الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَضَبَابٍ، وَجَعَلَ يَقْدَحُ بِزَنْدٍ مَعَهُ (1) ليُوريَ نَارًا، كَمَا جَرَتْ لَهُ الْعَادَةُ بِهِ، فَجَعَلَ لَا يَقْدَحُ شَيْئًا، وَلَا يَخْرُجُ مِنْهُ شَرَرٌ وَلَا شَيْءٌ. فَبَيْنَا هُوَ كَذَلِكَ، إِذْ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطَّوْرِ نَارًا، أَيْ: ظَهَرَتْ لَهُ نَارٌ مِنْ جَانِبِ الْجَبَلِ الَّذِي هُنَاكَ عَنْ يَمِينِهِ، فَقَالَ لِأَهْلِهِ يُبَشِّرُهُمْ:{إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ} أَيْ: شِهَابٍ (2) مِنْ نَارٍ. وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى: {أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ} [الْقَصَصِ: 29] وَهِيَ الْجَمْرُ: الَّذِي مَعَهُ لَهَبٌ، {لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} [الْقَصَصِ: 29] دَلَّ عَلَى وُجُودِ الْبَرْدِ، وَقَوْلُهُ:{بِقَبَسٍ} دَلَّ عَلَى وُجُودِ الظَّلَامِ.
وَقَوْلُهُ: {أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} أَيْ: مَنْ يَهْدِينِي الطَّرِيقَ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ تَاهَ عَنِ الطَّرِيقِ، كَمَا قَالَ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَبِي سَعْدٍ الْأَعْوَرِ، عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ:{أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى} قَالَ: مَنْ يَهْدِينِي إِلَى الطَّرِيقِ. وَكَانُوا شَاتِّينَ وَضَلُّوا الطَّرِيقَ، فَلَمَّا رَأَى النَّارَ قَالَ: إِنْ لَمْ أَجِدْ أَحَدًا يَهْدِينِي إِلَى الطَّرِيقِ آتِكُمْ (3) بِنَارٍ تُوقِدُونَ بِهَا.
{فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى
(11)
إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (12) }
(1) في ف: "له".
(2)
في ف: "بشهاب".
(3)
في أ: "آتيتكم".
{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى
(13)
إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي (14) إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى (15) فَلا يَصُدَّنَّكَ عَنْهَا مَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَتَرْدَى (16) }
يَقُولُ تَعَالَى: {فَلَمَّا أَتَاهَا} أَيِ: النَّارَ وَاقْتَرَبَ (1) مِنْهَا، {نُودِيَ يَا مُوسَى} وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى:{نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الأيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّهُ} [الْقَصَصِ: 30] وَقَالَ هَاهُنَا {إِنِّي أَنَا رَبُّكَ} أَيِ: الَّذِي يُكَلِّمُكَ وَيُخَاطِبُكَ، {فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَأَبُو ذَرٍّ، وَأَبُو أَيُّوبَ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: كَانَتَا مِنْ جِلْدِ حِمَارٍ غَيْرِ ذَكِيٍّ.
وَقِيلَ: إِنَّمَا أَمَرَهُ بِخَلْعِ نَعْلَيْهِ تَعْظِيمًا لِلْبُقْعَةِ.
قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: كَمَا يُؤْمَرُ الرَّجُلُ أَنْ يَخْلَعَ نَعْلَيْهِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ (2) الْكَعْبَةَ.
وَقِيلَ: لِيَطَأَ الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ بِقَدَمَيْهِ حَافِيًا غَيْرَ مُنْتَعِلٍ. وَقِيلَ: غَيْرُ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: {طُوًى} قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هُوَ اسْمٌ لِلْوَادِي.
وَكَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ عَطْفَ بَيَانٍ.
وقيل: عبارة عن الأمر بالوطء بقدميه.
(1) في ف: "وقرب"، وفي أ:"وأقرب".
(2)
في ف، أ:"أراد دخول".