الأرْضِ حَيْرَانَ لَهُ أَصْحَابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنَا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى [وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ] (7) } [الْأَنْعَامِ: 71] .
{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ
(32)
لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ (33) } .
(1) المسند (4/178) وسنن الترمذي برقم (2299) .
(2)
في ت: "مقاتل".
(3)
المسند (4/321) .
(4)
تفسير الطبري (17/112) .
(5)
انظر تفسير الآية: 27
(6)
زيادة من أ.
(7)
زيادة من ف، أ، وفي الأصل:"الآية".
يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} أَيْ: أَوَامِرَهُ، {فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} وَمِنْ ذَلِكَ تَعْظِيمُ الْهَدَايَا وَالْبُدْنِ، كَمَا قَالَ الْحَكَمُ، عَنْ مقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: تَعْظِيمُهَا: اسْتِسْمَانُهَا وَاسْتِحْسَانُهَا.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو سعيد الأشج، حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيح، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ:{ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ} قَالَ: الِاسْتِسْمَانُ وَالِاسْتِحْسَانُ وَالِاسْتِعْظَامُ.
وَقَالَ أَبُو أُمَامَةَ بْنُ سَهْلٍ: كُنَّا نُسَمِّنُ الْأُضْحِيَّةَ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُسمّنون. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (1) .
وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "دَمُ عفراءَ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ مِنْ دَمِ سَوداوين". رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَابْنُ مَاجَهْ (2) .
قَالُوا: وَالْعَفْرَاءُ هِيَ الْبَيْضَاءُ بَيَاضًا لَيْسَ بِنَاصِعٍ، فَالْبَيْضَاءُ أَفْضَلُ مِنْ غَيْرِهَا، وَغَيْرُهَا يُجْزِئُ أَيْضًا؛ لِمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ (3) .
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشٍ أَقْرَنَ فَحيل (4) يَأْكُلُ فِي سَوَادٍ، وَيَنْظُرُ فِي سَوَادٍ، وَيَمْشِي فِي سَوَادٍ.
رَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (5)، أَيْ: بِكَبْشٍ أَسْوَدَ (6) فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ.
وَفِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ عَظِيمَيْنِ سَمِينَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ (7) . قِيلَ: هُمَا الخَصِيَان. وَقِيلَ: اللَّذَانِ رُضَّ خُصْياهما، وَلَمْ يَقْطَعْهُمَا (8) ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَذَا رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ جَابِرٍ: ضَحَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِكَبْشَيْنِ أَقْرَنَيْنِ أَمْلَحَيْنِ مَوْجُوءَيْنِ [والموجوءين قيل: هما الخصيين](9)(10) .
وَعَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه، قَالَ: أَمَرَنَا رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إن نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ وَالْأُذُنَ، وَأَلَّا نُضَحِّيَ بمقابَلَة، وَلَا مدابَرَة، وَلَا شَرْقاء، وَلَا خَرْقاء.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (11) .
وَلَهُمْ عَنْهُ، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إن نُضحي (12) بأعضب القرن والأذن (13) .
(1) صحيح البخاري (10/9)"فتح" معلقا.
(2)
المسند (2/417) ولم يقع لي في سنن ابن ماجه.
(3)
صحيح البخاري برقم (5558) .
(4)
في ف: "فحل".
(5)
سنن أبي داود برقم (2796) وسنن الترمذي برقم (1496) وسنن النسائي (7/221) وسنن ابن ماجه برقم (3128) .
(6)
في أ: "فيه نكتة سوداء".
(7)
لم يقع فِي سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي رافع وإنما من حديث عائشة وأبي هريرة برقم (3122) وحديث أبي رافع رواه أحمد في المسند (6/8) .
(8)
في ت: "ولم يقطعها"
(9)
زيادة من من ت، ف، أ.
(10)
سنن أبي داود برقم (2795) .
(11)
المسند (1/80) ، وسنن أبي داود برقم (2804) وسنن الترمذي برقم (1498) وسنن النسائي (7/217) وسنن ابن ماجه برقم (3142) .
(12)
في ت: "يضحي".
(13)
المسند (1/83) وسنن أبي داود برقم (2805) وسنن الترمذي برقم (1504) وسنن النسائي (7/217) وسنن ابن ماجه برقم (3145) .
وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ: الْعَضْبُ: النصْف فَأَكْثَرُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ اللُّغَةِ: إِنْ كُسر قَرْنُهَا الْأَعْلَى فَهِيَ قَصْمَاءُ، فَأَمَّا العَضْب فَهُوَ كَسْرُ الْأَسْفَلِ، وَعَضَبُ الْأُذُنِ قَطْعُ بَعْضِهَا.
وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ أَنَّ التَّضْحِيَةَ بِذَلِكَ مُجْزِئَةٌ، لَكِنْ تُكْرَهُ.
وَقَالَ [الْإِمَامُ](1) أَحْمَدُ: لَا تُجْزِئُ الْأُضْحِيَّةُ بِأَعْضَبِ الْقَرْنِ وَالْأُذُنِ؛ لِهَذَا الْحَدِيثِ.
وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَ الدَّمُ يَسِيلُ مِنَ الْقَرْنِ لَمْ يُجَزِئْ، وَإِلَّا أَجَزَأَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا الْمُقَابَلَةُ: فَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مُقَدَّمُ أُذُنِهَا، وَالْمُدَابَرَةُ: مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا. وَالشَّرْقَاءُ: هِيَ الَّتِي قُطِعَتْ أُذُنُهَا طُولًا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ. وَالْخَرْقَاءُ: هِيَ الَّتِي خَرَقت السّمَةُ أُذُنُهَا خَرْقًا مُدَوّرًا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَعَنِ الْبَرَاءِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "أَرْبَعٌ لَا تَجُوزُ فِي الْأَضَاحِي: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرها، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضها، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ظَلَعها (2) ، وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لَا تُنقِي".
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَهْلُ السُّنَنِ، وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ (3) .
وَهَذِهِ الْعُيُوبُ تَنْقُصُ اللَّحْمَ، لِضَعْفِهَا وَعَجْزِهَا عَنِ اسْتِكْمَالِ الرَّعْيِ؛ لِأَنَّ الشَّاءَ يَسْبِقُونَهَا إِلَى الْمَرْعَى، فَلِهَذَا لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ (4) بِهَا عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِ مِنَ الْأَئِمَّةِ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ.
وَاخْتَلَفَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ فِي الْمَرِيضَةِ مَرَضًا يَسِيرًا، عَلَى قَوْلَيْنِ.
وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ، عَنْ عُتبة بْنِ عَبْدٍ السّلَمي؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ المُصْفَرَةِ، والمستأصَلَة، والبَخْقاء، والمشيَّعة، وَالْكَسْرَاءِ (5)(6) .
فَالْمُصْفَرَّةُ قِيلَ: الْهَزِيلَةُ. وَقِيلَ: الْمُسْتَأْصَلَةُ الأذنُ. وَالْمُسْتَأْصَلَةُ: الْمَكْسُورَةُ الْقَرْنِ. وَالْبَخْقَاءُ: هِيَ الْعَوْرَاءُ. وَالْمُشَيَّعَةُ: هِيَ الَّتِي لَا تَزَالُ تُشَيَّع خَلفَ الْغَنَمِ، وَلَا تَتْبَع لِضَعْفِهَا. وَالْكَسْرَاءُ: الْعَرْجَاءُ.
فَهَذِهِ الْعُيُوبُ كُلُّهَا مَانعَةٌ [مِنَ الْإِجْزَاءِ، فَإِنْ طَرَأَ الْعَيْبُ](7) بَعْدَ تَعْيِينِ الْأُضْحِيَّةِ فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّ عَيْبُهُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.
وَقَدْ رَوَى الإمامُ أَحْمَدُ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: اشْتَرَيْتُ كَبْشًا أُضَحِّي بِهِ، فَعَدَا الذِّئْبُ فَأَخَذَ الْأَلْيَةَ. فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ:"ضَحِّ بِهِ"(8) وَلِهَذَا [جَاءَ](9) فِي الْحَدِيثِ: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَ والأذن. أي: أن تكون
(1) زيادة من ت.
(2)
في ت، أ:"عرجها".
(3)
المسند (4/284) وسنن أبي داود برقم (2802) وسنن الترمذي برقم (1497) وسنن النسائي (7/215) وسنن ابن ماجه برقم (3144) .
(4)
في أ: "الأضحية".
(5)
في أ: "الكسرة".
(6)
سنن أبي داود برقم (2803) .
(7)
زيادة من ف، أ.
(8)
المسند (3/32) .
(9)
زيادة من أ.
الْهَدْيَةُ أَوِ الْأُضْحِيَّةُ سَمِينَةً حَسَنَةً ثَمِينَةً، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ: أَهْدَى عُمَرُ نَجيبًا، فَأُعْطِيَ بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، فَأَتَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أَهْدَيْتُ نُجَيْبًا، فأعطِيتُ بِهَا ثَلَاثَمِائَةِ دِينَارٍ، أَفَأَبِيعُهَا وَأَشْتَرِي بِثَمَنِهَا بدْنًا؟ قَالَ:"لَا انحَرْهَا إِيَّاهَا"(1) .
وَقَالَ الضَّحَّاكُ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: الْبُدْنُ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ.
وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي مُوسَى: الْوُقُوفُ وَمُزْدَلِفَةُ وَالْجِمَارُ وَالرَّمْيُ وَالْبُدْنُ وَالْحَلْقُ: مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: أَعْظَمُ الشَّعَائِرِ الْبَيْتُ.
قَوْلُهُ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ} أَيْ: لَكُمْ فِي الْبُدْنِ مَنَافِعُ، مِنْ لَبَنِهَا، وَصُوفِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا، وَرُكُوبِهَا.
{إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} : قَالَ مِقْسَم، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ [فِي قَوْلِهِ] (2) :{لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} قَالَ: مَا لَمْ يُسَمَّ بُدْنًا.
وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي قَوْلِهِ: {لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} ، قَالَ: الرُّكُوبُ وَاللَّبَنُ وَالْوَلَدُ، فَإِذَا سُمّيت بَدنَةً أَوْ هَديًا، ذَهَبَ ذَلِكَ كُلُّهُ. وَكَذَا قَالَ عَطَاءٌ، وَالضَّحَّاكُ، وَقَتَادَةُ، [وَمُقَاتِلٌ](3) وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَغَيْرُهُمْ.
وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا وَإِنْ كَانَتْ هَدْيًا، إِذَا احْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بدَنَةً، قَالَ:"ارْكَبْهَا". قَالَ: إِنَّهَا بَدنَة. قَالَ: "ارْكَبْهَا، وَيْحَكَ"، فِي الثَّانيَةِ أَوِ الثَّالِثَةِ (4) .
وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ، عَنْ جَابِرٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ:"ارْكَبْهَا بِالْمَعْرُوفِ إِذَا ألجئتَ إِلَيْهَا"(5) .
وَقَالَ شُعْبَةُ، عَنْ زُهَيْرِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ الْأَعْمَى، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ حَذْف، عَنْ عَلِيٍّ؛ أَنَّهُ رَأَى رَجُلًا يَسُوقُ بَدَنَةً وَمَعَهَا وَلَدُهَا، فَقَالَ: لَا تَشْرَبْ مِنْ لَبَنِهَا إِلَّا مَا فَضُلَ عَنْ وَلَدِهَا، فَإِذَا كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ فَاذْبَحْهَا وولدَها.
وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} أَيْ: مَحِل الْهَدْيِ وَانتِهَاؤُهُ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ، وَهُوَ الْكَعْبَةُ، كَمَا قَالَ تَعَالَى:{هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [الْمَائِدَةِ: 95]، وَقَالَ {وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الْفَتْحِ: 25] .
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى مَعْنَى "الْبَيْتِ الْعَتِيقِ" قَرِيبًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (6) .
وَقَالَ ابْنُ جُرَيْج، عَنْ عَطَاءٍ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: كُلُّ مَنْ طَافَ بِالْبَيْتِ، فَقَدْ حَلَّ، قَالَ اللَّهُ تعالى:{ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ}
(1) المسند (2/145) وسنن أبي داود برقم (1756) .
(2)
زيادة من ت، ف، أ.
(3)
زيادة من ت، ف، أ.
(4)
صحيح البخاري برقم (1690) وصحيح مسلم برقم (1323) .
(5)
صحيح مسلم برقم (1323) .
(6)
في ت: "والله أعلم".